مشهور حديثة الجازي.. 8 ساعات صنعت تاريخا - مشهور حديثة الجازي.. 8 ساعات صنعت تاريخا - مشهور حديثة الجازي.. 8 ساعات صنعت تاريخا - مشهور حديثة الجازي.. 8 ساعات صنعت تاريخا - مشهور حديثة الجازي.. 8 ساعات صنعت تاريخا
مشهور حديثة الجازي.. 8 ساعات صنعت تاريخا
علي سعادة
السبيل
هذا الرجل، الذي تصادف اليوم الذكرى الثانية عشرة لرحيله، من النفر القليل ممن لم يشدهم المنصب إلى الأسفل، بل ارتفعوا به نحو آفاقهم الواسعة، وإذا أحسوا بأن المنصب قد يثقل أرجلهم ويحد من قدرتهم على التحليق أزاحوه بعيدا، وواصلوا رحلة الصعود. فالمرء كما يقال حيث يضع نفسه.
ثمة نفر من الرجال تأبى نفوسهم التحليق إلا في المرتفعات والفضاءات الرحبة، تماما كما قال الشاعر الانجليزي موردنت: "ساعة حافلة بالأمجاد تساوي عمرا بلا أمجاد".
وهذا لنفر من الرجال يفعل كثيرا ويتحدث أقل، فالطيور التي تصيح كثيرا لا تصطاد شيئا، والأمور عندهم لا تقاس بالسنوات، وإنما بمقدار ما يكون مع نفسه، هذا الرجل اكتفى من التاريخ بثماني ساعات فقط، بدأت الساعة الخامسة والنصف من صباح يوم 21 آذار وانتهت الساعة الواحدة من ظهر ذلك اليوم تقريبا، وكانت هذه الساعات تساوي عمرا بأكمله من تلك الأعمار التي لا يحفل أصحابها بإضافة شيء مضيء إليها.
وفي ذلك اليوم كان موشيه دايان وزير الدفاع لإسرائيلي ورئيس الوزراء ليفي اشكول ورئيس هيئة الأركان حاييم بارليف يشنون هجوما واسعا على مخيم الكرامة في منطقة الشونة الجنوبية لتدمير رجال المقاومة ومنع الأردن من الوقوف جانبهم، وتحركت ثلاثة ألوية مدرعة وثلاثة ألوية مشاة محملة بالمجنزرات باتجاه نهر الأردن تحت حماية الطيران وتم إنزال كتيبة مظليين اسرائليين شرق النهر.
ودمر القصف المدفعي الكثيف بلدة الكرامة كاملة وأخذت المدرعات والدبابات الإسرائيلية في التقدم، وبعد أن تأكد الإسرائيليون من أنهم حققوا أهدافهم وأخذوا يستعدون للانسحاب، بدأت القوات المسلحة الأردنية ورجال المقاومة بالرد.
وكان مقر اللواء مشهور حديثة قائد الفرقة المرابطة في المنطقة أحد الأهداف التي كثف طيران العدو الإسرائيلي من هجماته عليها، ورغم انه تم تدمير المقر إلا أن اللواء الجازي لم ينسحب من موقعه، واضطر إلى الاعتماد كلية على جهاز اللاسلكي في إدارة المعركة وتوجيه جنوده الذين خاضوا معركة الأمة، وألحقوا هزيمة بالجيش الإسرائيلي، ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي يتم إسقاط طائرات للعدو والاستعلاء على دباباته وآلياته المدمرة وعرضها أمام الأردنيين لمشاهدة بقايا الهجوم الإسرائيلي في ذلك اليوم الذي بات يوما وطنيا أردنيا فلسطينيا وعربيا، فالبنادق الأردنية والفلسطينية رسمت لوحة الانتصار الذي عمده الدم، الذي كما يقال أكثر كثافة من الماء.
وكان مشهور حديثة الجازي أحد صانعي الانتصار الرئيسيين الذي تحمل مسؤولية نفسه ومسؤولية جنوده وقاتل كما يفعل المحاربون الذين يقدمون الموت على الحياة، وكانت معركة الكرامة جائزته الكبرى، فإنما تعرف الأشجار من ثمارها، وكذلك الرجال..
ولم يكتف الرجل بهذه الساعات من التاريخ وإنما اختلس حزمة أخرى من الضوء بعد ذلك بعامين فقط، وبصمت غريب انسحب الرجل عن خشبة المسرح، وبقى صامتا.
واحتجب الرجل واكتفى بالظهور فقط في الأيام الوطنية القومية، فتاريخه الشخصي لا يسمح له بأن يشترك إلا بما يتوافق مع ذاته المحلقة عاليا.
ونسترق النظر قليلا ونقرأ في سيرة الرجل الذاتية بأنه من عشيرة الحويطات وأحد أحفاد الشيخ حمد بن جازي نائب بدو الجنوب في المجلس التشريعي منذ إنشائه عام 1929 وحتى إعلان الاستقلال المملكة عام 1946، ونائب في مجلس النواب منذ عام 1947 وحتى عام 1956.
ونسترق المزيد من النظر ونقرأ بأنه ولد عام 1928، ودخل الخدمة العسكرية وعمره لم يتجاوز الخمسة عشر عاما، وخدم كجندي في مخافر البادية حتى عام 1946 حيث اختير مع مجموعة من زملائه من أبناء العشائر للالتحاق بدورة ثقافة خاصة في معسكر العبدلي بعمان حيث أنهى دراسته الثانوية العامة والعسكرية وتخرج في العام التالي كمرشح ضابط تلميذ عسكري والتحق على الفور بكتيبة المشاة الثانية في اللواء الثالث.
اشترك بعد ذلك بحرب أيار عام 1948 في معارك القدس وباب الواد واستمر بالخدمة العسكرية وتم ترفيعه إلى رتبة ملازم أول حيث نقل إلى قوة الدروع التي شكلت حديثا وتسلم موقع قائد سرية دروع ثم أصبح مساعدا لقائد كتيبة المدرعات الثانية، وهي الكتيبة التي أدت دورا هاما مع باقي وحدات القوات المسلحة الأردنية في تعريب الجيش بعد قرار التعريب في الأول من آذار عام 1956، وقامت هذه الوحدة بمرافقة قائد الجيش السابق الجنرال غلوب إلى منزله وحراسته حتى مطار عمان العسكري حيث غادر البلاد وسلمت قيادة الجيش إلى أبناء الأردن.
تدرج الرجل في الخدمة العسكرية حتى أصبح برتبة لواء وقائد فرقة حيث شاركت فرقته في معركة الكرامة، وفي عام 1968 تمت ترقيته وتعيينه نائبا لرئيس الأركان ثم بعد ذلك بعام أصبح رئيسا للأركان العامة للقوات المسلحة الأردنية برتبة فريق وبقى في الخدمة حتى 15 أيلول 1970 حين رأى بأن أيدي مندسة وقلوب سوداء تسعى إلى إيقاد الفتنة بين أبناء الوطن الذين عمد دم الشهداء علاقتهم العضوية. وفي ذلك العام عين مستشارا عسكريا للملك، ولم يستمر طويلا هنا إذ لم يلبث أن أحيل على التقاعد في أواخر عام 1970.
مضى الرجل وهو ما يزال متعلقا بفلسطين وبالأردن، كان يعتقد بأن هذه الفترة السيئة من تاريخ الأمة العربية ستنطوي، وستكبر الأمة ولا يمكن "لإسرائيل"السيطرة عليها وإهانتها، فالمستقبل سيكون لصالح هذه الأمة، حيث لا يوجد مستحيل، فقد كانت معركة الكرامة درسا مبكرا من أصغر قوة في المنطقة، أي القوة الأردنية، بإمكانية الانتصار إذا توفرت الإرادة والروح الوثابة التي تنظر دائما نحو قباب الأقصى وأنوار القدس وكبرياء عمان.
الرجل يحتجب الآن مكتفيا بثمان ساعات هي عمر بأكمله.
رحمة الله عليك يا مشهور حديثه الجازي وكم رجلاً يعدو بألف رجلاً وكم رجلأً يمر بلا عدادي
المجد والخلود لجميع الشرفاء والخزي والعار للخونه والمتخاذلين
عاشت فلسطين حره عربيه
ابو محمد عماد
نبيل
khaled salameh
خالد صلاح الديسي
شكرا شكرا على اطلالتكم البهية
ورحمك الله رحمة واسعة يا مشهور حديثة الجازي الحويطات وأدخلك الفردوس الأعلى من الجنة
انه هو السميع القريب المجيب لا يضيع أجر من أحسن عملا