د.طارق طهبوب (*)
لا يخفى على منصف أهمية النشيد في استنهاض همم الأمة، والأثر الذي أحدثه المنشدان ماهر زين وسامي يوسف في فئة الشباب وهو خير دليل على ذلك، ولا يخفى على أحد أن الموسيقى أشد أثرا في الشعوب الغربية؛ مما يحتم علينا استخدامها عندهم في عرض قضايانا لهم، وتوسيع المعرفة والاهتمام الإنساني والنضال العالمي وتجنيد ذلك لخدمة تلك القضايا.
كلفني الأخ الكريم الأستاذ علي أبو السكر بإلقاء كلمة بالإنجليزية في فعاليات يوم الأسير أمام سفارة الاحتلال قبل شهرين، وطلب مني إحضار بعض اللافتات ذات شعارات إنجليزية فلم أجد أفضل من شعار حركة الحقوق المدنية الذي أصبح أيقونة غنائية للكفاح ضد الظلم والاحتلال والعبودية والطغيان، وهوWe shall overcome" وساءني أن من أخذ اللافتات لحملها وأغلبهم شباب جامعيون استفسروا عن معنى الجملة، فضلا عن جهلهم بتاريخها.
يعود أصل الترنيمة إلى الموسيقار تشارلز ألبرت تندلي عام 1947، تبنتها حركة الحقوق المدنية بقيادة مارتن لوثر كينغ في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، واستخدمتها الثورة التشيكسلوفاكية في 1989، وأنشدها رئيس الوزراء السويدي كارل بيلدت في 1992 في المظاهرات التي قامت في ستوكهولم؛ احتجاجا على القتل العنصري لبعض المهاجرين. إلا أن أفضل استخدام للأنشودة جاء على يد المغني البريطاني الشهير روجر ووترز من فرقة بينك فلويد؛ احتجاجا على الحرب على غزة وحصارها وعلى جدار الفصل العنصري، وإنني أتحداكم جميعا –حتى من لا يتقن لغة الفرنجة- أن يسمعها ولا يبكي لأدائه العاطفي المشحون بملحمة البطولة والصمود، والأخوة الإنسانية مع هول ما يعرضه الشريط من مشاهد على جرائم الحرب الإسرائيلية في كل فلسطين.
أرجو منكم جميعا بعد رؤية الشريط توزيعه بالوسائل الحديثة كافة، خاصة لأصدقائكم غير العرب ويجب أن يتطور إعلامنا وإحساسنا بقضيتنا إلى ربطها دوما بقضايا النضال العالمي التي تحارب كل أشكال التمييز من صهيونية واحتلال وتطهير عرقي وفاشية ونازية وأشد ما يضايق العدو الصهيوني، مقارنته بنظام جنوب إفريقية البائد، بل إن النائب اليهودي جيرالد كوفمان الذي احتفل بعامه الأربعين في البرلمان في الجلسة التي ترأسها في يوم اللاجئين العالمي قبل أسبوعين، قال إن الاحتلال الصهيوني أشد وأنكى بمراحل من نظام التمييز العنصري البائد في جنوب إفريقية وجنون النازية!
لقد ألقيت كلمة عن عذابات الشعب الفلسطيني وتطلعه للحرية كشعوب العالم كافة في تلك الجلسة في البرلمان البريطاني، وختمتها بأن أنشدت "We shall overcome" وعلى الرغم من صوتي الأجش إلا أنني سمعت البكاء؛ تعاطفا مع شعب يعاني تحت نيران الاحتلال منذ أربعة وستين عاما، وتفاؤلا من الحضور بأننا سوف ننتصر.
آن لإعلامنا أن يخرج من دائرة وعظ المؤمنين، وكلما اتسعت الدائرة الإنسانية، فضلا عن العربية والإسلامية لنضال الشعب الفلسطيني، فإننا بإذن الله سوف ننتصر، وإرهاصات ما حولنا تؤكد أن الأيام دول، وأن الملك لله الواحد القهار.
ويبقى لسان حال شعب فلسطين قول الشاعر:
ونحــــــــن أنـــاس لا تــوســط بينــــنا لنا الحرية قبــــل العالمـــين أو القبــــــر
تهون علينا في المعالي نفوسنا ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر
الرابط: