استفتح الله -تعالى- سورة البقرة في بداية المصحف بقوله (ألم* ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)؛ فهذا هو الهدف العام لتنزل القرآن.. إنه (هدى للمتقين)، فهو يرسم الخطوات العملية لتحقيق التقوى، وهي الغاية التي من أجلها فرض الله الصيام.. فلو تأملنا ذلك، لعرفنا كيف نخطط لرمضان مع أول آية نقرؤها، وأن هذا الكتاب هداية لنا لبلوغ التقوى ولنكون من المتقين، وتأتي بعد ذلك توجيهات الهداية لأعمال المتقين، فيسعى المسلم جادا خلال (٣٠) يوما لتحقيق هذا الهدف.
قال -تعالى-
(إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور )..
التجارة مع الله لن تكسد؛ لأن أرباحها النعيم المقيم، والنظر إلى وجهه الكريم.
وشهر رمضان هو أحد المشاريع الكبيرة لتلك التجارة، لما اجتمع فيه من أنواع العبادات وأجل القربات، والمسلمون فيه أشبه ما يكونون بالتجار الذين يتهيئون لإدارة مشروعهم الكبير، الذي سيدر عليهم الأرباح، فما أعظمها من تجارة وما أجزلها من أرباح
لسنا وحدنا من يستقبل هذا الشهر العظيم ويستعد له،
فهناك استعداد عظيم له في السماء من أول ليلة فيه، كما صحت بذلك الأخبار عن نبينا -صلى الله عليه وسلم-، فتفتح أبواب السماء، وأبواب الجنة، وأبواب الرحمة، وتغلق أبواب جهنم، ثم ينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.
إخواني الأفاضل: الحمد لله الذي بلغنا وإياكم هذا الشهر، ونسأله -جل وعلا- أن يوفقنا فيه جميعا لفعل الخيرات وترك المنكرات، ويرزقنا تقواه وخشيته في السر والعلانية، ويجعلنا من المقبولين.
صلاة التراويح سنة عظيمة يغفر الله بها الذنوب،
كما صح في الحديث (من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه).
ومن فوائد الصلاة الصحية: أنها مجهود بدني بسيط منتظم، وبخاصة حركات الركوع والسجود، فإن المصلي يضغط على المعدة والأمعاء، فيحدث تنشيطا لحركاتها وتسريعا لعملية الهضم، فينام المسلم بعدها بعيدا عن الإحساس بالتخمة وعسر الهضم.. ويقدر د.شاهد أطهر في بحث له، أن المصلي لصلاة التراويح يصرف (200) سعرا حراريا خلال صلاة التراويح.
نقترح لك مكتبة رمضانية قيمة.. الكتب:
-(٤٨) سؤالا في الصيام- ش.ابن عثيمين.
-مشروعنا الكبير رمضان- د.أسماء الرويشد.
-دروس رمضانية- د.سلمان العودة.
ومن الكتب الصادرة عن مجلة البيان:
-روح الصيام ومعانيه- د.عبدالعزيز كامل.
-حقيبة بينات، تشمل (برنامج عملي للأسرة المسلمة في رمضان- أحوال النبي في رمضان- مكفرات الذنوب- كيف تنمي أموالك؟).
الأشرطة:
-رمضان.. دروس وعبر- ش.محمد الحمد.
-أطفالنا في رمضان- أ.عبدالله عبدالمعطي.
-حالنا في رمضان- د.صالح المغامسي.
-الفائزون في رمضان- د.إبراهيم الدويش
صعد رسول الله صلى الله عليه و وسلم درجات منبره الثلاث وكان في كل درجة يقول آمين فتعجب الصحابة رضوان الله عليهم وسألوه فقال عليه الصلاة والسلام: أتاني جبريل فقال يامحمد: رغم أنف عبد أدرك رمضان ولم يغفر له قل آمين فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف عبد أدرك والديه أحدهما أو كلاهما فلم يدخلاه الجنة قل: آمين فقلت: آمين، ثم قال: رغم أنف عبد ذكرت عنده فلم يصل عليك قل: آمين فقلت: آمين".
والشاهد في موضوعنا قوله رغم أنف عبد أدرك رمضان ولم يغفر له ، كأن جبريل يستغرب كيف يكون هذا لذا فهو يدعو على ذلك الشقى المحروم الذي فرط في فرصة المغفرة خلال هذا الشهر المبارك حتى انقضى ومضى ولم يتعرض فيه لنفحة من نفحات الرب تبارك وتعالى والتي كانت واحدة منها كفيلة بغفران ذنوبه، فلا يحرم بركة رمضان إلا محروم، ظالم لنفسه. كيف لنا والفرص كلها سانحة للعودة إلى الله والتوبة والمغرة من الذنوب.. الشياطين وقد صفدت والأجور وقد ضوعفت وأبواب الجنة وقد فتحت وأبواب الجحيم وقد أغلقت، فيه ليلة خير من ألف ليلة. لله فيه في كل ليلة عتقاء من النار. ومن صامه إيمانا واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه.
فهل بعد هذا الخير عذر لمعتذر؟ اللهم لا. نسأل الله بمنه وجوده وكرمه أن يكتبنا فيه من الفائزين ويعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأزواجنا وذرياتنا من النار.
إيّــاك أن تكــون مـمّــن جــعــل نهـــار رمضـــان نومـــا وغــفــلــة .. و لــيــلــه ســهــرا على معــصــيــة اللّــه سبـحـــانه و تعـــالــى .. و احــرص على أن تملأ نهـــارك بالــذّكــر و تــلاوة الــقــرآن .. و لــيــلــكـ بالـصّــلاة و الــقــيـــام ..
قسمت أم المؤمنين عائشة في يوم ثمانية ومائة ألف درهم بين الناس وهي صائمة،
فلما أمست قالت: "يا جارية: علي فطوري"، فجاءتها بخبز وزيت، فقالت الجارية: " أما استطعت فيما قسمت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحما نفطر عليه ؟!". فقالت: " لو ذكرتني لفعلت " !!
إن الجود والعطاء ولو على حساب النفس دليل على قوة الإيمان، والثقة بما عند الله..
ومن صور ذلك:
1.إيثار المحتاج بما تحبه وتشتهيه، من مال أو طعام أو ثياب أو غيره.
2.الجود بالعرض، كأبي ضمضم الذي قال:
" اللهم لا مال لي أتصدق منه على الناس، وقد تصدقت عليهم بعرضي، فمن شتمني أو قذفني فهو في حل".
ليس العبد إلى شيء أشد فاقة منه إلى هداية الله،
وها هنا بعض ما ينبغي استحضاره عند قولك: " اهدنا الصراط المستقيم "، فهذا المطلوب العظيم له وجوه، منها:
-الهداية إلى التوبة.
-الهداية إلى خلق القدرة على الفعل.
-الهداية إلى التوفيق لإيقاع الفعل على الوجه المرضي لله.
-الهداية إلى أمور لم يكن يفعلها من قبل.
-الهداية لمعرفة الحق و اتباعه، والهداية لمعرفة الباطل واجتنابه.
-الهداية إلى الثبات على الهداية.
-تمام الهداية في كل حال.
إلى غير ذلك من أنواع الهدايات التي تجتمع في مخيلتك أثناء قراءتك الفاتحة.
إيّــاك أن تكــون مـمّـن يفــطــر على ســخــط اللّــه و غــضــبــه ..و ذلــكـ بـشــرب الــدّخـــان أو مـتـــابـعـة ما يــعــرض في القــنــوات من بــرامـج ســاقـطـة ســتــهزئ باللّــه و برســوله و بــدينــنــا و تــعــالــيــمــه.. و لا يخـفــى على أمثـــالـكـ جــرم ذلــكـ .. قال الله تعالى:
لا تظن أن ترك المعصية يكون بين يوم وليلة .. إن ذلك يحتاج إلى مجاهدة وصبر ومصابرة , ولكن اعلم أن المجاهدة دليل على صدقك في ترك الذنوب وربنا تبارك وتعالى يقول( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) .