المحافظة عليها من أسباب دخول الجنة، والوضوء لها كم فيه من درجة، والمشي إليها ..
كم فيه من حسنة، والوقت بعدها تنزل فيه البركة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
« اللهم بارك لأمتي في بُكورهَا ». أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
أهل الفجر
الذين أجابوا داعي الله وهو ينادي (حي على الصلاة،حي على الفلاح)،
فسلام على هؤلاء القوم، حين استلهموا (الصلاة خير من النوم)، واستشعروا معاني العبودية، فاستقبلتهم سعادة الأيام تبشرهم وتثبتهم، قال صلى الله عليه وسلم:
« بَشِّر المشَّائين في الظُّلَمِ إلى المَساجِدِ بالنُّورِ التَّام يوم القيامة ». أخرجه الترمذي وأبو داود.
يا أهل الفجر
هنيئاً لكم أن تتمتعوا بالنظر إلى وجه الله الكريم في الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: « إنِّكم سترون ربَّكم كمَا ترون هذا القَمرَ لا تُضامونَ في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشَّمسِ وقبلَ غروبها فافعلُوا »، ثم قرأ: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ }. أخرجه البخاري ومسلم.
يا أهل الفجر
ألا ترضون أن يذهب الناس بالأموال والزوجات، وترجعون أنتم بالبركة في الأوقات، والنشاط وطيب النفس وأنواع الهدايات، ودخول الجنات ونزول الرحمات، قال صلى الله عليه وسلم: « من صلى البُردين دَخل الجنة ». أخرجه البخاري ومسلم. والبردان: صلاة الفجر وصلاة العصر.
وقال صلى الله عليه وسلم: « لن يلج النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ».أخرجه مسلم. والمراد بهذا صلاة الفجر وصلاة العصر.
يا أهل الفجر
أنتم محفوظون بحفظ الله، أنفسكم طيبة، وأجسادكم نشيطة، يقول صلى الله عليه وسلم: « من صلَّى الصبح فهو في ذمة الله » ، أخرجه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم: « يعقدُ الشيطان على قافية رأسِ أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، ويضرب على مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ وذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى إنحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ». متفق عليه.
يا أهل الفجر
كفاكم شرفاً شهادةُ ملائكة الرحمن لكم، قال صلى الله عليه وسلم:
« يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم -وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون ». متفق عليه.
يا أهل الفجر
قال صلى الله عليه وسلم: « ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط ». أخرجه مسلم.
أولئك هم الرِّجال حقاً، والمؤمنون صدقاً، قال ربُّنا جلَّ وعلا: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ.رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ.لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [النور:36-38].
أمَّا مَن ضيَّعوا الصلاة وتهاونوا بها، وأخَّروها عن وقتها، فيا ليت شعري لو يعلمون ماذا تحمَّلوا من الوِزر؟ وماذا فاتهم من الأجر؟
قال تعالى:{ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ.الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } [الماعون:4-5]، وقال تعالى: { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً.إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً }[مريم:59-60].
وقال صلى الله عليه وسلم: « إنَّ أوَّل ما يُحاسبُ به العبدُ يومَ القيامة مِن عملهِ صلاتُهُ، فإن صلُحت فقد أفلحَ ونَجَح، وإن فسدت خابَ وخَسِرَ ». الحديث رواه الترمذي وقال حديث حسن.
الأحبة في الله
ألا فالْحقْ بأهل الفجر؛ لكي تكون في ذمة الله، ولتُكتب في ديوان الأبرار، وتحصل لك السعادة والنور، وتمحى من صحيفة النفاق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:« ليس صلاةٌ أثقل على المنافقين من صلاةِ الفجرِ والعشاءِ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ». أخرجه البخاري ومسلم.
قال صلى الله عليه وسلم: « ثلاثةٌ كلهمْ ضامنٌ على الله إنْ عاشَ رُزِقَ وَكُفِيَ، وإنْ مات أدخله الله الجنَّةَ »، ومنهم: « مَن خرجَ إلى المسجدِ فهو ضامنٌ علَى الله ». أخرجه أبو دادود وابن حبان.
نفعني الله وإياكم للعمل بما يحبه ويرضاه، وأعاننا رب العزة على الإخلاص لفضله والتمسك بشرعه وأداء فرائضه.
جزاك الله خيرا اختنا الكريمة - جزاك الله خيرا اختنا الكريمة - جزاك الله خيرا اختنا الكريمة - جزاك الله خيرا اختنا الكريمة - جزاك الله خيرا اختنا الكريمة
صلاة الفجر في عيون الصالحين !!
لكل ما سبق من الفضائل العظيمة والخصائص الفريدة لصلاة الفجر، وبالذات في جماعة، أدرك الصالحون قيمة هذه الصلاة الهامة.. فما ضيعوها، وما تخيلوا أصلاً أن يضيعها أحد..
روى الإمام مالك رحمه الله في موطأه أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة رحمه الله في صلاة الصبح في يوم من الأيام (يوم واحد!) وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غدا إلى السوق، ومسكن سليمان بين السوق والمسجد النبوي، فمر على الشفاء أم سليمان رضي الله عنها فقال لها: لم أر سليمان في الصبح، فقالت إنه بات يصلي فغلبته عيناه (لم يكن يشاهد التليفزيون!) فقال عمر: "لأن أشهد صلاة الصبح في الجماعة أحب إليّ من أن أقوم ليلة"..
لقد كانت بيعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليكون أميراً للمؤمنين بعد الصديق رضي الله عنه في صلاة الفجر في المسجد النبوي.. فقد توفي الصديق رضي الله عنه مساءاً ودفن مساءاً، وفي صلاة الفجر من اليوم التالي بويع عمر بن الخطاب بالخلافة..
وهذا يعني أن كبار رجال الدولة والأمراء والوزراء وأهل الحل والعقد ومن بيده الأمر - كل هؤلاء - كانوا يصلون الفجر في جماعة، ويأخذون قرارات مصيرية جداً في صلاة الفجر.. ولا شك أن اختيارهم سيكون موفقاً، وقرارهم سيكون حكيماً..
القرار في بيت الله، وبعد صلاة الصبح، وفي هذه اللحظات المباركة، ويأخذه هؤلاء المتوضئون الطاهرون.. فكيف لا يكون صائباً؟!
هنا نفهم لماذا كان ينصر هؤلاء!! ..
يروي الإمام مالك في موطأه أن المسور بن مخرمة رحمه الله أخبره أنه دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الليلة التي طعن فيها، فأيقظ عمر لصلاة لصبح، وعمر رضي الله عنه هو رأس الدولة، وهو مطعون طعنة قاتلة، والظرف صعب جداً.. لكن صلاة الصبح لا تؤخر!! فماذا قال عمر عندما أيقظه المسور بن مخرمة رحمه الله؟!
قال: "نعم، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة"، فصلى عمر وجرحه يثعب دماً!!..
لذلك كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول:
"كنا إذا فقدنا الرجل في هذه الصلاة أسأنا به الظن"
فهو إما أصيب في بدنه أو أصيب في دينه!..
لقد ربى في بيت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين..
وكان الصالحون من هذه الأمة حريصين على بدء القتال دائماً بعد صلاة الصبح - وليس قبلها - حتى لا تضيع عليهم الصلاة، لأن وقتها قصير، وحتى يحصلوا على بركة الساعات الأولى من النهار، وحتى يبتهلوا إلى الله في صلاتهم أن ينصرهم على أعدائهم..
خالد بن الوليد رضي الله عنه لم يكن يبدأ قتاله إلا بعد صلاة الصبح..
يوسف بن تاشفين رحمه الله زعيم دولة المرابطين وقائد من أعظم قادة المسلمين لم يخض موقعة الزلاقة المشهورة إلا بعد أن صلى الفجر بجيش المسلمين، ثم بدأ القتال..
قطز رحمه الله بدأ القتال في موقعة "عين جالوت" المشهورة ضد التتار بعد صلاة الصبح مباشرة..
لم تكن أعمالهم تبدأ في الخامسة صباحاً أو السادسة صباحاً أو السابعة صباحاً، إنما كانت أعمالهم مرتبطة بصلاة الصبح..
تكيف الدنيا ـ كل الدنيا ـ على مواعيد الصلاة.. ولا تكيف مواعيد الصلاة على أي شئ أخر!..
قواعد في منتهى الوضوح في فكر كل قائد مسلم ناجح..
أنس بن مالك رضي الله عنه كان يبكي كلما تذكر فتح "تستر"..
و"تستر" كانت مدينة فارسية حصينة حاصرها المسلمون سنة ونصف بالكامل، ثم سقطت المدينة في أيدي المسلمين، وتحقق لهم فتحاً مبيناً.. وهو من أصعب الفتوح التي خاضها المسلمون..
فإذا كان الوضع بهذه الصورة الجميلة المشرقة فلماذا يبكي أنس بن مالك رضي الله عنه عندما يتذكر موقعة تستر ؟!
لقد فتح باب حصن تستر قبيل ساعات الفجر بقليل، وانهمرت الجيوش الإسلامية داخل الحصن، ودار لقاء رهيب بين ثلاثين ألف مسلم ومائة وخمسين ألف فارسي، وكان قتالاً في منتهى الضراوة.. وكانت كل لحظة في هذا القتال تحمل الموت، وتحمل الخطر على الجيش المسلم..
موقف في منتهى الصعوبة.. وأزمة من أخطر الأزمات!..
ولكن في النهاية – بفضل الله - كتب الله النصر للمؤمنين.. وانتصروا على عدوهم انتصاراً باهراً، وكان هذا الانتصار بعد لحظات من شروق الشمس !!
واكتشف المسلمون أن صلاة الصبح قد ضاعت في ذلك اليوم الرهيب !!
لم يستطع المسلمون في داخل هذه الأزمة الطاحنة والسيوف على رقابهم أن يصلوا الصبح في ميعاده!!
ويبكي أنس بن مالك رضي الله عنه لضياع صلاة الصبح مرة واحدة في حياته.. يبكي وهو معذور، وجيش المسلين معذور، وجيش المسلمين مشغول بذروة سنام الإسلام.. مشغول بالجهاد.. لكن الذي ضاع شئ عظيم!..
يقول أنس: وما تستر ؟! لقد ضاعت مني صلاة الصبح، ما وددت أن لي الدنيا جميعاً بهذه الصلاة !!
هنا نفهم لماذا كان ينصر هؤلاء !!
"إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم "
إذا كانت هذه إحدى أسباب النصر، فخبرني بالله عليك كيف ينصر الله عز وجل قوماً فرطوا في فريضة صلاة الصبح؟!!
هذا – والله - لا يكون..
أما إن كان الجيش على شاكلة أنس بن مالك رضي الله عنه.. يحاسب نفسه على الصلاة الواحدة.. فهو ولا شك جيش منصور..
"ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز"..