محمود العرقان سجل اسمه بحروف من نور في سجل المقاومة وهو فارس من فرسان لجان المقاومة الشعبية برفح واحد مهندسي ألوية الناصر صلاح الدين واحد مسئول وحدة الاستشهاديين فيها، كان شديدا وصلبا على أعدائه، وصاحب انتماء حقيقي وولاء لا ينتهي لفلسطين، فالقدس تسري في عروقه، وكان بحق أسدا هصورا في ألوية الناصر صلاح الدين واجه الأعداء وختم حياته بالشهادة واستشهد بتاريخ 7/12/2005م
الميلاد والنشأة
ولد القائد الشهيد محمود سليم العرقان لأسرة فلسطينية لاجئة تعود جذورها إلى قرية بربرة في ارض فلسطين المحتلة عام 48م لعام 1980 م .
كبرت سنوات طفولته بين أزقة وحواري المخيم فعرف معنى القهر واللجوء وبطش الاحتلال وكان لأجواء الالتزام الديني في أسرته أثره عليه فلزم طريق الالتزام منذ صغره حتى عايش الانتفاضة الأولى عام 1987م وكان احد أشبال الحجارة والزجاجات الحارقة ضد جنود الاحتلال في رفح .
بين صفوف المقاومة
التحق الشهيد محمود بصورة مبكرة في صفوف المقاومة خلال الانتفاضة الأولى وواصل عمله الجهادي في صمت، ولم يقنع الشهيد بالعمل في اللجان والفعاليات التنظيمية العادية وحاول تطوير عمله خاصة وانه يمتلك صفات الريادة والعمل العسكري وتحقق للشهيد محمود مراده والتحق بقوافل المجاهدين.. ففي بداية هبة انتفاضة الأقصى التحق بصفوف ألوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية وعمل مع المقاومين في مجال المساعدة وتخزين الأسلحة وبعض المهام الأخرى حتى وصل إلى مهندس التصنيع في ألوية الناصر صلاح الدين ومسئول وحدة الاستشهاديين فيها
مراحل حياته الجهادية
ومع تفجر أحداث انتفاضة الأقصى ضاعف الفارس المغوار من نشاطه وفعالياته واستطاع مع إخوانه إعادة تشكيل مجموعات ألوية الناصر صلاح الدين العسكرية الضاربة التي حولت حياة الصهاينة إلى جحيم في المنطقة الجنوبية ..وعرف الشهيد بتعاونه مع كافة المقاومين بالرغم من انه كان احد مهندسي التصنيع إلا انه كان يشارك معهم أحيانا في تنفيذ الهجمات والتصدي لعمليات الاقتحام للمخيم .
رحلة مع الشهادة
استشهد محمود العرقان القائد الميداني في ألوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية في منطقة خربة العدس شمال مدينة رفح جنوب قطاع غزة مساء الأربعاء 7/12/2005م .
وأكدت ألوية الناصر صلاح الدين الدين في بيان لها أن الشهيد العرقان قضى عندما استهدفت الطائرات الصهيونية سيارته بصاروخ مما أدى إلى استشهاده وإصابة خمسة مواطنين بينهم 3 أطفال أصيبوا بجراح خطيرة جدا .
وقال البيان " في تمام الساعة السادسة والربع من مساء الأربعاء 7/12/2005م استهدف الشهيد المجاهد محمود العرقان القائد الميداني لألوية الناصر صلاح الدين في محافظة رفح بصاروخ أطلقته طائرات العدو المجرمة على سيارة الشهيد بينما كان في طريقة أمام مدرسة العقاد في منطقة خربة العدس شمال رفح مما أدى إلى استشهاده
وأكدت ألوية الناصر صلاح الدين على مواصلة القتال وان استهداف المجاهدين سيواجه برد مزلزل وموجع .
طفله المنتظر سيسأل أين بابا
وفي منزل العائلة في منطقة مشروع عامر كان اللقاء مع أسرته التي تقطن خلف الثكنة العسكرية المسماة سعد صايل شرق رفح حيث لا زالت دموع زوجته تنهمر وقالت : تزوجت محمود منذ 7 شهور وأنا حامل منه في شهري الخامس وانتظر وضع ابني طفلي او كطفلتي والذي سيسالنى أين بابا وأنا عازمة على أن أربيه كما كان والده رجلا قائدا شجاعا استشهد في حب فلسطين .
أذاق بني صهيون ألوان العذاب.. أصبح أسمه يؤرق قادة أجهزة الموساد.. شكل مصدر رعب للمستوطنين وجنود الاحتلال على الدوام.. نجا من الاغتيال مرات ومرات.. كان شوكة في حلوق المنافقين من سلطة أوسلو التي تعرض للاعتقال في سجونها بتهمة خرق القانون العام...
لا ندري بماذا نبدأ، وبأي طريقة نتحدث عن رجل بألف رجل، أنتحدث عن المجاهد الصنديد، أم المطارد الحصيف، لا بل عن جهاده في ميادين القتال ومنازل الرجال، حقاً إن الكلمات لتعجز حين الحديث عن المجاهد الكبير قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام في ضفة الأحرار الشهيد محمود أبو الهنود.
ففي مثل هذا اليوم الثالث والعشرين من شهر كانون ثاني/ نوفمبر قبل ثماني سنوات، استيقظت فلسطين على هول المصاب، وألم الفراق، شب شبابها، وزغردت نساؤها، وبكى أطفالها، وانتفض مقاوموها، على رحيل أسد من أسودها بعد أن دوخ الاحتلال، ومرغ أنفه طوال سبع سنوات في أوحال الهزيمة وخيبة الفشل والانهزام.
اغتالوه غدرا
نعم لقد أستشهد محمود أبو الهنود بعد قصف سيارته بتاريخ 23/11/2001 فنال ما تمناه، ورزقه الله الشهادة التي لطالما انتظرها على أحرّ من الجمر، لكنه لم يستشهد إلا بعد أن علّم بني صهيون كيف تكون فنون القتال، وبعد أن جعلهم يفكرون ألف مرة بمواجهته وجها لوجه لكنهم خشوا ذلك فقرروا أن يهربوا من هذا الأسد الهصور ويغتالوه من الطائرات غدرا كما هم الجبناء.
نعم لقد حاولوا قبل ذلك اعتقاله أو اغتياله وجها لوجه إلا أنه واجههم بثبات الرجال وصمود الجبال، حاصروا منزله في بلدة عصيرة الشمالية قضاء مدينة نابلس جبل النار بمئات الجنود المدججين بالسلاح ووسط تحليق أربع طائرات، إلا أن من باع نفسه لله لم ترهبه هذه القوات، بل هو الذي كان يتشوق لمواجهتهم حتى يعلموا من هم أسود القسام.
خرج إليهم أبو الهنود تاركا لرشاشه العنان كي يزغرد ويثخن فيهم الجراح، ويا لهول المفاجئة، فبعد أربع ساعات من معركة غير متكافئة بين مجاهد واحد ومئات الجهود، تمكن أبو الهنود الانسحاب من أرض المعركة وهو مصاب، لكن بعد أن مرغ انف المحتل بالتراب، فقتل ثلاثة جنود صهاينة وأصاب آخرين في معركة بطولية جعلت قادة الاحتلال يصابون بالجنون.
سيرة مجاهد
ولا شك أن تعريف هؤلاء الأبطال قد يكون انتقاص من قدرهم لأن أبو الهنود أصبح أشهر من أن يعرف، فقد ولد شهيدنا بتاريخ 1/7/1967 في بلدة عصيرة الشمالية المطلة من جبل عيبال على مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، ونشأ وترعرع وسط أسرة ملتزمة ومشهور عنها التقوى والصلاح.
أتم أبو الهنود دراسته الجامعية ونال شهادة البكالوريس في الشريعة من كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة القدس، وقد أستشهد رحمه الله وهو أعزب لأنه طلق نساء الدنيا وخطب الحور العين فكانت نفسه مهرا لها ابتغاء مرضاة الله وللفوز بالجنان ورفقة النبي العدنان.
انضم شهيدنا إلى صفوف الحماس منذ نعومة اظفاره وتربى على حلقات العلم وحفظ القرآن، ثم أصبح أحد نشطاء الانتفاضة الأولى فأصيب في إحدى المواجهات برصاصة كادت أن تودي بحياته إلا أن الله قدر له الحياة من جراحه الخطيرة.
ونظراً لنشاطه البارز، فقد تعرض أبو الهنود للاعتقال في سجون الاحتلال الصهيونية، ثم بعد الإفراج عنه بفترة قصيرة أقدمت قوات الاحتلال عام 1992 على إبعاده إلى مرج الزهور ضمن أكثر من 400 ناشط من نشطاء حماس والجهاد الإسلامي، وكان أبو الهنود يعد من أصغر المبعدين سنا، حيث كان في حينها يبلغ من العمر (25 عاما) لكنه كان من أكثرهم حيوية ونشاطا.
وبعد عودته من مرج الزهور انخرط أبو الهنود في صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام، وتعرض بعد سلسلة عمليات جهادية نفذها مع إخوانه المجاهدين للاعتقال في سجون سلطة أوسلو التي اعتقلته في العام 1996 قبل أن يتمكن شهيدنا من الفرار من سجنه في شهر أيار في ذات العام ليصبح بعدها مطاردا من قوات الاحتلال وأذنابها من سلطة أوسلو.
وتمكن أبو الهنود خلال فترة مطاردته من إذاقة المحتل الصهيوني أصنافا شتى من ألوان العذاب، ولعل ما نشرته الصحف الصهيونية عنه بعد اغتياله يكشف جزءاً يسيراً من حياة هذا المجاهد الذي ما كان يهدأ ويستكين إلا بعد أن يرد الصاع صاعين على كل جريمة من جرائم الاحتلال.
الحساب الدامي
وتحت عنوان كشف الحساب الدامي ل"أبو هنود" أوردت صحيفة "معاريف" النبذة التالية عن أبو هنود والعمليات المنسوبة إليه:
محمود أبو هنود 35 عام ولد في قرية عصيرة الشمالية وهو يعتبر المطلوب رقم واحد للكيان الصهيوني في الضفة، وهو الذي خطط وقاد الهجومين الاستشهاديين الذين وقعا في سوق محانيه يهودا وشارع بن يهودا في القدس الغربية في صيف 1997 وهو الذي جند الاستشهاديين الذين نفذوا العمليتين.
ومن بين العمليات التي تنسب المسؤولية عنها إلى خلية أبو هنود:
تشرين ثاني 1995: إطلاق نار باتجاه سيارة أحد حاخامات المستوطنين المتطرفين قرب مستوطنة "كوخاف يعقوب" مما أدى لإصابة الحاخام بجروح .
كانون الأول 1995: إطلاق نار باتجاه سيارة عسكرية قرب وادي الباذان "شرق نابلس" من دون وقوع إصابات .
أيار 1996: إطلاق نار على حافلة مستوطنين في مستوطنة بيت ايل مما أسفر عن مقتل مستوطن وإصابة 3 آخرين بجروح .
أيار 1996: إطلاق نار على سيارة عسكرية في جبل عيبال قرب نابلس مما أدى إلى جرح ضابط صهيوني بجروح طفيفة.
أيار 1997 : إطلاق نار على سيارة صهيونية قرب مستوطنة "الون موريه " من دون وقوع إصابات .
تموز 1997: تفجير عبوة ناسفة "جانبية" ضد سيارة جيب تابعة لقوات حرس الحدود الصهيونية على الطريق المؤدي ل"مسجد النبي يوسف " في مدينة نابلس ، أسفرت عن إصابة جنديين صهيونيين بجروح.
تموز1997: عملية تفجير استشهادية مزدوجة في سوق "محانيه يهودا" في القدس الغربية أسفرت عن مقتل 16 صهيونياً وإصابة 169 آخرين بجروح مختلفة .
أيلول 1997: تنفيذ عملية تفجير استشهادية " مزدوجة" في شارع بن يهودا أسفرت عن مقتل 5 صهاينة وإصابة أكثر من 120 بجروح.
المركز التجاري الرئيس وسط القدس الغربية أسفرت العملية عن مقتل خمسة صهاينة وجرح حوالي 169 آخرين.
تشرين الثاني 1997: محاولة فاشلة لاختطاف جندي صهيوني، وتعرض أبو هنود لمحاولة اغتيال في سجنه بنابلس إلا أنه نجا بأعجوبة حيث أصيب بجراح طفيفة فيما استشهد 11 عنصراً من الشرطة الخاصة خلال الغارة التي نفذتها طائرة إف 16 الحربية.
وصية بحبر الدماء
كتب الشهيد محمود أبو هنود قائد كتائب عز الدين القسام وصيته بدمه الأحمر القاني، فكانت كل كلمة فيها تنبض بالحياة، مصداقا لقول الشهيد سيد قطب :" تبقى كلماتنا ميتة، حتى إذا متنا نبضت بالحياة ".
كتبت وقد أيقنت يوم كتابتي بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
فإن عملت خيرا ستجزى بمثله وإن عملت شراً عليها حسابها
وصيتي للناس عامة وللحركة الإسلامية خاصة:
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه الخيّرين ومن تبعهم وسار على دربهم من المسلمين والمجاهدين بإحسان إلى يوم الدين، وبعد :
أيها المسلمون يا أبناء شعبي الفلسطيني المجاهد الصابر ..يا أبناء مدينتي نابلس جبل النار ومصنع الثوار ومسقط الشهداء ..يا أبناء قريتي الحبيبة عصيرة الشمالية.. عصيرة الثوار والشهداء.. عصيرة القسام.. عصيرة معاوية وتوفيق ويوسف وبشار.. عصيرة علي سوالمة ومصطفى رواجبه وعوني صوالحة وكل الشهداء والجرحى والأسرى … إليكم جميعا أوجه تحياتي وإليكم أشواقي ومن أجلكم جل دعواتي.
من أجلك يا فلسطين تطيب التضحيات ومن أجلك يا قدس نستلذ الآلام ولعيونك يا أقصى ترخص النفوس والأرواح.
يا أبناء شعبي الحبيب: الثبات الثبات، والصبر الصبر مزيدا من التضحيات مزيدا من الالتفاف حول راية الجهاد فمن طلب الحسناء لم يغله المهر، فأرضكم ومقدساتكم وأعراضكم لن يحميها ولن يصد عنها هجوم الأعادي إلا عزائم وهمم أبنائها وفتيانها النشاما الذين شمروا عن سواعدهم وهبوا بأرواحهم رخيصة في سبيل عزة وكرامة ورفعة أمتهم ودينهم وشعبهم.
الحمد لله الذي أكرمني وتفضل عليّ بأن اختارني بأن أكون في صفوف خير الناس في صفوف المجاهدين فالحمد لله ربي على نعمك وكرمك بأن جعلتني مجاهد في سبيلك وأسألك يا ربي موتةً في سبيلك تشفي بها صدور المسلمين وتغيظ بها قلوب الكافرين وتسيء بها وجوه المنافقين والمتخاذلين.
أخواني المسلمين: أوصيكم بتقوى الله.. أوصيكم بالعودة إلى الله ونهج نبيه وسيرة صحبه المجاهدين الصالحين.. أوصيكم بالوحدة تحت راية الدين القويم والاعتصام بحبل الله المتين تستمدون من الله المعين والنصرة وتلوذون بحماه وتلجئون إليه إذا ما داهمتكم الخطوب، صلوا وصوموا وأعملوا بأوامر ربكم وقفوا عند نواهيه.
اعملوا على تنشئة أولادكم وذريتكم على الإسلام، وربوهم على القرآن وحب الرسول وعشق الجهاد، أبعدوهم عن كل أسباب الخنا والتعلق بالدنيا، علموهم التمرد على الذل ورفض الواقع السيء، اخفضوا الجناح لبعضكم البعض وأحبوا إخوانكم وتعاونوا على البّر والتقوى وراقبوا أبنائكم و احموهم من كيد العملاء لهم، واحذروا إسقاطهم في مستنقعات الرذيلة والعمالة. طلقوا الدنيا وحبها الذي يورث الجبن إياكم واليأس والقنوط من رحمة الله ونصره ولا تستمتعوا لصوت الجبناء والمتخاذلين والذين يخونوكم ويهددونكم بقوة أمريكا وأوروبا.
" الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ".
أيها المسلمون: اعلموا أن ما أصاب امتنا وشعبنا ما كان سببه إلا بعدنا عن منهج ربنا وهدي نبينا ولهثنا وراء الغرب تارة ووراء الشرق تارة أخرى فما أورثنا ذلك وما زادنا إلا ذلاً واستعباداً وفتكاً وفرقةً.
أما أنتم يا أبناء الحركة الإسلامية يا من اصطفاكم الله من بين خلقه ليحقق بكم قدره و ليجري أسبابه فيعيد على أيديكم قوة دينه ويعلي بكم رايته ويحقق بكم وعيده بإساءة وجوه بني إسرائيل فمزيداً من الرباط والثبات على نهجه يا أبناء الحركة الإسلامية تقدموا الصفوف واحملوا الرايات رايات الجهاد والدفاع عن حياض الدين والوطن لا تتخاذلوا ولا تتولوا فيستبدل الله بكم خيراً منكم.
وإليكم يا خيرة الخير في أرض الله يا من ترفعون راية الجهاد ويا من تقدمون التضحيات إلى قادتي وأخواني وأحبتي في كتائب القسام.. شُرفت بالعمل معكم.. عشنا الأيام معاً بحلوها ومرها.. أخلصوا النيات لله وداوموا العمل من أجل دينكم ووطنكم.. لا تجعلوا العدو يرتاح في كل موقع على أرض فلسطين "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين".
"إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ".
ولد المجاهد / "عبد العزيز محمود الشامي" "أبو مجاهد" في حي الشجاعية بمدينة غزة في الثالث عشر من يوليو عام 1970م.
تربى الشهيد في أسرة كريمة تعرف واجبها نحو وطنها كما تعرف واجبها نحو دينها، تلك الأسرة المكونة من والديه وأربعة من الأبناء، واثنتين من البنات.
درس الشهيد/ "عبد العزيز الشامي" في مدارس الشجاعية فحصل على الابتدائية من مدرسة حطين، وأنهى دراسته الإعدادية في مدرسة الهاشمية.
ترك الشهيد دراسته للمساهمة في إعالة أسرته الكبيرة وسد احتياجاتها اليومية.
له سبعة من الأولاد (ثلاثة من الأبناء الذكور وأربعة من الزهرات).
مشواره الجهادي
منذ تفتحت عيناه على الحياة رأى الاحتلال الصهيوني جاثما على صدر شعبه وأمته فانخرط في العمل الوطني مقاوماً للاحتلال ورافضاً لوجوده واستمراره، فكان اعتقاله الأول في بداية التسعينات لمدة ستة أشهر لدى المجرمين الصهاينة المحتلين لبلادنا العزيزة _ فلسطين.
كما اعتقل على أيدي أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ضمن حملة الاعتقالات السياسية للمجاهدين في العام 1996م وذلك لمدة 5 سنوات.
عمل الشهيد/ "عبد العزيز الشامي" مرافقاً للشيخ/ "عبد الله الشامي" عضو القيادة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
يعتبر الشهيد أحد القادة الميدانيين لسرايا القدس وعضو المجلس العسكري للسرايا في قطاع غزة.
شارك الشهيد / في العديد من العمليات العسكرية، كما أشرف على بعض العمليات، ومن ضمنها العملية الاستشهادية المشتركة في مغتصبة "نتساريم" بين سرايا القدس وكتائب الشهيد عز الدين القسام بتاريخ 24/10/2003م والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود صهاينة وإصابة إثنين آخرين بجراح.
عُرف الشهيد "عبد العزيز الشامي" بإقدامه وشجاعته الباسلة وتصديه المتواصل للقوات الصهيونية لدى اجتياحها لمدننا وقرانا الفلسطينية في قطاع غزة.
وعُرف عن الشهيد "أبا مجاهد" أنه أول من أطلق صواريخ (قدس2) .
نجا الشهيد في وقت سابق بفضل الله تعالى من الموت بأعجوبة، إذ انفجر بالقرب من سيارته لغم أرضي كان قد نصبه رجال المقاومة على الخط الشرقي للدبابات الصهيونية التي تحاول اجتياح قطاع غزة، حيث قام وقتها أحد الكلاب المارة بالمكان بشد الأسلاك فانفجر اللغم الأرضي بالقرب من سيارة الشهيد والذي توافق مروره من المكان في تلك اللحظة إذ كان الشهيد وقتها يتفقد المقاومين ويشاركهم الاستعدادات لمواجهة الاجتياحات. وقد حفظته عناية الله آنذاك ليواصل مشواره الجهادي.
كما فقد الشهيد "أبا مجاهد" أصابع يده لدى انفجار صاعق _ عبوة ناسفة في يده حيث كان يجهزه لمواجهة الاجتياحات الصهيونية على بلادنا الحبيبة. لكنه لم يستسلم وواصل جهاده ضد الصهاينة الأوغاد.
تعرض الشهيد "عبد العزيز الشامي" لمحاولة اغتيال جبانة قامت بها طائرات (F16) الصهيونية وذلك في بداية شهر رمضان المبارك لهذا العام 1424 هـ ولكن عناية الله حفظته وإخوته المجاهدين من تلك المحاولة الجبانة والآثمة.
كان الشهيد دوماً يخوض معارك باسلة ضد الجنود الصهاينة لدى محاولاتهم المتكررة لاجتياح مدننا وقرانا الفلسطينية.
وكان الشهيد "أبا مجاهد" يجهز الاستشهاديين بنفسه من خلال تصويرهم وإمدادهم بالأسلحة اللازمة لتنفيذ مهامهم الجهادية.
صفاته وعلاقاته بالآخرين
كان الشهيد "أبا مجاهد" إنساناً عظيماً طيب النفس، محباً للأطفال، بسيطاً ومتسامحاً.
عرف عن الشهيد/ "عبد العزيز الشامي" أنه كان مُحباً لأصدقائه، عطوفاً عليهم، يُؤثرهم على نفسه، وفي الأيام الأخيرة قدمت له "سلة غذائية" فقدمها لأحد أصدقائه عن طيب نفس وخاطر محققاً قوله تعالى:
﴿ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ﴾.
كما كان الشهيد "أبا مجاهد" دائم التفقد لإخوانه ويشعر تجاههم بالمحبة والأخوة الصادقة، وكان يهتم بهم ليس كرجل عسكري وقائد تجاه جنوده، بل كرب أسرة تجاه أبنائه.
كان أصدقائه يشعرون أنه أكبر من سنه (34 سنة) ويتجاوزه بكثير لما كان يتحلى به من المسئولية تجاه إخوانه وكل الناس.
في يوم عيد الأضحى المبارك قال لأحد أصدقائه: "أريد أن أزور كل الناس"، وفعلاً زار الكثير من العائلات والمعارف وكأنه كان بتدبير من الله سبحانه وتعالى يودع الناس ولم يكن أحد يعلم ما يخبأه القدر.
كان الشهيد/ "أبا مجاهد" رحمه الله يحسن الظن بالله وأنه سيلقى الله شهيداً حتى لو بترت كل أعضاءه وليس فقط أصابعه.
ربطت الشهيد "أبا مجاهد" علاقات حسنة بجميع من عرفوه، وخاصة المقاومين من كل الفصائل المجاهدة على الساحة الفلسطينية.
استشهاده
في حوالي الساعة (10.30) من صباح يوم السبت 16 ذو الحجة 1424هـ الموافق 7/2/2004م، أقدمت الطائرات الصهيونية على قصف سيارة الأخ المجاهد/ "عبد العزيز الشامي" لدى مروره في شارع الوحدة بالقرب من كراج بلدية غزة وملعب اليرموك وسط مدينة غزة، وذلك حسب اعتراف المصادر الصهيونية نفسها، في حين حلقت طائرات (F16) على ارتفاع منخفض مطلقةً البالونات الحرارية للتغطية على الجريمة الصهيونية النكراء بحق أبناء شعبنا المرابط على ثرى وطنه العزيز.
هذا وقد أصيب الأخ المجاهد/ "عبد العزيز الشامي" في هذه العملية الجبانة بجراح بالغة وقد جرت محاولات طبية حثيثة للإبقاء على حياته، حيث قام الأطباء ببتر ساقه أملاً في إنقاذ حياته، إلا أن الأجل إذا جاء لا يؤخر.
وقد أُعلن بعد عصر ذلك اليوم السبت عن استشهاد هذا المجاهد الفذ الذي شهدت له ساحات الوطن بالبطولة والفداء.
كما أسفرت عملية الاغتيال الجبانة عن استشهاد الطفل/ "طارق مجدي السوسي" ابن الأربعة عشر ربيعاً، فيما أصيب عشرة مواطنين آخرين بجراح مختلفة توافق مرورهم في مكان عملية الاغتيال الجبانة.
صور عملية اغتيال طائرات (F16) الصهيونية للشهيد القائد في سرايا القدس عزيز محمود الشامي /السبت 7/2/2004م
بكته النسوة في البيوت ... و خرجت خانيونس عن بكرة أبيها
قتل الصهاينة صديقه بغتة فقرر الانتقام و ظهرت كتائب أبو الريش
عمرو يركض في الطريقْ يحتلُّ زاويةً، و يومئُ بانكسار الريحِ ،يطلقُ صوتَه نحو الغزاةِ ،يشدُّ قامتَهُ ويُطلقُ ساعديهْ ويعيدُ تثوير الكتابة أحرفاً من بندقيته الصغيرة في يديهْ يصعد البلور من شفتيهِ ،لم تلد الرصاصة في يديه سوى خنادقَ ، لا سماء توقظ القتلى ، ولا ظلٌّ يُؤَبِّنُ عاشقَيْن على بريق اللوزِ ،هل فَقَدَت معالمنا الوضوحَ ، هل انكسَرْ .
فارس يغافل يقظته الدائمة
كم كنت وفياً، يا عمرو، في حياتك، وحارساً لأمنيات الراحلين، من رفاقك، الذين شبّوا معك، على طوق النجاة والحرية، ونشأوا على العشق الصوفي، لفلسطين على التخوم، وفي الأحزمة الأكثر فقراً وخطراً.
من حول المخيمات المعذبة، اخترت ميدانك، فارساً يُغافل يقظته الدائمة، ليغفو، ثم يختطف نفسه، من أي نوم، ليصحو على أي حدث أو واجب. كبيراً كنت ونبيلاً، عندما أذبت كل الأوقات والليالي، من حياتك، وحياة من معك، لكي تظل لدماء الشهيد، لعَناتها المديدة، على الغُزاة والقتلة المحتلين، ولكي تكون للوصية، حروفها النابضة، مع دقات القلوب، ولكي يظل أحمد أبو الريش، في هذا السياق، حاضراً بقوة!
لم يكن يتصور الشهيد عمرو أبو ستة الذي نجا من عملية الاغتيال التي استهدفته والشهيد أحمد أبو الريش عام 1993 أن الكتائب التي سيؤسسها باسم رفيق دربه "أبو الريش" ستظل تقارع الاحتلال وسيظل قائدا لها حتى عام 2004، حيث استشهد الخميس (29 تموز/ يوليو) في عملية اغتيال استهدفته، وأحد مساعديه.
دموع الأطفال
يمكن، يا عمرو ! لتلك الابتسامة الذكية الصافية، بعينين فيهما كل ألوان الشهامة، أن تغادر دنيانا، وأن تتبعها، في لحظات الشفق الأحمر، دموع الأطفال الذين عرفوك، ودموع الكبار، من الأصحاب والأمهات والأخوات، الذين يستفتيهم رحيلك: ترتفع عالية، أرقام التأييد للمقاومين، وللرجال الرجال، ولساكني السقائف، وللصابرين في المهاجع المتواضعة، الذين امتلكوا أسرار التواصل مع أكلاف الحرية، ولم تفارقهم، المناقب العالية، ولا نُكران الذات. فمثلما لم تتبدل أحوال حياتك، يا عمرو، منذ الميلاد، وبعد العشق، وعند الرحيل، ولم تصبح من أغنياء الحرب و الموازنات ؛ لم تتبدل روحك، ولم تنحنِ للرياح العاتية. ظللت فقيراً إلى الله، عزيزاً عند الناس، مقنعاً للشباب، الذين تعيّن عليهم، أن يواجهوا القوة الغاشمة. فليس أحب الي الشهداء، من قائد، يعرفون أنه مشروع شهادة!
قائد و مؤسس
وكان الشهيد أبو ستة (32 عاما) قائد ومؤسس كتائب أبو الريش برفقة الشهيد أبو الريش أحد القادة العسكريين لحركة "فتح" والذي كان وافق على مبادرة لإنهاء مطاردتهم وتسليم أسلحتهم بعد توقيع اتفاق أوسلو في أيلول (سبتمبر) 1993؛ حينما باغتتهم وحدات صهيونية خاصة حيث اغتالت أبو الريش، فيما اشتبك أبو ستة معهم وتمكن من الفرار مع شاب آخر، وكان ذلك في نهاية عام 1993.
قرّر الثأر لرفيقه
أدى استشهاد أبو الريش بعد أن عاد من لقائه مع القائد العسكري لمنطقة خان يونس من أجل إنهاء مطاردتهم في ذلك الوقت إلى غضب كبير في صفوف أبناء فتح العسكريين لا سيما في مدينة خان يونس مسقط رأس أبو الريش وأبو ستة الذي قرر الثأر لرفيقه أبو الريش بتأسيس كتائب تحمل اسم رفيقه ( كتائب الشهيد أحمد أبو الريش) تضم في عضويتها كل من اقتنع بأن اتفاق أوسلو لن يحقق الأمن والأمان لهم، وعليهم مواصلة عملياتهم ضد قوات الاحتلال حتى لو كان ذلك يتعارض مع منهج الحركة الأم "فتح" التي تربوا في أحضانها، والعمود الفقري للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير التي وقعت اتفاق أوسلو.
مولد الفارس
ولد الشهيد أبو ستة عام 1972 في مخيم خان يونس وتربى في أزقة وشوارع المخيم ودرس في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، حيث انتمى إلى حركة "فتح" منذ نعومة أظفاره، وتزامن ذلك مع اندلاع الانتفاضة الكبرى (1987 - 1994) حيث شارك في فعالياتها بكل قوة وتمكن بعد عامين من اندلاعها من قتل أحد المستوطنين اليهود طعنا بالسكاكين في داخل مستوطنة نفيه دكاليم القريبة من مخيمه، وأصبح مطلوبا لقوات الاحتلال.
بداية المشوار العسكري
ومع هذه العملية النوعية لأبي ستة بدأ مشواره العسكري، حيث كانت قد تأسست في ذلك الوقت خلايا "صقور فتح" الذراع العسكري لحركة "فتح"، والتي شارك معها في تنفيذ العديد من العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال ، وكانت له صولات وجولات مع تلك القوات التي كانت لا تزال تحتل القطاع وجنودها منتشرون في شوارعه وأزقته.
غدروا صديقه فأسس كتائب باسمه
ومع توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية بدأت بعض الشخصيات الفلسطينية تروج لإيجاد حل لقضية المطلوبين الفلسطينيين لاسيما أبناء حركة "فتح"، وذلك من خلال تسليم أسلحتهم مقابل تأمين الحماية لهم وعدم تعرض قوات الاحتلال لهم تحضيرا للمرحلة القادمة، وهي دخول السلطة الفلسطينية وإعادة انتشار قوات الاحتلال حول قطاع غزة.
وكان الشهيد أبو ستة ورفيقه أبو الريش ممن اقتنعوا بهذا الطرح ووافقوا على هذا الأمر، ولكن الدولة العبرية كانت ترفض مثل أبو ستة في الاتفاق لإنهاء مطاردة الفدائيين من أبناء فتح كون (يديه ملطخة بدماء إسرائيليين) حسب توصيف الدولة العبرية ، حيث ذهب أبو الريش وعدد من زملائه للقاء الحاكم العسكري الصهيوني في خان يونس من أجل إنهاء هذا الأمر، وقد تم ذلك وتم الاتفاق على عدم تعرض قوات الاحتلال لهم، وبعد عودة أبو الريش إلى منزله في مخيم خان يونس، كونه أصبح غير مطارد بعد أن أمّن لكلام الحاكم العسكري، دهمت المنزل قوة صهيونية خاصة، حيث كان أبو ستة وشاب ثالث معه وباغتتهم حيث استشهد أبو الريش، فيما تمكن أبو ستة آنذاك من الاشتباك مع تلك القوات والانسحاب من المكان.
ميلاد الكتائب
هذه الحادثة تركت أثرا كبيرا في نفوس الخلايا العسكرية من أبناء "فتح"، حيث كانت هذه العملية ميلاداً لمجموعة عسكرية مسلحة أسسها أبو ستة وأطلق عليها اسم كتائب أحمد أبو الريش تخليدا لرفيقه وثأرا له.
وكان لهذه الكتائب العديد من العمليات الفدائية لاسيما في منطقة خان يونس، حيث رفض عناصرها إلقاء سلاحهم حتى بعد عودة السلطة الفلسطينية رغم انضمام بعضهم لأجهزتها الأمنية، ورأوا أن ذلك لا يتعارض مع مواصلة مقاومتهم للاحتلال حيث واصلوا عملياتهم دون توقف.
ترتيب الصفوف
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول (سبتمبر) 2000 أعادت هذه الكتائب ترتيب صفوفها بشكل أكثر تنظيما وتكتيكا لاسيما بعد زيادة السلاح في أيدهم وتطور الوسائل القتالية من قذائف الهاون والعبوات الناسفة الموجهة وغيرها من الوسائل القتالية التي ساعدت المقاومين في تطور أدائهم القتالي ضد قوات الاحتلال، حيث ينسب لعمرو أبو ستة أنه قتل مستوطنا صهيونياً وخطفه وحرق سيارته في خان يونس.
سبب وقف التفاوض
وكانت الدولة العبرية دائما تضع أبو ستة سببا لوقف التفاوض مع السلطة نظرا لأنها تطالب السلطة باعتقاله، حيث رفعت زوجة المستوطن اليهودي دعوة على الدولة العبرية تطالبها بوقف المفاوضات مع الفلسطينيين ووقف تطبيق اتفاق أوسلو حتى اعتقال قاتل زوجها.
هذه الضغوط على السلطة دفعتها عام 1996 إلى اعتقال أبو ستة، ولكن هذا الاعتقال لم يطل، حيث قام عدد من زملائه باقتحام السجن الذي كان فيه، وهو مقر السرايا بغزة، والإفراج عنه ليصبح بعد ذلك مطاردا للسلطة الفلسطينية والدولة العبرية.
لقاء ربه
شارك أكثر من 50 ألف فلسطيني في تشييع جثمان أبو ستة ومساعده زكي أبو زرقة الذين استشهدا في عملية اغتيال استهدفت سيارتهما في رفح، وذلك في موكب جنائزي مهيب خرجت فيه خان يونس عن بكرة أبيها في وداع هذا المقاوم العنيد.
وقال "أبو أياد" أحد قادة كتائب أبو الريش ورفيق الشهيد أبو ستة في رثاء زميله "رحل عمرو لكنه لا يزال حيا، ولكن ستبقى بصماته إلى الأبد في هذا القطاع الصامد، هذا البطل بعد 15 عاما مطلوبا ومطاردا لقوات الاحتلال سيبقى علما شامخا".
وأضاف أنه "قائد ومؤسس كتائب الشهيد أحمد أبو الريش، هذه الكتائب قابضة على الزناد في زمن السلم والحرب حتى التحرير، وهذا القائد أبى أن يساوم أو يبيع وظل مقاوما حتى نال الشهادة كما كان يتمناها".
وتوعدت كتائب أبو الريش بأن يكون ردها على اغتيال قائدها مؤسس أبو ستة مزلزلا وموجعا للدولة العبرية.
وقال أحد قادتها أبو هارون "رحل القائد المؤسس عمرو أبو ستة، لقد أسس الكتائب بعد اغتيال القائد أحمد أبو الريش بعد أن أوجد حالة من المقاومة الشريفة للمقاومة".
وأضاف "قسما سنرد ردا موجعا، أبو ستة قد خطط لعمليات نوعية، وأوجد أفكار جديدة وستكون قوية اليوم استشهد القائد وستواصل المقاومة، وسنفاجئ العدو بأمور لم يتوقعا وسنرد رد موجعا".
ووصف رئيس الوزراء الصهيوني الارهابي آرائيل شارون أبو ستة بالقول "إننا نسعى وراءه منذ سنوات بوصفه مرتكب أشد عمليات القتل وحشية" .
هم الشهداء يتقدمون صوب هدفهم لا يتراجعون... بغيتهم مرضاة مولاهم عز وجل، وشفاء صدور قوم مؤمنين بعملياتهم، بجهادهم، بإغاظتهم لعدو الله وعدوهم، دمهم يضيء درب المجاهدين.. دمهم قناديل في زمن العتمة.. ودمهم شاهد على شرف جهادهم... يتقدمون بجهادهم ويمضون... لا يضرهم من خالفهم، ولا يوقفهم من يعاديهم، ولا يأبهون بما يتهددهم من مخاطر، يجودون بأنفسهم وقد جادوا بأوقاتهم، ومتع حياتهم
الميلاد والنشأة
ولد الشهيد المجاهد رأفت محمد أبو عاصي "أبا إسلام" في حي الزيتون بمدينة غزة في 11/12/1986م، في أسرة بسيطة مؤمنة بالله، تتكون من والديه و5 من الأبناء، وبنتان، وقدَّر الله أن يكون الشهيد "رأفت" هو الثاني بين الجميع.
درس الشهيد المجاهد رأفت في مدارس حي الزيتون، فحصل على الابتدائية من مدرسة (الحرية)، والإعدادية من مدرسة (الشافعي)، والثانوية من مدرسة (تونس).
ارتبط الشهيد بعلاقات حميمة وممتازة مع أسرته، فكان محباً للجميع، ومحبوباً من الجميع.
يعتبر الشهيد المجاهد رأفت أبو عاصي" الشهيد الأول في عائلته المجاهدة الصابرة.
مشواره الجهادي
تفتحت عيناه على انتفاضة شعبه ضد الاحتلال.. تلك الانتفاضة الأولى التي لم يتح له المشاركة فيها لصغر سنه.. لكنها زرعت في قلبه حب المقاومة والجهاد؛ فأزهرت فارساً يتحرق شوقاً لملاقاة الأعداء.
عمل الشهيد المجاهد أبو عاصي مع الجماعة الإسلامية (الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين) حيث تعرف على الشهيد القائد "حازم ياسر إرحيم" الذي وجهه ورعاه، وكان الشهيد القائد "إرحيم" يتردد دائما لتناول طعام الغذاء معاً في بيت الشهيد رأفت، وتحدثا معاً طويلاً وانطلقا معاً، واستشهدا معاً كما تمنيا دائماً.
عرس الشهادة
في مساء الخميس الخامس من جمادى الثانية 1425هـ، الموافق 22/7/2004م، كان شهيدنا القائد/ "حازم إرحيم" يستقل سيارته ومعه مرافقه ومساعده الشهيد المجاهد/ "رأفت أبو عاصي" حين باغتتهم الطائرات الحربية الصهيونية من طراز (F16)، في منطقة الزيتون،
وفي موكب مهيب تم تشييع الشهيدين إلى مثواهما في مقبرة الشهداء.
الشهيد بإذن الله
الفتى محمد أحمد حلس أحد أبطال معركة الشجاعية
لم تتمكن والدة الشهيد محمد حلس 17 عاماً، من مشاهدة ابنها في الأيام الأخيرة من حياته، ولم تتمكن من رؤية ولدها محمد قبيل استشهاده، ولا حتى في اللحظات الأخيرة من اليوم الذي فاضت فيه روح ولدها الشهيد محمد إلي بارئها الأعلى مع عدد من زملائه من أبناء الحي الذي يقطنه.
كان الشهيد محمد أحمد حلس على موعد مع الشهادة صبيحة يوم الأربعاء 11/2/ 2004 هذا اليوم الذي كان شاهدا على جريمة جيش الاحتلال الصهيوني، والتي راح ضحيتها ستة عشر شهيدا إضافة إلى عشرات الجرحى غالبيتهم من أبناء حي الشجاعية الذي اجتاحته مجنزرات قوات الاحتلال المدعمة بالطائرات المروحية.
أما والد الشهيد أحمد حلس أمين سر حركة فتح في محافظات غزة الذي فقد وقف في بيت العزاء برباطة جأش معهودة يتقبل العزاء بنجله محمد.
كان أبناء حي الشجاعية حاضرين كما كان كل أبناء مدينة غزة يؤمون عرس الشهادة للفتى المسجى على نقالته من مستشفى الشفاء بغزة بانتظار قبلة الوداع من والدته التي كانت في زيارة لشقيقته في مصر والتي أصرت وتوسلت بان لا تحرم من الوداع الأخير لمحمد.
لم يكن أبناء حي الشجاعية الفرسان هم وحدهم الذين هبوا للدفاع عن حيهم ولم يكن الشهيد البطل محمد أحمد حلس ذلك الفتى والشبل لوحده في ساحات المواجهات والوغى وميادين القتال لقد كان بجانبهم أبناء شعبهم وهناك في حي الشجاعية توحدت الدماء الزكية، فعلى نفس الأرض التي خضب محمد بدمائه ودماء زملائه الزكية ثراها على نفس هذه البقعة اختلطت دماؤهم بدماء الشهيد هاني أبو سخيلة "الزعيم" القائد في كتائب القسام الذي كان زعيما في حياته وزعيما في مماته إضافة لكونه من الشباب الرياضي المميز في نادي السلام الرياضي ويعتبر "الزعيم" واحدا من أعمدة فريق كرة الطائرة في نادي السلام لقد جاء الزعيم ممتشقا سلاحه من مخيم الثورة جباليا مهد الانتفاضة الأولى جاء هاني للدفاع عن أهله وأبناء شعبه في حي الشجاعية هذا الحي الذي طالما وحدت دماء الشهداء فيه أبناء الشعب الفلسطيني!! وجسد الشهيد محمد حلس و"الزعيم" بدمائهما الطاهرة أسمى معاني الجهاد والكفاح في هذه المواجهة غير المتكافئة مع الاحتلال.
يقول والد الشهيد أبو ماهر حلس "إنه في الوقت الذي ينبغي على ابنه حمل كتبه المدرسية للذهاب إلى مدرسته كان الاحتلال يجتاح أرض حي الشجاعية مما جعل محمد يستبدل كتبه بسلاحه للدفاع عن حيه وأهله.
إبراهيم عبد الكريم شمالي أحد أصدقاء الشهيد محمد قال "لقد كان أخي محمد بجانبي في مقعد الدراسة ودرسنا معا في الصف الأول والثاني الثانوي" وأضاف أن " الشهيد محمد كان يحب الشهادة، وكانت أكثر الأشياء حبا له أنشودة (فتنت روحي يا شهيد)".
وقال زميله عبد القادر سليم بأن " محمد أحمد حلس منذ أن كان شبلا يحب أن يمتشق سلاحه بجانب والده وبجانب المناضلين خاصة في أوقات الإجتياحات " ويضيف" لقد كان محمد مثالا ويحرص على أداء الصلوات مع الجماعة، وأضاف أن روح الشهيد البطل محمد حلس "ستبقى معنا تذكرنا بأيامه الحلوة، لقد تتلمذ محمد على يد مؤسس كتائب شهداء الأقصى الشهيد جهاد العمارين قبل استشهاده حيث كان مشرفا على دورة عسكرية وكان الشهيد محمد أحمد رموزها وأحد أبطالها المثاليين الشهيد محمد الذي تدرب على امتشاق السلاح هو ورفاقه من الشبان.
وكان الشهيد رياضياً محترفاً ونجماً في لعبة كرة القدم ولعبة الكراتيه و "الكوبودو" "النينجا"، وقد تخرج من عدة دورات عسكرية ساعدته في ارتفاع منسوب لياقته البدنية.
وذكر النائب السابق لرئيس نادي اتحاد الشجاعية عاطف حلس مواقف عدة في حياة الشهيد محمد حلس مؤكدا بأن الشهيد محمد كان دائما " شقيا" ويسعى دائما للمشاركة في كافة التشكيلات والتظاهرات الوطنية والرياضية، وكان دائم الانتظار لكل اجتياح لكي يكون في مقدمة المتوجهين إلي ذلك المكان لكي يقاوم مع بقية أبناء شعبه، وأضاف حلس بأن الشهيد محمد كان دائما يقود قطاعا كبيرا من طلائع شباب فتح في المنطقة ورحمة الله على محمد ورفاقه.
والد الشهيد محمد حلس أبو ماهر أكد في أعقاب موارة جثمان نجله التراب في مقبرة الشهداء بغزة "الحمد لله لقد كان محمد رحمة الله عليه متميزا جدا في كل شيء " وأضاف والد الشهيد أبو ماهر "لقد كان بطلا رياضيا وكان طالبا متفوقا في مدرسته وكان مواطنا مخلصا أنهى حياته بالشكل الذي أحب".
شهيد الكلمة غسان كنفاني
روائي وقاص وصحفي فلسطيني تم اغتياله على يد جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) في 8 يوليو 1972 عندما كان عمره 36 عاما بتفجير سيارته في منطقة الحازمية قرب بيروت. كتب بشكل أساسي بمواضيع التحرر الفلسطيني، وهو عضو المكتب السياسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. في عام 1948 أجبر وعائلته على النزوح فعاش في سوريا كلاجئ فلسطيني ثم في لبنان حيث حصل على الجنسية اللبنانية. أكمل دراسته الثانوية في دمشق وحصل على شهادة البكالوريا السورية عام 1952. في ذات العام تسجّل في كلية الأدب العربي في جامعة دمشق ولكنه انقطع عن الدراسة في نهاية السنة الثانية، انضم إلى حركة القوميين العرب التي ضمه إليها جورج حبش لدى لقائهما عام 1953. ذهب إلى الكويت حيث عمل في التدريس الابتدائي، ثم انتقل إلى بيروت للعمل في مجلة الحرية (1961) التي كانت تنطق باسم الحركة مسؤولا عن القسم الثقافي فيها، ثم أصبح رئيس تحرير جريدة (المحرر) اللبنانية، وأصدر فيها(ملحق فلسطين) ثم انتقل للعمل في جريدة الأنوار اللبنانية وحين تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1967 قام بتأسيس مجلة ناطقة باسمها حملت اسم "مجلة الهدف" وترأس غسان تحريرها، كما أصبح ناطقا رسميا باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. تزوج من سيدة دانماركية (آن) ورزق منها ولدان هما فايز وليلى. أصيب مبكرا بمرض السكري. بعد استشهاده، استلم بسام أبو شريف تحرير المجلة.
نشأته وحياته: خرج أبوه من أسرة عادليامن أسر عكا وكان الأكبر لعدد غير قليل من الأشقاء، وبما أن والده لم يكن مقتنعاً بجدوى الدراسات العليا فقد أراد لإبنه أن يكون تاجراً أو كاتباً أو متعاطياً لاى مهنة عادية ولكن طموح الابن أبي عليه إلا أن يتابع دراسته العالية فالتحق بمعهد الحقوق بالقدس في ظروف غير عادية. صفر اليدين من النقود وحتى من التشجيع فما كان عليه إلا أن يتكل علي جهده الشخصي لتأمين حياته ودراسته فكان تارة ينسخ المحاضرات لزملائه وتارة يبيع الزيت الذي يرسله له والده ويشترى بدل ذلك بعض الكاز والمأكل، ويشارك بعض الأسرفي مسكنها، إلى أن تخرج كمحام. وعاد إلي عكا ليتزوج من أسرة ميسورة ومعروفة ويشد رحاله للعمل في مدينة يافا حيث مجال العمل أرحب وليبني مستقبله هناك. وكافح هناك وزوجته إلى جانبه تشد أزره وتشاركه في السراء والضراء ونجح وكان يترافع في قضايا معظمها وطني خاصة أثناء ثورات فلسطين واعتقل مرارا كانت إحداها بإيعاز من الوكالة اليهودية. وكان من عادة هذا الشاب تدوين مذكراته يوماً بيوم وكانت هذه هي أعز ما يحتفظ به من متاع الحياة وينقلها معه حيثما حل أو إرتحل، وكثيراً ما كان يعود إليها ليقرأ لنا بعضها ونحن نستمتع بالاستماع إلى ذكريات كفاحه، فقد كان فريدا بين أبناء جيله، وكان هذا الرجل العصامي ذو الآراء المتميزة مثلاً لنا يحتذى. هذا هو والد غسان كنفاني الذي كان له بدون شك أثر كبير في حياة ثالث أبنائه غسان.
هو الوحيد بين أشقائه ولد في عكا، فقد كان من عادة أسرته قضاء فترات الاجازة والأعياد في عكا، ويروى عن ولادته أن امه حين جاءها المخاض لم تستطع أن تصل إلى سريرها قبل أن تضع وليدها وكاد الوليد يختنق بسبب ذلك وحدث هذا في التاسع من نيسان عام 1936. كان من نصيب غسان الالتحاق بمدرسة الفرير بيافا وكان يحسد لانه يدرس اللغة الفرنسية زيادة عما يدرسه غيره. ولم تستمر دراسته الابتدائية هذه سوى بضع سنوات. فقد كانت أسرته تعيش في حي المنشية بيافا وهو الحي الملاصق لتل أبيب وقد شهد أولى حوادث الاحتكاك بين العرب واليهود التي بدأت هناك إثر قرار تقسيم فلسطين. لذلك فقد حمل الوالد زوجته وأبناءه وأتي بهم إلي عكا وعاد هو إلى يافا، أقامت العائلة هناك من تشرين عام 47 إلى ان كانت إحدى ليالي أواخر نيسان 1948 حين جري الهجوم الأول على مدينة عكا. بقي المهاجرون خارج عكا على تل الفخار (تل نابليون) وخرج المناضلون يدافعون عن مدينتهم ووقف رجال الأسرة أمام بيت جدنا الواقع في اطراف البلد وكل يحمل ما تيسر له من سلاح وذلك للدفاع عن النساء والاطفال إذا اقتضى الامر. ومما يذكر هنا ان بعض ضباط جيش الانقاذ كانوا يقفون معنا وكنا نقدم لهم القهوة تباعاعلما بان فرقتهم بقيادة أديب الشيشكلي كانت ترابط في أطراف بلدتنا. وكانت تتردد على الأفواه قصص مجازر دير ياسين ويافا وحيفا التي لجأ أهلها إلى عكا وكانت الصور ما تزار ماثلة في الأذهان. في هذا الجو كان غسان يجلس هادئاً كعادته ليستمع ويراقب ما يجري.
استمرت الاشتباكات منذ المساء حتي الفجر وفي الصباح كانت معظم الاسر تغادر المدينة وكانت أسرة غسان ممن تيسر لهم المغادرة مع عديد من الأسر في سيارة شحن إلى لبنان فوصلوا إلى صيدا وبعد يومين من الانتظار استأجروا بيتاً قديما في بلدة الغازية قرب صيدا في اقصي البلدة علي سفح الجبل، استمرت العائلة في ذلك المنزل أربعين يوما في ظروف قاسية إذ أن والدهم لم يحمل معه الا النذر اليسير من النقود فقد كان أنفقها في بناء منزل في عكا وآخر في حي العجمي بيافا وهذا البناء لم يكن قد إنتهي العمل فيه حين إضطروا للرحيل. من الغازية انتقلوا بالقطار مع آخرين إلى حلب ثم إلى الزبداني ثم إلى دمشق حيث استقر بهم المقام في منزل قديم من منازل دمشق وبدأت هناك مرحلة أخرى قاسية من مراحل حياة الأسرة. غسان في طفولته كان يلفت النظر بهدوئه بين جميع إخوته وأقرانه ولكن كنا نكتشف دائماً أنه مشترك في مشاكلهم ومهيأ لها دون أن يبدو عليه ذلك.
\ بعدها تحسنت أحوال الأسرة وافتتح أبوه مكتباً لممارسة المحاماة فأخذ هو إلى جانب دراسته يعمل في تصحيح البروفات في بعض الصحف وأحياناً التحرير واشترك في برنامج فلسطين في الاذاعة السورية وبرنامج الطلبة وكان يكتب بعض الشعر والمسرحيات والمقطوعات الوجدانية.
وكانت تشجعه على ذلك وتأخذ بيده شقيقته التي كان لها في هذه الفترة تأثير كبير علي حياته. وأثناء دراسته الثانوية برز تفوقه في الادب العربي والرسم وعندما انهى الثانوية عمل في التدريس في مدارس اللاجئين وبالذات في مدرسة الاليانس بدمشق والتحق بجامعة دمشق لدراسة الادب العربي وأسند اليه آنذاك تنظيم جناح فلسطين في معرض دمشق الدولي وكان معظم ما عرض فيه من جهد غسان الشخصى. وذلك بالإضافة إلى معارض الرسم الاخري التي أشرف عليها.
وفي هذا الوقت كان قد انخرط في حركة القوميين العرب ووقد كان غسان يضطر أحيانا للبقاء لساعات متأخرة من الليل خارج منزله مما كان يسبب له احراجا مع والده الذي كان يحرص علي انهائه لدروسه الجامعية وأعرف أنه كان يحاول جهده للتوفيق بين عمله وبين اخلاصه ولرغبة والده.
في أواخر عام 1955 التحق للتدريس في المعارف الكويتية وكانت شقيقته قد سبقته في ذلك بسنوات وكذلك شقيقه. وفترة اقامته في الكويت كانت المرحلة التي رافقت إقباله الشديد والذي يبدو غير معقول على القراءة وهي التي شحنت حياته الفكرية بدفقة كبيرة فكان يقرأ بنهم لا يصدق. كان يقول انه لا يذكر يوماً نام فيه دون أن ينهي قراءة كتاب كامل أو ما لا يقل عن ستماية صفحة وكان يقرأ ويستوعب بطريقة مدهشة.
وهناك بدأ يحرر في إحدي صحف الكويت ويكتب تعليقا سياسياً بتوقيع "أبو العز" لفت اليه الانظار بشكل كبير خاصة بعد أن كان زار العراق بعد الثورة العراقية عام 1958 على عكس ما نشر بأنه عمل بالعراق.
في الكويت كتب أيضاً أولي قصصه القصيرة "القميص المسروق" التي نال عليها الجائزة الأولي في مسابقة أدبية. ظهرت عليه بوادر مرض السكري في الكويت أيضاً وكانت شقيقته قد أصيبت به من قبل وفي نفس السن المبكرة مما زاده ارتباطاً بها وبالتالي بابنتها الشهيدة لميس نجم التي ولدت في كانون الثاني عام 1955. فأخذ غسان يحضر للميس في كل عام مجموعة من أعماله الأدبية والفنية ويهديها لها وكانت هي شغوفة بخالها محبة له تعتز بهديته السنوية تفاخر بها أمام رفيقاتها ولم يتأخر غسان عن ذلك الا في السنوات الأخيرة بسبب ضغط عمله. وفي عام 1960 حضر غسان إلى بيروت للعمل في مجلة الحرية كما هو معروف.
غسان الزوج : بيروت كانت المجال الأرحب لعمل غسان وفرصته للقاء بالتيارات الأدبية والفكرية والسياسية. بدأ عمله في مجلة الحرية ثم أخذ بالإضافة إلى ذلك يكتب مقالاً اسبوعيا لجريدة "المحرر" البيروتية والتي كانت ما تزال تصدر أسبوعية صباح كل إثنين. لفت نشاطه ومقالاته الانظار اليه كصحفى ومفكر وعامل جاد ونشيط للقضية الفلسطينية فكان مرجعاً لكثير من المهتمين. عام 1961 كان يعقد في يوغوسلافيا مؤتمر طلابي اشتركت فيه فلسطين وكذلك كان هناك وفد دانمركي. كان بين أعضاء الوفد الدانمركي فتاة كانت متخصصة في تدريس الأطفال. قابلت هذه الفتاة الوفد الفلسطيني ولاول مرة سمعت عن القضية الفلسطينية. واهتمت الفتاة اثر ذلك بالقضية ورغبت في الاطلاع عن كثب على المشكلة فشدت رحالها إلى البلاد العربية مرورا بدمشق ثم إلى بيروت حيث أوفدها أحدهم لمقابلة غسان كنفاني كمرجع للقضية وقام غسان بشرح الموضوع للفتاة وزار واياها المخيمات وكانت هي شديدة التأثر بحماس غسان للقضية وكذلك بالظلم الواقع على هذا الشعب. ولم تمض على ذلك عشرة أيام الا وكان غسان يطلب يدها للزواج وقام بتعريفها علي عائلته كما قامت هي بالكتابة إلى أهلها. وقد تم زواجهما بتاريخ 19/10/1961 ورزقا بفايز في 24/8/1962 وبليلي في 12/11/1966.
بعد أن تزوج غسان انتظمت حياته وخاصة الصحية إذ كثيراً ما كان مرضه يسبب له مضاعفات عديدة لعدم انتظام مواعيد طعامه. عندما تزوج غسان كان يسكن في شارع الحمراء ثم انتقل إلى حى المزرعة، ثم إلى مار تقلا أربع سنوات حين طلب منه المالك اخلاء شقته قام صهره بشراء شقته الحالية وقدمها له بايجار معقول. وفي بيروت اصيب من مضاعفات السكري بالنقرس وهو مرض بالمفاصل يسبب آلاماً مبرحة تقعد المريض أياماً. ولكن كل ذلك لم يستطع يوماً أن يتحكم في نشاطه أو قدرته على العمل فقد كان طاقة لا توصف وكان يستغل كل لحظة من وقته دون كلل. وبرغم كل انهماكه في عمله وخاصة في الفترة الأخيرة إلا أن حق بيته وأولاده عليه كان مقدساً. كانت ساعات وجوده بين زوجته وأولاده من أسعد لحظات عمره وكان يقضى أيام عطلته (اذا تسنى له ذلك) يعمل في حديقة منزله ويضفي عليها وعلى منزله من ذوق الفنان ما يلفت النظر رغم تواضع قيمة موجوداته.
غسان القضية : أدب غسان وإنتاجه الادبي كان متفاعلا دائما مع حياته وحياة الناس وفي كل ما كتب كان يصور واقعاً عاشه أو تأثر به. "عائد إلى حيفا" وصف فيها رحلة مواطني حيفا في انتقالهم إلى عكا وقد وعي ذلك وكان ما يزال طفلاً يجلس ويراقب ويستمع ثم تركزت هذه الأحداث في مخيلته فيما بعد من تواتر الرواية. "أرض البرتقال الحزين" تحكى قصة رحلة عائلته من عكا وسكناهم في الغازية. "موت سرير رقم 12" استوحاها من مكوثه بالمستشفي بسبب المرض. "رجال في الشمس" من حياته وحياة الفلسطينيين بالكويت واثر عودته إلى دمشق في سيارة قديمة عبر الصحراء، كانت المعاناة ووصفها هي تلك الصورة الظاهرية للأحداث أما في هدفها فقد كانت ترمز وتصور ضياع الفلسطينيين في تلك الحقبة وتحول قضيتهم إلى قضية لقمة العيش مثبتاً أنهم قد ضلوا الطريق.
في قصته "ما تبقي لكم" التي تعتبر مكملة "لرجال في الشمس" يكتشف البطل طريق القضية، في أرض فلسطين وكان ذلك تبشيراً بالعمل الفدائي. قصص "أم سعد" وقصصه الأخرى كانت كلها مستوحاة من أشخاص حقيقيين. في فترة من الفترات كان يعد قصة ودراسة عن ثورة فلسطين 1936 فأخذ يجتمع إلى سكان المخيمات ويستمع إلى ذكرياتهم عن تلك الحقبة والتي سبقتها والتي تلتها وقد أعد هذه الدراسة لكنها لم تنشر (نشرت في مجلة شؤون فلسطين) أما القصة فلم يكتب لها ان تكتمل بل اكتمل منها فصول نشرت بعض صورها في كتابه "عن الرجال والبنادق". كانت لغسان عين الفنان النفاذة وحسه الشفاف المرهف فقد كانت في ذهنه في الفترة الأخيرة فكرة مكتملة لقصة رائعة استوحاها من مشاهدته لاحد العمال وهو يكسر الصخر في كاراج البناية التي يسكنها وكان ينوى تسميتها "الرجل والصخر".
غسان الرائد : تجب وضع دراسة مفصلة عن حياة غسان الادبية والسياسية والصحفية ولكننا في هذه العجالة نكتفي بايراد أمثلة عن ريادته بذكر بعض المواقف في حياته وعتها الذاكرة:
كان غسان أول من كتب عن حياة أبناء الخليج المتخلفة ووصف حياتهم وصفاً دقيقا مذهلا وذلك في قصته "موت سرير رقم 12" ولا نستطيع أن نؤكد هنا إذا كان سواه قد كتب عن ذلك من بعده.
في أوائل ثورة 58 التي أوصلت عبد الكريم قاسم إلى حكم العراق، زار غسان بغداد ورأى بحسه الصادق انحراف النظام، فعاد وكتب عن ذلك بتوقيع "أبو العز" مهاجماً النظام العراقي، فقامت قيامة الأنظمة المتحررة ضده إلى أن ظهر لهم انحراف الحكم فعلا فكانوا أول من هنأوه على ذلك مسجلين سبقه في كتاب خاص بذلك.
بعد أن استلم رئاسة تحرير جريدة "المحرر" اليومية استحدث صفحة للتعليقات السياسية الجادة وكان يحررها هو وآخرون. وقد استحدثت إحدى كبريات الصحف اليومية في بيروت صفحة مماثلة.
لا أحد يجهل أن غسان كنفاني هو أول من كتب عن شعراء المقاومة ونشر لهم وتحدث عن أشعارهم وعن أزجالهم الشعبية في الفترات الأولى لتعريف العالم العربي على شعر المقامة، لم تخل مقالة كتبت عنهم من معلومات كتبها غسان وأصبحت محاضته عنهم ومن ثم كتابه عن "شعراء الأرض المحتلة" مرجعاً مقرراً في عدد من الجامعات وكذلك مرجعا للدارسين.
الدراسة الوحيدة الجادة عن الأدب الصهيوني كانت لغسان ونشرتها مؤسسة الأبحاث بعنوان "في الأدب الصهيوني". أشهر الصحافيين العرب يكتب الآن عن حالة اللاسلم واللاحرب ولو عدنا قليلا إلى الأشهر التي تلت حرب حزيران 67 وتابعنا تعليقات غسان السياسية في تلك الفترة لوجدناه يتحدث عن حالة اللاسلم واللاحرب أي قبل سنوات من الاكتشاف الأخير الذي تحدثت عنه الصحافة العربية والأجنبية.
اننا نحتاج إلى وقت طويل قبل أن نستوعب الطاقات والمواهب التي كان يتمتع بها غسان كنفاني. هل نتحدث عن صداقاته ونقول أنه لم يكن له عدو شخصى ولا في أى وقت واي ظرف أم نتحدث عن تواضعه وهو الرائد الذي لم يكن يهمه سوى الاخلاص لعمله وقضيته أم نتحدث عن تضحيته وعفة يده وهو الذي عرضت عليه الالوف والملايين ورفضها بينما كان يستدين العشرة ليرات من زملائه. ماذا نقول وقد خسرناه ونحن أشد ما نكون في حاجة اليه، إلى ايمانه واخلاصه واستمراره على مدى سنوات في الوقت الذي تساقط سواه كأوراق الخريف يأساً وقنوطا وقصر نفس.
كان غسان شعباً في رجل، كان قضية، كان وطناً، ولا يمكن أن نستعيده الا إذا استعدنا الوطن.
عمل في الصحف والمجلات العربية التالية: - عضو في أسرة تحرير مجلة "الرأي" في دمشق. - عضو في أسرة تحرير مجلة "الحرية" في بيروت. - رئيس تحرير جريدة "المحرر" في بيروت. - رئيس تحرير "فلسطين" في جريدة المحرر. - رئيس تحرير ملحق "الأنوار" في بيروت. - صاحب ورئيس تحرير "مجلة الهدف" في بيروت. كما كان غسان كنفاني فنانا مرهف الحس، صمم العديد من ملصقات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما رسم العديد من اللوحات.
غسان والاطفال : كثيراً ما كان غسان يردد: "الأطفال هم مستقبلنا". لقد كتب الكثير من القصص التي كان أبطالها من الأطفال. ونُشرت مجموعة من قصصه القصيرة في بيروت عام 1978 تحت عنوان "أطفال غسان كنفاني". أما الترجمة الإنكليزية التي نشرت في عام 1984 فكانت بعنوان "أطفال فلسطين".
من مؤلفات الشهيد :
قصص ومسرحيات موت سرير رقم 12- بيروت، 1961. قصص قصيرة.
أرض البرتقال الحزين – بيروت، 1963. قصص قصيرة.
رجال في الشمس – بيروت،1963. رواية. قصة فيلم "المخدوعين".
الباب (مسرحية). مؤسسة الأبحاث العربية. بيروت. 1964-1998.
عالم ليس لنا- بيروت، 1970. قصص قصيرة.
ما تبقى لكم- بيروت،1966 - قصة فيلم السكين.
عن الرجال والبنادق - بيروت، 1968. قصص قصيرة.
أم سعد – بيروت، 1969. رواية.
عائد إلى حيفا – بيروت، 1970. رواية.
الشيء الآخر – صدرت بعد استشهاده، في بيروت، 1980. قصص قصيرة.
العاشق، الأعمى والأطرش، برقوق نيسان5 (روايات غير كاملة نشرت في مجلد أعماله الكاملة)
القنديل الصغير-بيروت.
القبعة والنبي. مسرحية.
القميص المسروق وقصص أخرى. قصص قصيرة.
جسر إلى الأبد. مسرحية.
بحوث أدبيةأدب المقاومة في فلسطين المستقلة.
الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948-1968.
في الأدب : نال في 1966 جائزة أصدقاء الكتاب في لبنان عن روايته "ما تبقى لكم".
نال اسمه جائزة منظمة الصحفيين العالمية في 1974 وجائزة اللوتس في 1975.
منح اسمه وسام القدس للثقافة والفنون في 1990.
استشهد صباح يوم السبت 8/7/1972 بعد أن انفجرت عبوات ناسفة كانت قد وضعت في سيارته تحت منزله مما أدي إلي استشهاده مع ابنة شقيقته لميس حسين نجم (17 سنة).
من محطة إلى أخري ، ومن ميدان إلى آخر ، الدم ينزف باستمرار ، والمسك يفوح دون انتظار، والمؤمنون باعوا أنفسهم بلا تردد أو انتظار.... والله اشترى ، والصفقة الجنة ، ولكن يا ربنا من يخبر أهلنا بأننا أحياء عندك ، نلهو في أعالي الجنان ، فقال الله تعالي أنا أبلغهم ، فقال جل شأنه : "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " وها نحن اليوم نقف على أعتاب سيرة شهيدنا الذي نحسبه كذلك ، والحي عند ربه ، " بإذن الله تعالي " الشهيد المجاهد عماد سمير السلقاوي .
المولد والنشأة في الخامس من شهر نوفمبر لعام 1984 ، كانت مدينة دير البلح ، وعائلة المواطن سمير شعبان السلقاوي ، على موعد مع ميلاد ابنها الثاني عماد ، والذي عم بمولده بهجة وفرحة على جميع أفراد أسرته .
تربى شهيدنا عماد في أحضان أسرة ملتزمة بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ، تربي أبناءها على تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ، وترشدهم منذ نعومة أظفارهم على طريق الخير والفلاح ، وتغرس في قلوبهم حب الأوطان ، حيث تعود في جذورها إلى مدينة دير البلح وسط قطاع غزة . تعليمه
تلقى شهيدنا عماد تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارس وكالة الغوث " الأونروا " بمدينة دير البلح ، وأنهى تعليمه الثانوي في مدرسة المنفلوطي بذات المدينة ، ليحصل على معدل عال، وليلتحق بعدها بكلية الهندسة بالجامعة الإسلامية ، تخصص " هندسة مساحة " ، وليتخرج منها عام 2004 ، ليعمل بعدها مهندسا في بلدية دير البلح . علاقته الأسرية والاجتماعية
تميز شهيدنا عماد بأخلاقه العالية ، وصفاته الحميدة في كل أفعاله وحركاته ، فقد كان الابن المطيع لوالديه ، والحريص على برهما ، وتلبية جميع رغباتهم في كل وقت وحين ، كما حاز على حب جميع إخوته وأقاربه ، وخصوصا أنه كان يتعامل معهم بالمعاملة الحسنة الطيبة ، ويرشدهم إلى طريق الصواب ، ومن أهم ما عرف عنه صلته لأرحامه ، في جميع مناسباتهم ، سواء في أفراحهم وأتراحهم ، وحبه الشديد لجيرانه وأصدقائه ، ومساعدته لكل ذي حاجة ، الأمر الذي جعله محبوبا من كل من عرفه أو اختلط به . في مسجد عقبة
التزم شهيدنا عماد منذ صغره ، في مسجد الصحابي الجليل عقبة بن النافع القريب من منزله ، وحرص على أداء الصلوات الخمس جماعة في المسجد ، كما حرص على الالتحاق بحلقات العلم ، والمشاركة في جميع النشاطات والفعاليات التي تنظمها أسرة المسجد ، وبحسب ما يضيف شقيقه " أهم ما كان يميز عماد رحمه الله ، هو العمل في جميع المجالات ، حيث أنه كان لا يمكن أن يعرض عليه موضوع معين ، إلا ويكون له بصمته الخاصة ورأيه المميز " . مع الحماس
التحق شهيدنا عماد في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس عام 2005 ، وعمل ضمن صفوفها بجد وإخلاص ، فقد برع في كافة المجالات ، وشارك في كافة الفعاليات والنشاطات ، الأمر الذي أهله للالتحاق بجماعة الإخوان المسلمين ، لينهل من علومها الشرعية الخير الوفير ، وليعي فصول المؤامرة التي تحاك ضد قضيتنا الفلسطينية العادلة . في صفوف القسام
حاز شهيدنا عماد على شرف الجهاد في سبيل الله ، تحت لواء كتائب الشهيد عز الدين القسام عام 2006 ، حيث حرص خلال هذه الفترة على السمع والطاعة لأمرائه ، واغتنام كل وقته في الجهاد والإعداد في سبيل الله .
ونظرا لحرصه الشديد على الجهاد والإعداد ، اختاره إخوانه للعمل في حفر الأنفاق القسامية ، حيث أفنى جل وقته في هذا العمل ، من أجل اكتساب الخير الوفير ، كما حاز على شرف المشاركة في زرع العبوات الناسفة لآليات الاحتلال ، بالإضافة إلى المشاركة الفاعلة في معركة الفرقان الأخيرة ، وبحسب ما يقول إخوانه فقد كان رحمه الله ، من أكثر الشباب رباطا ، وأحرصهم على التربص بأعداء الله خلال معركة الفرقان ، وقد كان كثير الذكر والتسبيح ، والدعاء بأن يمكن الله المجاهدين من رقاب بني صهيون .
استشهاده
في مساء ليلة الخميس وكعادته ، توجه عماد بصحبة عدد من المجاهدين لأداء إحدى المهمات الجهادية ، غير أن الله عز وجل كتب له الشهادة خلال هذه المهمة ، ليرتقي أبو فؤاد شهيدا إلى الله عز وجل ، فجر الجمعة الموافق 15-1-2010 ، بعد مشوار جهادي مشرف ، ختمه بالشهادة في سبيل الله.
فرحمك الله يا أبا فؤاد ، عقدت النية ، وأخلصت في عملك ، وحملت البندقية ، ورحلت إلى الخلود ، فنسأله أن يجمعنا بك في جناته.
دمك لعنة على الصهاينة، ومنارة على طريق التحرير والعودة
بشراك يا "محمود المبحوح" يا من سرت في طريق المؤمنين المجاهدين طريق ذات الشوكة، فغدوت إلى العلا ومضيت مجاهداً مقداماً لا تخشى إلا الله، فكنت حقاً القائد المقدام وكنت دوماً الأسد في كل ميدان، فهنيئاً لك الشهادة.
"محمود المبحوح" القائد الشهم، والأسد الهصور.. أيها الحاضر فينا، رحلت عنا شهيداً وتركت بصماتك في كل ميدان، وبعت نفسك لله سبحانه وتعالى وقد اشترى الله، فكنت من الصادقين الذين عاهدوه وصدقوا ما عاهدوا الله عليه، فربح البيع شهيدنا "محمود" وأنت من كان دوماً يتمنى الشهادة في سبيل الله وتعمل من أجلها، فما أعظمك وقد بنيت لنفسك معالم المستقبل في عالم الجهاد والمقاومة والشهادة.
عذرا يا "أبا العبد"، فمهما كتبنا عنك فلن نوفيك حقك، ومهما سطرت الأقلام فلن تروي حكاية جهادك كاملة فأنت أسطورة المقاومة والجهاد، هكذا يمضي الرجال الأبطال، هكذا يرتحلون بعد مشوار جهادي ودعوي مشرف، فحق لفلسطين أن تفخر بك يا "أبا العبد" يا قائدنا ويا حبيبنا ويا شهيدنا البطل، فأنت من أوجعت الصهاينة المحتلين وأغظت قلوبهم، وأسرت وقتلت من جنودهم وشفيت صدور قوم مؤمنين. سيرة القائد القسامي "محمود المبحوح" الميلاد والنشأة:
في الرابع عشر من شهر شباط/ فبراير لعام 1960م، ولد "محمود عبد الرؤوف محمد المبحوح" ، وكانت فلسطين بأسرها على موعد مع انطلاق صرخات طفل في المهد سيكبر يوماً ويصبح شوكة في حلق الصهاينة ويقض مضاجعهم ويزلزل عروشهم، ويخطف جنودهم.
ولد شهيدنا المجاهد محمود المبحوح في مخيم جباليا/ بلوك تسعة، بجوار بركة أبو راشد، وفي أسرة ملتزمة ومتدينة تعود جذورها إلى قرية "بيت طيما" المحتلة عام 1948م، ترعرع ونما وعاش حياته في مخيم جباليا مخيم الثورة والصمود والشرارة الأولى للانتفاضة المباركة. كان شهيدنا منذ صغره يكره الاحتلال، وكان يحلم بأن يكبر يوماً ليقارع جنوده وينتقم من مرتكبي المجازر بحق شعبنا، إذ كان شهيدنا رحمه الله يمارس الرياضة باستمرار، وكان كثيراً ما يتردد على نادي خدمات جباليا وكان يمارس رياضة كمال الأجسام، وفي إحدى البطولات حاز على المرتبة الأولى في كمال الأجسام على مستوى قطاع غزة، وفي عام 1982م انتقل شهيدنا رحمه الله إلى مخيم "تل الزعتر". حياته الاجتماعية:
كان لوالد الشهيد (14) من الذكور، ومن الإناث اثنتين، وكان ترتيب شهيدنا رحمه الله الخامس بين إخوانه، وكان شهيدنا رحمه الله في العام 1983م على موعد مع حفل زفافه، فتزوج من إمرأة صالحة، ولشهيدنا رحمه الله أربعة من الأبناء، وهم على الترتيب: منى (24 سنة) عبد الرؤوف (21 سنة وهو طالب جامعي )، مجد (11 سنة)، رنيم (7 سنوات).
وعرف عن الشهيد أنه كان مواظباً على قيام الليل، داعياً الله وملحاً عليه بأن يتقبل عمله خالصاً لوجهه الكريم، وكان يشارك أهله وأولاده العمل في البيت ويغدق عليهم من حبه وحنانه لهم، وهم الذين افتقدوه كثيراً بسبب السفر والغياب المتكرر لمتابعة العمل. وقد كان الشهيد حريصاً على تربية أولاده على قيم الإسلام الحنيف الذي تربى عليه، فاصطحب زوجه وبناته إلى العمرة في رمضان الماضي، آملاً أن يصطحبهم إلى الحج في وقت قريب، لكن كان على موعد مع الشهادة. رحلته التعليمية:
درس شهيدنا رحمه الله المرحلة الابتدائية في مدرسة الأيوبية (ج) بمخيم جباليا ثم حصل على دبلوم الميكانيكا وتفوق في هذا المجال، وكان ناجحاً في عمله فافتتح ورشة في شارع صلاح الدين، وأحبه الجميع، حتى أن الكثيرين من أهلنا في فلسطين المحتلة عام 48 كانوا يأتون إليه وقت إجازتهم لإصلاح سياراتهم عنده لحسن أخلاقه ومعاملته الطيبة مع الناس فأحبه الجميع وكل من حوله. القائد القسامي "محمود المبحوح" في صفوف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وكتائب عز الدين القسام:
كانت بداية شهيدنا رحمه الله في العام 1978م، عندما التزم في مسجد أبو خوصة " المسجد الشرقي حالياً"، وكان رحمه الله منذ صغره يعشق المقاومة والجهاد في سبيل الله، يتدرب على السلاح، وفي العام 1986م اعتقل لمدة عام في سجن غزة المركزي بتهمة حيازة سلاح "الكلاشينكوف" ، وبعد خروجه من السجن لم يتوقف عن عمله الجهادي بل ازداد قوة، وازدادت علاقته بالشيخ المؤسس "أحمد ياسين" وبالشيخ المؤسس لكتائب عز الدين القسام "صلاح شحادة"، وكان شهيدنا رحمه الله عضوا في المجموعة العسكرية الأولى التي أسسها القائد "محمد الشراتحة". الشهيد "المبحوح" رحمه الله المخطط والآسر لجنديين صهيونيين لاستبادلهم مع الأسرى في سجون الاحتلال:
في عام 1988م، تمكن مجاهدون تابعون لكتائب القسام بقيادة الشهيد "محمود المبحوح" من أسر رقيب صهيوني يدعى "آفي سبورتس" من داخل الكيان الصهيوني، بعد أن جردوه من سلاحه وأوراقه الرسمية، وفي وقت لاحق تم تصفيته وإخفاء جثته، وبعد نجاح المحاولة الأولى قام المجاهدون القساميون بأسر جندي آخر في 3/5/1989 يدعى "إيلان سعدون"، حيث جرى اختطافه بكامل عتاده العسكري، إلا أن المجاهدين اضطروا لقتله وإخفاء جثته؛ نظرا لصعوبة الاحتفاظ به حياً.
بعدما انكشف أمر شهدينا في 11/5/1989م، قامت قوات خاصة فجر ذلك اليوم، بتطويق بيت الشهيد وقاموا بعمليات إنزال على شرفة المنزل وسطح المنزل، وقاموا بإلقاء قنابل صوتية وتكسير أبواب المنزل بدون سابق إنذار واعتقلوا كل من في البيت بما فيهم أطفاله الصغار، وكانت هناك قوات خاصة في ورشة الشهيد تنتظر قدومه لقتله أو اعتقاله، وكان الجنود الصهاينة متخفين بزي عمال زراعة، وعندما توجه أخواه إلى الورشة (الكراج)، قام الصهاينة بإطلاق النار عليهما لحظة دخولهما، وأصيب أخوه "فايق" وتم اعتقاله من قبل الصهاينة، ورغم الحصار والمطاردة ذهب "أبو العبد" إلى المستشفى ليطمأن على أخويه ومن ثم غادر المكان. وفي عام 1990م قررت المحكمة الصهيونية هدم بيت الشهيد ومصادرة الأرض، وكانت التهمة الموجهة إليه خطف جنود صهاينة. الخروج من غزة:
بعد مطاردة في غزة دامت أكثر من شهرين، تمكن الشهيد المبحوح من اجتياز الحدود هو ورفاقه. إلى مصر، ومن ثم إلى ليبيا، ومن هناك غادروا إلى سوريا حيث أكمل مشواره الجهادي. ليلة الاستشهاد:
في طريق سفر الشهيد إلى إحدى الدول، وأثناء مروره بدبي ونزوله ليلاً في أحد الفنادق (19/1/2010) اغتالته يد الغدر الصهيونية فارتقى شهيدا ليكون منارة جديدة في طريق الجهاد والمقاومة والتحرير، وليعلم العدو أن المجاهدين من أبناء كتائب عز الدين القسام وكل المجاهدين من أبناء شعبنا، سيثأرون لروح الشهيد الطاهرة، لتكون دماءه لعنة على الصهاينة المحتلين، وبارقة نصر وأمل على طريق التحرير والعودة.
رحم الله شهيدنا القائد واسكنه فسيح جناته
نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا
والملتقى في الجنة بإذن الله
لأنهم الذين حملوا هم هذا الدين .. ولأنهم العظماء الشهداء الذين توسدوا الأرض فراشا والسماء غطاء .. وحملوا هم هذا الدين لنشره في العالمين وتحرير مسرى رسولنا الأمين .. فأخذوا عهداً على أنفسهم أن يجاهدوا ليحرروا أرض فلسطين ومقدساتها من المحتل .. فكان شهيدنا أحد هؤلاء المجاهدين .. فمنهم من قضى نحبه ومنهم المنتظر والتبديل ليس من شيم المؤمنين، لمثل هذا قدم محيي الدين روحه رخيصة في سبيل الله. الطالب المتميز
ولد الشهيد المجاهد محيي الدين في الثالث من يوليو عام أربع وثمانين وتسعمائة وألف في عائلة فلسطينية تتكون من أربعة إخوة وعشرة من الأخوات وهو الخامس بينهم، تعود جذورها إلى مدينة غزة، فنشأ في منطقة المجاهدين الأبطال منطقة الزيتون شرق مدينة غزة، وترعرع في مساجدها ينهل من علمها ويتربى على موائدها.
أنهى الشهيد البطل محيي الدين دراسته الابتدائية من مدرسة الابتدائية والتي تميز فيها بحصوله على أعلى الدرجات والمرتبة الأولى على الفصل، ثم أنهى سنوات دراسته الإعدادية من مدرسة الإمام الشافعي وكانت بينه وبين زملائه علاقة محبة ومودة وكان يعمل مع أبناء الكتلة الإسلامية في ذلك الوقت وكان من الناشطين آنذاك، ليجتاز بعدها الثانوية العامة من مدرسة تونس الثانوية والتي تميز فيها بعلاقته الطيبة مع مدرسيه والتي كانت قائمة على المحبة حيث أنه وبعد إنهائه الدراسة كان يتزاور وإياهم في الأعياد والمناسبات، ثم التحق بعد ذلك بالجامعة الإسلامية منارة العلم والعلماء وحاضنة الفكر الإسلامي السليم، ليكون احد أبناء كلية تكنولوجيا المعلومات. دينمو العائلة
تميز الشهيد محيي الدين (أبو عبادة) بعلاقته الحميمة علاقة بوالديه، فقد كان باراً بهما حنوناً على أمه معطاءً لأبيه، يساعدهما في كل شيء، فإذا ما طلب منه شيء تجده ملبياً، وكان من أكثر الصفات التي تميزه عن غيره من إخوانه بأنه كان مثل ما يقولوا "دينمو العائلة" أي محركها الأساسي يوجه هذا ويساعد ذلك ويرى ما تحتاجه العائلة من متطلبات في المنزل، فضلاً عن أنه كانت علاقته وثيقة بإخوانه تتميز بالحب والمودة، فلقد كان الأخ الصديق والصاحب، حيث يقول أحد أشقائه: "كان رحمه الله حنوناً، يشعر بنا ولا يتركنا ولو لحظة نحزن، كان دوماً يعلي الهمم ويوثق في أنفسنا محبة الوطن".
بالإضافة لذلك، فقد شهد الجميع لشهيدنا أبي عبادة بحسن الخلق وطيب المعاملة، فكانت علاقته بالجيران علاقة مودة ومحبة، يسأل عنهم ويتابع أخبارهم ويتبادل الحديث معهم، ويدخل السرور على قلوب أطفالهم، إلى جانب ذلك كان شهيدنا يمازح كل من عرفه أو لم يعرفه بمزاح أخوي صادق مع الجميع ومن جميع الفصائل وكان شعاره لا فرق بين عربي ولا عجمي إلاَّ بالتقوى، لا يعرف التجريح أو السخرية، بل مزاح الدعوة الذي جلب على يديه الكثير من شباب الإسلام، بل وجعل الجميع يحس بفقد عزيز غالٍ على القلوب، كما نذكر هنا العقيدة الصادقة التي جعلت منه كالأسد في ساحات المعارك بشجاعة منقطعة النضير تسير بخطى ثابتةً لا تتزحزح. نشيط ومتفاني
تربى شهيدنا أبو عبادة في مسجد صلاح الدين الأيوبي -مسجد القادة القساميين العظام أمثال عوض سلمي وزاهر نصار، وأحمد عوض- منذ نعومة أظفاره، يتلقى المحاضرات الدينية والإسلامية والتربوية ويشارك في أنشطتها المتنوعة وفي العديد من اللجان التي من بينها اللجنة الثقافية، ولجنة الطعام في شهر رمضان، ومن ثم محفظاً في مركز الإسراء لتحفيظ القرآن، ومشرفاً في المخيمات الصيفية التابعة للكتلة الإسلامية، فكان الشباب من حول محيي الدين يأنسون به بل يحبونه ويسعون للجلوس معه حيث كان يتجسد الإيمان في شخصية هذا المجاهد البطل.
كان الشهيد محيي الدين أحد رجال البذل والعطاء حيث عمل في صفوف الكتلة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وترأسها في مدرسة تونس في الوقت الذي كان يدرس فيها ثم انتمى شهيدنا إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس في عام ألف وتسعمائة و تسع وتسعين، ولما تميز به محيي الدين من فطنة ونشاط ومشاركة في الفعاليات رأى المعنيين بالأمر أن شهيدنا على قدر المسؤولية وبايع الإخوان المسلمين في عام ألفين واثنين ، وأخذ رتبة نقيب في عام ألفين وستة نظراً لنشاطه وتقدمه في الدعوة. في صفوف القسام
تأثر شهيدنا المقدام بالعديد من الشهداء وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، والشهداء نعيم باسم نعيم، محمود مشتهى، وآخرهم أحمد عوض، حيث أنه بعد استشهاده التحق الشهيد المجاهد محيي الدين السرحي في صفوف كتائب القسام أوراخر العام ألفين وستة, وكان لتميز محمد الديني والالتزام المسجدي الأثر الكبير في اختيار محيي الدين ليكون احد أبناء القسام المخلصين قولا وفعلا، وما أن علم مجاهدنا بعدما طلب من إخوانه الدخول في كتائب القسام الموافقة على طلبه حتى فرح فرحا شديدا وسارع يردد بلسانه الحمد لله الذي اصطفاني للجهاد لتبدأ بذلك الحياة الجهادية الجديدة.
وكان مجاهدنا من الناشطين في العمل العسكري والجهادي، حيث أنه كان ينقل الشباب إلى مواقع الرباط بسيارته ويأخذ كل ما يحتاجه المجاهدون من عدة وعتاد، فضلاً عن تقديم الطعام والفواكه ليأخذ الأجر العظيم، وقد حرص شهيدنا محيي الدين على عمله الجهادي فكان مثالاً للجندي المطيع وهذا ما أثناه عليه المسؤول عنه عند مجيئه إلى عرس الشهيد. موعد مع الشهادة
كان شهيدنا المقدام الذي سعى لخدمة الإسلام بكل ما لديه حتى لو كانت نفسه على موعد مع الشهادة التي كان يتوق إليها يوماً بعد يوم، فيحدث إخوانه وأصدقاءه باشتياقه لإخوانه المجاهدين الذين سبقوه أمثال أحمد عوض، محمود مشتهى، ونعيم نعيم، وكل الشهداء حيث أنه حزن حزناً شديداً على احمد عوض رحمه الله وكان دائماً يستمع للقرآن الكريم بصوت أحمد العجمي ليل نهار، وكذلك أنشودة (ينادي فؤادي بليل السكون)، وفي التاسع عشر من مايو عام 2007م تم استهداف مجموعة الرصد التابعة لكتائب القسام، فاتصل به أحد العناصر المرابطين والذي كان مصابا حينها، فأخذ محيي الدين رحمه الله سيارته وخرج رغم تواجد الطيران الصهيوني الذي لم يفارق سماء غزة وذهب إليه وأتى به للبيت وتم إسعافه وتوصيله إلى مبتغاه، وبعد ذلك عاد شهيدنا أبو عبادة لموقع الرصد للبحث عما تبقى من أغراض الرصد والأغراض التي تم أخذها من قبل الناس.
وعن ظروف استشهاد البطل محيي الدين السرحي، روى شقيقه ما حدث قائلاً: "كان رحمه الله في ذلك اليوم قاعداً (لم يذهب للعمل) وكأنه يشعر بأن موعد الفراق حان وأن هذا اليوم العشرين من مايو من العام ألفين وسبعة آخر أيامه في هذه الدنيا، فجلس في البيت وأخذ يرتب في غرفته ويطوي في ملابسه ويصنف الجديد عن القديم حتى صلاة الظهر، ليودعنا بعد ذلك واحداً واحداً، وبعد صلاة العشاء توجه الشهيد محيي الدين إلى أحد أصدقائه ومن ثم عاد للمنزل ونام، حتى جاء شقيقه الأصغر محمد ليوقظه ويوصله إلى بيت أخته حيث كان زوج أخته مسافراً، وبعد ذلك علم محيي الدين بإصابة أحد أقربائه وأحد أصدقائه فذهب لمستشفى الشفاء وأخذ معه والده الدكتور "محمد محيي الدين السرحي" ليضعه في صورة الحدث ومن ثم رجع ليحضر المصابين وأثناء توجهه إلى مستشفى الشفاء تم استهدافه هو وعائلة المصاب الآخر في شارع الصحابة حيث استشهد المواطن جمال مناع والد المصاب خليل مناع وأيضاً خاله عماد عاشور رحمهم الله جميعاً، ورحمك الله يا أبو عبادة وأسكنكم فسيح جناته"
وفي اليوم التالي خرج المواطنون الفلسطينيون يشيعون الشهداء وهم ينددون بالجريمة الصهيونية مطالبين مجاهدي كتائب القسام بالرد والانتقام من المحتل الصهيوني.
عظيمة هي اللحظات التي يخطر ببال القلم أن يكتب فيها سير الشهداء , ذلك أن الشهداء كانوا وما زالوا أنواراً تعيش على هذه الأرض الغالية فلسطين , وشموس عز ساطعة في سمائها , وجبالاً شامخة تحفظ للأرض عظمتها , وآساداً متيقظة تدفع عنها من عاداها , ورجالاً شجعاناً كراماً أعادوا عزة تاريخها المسلوب , ودفعوا دماءهم في سبيل استعادة حريتها ومكانتها السامقة في كنف دولة الإسلام العظيم , رغم ذلك يتوقف القلم حائراً متلعثماً , لا يدري أي الحروف تليق بسيرة الأباة العظماء , ولكنه يجد نفسه مجبراً ومرغماً علي الكتابة, مع علمه اليقين أنه لن يوفي هؤلاء الرجال ولو جزءاً من حقهم في حفظ تاريخهم الناصع الموشح بعبق مسكهم الزكي . ميلاد النور ونشأة الفارس
فارس من فرسان الإسلام , ورجل من رجالات القسام , وأسد طالما زأر في وجه الطغيان , هو الشهيد القسامي المجاهد : قيس فارس أحمد بركة " أبو شهاب " , المولود في السادس والعشرين من أغسطس للعام الثامن والثمانين بعد تسعمائة وألف للميلاد , لأسرة متواضعة ذاقت مرارة الظلم الواقع على أبناء شعب فلسطين, وعاشت أزماناً وأزماناً من الأذى والنصب, الذي وقع على الشعب الفلسطيني كله جراء الاحتلال الصهيوني الغاشم, كان شهيدنا أبو شهاب أول فرحتها ومبتدأ بهجتها , فهو بكر أبنائها السبعة .
تنحدر هذه العائلة الكريمة من مدينة دير البلح , والتي طالما خرجت الأبطال والمجاهدين من أبناء هذا الشعب الأبي الصامد .
درس شهيدنا الابتدائية والإعدادية في مدارس دير البلح , وقد كان متميزاً دوماً في دراسته , لينتقل بعدها إلى مدرسة المنفلوطي الثانوية ليحصل على شهادة الثانوية العامة قبل استشهاده بأشهر قليلة , ويا الله ما أعظم فرحة أهله وأحبابه بهذا النجاح وعلى وجه الخصوص التي ابتسمت وهي تقول " كانت أمنيتي أن يحصل قيس على شهادة الثانوية العامة" , ليلتحق بعدها بكلية العلوم والتكنولوجيا والتي لم يمض على التحاقه بها عند استشهاده سوى أيام معدودة .
كان شهيدنا منذ طفولته عاشقاً للمجاهدين , شديد الحب لحركة المقاومة الإسلامية حماس , والتي طالما خط اسمها واسم مجاهديها على كراساته المدرسية, ليعبر عن حبه الدفاق لهذه الحركة العملاقة, يتحدث الوالد عن هذا الموضوع وكأن المشهد حاضر أمامه قائلاً " كثيراً ما كان قيس يكتب كلمة حماس على كراساته ودفاتره وأنا أجزم أنه منذ الصف الثالث الابتدائي لا يوجد دفتر لقيس , لا توجد في كل صفحة منه كلمة حماس أو اسم شهيد قسامي أو قائد حمساوي" , هذا الحب الفطري العظيم , صقلته المساجد التي اعتاد منذ صغره على عمارتها , وتأدية الصلوات الخمسة في رحابها , وحضور دروس العلم في جنباتها, التزم شهيدنا منذ نعومة أظفاره في مسجدين من مساجد منطقته هما مسجد الصحابي الجليل أبو بكر الصديق , ومسجد التوبة , وكأن هذا الطفل الوديع , كان يعلم أنه لن يكون رجلاً عزيزاً كريماً , وإنسانا واعياً فذاً إلا إذا التزم طريق المساجد ورحاب الإيمان وهذا ما كان . الأخلاق الحميدة وحب الآخرين
ليس غريباً على من تخرج من رحاب أسرة طاهرة مؤمنة , ومن مساجد الرحمن المتألقة , أن يكون ذا خلق عظيم , وسمت كريم , ونفس وادعة حنونة تنشر عبق حبها لكل من حولها .
هذا هو حال فارسنا المقدام أبا شهاب , فقد كان حنوناً على إخوانه , يلاعبهم ويلاطفهم ولا يبخل عليهم بالنصح والإرشاد والمساعدة , يقول شقيقه قيصر " كان حنوناً , كثيراً ما كان يساعدني في حل المشاكل التي تواجهني وعلي وجه الخصوص تلك التي تتعلق بعلاقتي برفاق المسجد" , إضافة لذلك فقد كان طيباً محبوباً ينشر الحب أينما حل وارتحل ,يحبه أصدقاؤه وأقرانه , كيف لا وهو الذي طالما صنع الحلويات لهم بنفسه ليوصلها لهم إلى بيوتهم , تقول الأم المكلومة وعيونها ترنو للمجهول " كان قيس ماهراً في صناعة العديد من أصناف الحلويات التي كان يعدها دوماً لأصدقائه وأحبابه ورفاقه في القسام الذين كان يحبهم كثيراً " .
امتاز شهيدنا بمحافظته على الأمانة وقوله الحق والصدق ولو على نفسه , كان صادقاً لا يخشى في الله لومة لائم , يفوق سنه كما أصرت أن تصفه والدته الحنون التي تفتقده كثيراً حيث قالت " كنت أشعر أن قيس أكبر من سنه بكثير , فهو شجاع لا يعبأ بالمخاطر التي قد تحيط به "
كذلك فشهيدنا ًيحب أقاربه وأرحامه, وعلى وجه الخصوص عماته وخالاته , حيث أنه كان يزورهم كثيراً, يطمأن عليهم ويتفقدهم ,إضافة لذلك فقد كان شديد الحرص على زيارة أحبابه وإخوانه بمناسبة وبغير مناسبة, وكان حريصاً أكثر على إكرامهم وتلبية جميع طلباتهم .
إلى جانب ذلك كله كان شهيدنا شديد البر بوالديه , لا يرفض لهم طلباً , على الدوام يساعد أمه في أعمال المنزل دون كلل أو ملل, تقول والدته عن ذلك " كان رحمه الله في فترة حملي ينجز كافة أعمال المنزل بمبادرة منه , دون أن يكلفه أحد بذلك "
كان فارسنا يؤثر إخوانه وأحبابه بكل ما يملك , حتى وإن كان يحتاجها , يقول والده " كان قيس مستعداً لإخراج ما دخل في جوفه من طعام ليعطيه لأصحابه وإخوانه" , كيف لا يكون كذلك وهو من بذل روحه في سبيل الله دون تردد أو نكوص . في جهاز الأحداث العام " الجماهيري"
عمل شهيدنا المجاهد أبو شهاب في جهاز الأحداث العام " الجماهيري" التابع لحركة المقاومة الإسلامية حماس , في أوج الانتفاضة المباركة "انتفاضة الأقصى " , ليعمل بكل جد على إبراز وجه الحركة المشرق , وتوضيح الفكرة الإسلامية للناس , وحشد الجميع خلف مسيرة الجهاد والمقاومة .
كان شهيدنا حريصاً أن يصل صوت المرابطين وكلمة المجاهدين إلى كل مكان في منطقته, وفي كل مسجد من مساجدها, يقول في هذا الصدد أخوه قيصر " كان كثيرا ً ما يخرج مع أعضاء جهاز الأحداث في المهمات , حتى بعد انتمائه وانشغاله بعمله الجهادي في كتائب القسام , كذلك فهو سعى وبكل قوة لتعليق لوحات في المساجد، ليوصل رسالة المجاهدين من خلالها ، رغم ما كان يواجهه من صعاب في بعض المساجد ". هذا النشاط لا يستغربه من قرأ في كراساته عبارات الحب والانتماء لدعوة السماء , ومن أكثرها تكراراً قوله " لو كان عشقك يا حماس جريمة فليشهد العالم أني أكبر مجرم " في ركب العز والفخار
هذا النشاط المتوقد , والانتماء الفريد لدعوة السماء , والحب العظيم للجهاد والمجاهدين , والأخلاق العالية الرفيعة , كل ذلك أهل شهيدنا أبا قيس للانضمام إلى ركب العزة والفخار , إلى ركب كتائب الشهيد عز الدين القسام .
كان ذلك في العام 2006م , ليتلقى شهيدنا العديد من الدورات العسكرية , ليكون بعدها أحد المرابطين على حدود الوطن الغالي الحبيب فلسطين , وحارساً أميناً, وحافظاً مؤتمناً على ثغر من ثغور الوطن .
كان شهيدنا لا يتأخر إذا ما دعي لأي عمل جهادي , ولا يتغيب أو يتأخر عن موعد رباطه مهما كانت ظروفه , يقول في هذا السياق أحد إخوانه المجاهدين " كان قيس يحب الرباط , بل يعشق ليالي الرباط ,حتى أنه لا يتغيب عن رباطه مهما كانت الظروف , ففي ليلة من ليالي رباطه تجهز أبو شهاب للخروج لموعد رباطه , وحينما هم بالخروج وجد أن الوقت ما زال مبكراً فاستلقي ينتظر أن يحين موعد رباطه , فنام حتى استيقظ في الثانية ما بعد منتصف الليل , فأبى أن يبقى في المنزل ,وجاءنا في مكان رباطنا رغم أن موعد رباطه قد قارب على الانتهاء رحمه الله "
كان شهيدنا متيقظاً لدرجة أنه كان يستيقظ من نومه لأي حركة يشعر بها في المنطقة ويمشط المنطقة ويعود .
كان الفارس المقدام حريصاً علي سلاحه والعهدة العسكرية التي بحوزته ,يقول والده " كان قيس محافظاً علي سلاحه , أميناً على عهدته, فقد كان يضع سلاحه معه وهو نائم من شدة الحرص عليه "
شارك شهيدنا في عمليات التطهير لمواقع الفلتان والفساد والزندقة التي قامت بها كتائب القسام , فهو أول من رفع راية التوحيد لترفرف خفاقة فوق موقع القوة 17 في المنطقة الوسطى . حبه للشهادة وعشقه للشهداء
" إذا كانت الحياة مصدراً للسعادة فاكتبوا عل قبري ميت قبل الولادة ."
هذه العبارة التي وجدت مخطوطة علي أحد كراساته المدرسية تدل دلالة واضحة على حب هذا الرجل الفذ لما عند الله وعشقه للشهادة , كثيراً ما تحدث أبو شهاب عن الشهادة وجزاء الشهداء ونزلتهم العظيمة عند الله عز وجل , وطالما تمنى الفارس أن يترجل إلى الله شهيداً , تقول والدته " كان كثيراً ما يجلس ويكتب الوصية أمامي ويقول لي غداً تقرأي هذه الكلمات وتتذكرينني بها فكنت لا آخد كلامه على محمل الجد فلم يكن يخطر ببالي أني سأفقده في يوم من الأيام"
تأثر شهيدنا تأثراً شديداً باستشهاد رفيق دربه وحبيبه الشهيد المجاهد "أبو أنس" إيهاب نصار , فقد غضب غضباً شديداَ عند سماع نبأ استشهاده على يد العملاء المرتزقة من الأجهزة الأمنية العميلة , وأقسم على الثأر والانتقام من هؤلاء المنفلتين , فأبو أنس من أحب إخوانه إلى قلبه , وتربطه به علاقة أخوية قوية جداً , وها هما يجتمعان معاً في جنان الخلد إن شاء الله. يوم الشهادة
كانت ليلة الاستشهاد وهي ليلة الجمعة , ليلة من ليالي الرباط والجهاد المقدس لأبي شهاب , فقد كان مرابطاً مع إخوانه المجاهدين, كذلك ففى ختامها صلى بإخوانه المرابطين صلاة الفجر إماماً , لينطلق صباح الجمعة إلى موقع التدريب , وساحة الإعداد , ويرتقي إلي جنان الخلد بإذن الله شهيداً مقبلاً غير مدبر صباح يوم الجمعة الموافق التاسع عشر من أكتوبر للعام السابع بعد الألفين للميلاد بعد جهاد طويل وثبات علي الحق والدين .
رحلت أبا شهاب ولسان حالك يقول :
إني حييت ليوم لا مرد لـه للثأر للدم لاسترداد أوطانـــي
لأستعيد فلسطيناً كما غصبت بالدم لا بدموع أو بتحنــــان
لأزرع الأرض ألغاماً أفجرها ناراً على من بها بالأمس أصلاني
رحمك الله أبا شهاب , وأوردك ربي جنان الخالدين بر حمته فهو أرحم الراحمين.
الشهيد القائد ابو علي اياد( وليد احمد نمر) الملقب بعمروش فلسطين
وليد احمد نمر 1934_ 1971
===قائد فلسطيني وعضو اللجنه المركزيه لحركه التحرير الوطني الفلسطيني
( فتح ) وعضو القياده العامه لقوات العاصفه , ولد في بلده قلقيليه وانهى فيها دراسته الابتدائيه والثانويه فحصل على شهاده المترك سنه 1953 والتحق سنه 1954 بدوره تدريبيه للمعلمين في العراق
=== انتقل وليد احمد نمر وكنيته ابو علي اياد الى المملكه العربيه السعوديه فعمل مدرسا لمده ثماني سنوات (1954_1962 ) ثم انتقل الى الجزائر عقب استقلالها فامضى سنوات ثلاث مساهما في عمليه التعريب فيها
=== تفرغ للعمل العسكري في الثوره الفلسطينيه منذ انطلاقتها في 1/1/1965
وفي سنه 1966 انتقل الى الضفه الغربيه حيث اوكلت اليه مسؤوليه الاعداد للعمل العسكري في الارض الفلسطينيه المحتله سنه 1948 , قاد عده عمليات عسكريه ضد العدو الصهيوني منها , مليه مستعمره بيت يوسف بتاريخ 25/4/1966 والهجمات على مستعمرات المناره , وهونين , وكفار جلعادي
=== انتقل بعد ذلك الى سوريه وقام بتدريب عناصر قوات العاصفه فيها , وقد اصيب خلال التدريبات في احدى عينيه وعقب عدوان حزيران 1967 انتقل الى الاردن فاوكلت اليه قياده قوات الثوره الفلسطينيه في منطقه عجلون حيث قام
بتوجيه مجموعاته غبر نهر الاردن لتقوم بعمليات ناجحه ضد العدو الصهيوني وقواته ومستعمراته
=== عقب احداث ايلول سنه 1970 في الاردن انتقل بقوات الثوره الفلسطينيه الى منطقه جرش وعجلون وفي عام 1971 خاض معركه ضاريه مع قوات الجيش الاردني حيث استشهد بتاريخ 27/7 في ذلك الصدام وباستشهاد القائد المعلم ابو علي اياد فقدت الثوره الفلسطينيه مناضلا صلبا وقائدا كبيرا
=== شارك السهيد ابو علي اياد في النشاطات السياسيه الكثيره لحركه فتح
بالاضافه لنشاطه العسكري فكان ضمن الوفود التي قامت بزيارات لبلدان اجنبيه
ولا سيما الدول الاشتراكيه
=== خلال المعرك الضاريه في جرش وعجلون حاولت جامعه الدول العربيه وسوريه خاصه اخراج الاخ ابو علي من الاردن حفاظا على حياته حيث ابلغه السوريين باستعدادهم لارسال طائره هليوكبتير خاصه لاخراجه الى ان قائدنا
ومعلمنا رفض ان ينجو بنفسه ويترك اخوانه المناضلين عرضه للقتل والاعتقال
والتعذيب فقرر البقاء معهم يقاتل واياهم وكانت برقيته الاخيره الى القياده _
قررنا ان نموت واقفين ولن نركع والله معنا
هذا هو المعلم القائد والذي لا زال ابناء الفتح يسيرون على خطاه ودربه , رحم الله شهيدنا البطل وكل شهداء شعبنا الذين ضحوا بارواحم ووهبوها فداء للوطن
والحريه