الأندونيسية الفلسطينية - الأندونيسية الفلسطينية - الأندونيسية الفلسطينية - الأندونيسية الفلسطينية - الأندونيسية الفلسطينية
الأندونيسية الفلسطينية
الثلاثاء, 24 أيار 2011 00:24
د. ديمة طارق طهبوب
في الوقت الذي تضيق فيه دوائر العرب على جنسياتهم الإقليمية، ويتنازعون أو يتخلون عن قضاياهم المصيرية بحسب بقعهم الجغرافية ما بين الشمال والجنوب والشرق الغرب، وألوان الملابس وأغاني التراث والدبكات، يعلمنا المسلمون، من خارج بقاعنا التي تتقن الفرقة والتقسيم، كيف يكون الانتماء والعمل للإسلام عقيدة وجنسية وعبادة وحياة وحاضرا ومستقبلا ودنيا وآخرة.
في الوقت الذي نتقن نحن العرب الفخر الفارغ والجعجعة بلا طحن، فنحن أبناء جلا كما قال الحجاج، ونحن الذين نظر العميان إلى آدابنا واستمع الصم لكلامنا كما قال المتنبي، نجد شعوبا مسلمة تعمل بصمت الأتقياء الأخفياء ويجري الله من الفضل على أيديها ما يشبه المعجزات.
بالأمس فارقتنا إلى رحمة الله يويويسرى النائبة الأندونيسية ووكيلة وزارتي الاعلام والدفاع، والقيادية في حزب العدالة والرفاهية، أكبر أحزاب أندونسيا، والناشطة في دعم فلسطين، اسم قد نجهله نحن الجاهلون، ويعلمه رب السماء الذي ألقى محبتها في كل أرض وطأتها، وفي قلوب كل من تعرفوا عليها.
عندما التقيتها أسرتني وداعتها وسكينتها وحرصها أن لا تفوتها شاردة ولا واردة ما دام الموضوع يخص فلسطين، كنت أنظر إليها وأتذكر ما قاله طوقان في وصف الشهيد:
صامت لو تكلما
لفظ النار والدما
قل لمن عاب صمته
خلق الحزم أبكما
كان بها تواضع عجيب لا يشي بمنصب ولا مسؤولية، كانت الاستثناء ممن نعرف من المسؤولين الذين يفسدهم الكرسي فينظرون إلى الناس من عل ويقطعون ما كان من حبال التواصل أو الود! كان تتمثل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم نزلت عليه الرسالة فقال لخديجة رضي الله عنها: ولى عهد النوم، فكانت يويويسرى تنام ساعات قليلة ما بين المواعيد وعلى كنبة السيارة، وكأني بها تشكو مثلما شكا سيدنا عمر فقال: متى أنام، إن نمت بالليل ضيعت حق ربي، وان نمت بالنهار ضيعت حق الرعية، فمتى أنام؟!
ومن أراد أن يعرف فضل الاسلام على من تحسن تمثله من النساء، فلير حياة يويويسرى فقد كانت أما لثلاثة عشر ولدا وبنتا منهم يحيى عياش وأعز جندنا وجعفر الطيار، كما كانت سياسية وناشطة. وما من نشاط أو عمل اسلامي دولي الا كان لها قدم سبق فيه، لم تمنعها الأمومة وأعباؤها أن تكون مناضلة مجاهدة عالمة تجمع أفضل ما في الدنيا لبلوغ أفضل ما في الآخرة.
أوصلتها أشواقها مرتين إلى تلك البقعة الطاهرة التي فرضت نفسها على تاريخ البشرية بالتضحية والصمود، غزة، ولكنها لم تكن تذهب اليها سياحة ولا اثبات وجود أو تسجيل نقاط في سيرة ذاتية، ذهبت إليها بنية الجهاد والدعم، وجمعت وحدها ستة ملايين دولار لغزة، اشترت بها أجهزة أشعة للمستشفيات.
تروي عنها صديقاتها اللواتي رافقنها في قافلة شريان الحياة 5 أنها كانت تقول لهن بعد صلاة الفجر: «المرابط لا يقرأ الوظيفة الصغرى من الأذكار بل الوظيفة الكبرى». وأنها أمسكت بمسبحة أحد المجاهدين في غزة وهو يحمل سلاحه باليد الأخرى، وقالت له -وهي تشير إلى المسبحة-: «هذه أقوى من هذا»، تقصد السلاح.
هذه النماذج تجعلنا نستحي من تقصيرنا في الدنيا، ونخاف من يوم لا تغني فيه الأسماء والألقاب والجنسيات شيئا «فإذا نُفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون».
رحمها الله وتقبلها في الشهداء بنيتها وعملها، وأبدل الأمة خيرا يفعل طاقات النساء ويخرج الرجال عن صمتهم أمام الباطل وخورهم في دعم الحق.
نساء لمع نجمهم في سماء النضال لاجل القضيه و لاجل الحريه
في زمن صارت به الرجال اشباه رجال تتنازع على كراسي و مناصب باسم مصلحة الوطن
المجد و الخلود لكل من ناضل و كافح و ضحى لاجل قضية فلسطين