مات ابني - مات ابني - مات ابني - مات ابني - مات ابني
تنويه :وليد في القصة صديق شلتي في الكلية وانا كتبت قصته لأقول أن بعض المشاعر حين نمنحها بلا ثمن هي بمثابة عمر للبعض ...و كم من وليد في حياتنا..قصة للاعتبار
تيتم مرتين ..مرة حين فارقت أمه الحياة ..ومرة أخرى حين جاء به والده من مدينة بعيدة و تركه بعينين دامعتين في المشفى ..راجعا يجر أذيال الخيبة و الألم ..ليبقى بلا أم ولا أب ولا أمل
في تلك الليلة منذ أكثر من ثمانية أشهر ...كان كل الأطفال نائمين في قسم السرطانات ...لم تتمكن عيناي من مداعبة أحلامهم ..لكنها بلا شك كانت كبيرة .. حين عرفت وليد ذي العشر سنوات طفلا يخضع للعلاج الكيميائي من واحد من أكثر السرطانات ندرة ... ونشأت بيننا ما أردته صداقة وما أراده وليد شيئا آخر...
***
في كل مرة أراه يأتي مهللا .. وبينما يطلب بقية الأطفال الحلوى يطالب هو بنصيبه مني ومن الحكايا ...
يتشبث بأذيال ثوبي قبل أن أغادر راجيا مني البقاء وفي كل مرة يؤخرني ...ترى ما الذي يريده وليد ؟
- أنت ماما ...
لا أدري إن كانت كلماته تلك قد صعقتني أو أذهلتني ..أو أي شيء المهم أني فقدت القدرة على الحراك ...صديقي الصغير يريدني أما له ؟ أي إرادة هي؟
- أنا لا يمكنني ذلك ..وليد كف عن هذا لدي ما أفعله في المساء ...أحلاما سعيدة يا صديقي
- أنت ماما
لم اكن لأقسو عليه ..لكن لن أسمح له بالتعلق أكثر بي ..فظروفي لا تسمح وكذا ..ماذا ؟ هل يعقل ؟ أمضيت الليل أفكر في وليد ..هل آذيته بقسوتي ...الهي.. أتراه أيقظ شعور الأمومة في داخلي ... مجرد حماقات هي ...و علي أن أنسى ..
حاولت أن امسح من ذاكرتي ما حصل لكن طيفه ظل يراودني ...من لوليد ؟ ولكل الأطفال أهل يزورونهم الا هو فليس له إلا أنا ؟ تبا لي ..سأركز الآن ..ولن أزوره إلا بصفة متقطعة ...
جاء المساء مجددا ..لاجدني أحمل تلك المجموعة القصصية وأمضي الى وليد ..لكن وليد ليس موجودا ..ما الذي حدث ؟
- وليد تدهورت حالته وهو في العناية المركزة يحتاج الى متبرع ثالث بالدم ولا يوجد أحد الآن – تبرعت بدمي منذ شهرين ..تحتاج الخلايا الى ثلاثة أشهر لتستكمل تجددها....الأمر مستعجل لا حاجة للتفكير
- دكتور يمكنني التبرع فصيلة دمي موافقة لفصيلة دمه..لم أتبرع منذ أكثر من أربعة ..." قصدت أسابيع " لكن الدكتور لم يتركني أستكمل حديثي ..وتم كل شيء بسرعة ..
زرت وليد بعد يومين ..كان يشع فرحا كعادته ..فكره أكبر بكثير من عمره ...حدثني عن أحلامه و آماله ..لم يكلمني يوما عن الموت المحيط به في كل دقيقة
في ذلك المساء ..هممت بالمغادرة ..حين جاءني صوته الطفولي آمرا هذه المرة...
- أمي لن أترجاك أن تبقي انه واجبك الآن ...فأنا أحمل دمك ..وأنت منحتني من حياتك بعض الحياة مجددا ...
لكن عبارته هذه المرة لم تفاجئني بقدر ما أسعدتني..لقد تبنيته عاطفيا نعم تبنيته ...ومنذ تلك الليلة صار لدي ابن أقلق عليه وأهتم له و به ..
***
قضيت ليلة الأربعاء إلى جانبه ...وعلى غير عادته كان وليد يحدق إلى اللامعقول ..كأنه يناجي السماء... كان خوفي عليه مجنونا .. وحديث الدكتور يرن في أذني" سوف لن يعيش طويلا ...لن يعيش "...لم ينم وليد ..كما أنه كف عن ثرثرته التي أعشقها ...جلست إلى جانب سريره محدقة تارة ومتضرعة إلى الله تارة أخرى أن يبارك في عمر صغيري ...
الى أن جاء الصباح ...طلب مني البقاء لكن دراستي لا تسمح ..وعدته بالمجيء مساء وبسرعة ..لكن عيونه كانت تخفي ألما صارخا ..
- وعدتك أن أنجح ... عديني أيضا أن تنجحي ..
- نعم ..سأفعل ..انتثرت دموعي وأنا أحتضنه ...لم أعرف لم ..لكن شعورا مخيفا بدأ يتسلل الى داخلي أني سوف لن أرى وليد مجددا ...
جاء المساء وليته لم يأت ...اذ جاء معه هاتف الدكتور المعالج " تعازينا لقد رحل وليد ...وقد استلمه والده منذ الساعة الحادية عشر ..لم نرد أن نزعجك "
أي خبر هذا؟ أي عالم مجنون هو ؟ يرحل الأحبة واحدا تلو الآخر ؟
رحل ابني وليد ..ورحلت معه أحلامه الطفولية وأحلامي ..حتى وهو ميت لن أستطيع رؤيته فقد أخذه والده الى قريته البعيدة .. مشيت لا أدري إلى أين تقودني قدماي ..
ولا أدري أيضا ماذا أكتب ..سوى أني أصبحت حقا أما ثكلى ....
لا حول ولا قوة الا بالله
طير من طيور الجنة ان شاء الله يا وليد...
لا أعلم أي الكلمات أبعث بها لكِ يا لحن الجراح..هل أواسي حروفك النازفة أم عساني أعزي كلماتك المليئة بالألم...
هو قدر الله يا لحن الوفاء وعلينا الحمد والشكر دائماً
فالحمد لله الذي لا يحمد على مكره سواه
ولا حول ولا قوة الا به
لا حول ولا قوة الا بالله
طير من طيور الجنة ان شاء الله يا وليد...
لا أعلم أي الكلمات أبعث بها لكِ يا لحن الجراح..هل أواسي حروفك النازفة أم عساني أعزي كلماتك المليئة بالألم...
هو قدر الله يا لحن الوفاء وعلينا الحمد والشكر دائماً
فالحمد لله الذي لا يحمد على مكره سواه
ولا حول ولا قوة الا به
عزيزتي حنان
ما يروق لي هو قدرتك على الفهم بعيدا عن اللوم ..والعتب الا وقت اللزوم طبعا ...
مات وليد الذي اعرفه ..وليد الذي تبنيته وتبنيت احلامه بعده ..لكن كم من وليد ينتظر ؟ كم شخص كبيرا كان او صغيرا بعض الدفء منا يجعله انيانا ؟
لم اخسر شيئا حين كنت مع وليد ...بل ربحت انسانيتي ..اتراك فهمتني
مودتي
دمتم بعز
لحن الوفاء انتي
رحم الله ابنك وليد
افرحي كثيرا فهو سبقك الى الجنة
ومن دون تفكير ...فالفرص لا تعوض
لنتعلم جميعاً ان نعطي بلا حد..احسنت
ام يحي صديقتي
مرورك اسعدني ...وليد رحل ..و لكن طفولته ظلت معي ...وارجو ان اتعلم منه ..وان نعمل جميعا على اسعاد الآخر ايا ما كان موقعه منا ....
شكرا
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشقة المارد الأخضر شروق
لا حول ولا قوة الا بالله
أعانك الله يا لحن .. لكن هذا هو القدر لا بيدنا أن نغيره ولا أن نؤجله ..
هو طير من طيور الجنة .. رحمه الله وأعانك يا حبيبتي ..
دمت بحفظ الله ..
عزيزتي شروق
ليس بيدنا أن نغير من الأقدار ..ليس بيدنا ان نستعيد من رحلوا ..لكن بيدنا ان نعد من هم موجودون ..ان نمنحهم بعضا من العمر
لا ينقص ذاك ولا يزيد في اعمارنا اليس كذلك ؟
دائمآ سنكون امام خيارات كثيرة في هذا الكون
قد يجد الانسان نفسه مرغمآ على ان يعيش مأساة والاصعب ان تعيش هذه المأساة معه
هذا واقع يعيشه الكثيرين ولا بد من الرضاء في النهاية
"من النادر جدا أن يلطمني نص على وجهي
ونصك أحد تلك النصوص التي فعلت ذلك "
أن تكون قصة من وحي الخيال ستفجرنا قهرا ومقتا
فكيف إذا كانت من وحي الواقع المرّ
من وحي فقدان قرة العين ومرتين
من وحي الدواء العلقم
من وحي الطفولة التي رحلت منذ بدايتها وألقيت على عتبات ومشارف بقية
عمر،،
من وحي غرفة معدمة إلا من الأجهزة الطبية تقتل الصحاح " معنويا "
بمجر النظر إليها،،
"تيتم مرتين ..مرة حين فارقت أمه الحياة ..ومرة أخرى حين جاء به والده من مدينة بعيدة و تركه بعينين دامعتين في المشفى ..راجعا يجر أذيال الخيبة و الألم ..ليبقى بلا أم ولا أب ولا أمل "
هذه بداية والله إنها تدمع العين وتفجع القلب لكل عابر لحكايتك
فقد شدتني لاستكمال بقيتها لتترك في النهاية مليون غصة في القلب
وصدقيني أختي الكريمة تركت فسحة لزوجتي لتعاني ما عانيته أنا
في قراءتها،،
" مات ابني،،"
يخيل لأي قارئ بأنه ابنك حقيقة إلا عندما يغرق في الحكاية
ليكتشف أن الأمومة ليست ولادة وإنما حنان وعلاقة مدادها الرأفة بالابن
والعطف عليه،،
"في كل مرة أراه يأتي مهللا .. وبينما يطلب بقية الأطفال الحلوى يطالب هو بنصيبه مني ومن الحكايا ...
يتشبث بأذيال ثوبي قبل أن أغادر راجيا مني البقاء وفي كل مرة يؤخرني ...ترى ما الذي يريده وليد ؟
- أنت ماما ..."
كلهم يطلبون ما يفتقدونه وهو واحد منهم
فقد أراد الأم التي فقدها عند أول عمره فجأة
ورآها مرة أخرى بعد أن أوشك هو على الرحيل
نعم يا لحن الجراح
كنت له أمّا وبحرا لا حدود له من الحب والعطف والحنان
كنت له كل الحكايا التي أحبّ سماعها
وكنت أنت أيضا تلك التي لم تخن قلمها حين أمسكت به
هذه القصة ينبغي لها أن تعلق على ما يسمى بحائط الشرف في المنتدى