عاقل أكثر مما يجب....... قصة قصيرة - عاقل أكثر مما يجب....... قصة قصيرة - عاقل أكثر مما يجب....... قصة قصيرة - عاقل أكثر مما يجب....... قصة قصيرة - عاقل أكثر مما يجب....... قصة قصيرة
عند عتبة البيت، رمى الحقيبة وكأنّه تخلَّصَ من حملٍ كبير. ذات يوم أسَرَّ إلى صديقه بأنَّ حقيبته أثقل الحقائب في الصف.
- "في كل صفحة أخيرة من هذه الكتب والدفاتر، تدوّن أمي كل يوم ما تستدينه من دكان ونساء الحارة حتى إنّي أمرّ من الحارة ورأسي محنيّ وكتفاي لا تقويان على حمل الحقيبة"..
حينها اكتفى صديقه بابتسامة، أمّا الآن فهو يعترف في حديثه لأولاده أنّ أحمد كان رجلا وكنا أطفالا.
أسرعَ إلى أمّه يدسُّ رأسَهُ في صدرها. أحسّت أمّه برأسه يتصبب عرقًا، وبعينيه يذرفان دمعًا. أمّه كانت تعرف أنّ أحمد عاقل أكثر ممّا يجب.
أمسكتْ بكتفيه، رفعته أمامها، مسحت شيئًا من دموعه وعرقه بِكُمِّ ثوْبِها، قَبَّلْتَ جبينَه، سألتْه:
- " يا عين أمّك، يا قلبي، صار شي؟"..
- "كل أولاد صفي سجلوا للرحلة، ودفعوا عشرة دنانير. ودفع عني الأستاذ المبلغ، وأنا ما بدّي أروح".
- " إذا كان الأستاذ دفع المبلغ، فليش ما تروح؟!".
- " لأنّي بحاجة لنفس المبلغ أدفعه للطلاب مشان الأكل والشرب واللعب".
تفحّصتْ الأم البيت (كان غرفة واحدة) فلم تجد إلا رقمًا كان صاحبُ الدكان يسجله على علبة الجبنة بعد أن يتفحص جسمها ويغمزها من يدها. عادت بعد ساعة بخيبة وعشرة دنانير دفعتْهما ثمن رحلة أحمد ولكن من الحياة إلى الموت حين وجدتْه محروقًا بسلك كهربائيّ لامسَ يديه"..
بعد أيام، تناقل الجميع حديث موت أحمد. سمعت الأم أولاد الحارة يقولون:
"رأينا أحمد يعود من الدكان بسرعة. كان يبكي ويعصر عينيه بيديه"....