جميل ما اوردت اخي سائد...لطالما كنا مع اجراء تعديلات على قانون المسابقة
وان تنحى منحى موضوعي علمي قدر الامكان عبر التعديلات
لكننا لسنا ابدا ولن نرضى بأن تسفّه انجازات الاخرين أو أن يساء الى ابداعاتهم مهما كانت
بعيدا عن المسابقة .. أخ سائد أهوى كل ما تخط يداك من عقلانية .. وأحب أسلوبك في الطرح وما فيه من فائدة وأشكرك على الفائدة التي قدمت ..
أما بالنسبة للمسابقة وفي طرح الإخوان الذي طرحوه من حلول .. صدقا هي حلول لا أتصور أنها تجدي نفعا ليس تقليلا من شأنها ولكن للأسباب التالية :
فلو مثلا كان الهدف منها إلغاء ما سمي بالشللية عن طريق ارسال النص برسالة خاصة وعدم كتابة اسم الكاتب .. سيخرج علينا الخوارج بالقول أن كاتب النص سرب نصه لأصحابه وطلب منهم التصويت
أما بالنسبة للجنة تحكم في النصوص وتختار أجملها .. بتصوري ما من أحد منا يكتب ليفوز فلكل إنسان ذوقه الخاص به ونفس العملية ستتكرر وإن حكمت بماذا ستحكم ؟؟!! وإن كنا بهذا الصدد نسعى للأفضل فيفضل أن تكون هناك مسابقتان واحدة شعرية .. والأخرى نثرية ولتكن عندها معايير لا يستطيع أحد إنكارها بالحكم
بالنسبة للأعضاء .. كل منهم يختار ما يستهويه من نصوص .. ويفضل لو كان هناك طريقة للتصويت يتم فيها ذكر سبب التصويت للنص والحكم عليه ..
وأتمنى أن لا تضيع جهود الادارة والمراقبين .. لمجرد هفوات .. والسؤال الاستنكاري للاخ أحمد .. كيف بتشجعونا وبتكونوا أول المنسحبين ؟؟؟!! .. تقبلوا مروري
موضوع رائع ... أتمنى من الجميع الاستفادة منه
شخصياً قرأت جزء بسيط منه واستفدت في بعض الأمور التي كانت غائبة على ذهني ...
لي عودة مع هذا الموضوع الشيق والمهم ...
مشكور أخي سائد على هذا النقل المميز لموضوع هادف للغاية
في الدراسات البنيوية للنصوص يتم تغييب الكاتب، ويفترض الناقد موت المؤلف" أي أن الكاتب مات بعد كتابة النص" ويتم دراسة النص بعيدا عن السياقات الخارجية- الاجتماعية والسياسية - وغيرها، وتتم دراسة النص من خلال الجماليات البنائية فيه، وهذه تسمى دراسة فنية بنيوية، يبحث الناقد عن جماليات النص الادبي، ويفككه ثم يعيد بناءه من جديد، ولا يحكم على النص" انطباعيا" لأن الدراسة التأثرية الانطباعية لا تعطي النص حقه ولكنها تكون ردة فعل للمناسبة مثلا أو لتأثر القارئ أو الناقد بالحالة النفسية للكاتب ساعة كتابة النص او للعاطفة التي تعتري الناقد حين القراءة الأولية، وهذه الاحكام عادة لا تكون منصفة، ولا تعطي النص حقه ولا تقاربه مقاربة فنية ناقدة ولا تتحسس جمالياته المستترة والغائرة خلف الكلمات. لذا سأكون أول المشاركين الذين يرسلون النص " للمراقب الأدبي" من دون اسم ،مع بالغ الشكر لك اخي الحبيب.
في الدراسات البنيوية للنصوص يتم تغييب الكاتب، ويفترض الناقد موت المؤلف" أي أن الكاتب مات بعد كتابة النص" ويتم دراسة النص بعيدا عن السياقات الخارجية- الاجتماعية والسياسية - وغيرها، وتتم دراسة النص من خلال الجماليات البنائية فيه، وهذه تسمى دراسة فنية بنيوية، يبحث الناقد عن جماليات النص الادبي، ويفككه ثم يعيد بناءه من جديد، ولا يحكم على النص" انطباعيا" لأن الدراسة التأثرية الانطباعية لا تعطي النص حقه ولكنها تكون ردة فعل للمناسبة مثلا أو لتأثر القارئ أو الناقد بالحالة النفسية للكاتب ساعة كتابة النص او للعاطفة التي تعتري الناقد حين القراءة الأولية، وهذه الاحكام عادة لا تكون منصفة، ولا تعطي النص حقه ولا تقاربه مقاربة فنية ناقدة ولا تتحسس جمالياته المستترة والغائرة خلف الكلمات. لذا سأكون أول المشاركين الذين يرسلون النص " للمراقب الأدبي" من دون اسم ،مع بالغ الشكر لك اخي الحبيب.
أخي الحبيب ياسر ذيب ..لك كل التقدير والاحترام ..
وأخي ان شاء الله سيتم طرح المسابقة قريباً جداً ...ولكن أنا مع طرح القصيدة بالطريقة الاعتيادية ..لأنه من السهل السؤال عن صاحب القصيدة ...وما الذي يمنع صمت البشر من تبليغ الجميع أنه صاحب القصيدة الفلانية ...
باعتقادي ان الأخوة الأعضاء صاروا على دراية أكبر بأهداف المسابقة ... وكل انسان مسؤول عن صوته ...
المسابقة تشجيعية أهدافها خلق نوع من التنافس وبرأي كل مشارك هو فائز ...
شكراُ لك يا ابو محمد..
الصورة الفنية في الشعر .... منقول للفائدة - الصورة الفنية في الشعر .... منقول للفائدة - الصورة الفنية في الشعر .... منقول للفائدة - الصورة الفنية في الشعر .... منقول للفائدة - الصورة الفنية في الشعر .... منقول للفائدة
لشّعر: هو ديوان العرب، وسجلّ حياتهم، ومجلى تاريخهم وأحوالهم، وهو ملاذ المبدع العربيّ ومبعث آماله ومرآة أحواله، يبثه شكواه وأمانيه ويشاطره أفراحه وأتراحه.
والشّعر هو مادة خصبة تقوم على اللغة، كما يقوم الرقص على الحركة، والبناء على الكتلة، وتقوم الموسيقا على الصوت، وهكذا.....
كما أنّ الشّعر هو أحد أبرز الفنون الخالدة من فنون الأدب، وهو فن خالد بسبب عناصرَ كثيرةٍ ساهمت في هذا الخلود من براعة التصوير، و حسن الأسلوب، وتوظيف الخيال بشكل ملائم مع الحالة الإبداعية.
والصّورة الفنيّة في الشّعر هي عنصر رئيس من عناصر الشّعر العربي عامة والشّعر العربي الحديث خاصة. إذّ إنّ الشّعر العربي القديم لم يَحْفِلْ بالصّورة الفنيّة كما حَفِلَ بها الشّعر العربي الحديث.
فقد كانت الصّورة الفنيّة في الشّعر العربي القديم تأتي عفوَ الخاطر؛ أي لا يتقصّد الشاعر القديم مجيْئَها، في حين أنّ الشاعر العربي الحديث يأتي بها في أماكن محددة ويقصد بها مقاصد محددة أيضًا.
ولكن ما هي الصّورة الفنيّة؟؟؟؟
الصّورة الفنيّة: هي تصوير الشاعر للحالة الإبداعية تصويرًا فنيًّا مبرزًا فيه براعته الأسلوبيّة (اللغوية) وقوة ملكته (موهبته) الإبداعية لديه وهي الخيال، وكلما كانت صورته الإبداعيّة هذه بعيدة عن الحسيّة وأقرب إلى الخيال كانت أجمل وأشدَّ براعةً وجمالًا.
ولكن ما معنى هذا الكلام؟؟؟؟
سنأخذ مثالين عن الصّورة الفنيّة، الأول منهما عن الصّورة الفنيّة في الشّعر العربي القديم، والثاني منهما عن الصّورة الفنيّة في الشّعر العربي الحديث، لنتعرّف أكثر عن الصّورة الفنيّة وخصائصها.
المثال الأوّل:
الصّورة الفنيّة في الشّعر العربي القديم
يقول الشاعر الجاهلي الشهير (امرؤ القيس):
- كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلوا لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ
الشاعر -ها هنا- يتحدّث عن لحظة مشاهدته لقوافل محبوبته وهي تهمُّ بالرّحيل، فيُصوّرُ مشاعره النفسيّة في أثناء هذا الرّحيل.
معنى البيت: في ذلك الوقت (الغداة) وقت رحيل محبوبتي، وأنا واقفٌ بجانب أشجار (السَّمُر) أشاهد قوافلها وهي تهمُّ بالرّحيل، انهمرت الدّموع من عينيّ انهمارًا غزيرًا كأنني أشقُّ نبات الحنظل الذي يُدمِعُ العينان لشدّة مرارته.
هذا المشهد الذي يصوّره لنا الشاعر نسمّيه بالصّورة الفنيّة؛ أي هو يُصوّر المشهد الذي عاشه وعاينه وقت رحيل محبوبته تصويرًا فنيًّا عبر هذا البيت الشّعريّ.
- التّعليق على طريقة التّصوير الفنيّ:
قلنا إنّ الصّورة الفنيّة قد تكون حسيّة، ولكنّها كلما كانت أبعد عن الحسيّة وأقرب إلى الخيال كانت أشدّ تأثيرًا في المتلقي (مَن يقرأ الشّعر).
والحسيّة هي ما نستطيع الإحساس به من خلال حواسنا الخمس، كتذوقه، أو لمسه، أو شمّه، أو رؤيته، أو سمعه.
والشاعر في البيت السّابق كان يصوّر تصويرًا حسيًّا؛ لأنّ صورة الدموع المنهمرة هي صورة حسيّة مرئيّة موجودة في الواقع وبعيدة كلّ البعد عن الخيال.
ولكن هل هي صورة لا قيمة لها لبعدها عن الخيال؟؟؟؟
لا؛ ولأنّ الشاعر كان يأخذ تصويره من البيئة المحيطة به، فهو شاعر جاهلي، والعصر الجاهلي هو عصر بدائي وغير متطوّر، فالبيئة صحراوية، وهذه البيئة لا تحوي سوى النبات الصحراوي والحيوانات الصحراوية، والحنظل هو نبات صحراوي مرّ الطعم شديد النفاذ إذا قُطع.
وما فعله الشاعر هو أنّه استمدّ تصويره من البيئة المحيطة، ولكننا لا نستطيع أن نقول إنّه لم يُعْمِلْ خياله في هذا التّصوير، بل إنّه أعمل خياله وبشكل ملحوظ، فالشاعر فَكَّرمليًّا ورأى أن نبات الحنظل شديد النفاذ ويؤثّر تأثيرًا شديدًا في العينين، فأراد الشاعر أنْ يُبالغ في الحزن على رحيل محبوبته وابتعادها عنه ففكّر في ذرف الدّموع مليًّا عَلَّه يعبّر بذلك عن شدّة حبه وتعلقه بها.
من هنا جاء الخيال، ولكنّ هذا الخيال هو خيال لا يخرج عن نطاق الواقع، بيد أنّه تصوير بارع، ولكنّ البراعة لم تأتِ عن طريق الحسيّة وإنما جاءت عن طريق المبالغة في ذرف الدّموع.
الآن، نحن تناولنا بيتًا واحدًا من الشّعر العربي القديم، ولكنّ أغلب الشّعر العربي القديم كان التصوير فيه يميل إلى الحسية ولا يقترب من الخيال الحقّ وذلك بسبب البيئة الضّيقة التي عاش فيها.
ننتقل الآن إلى الشّعر العربي الحديث لنلاحظ اختلافًا واضحًا في التصوير وابتعادًا شبهَ كاملٍ عن الحسيّة، إذ يبدو الخيال هو سيّد التّصوير، وسنأخذ مثالًا آخرَ على الصّورة الفنيّة.
المثال الثّاني:
الصّورة الفنيّة في الشّعر العربي الحديث
يقول نزار قباني:
يُسمعني حينَ يُراقصني
كلماتٍ ليست كالكلمات
يأخذُني من تحتِ ذراعي
يزرعُني
في إحدى الغيمات
والمطرُ الأسودُ في عيني
يتساقطُ زخاتٍ زخات
الشاعر هاهنا يصوّر حفلة راقصة، إذ كان يراقص فيها امرأة ويتبادلان الكلمات والنظرات....
ولكن ما يجب الانتباه إليه هو أنّ المتكلّم في هذا الشّعر هي المرأة؛ أي إنّ الشاعر كتب هذا الشّعر على لسان هذه المرأة التي قد تكون محبوبته وقد تكون مجرّد راقصة رقص معها في تلك الحفلة.
هذا المقطع الشّعريّ الذي عرضناه يحوي صورتين فنيتين، وهما: (يزرعني في إحدى الغيمات) و (المطر الأسود في عيني يتساقط زخاتٍ زخات). وسنتكلم على الصّورة الثّانية فقط لأنها الأبرز والأجمل.
نلاحظ أنّ الشّاعر يصوّر نظرات الرّجل وهي تقع في عيني تلك المرأة المُحبة لا المحبوبة -كما يبدو- فيُصوّر تلك النّظرات على أنّها تنبعث من عينيه إلى عينيها كأنّها مطرٌ أسودُ يتساقطُ زخاتٍ زخات.
ولكن لماذا كانت النظرات مطرًا أسودَ ولم تكن مطرًا أبيضَ أو شفافًا على سبيل المثال؟؟؟؟
هذا يدلّنا على أنّ لون عيني هذا الرّجل هو (أسود) وبالتالي فإنّ النّظرة تحولت إلى قطرة، والقطرة تلوّنت بلون عينيه ثمّ انبعثت من عينيه على شكل زخّة مطر أسود.
نلاحظ في هذه الصّورة الفنيّة الخيال الشّعريّ المتوقّد لدى هذا الشّاعر الفذّ، كما أننا لم نشعر بالحسيّة بشكلٍ كبير ولو أنّه حوّل النظرات إلى مطر لأنه فاجأنا بقوله (المطر الأسود) فعندما لوّن المطر باللون الأسود ابتعد عن الواقع وأبحر في بحر الخيال؛ لأنّ الواقع يقرر أنّ المطر لا لون له، وبالتالي هو ابتعد عن الواقع ونزع إلى الخيال.
وهكذا نرى كيف أنّ الصّورة الفنيّة في المثال الثاني كانت أشدّ تأثيرًا من المثال الأوّل، فالشّعر العربي الحديث لجأ إلى الخيال في التّصوير ولكننا لا ننكر براعة الشّعر العربي القديم في التصوير الفنيّ فهو ولو كان يميل إلى الحسيّة إلا أنّه كان يعمد دائمًا إلى اللجوء إلى عناصرَ أخرى تُظهر قوّة القريحة الشّعريّة لدى هذا الشاعر الأصيل.
الصورة الفنية وأهميتها في الشعر
مفهوم الصورة الفنية
لكل فنٍّ من الفنون الجميلة وسيلة يَبْلغُ من خلالها غايته ، وهي التأثير في المتلقين ؛ والشعر من هذه الفنون الجميلة ، وهو كغيره من هذه الفنون له غاية جمالية : هي التأثير في المتلقين ، وهو يصل لهذه الغاية عن طريق اللغة ، فالشاعر يستخدم مفردات اللغة بطريقة خاصة بحيث تختلف عن الاستخدام العادي لها ، ويجعلها أكثر تأثيراً " فالشعر فن ينتهي إلى غايته الجمالية عن طريق اللغة . إنه عالم حي ، منفتح ، متعدد الألوان ، مفاجئ وسحري ، يصلنا بحقيقة حياتيّة أو جماليّة بواسطة اللغة الاستعارة ويولد فينا نتيجة هذا الاتصال نشوة غير عادية . إنه عالم الكلمة الجديدة ، البكر ، العذراء ، الرمز ، الإيقاع ، الصورة ".
ولهذه اللغة وسائلها الخاصة التي تُبلّغ من خلالها رسالة الشاعر في نصه ، ومن هذه الوسائل التي تستخدمها ( الصورة الفنية ) : " أحد(*) عمادي لغة الشعر ".
والصورة الفنية قديمة قِدم الشعر نفسه ، حيث لا يمكن أنْ نتصور شعراً يخلو من الصورة الفنية ، بل إن بعض الباحثين يرى أن الاستعارة هي لغة الإنسانية الأولى وأن الإنسان البدائي كان يفكر بالصور . وفي شعرنا العربي نجد الصورة ماثلة في الشعر الجاهلي أقدم شعر وصلنا باللغة العربية ؛ وما قُدّمَ امرؤ القيس بشبه إجماعٍ نقدي إلاّ لإجادته في التصوير وهذا ينطبق على الشعر العالمي كله في أيِّ مكان وزمان .
والصورة في الشعر الأصيل لا يؤتى بها للتزيين والزخرفة اللفظية وإنما هي شيءٌ أصيل تمليه الحالة النفسية للشاعر ، فالصورة الفنية هي الحامل الأمين لمشاعر الشاعر وتُرجمان نفسه الشاعرة ، فالشاعر يترجم أحاسيسه وعواطفه ، وينقل كوامن نفسه من خلال الصورة الفنية التي يبدعها في نصه الشعري ، فالشعر " من حيث هو ذو طبيعة حسية يخضع لنوعٍ من التنظيم أو التشكيل ، ويُبين عن شعور بلغ درجة الانفعال فحرّك الخيال الذي تأطّر في سلسلة من الصور "
فالصورة – إذاً – هي الناقل الأمين لأحاسيس الشاعر وعواطفه بحيث تتخذ هذه الأحاسيس والعواطف شكلاً فنيًّا بإمكانه أن يؤثر فينا ، ويجعلنا نشارك الشاعر فيما يعتمل في نفسه ، وإن كانت لا تطمح لنقل ذلك ، وإنما تكتفي برسم الملامح العامة لتجربة الشاعر النفسية ، والإيحاء بها ، فالشاعر"يقصد إلى تثبيت تجربة خاصة بوسائل التصوير والإيحاء ؛ والصياغة في الشعر مقصودة لذاتها لا يتم الإيحاء إلا بها"
ولننظر إلى قول شاعرنا العربي القديم - مع ملاحظة ما قيل في وصف شعرنا العربي القديم بالحسيّة - حتى نحس معه بمدى الخوف الذي يعانيه . يقول النابغة الذبياني معتذراً(*) من النعمان بن المنذر وكان قد توعده :
وعيدُ أبي قابوسَ في غيـرِ كُنهِهِ..... أتاني ودوني راكسٌ فالضواجـعُ
فبتُّ كأنِّـي ساورَتْنـي ضـئيلةٌ......... منَ الرُّقْشِ في أنيابِها السمُّ ناقـعُ
فالشاعر هنا محموم نالتْ منه أفعى من أخطر أنواع الأفاعي المعروفة في صحراء العرب ، فهو يعاني حمّى المسموم الذي ترتعد أوصاله ، ويشرف على الهلاك ، ويلزم الحذر ولا يفارقه ؛ وحيداً في ليله تنتابه المخاوف والظنون ولا يَجِدُ مَن يواسيه أو يخفف عنه آلامه ؛ ويستمر الشاعر في تصوير مظاهر الخوف والإشراف على الفناء وحتى عندما أراد أنْ يقسم أقسم بالإبل التي أضنتها الرحلة في الصحراء فأشرفت على الهلاك ، بل إن بعضها هلك قبل أنْ يدرك الحرم وينال فيه الأمن ، ولعله أراد أنْ يعبر برحلة الإبل عن رحلته هو في الحياة ؛ ولعل رحلة الإبل قد اتخذت رمزاً لرحلة الإنسان في هذه الحياة . فهل ينجو شاعرنا أم يهلك قبل أنْ ينال الأمن من صاحبه الذي يقول فيه :
فإنّك كالِليلِ الذي هو مُدْرِكي.... وإنْ خِلتُ أنَّ المُنْتَأَى عَنْكَ واسِعُ
وبالتدبر في هذا البيت يظهر فيه معنًى دقيق يتجلى في تشبيهه الملك الذي يستجدي عطفه ويأمل عفوه بالليل ، وما ينطوي عليه التشبيه من مظاهر الخوف مما يوجد تتبعاً مستفيضاً له في كتب البلاغة ؛ وما جاء الشاعر بهذا الوصف إلا لأنه أصدر أبياته هذه عن نفسٍ خائفةٍ مليئةٍ بالخوف من النعمان ، وهو بالتالي يرى الدنيا سوداء ، ولم يعد يرى منها إلا الليل ، ذلك الليل الذي يفرِّقه عن الأصحاب ويتركه نهباً للوساوس والهموم ، وهدفاً للخوف والحزن ؛ وهذا ما يجعل المتلقي يلمس دور النفس الشاعرة في بناء الصورة الفنية ، ومدى تأثيرها في الصياغة الفنية حيث تَصْـبُغُ الصورة بلون الشعور الذي تعيشه ، ولو كان الشاعر أصدر عن عقل وتدبُّر صورته هذه ما وجد لفظ ( الليل ) بها ، ولأحلَّ الشاعر محلَّه أيَّ شيءٍ آخر مما يُدرك الإنسان كالنهار مثلاً .
فالشاعر هنا في موقف الضعيف يستجدي عطف النعمان ويطلب رضاه حتى ينجو بنفسه مما توعّده به ، فكان من الأحرى به – لو نُظر بعين العقل للأبيات – ألاّ يصف الملك في سعة سلطانه وامتداد نفوذه بالليل ؛ وقد عِيبَ بقوله هذا من بعض المتأخرين ، ولكن الشاعر هنا أصدر عن شعور بالخوف والكراهية ونظر إلى الملك نظرةً لا مجال فيها للأمل والرجاء فجاءت صورته قاتمة بلون الليل .
وكثيرةٌ هي الأمثلة على هذا في الشعر العربي القديم وفي نقده – أيضاً – فكثيراً ما تلطّف النقاد في تأويل بعض الصور وحملها على أنها نتاجٌ نفسيٌّ يصطبغ بشعور الشاعر .
وهكذا يبرز دور الصورة الفنية في التعبير عن المشاعر والأحاسيس ، ونقلها نقلاً يؤثر في المتلقين ، ويجعلهم يُحسُّون مع الشاعر بالشعور الذي يعانيه أوان إبداع نصه الشعري .
ويمكن إجمال التعريفات الكثيرة للصورة الفنية في تعريفٍ واحد يجمع أشتاتها؛ فالصورة الفنية : ضربٌ من التعبير الأدبي يلجأ إليه الشاعر ليعبر من خلاله عما يجيش في نفسه من مشاعر وأحاسيس تجاه موقفٍ ما من مواقفه مع الحياة وأحداثها ، أو ليعبر عن فكرة ما تدور في ذهنه في برهة من الزمن عندما يشعر أن اللغة المعيارية تعجز عـن تأدية تلك المشاعر والأحاسيس أو الأفكار ليحدث فـي نفس المتلقي التأثير المرجو .
وهي لا تحدد المعالم ولا ترسم القسمات بدقّة لما تحاول أنْ تنقله من مشاعر وأفكار ، بل تكتفي بالتلميح والإيحاء ، " فالكلمات والعبارات في الشعر يقصد بها بعث صور إيحائية ، وفي هذه الصور يُعيد الشاعر إلى الكلمات قوة معانيها التصويرية الفطرية في اللغة .
فالشاعر يحاول رسم ملامح تجربته الخاصة بوسائل التصوير والإيحاء ليجعلها تؤثر في جمهوره بشكل أكبر ويجعلهم يشاركونه فيها ؛ والصورة بهذا المعنى هي الوسيلة المثلى التي يعبر من خلالها الأديب والشاعر– بخاصة – عما يجيش في نفسه
والصورة الفنية وليدة عدة عوامل تتداخل في تكوينها وتوجيهها وتقف النفس الشاعرة في مقدمة هذه العوامل بما تمتلكه من موهبة قادرة على تطويع مفردات اللغة ودمجها في نسق معين لتشكل منها صورة فنية ، ومادام الشاعر يستخدم اللغة في بناء صورته فإن امتلاكه لناصية هذه اللغة وقدرته على تطويع مفرداتها يعتبر من أهم العوامل المؤثرة في بناء صوره الفنية .
يُضاف إلى ذلك أن الشاعر لا يستطيع أن يغفل عما يحيط به من أشياء وما يجري حوله من أحداث فالشاعر – وهو ذو نفس مرهفة حساسة – يعيش في مجتمع يعج بالأحداث الخاصة بمجتمعه المحلي ، والعامة الكونية ، وتلتقط حواسه ما يحيط به في العالم من أشياء ، وهذه الأحداث والأشياء تنطبع في نفسه ، وكثيرٌ منها يسقط إلى منطقة اللاوعي حيث يبقى مختزناً هناك إلى أن يثيره في نفس الشاعر مثيرٌ ما ، فيستدعي من ذلك المخزون ما يتلاءم مع الحالة التي يريد التعبير عنها فينظُمه في سلك صوره الفنية ويتخذ منه اللبنات الأساسية التي يقيم عليها عمله الفني ؛ ومن هذا المنطلق فإن الشاعر لا يغفل عما يجري حوله من أحداث وما يحيط به من أشياء ، فهي من أقوى المؤثرات في نتاج الشاعر عامة وإن كان أثرها يبرز بشكل أوضح في الصورة الفنية فهذه الصورة تتخذ مادة تكوينها مما يحيط بالشاعر ويؤثر في نفسه فنجدها تعكس واقعه الاجتماعي والنفسي في آن معاً .
الشّعر: هو ديوان العرب، وسجلّ حياتهم، ومجلى تاريخهم وأحوالهم، وهو ملاذ المبدع العربيّ ومبعث آماله ومرآة أحواله، يبثه شكواه وأمانيه ويشاطره أفراحه وأتراحه.
والشّعر هو مادة خصبة تقوم على اللغة، كما يقوم الرقص على الحركة، والبناء على الكتلة، وتقوم الموسيقا على الصوت، وهكذا.....
كما أنّ الشّعر هو أحد أبرز الفنون الخالدة من فنون الأدب، وهو فن خالد بسبب عناصرَ كثيرةٍ ساهمت في هذا الخلود من براعة التصوير، و حسن الأسلوب، وتوظيف الخيال بشكل ملائم مع الحالة الإبداعية.
موضوع في غاية الفائدة يا سائد ...الله يجزيك الخير يا صوت العقل في هذا المنتدى ...
ان شاء الله سيتم دمج الموضوع مع المواضيع السابقة عن الأدب والشعر ..لعرضها في موضوع واحد ويثبت للقراءة والاستفادة
جميل ما اوردت اخي سائد...لطالما كنا مع اجراء تعديلات على قانون المسابقة
وان تنحى منحى موضوعي علمي قدر الامكان عبر التعديلات
لكننا لسنا ابدا ولن نرضى بأن تسفّه انجازات الاخرين أو أن يساء الى ابداعاتهم مهما كانت
تم دمج جل المواضيع التي تحدث بها المميز للغاية الغائب الحاضر في قلوبنا "سائد بني شمس " لتعم الفائدة...
فهي مشاركات تساعدنا في الية الحكم على النص الأدبي وكيف نستلذ الكتابات الأدبية بما فيها الشعرية و النثرية ..وما هية ان ننتقد نصاً أدبيا ...
تم دمج جل المواضيع التي تحدث بها المميز للغاية الغائب الحاضر في قلوبنا "سائد بني شمس " لتعم الفائدة...
فهي مشاركات تساعدنا في الية الحكم على النص الأدبي وكيف نستلذ الكتابات الأدبية بما فيها الشعرية و النثرية ..وما هية ان ننتقد نصاً أدبيا ...
في الواقع الموضوع اكثر من رائع و يستحق الوقوف طويلا عنده..
ولذلك اكتفي هنا بالشكر الجزيل للمشرف الفاضل على ما يقوم به من اجل الرقي بهذا المنتدى ومهما شكرناك فلن نوفيك اخي الفاضل..فانت دوما تبحث عن مكامن الابداع
دمتم بعز