كيف نحمي أقصانا - كيف نحمي أقصانا - كيف نحمي أقصانا - كيف نحمي أقصانا - كيف نحمي أقصانا
| السبيل |
1- مدخل: سأل سائل
سألني أحد الطلبة في حصة من الحصص، قبل أيام، هل يهدم اليهود الأقصى أم أن الله سيحفظه؟ وأظن أن السائل منطلق من منطلق أن ثمة نبوءة دينية تخبرنا عن قراءة مستقبل هذا المسجد الأسير إن بقاء أو اعتداء.
وهذا النمط من التفكير يحتاج إلى إعادة صياغة، فما ثم نبوءات عن أحداث المستقبل، إلا النادر جداً، ولا أحب أن أتوقف عندها ملياً. فقد مرت بنا تجارب من إسقاطات النصوص على الواقع كانت تحدث إرباكات وتشويشات أكثر مما تحدث من فهم أو يقين أو سعة في الرؤية.
وبينت بإيجاز في الجواب، كما أظن، منزلة الأقصى، والخطر المحدق به، وأن هؤلاء الشريرين يتربصون به الدوائر وتكلمت عن الحفريات التي بدأت منذ احتلال الأقصى واستغرقت مساحاته كلها تقريباً، بل وصلت إلى ما بعد مساحاته باتجاه مختلف مناطق القدس.
وكيف أن رد الفعل العربي لا يساوي عشر معشار الفعل الإسرائيلي. ولفت نظري وأنا أتابع وجوه الطلاب أن وجه أحدهم أخذ يتلون وبدت علامات الضيق عليه. فقلت: هل أنت متضايق، قال: نعم، فقلت: وهل تحب أن تخرج؟ قال: نعم، فخرج وصفق الباب من خلفه. وقلت: هل منشأ الضيق غرابة أن نتحدث عن الأقصى، أم منشأ الضيق أنه فهم أن شؤوننا الداخلية أهم من هذا الشأن، أم لعله توهم أن في الحديث إلماحاً إلى تقصير في حق الأقصى؟ أم غير هذه من الاحتمالات؟
فقلت في نفسي: إنّا جميعاً مقصرون في شأن الأقصى حتى غدا الحديث عنه غريباً على الأسماع العربية، ومجلبة للضيق عند البعض حتى عدم القدرة على مواصلة السماع مع أنّا نسمع لغو الحديث الساعات الطوال. فكيف ننصر قضية أقصانا؟ كيف نجعله في بؤرة اهتمام كل العرب والمسلمين وكل البيئات والمجتمعات يستوي في ذلك القريب والبعيد؟
أما جواب السؤال، فإن الدين لم يذكر شيئاً عن هذا لكنه ذكر إنّا منتصرون في المعركة القادمة في قوله تعالى: «وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة..» ولكني –من باب الاستئناس- أقول: إن رسم كلمة «الأقصا» بالألف الواقفة لعله إشارة قوية إلى بقائه صامداً واقفاً شامخاً إن شاء الله! أما النصر فقادم لا ريب فيه، ووشيك لا شك في ذلك!
2- منزلة الأقصى في هذا الدين
ليست المسألة كم مرة كرر القرآن ذكر الأقصى. كما سأل الخبيث شامير في محادثات مدريد، سأل حيدر عبد الشافي (شيوعي) وحنان عشراوي (مسيحية) كم مرة ذكر القرآن القدس؟ فما وجد عندهما جواباً. ثم تبجح فقال: إن التوراة ذكرت القدس عشرات المرات. (وذكر رقماً). وللعلم فإن كل شيطان من شياطينهم يذكر رقماً وآخرهم نتنياهو قبل شهور ذكر رقماً مضاعفاً عما قال شامير. وقلت: هذا بحد ذاته دليل على أن التوراة –المحرفة الموجودة- كتاب في الجغرافيا السياسية، وليست كتاباً سماوياً. فلو كانت كتاباً سماوياً لما فصلت قرى الكرك وقرى لبنان وقرى فلسطين، هذا ليس كلام الله، إن منهج القرآن هو المنهج الذي يقطع بيقين أنه كلام الله.
أما أن يكرر ذكر القدس مئتي مرة كما زعم نتنياهو، فهذا يقطع بأنها -أعني التوراة- من صنع يد سياسية استعمارية سوداء، وليست من كلام الله.
لقد ذكرت مكة التي هي مهد الدين قديماً وحديثاً ومهد التوحيد ومكان البيت العتيق وركن الحج الذي اشتركت فيه الرسالات كلها، ذكرت أربع مرات فحسب! هكذا هو كلام الله.
ومحمد أعظم رسل الله، ما ذكر بالاسم إلا أربع مرات فقط! ولم تذكر فلسطين بالاسم هكذا لأن هذا الاسم –عبر التاريخ- قد يطرأ عليه تغيير، ولا يعني عدم ذكره بهذه الصورة قليل أهمية!
فدعك إذاً من مرات التكرار، لكن ركز نظرك أن القرآن العظيم والصراط المستقيم وهذا الإسلام الكريم جعلها أي القدس بأقصاها قبلتنا الأولى طيلة مدة 68% من مدة البعثة النبوية الشريفة.
وانتبه ثانياً أن مسجدها هو ثاني مسجد وضع لعبادة الله في الأرض. وأنه ثالث الحرمين والمسجدين الكريمين العظيمين: المسجد الحرام والمسجد النبوي في المدينة المنورة. وانتبه رابعاً إلى أنه في قلب المصحف في فاتحة سورة الإسراء في أول الجزء الخامس عشر.
وتأمل أن الله عندما ذكر المسجد الحرام اقتصر على اسمه فحسب فقال: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله..»
فالمسجد الأقصى تتساوى في الكلمات مع المسجد الحرام، لكن النص زاد في وصف الأقصى: «الذي باركنا حوله..» فوضح أن التركيز على الأقصى وأنه محور الحديث.
ولاحظ أيضاً أن الله جعل الأقصى مكان اجتماع الأنبياء ليؤمهم سيد الأنبياء عليهم جميعاً الصلوات، وجعله أي الأقصى منتهى رحلة الإسراء، ومبتدأ رحلة المعراج وبوابة السماء. ومنتهى رحلة المعراج، ومبتدأ رحلة العودة إلى المسجد الحرام، أليست كل هذه مؤشرات واضحة الدلالات على عظيم منزلة هذا المسجد الكريم؟
ثم إن الله جعله مهاجر إبراهيم ومجاوره ومسكنه، ومنه انطلق إلى جوار البيت الحرام وترك ذريته هناك وعاد إلى جوار الأقصى إذ قال: «ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم..».
وكذلك فإن الله أقسم بفلسطين في سورة التين إذ قال: «والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين» فهذه كلها أماكن وأولها فلسطين!
وغير هذا من الإشارات ما هو أبلغ من مجرد ذكر الاسم يا معشر من لا دين لهم ويزعمون أنهم على شيء وأنهم ينطلقون من منطلق ديني ووعد إلهي، ولا صلة لهم لا بدين ولا برب العالمين ولا بالأنبياء ولا بالمرسلين.
وعندما أراد الخليفة الراشد الفاروق فتح بيت المقدس كانت المدينة الوحيدة التي غادر المدينة من أجل فتحها.
وجعلها الناصر صلاح الدين نصب عينه، وجعل تحريرها حلم حياته وأمل وجوده في هذا الوجود حتى تم له تحريرها في يوم ذكرى الإسراء والمعراج. هذا غيض من فيض مما ينبغي أن نحييه في نفوس طلابنا ومجتمعنا في شأن منزلة القدس ودرتها المسجد الأقصى.
3- أخطار محدقة بالأقصى!
لا يخفي المجرمون الصهاينة مخططاتهم ولا يوارون ولا يدارون، ولا يورّون بل يتكلمون بالفصيح الصريح: نريد إزاحة وإزالة المسجد الأقصى وإحلال الهيكل مكانه.
وقد وزع الشيخ رائد صلاح في موسم حج قبل سنوات، واجتمعنا به في ذلك الموسم وزع كرّاساً مهرباً من داخل المؤسسة الصهيونية الحاكمة عن مخطط الهيكل وقد أحل في خرائط موقع المسجد الأقصى محل المسجد! وكان يطوف على الوفود: وفد ماليزيا، ووفد أندونيسيا، ووفد باكستان والداغستان..الخ. لا يكل ولا يني ولا يفتر يحذر من الأخطار المحدقة.
والأخطار ليست خطراً واحداً ولكنها سلسلة متكاملة ممنهجة مدروسة، وليست وليدة هذه الأيام بل هي قديمة قدم الكيان بل قبل أن يقوم الكيان وقبل أن يكون كيان لبني الشيطان. وهم يخططون لإقامة هيكلهم المكذوب المزعوم، فما من هيكل أصلاً، وإنما يروج المجرمون وهماً ويحسنون تسويقه حتى يظنه المغفلون حقيقة، وكذلك في كل قضية يفعلون، وحديث الأقصى موصول.
3- أخطار محدقة بالأقصى!
لا يخفي المجرمون الصهاينة مخططاتهم ولا يوارون ولا يدارون، ولا يورّون بل يتكلمون بالفصيح الصريح: نريد إزاحة وإزالة المسجد الأقصى وإحلال الهيكل مكانه.
وقد وزع الشيخ رائد صلاح في موسم حج قبل سنوات، واجتمعنا به في ذلك الموسم وزع كرّاساً مهرباً من داخل المؤسسة الصهيونية الحاكمة عن مخطط الهيكل وقد أحل في خرائط موقع المسجد الأقصى محل المسجد! وكان يطوف على الوفود: وفد ماليزيا، ووفد أندونيسيا، ووفد باكستان والداغستان..الخ. لا يكل ولا يني ولا يفتر يحذر من الأخطار المحدقة.
والأخطار ليست خطراً واحداً ولكنها سلسلة متكاملة ممنهجة مدروسة، وليست وليدة هذه الأيام بل هي قديمة قدم الكيان بل قبل أن يقوم الكيان وقبل أن يكون كيان لبني الشيطان. وهم يخططون لإقامة هيكلهم المكذوب المزعوم، فما من هيكل أصلاً، وإنما يروج المجرمون وهماً ويحسنون تسويقه حتى يظنه المغفلون حقيقة، وكذلك في كل قضية يفعلون، وحديث الأقصى موصول.
3- أخطار محدقة بالأقصى!
لا يخفي المجرمون الصهاينة مخططاتهم ولا يوارون ولا يدارون، ولا يورّون بل يتكلمون بالفصيح الصريح: نريد إزاحة وإزالة المسجد الأقصى وإحلال الهيكل مكانه.
وقد وزع الشيخ رائد صلاح في موسم حج قبل سنوات، واجتمعنا به في ذلك الموسم وزع كرّاساً مهرباً من داخل المؤسسة الصهيونية الحاكمة عن مخطط الهيكل وقد أحل في خرائط موقع المسجد الأقصى محل المسجد! وكان يطوف على الوفود: وفد ماليزيا، ووفد أندونيسيا، ووفد باكستان والداغستان..الخ. لا يكل ولا يني ولا يفتر يحذر من الأخطار المحدقة.
والأخطار ليست خطراً واحداً ولكنها سلسلة متكاملة ممنهجة مدروسة، وليست وليدة هذه الأيام بل هي قديمة قدم الكيان بل قبل أن يقوم الكيان وقبل أن يكون كيان لبني الشيطان. وهم يخططون لإقامة هيكلهم المكذوب المزعوم، فما من هيكل أصلاً، وإنما يروج المجرمون وهماً ويحسنون تسويقه حتى يظنه المغفلون حقيقة، وكذلك في كل قضية يفعلون، وحديث الأقصى موصول.
ومع هيك بطلعلك واحد بحلم وبنتظر وبحكيلك: تحرير الأقصى لا يأتي من خطابات رائد الرنانة وبتلك الطرق والوسائل التي لا تفيد الأمة، وهو بعيد عن هموم الأقصى وهموم شعبه!
وحاش لله أن يكون الشيخ رائد كذلك، الشيخ رائد الذي وصل الليل بالنهار ليعيد مدن الشمال إلى دينها بالدعوة الإسلامية السمحة ويصل الليل بالنهار للدفاع عن المسجد الأقصى والقدس الشريف وهذه الفقرة بالأعلى تثبت ذلك، ولكن يخرج بعض الرويبضة التافهين لينتقدوه بغلاظتهم وكأنهم أعلم الناس به وبالحركة الإسلامية، يخرجون وليزاودوا عليه وهم لم يقدموا شيء مما قدمه رائد صلاح الذي يعي واجبه تجاه أمته وقضية وطنه..
| السبيل |
1- مدخل.
قلت في حلقة سابقة إن مولانا العظيم سبحانه قد جعل للأقصى منزلة عظيمة في كتابه العزيز، وفي حياة المصطفى وسنته وحياة المسلمين. فجعله قبلتنا الأولى وثالث أعظم مساجدنا عبر الزمان والمكان. ووصفه بالبركة، وجعله في قلب المصحف الشريف ليكون في قلب كل مسلم. فهذه الرمزيات لمن عقل إشارات واضحة إلى مقاصد حكيمة ينبغي تمثلها واستحضارها وتحقيقها.
وقلت إن هذه المنزلة، لأن مولانا يعلم أن المنازلة العظمى والمعركة الحاسمة الكبرى مع هذا العدو الأعتى والألد والأشد، ستكون من حول هذا المسجد؛ فأراد الله أن تزداد منزلته في القلوب لتزداد التضحية في حياطته وحمايته ورعايته. وألا يضيع بالهين، بل تفتديه المهج والقلوب والنفوس والأرواح.
2- لنتعلم من عدونا.
عدونا بلا دين ولا قيم ولا يعرف الله ولا أنبياءه، ولا حق له في فلسطين ولا هيكل كما يزعمون كاذبين.. ومع هذا فإنه صنع من الوهم فكراً واعتقاداً ووعداً وأرضاً موعودة وتاريخاً مصطنعاً وشعارات وأحلاماً.. وأصبحت تحية المجرمين فيما بينهم: لتنسني يميني إذا نسيتك يا أورشليم. وهم لا صلة لهم بها.
فلماذا صاحب الحق لا يستطيع أن يصنع من حقه أنشودة على لسانه وشعاراً وترنيمة وهدهدة للأطفال، وقصة ونبضاً دائماً وحياة ونشاطاً ومسرحة وتعليماً؟
لماذا صاحب الباطل في خداع العالم وصاحب الحق لم ينجح في إقناع هذا العالم؟ لا تقل لي إن العالم منحاز. فكيف صنع عدونا من هذا العالم عالماً منحازاً لباطله؟
هذا صراع إنساني وجهد بشري وتخطيط وتدبير ووسائل وأسباب وسنن وقوانين؛ من أخذ بها غلب وظفر، ومن تقاعس فيها خاب وخسر حتى يتدارك ما فاته ويعوض نقصه ويرمم خَلله وخُلله.
إن قوانين التدافع الحضاري تقتضينا أن نحشد أفضل من عدونا، وأن نجند أحسن منه وأن نعبئ أكمل منه، وأن نشحن أقوى منه وأن نشحذ أمضى منه.
كيف نصنع من قضية الأقصى والمسرى قضية تشغل الرأي العام العربي والإسلامي برمته؟ كيف ننقل شحنة الشعور من قلوبنا المكتوية بنار فراق الأقصى، ونار الخوف عليه من الاستيلاء الثاني أو التحويل أو التهويد أو الهدم والتهديد إلى قلوب المسلمين؟
3- وظلم ذوي القربى..
يعتمد اليهود المحتلون المغتصبون الآن على السلطة في لجم الناس. وهذا يفقد الناس الدافع لأنه أي الإنسان الفلسطيني سيصطدم بالمفترض أنه أخوه وابن عمه وابن بلدته وابن عشيرته. هذه جريمة السلطة أنها فرغت الناس من دافع المقاومة. فقد كان مجرد مرور دورية إسرائيلية يثير حمية الناس فيرجمون الدورية بالحجارة وما تيسر، حتى تخرج مدحورة وتنقلب من حيث جاءت. أما الآن فإن ابن عمك هو الذي يقف في وجهك، وهو أشرس في قمعك من عدوك الأول الظاهر. لقد رباهم جهاز الموساد والقائد الأمريكي كيت دايتون على عينهم وجعلهم حراساً ممتلئين بالحمية لإسرائيل والدفاع عنها حتى الموت.
وفي كل مناسبة يردد عباس: لن نسمح بقيام انتفاضة ثالثة. وآخر بدع عباس أن يا شعب فلسطين إن نتنياهو يخطط لجركم إلى المواجهات لإجهاض حلمكم الفلسطيني بعد أن قامت دولتكم في الحلم، فلا تنجروا! جره الله على وجهه..
تأمل المنطق المقلوب المعكوس الخؤون المنكوس الذي يريد تنفيس ثورة الشعب قبل أن تبدأ، عن طريق جعل من يتحرك في هذه الانتفاضة الجديدة إنما هو مستجيب لمخططات العدو. فتأمل المنطق الإبليسي!
وفعلاً إن ظلم ذوي القربى ممض، بل أشد مضاضة على المرء من وقع السنان المهند والسلاح المهود.
4- العمل الآن أكثر صعوبة.
هل تقوم الانتفاضة الثالثة؟ العالم كله يحبس الأنفاس توقعاً وترقباً.. وانتظاراً لجواب هذا السؤال. وهل تمتد رقعة الربيع العربي إلى أحق البلاد بهذا الربيع العربي أعني فلسطين؟
لقد كانت الانتفاضة الأولى شيئاً مشرفاً مشرقاً بهياً طليعياً رائداً رائعاً عظيماً، وتجلت عطاءات الشعب الفلسطيني وتضحياته وتعاونه وتواصله وتجلت مناطق الـ48 في الدعم اللامحدود لإخوانهم، وتوحدت الضفة مع سائر المناطق في تناغم ربما لم نشهد نظيراً له عبر عشرات السنين. ثم كانت انتفاضة الأقصى إثر زيارة شارون فكانت أكثر تضحيات، وإن كانت إبداعات الأولى وتجلياتها أكثر.
إن أخطر ما في عدونا أنه يتعلم من تجاربه، ولا نتعلم من رصيد تجربتنا. فقام يقطع أوصال الضفة ورام الله والقدس ومناطق 48 ويملأ المناطق بالعملاء والجواسيس، وقسم فلسطين إلى أ،ب،ج وأقام الحاجز العنصري، وسن قوانين شيطانية، وتمدد بمستوطناته كالسرطان واعتقل الآلاف، ونشر ثقافة الاستيئاس والإحباط.. عن طريق الأزلام والأتباع.. كل ذلك تحسباً من هذه الانتفاضة. إن إبداع انتفاضة ثالثة إثر مقتل السجين جرادات ممكن بالطبع وإن كان أصعب من السابقات، وإنما صعّبه وجود السلطة الفلسطينية التي هي أدهى وأمر من إسرائيل وأخطر وأقسى وأشرس، ولكن قيام انتفاضة أمر واجب.
يجب أن يخطط لها أناس ويسهر على ابتكار شعاراتها وخطواتها عقول وأيد وسواعد وجهود وزنود.. وأن ينزل بقية المخلصين من أبناء فتح، وإلا فإنهم شركاء في جريمة التهويد وقتل روح الوطنية في الشعب الذي علم الدنيا كيف تكون الوطنية!
إن الانتفاضة يجب أن تنتقل من الممكن إلى الواجب والواقع «والمفروض» والمنجز المتحقق الذي لا ريب فيه. وليكن الثمن ما يكون. إنه كلما طال الزمن غلا الثمن..
5- التعبئة العامة لأجل الأقصى وفلسطين.
لسنا نملك قراراً حتى نحرك الجيوش ونوجه الصواريخ ونجهز الطائرات والأساطيل لنصرة فلسطين والأقصى. ولكن.. نحن نملك الدواء البديل. إن فاتنا الحل الأول والأمثل والأصيل.
فلنعلن التعبئة العامة على مستوى العالم الإسلامي.. ليكن يوم في الإذاعات والقنوات والجرائد والمجلات للتعريف بمحنة الأقصى وقضية المسرى وقضية فلسطين، ومظلومية شعب فلسطين والتعريف بالحرم الإبراهيمي ومصادرته (لا يتفلسف متفلسف ليجادل في التسمية) وليكن أسبوع في المعاهد العلمية والجامعات والمدارس بعنوان: «أسبوع الأقصى» في طول العالم الإسلامي وعرضه..
وليكن أسبوع ثالث لجمع التبرعات لمساعدة أهل القدس والأقصى أولاً ثم فلسطين ثانياً في مواجهة الاستيطان، وأخطار أتباع الشيطان على الأوطان!
وأسبوع رابع للمسيرات والتظاهرات، ولننس كل المشاحنات والخلافات الفرعية التافهة ولتتوحد الوجهات نحو القبلة الأولى، وبوابة السماء ومجمع الأنبياء.
ونحتاج إلى رمز ديني كالقرضاوي يتولى التعبئة للأقصى وقضيته ونصرته وتنسيق حركة أمته.
والحديث موصول.
| السبيل |
1- في فعّالية الأمم.
ضرب الله لنا في القرآن مثلاً على انعدام الفعالية الفردية في الصورة التالية في سورة النحل، إذ قال: «ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهراً، الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون» 75
وأعقبه مباشرة بالمثل التالي يجلي الحقيقة ذاتها من انعدام الفعالية ربما بصورة أشد: «وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كَلّ على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم» 76
وما ينطبق على فعالية الأفراد ينطبق على فعالية الأمم فليس الأمر قصراً على الأفراد.
ولاحظ أولاً أين جاء هذان المثلان المتعاقبان: في سورة النحل. والنحل مثال الفعالية، والعمل الجمعي، والإبداع والنظام والنظافة والإحسان والإتقان وهي أرقى مملكة وتديرها أنثى هي ملكة النحل. وليس للذكر أي دور وهو المثل الذي يضربه عرفات دائماً لنفسه أنهم يريدونه ومنظمته بلا دور «مثل دكر النحل» بالدال لا بالذال حسب لهجته المصرية. والعجيب أن تتضمن السورة الإشارة إلى ثقافة العرب الجاهلية بالتمييز ضد الأنثى في السورة المتحدثة عن مملكة النحل التي تديرها الأنثى فتقول: «وإذا بُشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون» النحل58-59.
أما جو هذه السورة فيكفي أن نستحضر آية: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان..» 90 ونستحضر «من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة..»97 وحتى لا نطيل نقول إن سورة النحل أكثر سورة في القرآن ذكرت الإحسان، لأنها سورة الإحسان، وأحسن من يقوم بعمله بإتقان وإحسان هو النحل حتى قال أحد العلماء: لو هبط علينا من كوكب آخر شخص فقال: أروني أعجب ما في الأرض لأريته مملكة النحل. ولا نحتاج أن نذكر بقصيدة شوقي في هذا الصدد في مملكة النحل وتنظيمها وفعاليتها.
ولكن نختم حديثنا عن جو السورة بمثال هو قمة الفعالية، ذلكم هو أبو الأنبياء إبراهيم، إذ قالت السورة: «إن إبراهيم كان أمة..» إنه فرد بأمة ورب أمة لا مساوي فرداً ولا فردة.
ثم أمرت السورة بالدعوة إلى الله بعد أن ذكرت أعداءنا أصحاب السبت وأمرت بالصبر وكانت آية الختام: «إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون».
ثم جاءت بعدها سورة الإسراء والحديث عن بني إسرائيل.. أخطر الأعداء.. فما تعلمناه من فعالية في سورة النحل يجب أن نطبقه في صراعنا مع بني إسرائيل الذي حدثتنا عنه سورة الإسراء فتأمل!
أعلم أني استطردت عن الموضوع، لكني أحب أن نتعلم دائماً منهجية القرآن وأنساق القرآن!
نعود إلى الموضوع: كيف استطاع خمسة ملايين يهودي هم عديد أنفار دولة البغي والعدوان أن يسيطروا على العالم العربي ويخترقوا كل دولة أمنياً، ويجعلوا جملة العالم العربي حراساً لهم؟ كيف يتحكمون في دول العالم وصنع القرار في العالم؟ كيف يقف أمامهم أمة الألف وخمسمئة مليون عاجزة تدعي الضعف وانعدام القدرة وقلة الحيلة؟ كيف يديرون قارة إفريقيا وينهبون ثرواتها؟ ومئة كيف أخرى بقيت ونكتفي بما قيل.
ودولنا العظيمة كيف تُمتهن كرامة الأسرى والمسرى وهي لا تستطيع أن تحرك ساكناً؟ ولماذا تطالبون منا أعلى المطالب ولا تلبون لنا أقل المطالب؟ لماذا تطالبوننا بأن ننصركم في مسائلكم ولا نجدكم في واحدة من احتياجاتنا ومسائلنا؟ هل لمن لا يستطيع نصرة الأقصى في الأعناق أي استحقاق؟ وعلى ماذا؟
2-دولة الإرهاب والبغي.. والأسرى والمسرى.
هل تتصورون أن عدد من دخل المعتقلات من الشعب الفلسطيني كما نشرت «هاآرتس» ونقلت جرائدنا يوم الجمعة الأول من آذار، أنه بلغ (800) ألف (ثمانمئة ألف حتى لا نخطئ في الرقم) معتقل هذا بحسبهم لا بحسبنا نحن. هل تتصورون أو تتوقعون؟ بمعنى أننا إذا استبعدنا الأطفال وكبار السن وأصحاب الاحتياجات والنساء فإن نسبة هذا الرقم تتجاوز نصف شباب الشعب الفلسطيني.
أيّ دولة في العالم تعتقل نصف شباب شعب احتلت بلده؟ وأي أمة تسكت على هذا الإجرام الفظيع ما لم تكن أمة كأنها قطيع؟ وإذا كانت الأنظمة عاجزة في كل أمر وكل جانب من السياسة إلى الاقتصاد إلى الإدارة إلى مواجهة الأزمات ففيم هي؟ وإذا لم تكن ليوم كريهة وسداد ثغر فلأي شيء هي ولأي شيء تكون أو تُدخر؟
لماذا العدو يملك كل هذه القدرة على قلة عدده ولا نملك عشره على كثرة عديدنا، وأين الخلل؟ قد يقال إنها دولة تملك المال. أولسنا نملك المال فماذا انتفعت منه الأمة؟ أليس قد أصبح النفط نقمة علينا؟ ألم تهرب أغلب أرصدتنا وثرواتنا إلى الخارج؟ وإذا لم نتحرك لقضية وجودنا وعزتنا وكرامتنا أعني قضية المسرى والأسرى فمتى نتحرك؟ ووالله إن الهمم المتقاعسة عن نصرة الأقصى وهو يهدد بالتهويد لن تنصره إذا هدم أو هوّد. بل سيمنعون كل حركة احتجاج لنصرته بدعوى أن ما قد كان كان، وما ينفع الصياح الآن؟ فلا أنتم متحركون، لا والأقصى والمسرى مهدد، ولا، والأسرى يتساقطون واحداً بعد الآخر وما سمعنا لكم مجرد صوت. فلماذا والعجز يلفكم تريدون أن نعاملكم معاملة القادرين المقتدرين بل إن بعضكم يتأله ويتفرعن.
أما ترى إلى بشار الذي ما أطلق قذيفة على العدو لا في عهده ولا في عهد المحفور له والده يدمر سوريا ولن يبقى فيها صاروخاً في مستودع ولا طائرة في مهجع، ولا حجراً على حجر يرتفع.. وشعاره وشعار عصابته: الأسد للأبد. وإما الأسد أو خراب البلد. فإذا لم تكونوا لمواجهة العدو ولا لنهضة اقتصادية فعلام الأبد؟ ولماذا تستمرون أو تتسمرون في أماكنكم أو كراسيكم إلى الأبد؟
3-وبعد.
فإن المسرى في الأسر والأسرى رهن القيد والأسر. وأن الأسرى هم من يسْرون بالأمة من ليل العبودية والقهر والاحتلال والاختلال والظلم إلى آفاق الحرية والكرامة والعزة والنصر. ومن لا يعمل على تحرير المسرى والأسرى فليس حراً.
يا أمتنا. هذان العزيزان قضيتنا. لحريتهما يجب أن نعمل ونجهد ونجاهد ونجتهد ونفكر وندبر ونقدر ونخطط ونبتكر.
إن أمة أنجبت الصديق بعد رسول الله والفاروق أمة معطاء عظيمة. وأن أمة خالد وسعد وعمرو بن العاص وصلاح الدين لا تعجز أن تجترح من الإبداعات في مقاومة المحتل ما يجعله يرضخ لشروطها.
يجب أن يحسب العالم كله لا هذا العدو القميء فقط لأمتنا ألف حساب. يا معشر الشباب وأنتم عليكم المعوّل، وأنتم الأمل. لا يشغلنكم عن قضايا أمتكم شاغل وأنتم تكبرون بمقدار ما تتبنون قضايا أوطانكم وقضايا دينكم وأمتكم. وتصغرون بمقدار ما تنكفئون على ذواتكم وملذاتكم ودنياكم. أما أنت يا أيها العالم الغربي المنحاز فلن يخرج عن انحيازك إلا الوسائل التي تفهمها.
وأما العدو اليهودي الصهيوني المجرم فأيامك باتت معدودة والأمة التي اقتلعت نبتاً خبيثاً من قبل هو الصليبيين ستقتلع نبتة خبيثة أخرى هي دولة المارقين المجرمين. ولمثل هذا اليوم فليعمل العاملون.
والحديث موصول.