لغة الماضي - لغة الماضي - لغة الماضي - لغة الماضي - لغة الماضي
ذراي يا الذراية ، بليلة ترمس فول نابت ، لوز أخضر ، كيكس حلبي ، قشطة بالعسل ، هريسة هرايس ، أيمة بوظة ، في حارتنا القديمة كانت العربايات تمر وتحمل ما لذ وطاب تجوب الشوارع والباعة المتجولون يغيرون لأئحة طعامهم وبضاعتهم حسب فصول السنة ، وقد باتت هذه المأكولات الشعبية التي تعودنا على رؤيتها في شوارعنا جزء من الموروث الشعبي لدينا. في فصل الربيع يطل علينا اللوز الأخضر العوجا والفرك مع الملح وكذلك الكرز الأخضر الجرنك والحمص الأخضر الحاملة عن طريق شيها بواسطة ضمم مربوطة بخيط مصيص وفي فصل الصيف يتعود من يزور الحارات في كافة المدن والقرى الكبيرة على رؤية الباعة المتجولين وهم ينادون على مشروب التمر الهندي والعرقسوس الباردين وأيمة البوظة وحبات الأسكيمو والبريمو والبراد الأصفر للوقوف بوجه حرارة الطقس، وفي نهايات فصل الصيف تطل علينا عربات حبات الصبر والتي يتم تقشيرها والبيع بالحبة ، وما إن يطل فصل الشتاء حتى ترى نفس الباعة وهم يقدمون الأطباق الساخنة مثل عرانيس الذرة المسلوقة والمشوية والفول النابت والمسلوق بهبالة وشرب ماءه وكذلك الترمس والبليلا والقراقيش والكريزة والهريسة وكرابيج حلب والغير فإذا جالت بك الذاكرة لزمان الحارة ستشاهد لوحة فنية عناصرها الباعة الفنانون الذين ينجحون في تحويل عرباتهم إلى لوحة فنية تراثية يعرضون عليها بضاعة تبعث الدفء والحنو ، منظرها الجميل يحلو بمجرد النظر إليها. فعلى الأرصفة وفي الحارات والأسواق والساحات العامة ينتشر باعة البليلة مع عرباتهم والذراية ومستلزمات تحضيرها مسلوقة أو مشوية حيث موقد النار والوعاء (الحلّة) الواسعة وفيها عرانيس الذرة الصفراء والبيضاء الغير مهرمنة وهي تسلق بالماء المغلي لتقدم ساخنة لذيذة المذاق للزبائن مع رشة ملح أو كمون ، ومنقل معدني يضم عرانيس الذرة النيئة، التي تشوى في المنقل على نار الحطب والفحم فتخرج مشوية ذات مذاق لذيذ، أما بائعي الهريسة بالفستق السوداني والذي يعطي نكهة لذيذة لحبات الهريسة والتي تقطع بمجحاف ويتم توضيبها بوضعها بورق أبيض شفاف والمناداة هريسة هرايس مع ضوء الغاز الموجود بجانب سدر الهريسة والتي يعطيها نوع من الهيبة أما عربة الفول المشوية وهي التي تشد انتباه العابرين من خلال تزيينها بثمار الليمون الصفراء ورشات الكمون والبقدونس المفروم . والذي يعطي متعة ليس بعدها متعة، خصوصا في المساء والليل مع اشتداد برودة الطقس، إذ إن الفول هنا يثير شعور الدفء لكل من يتناوله، إضافة إلى مذاقه اللذيذ. هو والسحلب والذي كان يباع بجرن نحاسي تحته نار هادئة وكاسات زجاجية يتم وضع السحلب بها مع رشة قرفة وجوزالهند وكذلك عرباية القشطة والتي يضاف لهاعسل لونه أحمر ويتم ألتهامها بسرعة بجانب العرباية فشتاء الحارة يجلب الكثير من المنتوج مثل الفستق السوداني بقشرة والمقشر والذي يباع ساخناً بعد وضعه على منقل له داخون يعطي رائحة جميلة للمكان وكذلك سدور السمسمية والفستقية وحلوى كانت تباع تسمى أكله طيبة محشوة بالفستق السوداني وكذلك بيع القضامة المحمصة أو المغبرة وتوضع بأكياس ورقية ملساء صغيرة وكان يباع الكيس بقرش وكذلك حبات حلوى النواعم بطعمها الرائع والتي كانت تباع بتعريفة وعند أكلها تشتم عند بعضها رائحة سولار وأذكر أن مادة الزعرور بلونه الأصفر وبطعمه الشهي كان يباع على العربات أما لغة الصباح ولغة العرابات وكلمات سجعهم فهي الكعك المسمسم والبيض المشوي وبالزعتر المالح والمناداة كعك وبيض يا كريم ، نعم لغة الماضي كانت جميلة وفسيفساء الماضي كانت أحلى وأمكنة الماضي لها حنو بالقلب عسى أن ينال من ذكرتكم به الأعجاب .
اللهم أزل عنا هذه الغمة ،وأصرف عنا هذا البلاء عن بلادنا وعن سائر بلاد المسلمين
اللهُم عجلّ بفرجٍ من عندك قبل أن يحل شهر رمضان وآبلغنا إياه متجاوزين كل هذه المحن يارب وإجعلنا نستقبله ونحن بكامل صحتنا وعافيتنا ياحي ياقيوم.