الحمد لله حمدا يسعنا في دنيانا وأخرانا ويشمل بواطننا وظواهرنا حمدا لله على النّحو الذي يُرضيه ، حمداً سبحانه كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه .
وصلّى الله وسلّم وبارك على خير الخلق المبعوث رحمة للعالمين سيّدنا محمّد النبيّ الأميّ الأمين ، وعلى آله الطاهرين المطهّرين وعلى صحبه الأخيار الميامين ، ومن تبعهم واقتفى آثارهم إلى يوم الدين .
أمّا بعد :
فهذا موضوع أردتُه في باب النزهات ، بسيطٌ لكنّه محلّ للنّظر والعبر ، فيه قصص ما يُعرف بعقلاء المجانين أو ما يسمّونهم في بعض البلدان المسلمة الدراويش ، قومٌ أشبه بالمجانين ، بل هم في قوالبهم مجانين ، لكنّهم يختلفون عن المجانين بما يصدرُ عنهم أحيانا بعض الأفعال التي تدلُّ على الحكمة وبعد النّظر وما يُبقي أولي الألباب في دهشة وحيرة .
وقد تصدُقُ فيهم أكثر تلك المقولة التي تقول : خذوا الحكمة من أفواه المجانين .
فهم مجانين لكنّهم حكماء المجانين . والله أعلم بحالهم .
أردتُ وضع بعض قصصهم ومن يحضرُه من الإخوة من قصصهم وطرائفهم أن يُغنيَ ويُثري الموضوع بطرائفهم وحكمهم وآثارهم ، نزهة وطرافة وعبرة وإثراءً . والله هو الموفّق .
طبعاً وهم ليسوا محلّ الاقتداء ، لأنّ أفعالهم واعمالهم ليستْ نابعة من باب التكليف وباب الآداب والمعاملة التي أمرنا الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم أن نراعيها في معاملة الغير .
ولكنّ في كثير من مواقفهم كما ذكرنا طرافة وحكمة وبعد نظر .
وصلّى الله على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم كثيرا .
ومنها أي من قصص هؤلاء :
في إحدى البلدان العربية ، كان في إحدى المقاهي رجلٌ جالسٌ ، يتكلّمُ بصوت عال عن الحكام وأصحاب النفوذ الذين تشبّتوا بمناصبهم وعروشهم وسلطانهم وأبوا أن يتداولوا الرياسات مع غيرهم ، وهو يصخب ويزمجر ويذمّ وما إلى ذلك ..
فدخل على فجأة أحد هؤلاء المجانين وتوجّه إلى هذا الرجل وطلب منه كرسيّه الذي كان جالسا عليه فأبى الرجل ، وأصرّ المجنون على طلبه والرجل يرفض بقوّة ..
حينها التفتَ المجنون إلى الرجل وقال : تقاتلُ على كرسيّ لا هو لك ولا هو ملك أبيك .... وتريدهم أن يتخلّوا عن عروشهم وكراسيهم ..
ومنها أي من هذه القصص ، وهذه حدثت في بلدنا ، في إحدى المدن ، رواها لي أحد الثقات ، بل أكثر من واحد ..
كان أحد هؤلاء المجانين يطوفُ في المدينة ويجولُ في شوارعها ، وهو يحملُ قارورةً زجاجية من غير سدّادة ، وفي القاروة فأرٌ ولكنّه لا يستطيعُ أن يخرجَ منها . والمجنون يُكلّمُ الفأر باللغة الانجليزية
يقول له باللغة الانجليزية : - قل لي كيف ستخرجُ منها بعدما دخلت فيها ؟؟
tell me now how to come out after you have entered
والعبارة الانجليزية من صياغتي ، لأنّ الراوي ذكر لي المعنى فقط ..
قلتُ يمشي في الشوارع ويكلّمُ الفأر بنفس العبارة ..
والنّاسُ كلّما شاهدوا المجنون في هذا المشهد الغريب ضحكوا ضحكا كبيرا .
ثمّ بعد مدّة ليست طويلة دخل الغزو الأمريكي إلى العراق - سنة 2003 - ، فغرق في مستنقعه ،ووجدَ المقاومة الشرسة التي إلى الآن يشكو خسائره منها ويكتمُ ويلاته الكبرى فيها .
فتذكّر النّاس مشهد المجنون ، واستغربوا خصوصا أنّه كان يخاطبُ الفأر بلغة الأمريكان - الانجليزية -
ولله في خلقه شؤون .
هناك أيضا قصة حدثت في بلدنا لأحد هؤلاء المجانين حيث كان يتسكع في أحد شوارع المدينة فسقط فنجان قهوة فانكسر فالتفت الناس إلى الفنجان
فقال لهم : سقط الفنجان فالتفتم جميعا , و سقطت الأمة قلم يلتفت أحد 0
ومنها أي من هذه القصص .
أنّ أحدهم ، وهذه ثابتة وقعت قريبا من منطقتنا ، كان يجولُ في الأسواق منذ سنوات قريبة مضت ، ثمّ يقومُ بمشهد كأنّه مسرحية ، يرفع السمّاعة - حركات فقط -