فراشات .. و عناكب - فراشات .. و عناكب - فراشات .. و عناكب - فراشات .. و عناكب - فراشات .. و عناكب
الدكتور راجح السباتين
فراشاتٌ ... وعناكب
في هذا المجتمع الذي لا يعترفُ بالصّواب إلا لنفسه ولا يقرُّ الحق إلا لمَنْ سار بسيره ولحق بركبه يجد (ابنُ الحق) نفسه في ضيقٍ خانقٍ تنوء باحتماله الجبال، ولكن ما العمل؟ وماذا تقول الفراشة البيضاء وقد وُلدت في عالم العناكب التي لا تفقه سوى نصب الشباك وانتظار الفرائس لتجهز عليها وتستهلك أجزاءها جزءاً جزءاً؟؟؟ ما العمل وقد كان ميلاد (ابن الحق) الرقيقة مشاعره في غابة من الوحوش الصغيرة والكبيرة يحكمها مبدأ "القوة هي الحق"؟؟ وبعد، فماذا تقول الفراشة الجميلة التي حملت على جناحيها أحلى لوحات الحياة؟ ماذا تقول للعناكب؟ وعمّا ستحدثها؟ هل ستحدثها عن جمال الأزهار وروعة عبيرها وشفافية شذاها تحت أنوار الشمس المتساقطة من أعلى؟؟ أم أنها ستحدثها عن بدائع التكوين وعظمة الخلق في دنيا البراءة والجمال؟؟ ولئن حدّثتها، فهل ستفهمُ العناكب مقصود كلماتها تلك؟ لست أدري ...
ثورة الفراشات
ما أصعب الحياة في واقع مجتمعنا المعاصر! إنّه مجتمع العناكب البشرية التي احترفت نصب الشباك وتحطيم أحلام "الفرائس" والإجهاز على ما تبقى من أنفاس الحياة في وجدانها ... بعد ظلمٍ وطول احتمالٍ واستبدادٍ مجبولٍ بالإذلال ما عادة الفراشات تقدر على الصمت أكثر، فقد وصلت لدرجةٍ شعرت فيها بأنَّ الأشياء كلّها فقدت مذاقها الحلو، وطابعها الفريد المتميز، وتصدَّعت ألوان الحياة على جدرانها، ما عادت الفراشات تحتمل وقد أخذها الحنين لماضي الحرية والكرامة وأجهدتها مرارة المذاق الحاضر فاتخذت قرارها بقول (لا) مهما كان الثمن.
من حق الفراشات أن تعترض وتنتفض، من حقَّها أن تتمرد على وحوش الغابة وتعلن الثورة على عناكب كوكب الأرض.
أيتها الفراشات، أجمعي حُسنكِ ولملمي كبرياءكِ واستدعي أنصار الجمال من أرجاء المعمورة وهاجمي العناكب من كلِّ الأطراف ... لتنمو على أنقاضها براعم ثمرٍ جديدٍ حلو المذاق، يبشِّرُ بفجرٍ آخر وأملٍ جديدٍ ينمو فلا يموت ويسير فلا يتوقف، وينتصر ولا يُهزم بعدها أبداً.
بوركت هذه الثورات ..وبوركت كل انتفاضات اللاء على من طغى وتجبر
ربما تغلب القوة الضعف وربما تخاف الفراشة العناكب ...ولكن مع كل ذلك ...ستغلب الكثرة الشجاعة لا محالة
فلتحشد من ظُلم معها ومن ذاق الظلم برفقتها وسيأتي ذلك اليوم الذي نرى فيه الفراشات وقد انتصرت على العناكب وجعلت منها عبرة لكل من كان على نفس الدرب
أبدعت في التعبير وأجدت كل حرف بإتقان يجبرنا على رفع القبعات لك وقلمك الرائع
دمت بحفظ الله ورعايته
الفراشة في وضعها الحالي لا تستطيع فعل شيء لا لحريتها ولا لما يسد حاجاتها اليومية التي لا غنى عنها ، فهي بحاجة لأن تكون قوية النفس ، تحب لنفسها ما تحبه لغيرها ،
وهي بحاجة قبل ذلك أن تكون على علاقة طيبة مع خالقها ، وأن تجتمع كل الفراشات أو غالبيتها على همّ فراشة واحدة ، وقتها كن على يقين بأنها ستنتصر ليس على العناكب فحسب وإنما على أشد مخلوقات الله - تعالى - شراسة.
استخدامك للرمزية هنا لم يكن معقدا أبدا ، بل شعرت وكأن النص يسري في جسدي سريان دمي فيه.
أذكر أنني قلت لك غير مرة : أنت يحق أن يقال فيك ( طبيب الحرف)