وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1)
وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1)
د. محمد أبو صعيليك
المستقبل والمرحلة القادمة جزء من الغيب المجهول، ولا يمكن للبشر معرفة المستقبل بالظن والتخمين، بل لا بد من خبر يقين يدل عليه، ويخبر عنه، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسبة للمسلم حق وصدق، وهي خبر يقين بالنسبة له.
ولما كان المستقبل من المرحلة القادمة في حياة الأمة المسلمة بهذا الكيف؛ كان لا بد من استجلاء معالم المرحلة القادمة من خلال أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المخبرة عن مستقبل أيام الأمة، وخاصة تلك الاحاديث المبشرة بنشر الإسلام والمسلمين، والتي عقد هذا المبحث لجمعها، وأقيم لبيانها ونشرها بين الناس، وذلك من أجل وصف تلك المرحلة القادمة في حياة الأمة المسلمة.
وعند النظر في الأحاديث النبوية الشريفة المبشرة بنصر الإسلام والمسلمين، والتي جمعناها وبوبناها فيما سبق من مقالات؛ نستطيع أن نحدد معالم المرحلة القادمة في حياة الأمة، وأن نصف من خلال النصوص النبوية مستقبل الأمة المسلمة في أيامها القادمة.
وقبل أن نحدد تلك المعالم التي تكون بها المرحلة القادمة؛ لا بد أن نشير هنا إلى الارتباط الوثيق بين مشكلات الأمة المسلمة الراهنة، وبين معالم المرحلة القادمة، ففيها حلول لها، وتخلص من تبعاتها وإلقاءاتها، وخروج بالأمة المسلمة منها.
ولا بد كذلك من التنويه هنا إلى أن وصف المرحلة القادمة بعون الله تعالى ليس بحديث الأحلام المحلقة، ولا تحليق الخيال المجنح، بل هو استلهام للنصوص التي وردت عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وقد جمعنا في هذا البحث منها جملة صالحة يمكن أن يوصف المستقبل القادم من خلالها.
كما لا يفوتنا التنبيه هنا إلى أن استشراف المستقبل من خلال النصوص الصحيحة لا يعطينا الحق في الجريان وراء معادلات رقمية يفهم منها هلاك الجهة الفلانية وغيرها، ولا يعطينا الحق في تعجل الأمور في تنزيل النصوص على وقائع معينة، ثم لا تلبث هذه الوقائع أن تتغير وعندها تكذب النصوص الشرعية، فنحن نصف أخذاً من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكننا لا نحدد سنة ما، ولا نشير إلى شخص ما، ولا إلى جهة ما، بل نبقي الأحاديث الشريفة على عمومها، وذلك توقفاً منا حتى لا تنزل الأحاديث على غير موضعها.
وبعد هذا أقول بأن الأحاديث النبوية الشريفة المبشرة بنصر الإسلام والمسلمين تحدد لنا معالم المرحلة القادمة تحديداً حقيقياً يتراءى للمسلمين، ويمكننا وصف معالم تلك المرحلة القادمة بعون الله تعالى، وذلك كما يلي:
1- عودة الخلافة الإسلامية إلى الأرض: حيث إن هذه الخلافة الراشدة سوف تعود إلى الأرض كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيكون مقر هذه الخلافة بعون الله القدس الشريف، وهذا يقتضي تخليص بيت المقدس من يد اليهود، حيث إنها ستحرر بعون الله تعالى منهم قبل ذلك، وتكون عاصمة للخلافة الإسلامية في آخر الزمان.
وفي التعبير عن هذا المعنى؛ يقول الشيخ الشهيد عبدالله عزام رحمه الله: فهذا يعني أن المنطقة قبل المعركة الفاصلة لا بد أن تكون محكومة بالإسلام، ويهيمن الإسلام على الجندي والقائد والحاكم والمحكوم، بدليل أن الشجر والحجر ينادي يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله.
2- زوال أنظمة المنطقة بكاملها لصالح دولة الخلافة الراشدة: حيث إن النصوص تخبر بعودة الخلافة الراشدة التي تكون على منهاج النبوة، وهذا يقتضي بالضرورة زوال أنظمة المنطقة واضمحلال دولها، يستوي في هذا الشرقي منها والغربي، اليساري واليميني، التقدمي والرجعي، إلى غير ذلك مما جرب في حياة الأمة المسلمة، وأذاقها الويلات، وكان عوناً لأعدائها عليها، وليس هذا الذي نقوله إلا ما تخبر به النصوص النبوية الشريفة التي تتحدث عن عودة الخلافة الإسلامية الراشدة إلى الأرض، وإذا عادت بعون الله تعالى أخذت مكان كل من حكم بلاد المسلمين قبل ذلك، وهنا يعني بالضرورة زوال تلك الأنظمة والدول التي ما كانت تحمل من هذا الدين إلا الاسم، ولا تكاد تطبق منه إلا الاسم، ولعله لا يكون حتى الاسم فيها مطبقاً.
3- زوال دولة اليهود والقضاء عليهم: تتحدث النصوص النبوية عن قتال يكون بين المسلمين واليهود، وهذا القتال يكون على مرحلتين:
- المرحلة الأولى: مرحلة إزالة وهزيمة وهذه تكون قبل المهدي عليه السلام، ومع بداية عودة الخلافة الراشدة، وفي هذه يهزم اليهود، وتذهب دولتهم، لكن لا يبادون إبادة تامة، بل يبقى منهم رعايا في ظل دولة الخلافة الراشدة.
وفي هذا المعنى يقول العلامة الشيخ سعيد حوى رحمه الله: إن دولة اليهود الحالية على كل الاتجاهات في الفهم للنصوص ستنتهي، وليس نهايتها معلقة بنزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وهذه المرحلة قادمة بعون الله تعالى كما تشهد النصوص، ولكن متى يكون ذلك، هذا أمر لا يعلمه إلا الله سبحانه.
- المرحلة الثانية: مرحلة الإفناء والإبادة لليهود من العالم كله، وهذه ستكون على يد عيسى بن مريم عليه السلام وجنوده المؤمنين، وبعدها لن يبقى يهودي على وجه الأرض كلها، وهذه المرحلة تحل في المعضلة الشائكة التي هي سبب في كثير من الاحتقانات السياسية والعسكرية في المنطقة، وتعود فلسطين والقدس إلى يد المسلمين، ويأتي الله تعالى بقوم حقيقين بفلسطين عليها ولا يدعوها نهباً للغزاة من كل أمة.
4- كثرة الفتوح: تكثر الفتوح على المسلمين في المرحلة القادمة المستقبلة، وهذه الفتوح تبدأ من قيام دولة الخلافة التي يكون عاصمتها القدس، وتستمر لتشمل أيام المهدي عليه السلام، وايام عيسى بن مريم عليه السلام، وقد سبق لنا ذكر الأحاديث التي تحدث عن فتح القسطنطينية ثانية، وفتح روما، وفتح الهند ثانية، ولا شك أن ما لم يصل المسلمون إلى فتحه في الأيام السابقة، فسوف يفتح بعون الله تعالى، وتنفيذاً لوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة بكثرة الفتوح التي تشمل بلاداً كثيرة لم يصل إليها المسلمون، وهذه الفتوح تكون في وقت عزة للمسلمين ومنعة لبلادهم.