هُمّ أسماءٌ خالدة في أدبنا الفلسطيني تُرّصع كلماتهم معانيها فـتصوغ وطنـاً في حكاياتٍ وأحرفٍ وأشعار,
تعكس وتلامس واقعاً أو ترسم حُلماً قارب المستحيلا فـ تخلق نصوصاُ نثريةً وأدبيةً في منتهى الجودة والإبداع,
نصوصٌ تستحق المتابعة والقراءة والتمّعن علّنا نلمحُ فيها خيال وطـنٍ غاب عنّا عنوةً وغبنا عنه قهراً...
* إحترت في أيّ الشبكات أُلقي رحال الموضوع (الفلسطينية أم الأدبية) فـ كلاهما يلائم المضمون والمُبتغى وإستقر بي المطاف هُنا,
لأن الفلسطينية وإسمها أحب الأماكن إليّ ولأن الكُتّاب فلسطينيين يناجون الوطن من منابرهم فهـم "روّاد الكفاح" وهذه شبكة الوطـن
* تطول إحدى الحكايا وأُخرى تقصر...فـكل التحية مني لمن تابع فعلاً وقرأ,
وحيدٌ في زنزانته المظلمة التي لا تربطه مع الدنيا فيها إلا فتحة صغيرة في أعلى جدار الزنزانة يدخل منها قليل من الشمس يوميا وقليلا من الهواء، تملؤه الأحزان والذكريات والأحلام.
لا يخرج من عزله في الزنزانة إلا قليلا، فقد كُتب عليه أن يقضي مدة حكمه الطويلة في هذه الزنزانة.
كم كان يحمل في قلبه الشوق للحديث مع الأهل والأصدقاء والأحبة، فهو محروم منهم بل محروم من الحديث مع أي إنسان غير سجانه.
في ذلك اليوم تغيرت حياته وأصبح لها معنى جميل، فقد استيقظ صباحا ليجد زنبقة صغيره قد بدأت تنمو في أرضية زنزانته...
تحدت الصخور والظلام واليأس وخرجت تنثر معنىً آخر للحياة في ظل رائحة الموت المنتشرة في الزنزانة..
كم فرح وسعد بها، بل إنه عشقها لأنها ملكت كل حياته وروحه وأنارت له ظلمة زنزانته..
كم غيرت من نمط حياته وكم أعادت لنفسه تألقها وسموها.
اعتنى بها كطفل صغير حديث الولادة، يسقيها يوميا وجمع كل ما أمكنه من تراب وغبار من أرض زنزانته ووضعه قرب جذورها علها تقوى وتكب، في كل يوم كان يضعها بلطف بين راحتيه ويرفعها بحنان ليقربها من الفتحة الصغيرة المسماة شباك ويجعلها تستنشق هواء الحرية وتنعم بضوء الشمس.
أصبح يراقبها ساعة بعد ساعة بل ثانية بثانية، يكلمها، يهمس لها بآلامه ويشاركها أحلامه، عشقها وخففت عنه الكثير من همومه وكانت له معينا في قيده.
بعد أيام كانت أجمل الأيام له في هذه الزنزانة دخل الجنود عليه في جولة لتفتيش زنزانته، وشاهدوه يرعى زنبقته، حاولوا أن يصادروها منه فممنوع أن يؤنس وحدته أحد!! حتى وإن كان زنبقة..
رفض ذلك ومنعهم من الاقتراب من زهرته، هددوه لكنه لم يستجيب لهم بل زاد تعلقه بالزنبقة وتمسك بها بقوة أكبر.
تركوه وقالوا إنهم سيقطعوا عنه الماء لتموت زنبقته عطشا، وفعلا قطعوا عنه الماء.
بعد أيام قدموا إلى زنزانته وعيونهم تملؤها ضحكة خبيثة، فهم الآن سيجدونه يتحسر على زهرته التي ماتت عطشا.
" لا شيء لا شيء أبدا .. كنت أتسائل فقط .. أفتش عن فلسطين الحقيقية . فلسطين التي هي أكثر من من ذاكرة .. أكثر من ريشة طاووس أكثر من ولد .. أكثر من خرابيش قلم رصاص على جدار السلم .. وكنت أقول لنفسي .. ما هي فلسطين بالنسبة لخالد إنه لا يعرف المزهرية .. ولا الصورة .. ولا السلم ولا الحليصة ولا خلدون .. ومع ذلك فهي بالنسبة له جديرة بأن يحمل المرء السلاح ويموت في سبيلها .. وبالنسبة لنا .. أنت وأنا .. مجرد تفتيش عن شيء تحت غبار الذاكرة .. وانطري ماذا وجدنا تحت ذلك الغبار .. غبارا جديدا أيضا .. لقد أخطأنا حين اعتبرنا أن الوطن هو الماضي فقط .. أما خالد فالوطن عنده المستقبل .. وهكذا كان الافتراق .. وهكذا أراد خالد أن يحمل السلاح .. عشرات الالوف مثل خالد لا تستوقفهم الدموع المفلولة لرجال يبحثون في اغوار هزائمهم عن حطام الدروع وتفل الزهور وهم إنما ينطرون للمستقبل ولذلك هم يصححون أخطائنا .. وأخطاء العالم كله .. إن دوف هو عارنا .. ولكن خالد هو شرفنا الباقي .. ألم أقل لك ذلك منذ البدء كان يجب علينا ألا نأتي .. وإن ذلك يحتاج إلى حرب .. هيا بنا .. "
مر العمر بسرعة، في ذلك اليوم، في 5 حزيران عام 1969، عندما رأتني أمي في مستشفى عالية في الخليل ورصاص المحتلين قد أصابني في رقبتي وقدمي، كنتُ في السابعة عشر من عمري.
كان سلاحي "سيخ كباب" صنعتُه في مدرسة الأمير محمد الإعدادية، وطعنتُ به ثلاثة جنود إسرائيليين أمام الحرم الإبراهيمي.
في ذلك اليوم، وأنا بين الصحو واليقظة، نظرت أمي إلى وجهي المشوه الدامي، وقالت: "معلش يما، المهم إنك عايش".
كانت قوية، مثلما عرفتها دائماً. أنعشتني كلماتها، وأنعشتني أنفاسها المشبعة بالحنان.
أخذني الجنود في عربة عسكرية من طرف شارع "السهلة" أمام الحرم الإبراهيمي حيث اشتبكت معهم إلى الثكنة العسكرية "العمارة" المتواجدة على تلة مرتفعة، وهي مسافة طويلة بالنسبة لجريح ينزف من فمه ورقبته وقدمه.
ويبدو أنهم اعتقدوا بأنني على وشك الموت، لذلك قفلوا عائدين بي وأدخلوني إلى "مستشفى عالية" كي أموت هناك، ولكن تحت حراسة من قبل شرطة الخليل المحلية، ومداهمة مفاجئة متكررة من جنود الاحتلال للتأكد من عدم هروبي أو تهريبي.
لم تطل إقامتي هناك، إذ عندما عرفوا بأنني لم أمت سرعان ما تم نقلي إلى مستشفى سجن الرملة.
طوال سنوات أسري، كانت أمي تطارد ورائي من سجن إلى سجن، وكانت أكثر حيوية ومعنوياتها أقوى مقارنة بوالدي الطيب.
قالت لي قريبتنا "أم العبد": "أمك كانت تحيي كل عرس تحضره"
قبل الاحتلال، كان غناؤها يشي بالفرح والقوة، مع مجيء الاحتلال وتكرس الفراق وتشتت الأسرة بين الوطن ومنافي الغربة صار غناؤها مفعماً بالحزن والأسى لكن لم يخل من القوة والصبر.
أدركنا أن أمنا تغني كي لا تبكي، وإن بكت فبعيداً عن أنظار الآخرين.. كانت تغني لأنها اعتادت صناعة الأمل.
كنت أعرف أن لي مكانة أثيرة في قلبها، بسب كوني أسيراً وجريحاً.
وأنا خلف القضبان خصصت لي بعض قصائدها الزجلية، وبعد خروجي من السجن، أثناء وجودي في رومانيا للعلاج تلقيت منها رسالة تقول فيها: "ليتني قطعة شاش أبيض، ألتف بها على قدمك يا ولدي الحبيب".
في صوفيا، أثناء دراستي هناك، أسمعتُ بعض الزملاء والأصدقاء شريطاً لها كنت قد سجلته لها أثناء زيارتها لي في سورية. وأثناء استماعهم لصوتها، سألتهم مازحاً: "هل تعرفون مغنية في فلسطين اسمها سعاد صلاح؟"،
فأجابوا: "لا، ولكن صوتها حلو".
فقلت: "هي أمي".
امتد زمن الفراق، صَعُبَ على الحاجة سعاد أن يكون أولادها مشتتين في فلسطين والأردن والكويت وسورية والعراق والصين وبلغاريا، فعانت من عنت الزيارة وعبء السفر.
مرة، تطلعتْ إلى شجرة التوت أمام بيتنا في الخليل، ورأت عصفوراً ينطنط على أغصانها فأنشدتْ تقول: "عصفور يا كتكوت.. يا مغرد فوق التوت.. أيام عم بتفوت.. وحبابي ما عادوا لَيِّ".
وعلى جسر الأردن، طلعت معها: "مقساك يا دهر.. وما أصعبك يا جسر".
كانت تأتي لزيارتنا مجتمعين أو فرادى. في البداية، وهي في صحتها كانت تأتي لوحدها ثم صارت تأتي برفقة أحد أبنائها أو إحدى بناتها، وأخيراً، لم تعد تأتي.. تعبت عظام أمي!
انتظرتني في عمان سنتين كي تراني، لكن ذلك لم يحصل. فلا هي قادرة على السفر إلى سورية بسبب عظامها المتعبة، ولا أنا كنت قادراً على السفر إلى الأردن لأنني مبعد عن البلاد.
بسبب وضعها الصحي، ارتأى إخوتي وأخواتي في الأردن أن يُبقوا الوالدة لديهم، وأن "تدور" على بيوتهم، أسبوع في كل بيت إلى أن يأخذ الله الوديعة.
كانت تلح للعودة إلى الخليل، وهم يراهنون على "النسيان" الذي بدأ يفعل فعله في ذاكرتها، ويقولوا لها: "يا حاجة لسه امبارح جيتي!".
لكن ذلك لم يعد يفلح معها، وصارت تبكي كالأطفال كي تعود إلى الخليل. وعادت وماتت ودفنت هناك...
حققت أمي "حق العودة" بأن يكون لها قبر في الوطن!
حُلْمُنا الغالي "حق العودة" سيشمل الأحياء، فهل سيشمل الشهداء، والأموات، والعظام، وكيف؟!
ربما سيكتفي الشهداء بالنصر، فهو العودة.. ويكفي أن نقرأ الفاتحة، كلٌّ من مكانه على أعزائنا الذين تضمهم القبور.. في أربع رياح الأرض.
يحزنني تشتت قبورنا.. يؤلمني تشتت العظام. أبي وأمي مدفونان في الخليل، أخي الأكبر غازي مدفون في الكويت، وابني مارسيل مدفون في صوفيا: اختار في بلغاريا، صوفيا، الساعة الواحدة ظهراً يوم السبت الموافق 26 تموز 2008، وهو في الرابعةِ والعشرين من العمر، أن يُتوِّج نجاحه في السنة الرابعة والأخيرة في الجامعة بالقفز من الطابق السادس. كان على وشك التخرج من الجامعة.. لكنه فضَّل أن يخرجَ من الحياة!
وأنا.. أين سيكون قبري؟! لقد قالها محمود درويش: أرى الجنازة ولا أرى القبر.. كما حصل مع عظام أمي، لم تعد عظامي تحملني بيسر، مع أنني أتوكأ على عصا، فالشظايا ترافق قدمي منذ 5 حزيران 1969 وحتى الآن، والجرح لا يلتئم.
عندما زارني والدي المسكين في بغداد قال لي بألم: "يابا، إذا بتتعبك كتير، وما بتشفى، اقطعها وارتاح"!
لكنني قررت التمسك بها، وعندما يسألني إخوتي وأخواتي على الهاتف من فلسطين أو الأردن أو الصين: "كيف وضع رجلك؟"، أجيبهم: أفضل من الوضع السياسي!
صمدت رجلي أكثر من 40 عاماً، وهناك دول لا تصمد 40 يوماً. بعد أن رافقتني كل هذه السنوات، وتحملتني في السراء والضراء، وبعد 14 عملية جراحية، وبفضلها رأيت عدة دول في العالم، هل أتخلى عنها؟! وإذا تم بترها، كيف سأنزل إلى البحر، أو أنزل إلى الدبكة وأدْبكُ مع من يدبكون؟! تخيلتها وهم يبتروها ويرموها في النفايات، تخيلتها بعد هذا الصمود وهذه "العِشْرة"، تخيلتها تقول بأسى: يا عيب الشوم! رِجلي جاءت إلى الدنيا معي، وستغادرها معي، لن أتخلى عنها.. جئنا معاً، وسنذهب إلى القبر معاً، أحتفظ بها مثلما أحتفظ بـ (البنطلون) المثقَّب بالرصاص.. الحمد لله أنه رصاص الأعداء!
عندما رأتني أمي في مستشفى عالية كنت في السابعة عشر من عمري، أما الآن فأقترب من الستين. كان سلاحي "سيخ كباب"، وأصبح سلاحي القلم، أحمل شهادتين: دكتوراه في الفلسفة ودكتوراه في القهر، القهر من جهتين: من الغربة والمنافي، ومن وجود مفارقة باهظة ودامية: شعبنا الفلسطيني شعب عظيم مبدع معطاء، وزعماؤنا يتقنون الفشل والتبديد والخواء.. زعماء يرون الكرسي.. ولا يرون زيتون البلاد!
أصابني مرض الضغط بعد الاقتتال في غزة.. و"انتصار" ثورتنا.. وبعد أن "رزقنا" الله "دولتين" بدل دولة واحدة!
كنت أعرف أن الدواء والحمية لا يكفيان، بل لا بد من إطعام الروح
لذلك، من أجل تعزيز الأمل ومحاربة الكآبة، قمت بشراء "سيديات" مختارة لفيروز، أم كلثوم، عبد الوهاب، خوليو اغليسيس، ياني، وموسيقى كلاسيكية لموسيقيين مختلفين من عدة قرون. لا أملك ما أُوَرِّثُهُ لأولادي سوى بنطلوني المصاب وبعض المؤلفات، لا أملك بيتاً أُوَرِّثُهُ لهم كي أريحهم وأريح فاطمة من هَمِّ الإيجار و"شحشطة البيوت"، لا أملك شيئاً سوى حُلْمٍ بامتلاك قبر.. قبر في الوطن!
ولي حُلْمٌ بسيط: ابني عُمَر (8 سنوات) وابنتي دالية (10 سنوات) أن يعيشا طويلاً وأن لا ينقصف عمرهما كما انقصفَ عُمْرُ أخيهما مارسيل، ألا تموت فاطمة قبلي بل أن أموت أنا قبلها، وأن تعيش هي وأولادي بكرامة، لا أريدها أن تصطف في طابور الأرامل أمام باب أي مسؤول تافه، أو سافل!وأريدُ كبوةً أخيرة
كبوةً ترافقها السلامة
قبراً جميلاً
أُعَلِّقُ عليه التعب
وأنامُ فيه إلى القيامة لا أريده في وحشة الغربة وفي صقيع المنافي، أريد قبراً هناك في تراب الخليل، قرب كروم العنب، بجانب عظام أمي.
* القصة فازت بجائزة تقديرية في مجال القصة الصحفية في "مسابقة العودة" 2011 التي نظمها "مركز بديل" (المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين) في بيت لحم.
و تسأل : ما معنى كلمة ( لاجئ ) ؟
سيقولون : هو من اقتُلع من أرض الوطن!
وتسأل : ما معنى كلمة ( وطن ) ؟
سيقولون : هو البيت ، وشجرة التوت ، وقن الدجاج ، وقفير النحل ، ورائحة الخبز ، والسماء الأولى.
و تسأل : هل تتسع كلمة واحدة من ثلاثة أحرف لكل هذه المحتويات و تضيق بنا؟!
اقطعوا الزيتون,
اسحقوا الليمون,,
لوثوا أحلام طفل, مزقوا وجدان أم
حَرِّموا الكلام, حطموا الأقلام
لكن تذكروا..!
أنكم لن تقدروا
أن تقلعوا جذور غرسة الزيتون
أن تمنعوا أريج زهرة الليمون
ستبقى قبة الأقصى هنا
على صدوركم كالنار
وفي حلوقكم كقطع الزجاج,
كالصبّار
ستبقى قبة الأقصى هنا
في عيوننا كاللؤلؤ المكنون
وفي قلوبنا كزهر الجلنار
فتذكروا أنكم لن تقدروا
أن تطفئوا ألق العيون!
وبأدمعي حدّدت أرصفة الشوارع في الخليل
ورشفت من حزني جرارا من عبير
يا قناطرا
يا شوارعا
إني سأبذر فيك أسلحتي وأنتظر الحصاد
وتخونني الأيام
تسقط من خلال أصابعي حتى الفصول
كيف الوصول؟
وتعود خارطتي الحبيبة
ملك قلبي
تحت هدبي
لايجوب سفوحها غيري أنا،
غير الأغاني، والعروبة، والرياح
وأحسّ خارطتي ترفرف كوكبا، في لانهايات المدى النائي
وينبت لي جناح...
أنا المقيّد لكّني سأنطلق
وأترك السجن خلفي وهو يحترق..
وأخلع الكفن الدامي وقد رشحت
خيوطه بدمائي وهي تنبثق...
واهدم الصنم المجنون صارخة
حريتي في يديه وهي تختنق..
هي الحياة تناديني وملءَ دمي
أحسّ أمواجها الحمراء تندفق...
ولن يعيق خطايَ الشوك مرتفعاً
ولن يخدّرني من ورده العبق..
هي الحياة ولا تُبقي على أثر
لكلّ من سار بالأكفان يستبق...
كذلك البحر لا تبقي به رممٌ
ولا تحرّكه أنفاس من غرقوا..
الحيّ حيّ به , والميت تقذفه
أمواجه فهي للأحياء تصطفق..
فانشد نشيدك للشعّب الذي سرقوا
دماءه وهي في أعراقه مزق...
وخلّفوه وفأس العمر في يدهِ
جرداء يرشح منها الدمع والعرقُ..
أنا المقّيد لكن سوف أنحت من
أغلالي السود فأساً ليس تنكسر...
وأهدم الحائط العالي الذي غلقت
فيه النوافذ لا شمس ولا قمر..
وأجمع الريح في كفّي وأطلقها
على الذين بهذا الشعب قد كفروا...
وجمعّوه على أبواب مقبرة
تكاد من هولها الأموات تنتحر..
وقيل هذا الروض الذي حلمت
به عيونك فيه الظلّ والثمر...
لكّنه الفجر ذو الأنوار أدركه
موهم قوافل بالظلماء تستتر ..
فأبصروا القبر والحفّار متكئ
عليه للميّت الموعود ينتظر...
إرادة الفأس أن تهوي السجون
ولايبقى على الأرض من أحجارها حجر..
فاشحذ فؤوسك يا ابن الشعب مقتلعاً
هذي القبور التي للشعب قد حفروا...
وأنت لا بدّ يا ابن النور تنتصر
وأنت لا بدّ يا ابن الشعب تنتصر..