صورة العرب و المسلمين في الدماغ الغربي المعاصر - صورة العرب و المسلمين في الدماغ الغربي المعاصر - صورة العرب و المسلمين في الدماغ الغربي المعاصر - صورة العرب و المسلمين في الدماغ الغربي المعاصر - صورة العرب و المسلمين في الدماغ الغربي المعاصر
الدكتور راجح السباتين
صورة العرب والمسلمين في الدماغ الغربي المعاصر
ال
ذات يوم وعندما كانت الكاتبة الأمريكية "غريس هاليسل" في طريقها بالطائرة من تكساس إلى واشنطن كان يجلس بجانبها رجل أعمال لاحظ أنها تقرأ موضوعاً عن الشرق الأوسط فقال: إنني زرت كثيراً من تلك الأقطار كمصر والسعودية والأردن، وغيرها، وقال: إن شركتنا لا تسمح لأي واحد منا بركوب طائرة أمريكية إذا كانت الرحلة إلى ما وراء البحار، فقالت غريس: أنها خسارة لشركات الطيران الأمريكية، فوافق الرجل على ذلك قائلاً: إن هدف شركتنا هو حمايتنا من عمليات إرهابية محتملة!!
وفي مقابلة أجراها معه الكاتب الأمريكي المعتدل "جون وايزمان" وسأله فيها عن العرب، قال "ستيف مالوري" من شبكة (N.B.C): العرب هم أولئك الناس الذين يعتمرون الكوفيات، ويركبون الجمال أليس كذلك؟ وهؤلاء ليسوا جيرانك في كاليفورنيا أو كنساس!!
إرهابي، يعتمر الكوفية، ويركب الجمال، بهذه الصور الثلاث التي تحمل مؤشراً أولياً عن فحوى موضوعنا نبتدئ الكلام عن الصورة العربية في الدماغ الغربي المعاصر، وترجع بواكير الحديث عن هذه الصورة إلى أيام المد الإسلامي العثماني تجاه القارة الأوروبية التي كانت متفككة متناحرة تسودها الحروب الداخلية آنذاك، حينها كان أبناء أوروبا ينظرون إلى الجنود الأتراك (المسلمين) على أنهم بربريون لا يفقهون من الحياة سوى القتل والذبح وسفك الدماء!! وأنهم قطعوا الجبال والصحارى البعيدة وجاؤوا من أقصى الشرق ليسيلوا دماء المسيحيين، ويذبحوا الشباب من أبنائهم!! وإلى جانب هذا الخوف من المد الإسلامي فقد تضافرت عوامل عدة أدت إلى تثبيت هذه الصورة عن العثمانيين والمسلمين والعرب في عقول أبناء أوروبا، ومن هذه العوامل على سبيل المثال الأعلام الذي استخدمه ملوك وأمراء الولايات الأوروبية لحث الناس على قتال العثمانيين، فقد نشط الإعلام في نشر صورة قاتمة للعثمانيين فحواها أنهم راغبون في القتل، قساة، ولا يتسامحون مع أبناء الدين النصراني لأنه لا يتفق مع الدين الإسلاميّ! ومن هذه العوامل كذلك مستشرقون ورحالة غربيون زاروا بلاد العرب ولكنهم كانوا غير نزيهين ورسموا صورة خيالية عن العرب في عقول الأوروبيين ومن هؤلاء Stanly Poola و Erick Lenkolen و Jweel Carmichel. أما العامل الثالث الذي ساهم في رسم هذه الصورة فكان بعض الكتب الخرافية التي يعتريها الطابع القصصي الخيالي والتي أظهرت العربي على أنه عاشق النساء والرقص والأوهام، من هذه الكتب (ألف ليلة وليلة)، (والشاطر محمود والجنيّة) (علاء الدين والمصباح السحري).
واستمرت هذه الصورة السوداء للعربي تكبر وتنمو مع مرور الزمن وتعاقب الكتاب الحاقدين على الإسلام والعرب كالكاتب الفرنسي (مونتيسكيو) صاحب كتاب "روح الشرائع" الذي أكد في كتابه عدة مرات على أن الاستبداد هو الصبغة الأكثر ملازمة للدين الإسلامي وأن الحكومة المستبدة هي ذلك النوع من الحكومات الأكثر ملاءمة للإسلام!.
أما في القرن التاسع عشر فقد تولى الأمريكيون الأمور وأخذوا على عاتقهم مسؤولية تعميق صورة العربي السوداء ونشرها في العالم، فها هو الرئيس الأمريكي "ثيودور روزفلت" يزور مصر في الرابع والعشرين من آذار لعام 1910 ويصرح فيها بمنتهى الوقاحة بأن الشعب المصري متعصب لدينه… وأنه ينصح المصريين بالاستسلام لبريطانيا لأن الشعب المصري لم يصل بعد على الدرجة التي يستحق فيها أن يحكم نفسه بنفسه!!
دعونا الآن نقف لنشير إلى مسألتين؛ أما المسألة الأولى فهي أن الغربيين لا يفرقون بين المسلم السني والمسلم الشيعي كما أنهم لا يفرقون بين المسلم والعربي، فهما كما يقال وجهان لعملة واحدة. أما المسألة الثانية فهي أن المد اليهودي تنامى وتعاظم في أوروبا وأمريكا حتى اكتسح معظم وسائل الإعلام الغربية العالمية، ولذلك لا يستغرب أحدنا إذا علم على سبيل المثال أن مجلة "News Week" الأمريكية اليهودية من الألف إلى الياء، نعم فناقل الخبر إليها يهودي وصناع الخبر فيها يهودي والمحررون فيها يهود. ولنعد الآن لنواصل الحديث عن صورة العربي في الدماغ الغربي في فترة ما بين الحربين الكونيتين لنقول: لقد ظهرت على الساحة الغربية مواصفات دنيا جديدة يتسم بها العربي ومن هذه المواصفات تلك التي احتلت الصفحات الأولى في الصحف والمجلات الأمريكية بعيد حرب (1967) ومنها:
أولاً : أن العربي يميل إلى المبالغة والتأكيد.
ثانياً : أنه رومانتيكي.
ثالثاً : أنه لا يحتفظ بالسر.
رابعاً : أنه شديد الحساسية لكرامته.
خامساً : يبالغ في تقدير ذاته.
سادساً : أنه متعصب.
سابعاً : أنه متدين.
وقد تأصلت هذه المواصفات في أنفس الأمريكيين بعد حرب (1973)، أما في الثمانينات فكانت المواصفات التي تطلق على العربي أقسى من سابقاتها في الأعوام الماضية، ونذكر منها: أن العربييعاني من عقدة النقص والدونية Inferism وذلك بسبب عدم قدرته على الوصول إلى المستوى الذي وصل إليه الإنسان الأوروبي المتحضر. هذا إضافة لكون العربي فاقداً للثقة بالنفس Lack-Trust متخلفاً "عقلياً وحضارياً" يفتقر إلى النظام في حياته؟؟؟
ولو جئنا إلى تلخيص شامل لصورة العربي والمسلم في الدماغ العربي الحاضر لوجدناها نابعة من النقاط التالية:
أولاً : المسلم إنسان انتحاري يقتل باسم الله ببرودة أعصاب متناهية
Killing with the name of God!!!
ثانياً : المسلم خاطف طائرات (Hi-Jacker) ويضربون قضية تفجير طائرة الوفد الإسرائيلي في ميونخ بألمانيا مثالاً على ذلك هذا عدا عن حديثهم عن قضية تفجير طائرة Pan-American-103 فوق سماء لوكربي كشاهد معاصر على كلامهم!!
ثالثاً : الإسلام دين السيف والحروب المقدسة (Holy war) ويقصدون بذلك الجهاد في الإسلام ويضربون نداءات الجبهة الإسلامية للإنقاذ - في الجزائر - مثالاً على ذلك وقد نشرت مجلة (Time) الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 26/حزيران/1991 ملفاً كاملاً عن الإسلام بعنوان سيف الإسلام - وهل يتوجب على العالم أن يخاف من الانبعاث الإسلامي؟؟ هذا عدا عن الإنتاج الأمريكي لفيلم يحمل عنوان "سيف الإسلام" (Sward of Islam) ويقع في جزأين.
رابعاً : المسلم إرهابي وهو على الدوام ضد أمريكا وضد الغرب، ويضربون مثالاً على ذلك حادث تفجير مبنى قيادات قوات المارينز في جنوب لبنان عام (1987).
خامساً : المسلم معادٍ للسامية (Anti-Semitic) التي يزعمها اليهود!!
سادساً : المسلم متخلف، غير متحضر (Uncivilized) ومعه نقود كثيرة لا يدري ماذا يفعل بها، ويضربون أهل الخليج مثالاً على هذا التخلف ويقولون بأنهم يستخدمون الجمال مع أنهم يمتلكون أحدث أنواع السيارات ولعل كتاب (Oil Sckieks) لصاحبته ليندا بلادفورد أوضح دليل على هذا الكلام.
سابعاً : المسلم متطرف جداً (What a Radical) ويضربون الحكومة في السودان شاهداً على كلامهم.
ثامناً : المسلم مولع بالنساء وكثرة الزوجات.
تاسعاً : المسلم شرير وجبان وقد ثبت جبنه في حروب العرب ضد إسرائيل، فبالرغم من أن إسرائيل واحدة والعرب كثيرون فقد هزمتهم في الحروب كلها، والسبب في ذلك هو جبن العرب!!؟
ولا يقتصر الاحتقار الغربي للصورة العربية على المجالات السياسية والاجتماعية والأدبية والثقافية لا، بل يتعداه إلى مجالات الغناء، ولنذكر على سبيل المثال أسطوانة فرقة (The Cure) التي وزعت في عام (1987) فقد كانت الاسطوانة التي تحمل عنوان (Standing on the Beach) تحتوي على أغنية رئيسية اسمها "قتل عربي" وأظن العنوان أوضح من أن يوضح!! وعدا عن الغناء فصورة التخلف والضعف تطارد العربي في كل مكان فها هو السيد (Rachid Kaci) ينشر كاريكاتيرا في مجلة (Middle East Report) في عددها الصادر بتاريخ (March-April 1990) يظهر الكاريكاتير صورة العربي راكباً على حمار يحلم بالسيارة وزوجته (المبرقعة) خلفه تسير حافية تحلم بحذاء؟! وأخيراً فها هي صحيفة (The Sunday Times) البريطانية تنشر عام 1987 كاركتير أظهرت فيه خنازير تحمل لافتات وتخرج في مظاهرة ضد الشرطة ويقول التعليق: حتى الخنازير تحتج على تسميتها عرباً!! تصوروا هذه هي صورة العربي في الدماغ الغربي المعاصر… نعم هذه هي