أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بين يدي الساعة سنوات خداعات ، يُصدّق فيها الكاذب ويُكذّب فيها الصادق ، ويُؤتمن فيها الخائن ويخوّن فيها الأمين ، وينطق فيها "الرويبضة" ! قالوا ومن الرويبضة يا رسول الله؟ قال : التافه يتكلم في أمر العامة!
ونشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الصادق المصدوق ، وأن هذا الكلام الذي نطق به معجزة من معجزاته ، لأن الله هو الذي أخبره بهذا..
ومعنى قوله : "بين يدي الساعة" هذه السنوات الخداعات ستكون قبل قيام الساعة ، ونشهد أننا نعيش في زماننا هذه السنوات الخداعات ، إن العالم كله يعيش الآن هذه السنوات الخداعات .
والخداع هو التزوير ، تزوير الأشياء وقلب الحقائق وتحريف المعاني والقيم ، وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض مظاهر وألوان هذا الخداع والتزييف :
المظهر الأول : تزييف حقيقة الصدق ، ففي هذه السنوات يُكذّب الصادق الحقيقي ، بينما يُصدّق الكاذب ، لأن الصادق الحقيقي يكون محاربَاً منبوذاً ، بينما يملك الكاذب القرار والإعلام ، فيخادع الناس ، ويشوه سمعة الصادق ، ويقدم نفسه على أنه هو الصادق المصدوق ، فيصدقونه..ألا ترون وتسمعون هذا عبر مختلف وسائل الإعلام؟
المظهر الثاني : تزييف حقيقة الأمانة ، ففي هذه السنوات يُخوّن الأمين ، وتشوه صورته ، ويُقدّم للناس على أنه الخائن السارق المرتشي..أما الخائن الذي يستلم الأمر ويتحكم في الإعلام فإنه يخادع الناس ، ويريهم أنه هو "أبو الأمانات" ، وأنه الحريص على الأموال العامة والخاصة ، مع أنه سارق خائن ، يسرق المليارات ويبيع الأوطان ويتاجر بالأعراض والدماء .
المظهر الثالث : ثمرة هذا الخداع والتضليل وتزييف الحقائق والقيم وغسل دماغ الشعوب المخدوعة ؛ ثمرة هذا اختفاء الصالحين الصادقين الأمناء الأوفياء ، الذين تُشن عليهم حرب إعلامية مخادعة ، فيكذبهم الناس ويخونونهم ، ثم يطردونهم..
والبديل عن الصادقين الأمناء هم الكاذبون الخائنون ، هم الذين يظهرون ويمتلكون ، ويكونون الحكام والأمراء والمسؤولين والوزراء ، ورجال المال والأعمال والاقتصاد والإعلام ، ويواصلون التزوير والتزييف والخداع .
وقد سمى الرسول صلى الله عليه وسلم الواحد منهم بأنه "رويبضة" ، وهي صيغة تصغير من "رابضة" من الربض والالتصاق بالأرض ، وعدم تولي الأمور ، تقول : هذه نفسٌ رابضة ، أي تافهة ، وهذه نفسٌ رويبضة ، أي أكثر تفاهة ونذالة .
ولذلك لما قالوا : ومن هو الرويبضة؟ قال : التافه يتكلم في أمر العامة!
"الرويبضون" التافهون الساقطون هم الذين يلون أمور الأمة في كل مجالاتها في سنوات الخداع الحالية .