شتاء هذا العام ليس ككل شتاء فهو شتاء قارص جدا ترى الأطفال في كل بقاع الأرض في أحضان فراشها أو أحضان الأمهات تلتحف الدفيء في وقت المساء وترى الشاب مختبئاً في ثيابه تراه شديد الانزعاج إن ابعد احد عن قدميه نار المدفأة.
لكن أطفالهم مختلفون ففي العراق تراهم يتدفئون على نار القنابل تراهم يترنحون في الظلام على شظايا الجوع , يقتسمون فتات الموت خلسة و من تحت الأنقاض ترى راية النصر وابتسامة بريئة ثم يودعون.
وترى الأمهات في فلسطين يغزلن من الموت القبيح ثوب للعز ومن جثث الأبناء جسر للكرامة الذي هدمته طائرات معبأة ببنزين خليجنا الأسود وترى الأصحاب تشيع الأصحاب يتجرعون كاس المرارة ثم يكبرون .
وما ذنب ذلك الكهل في بورما الذي دهسته دبابات الغدر تراهم والموت رفيقهم في كل مكان وكأن الموت استقر في تلك البلاد ترى جثث الأطفال تطبخ كالدجاج وترى الشيوخ تجر من أقدامها مثل النعاج .
و في درعا أم لثلاثة من الشباب تبكي حسرة العمر الذي ضاع فشاب مجند في جيش الأسد وشاب في صفوف الأحرار حمل على عاتقه حرية البلد وثالث في الزعتري يلعن اليوم الذي فيه أنولد.
لا ترى على نشرة الأخبار كل ليلة إلا الموت وكان الموت لا يقبل سوانا حلفاء له لا تسمع إلا صرخات الثكالى وقنابل الغدر الدفين لا تسمع غير مجاعات الصومال ونقيضه البذخ الخليجي السمين وترى باقي امة المليار في السبات مغيبين.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المارد
مبروك للجميع فكلنا فائزون شكرا لكم على اعطائنا هذا المتنفس للكتابة
فعلًا عزيزي ثائر ،، كلكم فائزون ونحن أكثركم فرحًا وألمًا بهذا الفوز !..
سرحتُ بفكري بعيداً وأنا أتابعُ نشرة الأخبار على التلفاز ..وعدتُ لأفكر في ذلك العصفور ...وأظنني عرفتُ أخيراً سر ذلك الاحساس الجارف بالحزن كثيراً ما كان ينتابني كلما نظرتُ اليه والذي لم أدرك له سبباً قبل ذلك.
شعرتُ بالخجل من نفسي ان ضاع مني كل ذلك الوقت لأدرك أن رفرفة جناحيه وحركات رأسه المتلاحقة يمنة ويسرة ما كانت الا تعبيراً عن الضيق والضجر ...يا لغبائي ..ألم أتبين ما شاب تغريده من نبرة حزنٍ وعتاب ...أم تراني كنت أدرك ذلك في قرارة نفسي ولم أعره اهتماماً ...أم تراني كنت اعاني من سبات الضمير وغياب الوعي بما يدور حولي.
تقدمت من القفص بخطوات متثاقلة وكأني بين النائم واليقظان ومددت يدي لافتح له باب القفص واعده ينطلق الى حيث يجب ان يكون ليحلق حيث اراد ويكحل عينيه بشمس الصباح وربما يقتنص حبة قمحٍ مغلفة بقطرة ندى ذات صباحٍ ندي ...وفجأةً وكأني سمعت صوتاً يقول: قف مكانك ...أتظن ان لديك القدرة والجرأة لفعل ذلك ...فجلست مكاني وصوتٌ يتردد بداخلي مع بعض نحيب :
ليت ذئب الليل مأساة الليالي ......كنتُ دم الذئبِ أروي منه سيفي
من شعاعِ الشمسِ إن عزت سيوفٌ .....أقهرُ الدنيا وأصنعُ منه سيفي
لكن المأساةُ ما كانت سيوفاً ......لكن المأساةُ أيقنتُ ضعفي
وعدتُ لأتابع نشرة الأخبار عن الأسرى والمعتقلين في سجون الأوغاد ...وقطرةٌ كالجمرِ تتدحرجُ على خدي.
***
من الروائع التي كتبها الأخ القدير سمير يونس .. فقد عوّدنا على الروعة فيما يطرحه من قصائد القافية والوزن ..
لقد كان لهذه الخاطرة التأثير في نفسي والحيرة في الاختيار عند التصويت فهي بحق رائعة من روائع أبي محمد بأسلوبه الجديد ..
سؤال وبصراحة - أبا محمد - هل قمتَ بالتصويت لخاطرتك ؟.
أرجو أن يُسعفك الوقت والظروف لتُجيب على هذا السؤال ،، كما أرجو أن نسمع وجهة نظرك هنا .. فنحن لم نقرأ لك تعقيبًا واحدًا في هذه المسابقة !!..