"كان يا ما كان" - "كان يا ما كان" - "كان يا ما كان" - "كان يا ما كان" - "كان يا ما كان"
في الزمن الذي كان فيه الحب دفء البيوت، والحنان غطاء أرواحنا، تأخذني أغنية ميادة الحناوي "كان يا ما كان" إلى أيام مضت، أيام بسيطة جميلة محملة بالقصص والحكايات التي تعبق برائحة الياسمين ودفء العلاقات. كان ذاك الزمن شاهداً على قلوب نقية وأرواح قانعة، حيث المحبة الصادقة تجمع الجيران والأهل في صورة مجتمعية متناغمة.
في تلك الأيام، لم تكن البيوت فاخرة، بل كانت بسيطة ونظيفة مثل قلوب أصحابها. غرف متواضعة تزينها أزهار جورية في مزهرية زجاجية، وشرشف من صنع أيدي النساء، وتلفون محفوظ بعناية في زاوية البيت. كان البيت ينبض دفئاً رغم قلة ما فيه، وكانت المعيشة مليئة بالقناعة والرضا.
الفرح حينها كان بسيطاً ومشتركاً. نجاح أحدنا في التوجيهي كان كافياً ليعم الفرح الحارة بأكملها، يُنثر فيه "النواقيط" ويعم السرور. ألعابنا، وإن كانت بدائية، كانت تملأ قلوبنا بالسعادة. نصنع الطائرات الورقية ونتنافس في ركضها، ونبني أفران الطين لنشوي فيها البطاطا، فتخرج ساخنة تفوح منها رائحة الطفولة.
كانت الأيام تدور على إيقاع أصوات الحياة: راديو يُشغل في نوافذ المنازل، ينقل لنا عبد الحليم أو نازك، وأصوات بائعي الكعك يجوبون الأزقة، والعصافير تصدح مع بزوغ الشمس. حتى التلفاز، بشاشته الصغيرة وقنواته المحدودة، كان يُدخل السرور إلى قلوب الجميع، ونجتمع حوله كأنه نافذة سحرية على عالم آخر.
الكتب والمجلات كانت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، ننتظر وصولها بفارغ الصبر لنقتني مجلات مثل "الهلال"، و"الكواكب"، و"سمير". كانت المكتبات ملاذنا الثقافي، وأوقات القراءة نافذتنا للمعرفة.
اليوم، ورغم التطور والرفاهية، فقدنا الكثير من تلك الروح العفوية. صرنا نملك كل شيء، لكننا نفتقد دفء البدايات، ذلك الزمن الذي كان يمر ببطء لكنه يعج بالحياة. كان يا ما كان زمناً عاش فيه البسطاء حياة ملؤها الحب والرضا.