الرياضة بين الإسلام وواقعنا المعاصر.. د.شرف القضاة
الرياضة بين الإسلام وواقعنا المعاصر.. د.شرف القضاة - الرياضة بين الإسلام وواقعنا المعاصر.. د.شرف القضاة - الرياضة بين الإسلام وواقعنا المعاصر.. د.شرف القضاة - الرياضة بين الإسلام وواقعنا المعاصر.. د.شرف القضاة - الرياضة بين الإسلام وواقعنا المعاصر.. د.شرف القضاة
الرياضة بين الإسلام وواقعنا المعاصر.. د.شرف القضاة
التاريخ:12/12/2010 - الوقت: 6:49م
ساءنا جميعا ما حدث يوم الجمعة 10/12/2010م بعد مباراة فريقي الفيصلي والوحدات، ولا شك أنها نقطة سوداء في تاريخ الرياضة الأردنية، بل في تاريخ هذا الوطن الذي نعشقه، بل نتعبد الله بالمحافظة عليه سليما قويا متماسكا، وقد رأيت أن من واجبي الشرعي أن أذكِّر ببعض المعاني في هذا المقام، وأن تتلوها مقالات أخرى إن شاء الله عن الإخوة بمعناها الإسلامي السامق المتميز.. أنزل الله الدين الإسلامي ليرتقي بالإنسان بكل كيانه، وبكل جوانب حياته المعنوية والمادية، ومن هذه المجالات المجال الرياضي.. حث الإسلام على امتلاك القوة بكل مجالاتها ومنها قوة الجسم قال تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} وقال صلى الله عليه وسلم مؤكدا على أهمية القوة بمعانيها المتعددة ومنها قوة الجسم (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ).\
3. أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الرياضات كالرمي، فقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا) وقال صلى الله عليه وسلم (أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ).
4. شارك صلى الله عليه وسلم ببعض المسابقات الرياضية كسباق الإبل، فقد (كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةٌ تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ لَا تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ فَسَبَقَهَا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى عَرَفَهُ فَقَالَ: حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ) فانظر كيف شق ذلك على بعض الصحابة، وانظر كيف تقبل النبي صلى الله عليه أن يسبقه أعرابي، ولم يغضب، ولم يحرض المسلمين عليه، إنها الروح الرياضية الحقيقية، وليس شعارات نضحك بها على أنفسنا وعلى الناس.
5. كما شارك في رياضة المصارعة، فقد روي (أن يزيد بن رُكانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم، فصرعه النبيُ صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، كل مرة على مائة من الغنم، فلما كان في الثالثة قال: يا محمد ما وضع ظهري إلى الأرض أحد قبلك، وما كان أحد أبغض إلي منك، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقام عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد عليه غنمه).
6. وقد كانت تجري المسابقات الرياضية تحت رعاية النبي صلى الله عليه وسلم وإشرافه، أحيانا في المسجد، كحادثة لعب الأحباش بالسلاح، كما في الصحيحين، وأحيانا خارج المدينة، وأشرف على مسابقات الخيول، وقسم الخيول إلى فئتين، لكل فئة مسافة معينة، وكانوا إذا حضرت الصلاة يتوقفون ويقيمون الصلاة، وقد أقيم في المكان الذي كانوا يصلون فيه مسجد، لا زال حتى الآن موجودا في المدينة المنورة، ويسمى "مسجد السَّبْق" أي المسابقات، يعني مسجد المدينة الرياضية، فلماذا خلت كثير من مبانينا الرياضية من المساجد؟!!!.
7. ولكن يلاحظ على الرياضات التي يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم أو يشارك فيها أو يشرف عليها ويقرها أنها جميعا من باب رفع اللياقة البدنية، وإتقان المهارات اللازمة استعدادا للجهاد، كالرمي وسباق الإبل والخيل، والجري والمصارعة، فهي إذن رياضة هادفة، ذات أهداف نبيلة هامة، مرتبطة ارتباطا وثيقا بكرامة الأمة وقوتها وعزتها، والجهاد في سبيل رفع راية الإسلام والأمة الإسلامية.
8. وأما الرياضة في عصرنا فأغلبها يلاحظ عليها ما يلي:
- أنها رياضة غير هادفة، بل قد تكون ذات أهداف سيئة، كأن يكون الهدف منها إلهاء الشعوب عن المطالبة بحقوقهم، كحقهم في الحريات العامة المشروعة، وحقهن في الانتخابات النزيهة، وحقهم في تحرير مقدساتهم وبلادهم المغتصبة، وحقهم في حياة كريمة، وقد صرحت برتوكولات حكماء صهيون التي ينكرها الصهاينة، ولكن كل المؤشرات والدلائل تدل على صحتها، وأهمها أن الذي تم منذ ما يزيد عن قرن من الزمن حتى الآن مطابق إلى حد كبير ما ذكر فيها، ولا يمكن أن يكون ذلك بمحض الصدفة، صرحت بضرورة استخدام الرياضة في إلهاء الشعوب عما سيفعله اليهود في بلادنا.
- أنها رياضة تستهدف الإفساد الأخلاقي تحت شعار الرياضة، فهي تشجع العري، كما في السباحة، والجمباز، والمصارعة، وغيرها، فالرياضة القادمة من الغرب لا تعرف قيم الحرام ولا العيب ولا ستر العورة، بينما الرياضة القادمة من الدول الشرقية تراعي ذلك، كما في التايكوندو والكراتيه وما شاكلها، ويجب على الأمة الإسلامية حينما تستورد رياضة معينة أن تُعَدِّل على ملابسها بما ينسجم مع الأحكام الشرعية، بل والعادات المحلية.
- كما أنها تستهدف الإفساد من خلال جعل التدريبات والمباريات في نهار رمضان، أو وقت صلاة الجمعة، وهذا في الدول الغربية غالبا غير مقصود، ولكنه حينما يكون في دول إسلامية فهو إما بقصد إبعاد الرياضيين عن الدين، أو هو نوع من التقليد الأعمى لغير المسلمين.
- أنها تثير النعرات الإقليمية والقبلية والعنصرية، ولا تزيد الترابط والتقارب بين الشعوب كما يروَّج لها، وليس أدل على ذلك مما يسمى شغب الملاعب، الذي يصل الأمر فيه إلى حد القتل بالأسلحة النارية أحيانا، كما حدث مرارا كثيرة، منها ما قام به الجمهور البريطاني الذي عوقب بحرمانه من الحضور لسنوات على ما يقوم به من شغب، وأما في الأردن مثلا فإن التعصب الإقليمي في الرياضة واضح جدا، وكم من مرة كسرت فيها المدرجات، وضرب فيها اللاعبون، فالدين يربي على الإخوة في الله، وواقع الرياضة في بلادنا يربي على الإقليميات التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها (دعوى الجاهلية) وبأنها (منتنة) وفي رواية (فإنها خبيثة) فما بعض الناس يحبون النتن والخبث؟!!!.
- أنها تستنزف كثيرا من الأموال والطاقات على حساب أمور أكثر أهمية منها، فلا بد من تطبيق سلم واضح للأولويات في إنفاق الدول على المجالات المختلفة، وفي المجالات التي تسخر فيها طاقات الشباب.
- وبعد؛ فإن مسؤولية ما حدث تقع على جهات متعددة، ويجب على كل هذه الجهات أن تعالج الأمر قبل أن يستفحل أكثر مما استفحل وأهم هذه الجهات:
- الأسرة الصغيرة، وهي التي في كثير من الأحيان تغرس النزعة الإقليمية في النفوس منذ الطفولة المبكرة، فلنتق الله في تربية أولادنا، ولنربهم على {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
- المساجد، وهي المؤسسات الوحيدة التي لا سبيل فيها إلى الإقليمية، وذلك بفضل الإسلام العظيم، ولكنها لا تقوم بدورها العظيم هذا كما ينبغي لأن أكثر خطبائها غير مؤهلين، ولأن كثيرا من الخطباء المؤثرين ممنوعون من الخطابة، دون أن تدرك الجهات التي تمنعهم خطورة ذلك على الوطن وأمنه الحقيقي.
- العشائر، وإن لها دورا كبيرا في ذلك أيضا، وتستطيع أن تقوم بخطوات إيجابية كبيرة، وإن فيها من العقلاء من يستطيع يقوم بدور كبير في هذا المجال، كالدور الذي تقوم به في مجال الصلح بين الفرقاء، فليكن دورها قبل أن تقع المصائب لا بعد ذلك فقط، وهم الذين يرددون قول القائل مفتخرا بوالده (والدي كان يجبرها قبل أن تنكسر).
- المدارس والجامعات، من خلال المعلمين والمعلمات الذين يتقون الله تعالى ويدركون دورهم الوطني، ويعون خطورة الإقليمية البغيضة على الوطن بل وعلى الأمة كلها.
- النوادي، ودورها كبير أيضا في هذا المقام كما لا يخفى على أحد، فعليها أن تحافظ على رسالتها الثقافية الاجتماعية الرياضية، وعليها أن تراجع مسيرتها، وأن تعالج الخلل، وأن لا تنساق وراء بعض أصحاب النفوس المريضة من الإقليميين.
- الحكومات المتعاقبة، ولا شك أنها صاحبة المسؤولية الكبرى، فقد غضت الطرف كثيرا عن هذه الأحداث على خطورتها على النسيج الاجتماعي للأردنيين، الذين ضربوا أروع الأمثال في التآخي، وأعادوا إلى الواقع العملي صورة المهاجرين والأنصار كما لم يحدث من قبل إلا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وما كان لهذه الحكومات المتعاقبة أن تغض الطرف، حتى إن المواطن تعود على أن يسمع شيئا ويرى شيئا آخر، حتى شاعت بينهم النكتة التي تقول (أريد طبيب أذن وعيون، فقيل للسائل لماذا؟ قال: لأنني أسمع شيئا وأرى شيئا آخر) نعم لقد آن الأوان لمعالجة جادة لذلك، على سبيل المثال كما تتعامل الحكومات مع المعارضة، وإلا فإنها تكون ممن يشجع عمليا على الفتنة الإقليمية من حيث تقصد أو لا.
علينا جميعا أن ندرك خطورة ما يحدث، وأنه يصب في مصلحة العدو الصهيوني وأعداء الأمة، وأن نتقي الله في أنفسنا وأبنائنا ووطننا وأمتنا.
اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد