هذا عنوان ديوان للشاعر الفيلسوف المعرّاوي، الكفيف العفيف النفس، شاعر المعرة، تلك المدينة التي نالت من نظام الأسد، نظام البعث كما يدّعون، وما هو إلا النظام الطائفي الإجرامي المدعوم من الغرب، أقول نالت منه أي من هذا النظام من القصف والتدمير نصيباً وافراً وافياً. ولو كان المعري في المعرة ونظام «المعرة» والعار يقصف بالنار والراجمات والطائرات والدبابات لخصص لبشار ديواناً خاصاً وسماه «إكليل العار على رأس بشار».
في هذا الديوان سقط الزند، وقد طبع في بيروت سنة 1400هـ/1980م، وجاء في 343 صفحة، أقول جاء في أوله القصيدة المشهورة الدالية:
غير مجد في ملتي واعتقادي
نوح باك ولا ترنم شاد
رب لحدٍ قد صار لحداً مراراً
ضاحكٍ من تزاحم الأضداد
وفيه قصيدة بعنوان: من يشتريها، وفيها:
«من يشتريها وهي قضاء الذيل»
فقلت كأنه عنى المعنى في القضاء المصري.
ومن عيون أبياته:
ومن شهد الوغى وعليه
درع تلقاها بنفس مطمئنة
ولعله يقصد أن من شهد الوغى في مقارعة هؤلاء المبطلين الفاسدين المفسدين وكان متمترساً بالشعب متدرعاً بالحق والعدل والشرع والدستور والقانون، تلقى طعنات الخصوم بنفس مطمئنة، واثقة بالنصر متأكدة من طيب النتائج!
ومن أبياته في قصيدة بعنوان: يا دهر يا منجز إيعاده:
أحسن بالواجد من وجده
صبر يعيد النار في زَنْدِه
ومعنى البيت أولاً ثم معناه الإشاري ثانياً، أما المعنى كما هو في اللغة فهو يقول: أحسن وأليق بالحزين (الواجد) أي حامل الوجد من وجده أي من مشاعره الحرى وأحزانه، أحسن من ذلك أن يصبر فهذا الصبر يعيد جذوة النار في زنده أي هذا الصابر، كأن الصبر يعيد له طاقته وقوته، فبعد أن انطفأت جذوته تعود إليه بالصبر، هكذا أفهم البيت، ويمكن أن نضيف فهماً ثانوياً آخر وهو أن الصبر يدفع عنك النار ويعيدها إلى مكمنها.
أما المعنى الإشاري فهو أن صبر مرسي والقيادة معه في مصر تعيد الزند إلى وكره وجحره وناره إلى حجره، ومكره إلى نحره.
وهذا الصبر أحسن من التسرع بالتصادم معه فمن ورائه عصبة في الشر (ردي) أي جاهزة.
ومن أبيات القصيدة ذاتها:
أرى ذوي الفضل وأضدادهم يجمعهم سيلك في مده
والمعنى اللغوي للبيت: هو يخاطب الدهر فيقول إن سيلك أيها الدهر إذ يسيل ويمتد يجمع في طياته ذوي الفضل وأضدادهم.
وأما المعنى فوق اللغوي والحمولة الثانوية الإشارية فهي أن القضاء يجمع الغث والسمين والمخلص والدعي الزنيم والسمح واللئيم وقضاة العمالة والرش،ا ومن هو مثل محمود مكي على طريق مستقيم، دنيا فيها العجايب، وقضاء وفيه المصايب.
وفي خواتيم القصيدة يقول:
سلم إلى الله، فكل الذي ساءك، أو سرك، من عنده
وهو واضح.
وفي قصيدة باسم: «اسم الأمير..» قال:
ومن صحب الليالي علمته خداع «الزند»، والقيل المحالا
وهو كذلك واضح، وقوله: والقيل المحالا: عطف على خداع.. ومعناه: إما القول الكذب لأنه محال وجوده، أو القول المتلون المتحول الذي ظاهره شيء وباطنه شيء كأقوال الزند وجماعته عن العدل والقضاء والنزاهة وحب مصر ومصلحة مصر، وما لهم في ذلك ولا من ذلك لا قليل ولا كثير.
وفي صفحة 60 يقول: «دع االقضاء لقوم يعدلون به».
وفي صفحة 62 قال:
والزند ما لم تفد نفعاً إقامت غيم حمى الشمس لم يمطر ولم يسِرِ
وكأنه أي المعري يتحدث عن الأضغان التي يكنها الزند لأهل الإسلام، وللرئيس مرسي على الخصوص فيقول صفحة 66:
ومضطغن عليك وليس يجدي ولا يعدي على الشمس اضطغان
ومعنى الشطر الثاني: وهل ينفع الحاقد على الشمس حقده؟
ويترك المعري مصر والزند مؤقتاً ويحن إلى بلاد الشام والمعرة وحلب فيقول:
حلبٌ للولي، جنة عدن وهي، للغادرين، نارُ سعيرِ
ثم يعود من حلب إلى مصر ويتكلم عن مجموعة القضاة التابعين للفلول والمؤتمرين بأمر المتآمرين المتأمركين فيقول:
يطيعون أمراً من غوي كأنه على الدهر، شيطان يجور ويعتدي
وهذه من قصيدته: «أنور» السادات صفحة 89 والبيت صفحة 93 ويخاطبه فيقول:
يا ابن «نادي القضاة» بمصرٍ ومغيظ الشعوب من عربان
وفيه يقول:
هو الزند مجته النفوس مرارة وقد فغرت أفواهها لالتهامه
ويقول في تغول القضاء الفاسد ودكتاتوريته وتبعيته للفلول واستئساده على الرئيس مرسي ابن الأصول، يقول:
لقد آن أن يثني القضاء لجام وأن يملك الصعب الأبي زمام
ثم يتحدث عن استعانة البرادعي بأمريكا وأوربا، ويتحدث عن استنجاد عكاشة صاحب «قناة مجارير الفراعين» بإسرائيل واستنهاضه إياها لتخلص مصر من مرسي، فيقول:
أيوعدنا بالروم ناس، وإنما هم النبت، والبيض الرقاق سوام
شبه الشاعر المعري المهددين وأعوانهم والمستنجدين وسادتهم بالنبات وشبه سيوف قومه المصريين الأشاوس الكُماة بالإبل التي ترعى ذاك النبات.
ثم يقول ناصحاً أمثال البرادعي والحمدين وأبو العمرين، أن لا تغتروا بالدعم اللامحدود لكم من يهود وبعض بني جلدتنا من كل حاقد لدود، فما تدوم لكم ولا لهم، ولا مال النفط الذي يضخونه لتخريب مصر باق ولا السلطان لهم باق، وغداً كلهم باك إن شاء الله، يقول:
وما الدهر إلا دولة ثم صولة وما العيش إلا صحة وسقام
ولو دامت الدولات كانوا، كغيرهم رعايا، ولكن ما لهن دوام
فلما تجلى الأمر قالوا تمنِّياً ألا ليت أنا في التراب رمام
ويقول صفحة 112 بالنص تماماً:
إذا ضن زند بالشخت كفه ليقبس من بعض الكوكب ناراً
والشخت هو الدقيق من الحطب، يعني الكسر من الحطب. يقول: إذا بخل «زند» على المستوقد بقليل الحطب ودقيقه، فإن الشخص المعني يمد يده إلى بعض الكواكب ليقبس النار بدل نار الزند، أطفأ الله ناره.
وفي القصيدة يتحدث عن قضاة مصر من جماعة الزند وعبد المجيد وتهاني، فيقول:
كأن قضاة القُطر لم ترض عِزَّه فأصْعَدَ يبغي في البلاد دماراً
يقول كأن قضاة القطر المصري من جماعة الزند لا تريد نهضته أي القطر وعزه، فأصعد أي مشى في البلاد حتى الصعيد يريد الخراب فيها ليعود عهد الغراب المسمى «باراك المنوفي»!
وفاتحة القصيدة معبرة وهي بعنوان: «ملمّات الزمان»:
عظيم، لعمري، أن يلم عظيم «بأهل مصرٍ»، والأنام سليم
يقول ويقسم إنه لعظيم أن يلم الأمر العظيم، وأقول أن يلم هذا العظيم بأهل مصر على يد من يفترض أن يكونوا الميزان فيها لا أن يكونوا من يخسر الميزان، هذا الأمر العظيم يلم بأهل مصر وباقي الناس في عافية ووضعهم سليم، علماً بأن الأمور كلها في غير السليم.
ورحمك الله يا أبا العلاء كأنك كنت تقرأ الغيب وأنت تكتب ديوانك سقط الزند، وكأنك قرأت أننا سنبتلى بقضاء فاسد وقضاة حُماةٍ للّصوص معطّلةٍ للقانون، وأنه لا تقوم قائمة إلا بسقوط «الزند» وأعوان الزند وأشباه الزند فكان ديوانك: سقط الزند!
يعني بعدين معك يا مصعب هيك أنا وياك شعتلنا مواضيع الدكتور نوفل في الاسلامي والفلسطيني والعام والأدبي لا أدري هل نبقى على هذا المنوال أم نعمل لمواضيعه زاوية خاصة أو عنوان دائم متجدد
بوركت يا حب
يعني بعدين معك يا مصعب هيك أنا وياك شعتلنا مواضيع الدكتور نوفل في الاسلامي والفلسطيني والعام والأدبي لا أدري هل نبقى على هذا المنوال أم نعمل لمواضيعه زاوية خاصة أو عنوان دائم متجدد
بوركت يا حب
ههههه والمرة الجاي راح تصل منتدى الجماهير كمان..
أحب نشر مواضيعه في الإسلامي ومقالاته في المنتدى العام
ليقرأها بعض الزوار المتابعين لها بشكل جيد بصراحة
بصراحة أود أن أعتذر إليك لأني أعرف أنك أنت المختص بنقل مواضيع الدكتور
لكن لا أقاوم نفسي من عدم نقل المقال حينما أقرأه وأقوم بنقله للفائدة
إلي بتشوفه مناسب إقترحه يا أخي يحيى وأنا سأوافقك عليه وسنعمل به إن شاء الله
إن كنت تود أن تنقل جميع مقالاته في القسم المخصص بالمنتدى فواصل ذلك وأنا سأبقى أتابعها إن شاء الله
ما أجمل كلمة قالها الفاروق عليه الرضوان: «الشعر ديوان العرب» وهو والله كما قال. فكم فيه من الكنوز والصور الجميلة، والبيان الذي قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إن من البيان لسحراً».
والعجيب أنك تجد موافقات ومطابقات مع الواقع فكأنما قيلت فيه وله. وفي وقت سابق كنت رجعت إلى ديوان «ابن المعتز» فرأيته كأنما يكتب عن بشار الأسد وما يجري في سوريا فكتبت خمس حلقات عن «الأسد المهتز في شعر ابن المعتز».
واليوم طلع لنا في مصر قاضٍ على القضاء اسمه الزند يريد أن يقاضي نظام بلده إلى القضاء الدولي إن لم يردعه القضاء المحلي. هذا الزند نفسه كان زنداً لمبارك ويداً وعضداً وسنداً ويداً وساعداً ورجلاً وذراعاً ضاربة باسم القانون ولم نسمع له ركزاً ولا همساً ولا صوتاً ولا نعيباً ولا نهيقاً.. طيلة ثلث قرن هي حكم مبارك. وملأ هذا الزند الدنيا ضجيجاً على حاكم منتخب لم يتسلم سلطته منذ ثلاثة أشهر. وشراك نعل هذا أطهر من رأس ذاك. فما سر الردح هنا، والصمت الرهيب هناك؟ قلت في نفسي دعني أستعين بعد الله على الزند بأبي العلاء المعري صاحب الموهبة والعبقرية العصماء، وأرى ماذا كتب عن الزند في ديوانه العظيم: «سقط الزند»؟
وتعجب قارئي العزيز إذا قلت لك إنه كأنه مفصّل على مقاسه، بل إن المعري يحدده لنا بالحرف، وقد تستغربون، فاقرأ يا سيدي، ومهمتي بالمناسبة ليست أكثر من رتوش أقل من طفيفة. أو ككاتب سيناريو –سيناريست يعني- لقصة مع المحافظة على أحداثها بالتمام والكمال، استمع إلى المعري يحدد صاحبنا بالحرف وذلك صفحة 177 من قصيدة بعنوان: «ما قسطوا إلا على المال» يقول:
وحرف كنون بعد زاي، ولم يكن بدال، يوم الرَّسم، غيّره النقط.
وتأمل ما يقول المعري عن مؤامرة الزند مع فرقته الموسيقية من الخونة وأنها مؤامرة مدبرة بليل يقول:
جِنٌّ، إذا الليل ألقى ستره برزوا وخفّضوا الصوت، كيما يرفعوا الصيتا
وبالعربي، هو يقول: هؤلاء القضاة الفاسدون المتآمرون ذيل رأس الفتنة «باراك مبارك» هم كالجن مختفون يظهرون في الليل كشأن الفتن التي لا تحاك إلا بالليل كما تقول العرب: «هذا أمر دبر بليل»
فإذا أرخى الليل سدوله وستروه برزوا كالفتنة نفسها، وغضوا أصواتهم وخفّضوها أي الأصوات حتى يكون لهم صيت وسمعة وشهرة! فهم الذين يعزلون مجلساً منتخباً من 32 مليون شخص، ويريدون أن يخلعوا حتى الرئيس خلع الله رؤوسهم العفنة، فهم رأس الفتنة.
ولكن هؤلاء المتآمرون هل لهم معاونون؟ نعم إنها أمريكا والغرب والروم الجدد. واسمع واعجب من أبي العلاء يأتيك بالخبر اليقين:
والروم ساكنة الأطراف، جاعلة سهامها، لوقود الحرب كبريتا
هذا الزند المتمرد على الرئيس المنتخب، والمحبوب من الشعب، يستعين على رئيسه أي الزند يستعين بالغرب، ويعصي عميد الأمة وأملها المرتجى، والأنعام النافرة والمستنفرة كأنها الحمر المستنفرة التي «فرّت من قسورة» لا ترتدع ولا ترعوي ولا تنتهي من مؤامرتها، ولنترك كلامنا نحن ونرجع إلى المرجع أبي العلاء وديوانه المعتبر المفتخر: سقط الزند، يقول:
فقل لمن يغتال تِرب العلا التُّرب خير لك لو تعلم
قل لمن يريد اغتيال ترب المعالي أي قرين المعالي فإن الترب خير لك لو كنت تعلم. ونواصل:
ما أنت في عدة من يُتقى بل أنت في عدة من يُرحم
يقول للزند: لست في عداد من يتقى خطره وضرره بل أنت في عداد العجزة الذين يرحمون ويترفق بهم لعجزهم ومسكنتهم وإن لبسوا أثواب القوة وتمظهروا بها، ثم يصفه مع مجموعته بالأنعام، يقول:
والقوم كالأنعام إن عوتبوا تسمع ما قيل، ولا تفهم
ونختم أبياته في هذا المعنى بكلامه عن عصيان الزند وأشباهه وأشياعه وأتباعه عصيانهم عميد الأمة رئيس الشعب:
يعصي عميد الأمة المرتجى مَن بين عينيه له مِيسم
يقصد سيماهم في وجوههم من أثر السجود.
ويقول المعري صفحة 163 كأنه يصور أمر أمريكا له بالفوضى الخلاقة، يقول: «دع القطر فوضى» عجيب هذا المعري!
وننتقل إلى قصيدة أخرى من ديوان المعري يصف الزند ببهيمة أو فرس مربوطة في «مرس» أي حبل، يمنعها قِصَرُ العِنان، من الوصول إلى القضاء الحقيقي، والحكم بالعدل. وإنما «قصر العنان» من اتّباع الهوى والخضوع لأوامر الأسياد في الخارج فهو أي الزند عبد مقيد قصير الباع في الخير يمنعه من اللحاق بالأوائل الكرام من نماذج القضاء العليا ارتباطاته التي تربطه وتغله وتقيده وتمنعه، واستمع إلى العبقري المعري:
ويصدُّها قِصر العنان، فما لها يوم الرهان، إلى القضاء، وصول
والعيس أقتل ما يكون لها الصدى والماء، فوق ظهورها، محمول
ما أجمل كلماتك يا عمنا المعري.. فهذا الذي يفترض فيه أن يحمل القانون فوق ظهره، ولكنه بدل ذلك صار كالحمار الذي يحمل أسفاراً. والعجب أن العطش يقتله والعدل من المفترض أنه محمول على ظهره. وهو الذي امتطى ظهر القانون وتسلق على المنصب وتشعبط بغير زنده وغير حقه.. وهذا الزند مثله كمثل من طار وارتفع ثم وقع، وهو الأخير في سلك القضاء من هذا الطراز الفاسد، فهو كآخر الشهر العربي لا قمر فيه ولا نور، استمع إلى عمنا المعري، كساه الله، مقابل ما عرى الزند إذ قال:
أخِيرٌ حاد عن طرق الأوالي فحار وآخر الشهر السرار
ولن يُحوى الثناء بغير جود وهل تُجنى من اليبس الثمار
فكما أن السرار آخر الشهر لا قمر فيه فالعود اليابس عار عن الثمار والزند عار عن العدل عار عليه. وكم توقفت متعجباً عند هذا البيت المفصل تفصيلاً للزند لم أجر عليه أي «تقييف» أو تكييف أو تحريف:
وزند عاطل يحظى بمدح ويحرمه الذي فيه السوار
ما أعجب الموافقات! الزند ينادي مجموعة المشبوهين بالدفاع عن قراراته وتحصين قراراته ولا تستطيع الرئاسة أن تحصّن قراراتها، فيحرم المحترم من المدح والزند العاطل يلقى المدح، وعجبي! عجبي مرات من الموافقات والمطابقات والمقابسات والمقايسات والمصادقات لا المصادفات!
ونواصل مع «الزند العاطل» في «سقط الزند» وأن طالب العدل لن يجده عنده فلا يطلبن الشيء في غير محله، اسمع واعجب من المعري:
لا يطلبنّ قضاءَه متظلّم فالعدل ممتنع على طلابه
والزند يجني المرّ من حكْم القضا فيصير سمّاً في طريق خِطابه
والزند ما عكفت عليه قضاتُه إلا لما علمته من «إرطابه»
إرطابه أي ما يجود عليهم من الرُّطب والمنافع والعوائد هو الذي جمّعهم عليه! ارجع إلى صفحة 125-127 ونظل مع «الزند العاطل» كما يصفه المعري، إذ يقول فيه وفي أضرابه:
فيكم غداتئد قضاء جائر في القطر، أعظم من قضاء عادل
جهل بمثلك أن يزور بلادنا يختال بين أساور وخلاخل
أوما رأيت أن الليل يلقي شُهْبَه حتى يجاوزها بِحُلّةِ عاطل
يخاطب هؤلاء المشبوهين من قضاة السوء بقوله: القضاء الجائر فيكم وعندكم في هذا القطر المنكوب بكم أعظم من القضاء العادل.
وجهل بمثلك أن تزور البلاد زيارة فكيف أن تكون القاضي على القضاء فيها؟
وليس لك في مصر المحروسة أن تختال وتشمر عن زنودك.. فأنت عاطل عن كل خير وبركة وفضيلة. كالليل إذ يلقي شهبه فما أن يلقي ما في جعبته من الشهب يجاوز «بحلة عاطل» أي أنهى ما عنده فما فيه قبس ولا في سراجه قطرة زيت من عدل كالليل الذي لا نور فيه!
ويقول المعري للزند في سقط الزند:
لا وضع للزند، إلا بعد إيضاع فكيف شاهدت إمضائي وإزماعي
يخاطب المعري هذا الزند المتعري من العدل والفضل: لا وضع لك، ولا مكان ولا مكانة إلا بعد اتضاعك أي «وضعك» بمعنى تقليمك وتقليصك وتخليصك من انتفاشك وتغطرسك وتلبسك بغير أثوابك فكيف رأيت خطابي لك أيها الزند في ديواني سقط الزند؟
ونجيبك يا عمنا أبا العلاء بأنك كفّيت ووفّيت وجزاك الله عنا وعن القطر المصري خير جزاء. أما الزند فلن يجيبك فقد ألقمته حجراً بل صخراً!
ثم يخاطبه ويخاطب مرسي: إن مثلك أيها الرئيس لن يقف له ألف ألف زند فيقول:
ولو أنه أضعاف أضعاف مثله من الزند، لم يثبت له، في نداك، اسم
ويقول للزند إن مرسي لم يلفظك ويلفظ أمثالك لضيقه بالعدل والقضاء ولكن لفسادكم:
ولم يلفظك حضرته لزهد ولكن ضاق عن زند وجار
والوجار: المكان. وفي نهاية هذا المقال يقول المعري للزند، اقتربت ساعتك، يقول صفحة 162 «وغاية كل شيء أن يزولا».
سامحك الله أخي الحبيب مصعب تعتذر مني لنقلك مواضيع الدكتور نوفل !!!!!
كم أكون مسرورا لمن يهتم بنشر فكر هذا الرجل الذي قلما يجود الزمان بمثله بارك الله لنا في عمره وفي جهده وجهاده
بكل الحب أتمنى أن تستمر في نقلك لمواضيع الدكتور نوفل وبالطريقة التي تريحك وتراها مناسبة بارك الله فيك
سامحك الله أخي الحبيب مصعب تعتذر مني لنقلك مواضيع الدكتور نوفل !!!!!
كم أكون مسرورا لمن يهتم بنشر فكر هذا الرجل الذي قلما يجود الزمان بمثله بارك الله لنا في عمره وفي جهده وجهاده
بكل الحب أتمنى أن تستمر في نقلك لمواضيع الدكتور نوفل وبالطريقة التي تريحك وتراها مناسبة بارك الله فيك
بارك الله فيك أخي يحيى المتواضع الحبيب الكبير بأخلاقك وبكلماتك الطيبة
وبارك الله لنا بعمر الشيخ أحمد نوفل وجزاه عنّا خير الجزاء
الأدب والفن من أعظم ما أبدع الإنسان، والفنانون يلونون العالم، والشعراء يصورون بكاميرا الفيديو التي يحملونها بشكل دائم يصورون ويلتقطون لنا أجمل الصور. ولعل أعظم إساءة للشعر والفن بعض النماذج البئيسة التي زعمت أنها الفن، وأنها تمثل روح الفن والإبداع، وما عرفوا من الفن والإبداع إلا التطاول على القيم. مع أن أعظم رسالات الفن أن يعظم القيم وشأنها، ويعمق حبها في الناس، وأن يعيد اللحمة إلى العلاقات بين الناس، وأن يرطب الأجواء، وأن يرتقي بالإحساس، وأن ينمي ذائقة الجمال، سواء المادي أو المعنوي. باختصار؛ رسالة الفن أعظم من كل ما نقول، وجريمة من شوهوا صورة الفن وسمعة الفن جريمة نكراء، فالمسرح يمكن أن يحمل رسالة تعبوية عظيمة، لكن حولوه إلى مهاترات وشيء تقذره النفس وتعافه الجبلة السوية. والسينما لعلها أعظم وأسرع أداة في التأثير وصياغة الفكر وصناعة الاتجاهات، ولكنها وظفت للشيطان وللشر وللصياغة المغلوطة وللدعاية لمراكز القوى ودول المركز، وتبرير كل جرائمها وتسويغ كل ممارساتها. فذبح الهنود الحمر تحول إلى أفلام، بررته وجعلته عين التحضر؛ لأن أولئك المبادون كانوا همجاً ووحوشاً بشرية! فكان الناس يصفقون للقاتل ويبصقون على الضحية المقتول، والعيب ليس في الأداة، إنما في الاستخدام والمستخدِم. وما لنا ولهذا؟ فلنعد إلى أبي العلاء المعري.
وشعره من أعظم الشعر على مر العصور، ولو جئت أوازن بينه وبين المتنبي، لربما قدمته عليه مع أنه أشعر شعراء العربية على مر العصور والأزمان، وعجيب المعري في كل شيء، فإذا تكلم عن العراق عدده وهو السوري بلداً بلداً، وإذا تكلم عن عادات كل قبيلة وكل قوم في الحاضر والغابر فاق الوصف! وإذا تكلم وهو الكفيف البصر عن أنواع النبات وعن صور الطبيعة وألوانها وتفتح زهرها فاق البصراء! وإذا تكلم عن القتال والرماح «والدرعيات» فكأنه القعقاع أو عمرو بن معد يكرب أو قيس بن هبيرة أو المثنى بن حارثة الشيباني رضي الله عنهم. وإذا تكلم عن النجوم والفلك عدد أضعاف ما نعرفه نحن المبصرين الناظرين إلى السماء.
ماذا أقول؟ المعري مدرسة، جامعة، مجمع لغوي، تحتاج وأنت تقرؤه إلى استصحاب «لسان العرب» في كل بيت من الشعر.
لكنه على وعورته قريب أثير مؤثّر جميل جزل فخم رفيع المستوى عميق المحتوى.
وله من الدواوين «اللزوميات» وهو مجلدان، وسقط الزند وهو مجلد، ولعل أحسن من أنصف المعري ودرسه بعمق وتحرٍ، ولعله يكون الأوفى والأعمق بين الدارسين، ذاك الجبل من اللغة والفكر والثقافة والبيان: محمود شاكر، ونح عنك جانباً «ذكرى أبي العلاء» لأبي العملاء طه حسين، فمن قصد بحر شاكر استقل «نزّاز» طه، وما هو حتى بنزّاز!
وإنما الذي أعاد «ذكرى أبي العلاء» في هذه الأيام الغبراء أن «الزند» مدعي القضاء، يتطاول على مصر الرئاسة والسياسة والمجالس هذا الزند رئيس نادي القضاة في مصر مبارك غير المبارك، واستمر في عهد الثورة المبارك يقوم بدور غير مبارك، وبدعوى عدم المساس بحرية القضاء المباركي العميل، يريدون تفكيك الثورة بل الدولة.
فقلت أعود إلى «سقط الزند» لأبي العلاء نرى ما يتحفنا به من موضوع «سقط الزند» الحالي، والخالي من كل قيم القضاء.
فوجدت فوق ما توقعت، وهذه هي الحلقة الثالثة في هذا الأمر، وفعلاً إن الكلمة لا تموت خاصة إذا كانت صادرة عن موهبة كموهبة أبي العلاء الفذة.
ولقد مات المتنبي وسيف الدولة الذي وقف المتنبي شعره عليه، وبقي شعر المتنبي بعد صاحبيه، أي من قاله ومن قيل له وفيه!
ونواصل في هذه الحلقة عندما توقفنا من ديوانه في الحلقتين السابقتين أي عند قصيدة: «ما قسطوا إلا على المال» وهم جائرون فاجرون، أي الزند والمجموعة أو الفرقة! ولتسامحونا إذا جمح القول منا، فها هو المعري يعتذر عنا:
إذا جمحت خيل الكلام فإنما
لديك يعانَى، من أعنّتها، الضَّبطُ
وإنما جمح منّا القول؛ لأنه جمح من غيرنا الفعل، فالمؤامرة خطيرة مريرة عسيرة والفتن والحرائق في العالم العربي يراد لها أن تأكل الأخضر واليابس، ويُستهدف فيها العالم العربي كله من العراق إلى الشام وفي الطليعة مصر.
يقول المعري:
ولا فتنة طائفية جاهليـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ة
يحرق في نيرانها الجَعْدُ والسَّبْطُ
وقد طرحتْ حول الفرات جِرانَها
إلى نيل مصر، فالوساع بها تقطو
والمعنى أن نار الفتنة لا تبقي على شيء، بل يصلاها المجعد والسبط أي غير المجعد الشعر بل أملسه، يعني كله!
وهذه الفتنة ممتدة من العراق والفرات إلى مصر النيل ونيل مصر، والوساع: الواسعة الخطو من الإبل، وتقطو أي تقارب خطوها، كأنما تقاصَرَ خطوها من تزاحم الفتن. والله أعلم.
ويطمئننا المعري في شعره إلى أن من أرادنا بشرّ فإنا رادّوه رادعوه، يقول:
وأي عظيم، راب أهل بلادنا فإنّا، على تغييره، قُدَراءُ
وما سلبتْنا العزَّ، قطُّ، قبيلةٌ ولا بات منا، فيهمُ، أُسَراء
ولسنا بفقرى يا طَغَام إليكم وأنتم، إلى معروفنا، فقراء
والمعنى أنّا مقتدرون بحول الله على كل من رابنا، أي أثار الريبة في نفوسنا وأرادنا وبلادنا بشرّ فإنا على قلعه وخلعه مقتدرون، وصدقتَ يا عمنا المعري، فكيف أتاك نبأ ما فعلنا بغير المبارك وبنعلي والطالح وقذاف الدم «يقولون خمسة سادسهم كلبهم» إذا لحق الطائفي بالطائفي فمن يكون؟ وأما الطغام الذين ذكرهم المعري فالأوغاد السفلة.
ولعل من أجمل قصائد الديوان (سقط الزند): «ألا في سبيل المجد» ويعلن فيه عداوته للزند، يقول صفحة 193-194 مستهزئاً به وبادعائه الفضل والعدل!
ألا في سبيل المجد ما أنـــــــا فاعل
عفاف وإقدام وحزم ونائل
أقلُّ صدودي أننـــــــــــــــي لك مبغض
وأيسر هجري أنني عنك راحل
ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً
تجاهلتُ، حتى ظُن أني جاهل
فوا عجباً كم يدعي الفضل ناقصٌ
ووا أسفَا كم يُظهر النقصَ فاضل
فلو بان عضدي ما تأسف منكبي
ولو مات «زندي» ما بكته الأنامل
إذا وصَفَ الطائيَّ، بالبخل، مادرٌ
وعيَّر قُساً، بالفهاهة، باقل
وطاولت الأرضُ السماءَ، سفاهـة
وفاخرت الشهبَ الحصى والجنادلُ
إلى آخر القصيدة المشهورة إلى صفحة 196.
ثم يشن على الزند هجمة شديدة وغضبة مضرية، فيقول صفحة201:
جهول بالمناسك ليس يدري أغياً بات يفعل أم رشادا
فمثل الزند لا يخشى إلهاً ولا يرجو القيامة والمعادا
ولعل أشد هجوم له جاء تحت عنوان: «كلاب تنبح القمر» تعليقاً على الفرقة التي تردح لمصر وإجراءات تعديل الخلل وتقويم الأوضاع فيها، يقول صفحة 202:
تعاطوا مكاني، وقد فُتُّهم فما أدركوا غير لمح البصر
وقد نبحوني وما هِجْتهم كما نبح الكلبُ ضوءَ القمر
وتحت عنوان «ماء بلادي أنجع» من صفحة 228-233 وهو يعرّض فيها بالمرتبطين بالأجانب والمنفذين مخططاتهم، يقول يا أبناء النيل: ماء بلادكم أنجع وأنفع! يقول:
وأقتال حرب يُفقد السلم فيهمُ
على غيرهم أمضى القضاءِ وإقتالُ
والمعنى كما في هامش سقط الزند: أقتال الحرب: الأعداء، واحده قِتل بكسر، والإقتال بكسر: الحكم؛ أي إن هؤلاء الأعداء متمردون لا يقبلون حكماً، وإنما الحكم على غيرهم. أ.هـ.
قلت: ولاحظ أنه بدأ البيت بالأقتال بفتح الهمزة وختمه بالإقتال بكسرها.
تصاحب في البيداء ذئباً وذابلاً
كلا صاحبيها في التنوفة عسّال
فزندك مختــــــال وزندك قتــــــــــــــــال
والقوم فــــــــي القطـــــــــــــــــــــــــر ضُلّال
والقصد من القوم المجموعة إياها!
ويخصه بالذم فيقول صفحة 234: «وما كان أفعى أهل نجران مثله»
وتحت عنوان «صريع البين» يقول له:
تفهمْ يا صريع البين، بشرى أتت من مستقل مستقيل
ولعلها بشرى من عمنا أبي العلاء أن يقال أو يستقيل هذا الزند العليل القليل الجدوى والنفع الكثير القال والقيل.
وفي بيت يقول له المعري إنك إن جاريتني في الجدال: «وُجدت عين الظالم»
ويعرض بتهاني محامية سوزان الحرامية فيقول:
من يشتريها وهي قضاء الذيل كأنها بقية من السيل
أما بعد، فهذا بعض ما جاء في سقْط الزند بحق الزند والسَّقَط الذين مع الزند، ورحم الله أبا العلاء فارس الكلمة، وإن كان رهن المحبسين ورهينهما!
أما ديوان المعري الآخر: «لزوم ما لا يلزم» أو «اللزوميات» فهو في مجلدين صفحاتهما تُنيف على ألف وثلاثمئة صفحة ولوددت أن أنبش لك فيهما، وأستخرج من كنوزهما وجواهرهما حجارة ورجوماً على الشياطين، ولولا خشية الإثقال والإملال لكتبت سوى هذه الثلاث أربعاً أخرى من الحلقات.
ولكن أذكر من العناوين مستعجلاً الآن: «لا تهاد القضاة»، «جور الحكام»، «دنيا الغدر والخيانة»، «رعب وأمن خير من أمن ورعب»، «جند لإبليس»، «لصوص الأماني»، «فساد العالم»، «الوطن المقْوي»، «القدر الصياد».. إلخ
وصدق المعري في أول بيت في الجزء الأول من ديوانه: «أولو الفضل في أوطانهم غرباء» أما جماعة الزند فهم الأصلاء وقراراتهم محصنة ولا اعتراض.
وبعد أما بعد، فإني أرجو أن أكون قد قدمت صورة عن أدب أبي العلاء وشعره، وبخاصة قراءاتنا في سقط الزند، وأخص الخصوص ما اتصل منها بالزند. ولعلنا نكون قد تصيدنا عدة عصافير برمية واحدة: عرفنا بأبي العلاء عبقري الشعر لوذعي الكلمة، فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة، والمتشائل، وعرفنا بأدبه وتمكنه من ناصية البيان ومفاصل اللغة والبلاغة. وربطنا بعض قرائنا بتراثنا وكنوزنا.
وإن كان الباعث الأول ما نروم من أن نقيم سداً في وجوه من يروم إلحاقنا بالروم الجدد ومنعنا من الانطلاق والنهوض. وأن نكون واجهناهم بالسخرية الكاريكاتورية كما يواجهون أفذاذنا بالأسلوب ذاته.
والله أسأل أن يجنب أمصارنا كلها، ومصرنا العزيزة بالذات شر الكائدين والحاقدين والمتآمرين والمتأمركين، فل حدهم وشل زندهم، وسلمت مصر بأهلها لأهلها.
بوركت يا مصعب متابعة رائعة للتحليل الأدبي السياسي الأروع للدكتور نوفل حفظه الله
استقبال الزند بتصفيق هائل فى الكاتدرائية وأبو حامد يقبل يد سرجيوس
قصة الإسلام - وكالات
فور وصول المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة ودخوله الكاتدرائية بالعباسية لحضور الإحتفال بأعياد الميلاد قوبل بعاصفة من التصفيق الحار من قبل المتواجدين ورد الزند عليهم بالتحية.
وحضر الأحتفال عدد من الشخصيات العامة والحزبية على رأسهم السيد البدوى رئيس حزب الوفد و محمد أبو حامد عضو مجلس الشعب السابق وممثلين للكنيسة الكاثوليكية.
أبو حامد يقبل يد القمص سرجيوس
في تصرف شاذ قام محمد أبو حامد مؤسس حزب حياة المصريين بتقبيل يد القمص سرجيوس سرجيوس الوكيل البطريركى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية قبل دخوله إلى الكاتدرائية
يذكر أن أبو حامد انحنى في وقت سابق أمام الأنبا تاوضروس وقبل يده وطلب منه البركة، وقد سارع الناشط السياسي المثير للجدل إلى إطلاق عدة تصريحات اعترف فيها بالواقعة وحاول تبريرها بقوله أنه فعل ذلك من باب الاحترام للبابا كشخصية وطنية ودينية مرموقة ، وأنه لا يجد حرجا في ذلك ، واستنكر دعوة بعض الشخصيات الإسلامية له للتوبة والاستغفار عن فعلته باعتبارها مناقضة للقيم الإسلامية، فيما اعتبر نشطاء أن ما فعله يمثل مزايدة فجة وصادمة للمشاعر.
يذكر أن أبو حامد كان قد سبق وأثار ضجة أخرى عندما انتشرت صوره والفيديوهات الخاصة بتقبيله يد البابا شنودة الثالث، كما تثير علاقاته الوثيقة بدوائر كنسية ورجال أعمال أقباط علامات استفهام كثيرة عند خصومه السياسيين.
جدير بالذكر أن الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل اليوم بأعياد الميلاد المجيد بحضور تواضروس وعدد من القيادات الكنسية والشخصيات العامة.