مَرْبَط "القِطّة" أحمد حسن الزعبي - مَرْبَط "القِطّة" أحمد حسن الزعبي - مَرْبَط "القِطّة" أحمد حسن الزعبي - مَرْبَط "القِطّة" أحمد حسن الزعبي - مَرْبَط "القِطّة" أحمد حسن الزعبي
مَرْبَط "القِطّة"
أحمد حسن الزعبي
9/22/2012
ذكرت الكاتبة الأمريكية "اليزابيث جيلبرت" في روايتها "صلاة..طعام..حب"..ان جماعة من الهنود ظلوا يتداولون في موروثهم القديم قصة معبرة عن حكيم عظيم لديهم، كان محاطاً دائماً بالتلاميذ و المريدين و الناسكين والاتباع المخلصين.يقضون سوية الساعات الطوال في التأمل والروحانيات والصلاة كل يوم ، ولكن كانت هناك مشكلة صغيرة تصادفهم كلما شرعوا بتأملهم وصلاتهم ، فقد كان لدى ذلك المعلّم قطة صغيرة مزعجة ، لا تكف عن التجول والمرور والمواء المستمر بين صفوف الاتباع ، مما كان يقطع على المتأملين صلاتهم وتأملاتهم – حسب ادعّائهم - الشيء الذي دعا المعلّم ، ان يأمر بربط القطة المزعجة الى عمود في الخارج بضع ساعات ، أثناء جلسات التأمل والصلاة حتى لا تزعج الروحانيين ثم يطلق سراحها بعد ان تنقضي الخلوة ..
المهم ، مع مضي الايام ، تحوّل ربط القطة الى عادة ، فصار كلما حان وقت التأمل والصلاة ، يتم أخذ القطة الى الخارج وربطها في العمود – حتى لو لم تزعجهم - وبقي الأمر هكذا عدة سنوات، حتى أصبحت عادة ربط القطة الى العمود جزء من الطقوس اليومية لتأملاتهم ، حيث لم يعد من الممكن لأي منهم ان يعتكف ليتأمل أو يصلي أو يتفكّر بخلق الكون ، دون ان يأخذ القطة إلى مربطها.
**
وضع الحريات في بلدنا مع قانون المطبوعات الجديد ، يشبه الى حد كبير قصة مربط القطة ، كل المسؤولين المرعوبين والمتورطين بالخطايا ظلوا يتحججون طوال الوقت بان تحرك الصحافة الحرة بهذا الشكل يشوّش على عملهم ويعرقل انجازهم ويبدد قداستهم ،ويقطع "خلوات" فسادهم ويكشف طوابقهم المفضوحة اصلاً ، فطالبوا جميعاً " بربط " الصحافة المستقلة بقانون مطبوعات ليتسنى لهم اتمام تأملاّتهم وخططهم وتفكرهم في "ادارة" شؤون الوطن كيفما أرادوا دون رقيب او حسيب ..
متاملين أن تصبح عادة "ربط الصحافة" وسدّ ألأفواه وكتم "الصوت " مع مرور الأيام ،جزءاً من طقوس "ملاخمتهم" اليومية ...حيث يحق لأي مسؤول مهما "وطي" او "ارتفع" شأنه ان ينتقم من الإعلام المستقل أولاً قبل أن يذيقنا الأمرّين من ويلات سياسته..