الإسلام يكتسح أوروبا و أميركا و المسيحية تنكمش و تتراجع
الإسلام يكتسح أوروبا و أميركا و المسيحية تنكمش و تتراجع - الإسلام يكتسح أوروبا و أميركا و المسيحية تنكمش و تتراجع - الإسلام يكتسح أوروبا و أميركا و المسيحية تنكمش و تتراجع - الإسلام يكتسح أوروبا و أميركا و المسيحية تنكمش و تتراجع - الإسلام يكتسح أوروبا و أميركا و المسيحية تنكمش و تتراجع
الدكتور راجح السباتين
الإسلام يكتسح أوروبا و أميركا و المسيحية تنكمش و تتراجع...
إنّ سرعة انتشار الإسلام تكاد تكون الخَاصّية الأبرز فيه، وهي الخاصيّة التي يتفوق بها على بقيّة الأديان، وما ذلك إلاّ لسهولته وبساطته وموافقة معتقداته وتعاليمه للفطرة والعقل البشريّ في الوقت ذاته. نقول هذا عن سرعة انتشار الإسلام في ظلّ ظروفٍ يرافقُها تراجعٌ مُخِيفٌ للمسيحيّة في الغرب، وبالذات في بريطانيا، "فهناك صعوبات مستمرة تواجه النصرانية في بريطانيا، أدَّتْ إلى هجر الكنائس إلا من العجائز؛ وبالتالي قلّةَ التبرعات والموارد المالية، وبهذا تتعرض المباني للإغلاق أو البيع .. بالإضافة إلى التخُّوف الرقميّ من أعداد المسلمين "الملتزمين"؛ خاصّة الشباب منهم، وهو ما عبّر عنه بابا الفاتيكان أثناء زيارته لـ "النمسا"، مخاطباً الأوروبيين بقوله: [إنّ مستقبل أوروبا المسيحية كئيبٌ ويُنذرُ بالخطر، خاصّةً إذا لم تُنجبوا الأولاد وتقيموا شريعة الرب]، مُحذّراً من انحسار الهوية النصرانية في ظل انخفاض معدّل المواليد وزيادة عدد المهاجرين المسلمين ... وقد أشارت الدراسة التي أصدرتها مؤخراً مؤسسة Christian Research إلى أنه بحلول عام 2050م سيتدنّى عدد المُرتادين للكنائس باختلاف عقائدهم في بريطانيا أيام الآحاد إلى أقل من مليون و900 ألف، وستتعرض أربع آلاف كنيسة بحلول عام 2020م للإغلاق إذا استمرَّ مُعدّلُ الغلق الحالي. وتتوقع الدراسة أن ينمو ويتضاعف عددُ المسلمين "الملتزمين"، حسب تعبير الدراسة، إلى 2.96 مليون وهو ثلاثةُ أضعاف العدد المتوقع لعدد النصارى الذين يحضرون "قُدَّاس الأحد". والصورة قاتمةٌ للكنيسة الإنجليكانية الرسمية، فالتقرير يتنبّأ أنه في عام 2040م، سيكون وضعُ رئيس الكنيسة "مُعدَماً تماماً"؛ حيث سيرعى مائةً وثمانين ألف مصلٍّ فقط في ست آلاف كنيسة فحسب، أي بمتوسط ثلاثين مصَلّياً لكلّ كنيسةٍ. وقالت دراسةٌ نشرتها صحيفةُ "صنداي تليجراف" البريطانية: أنّه من المتوقَّع أن يتراجع عددُ الكنائس في بريطانيا بحلول عام 2030م من ثماني وأربعين ألف كنيسةٍ إلى تسعٍ وثلاثين ألفاً، أي ما يُعادل خُمسَ كنائس إنجلترا. وأشارت الدراسة إلى أن كنيستين يتم إغلاقهما أسبوعياً، فيما تحتاج إعادةُ ترميم الكنائس على مدار السنوات الخمس القادمة إلى مليار جنيه استرليني، أي بمعدل مائتي مليون جنيه سنوياً، في حين لا تقدّم الحكومة سوى خمسة وعشرين مليون جنيه سنوياً لهذا الغرض ...( )
وقد بادرت الصحيفة بإطلاق حملةٍ بعنوان "أنقذوا الكنائس"، تهدف إلى حماية آلاف الكنائس من الاختفاء للأبد، وأظهرت الدراسة تراجعاً ملحوظاً في عدد الحضور بالكنائس، ونقلت عن قساوسةٍ قولهم: [إنَّ هناك آلافاً من الكنائس لا يدخلها سوى العشرات كلِّ يوم أحدٍ، في حين يندرُ التردّد عليها في باقي أيام الأسبوع].
وفي تعليقٍ له على الوضع السابق المتمثّل في إعراض الشباب المسيحيّ في الغرب وازدياد إقبال الشباب المسلم على المساجد يقول: البروفيسور "دافيد فوياس"، أستاذ الدراسات السكانية بجامعة "مانشستر": [إن المشكلة هي عدم حضور الشباب للكنائس لأنهم يستهزئون بمن يذهب، ويوجد تصورٌ اجتماعيٌ بينهم يَسِمُ مَن يحضر بالعار والاحتقار]. ويضيف: [إن شباب المسلمين مختلفون، فهم يعتبرون الدين ميراثاً يُعتز به، وهو مسألة هوية تتأكد عندهم بالتزامهم أكثر من آبائهم]( ).
وقد يقولُ قائلٌ: إنّ هذا الوضع قائمٌ في بريطانيا فقط، وإنه وضعٌ استثنائيٌ ولا يُجيز لنا أن ننطلق لتعميم القول بتراجع المسيحيّة وعدد مرتادي الكنائس في أوروبا. ونوردُ الردّ على هذا الاعتراض بذكرنا لكُلٍّ من الحقائق التالية:
أولاً: إنَّ الإسلام خلال الخمسين عاماً الماضية تقدَّم بخطىً حثيثةٍ، فقد ازدادت أعداد المسلمين في أوروبا وأمريكا في العقود الخمسة المنصرمة زيادةً ملحوظةً، لم تعد تقدَّر بالآلاف بل تقدَّر بالملايين العديدة، فتذكر الدراسات "أن الإسلام تنامى في أوروبا بنسبة 235 في المائة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، مقابل 47 في المائة للمسيحية، ومن خلال الأماكن التي يلتقي بها المسلمون، فبعدما كانت في فترة الستينات بضع عشرات، ثم بضع مئات في بداية الثمانينات وصل تعدادها الآن 7500 بين مساجد وقاعات للقاء المسلمين"، الأمر الذي اضطر عدداً من بلدان العالم الغربي إلى الاعتراف بالواقع الجديد، وذلك بالاعتراف القانوني بالإسلام( ).
ثانياً: أشارت عمليةُ مسحٍ حديثةٌ صادرة عن مركز الأبحاث الاجتماعية في "جامعة جورجيا" الأميركية، إلى أن الإسلام أسرع الأديان انتشاراً في "الولايات المتحدة" اليوم، ويبلغ عدد المساجد في أمريكا ـ بحسب المسح ـ ما يزيد على 1209 مساجد، بُني أكثر من نصفها خلال السنوات العشرين الماضية، وتتراوح نسبة الذين تحوّلوا إلى الديانة الإسلامية ما بين 17 و30 بالمائة( ).
ومن العجيب أنّ أعداد المهتدين للإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية تضاعف أربعَ مراتٍ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، "حيث تشيرُ الأرقام المنشورة إلى أنّ ثلاثين ألف أمريكي اشهروا إسلامهم بعد حادث سبتمبر،وذلك رقمٌ قياسيٌ في أمريكا، كما أظهرت دراسةٌ إحصائيةٌ جديدةٌ أعدَّها مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" عن المساجد بالولايات المتحدة: أنّ عدد المساجد بالولايات المتحدة قد ارتفع بنسبةٍ كبيرةٍ، حيث أكدَّ الدكتور إحسان يابقى ـ من جامعة كنتاكي الذي قام بإعداد الدراسة ـ أنّ ازدياد عدد المساجد يؤكد انتشار الإسلام وازدياد عدد معتنقية بالولايات المتحدة"( ).
ثالثاً: أصبحت بعضُ الكنائس الدانماركية معروضةً للبيع، بعد أن باتت فارغةً لا يدخلها إلاّ الأشباحُ، حسبَ تعبير بعض رجال الدين، فقد قررت إدارة الكنائس في الدانمارك عرض عشر كنائس للبيع قابلةٍ للزيادة، خاصّةً في العاصمة "كوبنهاجن" حيث أدار الناس ظهورهم للكنيسة ... ورغم أنّ نسبةَ المسجّلين في الكنائس حوالي 82% إلاّ أنّ عدد الذين يدخلونها لا يتعدّى 8%. ويقول الأمين العام للكنائس في الدنمارك "كاي بولمان" تعليقاً على قرار البيع: "إذا لم تُستعَمل الكنيسة للعبادة، فالأحرى أن تُستعمل كإسطبل"!.
ووضع عددٌ من رجال الدين حَظْراً على بيع الكنائس للمسلمين لتحويلها إلى مساجد، بحجّةِ أنَّ هناك طوائفَ مسيحيةً من خارج الدانمارك ترغب في شرائها أو استئجارها كالطوائف الرّوسية والصّربية،وخاصةً في العاصمة كوبنهاجن حيث التجمّعُ الكبير للمسلمين وقد يتحوّل معظمها لمقاهٍ ومنتدياتٍ ومراكز لشركاتٍ سينمائيةٍ ومراكز لعرض اللوحات الفنية. وتقول إدارة الكنائس: "إنّ الكنائس التي بُنيت في القرون الوسطى، والتي تنتشر في القرى وخارج المدن الكبيرة لن تصبح مطروحةً للبيع، ولكنّ فكرةَ بيعها للمسلمين مرفوضةٌ من كلِّ الجهات الرسمية والشعبية"( ).
رابعاً: كشفت نتائج الإحصاء السُكّاني الكنديّ عن تزايد أعداد المسلمين في كندا بشكلٍ ملحوظ، ممّا جعل الإسلام أسرع الأديان انتشاراً في كندا، وتشيرُ صحيفة "مونتريال جازيت" الكندية في مقالٍ نُشِرَ في الرابع عشر من أيار عام 2003 إلى أنّ المسلمين قد أصبحوا أكبر الأقليات في مقاطعة توبيك ـ إحدى أكبر المقاطعات الكندية ـ حيث قفز عددهم في المقاطعة من 108 ألف نسمة في أوائل العقد الماضي، إلى 141 ألف نسمة في نهاية القرن العشرين، وقالت الصحيفة: إنّ الفترة نفسها شهدت انخفاض أعداد أقلياتٍ أخرى، مثل اليهود الذين تناقص عددهم بنسبة 8%،حيث وصلوا إلى 90 ألف نسمة"( ).
خامساً: تتوقع جهاتٌ إحصائيةٌ رسميةٌ في فرنسا أن يصل عدد المسلمين الفرنسيين إلى عشرين مليوناً بحلول عام 2020، نتيجةَ إرتفاع عدد المواليد وسط المسلمين وانتشار الدين الإسلامي بين الفرنسيين، كما تتوقع تقارير أخرى أن يعتنق الإسلام حوالي خمسين ألف فرنسي سنويّاً، الأمر الذي سوف يجعل من الإسلام أكبر الديانات في فرنسا في المستقبل القريب( ).
سادساً: أثبتت الإحصاءات في ألمانيا أنَّ الإسلام هو الدِّينُ الوحيدُ الذي يتزايد عدد أتباعه باستمرارٍ، وأنَّ المسلمين الجدد هم من طبقة المثقَّفين والأكاديميين الألمان"، ويؤكد "عمر فندر بروك" ـ مستشار المركز الثقافي الإسلامي في بروكسل ـ أنّ المستقبل لصالح الإسلام في القارة الأوروبية؛ حيث إنّ عدد المسلمين في دول الاتحاد الأوروبي في زيادةٍ مستمرةٍ ويُتَوقّع أن يرتفع عدد المسلمين في غضون نصف القرن القادم إلى خمسين مليون نسمة، وفقاً لمعظم التقديرات، وهذا العدد يُداني حجم أكبر دول الاتحاد الأوروبي، ويضاهي حجم الغالبية الساحقة منها( ).
سابعاً: ذكرت صحيفة الفاتيكان "أوسرفاتوري رومانو" في عددها الصادر يوم الأحد الماضي "نقلاً عن الدليل السنويّ الحبريّ للفاتيكان طبعة عام 2008م" أنّ عدد المسلمين في العالم تجاوز عدد النصارى الكاثوليك، حيث بلغت نسبةُ المسلمين في العالم 19.2% فيما تُقدَّر نسبة الكاثوليك بـ 17.4%. وتستند هذه الأرقام إلى معلوماتٍ صادرةٍ عن الأمم المتحدة في عام 2006م، حسبما أوضح لصحيفة "الفاتيكان" مديرُ الدليل السنوي المونسنيور "فيتوريو فورمنتي" المسؤولُ عن هذه النشرة منذ 1996م. وقال "فورمنتي": "إنَّ نسبة الطوائف المسيحية مجتمعةً، والتي تضمُّ الكاثوليك والأرثوذكس والإنجليكان والبروتستانت، تبلغ 33% من تعداد سكان العالم، وأنَّ التزايد في تعداد المسلمين يرجعُ إلى ارتفاع نسبة الإنجاب في عائلاتهم، فيما تميل العائلات المسيحية في المقابل إلى إنجاب عددٍ أقلّ من الأطفال"( ).
ولعلّ الحقائق السبعَ الماضية وغيرها لتؤكِّدُ بما لا يدعُ مجالاً للشكّ في تقدّم الإسلام في الغرب وتراجع المسيحيّة الكاثوليكيّة التي يزداد على مدار الساعة عدد المعتنقين من أبنائها للإسلام ازدياداً كبيراً متنامياً، ولعلّ هذا الازدياد يُعتبرُ المفتاح الرئيسي لفهمنا لما سبق من تعليقاتٍ وحملاتٍ ومحارباتٍ يتعرّض لها الإسلام بين الحين والآخر، نعم لقد عاد الإسلام ليتألق من جديدٍ وليكون سبباً في إثارة قلقهم ومخاوفهم، هذه المخاوف التي عبّر عنها الكاردينال "جان لوي توران" مسؤول الفاتيكان المعنيّ بشؤون العلاقات مع الأديان الأخرى حين قال: إنّ العالم مهووسُ بالإسلام ... لا نريد أن يتنامى الانطباع بأنّ الأديان ذات وضعٍ طبقيٍّ، أو أنَّ هناك ديناً أفضل من آخر ... إن الإسلام مهمٌّ للغاية، ولكن هناك أيضاً دياناتٌ آسيويةٌ عظيمةٌ أخرى، والإسلام دين واحدُ... بالفعل إن الناس مهووسون بالإسلام]( ).