تأملات في آية قرآنية كريمة
قال الله تعالى:
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
إن من كريم الخلق وكمال الطباع أن لا تنس فضل من كانت بينك وبينه مودة.
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
لأن نسيان فضل صاحب الفضل من خسيس الطباع والأخلاق.
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
كيف تنسى مودة تلك الزوجة التي رضيت بك وعاشت معك وصبرت على حُلو معيشتك ومُرها!
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
كيف تنسى فضل صديقك الذي ربطتكم علاقة أُخوةٍ في الدين، ويأتي اليوم الذي تنتقم منه لسوء فهم منك!
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
أخوك الذي ولدته أمك تخاصمت معه بسبب تافه وقد كنتم تتقاسمون اللقمة سوياً، اين فضل الأخوة؟!
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
جارك الذي تبادلت معه أطباق الحساء وكنتم من قبل مثل الإخوة بل ربما أشد، والآن لا تُلقي السلام عليه لسوء ظن منك، أين فضل الجار؟!
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
زميلك في العمل الذي كان يساعدك ويعلمك، صرت تشتكي منه وتتأفف وقد كان من أقرب الناس لقلبك، أين فضله؟!
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
قاعدة قرآنية تحملك على الوفاء لكل من تربطك به علاقة.
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
لتكن هذه من أخلاقك وقاعدتك للتسامح والمودة.
رح يكون هناك وقفات لمقدمات السور القرآنية بإذن الله
وتتضمن اول عشر
اجزاء من القرآن
بالأضافة إلى اسرار ترتيب السور للامام السيوطي
لنفهم موضوعات السورة ومحورهآ الرئيسي
لنتدبر ما جآء به قرآننا الكريم الذي هو منهآج حياتنا
افتتح سبحانه كتابه بهذه السورة لأنها جمعت مقاصد القرآن، ولذلك كان من أسمائها: أم القرآن وأم الكتاب والأساس.
فصارت كالعنوان وبراعة الاستهلال، قال الحسن البصري: "إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن ثم أودع علوم القرآن في المفصل ثم أودع علوم المفصل في الفاتحة فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة"
أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري باشتمالها على الثناء على الله بما هو أهله وعلى التعبد والأمر والنهي وعلى الوعد والوعيد وآيات القرآن لا تخرج عن هذه الأمور.
قال الإمام فخر الدين: "المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة:
الإلهيات والمعاد والنبوات وإثبات القضاء والقدر.
فقوله: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} يدل على الإلهيات
وقوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} يدل على نفي الجبر وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله وقدره
وقوله {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} إلى آخر السورة يدل على إثبات قضاء الله وعلى النبوات.
فقد اشتملت هذه السورة على المطالب الأربعة التي هي المقصد الأعظم من القرآن وقال البيضاوي: "هي مشتملة على الحكم النظرية والأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم والاطلاع على مراتب السعداء ومنازل الأشقياء".
وقال الطيبي: "هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين:
أحدها: علم الأصول ومعاقدة معرفة الله عز وجل وصفاته وإليها الإشارة بقوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ} ومعرفة المعاد وهو ما إليه بقوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
وثانيها: علم ما يحصل به الكمال وهو علم الأخلاق وأجله الوصول إلى الحضرة الصمدانية والإلتجاء إلى جناب الفردانية والسلوك لطريقة الاستقامة فيها وإليه الإشارة بقوله: {أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}
قال: وجميع القرآن تفصيل لما أجملته الفاتحة فإِنها بنيت على إجمال ما يحويه القرآن مفصلاً فإنها واقعة في مطلع التنزيل والبلاغة فيه: أن تتضمن ما سيق الكلام لأجله ولهذا لا ينبغي أن يقيد شيء من كلماتها ما أمكن الحمل على الإطلاق".
وقال الغزالي في [خواص القرآن]: "مقاصد القرآن ستة ثلاثة مهمة وثلاثة تتمة الأولى: تعريف المدعو إليه كما أشير إليه بصدرها وتعريف الصراط المستقيم وقد صرح به فيها وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى وهو الآخرة كما أشير إليه بقوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} والأخرى: تعريف أحوال المطيعين كما أشار إليه بقوله {الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ } وتعريف منازل الطريق كما أشير إليه بقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
العبد قد تنزل به النازلة فيدعو ربه لرفع نازلته وقضاء حاجته ، ثم الدعاء والتضرع يفتح له من أبواب الإيمان بالله عز وجل ومعرفته ومحبته ما يكون أعظم من تلك الحاجة التي أهمته !
وهذا من رحمة الله تعالى أن يسوق عباده بالحاجات الدنيوية إلى المقاصد العلية الدينية.
[ابن تيمية رحمه الله].
مقدمة سورة البقرة:
-عدد اياتها 286 اية وهي اطول سورة في القرآن الكريم
-وهي سورة مدنية بالاتفاق
*محور السورة يرتبط بخطين رئيسيين هما:-
1.موقف بني اسرائيل من الدعوة الاسلامية في المدينة واستقبالهم لها ومواجهتهم لرسولها صل الله عليه وسلم وللجماعة المسلمة الناشئة على أساسها وعلاقة اليهود مع المنافقين من جهة وعلاقة اليهود مع المشركين من جهة اخرى
2.موقف الجماعة المسلمة في أول نشأتها وإعدادها لحمل أمانة الدعوة والخلافة في الأرض بعد أن اعلن القرآن نقض اليهود العهد بحمل الأمانة وتجريدهم من شرف الانتساب الى سيدنا ابراهيم عليه السلام وتحذير وتبصير المسلمين من العثرات التي يسببها تجريد بني اسرائيل من هذا الشرف العظيم
في مكة المكرمة لم يكن للاسلام دولة فكان الاضطهاد للمسلمين في اوجه فهاجر من كبراء قريش من الذين أسلموا الى الحبشة كنقطة ضغط على قريش ولايجاد مساحة آمنة لنشر الدعوة فكان اسلام النجاشي وبعدها توفي السند الداخلي لرسول الله صل الله عليه وسلم "السيدة خديجة بنت خوليد" والسند الخارجي للرسول صل الله عليه وسلم عمه "ابو طالب" فكانت الهجرة الى الطائف لكن عناد ملوكها واهلها لم يسمح بدخول الاسلام لها فكان بعدها فتح الله عز وجل لهذه الدعوة بيعة العقبة الاولى والثانية وهجرة المسلمين والرسول صل الله عليه وسلم مع صاحبه الصديق الى المدينة وانشاء مجتمع متألف متحاب متآخي مما أوجد فئة منافقة أرغمت على الدخول في الاسلام عندما وجد هذا المجتمع المتماسك فذكرهم الله وذكر شياطينهم وهم "اليهود" الآية [8-20]