تعود فضيحة إدخال واستخدام مستثمر إسرائيلي في مزرعته المسجلة باسمه في الأردن لسماد الحمأة المصنوع من فضلات آدمية، والمعروف بسميته الشديدة بحسب الخبراء الزراعيين، لتذكرنا بما لم ننسه يوما من أننا أكلنا مواد غذائية مصنوعة بسمنة نُقلت في صهاريج النضح!!!
ولا نستغرب الكيد والعداوة من العدو، ولكننا نستغرب أبناء الوطن كيف ينقلبون ضد إخوانهم من أجل حفنة قروش فيتساوون في العدوان مع الأعداء!!
نستحق ما أكلناه بما جنته أيدينا، فالذي يدخل الحية الى عِبه لا يتوقع أن تغازله وتدغدغه! والنتيجة ذاتها لمن يعتمد على عدوه في طعامه وشرابه ويسلم له أرضه ليملأها بالنفايات السامة والنووية، لو كنا نتعظ لاتعظنا بحكمة الأولين عندما قالوا "لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع"، وهنيئا لنا بوادي عربة وبركاتها!!!
كان أجدادنا يعمرون لأن أكلهم كان مسمدا بطهارة قلوبهم وحرصهم على غيرهم مع أنه كان من روث حيواناتهم، كان يعرفون أن العدو لا يمكن أن ينقلب صديقا، وأن الأفاعي وإن لانت جلودها ففي أنيابها سم زعاف، كان ما تركه آباؤهم لهم ولإخوانهم، وما كانوا يعرفون الحيتان التي تأكل كل من يقف في طريقها.
لم يكفِ أن يصيبنا الفساد بالأمراض في طعامنا وشرابنا بل حتى عندما تسقم أجسامنا تجد الدواء أيضا فاسدا وغير مطابق للمواصفات، وهي فضيحة أخرى طالت وزارة الصحة وما زالت في مراحل الإنكار وتبادل الاتهامات والتصحيحات مع وسائل الإعلام، ويبدو أن مؤسساتنا أصبحت مثل صندوق باندورا Pandora’s box الذي بحسب الاسطورة الإغريقية يحوي كل شرور العالم، وهذه المؤسسات مثله لا تنفك تنجلي عن ملفات مخبوءة وسنين متوالية من انعدام الضمير والسرقة والتجرد من نوازع الإنسانية وصلت حتى الأيتام الذين أوصى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بهم الأمة جمعاء، وغلظ عقوبات الدنيا والآخرة لمن يعتدي على حقوقهم.
ونستغرب عندما تطالعنا الاحصائيات بتزايد مرض السرطان بين المواطنين بنسب متصاعدة، تفوق استيعاب مستشفانا المخصص للتعامل مع هذا المرض حتى مع توسعته بالمنح الأمريكية التي تغطي على أفعال ربيبتها فينا وما تزرعه في أراضينا وأجسامنا، و نتساءل: لماذا الزيادة ونلقي باللائمة على الأقدار وعلامات آخر الزمن، وننسى أن الله عدل رحيم، وما من ظلم وتجبر الا بيدي بني آدم.
أذكر نصيحة للدكتور عمر عبد الكافي أوصى فيها بأن نقول على كل ما نأكله: "باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء" فالضر قد وصل الى كل شيء مسه شرار الخلق، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس.
أعزائي المواطنين، عندما يسبنا أحد بتلك المسبة المقذعة التي أنزهكم عن ذكرها ربما لا يجب أن نغضب كثيرا...فقد أكلناه وأكلناه وأكلناه معجونا بمنكهات عجزنا وملونات يأسنا ومحسنات الضحك على ذقوننا، حتى غدا ولا أشهى ولا أطيب.
يقولون إن الانشغال بمعاش الدنيا هو ما يشغلنا عن الاشتغال بهموم الوطن والقضايا الكبرى، فهل سيحركنا تلويث قوتنا وغذائنا ودوائنا وأرضنا للمطالبة بالإصلاح، أم أن النفخ في القربة المقطوعة لا يصدر صوتا، والضرب في الميت حرام؟!
وهل تغني عنا طهارة أبداننا الظاهرة والنجاسة تدخل بطوننا كرها وضعفا؟ صحتين وعافية؟!