دارين أبو عيشة (22 عاماً)
بطلة العملية الاستشهادية على حاجز صهيوني قرب رام الله بتاريخ 27/2/2002م
"دارين " ابنة الكتلة الإسلامية التي بحثت عن الشهادة فكانت الاستشهادية الثانية
( نبذة عن حياة الشهيدة ووصيتها )
"لم تكن دارين بالإنسانة العادية ؛ فقد كانت شعلة من النشاط داخل الكتلة الإسلامية بجامعة النجاح ، ملتزمة بدينها و على خلق عالٍ" . بهذه الكلمات وصفت "إبتسام" أختها الاستشهادية دارين محمد أبو عيشة - 22 عاما - الطالبة بالسنة الرابعة جامعة النجاح ، و تسكن قرية بيت وزن قضاء مدينة نابلس شمال الضفة الغربية التي نفذت عملية استشهادية مساء الأربعاء 27/2/2002 أمام حاجز عسكري صهيوني في الضفة الغربية ، و هو ما أسفر عن إصابة ثلاثة من جنود الاحتلال و استشهاد منفذة العملية و اثنين من الفلسطينيين كانا معها
"لم يكن استشهاد "وفاء إدريس" هو دافع دارين للتفكير بالشهادة ؛ فمنذ أكثر من العام كانت تتحدث عن أمنيتها للقيام بعملية استشهادية ، و أخذت تبحث عمَّن يجهزها للقيام بذلك" .
و تقول إبتسام : "ذات مرة توجهت دارين إلى "جمال منصور" القيادي بحركة المقاومة الإسلامية حماس الذي اغتالته قوات الاحتلال الصهيوني في أغسطس 2001 ، و طلبت منه الانضمام إلى الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس ، و أعربت عن عزمها القيام بعملية استشهادية" ، و تضيف : "و لكن وجدت صدودا من حركة حماس !!، و قال لها الشهيد جمال : (عندما ينتهي الرجال من عندنا سنستعين بكن للقيام بالعمليات الاستشهادية)" .
لم يقنع هذا الكلام دارين - كما تقول شقيقتها ? و لم ينقطع حديثها عن الشهداء و الشهادة ، و كانت كثيرة المشاركة في تشييع جثامين الشهداء و المشاركة في المسيرات .
ويرجع المحللون المقربون من حماس سبب رد الشهيد لشيخ جمال أنه ليس مرتبطا بالجهاز العسكري لحماس ككل أعضاء المكتب السياسي للحركة كما أن مثل هذه الأعمال يختص بها ذاك الجهاز وهو المعني بتجنيد الاستشهاديين وليس موقفا سياسيا أو دينيا من تجنيد استشهاديات
دارين تؤكد في شريط فيديو تم تصويره قبل تنفيذها العملية "أنها قررت أن تكون الشهيدة الثانية بعد وفاء إدريس لتنتقم لدماء الشهداء و انتهاك حرمة المسجد الأقصى" .
و أوضحت الشهيدة دارين أن المرأة الفلسطينية كانت و ما زالت تحتل الصدارة في الجهاد و المقاومة ، داعية كل النساء الفلسطينيات إلى مواصلة درب الشهداء ، و قالت : "و ليعلم الجبان شارون أن كل امرأة فلسطينية ستنجب جيشا من الاستشهاديين ، و لن يقتصر دورها على البكاء على الابن و الأخ و الزوج ، بل ستتحول إلى استشهادية" .
دارين كانت واحدة من ثماني أخوات لها و شقيقين ، و تقول والدتها : "لقد ذهبت و لم تودعني .. لكنني لم ألاحظ عليها أي تصرف غير عادي ، و إن كل ما أذكره منها أنها عندما دخلت البيت ظهر يوم الأربعاء قالت : "الله يا أمي ما أحلى طبيخك ، و ما أطيب رائحته
تشير الأم إلى أنها لاحظت في الليلة السابقة لاستشهاد دارين إكثارها من قيام الليل و قراءة القرآن حتى بزوغ الفجر ، و تضيف قائلة : "رغم أن دارين كانت متدينة جدا ، و لا تنقطع عن قراءة القرآن و الصيام و القيام فإنها زادت من ذلك في الليلة التي سبقت استشهادها ، و لقد خرجت من البيت و لم تودعني و كانت يومها صائمة" .
أختي الشهيدة
و تضيف شقيقتها قائلة : "عندما خرجت دارين من البيت قالت : (أنا ذاهبة لشراء كتاب) ، ثم عادت بعد عدة ساعات ، و بعدها خرجت ، و لم نعرف إلى أين" ، و تضيف أنها "في الساعة العاشرة مساء الأربعاء اتصلت عبر الهاتف ، و قالت : "لا تقلقوا عليَّ ، سأعود - إن شاء الله - ، لا تخافوا و توكلوا على الله و في الصباح سأكون عندكم" ، و كانت هذه آخر كلمات سمعتها منها ، و سمعتها والدتي أيضا" .
و تؤكد ابتسام أن دارين لم تكن عضوة في حركة فتح أو كتائب شهداء الأقصى ، و أنها كانت من أنشط طالبات الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح ، و تتابع قائلة : "بعدما وجدت دارين صدودا من حماس ، وجدت في كتائب شهداء الأقصى من يلبي رغبتها فقاموا بإعدادها للاستشهاد" . و كانت كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح قد أعلنت مسئوليتها عن العملية الاستشهادية
هو فتحي إبراهيم عبد العزيز محمد أوحيدة الشقاقي. ابن عائلة الشقاقي المعروفة في ترهونة من قبيلة مرغنة. وكان جده الأكبر ويدعي (محمد أوحيدة الشقاقي) يعمل فلاحا, ولد في ريف بلدة ترهونة وعاش بها إلى أن قام الأتراك بتجنيده شابا يافعا ضمن لواء الإسكندرية واتجه إلى سوريا وتزوج بسيدة سورية تدعى سارة ثم ذهب إلى قرية زرنوقة (en) بقضاء يافا بفلسطين والتي استقر بها وأنجب عائلة الشهيد. الدكتور فتحي من مواليد مخيم رفح بمدينة غزة 4-1-1951م حيث هجرت الاسرة الي غزة عام 1948. ولد فتحي لعائلة فقيرة حيث عمل والده عاملاً في صحراء سيناء، ونشأ في وسط عائلي محافظ وأسرة متدينة تلتزم بالمجال الديني والشعائري، فقد كان والده الابن الوحيد لامام القرية. فقد الشقاقي امه وهو في الخامسة عشرة من عمره ليشب بعدها يتيما. درس في جامعة بير زيت بالضفة وتخرج من دائرة الرياضيات، وعمل لاحقا في سلك التدريس بالقدس في المدرسة النظامية ثم في مدرسة الايتام. وفي أثناء عمله درس مرة أخرى الشهادة الثانوية لرغبته الشديدة في دراسة الطب, حيث التحق بكلية الطب- جامعة الزقازيق 1974. وبعد تخرجه عمل طبيبا بمستشفى فيكتوريا بالقدس وبعد ذلك عمل طبيبا للأطفال في قطاع غزة. قاد كفاحا مريرا ضد الاحتلال، اعتقل في فلسطين أكثر مـن مرة عام 1983 و 1986 ثم أبعد في أغسطس 1988 إلى لبنان بعد اندلاع الانتفاضة في فلسطين واتهامه بدورٍ رئيس فيها. وفي مصر تأثر بفكر الإخوان المسلمين، ثم تأثر بالثورة الإيرانية منذ بدايتها، وكان أبرز الفلسطينيين الذين دعوا إلى تبنيها كنموذج، حيث ألف كتاباً أسماه " الخميني.. الحل الإسلامي والبديل ". اعتقل في عام 1979 فـي مصر بسبب تأليفه لهذا الكتاب. ومنذ ذاك الوقت كان يتنقل في بعض عواصم البلدان العربية والإسلامية. وكانت آخر أبرز تلك المحطات مسئوليته في تنفيذ عملية بيت ليد بتاريخ 1995/1/22 حيث أسفرت عن مقتل 22 عسكرياً إسرائيليا وسقوط أكثر من 108 جرحى. اغتيل على يد الموساد الإسرائيلي في مدينة "سليما" بجزيرة مالطا يوم 26 أكتوبر 1995 أثناء عودته من ليبيا ارض اجداده, وكان يحمل جواز سفر ليبي باسم إبراهيم الشاويش بعد تصعيده للكفاح المسلح داخل الاراضي الفلسطينيه من منفاه. تزوج بفتحية الخياط "أم إبراهيم" ورزقه الله منها ب (خولة وإبراهيم وأسامة).
كان فتحي الشقاقي قبل العام 1967 ذا ميول ناصرية، ولكن هزيمة العام 1967، أثرت تأثيراً بارزاً على توجهات، حيث قام بالانخراط في سنة 1968 بالحركة الإسلامية إلا أنه اختلف مع الإخوان المسلمين، وبرز هذا الخلاف بعد سفره لدراسة الطب في مصر عام 1974 م فأسس ومجموعة من أصدقائه حركة الجهاد الإسلامي أواخر السبعينيات. اعتقل الشهيد المعلم في مصر في 1979 بسبب تأليفه لكتابه «المقاومة، الحل الإسلامي والبديل»، ثم أعيد اعتقاله في 20/7/1979 بسجن القلعة على خلفية نشاطه السياسي والإسلامي لمدة أربعة أشهر. غادر الشهيد المعلم مصر إلى فلسطين في 1/11/1981 سراً بعد أن كان مطلوباً لقوى الأمن المصرية.
قاد بعدها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وسجن في غزة عام 1983 لمدة 11 شهراً، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى عام 1986 وحكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 4 سنوات و5 سنوات مع وقف التنفيذ: لارتباطه بأنشطة عسكرية والتحريض ضد الاحتلال الصهيوني ونقل أسلحة إلى القطاع" وقبل أنقضاء فترة سجنه قامت السلطات العسكرية الإسرائيلية بإبعاد من السجن مباشرة إلى خارج فلسطين بتاريخ 1 أغسطس (آب) 1988 بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية. تنقل بعدها الشهيد المعلم فتحي الشقاقي بين العواصم العربية والإسلامية لمواصلة جهاده ضد الاحتلال الصهيوني إلى أن اغتالته أجهزة الموساد الصهيوني في مالطا يوم الخميس26/10/1995 وهو في طريق عودته من ليبيا إلى دمشق بعد جهود قام بها لدى العقيد القذافي بخصوص الأوضاع الفلسطينية على الحدود المصرية.
ويعد فتحي الشقاقي أحد أبرز رموز التيار المستنير داخل الحركة الإسلامية لما يتمتع به من ثقافة موسوعية، واستيعاب عقلاني لمشكلات الحركات الإسلامية وقضاياها في العالم العربي والإسلامي. كما يعتبر مجدد الحركة الإسلامية الفلسطينية وباعثها في اتجاه الاهتمام بالعمل الوطني الفلسطيني، وإعادة تواصلها مع القضية الفلسطينية عبر القتال المسلح، فدخلت بذلك طرفاً رئيسياً ضمن قوى الإجماع الوطني الفلسطيني بعد طول غياب.
و يعتبر الشقاقي المسؤول العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وينظر إلى الداعية عبد العزيز عودة على انه الزعيم الروحي للحركة، حيث يتمتع الداعية عودة بشخصية دمثة وجذابة ولديه قدرة فائقة على الوعظ والخطابة. وكان عبد العزيز عودة من الشخصيات الدينية التي تحظى بالاحترام. و يعتبر كل من الشقاقي وعودة الزعيمين الرئيسيين لحركة الجهاد الإسلامي. ويأتي قادة الجهاد من الجيل الإسلامي الجديد، فهم شبان في الثلاثينات أو أوائل الأربعينات من العمر. وكان مؤسسو الجهاد الأوائل من أمثال الشقاقي وعودة من أصحاب الكفاءات.
وقد صدرت في القاهرة عن مركز يافا للدراسات موسوعة بأعمال فتحي الشقاقي السياسية والفكرية والثقافية تعكس شخصية فتحي الشقاقي وآرائه ومواقفه.
هي ليست أول استشهادية في سجل الاستشهاديات الفلسطينيات، ولكنها أكبرهنّ؛ ففاطمة ليست أمًّا وحسب، بل هي جدة تقترب من حافة عقدها السابع.. هالها ما رأت لأبناء شعبها، وهالها الألم النازف دون توقف فقررت العزم وانطلقت بكامل حبّها لله والوطن ففجرت نفسها مساء الخميس 23-11-2006 قرب وحدة إسرائيلية؛ مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى إسرائيليين، بحسب ما أفاد متحدث باسم كتائب عز الدين القسام.
في بيتها بمدينة جباليا كانت جموع الفتيات والنساء والأطفال تتدفق كما الأمواج إلى بيتها لتهنئة ذويها بعملها البطولي.. أمارات الفرحة كانت ممزوجة بعلامات الدهشة، ولكن سرعان ما تنتهي هذه الدهشة إلى فخر واعتزاز.
" كلنا مشاريع شهادة.. ولماذا لا نستشهد وقد نكَّل الاحتلال بنا وبأولادنا.. بأطفالنا.. هدم بيوتنا.. قلع أشجارنا؟". كلماتٌ نطقت بها الحاجة "أم رمزي" جارة الشهيدة " فاطمة " وواصلت: " الكثير منا شعر بالدهشة في بداية سماعه للخبر، ولكن هذه الدهشة تتلاشى أمام ما يفعله الإحتلال بنا.. ليس الغريب ما قامت به أم محمد.. الغريب ألا نذهب نحن النساء إلى المقاومة والإستشهاد، ونفجر أنفسنا كما الرجال".
ما تقوله أم رمزي كان يتكرر على لسان جميع الحاضرات حتى خيل إلينا أننا أمام جيش قادم من الإستشهاديات.
فتحية "أم شعبان" كبرى بنات الإستشهادية رسمت على محياها ابتسامة عريضة ومضت تقول: "صحيح أن أمي أكبر سيدة فلسطينية تنفذ عملية استشهادية ضد قوات الإحتلال، ولكن هذا أمر لا يجب أن يدعو للإستغراب والدهشة؛ فأمام عيون أمي أسر العدو إخواني ونكّلوا بهم، وأمام عيونها استشهد أحفادها.. ورحل أقاربها فكيف لا تذهب للشهادة وكيف لا تقاوم.. كلنا في فلسطين الرجال والنساء حتى الأطفال نريد أن نتفجر في هذا الإحتلال الذي دمر لنا كل شيء".
58 عامًا
وأوضحت الإبنة أن والدتها من مواليد 1938، أي أن عمرها 58 عامًا وليس كما تناقلت وسائل الإعلام بأن عمرها في العقد الخامس، وفاطمة أم لبنتين ولسبعة أولاد وجدة لـ"44 حفيدًا"، والطريف أنها قامت بتزويج كل ولد من أولادها مرتين، وكانت تردد: "هذه أمة مباركة يجب أن تزيد وتكبر". أما زوجها فقد تُوفِّي العام الماضي.
وتؤكد الإبنة أن والدتها كانت على الدوام تحضّ أبناءها وأحفادها على المقاومة والجهاد: "والدتي فتحت بيتها منذ الثمانينيات لرجال المقاومة، كانت تُشارك في كل مظاهرات وفعاليات الإنتفاضة الأولى بكل قوتها رجمت جنود الإحتلال.. تعرضت للضرب على أيديهم.. وسجنت قوات الإحتلال معظم أبنائها..".
وتشير إلى أن أمها كانت تحتضن المطاردين والمقاومين وعلى رأسهم الشهيد عماد عقل، وشددت على أن هدم منزلهم ونسفه بالكامل لم يزد والدتها إلا ثباتًا وصبرًا.
وبالرغم من كبر سنها فإن الإستشهادية "فاطمة" كانت تُشارك في كل الندوات والدروس النسائية والمهرجانات والمسيرات الإسلامية، كما أنها وبحسب تأكيد ابنتها حافظة لكتاب الله عدا أجزاء صغيرة قليلة تبقت عليها: "والدتي تقرأ بالأحكام... وكانت شديدة الذكاء. أذكر أنه في المرحلة الثانوية كانت تساعدنا في حلّ واجباتنا خاصة في اللغة العربية.. وصلت في تعليمها إلى المرحلة الابتدائية، ولكن هذه المرحلة قبل عقود كانت تضاهي المراحل الجامعية الآن".
في الثامن من نيسان لعام 1971م كانت الحاجة (مريم فرحات) تضع مولودها الأول الذي اسمته نضال ، و لم تكن تدري أي نضال سيقود هذا "النضال" ضد المحتلين الغزاة حيث طبّق اسمه على أرض الواقع فيما بعد و أصبح أحد كبار المطلوبين لقوات الاحتلال الصهيوني بتهمة تصنيع و تطوير ما كان الحصول عليه بمثابة حلم للفلسطينيين ، ألا و هي الصواريخ .
في هذا اليوم المشهود ولد شهيدنا المجاهد نضال فتحي رباح فرحات ، و نشأ في أسرة ملتزمة بشرع الله راضية بقضائه تبارك و تعالى .. تربى و منذ نعومة أظفاره في طريق الحق طريق المساجد ، فمنذ أن وعى على هذه الدنيا و قلبه يحب فلسطين و التضحية في سبيل الله عز و جل ثم من أجل تحرير ثرى فلسطين الطاهر . نشأ في أحضان الشباب المسلم التواق للجهاد في سبيل الله و الشهادة من أجله كان يحافظ على دروس العلم و التعلّم و خاصة جلسات تلاوة القرآن الكريم مع كثير من أصدقائه .
التحق نضال بالمدرسة و كان في المرحلتين الابتدائية و الإعدادية هادئاً جداً لم يظهر عليه نشاطه المشهود ، و كان مؤدباً خلوقاً لم يؤذِ أحداً من الناس حتى أحبه من عرفه و من سمع عنه .
ابتدأ رحلته الإسلامية المعروفة منذ عام 1988م ، أي في انتفاضة المساجد الأولى التي اندلعت عام 1987م .. ففي هذه الفترة تعرّف على العشرات من الشباب المسلم شباب المساجد حيث طلبت أمه منه الانخراط مع الشباب المسلم و الذهاب معهم أنّا ذهبوا فكان لها ما طلبت و التزم نضال في مسجد اإصلاح بحي الشجاعية و الذي يشهد له بأنه خرّج جيلاً جهادياً متميزاً ، و أصبح من أنشط و أبرز شباب المسجد يصاحب الجميع و يضحك مع الجميع حتى أصبح أحد أبناء حركة المقاومة الإسلامية حماس في تلك الفترة و كان يتميّز منذ صغره بالذكاء و الفطنة التي منحها إياه الله تعالى .
شارك نضال بقوة في فعاليات الانتفاضة الأولى و كل من عرفه أكد أنه كان كالأسد الهصور في المواجهات ، اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني خمس مرات قضاها بين إخوانه و أحبابه في السجون الظالمة ، كان من بينهم الشهيد المجاهد رفيق دربه "أيمن مهنا" ، الاعتقال الأخير كان بعد استشهاد القائد عماد عقل في بيته بأسابيع حيث اقتحم الجيش الصهيوني منزل والده و قاموا بتحطيم و تدمير الأثاث و المنزل و كلّ ما طالته أيديهم و حوكِم عليه لمدة ثلاث سنوات بتهمة الانتماء لحركة المقاومة الإسلامية حماس و حيازة أسلحة و إيواء مطلوبين كان من أبرزهم القائد عماد عقل .
بعد الإفراج عنه تزوّج نضال من أختٍ كريمة من عائلة الشيخ خليل من الشجاعية ليصبح أباً لخمسة أبناء (ولد يدعى عماد نسبةً إلى قائده و أستاذه الشهيد عماد عقل – أبو حسين - و أربعة بنات) .
بيت نضال و أهله و خلال الانتفاضة الأولى و ما بعدها لم يكن كأيّ بيت من البيوت الفلسطينية ، بل كان شعلة و علَماً بارزاً في مجال العمل الجهادي .. ففي الوقت الذي كان يخشى فيه الكثيرين من أبناء شعبنا من إيواء أي مطلوب أو تخزين أي رصاصة كان منزل أبو نضال فرحات مأوى و حضناً دافئاً للأبطال مطاردي كتائب القسام الذين استشهد بعضهم و اعتقل البعض الآخر ، حيث كانوا ينامون فيه و ينطلقون منه للعمل الجهادي خلال الانتفاضة الأولى و كان نضال هو المسئول عن إيوائهم و نقلهم و توفير البيوت الآمنة و السيارات و عمل في فترة من الفترات سائقاً شخصياً للقائد عماد عقل - رحمه الله - الذي تعلّق ببيت نضال و أهله و كان لا يستطيع أن يغيب عنهم لقترة طويلة . و عاش نضال خلال هذه الفترة مع أغلب مطاردي كتائب القسام و قادتها و هو ما جعل نضال على خبرة و دراية في المجالات العسكرية المتعدّدة و التي ظهرت نتائجها فيما بعد ، بعد أن أصبح عضواً في الكتائب و أحد قادتها و أبرز مطارديها في القطاع .
غير أن نضال لم يعجبه أن يقتصر دوره على المساعدة و الإيواء فكان أن ألحّ على القائد عماد عقل أن ينضم إلى الكتائب و يخرج لتنفيذ عمليات إلا أن عماد - رحمه الله - رفض ذلك و قال له : "إن دوركم الآن يعتبر أعظم ممن ينفّذ العمل الجهادي و يجب أن تبقى حتى توفّر المكان الآمن للمجاهدين" .
و أمام إصرار القائد نضال - رحمه الله - على ممارسة العمل الجهادي فقد تم الاتفاق على أن يقوم نضال بتنفيذ عملية على الخط الشرقي لحي الشجاعية و ذلك في العام 1993 و كانت هي بمثابة العملية الأولى التي يخرج نضال لتنفيذها و رافقه فيها القائد عوض سلمي - رحمه الله - الذي رصد له المكان ، حيث كان التخطيط أن يقوم نضال بقيادة شاحنة كبيرة تم إيجادها بطريقة ما ثم الاصطدام بسيارة مدنية كانت تقل مستوطنين و تم التجهيز للعملية و خرج الإثنان لتنفيذها و حاول نضال أن يصدم السيارة إلا أن السائق الصهيوني كان مستيقظاً و انحرف عن المسار و لم تصدمه السيارة فانسحب الإثنان و رعاية الله تحيطهم .
كما قام الشهيد نضال بالتخطيط لشنّ هجوم بمفرده على جنديين كانا يخرجان لرمي القمامة من سجن أنصار 2 في غزة حيث استلّ سلاحه من نوع كلاشينكوف و حمل مسدسه و انتظر الجنديان لفترة من الزمن إلا أنهما لم يأتيا كما كان في العادة.
و مع بداية انتفاضة الأقصى واصل نضال مشواره الجهادي فترك عمله و تفرّغ للعمل الجهادي و انخرط مع إخوانه القساميين في مواجهة قوات الاحتلال و كان دائماً يخرج إلى أماكن وجود الجيش الصهيوني و الطرق التي يسلكها و خاصة الخط الشرقي لرصد الأهداف و الدوريات الصهيونية و زرع العبوات الناسفة ، حيث نفّذ القائد - رحمه الله – و برفقة مجموعة من إخوانه المجاهدين من بينهم الشهيد القائد القسامي أيمن مهنا هجوماً بالأسلحة الرشاشة على سيارة ترانزيت تقل مجموعة من الصهاينة بالقرب من معبر ناحال العوز شرقي حي الشجاعية و ذلك مع بداية الانتفاضة ، كما نفّذ عملية زرع عبوة ناسفة لدورية صهيونية في نفس المنطقة ، و يروي أحد المجاهدين أن عناية الله وحده و يقظة القائد القسامي نضال أنقذتهم من موتٍ محقق حيث خرجت المجموعة لزرع عبوة ناسفة لإحدى الدبابات الصهيونية على طريق كارني نتساريم و ذلك خلال شهر رمضان المبارك من العام الأول للانتفاضة ، و ما إن وصلت المجموعة إلى المكان و همّوا بالتقدم نحو الطريق الذي تسلكه الدوريات الصهيونية لزرع العبوة ، أخذ القائد يتفقّد المكان بواسطة منظار و لاحظ أن هناك بيتاً و على مقربة منهم و عليه بعض الخيام الخاصة بالجيش الصهيوني و لم يكن أحد في المنطقة يعلم أن هذا البيت كان محتلاً من الجيش و قد أقاموا فوقه نقطة مراقبة ، حتى أن الراصد للعملية لم ينتبه لها ، و على الفور أعطى نضال أمراً لأفراد المجموعة بالانسحاب من المنطقة نظراً للخطر المحيط بهم ، و في اللحظة التي استعد المجاهدون للانسحاب فيها بدأ الجيش الصهيوني بإطلاق النار عليهم من فوق البيت و بواسطة دبابة تقدّمت في المكان حيث كانت مختبأة ، و كانت عناية الله تحيط بالمجاهدين و غادروا المنطقة في السيارة التي كان يقودها الشهيد أيمن منها .
و أكّد العديد من مجاهدي القسام أن نضال - رحمه الله - كان دائم البحث عن أهداف صهيونية لتنفيذ عمليات ضدها و كان الأمر لا يقتصر على منطقة غزة وحدها بل توجّه إلى بيت حانون و بيت لاهيا و معبر أيريز و كان يخطّط لخطف جندي من المعبر ، كما رصد عدة أهداف في منطقة دير البلح و البريج و المغازي و ذلك بمساعدة مجموعات الرصد التي جنّدها القائد القسامي في كلّ المناطق من القطاع .
و مع إعلان الكتائب عن امتلاكها لمدافع الهاون و إطلاقها عشرات القذائف على المغتصبات الصهيونية كان نضال من أبرز مطلقي قذائف الهاون و قد شارك في عشرات عمليات إطلاق قذائف الهاون على المستوطنات برفقة مجاهدي القسام ، و في إحدى المرات قصفت دبابة صهيونية سيارة مجموعة من الكتائب أثناء عملية إطلاق هاون بالقرب من مقبرة الشهداء شرق غزة فاستشهد المجاهد عبد الحكيم المناعمة - رحمه الله – و اتصل بقية القساميين على نضال - رحمه الله - الذي توجّه فوراً إلى المكان و أنقذ المجموعة بسيارته .
و مع استمرار انتفاضة الأقصى و في ظلّ قلة الأهداف العسكرية الصهيونية و التحصينات العسكرية التي يتخذها الصهاينة أثناء تنقلهم في القطاع ، كان الهم الأول و الأخير لنضال هو كيفية تطوير العمل العسكري للكتائب و إيجاد طرق بديلة للطرق التقليدية في مواجهة المحتل و التي انحصرت في الهجمات بالأسلحة الرشاشة و القنابل اليدوية و زرع العبوات الناسفة فترك عمله حيث كان يعمل مرافقاً خاصاً للشيخ أحمد ياسين و قام و بمساعدات كبيرة من إخوانه المجاهدين و برعاية من قيادة الكتائب بالتفكير في صناعة صاروخ ، و وصل نضال الليل بالنهار و عمل على توفير المواد اللازمة و استعان بالخبراء من مهندسين و كيميائيين و خبراء متفجّرات من أجل إنجاح فكرة الصاروخ و إيجاده على أرض الواقع .
و توثيقاً للقول الذي يقول إن نضال كان طموحاً لتطوير الإمكانيات العسكرية للكتائب فلا بد من الإشارة إلى أن نضال هو أول من صنع صاروخاً في فلسطين قاطبة ليدخل بهذا الشرف العظيم الذي حباه إياه الله تبارك و تعالى باب العزة و الكرامة ، باب الجهاد و المقاومة .
و تقول أم نضال فرحات تلك الأم الصابرة المحتسبة أمرها عند الله تبارك و تعالى : "لقد جاءني نضال في يوم من الأيام و هو لم يخفِ عني أسراره أبداً جاءني مسروراً سروراً لم أشهده من قبل على وجه نضال ، و قال (يا أمي لقد أكرمني الله بصناعة الصاروخ الأول في فلسطين) ، فاستغربت كثيراً" ، و الحديث لأم الشهيد فرحات .. و تقول : "إني حملت هذا الصاروخ و حمدت الله تعالى على هذا الإنجاز العظيم و قرأت عليه آيات من القرآن الكريم عل الله تبارك و تعالى يبارك في هذه الجهود الجبارة التي يبذلها أبناء كتائب القسام ثم دعوت الله له و لإخوانه من أبناء القسام بالتوفيق و السداد و أن يسدّد الله خطاهم نحو النصر و التمكين" .
يؤكّد أحد مجاهدي القسام أن الشهيد نضال حمل الصاروخ الأول و ذهب فرحاً بهذا الإنجاز إلى القائد المعلم الشهيد إن شاء الله الشيخ صلاح شحادة و قال له (يا شيخ لقد اخترعت صاروخاً) ، فتبسّم الشيخ صلاح مستغرباً و قال له (ماذا تقول يا نضال) ، ففتح كيساً و أخرج منه الصاروخ و ركبه أمام الشيخ صلاح فأعجب الشيخ صلاح بهذا الإنجاز الكبير و كان قد وعد الشيخ صلاح بتطوير هذا الصاروخ حتى رأيناه مطوّراً في قسام 2 ، مع العلم أن القائد شحادة كان يحب نضال كثيراً و يقدّره"
و جاء الإعلان القسامي عن تصنيع صواريخ القسام 1 و قرّت أعين الفلسطينيين جميعاً و هم يرون القائد القسامي نضال على شاشات التلفزة يعلن عن إطلاق صوارخ القسام 1 على المغتصبات الصهيونية في القطاع ، حيث ظهر نضال ملثماً و إخوانه من حوله و أعلن عن إطلاق أول صاروخ قسام و عندما أطلق الصاروخ الأول لكتائب القسام أثار خوفاً و فزعاً كبيراً في الأوساط الصهيونية ، و فيما بعد استمرت عمليات إطلاق الصواريخ و كان أبو عماد يصر على أن يكون على رأس المجموعات القسامية التي تطلق الصواريخ ، و في خطٍ موازٍ كان يتابع الأمور في الخفاء و يعمل على تطوير قسام 1 و يستعين بالخبراء من هنا و هناك و كان أن شارك في كلّ عمليات تجاربإط الصواريخ من طراز قسام 2 و يرفض إلا أن يكون مع مطلقي هذه الصواريخ ، و يسجّل لنضال أن أول من ابتكر الحشوة الدافعة لصواريخ القسام بمساعدة من خبراء التطوير و المتفجرات في الكتائب ، و يروى أنه وقعت حادثة طريفة مع القائد نضال في بداية معرفتهم بالحشوة الدافعة للصواريخ ، فقد كان يجهّز الحشوة في بيته على الطابق الثاني و بعد أن تم تجهيزها و "طبخها" أخذ قطعة صغيرة و أراد أن يختبرها فأشعل فيها النار دون أن يعلم أنها ستشتعل فاشتعلت فجأة و ملأت المكان دخاناً أبيضاً و كثيفاً و أخرجت صوتاً عالياً فاعتقد نضال أن المكان سينفجِر فألقى بنفسه من الطابق الثاني و بقي ممسكاً بالحائط و معلّقاً في الهواء إلى أن انطفأت النار و رجع ثانية إلى المكان.
و قد شارك القائد نضال في معظم عمليات قصف المستوطنات الصهيونية بقسام واحد و قسام اثنين و كان من أبرز هذه العمليات قصف مدينة أجدروت بخمسة صواريخ من طراز قسام 2 و التي سقطت في إحدى المنازل الصهيونية و أدّت إلى إصابة خمسة صهاينة ، و كذلك سقوط 3 صواريخ في أحد المصانع و إصابة ثلاثة صهاينة ، و استمر نضال كذلك حتى أمره الشهيد القائد صلاح شحادة بعدم الخروج في عمليات إطلاق القسام خوفاً عليه و قال له : "ابق أنت و من معك متفرّغاً للتطوير و صناعة الصواريخ و هناك العشرات ممن تتلمذوا على يديك سيكلّفون بذلك" .
و يذكر أن نضال له باع كبير في تصنيع المواد المتفجرة و العمل الدائم على تطوير هذه المواد المعقدة ، و كثيراً ما أصيب بحروقٍ في يديه و جسده جراء استخدام المواد الكيماوية و العمل على تطويرها ، و قد نظّم نضال العشرات في صفوف كتائب القسام و كان يحرِص أشد الحرص على توفير قطعة سلاح لكلّ شاب من شباب حماس و عرف عنه مهارته في صناعة و تجميع القنابل اليدوية ، و أشرف بنفسه على إرسال العديد من الاستشهاديين و كان منهم أخوه الشهيد المجاهد محمد فرحات الذي اقتحم مغتصبة عتصمونا حيث استمر نضال و مجموعة من القساميين في التحضير و الرصد و الإعداد لعملية شقيقه محمد لمدة أكثر من ستة أشهر و حين اكتملت كلّ الأمور المتعلقة بالعملية تم تسليمها لقيادة الكتائب لمتابعتها و استطاع القسّامي محمد بفضل الله قتل ما يزيد عن سبعة صهاينة باعتراف العدو و جرح العشرات ، و قد أشرف شهيدنا نضال بنفسه على تجهيز شقيقه محمد للعملية في بداية الأمر ثم تركه لمجموعة أخرى من المجاهدين و كان يقول لأمه : "أريد أن أضمن أن أخي شهيد في الجنة" و شجّعته أمه في ذلك .
الاستشهاد :
عصر يوم الأحد 16/2/2003 تسلّم نضال الجزء الثاني من طائرة صغيرة ضمن استعدادات الكتائب لتطوير عملياتها ضد قوات الاحتلال و انطلق إلى منزلٍ يقع في حي الزيتون بمدينة غزة .
و بحسب مصادر مطلعة فقد تسلّم نضال الجزء الأول من الطائرة قبل فترة بسلام من قبل مورّد للسلاح داخل فلسطين المحتلة عام 48 ، رغم الشكوك التي ساورت نضال حول مورد الطائرة نتيجة أحداثٍ سابقة ، لكنه مضى بسيارته لفحصها و وصل إلى منزل في حي الزيتون و تصادف وجود مجموعتين من كتائب القسام في نفس المكان ، رفض نضال كلّ محاولات إخوانه السماح لهم بفحصها قبله لكن القائد أبى إلا فحصها بنفسه ، و بحسب مقربين منه فقد كان يجمع قطع الطائرة وفقاً لإرشادات مرسّلها على الهاتف النقال الذي شدّد عليه أنه يجب عليه هو أن يقوم بتجميعها .. اطمأن نضال إلى الطائرة قليلاً و اقترب إخوانه المجاهدين منه ، فقد كانوا فرحين بها لدرجة أنها ألهتهم عن الإجراءات الوقائية المتبعة عادة في مثل هذه القضايا ، في هذه الأثناء كانت طائرة مراقبة صهيونية تجوب سماء المنطقة .
لحظات و حدث الانفجار بفعل عبوة ناسفة متطوّرة زرعت فيها يبدو أنها تلقّت إشارات من الطائرة و أودى الانفجار بحياة كلّ من القائد نضال فتحي فرحات من حي الشجاعية و القائد أكرم فهمي نصار من حي الزيتون و القائد أيمن إبراهيم مهنا من حي الشيخ رضوان من قادة كتائب القسام و محمد إسماعيل سلمي و مفيد عوض البل و إياد فرج شلدان و جميعهم من حيّ الزيتون .
مورد السلاح الذي ساعد في جريمة الاغتيال تعرفه قلة من قيادة كتائب القسام و بالتأكيد لن يفلت من العقاب القسامي و قبلهم عقاب من لا يغفل و لا ينام ، فقد اعتدى على أحد من جاهدوا لرفع لوائه و دينه و تحرير المقدسات الإسلامية .
و حمّل الرنتيسي العدو الصهيوني و وزير جيشها الإرهابي شاؤول موفاز مسئولية اغتيال القساميين الستة ، و انتقد أيّ لقاءات مع شارون تجري في هذه الأوقات مشدّداً أنه لا يجوز الالتقاء معه بينما يغتال أبناء شعبنا ليل نهار ، و مشدّداً أن حماس ستنتقم لدماء شهدائها .
و أصدرت كتائب الشهيد عز الدين القسام بياناً نعت فيه كوكبة الشهداء الذين قضوا نحبهم غدراً في عملية اغتيال مدبّرة .
ولد الشهيد عمار صالح ذياب عمارنة سنة 1973 م في أحضان قرية القسام يعبد ، هذه القرية الفلسطينية التي ضمت بين غاباتها وأحراشها أجساد القسامين القدامى وجسد قائدهم " شيخ القسامين" المجاهد عز الدين القسام.. ولد عمار عمارنة لعائلة فلسطينية متدينة أسوة بالعائلات الفلسطينية القروية الأخرى ، وتلقى دراسته الأساسية والإعدادية في مدرسة الشهيد عز الدين القسام الثانوية في القرية وفي هذه المرحلة من عمره انخرط عمار في صفوف السواعد الرامية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس والتي كانت تتصدى لقوات الاحتلال والمستوطنين بالحجارة وقنابل المولوتوف، وفي إحدى جولات المقاومة أصيب عمار برصاصة في قدمه مما ترك أثرا في قلبه بضرورة مواصلة نشاطه ومقاومته للاحتلال .
المرحلة الثانوية
وفي المرحلة الثانوية من دراسة عمار نضجت فكرة الجهاد في نفسه وذهنه والتي كان يغذيها قربه من الله عز وجل بالعبادات وحضوره حلقات تحفيظ القرآن في المسجد، وقد أجمع كل من تكلم عن الشهيد عمار بأنه "رائد المساجد الأول في يعبد" حيث أكسبته هذه الصفة احترام وحب الجميع في القرية .
وفي تلك الفترة التي كانت تنعقد فيها مؤتمرات السلام الزائف والمغلف بالقتل والإجرام الصهيوني ، وقعت في يوم 25/2/1994 م مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف التي ارتكبها الصهيوني المتطرف " غولدشتاين " والذي لا يقل إجراماً عن معلمه أريئيل شارون.
بعد هذه المجزرة الرهيبة خفتت كل الأصوات وعلا صوت واحد أقسم إلا أن يثأر لكل دماء الشهداء وأنات الجرحى، ففي بيان لكتائب العز القسامية نعت فيه شهداء الحرم الإبراهيمي ووعدت بالانتقام ةالاقتصاص من المحتل المجرم واضعة بذلك خطة خماسية للرد في الوقت والمكان المناسبين.. وبعد شهرين حانت ساعة الصفر للانتقام والرد الذي خطط له مهندس الكتائب الأول الشهيد القائد "يحيى عياش" الذي لم يكن غائبا عن أرض المعركة.
جاء الرد القسامي الأول في يوم 6/4/1994 في عملية نوعية هزت عمق الكيان الصهيوني وبالتحديد في مستوطنة العفولة مما أدى لقتل سبعة صهاينة وجرح العشرات، وبعد تلك العملية النوعية وبينما المهندس يحيى عياش يخطط للرد الثاني وقع الاختيار على الشهيد عمار عمارنة ليكون بطل هذا الرد الذي رشحه له صديقه ورفيق دربه المجاهد "سعيد بدارنة" ابن يعبد؛ هذه القرية التي أبت إلا أن تخرج القساميين في الماضي والحاضر، حيث أبلغ سعيد رفيقه عمار بهذه المهمة التي تمناها دوام وهي الشهادة في سبيل الله والاقتصاص من المحتل الظالم.
وقبل اقتراب ساعة الصفر للرد الثاني أخذ البطل عمار عمارنة يودع قريته يجوب شوارعها وبيتها وأهلها ومساجدها، تلك المساجد التي تربى فيها وتعلم منها معني الإسلام العظيم، وفي حديث مع أحد أصدقاء الشهيد عمار عن تلك الفترة قال: "كان يظهر على عمار قبل أيام من استشهاده السرور والفرح والهدوء مكثراً من زياراته لأخواته البنات المتزوجات ولأصحابه والجلوس مع أمه وإخوته وكأنه يودع كل من حوله"، ويكمل هذا الصديق حديثه قائلاً " إن عمار قبل استشهاده بيومين لم يفارق المسجد حيث قضى وقته هناك في قراءة القرآن" .
وفي يوم 31/4/1994 وبعد أسبوع من الرد الأول حلّت ساعة الرد الثانية على مجزرة الحرم الإبراهيمي ، لينطلق عمار عمارنة نحو مستوطنة الخضيرة مفجراً نفسه في جموع المستوطنين ليوقع ستة قتلى صهاينة وعشرات الجرحى فانطبق عليه قول الله تعالى (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) ، وبعد تلك العملية البطولية اعتقل المجاهد سعيد بدارنة بتهمة الانتماء لكتائب عز الدين القسام وتدبير هذه العملية، وحكم عليه بالسجن سبع مؤبدات متتالية .
إن الاستشهادي عمار عمارنة وغيره من الاستشهاديين العظام ليثبتون كل يوم أن كتائب القسام إذا قالت فعلت وإذا وعدت أوفت رافعة صوتها لكل الدنيا المجد يركع للكتائب وحدها هذه الحقيقة و ما عداها باطل.
إن كان في الدنيا رجال تدعي مجدا فنحن إلى العلا دوما أوائل..
رحم الله شهيدنا عمار عمارنه وأسكنه الله في الآخرة جنات الخلود كما كان يسكن في الدنيا بيوت الله و مساجده .
حياة القائد الشيخ الجليل ومؤسس الثورة الفلسطينية
عز الدين القسام
دوره ونشأته- هو العالم العامل، والوطني المثالي، والمجاهد الصابر الصادق الشهيد
المرحوم الشيخ عز الدين بن عبد القادر بن محمود القسام، وأسرته عريقة في بلدة جبلة التابعة لمحافظة اللاذقية.
ولِد في جبلة سنة 1880م، ونشأ في مهد أبيه على هدى الدين والصلاح والفضائل، وتلقى دراسته الابتدائية في كتاتيب بلده.
في الأزهر – أوفده والده إلى مصر فدخل الأزهر الشريف، ودرس على فطاحل العلماء والمصلحين فيه، أمثال العالم محمد أحمد الطوخي، وقد تجلت مواهبه فكان من المبرزين في العلوم.
عودته إلى جبلة – وبعد أن تخرج من الأزهر عاد إلى بلده وبدأ دعوته في الصيال في سبيل الدين والوطن، بما عرف عنه من تفان وتضحية ونقمة وكره للمستعمرين، وقد التف الناس حولع ليقينهم بتقواه وصلاحه وإخلاصه وتجرده، فوحد القلوب وشحذ الهمم وقضى على الفساد، ونشر الإصلاح الديني والاجتماعي، وصقل نفوس المواطنين وأثار حميتهم، وبثّ فيهم روح الوطنية والجهاد.
جهاده – لقد كان من نتاج دعاياته أن اندلعت نيران الثورة في منطقة صهيون وذلك عام 1920م فكان في طليعة المجاهدين، وقد عرف الفرنسيون ما له من نفوذ ديني على المجتمع فحكم عليه بالإعدام، ولما انتهت الثورة على الشكل المعروف آثر النزوح إلى فلسطين فوجد فيها ميداناً جديداً، واستقر في مدينة حيفا.
تضحياته – كان في فلسطين كعهده في سورية، فإنه لم يضن بماله وصحته ووقته في سبيل دينه وقوميته، وكانت مواقفه في وجه الصهيونية والاستعمار مضرب المثل، وقد ظل في حيفا زهاء خمسة عشر عاماً يروض النفوس على طاعة الله، وكان خطيباً وإماماً في جامع الاستقلال، وهو الذي سعى في تشييده، وكان رئيساً لجمعية الشبان المسلمين، وقد جمع المال والسلاح لنجدة المجاهدين في طرابلس الغرب أثناء حملة الإيطاليين عليها.
واتصل بالملك فيصل في سورية طلباً لمؤازرته في ثورته فوعده ولم يثمر وعده عن شيء، واتصل بالحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين الأكبر وطلب منه أن يهيء الثورة في منطقته، فأجابه بأنه يرى أن تحل قضية فلسطين بالطرق السلمية عن طريق المفاوضات، ولا نغالي بالقول بأن الشهيد القسام يزن بوطنيته ألوف الرجال من أمثال المفتي الأكبر، وأقسم القسام إذا نجحت الثورة ليعد من الشيخ أمين الحسيني لمواقفه التي لا تجدي نفعاً.
استشهاده – لقد بلغ وقوفه ضد الصهيونيين والإنكليز في فلسطين ذروته، فقد خرج في عام 1935م يقود المجاهدين الذين تخرجوا من مدرسته وبايعوه على الموت والشهادة في سبيل الله، ورابط في أحراش كفرزان وبركين ثم إلى جبال البارد وكفر قوت، ومنها إلى أحراش يعبد قرب جينين، وخاض المعركة بإيمان وبطولة نادرة، واحتدمت رحاها سحابة اليوم كله متمسكاً بقوله تعالى: (ومن يولّه يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيّزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) وأبلى بلاء عظيماً واستمات ورجاله في المقاومة، حتى دعاه الله إلى منازله الخالدة فخرّ شهيداً في ساحة المجد والشرف، وكتب له الخلود في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 1935م. وكان يردد إذ ذاك (لن نستسلم. هذا جهاد في سبيل الله والوطن. يا رفاقي موتوا شهداء). واستشهد إلى جانبه الشيخ السيد الحنفي المصري، وهو من مصر، والشيخ يوسف الزبادي من بلدة الديب، وأسر في هذه المعركة أربعة مجاهدين هم: الشيخ حسن الباير من بوركين، والشيخ عرابي من قبلان قضاء نابلس، والشيخ أحمد الخطيب من طولكرم، ومحمد يوسف من نابلس، وقد حكموا بالإعدام، ثم أنزل الحكم إلى السجن المؤبد، وقضوا فيه أحد عشرة سنة. ونسج الفلسطينيون على منواله إلى قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية.
لقد ضرب أروع صفحة في التضحية، وهو أول مجاهد رفع السلاح في وجه الاستعمار والصهيونية في فلسطين، ولم يترك في فلسطين بلداً أو قرية إلا بثّ فيها روح الجهاد والدين، وقد انتشرت دعوته فبثّ رجاله في أقطار مختلفة من العالم لجمع المال والسلاح والأنصار.
وقد أطلق عليه لقب أمير المجاهدين الفلسطينيين دون منازع، وأطلق اسمه على مدرسة وشارع في مدينة جبلة مسقط رأسه، وكان لمنعاه أعظم الأسى في القلوب لمكانته الدينية البارزة ومواهبه الفذة. وقد أنجب ذرية فاضلة. ومن أنجاله الأستاذ محمد عز الدين.
هي فتاة فلسطينية عاشت في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين بالقرب من بيت لحم وهي الرابعة بين أخواتها السبع وإخوانها الثلاثة، عُرفت بتفوقها الدراسي؛ واجتهادها بين بنات جيلها إلى أن جاء يوم 29-3-2002. حيث أقدمت الفتاة ذات السبعة عشر ربيعا على تفجير نفسها في أحد المراكز التجارية بمدينة القدس المحتلة في عملية استشهادية هي الثالثة من نوعها كون من نفذها كان فتاة وليس شابا.
ذهبت آيات مع زميلاتها في يوم الجمعة إلى المدرسة وكان ذلك ضمن دروس تعويضية أقرتها مديرة المنطقة التعليمية نتيجة للتأخير الذي نتج عن الاجتياح الاسرائلي للمدينة قبيل أيام، وفي نهاية الدرس خرجت آيات مع زميلاتها لتعود للمنزل لكن آيات توقفت لتسلك طريقا آخر فسألتها صديقتها إلى اين ولكنها اكتفت بمعانقتها دون أن تجيب وكأن ذلك كان بوحا بجزء مما تكتمه. وكانت آيات قد قررت أن ترتدي بدلة الجندية والكوفية الفلسطينية لتنفذ عملا تعتقد أنه سيشفي صدور أمهات الأطفال التي داستهم دبابات الاسرائليين، وهي التي كان منتظرا بدلا من ذلك أن ترتدي بدلة عرسها الذي كان متوقعا أن يكون في يوليو 2002.
آيات التي ودعت زميلاتها وقد ملأ عينيها الدموع قالت لهن: إنني أريد إنجاز عمل ولم تفصح عن هذا العمل فكتبت آيات ورقة ورفضت الكشف عن مضمونها وأوصت إحدى زميلاتها المقربات منها، أن تأخذ هذه الورقة وأن لا تفتحها إلا بعد يوم.. لقد تضمنت تلك الورقة وصيتها... قامت آيات بحمل حقيبة مملوءة بالمتفجرات وتوجهت إلى أحد شوارع القدس المحتلة وقامت بتفجير نفسها.
لعل ما ما أرويه لكم يبدو كقصة أو رواية من نسج الخيال حُبكت بشكل جيد لكن اني آسف على تخييب ظنكم لأن ما ذكرته هو قصة فتاة فلسطينية أبت تحمل أذية المحتل ودباباته للأطفال في شوراع مخيمات اللاجئين الذين شردهم من بيوتهم من قبل وأقسمت على نفسها الطاهرة أن تكون هي الشظايا التي تنتقم لهم وتحررهم من ظلم دام أكثر من 60 عاما ولا زال جاثما فوق أحلام الصغار.
عرس لا عزاء
وفي بيت متواضع في مخيم الدهيشة أقيم عزاء الشهيدة آيات الأخرس، اعتقد الجميع أن يُسمع صوت العويل والصراخ على العروس التي لم تكتمل فرحتها ولكن فوجئوا بصوت الزغاريد والغناء تطرب له الأذان على بعد أمتار من المنزل ووالدة الشهيدة الصابرة المحتسبة تستقبل المهنئات لها وتصف صباح آخر يوم خرجت فيه "آيات" من المنزل فقالت: "استيقظت آيات مبكرة على غير عادتها وإن لم تكن عينها قد عرفت النوم في هذه الليلة وصلت الصبح وجلست تقرأ ما تيسر لها من كتاب الله وارتدت ملابسها المدرسية لتحضر ما فاتها من دروس، فاستوقفتها فاليوم الجمعة عطلة رسمية في جميع مدارس الوطن! ولكنها أخبرتني أنه أهم أيام حياتها فدعوت الله أن يوفقها ويرضى عنها"
وتكمل الأم: وما كدت أكمل هذه الجملة حتى لاحظت بريق عينيها وكأني دفعت بها الأمل ووهبتها النجاح في هذه الكلمات فنظرت إليّ بابتسامتها المشرقة وقالت: هذا كل ما أريده منك يا أمي وخرجت مسرعة تصاحبها شقيقتها سماح إلى المدرسة.
وداع سماح
وتستطرد والدة الأخرس بعد أن سقطت دمعة من عينها أبت إلا السقوط: وعادت شقيقتها سماح مع تمام الساعة العاشرة بدونها فخفت وبدأت دقات قلبي تتصارع، فالأوضاع الأمنية صعبة جداً والمخيم يمكن أن يتعرض للاقتحام في أي لحظة وغرقت في هاجس الخوف ووابل الأسئلة التي لا تنتهي أين ذهبت؟ وهل يعقل أن تكون قد نفذت ما تحلم به من الاستشهاد؟ ولكن كيف؟ وخطيبها؟ وملابس الفرح التي أعدتها؟ وأحلامها؟؟
وبينما الأم في صراعات بين صوت عقلها الذي ينفي ودقات قلبها التي تؤكد قيامها بعملية إستشهادية وإذ بوسائل الإعلام تعلن عن تنفيذ عملية إستشهادية في نتانيا وأن منفذها فتاة وتضيف الأم وقد اختنقت عبراتها بدموعها: فأيقنت أن آيات ذهبت ولن تعود وأصبحت عروس فلسطين فقد كانت مصممة على أن تنتقم لكل من "عيسى فرح" و "سائد عيد" اللذين استشهدا إثر قصف صاروخي لمنزلهما المجاور لنا.
صناعة الموت
ويشار إلى أن الشهيدة الأخرس كانت حريصة على أن تحتفظ بكافة أسماء وصور الشهداء وخاصة الإستشهاديين الذين كانت تحلم بأن تصبح مثلهم ولكن طبيعتها الأنثوية كانت أكبر عائق أمامها فقضت أيامها شاردة الذهن غارقة في أحلام الشهادة حتى نجحت الشهيدة وفاء إدريس بتنفيذ أول عملية إستشهادية تنفذها فتاة فلسطينية، وزادت رغبتها في تعقب خطاهم وحطمت كافة القيود الأمنية واستطاعت أن تصل إلى قادة العمل العسكري ليتم تجنيدها في كتائب شهداء الأقصى رغم رفضها السابق اتباع أي تنظيم سياسي أو المشاركة في الأنشطة الطلابية.
وأكدت والدة الأخرس أنها كانت تجاهد نفسها لتغطي حقيقة رغبتها بالشهادة التي لا تكف الحديث عنها وقولها: "ما فائدة الحياة إذا كان الموت يلاحقنا من كل جانب؟ سنذهب له قبل أن يأتينا وننتقم لأنفسنا قبل أن نموت"
أما شقيقتها سماح طالبة الصف العاشر وصديقتها المقربة وحافظة سرها فقد فقدت وعيها فور سماعها نبأ استشهاد شقيقتها آيات رغم علمها المسبق بنيتها تنفيذ عمليتها البطولية وتصف لنا لحظات وداعها الأخير لها فتقول بصوت مخنوق بدموعها الحبيسة: رأيت النور يتلألأ في وجهها ويتهلل فرحاً لم أعهده من قبل وهي تعطيني بعض حبات الشوكولاته وتقول لي بصوت حنون: "صلي واسألي الله لي التوفيق". وقبل أن أسألها: على ماذا؟ قالت لي: اليوم ستبشرين بأحلى بشارة فاليوم أحلى أيام عمري حيث انتظرته طويلاً هل تودين أن أسلم لك على أحد؟ فرددت عليها باستهزاء: سلمي على الشهيد محمود والشهيد سائد لأني على يقين أنها لن تجرؤ على تنفيذ عملية بطولية فحلم الاستشهاد يراود كل فتاة وشاب وقليل جداً من ينجح منهم. ثم سلمت علىّ سلاماً حاراً وغادرتني بسرعة لتذهب إلى فصلها.
وسكتت سماح برهة لتمسح دموعها التي أبت إلا أن تشاطرها أحزانها وتابعت تقول: شعرت أن نظراتها غير طبيعية وكأنها تودع كل ما حولها لكني كنت أكذب أحاسيسي فأي جرأة ستمتلكها لكي تنفذ عملية إستشهادية؟ ومن سيجندها وهي ترفض الانضمام إلى منظمة الشبيبة الطلابية؟ ولكنها سرعان ما استدركت قائلة: هنيئا لها الشهادة فجميعنا مشروع شهادة.
أما "شادي أبو لبن" زوج آيات المنتظر فقبل ساعات قليلة من استشهادها كانا يحلقان معاً في فضاء أحلام حياتهما الزوجية وبيت الزوجية الذي لم ينتهيا بعد من وضع اللمسات الأخيرة له قبل أن يضمهما معاً في شهر يوليو القادم بعد انتهائها من تقديم امتحانات الثانوية العامة وكاد صبرهما الذي مر عليه أكثر من عام ونصف أن ينفد وحلما بالمولود البكر الذي اتفقا على تسميته "عدي" بعد مناقشات عديدة, وكيف سيربيانه ليصبح بطلاً يحرر الأقصى من قيد الاحتلال
ولكن فجأة وبدون مقدمات سقط شادي من فضاء حلمه على كابوس الإحتلال ففتاة أحلامه زفت إلى غيره وأصبحت عروس فلسطين بعدما فجرت نفسها في قلب الكيان الصهيوني. وقال شادي بعبرات امتزجت بالدموع: "خططنا ان يتم الفرح بعد إنهائها امتحانات الثانوية العامة هذا العام لكن يبدو أن الله تعالى كتب لنا شيئاً آخراً لعلنا نلتقي في الجنة كما كتبت لي في رسالتها الأخيرة"
وصمت شادي قليلا ليشخص بصره في "آيات" التي ما زال طيفها ماثلاً أمامه ليكمل: "كانت احب إلىّ من نفسي عرفتها قوية الشخصية شديدة العزيمة ذكية تعشق الوطن محبة للحياة تحلم بالأمان لأطفالها لذلك كان كثيراً ما يقلقها العدوان الصهيوني". وأردف قائلا: "كلما حلمت بالمستقبل قطع حلمها الاستشهاد فتسرقني من أحلام الزوجية إلى التحليق في العمليات الإستشهادية وصور القتلى من العدو ودمائنا التي ستننزف بها معاً إلى الجنة فنتواعد بتنفيذها معاً.
واستطرد شادي وقد أشرقت ابتسامة على وجهه المفعم بالحزن :لقد كانت في زيارتي الأخيرة أكثر إلحاحاً علي بأن أبقى بجوارها وكلما هممت بالمغادرة كانت تطلب مني أن أبقى وألا أذهب وكأنها تودعني أو بالأحرى تريد لعيني أن تكتحل للمرة الأخيرة بنظراتها المشبعة بالحب لتبقى أخر عهدي بها". ورغم أن شادي حاول جاهداً أن يظهر الصبر والجلد على فراق آيات ليبوح لنا بأمنيته الغالية: "كنت أتمنى أن أرافقها بطولتها ونستشهد معاً.. فهنيئا لها الشهادة وأسأل الله أن يلحقني بها قريباً..قريباً!!
وستبقى عروس فلسطين آيات الأخرس مثلا وقدوة لكل فتاة وشاب فلسطيني ينقب عن الأمن بين ركام مذابح المجرم شارون ويدفع دمه ومستقبله ثمناً لهذا الأمن
فجر الاثنين 22/3/2004 صلّيت الفجر في منزلي ثم استلقيت مجدداً على الفراش، وهي خطوة نادرة، طمعاً بمزيد من الراحة الجسدية والفكرية التي نعانيها نحن الكتاب والصحفيين.
الساعة 5.40 دقيقة يرن الهاتف النقال الذي صرت مضطراً لأن أبقيه مفتوحاً طوال الليل لضرورات مهنة الصحافة المتعِبة. حين قرأت على شاشة الهاتف رقم صديقي ماهر أدركت أن أحد معارفي قد توفي، لأن من عادة صديقي هذا أن يبلغني فقط بالأخبار السيئة؛ فهو بحكم تخصصه الاجتماعي تتجمع لديه أخبار العائلات والمجتمع.
لكن لم أكن للحظة أظن أن صديقي سيلغني نبأ على هذا المستوى من الأهمية والتأثير. لا أبالغ إذا قلت إن النبأ وقع عليّ وقع الكارثة أو الصدمة. ذلك أن تدرك أن العدو يتربص بالشيخ ياسين لاغتياله شيء، وأن تسمع نبأ اغتيال واستشهاد الشيخ شيء آخر.
الشيخ أحمد ياسين كان هدفاً إسرائيلياً دائماً. (إسرائيل) كانت دائماً تسعى وراء الشيخ، تراقبه، تترصده، تحاول النيل منه. لماذا؟.. ببساطة، لأن (إسرائيل) اكتشفت مبكراً أن الشيخ أحمد ياسين ليس رجلاً عادياً ولا زعيماً تقليدياً، ولا قائداً روتينياً. إنه شخصية فذّة، ونابغة، وذكية. (إسرائيل) استشفت مبكراً من هو الشيخ ياسين، وما هو الشيخ ياسين، استشفت ذلك منذ عام 1983 حين اكتشفت حجم البنية التحتية لمشروع المقاومة الذي كان يؤسس له الشيخ ياسين، بعد أن وقعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالصدفة على معلومة كشفت الجناحين الأمني والعسكري للإخوان المسلمين في قطاع غزة.
يومها اكتشفت (إسرائيل) متانة البنية، ودقة الهيكلية ونوعية الرجال وعمق الولاء ورفعة الهدف وسلامة الغاية. فأدركت أنها أمام مشروع كبير وخطير يقوده هذا الرجل المُقعد.
(إسرائيل) كانت تعرف أحمد ياسين داعية إسلامياً وخطيباً وإماماً، وموجهاً تربوياً ومصلحاً اجتماعياً ومرشداً للشبان. فهو رجل مسموع الكلمة ومهاب الجانب في قطاع غزة. دوره الديني وأداؤه المسجدي، أكسباه احترام الناس وثقة العائلات وتقدير المجتمع.
كانت (إسرائيل) تعرف أن الشيخ أحمد ياسين يؤسس النوادي الرياضية لينقل الشبان إلى قطاعات ذات فائدة جسمية وعقلية، وكانت تعرف أن الشيخ أحمد ياسين يبني المساجد لينشر التربية والأخلاق والفضيلة في المجتمع. وكانت تعرف أن الشيخ أحمد ياسين يجمع الأموال من المحسنين لإنفاقها على العائلات والفقراء والأيتام والمحتاجين.. وكانت تعرف أن الشيخ ياسين يعلّم الشبان قراءة القرآن والسنة النبوية ونهج السلف الصالح وسيرة سيّد الأنبياء وإمام المجاهدين.. كانت تعرف كل ذلك. لكنها لم تكن تتوقع أن يمتد نشاط الشيخ ياسين إلى بناء نواة مشروع إسلامي فلسطيني مقاوم، تدرك (إسرائيل) أبعاده السياسية والأمنية. لذلك فإن المعلومات التي سقطت في أيدي الإسرائيليين دفعتهم إلى اعتقال الشيخ ياسين مباشرة عام 1983 ومحاكمته أمام محكمة عسكرية حكمت عليه بالسجن 13 عاماً. يومها قال أحد قضاة المحكمة العسكرية ((إن الأسلحة التي وُجدت عند الشيخ كانت تكفي لتدمير دولة إسرائيل)).
اضطرت (إسرائيل) عام 1985 للإفراج عن الشيخ ياسين بسبب الحاجة إلى إتمام صفقة التبادل مع الجبهة الشعبية – القيادة العامة. لكن عين (إسرائيل) ظلت على الشيخ ومن معه ومن حوله.
المفاجأة الثانية التي صدم بها الشيخ ياسين الإسرائيليين كانت عام 1987، حين أسس مع إخوانه حركة حماس التي قادت الانتفاضة الأولى وطوّرتها من الحجر إلى السكين والرصاصة. وقدمت نموذجاً للتحرر من الاحتلال وأعلنت مطالبها بوضوح، وعرضت مشروعاً سياسياً يمثل مطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه. ولاحظت (إسرائيل) خطورة الانتفاضة وأدركت الدور الكبير للشيخ ياسين في صياغة برنامجها وبلورة مواقفها وتوسيع مداها وتطوير نواحيها. لذلك سارعت (إسرائيل) مرة ثانية إلى اعتقال الشيخ ياسين، ولو كانت لغة الاغتيال الإسرائيلية مستخدمة إلى هذا الحد لسارع الاحتلال في أيار/مايو 1989 إلى اغتيال الشيخ بدلاً من اعتقاله.
فترة الاعتقال كانت بالنسبة للإسرائيليين تصفية حسابات مع الشيخ. ظروف المعتقل كانت تهدف إلى كسر إرادة الشيخ وتحطيم معنوياته. أما أساليب التعذيب والتحقيق -ومنها الضرب الدائم على رأسه وهو الجزء الوحيد الذي يشعر به ويحركه في جسده المصاب بالشلل- فكانت تهدف إلى اغتيال الشيخ.
(إسرائيل) رفضت كل الدعوات لإطلاق سراح الشيخ، وشددت عليه ظروف الاعتقال، وحاولت مساومته داخل السجن، ساعة عبر الاتصال به وتارة عبر عرض عروض سياسية وأمنية. لكن إرادة الشيخ ظلّت صلبة.
المرة الثانية التي ((فلت)) فيها الشيخ من جريمة قتله كانت عام 1997 حين اضطر بنيامين نتنياهو إلى الإفراج عنه في قضية اغتيال المجاهد خالد مشعل المعروفة.
بعدها بثلاثة أعوام فاجأ الشيخ أحمد ياسين الإسرائيليين مرة ثالثة، حين فجّر انتفاضة الأقصى، التي احتوت على دلالات سياسية كثيرة، فهي جردت المقاومة، وضيقت الباب على التسوية، ووحدت المجتمع الفلسطيني وعززت الوحدة الوطنية، وأعادت التمسك بقوة بكل الحقوق التي أسقطها البعض أو كاد. وانتفاضة الأقصى حضنت الشعب الفلسطيني من كل محاولات الفتنة الداخلية، وطورت المقاومة وأساليبها وأحيت الأمّة وفضحت صورة (إسرائيل) وأرهقت الاحتلال سياسياً وأمنياً وعسكرياً واجتماعياً واقتصادياً.
(إسرائيل) شددت عينها على الشيخ ياسين مجدداً، أدركت دوره في الانتفاضة وخبرت قدرته على توجيهها واكتشفت مدى تأثيره في برامجها. أكثر ما أغاظ الإسرائيليين أن الشيخ أحمد ياسين استطاع بفضل تضحيات الشهداء والجرحى وعذابات الأسرى وصمود الشعب وقواه أن يرتقي بالانتفاضة ويطورها ويحميها من الاستهدافات السياسية والأمنية الإسرائيلية.
فالدور الذي كان يلعبه الشيخ ياسين ساهم في تطوير أعمال المقاومة وبرامجها وفي تحديث آلاتها ومعداتها، وخطابه التوحيدي عزز التقارب بين مختلف الأجنحة العسكرية، وساعد على تقريب وجهات النظر بين الفصائل، وتمكن الشيخ ياسين بفضل وعيه من إنجاح جلسات الحوار مع الفصائل، ومن الحدّ من سياسة الرهان على العدو الإسرائيلي، ومن المحافظة على مسار السلاح سليماً دونما انحراف أو خلل.
كل هذا كان يقع، والدور التربوي للشيخ يتسع ورمزية الشيخ تتصاعد ومكانة الشيخ تكبر في قطاع غزة وتتجاوزه إلى كل فلسطين والعالم. لماذا؟.. لأن الشيخ أصبح يجسّد فلسطين وصار رمزاً للقضية وعنواناً للمقاومة ورائداً للجهاد وسقفاً عالياً للمشروع السياسي الفلسطيني بحقوقه وثوابته ومطالبه ووحدته الوطنية ونظافته.. لذلك كان القرار بالإلغاء. بعدما أدرك العدو أن انسحابه حتمي من القطاع. والانسحاب سيخلف انسحابات والترجع يعقبه تراجع.. إذاً، لا بد من منع المقاومة من الانتصار أو التقوّي أو التمدد، ولا بد من منع الفلسطينيين من الانتصار أو الاطمئنان إلى مستقبلهم. والشيخ ياسين أفضل عامل اطمئنان واستقرار للمجتمع.
*****
هو ليس نبياً.. لكن فيه بعض وميض الأنبياء
هو ليس قديساً.. لكن فيه شيء من طهارة القديسين
هو ليس ملاكاً.. لكن فيه شيء من براءة الملائكة
هو ليس ملكاً.. لكن فيه شيء من سلطة الملوك
هو ليس حاكماً.. لكن فيه شيء من تأثير الحكام
إذا قال فعل، وإذا وعد وفى.. كلماته أوامر، خطبه إلهام.. توجيهاته قوانين.. وإرشاداته أحكام.
شيخ، مصلح، معلّم، أستاذ، عالم، سياسي، مقاوم، مدرّس، رياضي، إمام، خطيب، قدوة، محاور، وسيط، مرشد، قائد، زاهد.
أمير الحرب، رجل السلام، قائد عسكري، تعليقاته طريفة (تذكرون قصة البطيخ)، أسلوبه بسيط، مواقفه واضحة، ليست بحاجة للتأويل، ولا تقبل الاجتهاد. صقيل كالسيف.. أبيض كالثلج، قوي كالجبال، كلامه ((أمر عمليات))، إذا قال: انتفاضة.. مشت فلسطين تقاتل الاحتلال، وإذا قال: مقاومة.. هبّ آلاف الشبان لمصارعة العدو.
وإذا قال: هدنة.. سكتت البنادق وسكنت العبوات ونامت الصواريخ.
موحِّد، مقرِّب، جامع، لا أموال لديه يدفعها للناس، ولا مكاسب يمنحها، ولا حصص يوزعها. سلاحه إيمان وصبر وابتسامة، وسيلته كلمة طيبة وموقف مشرف.
لهذا قتلوك واغتالوك.. لأنك تهدم بمشروعك ورؤيتك ومقاومتك ووعيك ومناعتك وممانعتك. عزاؤك أن فلسطين تزحف نحوك.. لقد كنت الأمل ورافع الراية.
شيخ الشهداء، سيد المقاومين، قائد الصامدين، جسّدت فلسطين وشعبها ومقاومتها، حملت هموم الشعب ومعاناة الناس، مثّلت إرادة التحرير وعنوان الصمود والمواجهة. كنت الأمل للشهداء وللجرحى والأسرى والمعتقلين.. ستبقى حياً في الذاكرة لأن فلسطين وشعبها على خطاك سائرون.
كان في العاشرة من عمره عندما كان البريطانيون يجلبون الجراد الصهيوني من كل أصقاع العالم لينشروه في ربوع فلسطين، وليؤسسوا له بسطوة القوة المدججة بالأساطير دولة تسمى (إسرائيل) في العام 1948.
كان الشيخ أحمد ياسين قد ولد عام 1936 في قرية (الجورة) قضاء المجدل جنوبي مدينة غزة. ومع حلول النكبة هاجر مع أسرته الفقيرة إلى منطقة (جورة الشمس) في القطاع. ولم يمكث طويلاً حتى تعرض بعد عامين لحادث وهو يمارس الرياضة على شاطئ غزة، ما أدى إلى شلل شبه كامل في جسده، تطور لاحقاً إلى شلل كامل.
لم يثنه الشلل عن مواصلة تعليمه، وصولاً إلى العمل مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية في مدارس وكالة الغوث بقطاع غزة.
في تلك الأثناء، أي في فترة الخمسينات، كان المد الناصري قد بلغ مداه، فيما اعتقل الشيخ من قبل المصريين بتهمة الانتماء إلى حركة الإخوان المسلمين. وعندما كان رجالات الحركة في قطاع غزة يغادرون القطاع هرباً من بطش الحالة الناصرية، كان لأحمد ياسين رأي آخر. فقد أعلن أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة والجهاد.
بدأ من الصفر، في زمن كان المد اليساري والقومي يجتاح الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما يغيب التدين عن المجتمع الفلسطيني على نحو لم يحدث من قبل.
عندما كان التدين بدعة سيئة وعلامة رجعية، ظل أحمد ياسين مصراً على أن زمن الإسلام قادم لا محالة، وأن ما تراكم من غبار على وعي الأمة لن يلبث أن يزول لتعود إلى جذورها وسرّ عزتها.
لبنة إثر أخرى كان الشيخ يصنع البناء . . صلاة إثر أخرى، ومسجداً إثر آخر، كان الشيخ يلقي بذوره في أرض الإسراء والمعراج مبشراً بالغد الأفضل.
لم يوقف جهده عند قطاع غزة الذي أسس فيه المجمع الإسلامي كمؤسسة إسلامية متكاملة، خيرية واجتماعية ودعوية، بل مد جهده نحو الضفة الغربية التي كانت تعيش ذات الحالة الفلسطينية من حيث انتشار الفكر اليساري والقومي والعلماني.
مع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات كانت شجرة الشيخ تكبر شيئاً فشيئاً، ويشعر الآخرون في الساحة بخطورتها، فيواجهونها بتهم العمالة للاحتلال بسبب عدم إعلانها المواجهة المسلحة، لكنه كان يدرك ما يفعل، فالمقاومة لا تقوم على قواعد واهية، بل لا بد لها من أسس متينة وراسخة.
في العام 1983، رأى الشيخ أن الأوان قد آن لبدء مسيرة الإعداد المادي، بعد أن بلغ الإعداد المعنوي مدىً طيباً بانتشار التدين في المجتمع وبلوغ الحركة الإسلامية حداً من القوة جعلها القوة الثانية في الجامعات والنقابات، بل بدأت تتفوق على حركة فتح في بعض التجمعات.
اكتُشف التنظيم العسكري الذي كان الشيخ يعدّ له بتجميع السلاح، وحكم عليه بالسجن (13 عاماً)، وبفترات أطول على عدد من إخوانه، منهم الشيخ الشهيد صلاح شحادة.
بعد ذلك بحوالي عامين، وتحديداً في العام 1985 خرج الشيخ من السجن في عملية تبادل الأسرى مع الجبهة الشعبية (القيادة العامة) بزعامة أحمد جبريل.
كانت المرحلة، مرحلة يأس، فمنظمة التحرير خرجت مهزومة من بيروت، والأوضاع العربية متردية، ومساومات التسوية تجري هنا وهناك لإعادة الاعتراف الدولي بالقيادة الفلسطينية.
عاد الشيخ يبث الحماس في أوساط الشباب من خلال المساجد التي غدت علامة فارقة في مواجهة الاحتلال، الذي شعر أنه قد نجح في إسقاط خيارات المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، في الخارج والداخل.
هنا كان للشيخ رآي آخر أيضاً، ففي نهاية العام 1987، وتحديداً في 14/12/1987، وفي تزامن مبارك مع إطلاق الانتفاضة الأولى، أعلن الشيخ ومعه ثلة من إخوانه، وعلى رأسهم الشهيد صلاح شحادة، والشهيد إبراهيم المقادمة ود. عبد العزيز الرنتيسي، تأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
خلال مسيرة الانتفاضة الأولى كانت حماس هي المحرّك الأبرز، حتى سميت الانتفاضة ثورة المساجد نظراً لشيوع الخطاب الإسلامي الذي دشنه الشيخ في مختلف فعالياتها.
أدركت سلطات الاحتلال خطورة الدور الذي تلعبه حركة (حماس) في الانتفاضة، فيما كان الشيخ يدرك أن الحجر وحده لا يمكن أن يكون كافياً لبث الوجع في أوصال الاحتلال.
في البداية ونظراً لضآلة الإمكانات، بدأت الحركة بقيادة الشيخ حرب السكاكين، ثم طورت ذلك في مطلع العام 1989 نحو المقاومة المسلحة, وصولاً إلى عملية أسر الجندي إيلان سعدون وقتله.
في 15/6/1989 اعتقلت سلطات الاحتلال الشيخ أحمد ياسين وحوالي (260) من قيادات الحركة.
لم يحل اعتقال الشيخ ومعظم قادة الحركة في القطاع والضفة الغربية دون استمرار الفعل الجهادي، بل إن ذلك قد شكل منعطفاً نحو تطور ذلك الفعل على نحو كبير. فقد تحول قطاع غزة خلال أعوام 89 – 93 إلى جحيم يطارد الغزاة، وغدت كتائب القسام الجناح العسكري للحركة كابوساً يقض مضاجع الاحتلال، الأمر الذي ساهم حسب كثير من المراقبين في التسريع في عقد اتفاق أوسلو، الذي سمي اتفاق غزة/أريحا أولاً، وذلك للتخلص من كابوس المقاومة الذي دشنته (حماس) في مواجهة جنود الاحتلال.
سنوات والشيخ ياسين أسير سجون الاحتلال، لكن روحه وتصريحاته التي كانت تخرج من السجن كانت حاضرة في مسيرة الحركة التي كانت تكبر وتكبر في عيون الفلسطينيين والعالم العربي والإسلامي، سيما بعد الخط الاستشهادي الذي أطلقته في مواجهة الاحتلال على يد الشهيد القائد يحيى عياش الذي استشهد (اغتيالاً) في 5/1/1996.
سنوات والشيخ صامد في سجنه، يرفض المساومة على عدالة قضيته، فيما كانت روحه تحاصر الغزاة وتسجنهم، بدل أن يسجنوه، فهذه حركته تكبر وتكبر وتشعر المحتلين بتهديد وجودي لم يعرفوه في تاريخهم، كما اعترف (يعقوب بيري) قائد ((الشاباك)) الأسبق في كتابه (القادم لقتلك.. بادر واقتله) الذي أرّخ لمسيرة الصدام مع حركة حماس خلال مرحلة الشهيد يحيى عياش وما بعده.
في 25/9/1997 وقعت في العاصمة الأردنية (عمان) محاولة اغتيال الأستاذ خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، حيث تمكن مرافقه من اعتقال رجلي الموساد اللذين نفذا العملية، ما أدى إلى صفقة مع الحكومة الأردنية خرج بموجبها الشيخ ياسين مقابل الإفراج عن العميلين.
بعد جولة عربية، عاد الشيخ منتصراً إلى قطاع غزة الذي استقبله كما يليق بالأبطال، وليعود القائد لرعاية أبنائه من جديد، وهذه المرة في مواجهة إرادة التسوية التي طاردت الحركة ورجالها بأيدي الاحتلال ومعه نظام أوسلو الجديد، الذي فرض الإقامة الجبرية على الشيخ وضيق عليه الخناق غير مرة.
في 28/9/2000 انطلقت المسيرة المباركة لانتفاضة الأقصى وكان الشيخ رائدها بلا منازع. وفيما اعتقل قادة الحركة السياسيون أو اغتيلوا في الضفة الغربية، كان القطاع بعيداً عن يد الاحتلال إلى حد ما، لا لشيء إلا لحسابات اجتياحه العسيرة. لكن قوة وحضور القيادة في غزة وعلى رأسها الشيخ قد أثار الاحتلال، فبدأ موجة اغتيالات ضد قادتها العسكريين والسياسيين، فاغتيل الشيخ صلاح شحادة وإبراهيم المقادمة وإسماعيل أبو شنب وعشرات من قادة الجناح العسكري، كما تعرض الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي والدكتور محمود الزهار لمحاولات اغتيال فاشلة.
لم يسلم الشيخ، فقد تعرض هو الآخر، ومعه ثلة من إخوانه لعملية اغتيال فاشلة في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، الأمر الذي استهزأ به الرجل معلناً إنه لم يمض على هذا الدرب إلا طلباً للشهادة التي يخوفونه بها.
بعد عملية (أسدود) البطولية في (15/3/2004) والتي نفذها مجاهدان خرجا من قطاع غزة، قررت سلطات الاحتلال معاودة استهداف قادة الحركة السياسيين من أجل إضعافها كلما ذهب أحد رموزها.
لدى خروجه من صلاة فجر يوم الاثنين 22/3/2004 هوجم الشيخ بثلاثة صواريخ، فاستشهد ومعه ثمانية أشخاص، من بينهم مرافقيه، فكانت الخاتمة التي أحبها عليه رحمة الله.
استشهد الشيخ بعد أن أتم البناء وأطمأن على روعته وقوته وعنفوانه، وبعد أن صنع الانتصار الذي عرفه العالم أجمع بقرار شارون الفرار من قطاع غزة.
استشهد الشيخ، لكن المسيرة التي صنعها بجهده وجهاده وروحه، ستواصل التقدم حتى تحصد في طريقها الاحتلال البغيض، ولكن الغزاة الأغبياء لا يفقهون.
الشيخ القائد أحمد ياسين.. عاش مشروع المقاومة
فكان القدوة في حياته واستشهاده
يتمتع الشهيد الشيخ أحمد ياسين مؤسّس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بموقع روحي وسياسي متميز في صفوف المقاومة الفلسطينية، مما جعل منه واحداً من أهم رموز العمل الفلسطيني والعربي والإسلامي طوال القرن الماضي.
المولد والنشأة
ولد أحمد إسماعيل ياسين في قرية تاريخية عريقة تسمّى جورة عسقلان في يونيو/حزيران 1936 وهو العام الذي شهد أول ثورة مسلحة ضد النفوذ الصهيوني المتزايد داخل الأراضي الفلسطينية. مات والده وعمره لم يتجاوز خمس سنوات.
عايش الشيخ أحمد ياسين الهزيمة العربية الكبرى المسماة بالنكبة عام 1948، وكان يبلغ من العمر آنذاك اثني عشر عاماً، وخرج منها بدرس أثر في حياته الفكرية والسياسية فيما بعد، مؤداه أن الاعتماد على سواعد الفلسطينيين أنفسهم عن طريق تسليح الشعب أجدى من الاعتماد على المجتمع الدولي.
يتحدث الشيخ ياسين عن تلك الحقبة فيقول ((لقد نزعت الجيوش العربية التي جاءت تحارب إسرائيل السلاح من أيدينا بحجة أنه لا ينبغي وجود قوة أخرى غير قوة الجيوش، فارتبط مصيرنا بها، ولما هزمت هزمنا وراحت العصابات الصهيونية ترتكب المجازر والمذابح لترويع الآمنين، ولو كانت أسلحتنا بأيدينا لتغيرت مجريات الأحداث)).
خشونة العيش
التحق أحمد ياسين بمدرسة الجورة الابتدائية وواصل الدراسة بها حتى الصف الخامس، لكن النكبة التي ألمّت بفلسطين وشرّدت أهلها عام 1948 لم تستثن هذا الطفل الصغير، فقد أجبرته على الهجرة بصحبة أهله إلى غزة. وهناك تغيّرت الأحوال وعانت الأسرة -شأنها شأن المهجّرين آنذاك- مرارة الفقر والجوع والحرمان، فكان يذهب إلى معسكرات الجيش المصري مع بعض أقرانه لأخذ ما يزيد عن حاجة الجنود ليطعموا به أهليهم وذويهم، وترك الدراسة لمدة عام (1949-1950) ليعين أسرته المكونة من سبعة أفراد عن طريق العمل في أحد مطاعم الفول في غزة، ثم عاود الدراسة مرة أخرى.
إصابته
في السادسة عشرة من عمره تعرّض الشيخ أحمد ياسين لحادثة خطيرة أثرت في حياته كلها منذ ذلك الوقت، فقد أصيب بكسر في فقرات العنق أثناء ممارسة لرياضة مع بعض أقرانه عام 1952، وبعد خمسة وأربعين يوماً من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس اتضح بعدها أنه سيعيش بقية عمره رهين الشلل الذي أصيب به في تلك الفترة.
وظلّ يعاني إضافة إلى الشلل التام من أمراض عديدة منها ضعف البصر في العين اليمنى بعدما أصيبت بضربة أثناء جولة من التحقيق على يد المخابرات الإسرائيلية أثناء سجنه، وضعف شديد في قدرة إبصار العين اليسرى، والتهاب مزمن بالأذن وحساسية في الرئتين وبعض الأمراض والالتهابات المعوية الأخرى.
العمل مدرساً
أنهى الشيخ أحمد ياسين دراسته الثانوية في العام الدراسي 57/1958 ونجح في الحصول على فرصة عمل رغم الاعتراض عليه في البداية بسبب حالته الصحية، وكان معظم دخله من مهنة التدريس يذهب لمساعدة أسرته.
نشاطه السياسي
شارك الشيخ أحمد ياسين وهو في العشرين من العمر في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجاً على العدوان الثلاثي الذي استهدف مصر عام 1956 وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية ملموسة، حيث نشط مع رفاقه في الدعوة إلى رفض الإشراف الدولي على غزة مؤكداّ ضرورة عودة الإدارة المصرية إلى هذا الإقليم.
الاعتقال
كانت مواهب الشيخ أحمد ياسين الخطابية قد بدأت تظهر بقوة، ومعها بدأ نجمه يلمع وسط دعاة غزة، الأمر الذي لفت إليه أنظار المخابرات المصرية العاملة هناك، فقرّرت عام 1965 اعتقاله ضمن حملة الاعتقالات التي شهدتها الساحة السياسية المصرية والتي استهدفت كل من سبق اعتقاله من جماعة الإخوان المسلمين عام 1954، وظل حبيس الزنزانة الانفرادية قرابة شهر ثم أفرج عنه بعد أن أثبتت التحقيقات عدم وجود علاقة تنظيمية بينه وبين الإخوان. وقد تركت فترة الاعتقال في نفسه آثاراً مهمّة لخّصها بقوله ((إنها عمّقت في نفسه كراهية الظلم، وأكدت (فترة الاعتقال) أن شرعية أي سلطة تقوم على العدل وإيمانها بحق الإنسان في الحياة بحرّية)).
هزيمة 1967
بعد هزيمة 1967 التي احتلت فيها (إسرائيل) كل الأراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة، استمرّ الشيخ أحمد ياسين في إلهاب مشاعر المصلّين من فوق منبر المسجد العباسي الذي كان يخطب فيه لمقاومة المحتل، وفي الوقت نفسه نشط في جمع التبرعات ومعاونة أسر الشهداء والمعتقلين، ثم عمل بعد ذلك رئيساً للمجمع الإسلامي في غزة.
الانتماء الفكري
يعتنق الشيخ أحمد ياسين أفكار جماعة الإخوان المسلمين التي تأسّست في مصر على يد الإمام الشهيد حسن البنا عام 1928، والتي تدعو إلى فهم الإسلام فهماً صحيحاً والشمول في تطبيقه في شتى مناحي الحياة.
ملاحقات إسرائيلية
نشاط الشيخ أحمد ياسين الدعوي والسياسي أزعج السلطات الإسرائيلية فأمرت عام 1983 باعتقاله ووجّهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة أسلحة، وأصدرت عليه حكماً بالسجن ثلاثة عشر عاماً، لكنها عادت وأطلقت سراحه عام 1985 في إطار عملية لتبادل الأسرى مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة).
تأسيس حركة حماس
اتفق الشيخ أحمد ياسين في نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر عام 1987 مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي في قطاع غزة على تكوين تنظيم إسلامي لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي بغية تحرير فلسطين، وأطلقوا على هذه الحركة اسم حركة المقاومة الإسلامية التي عرفت فيما بعد اختصاراً باسم (حماس). وكان له دور مهم في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت آنذاك والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد، ومنذ ذلك الوقت والشيخ ياسين يعتبر الزعيم الروحي لحركة حماس.
عودة الملاحقات الإسرائيلية
مع تصاعد أعمال الانتفاضة بدأت السلطات الإسرائيلية التفكير في وسيلة لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين، فقامت في آب/أغسطس 1988 بمداهمة منزله وتفتيشه وهددته بالنفي إلى لبنان. ولمّا ازدادت عمليات قتل الجنود الإسرائيليين واغتيال العملاء قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم 18 أيار/مايو 1989 باعتقاله مع المئات من أعضاء حركة حماس. وفي 16 تشرين الأول/أكتوبر 1991 أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكماً بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عاماً أخرى، وجاء في لائحة الاتهام أن هذه التهم هي بسبب التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليين وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني.
محاولات الإفراج عنه
حاولت مجموعة فدائية تابعة لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، الإفراج عن الشيخ ياسين وبعض المعتقلين الآخرين، فقامت بأَسر الجندي الإسرائيلي نسيم طوليدانو يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول 1992، وعرضت على (إسرائيل) مبادلته نظير الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت العرض فقامت كتائب القسام بقتل الجندي الإسرائيلي، اتخذت إثراها (إسرائيل) قراراً بإبعاد 416 فلسطينياً من حركتي حماس والجهاد الإسلامي. ثمّ اختطفت مجموعة قسامية في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 1994 جندياً آخر يدعى نحشون فاكسمان، ولكن السلطات الإسرائيلية بتعاون مع السلطة الفلسطينية اقتحمت مكان الاحتجاز ممّا أدّى إلى مقتل فاكسمان وقائد الوحدة الإسرائيلية المهاجمة واستشهاد ثلاثة من مجاهدي القسّام.
وفي عملية تبادل أخرى في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 1997 جرت بين المملكة الأردنية الهاشمية وإسرائيل في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأستاذ خالد مشعل في العاصمة عمان وإلقاء السلطات الأردنية القبض على اثنين من عملاء الموساد سلمتهما لـ(إسرائيل) مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين، أفرج عن الشيخ وعادت إليه حريته منذ ذلك التاريخ.
الإقامة الجبرية
وبسبب اختلاف سياسة المقاومة وحماس عن السلطة، كثيراً ما كانت تلجأ الأخيرة للضغط على حماس، وفي هذا السياق فرضت السلطة الفلسطينية أكثر من مرة على الشيخ أحمد ياسين الإقامة الجبرية مع إقرارها بأهميته للحياة السياسية الفلسطينية، ممّا كان يؤدّي إلى مظاهرات واحتجاجات شعبية تجبر السلطة الفلسطينية على التراجع عن قرارها.
الاغتيال
تعرض الشيخ أحمد ياسين في 6 أيلول/سبتمبر 2003 لمحاولة اغتيال إسرائيلية حين استهدفت مروحيات إسرائيلية شقة في غزة كان يوجد بها الشيخ وكان يرافقه القيادي في حماس إسماعيل هنية.
وأخيراً أقدمت إسرائيل الإثنين 22-3-2004 على اغتيال الشيخ المجاهد أحمد ياسين حين قصفت طائرات إسرائيلية موكبه وهو عائد من صلاة الفجر من المسجد القريب من منزله، ممّا أدّى إلى استشهاده مع تسعة فلسطينيين. وتعدّ عملية الاغتيال مفصلاً مهماً في تاريخ المقاومة الفلسطينية والصراع مع الكيان الصهيوني، وستثبت الأيام صحّة هذا الاعتبار.
مئات الآلاف يودّعون شيخ الانتفاضة
ويؤكّدون على المضي في طريق الجهاد
انتفض أهالي قطاع غزة بعد إفاقتهم من هول الصدمة التي أصابتهم إثر استشهاد الشيخ أحمد ياسين، فانطلقوا للمشاركة في موكب تشييع الشيخ ياسين ومرافقيه، الذين قضوا معه، مشكّلين أكبر حشد جماهيري تشهده فلسطين على الإطلاق.
مئات آلاف الفلسطينيين ساروا خلف نعش الشيخ ياسين محاولين لمس النعش الذي وضعت فيه أشلاء الشيخ القعيد. وسالت الدموع في مشهد امتزجت فيه مشاعر الحزن والحنق معاً، بينما سقط آخرون مغشياً عليهم، بعدما خذلتهم قواهم المنهكة من الألم الذي أصابها نتيجة فقدان الشيخ ياسين.
وردّد المشيعون في الجنازة هتافات تدعو فصائل المقاومة بالثأر من المجرم الارهابي أرييل شارون والنيل منه، وجعل شوارع الكيان الصهيوني براكين تتفجر بفعل القنابل البشرية، ودق مسمار آخر في نعش هذا الكيان الدخيل.
وفي أكبر ظهور لهم، شارك آلاف المقاومين من عناصر كتائب الشهيد عزّ الدّين القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس، رافعين بنادق آلية، في حين غطّوا وجوههم بأقنعة سوداء، وارتدى بعضهم قبعات خضراء. وشارك في المسيرة الجنائزية مختلف أطياف الشعب الفلسطيني حيث شوهد حضور قوي لحركات فتح والجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية ولجان المقاومة الشعبية.
وتقدم المسيرة الجنائزية قادة حركة حماس الدكتور عبد العزيز الرنتيسي والدكتور محمود الزهار والأستاذ إسماعيل هنية، والدكتور نزار ريان، كتفاً إلى كتف مع قادة الفصائل الفلسطينية والشخصيات البارزة في القطاع.
ولم يتّسع المسجد العمري الكبير وسط غزة للجماهير، واضطر المصلون إلى أداء صلاة الظهر في شارع عمر المختار والشوارع المتفرعة منه.
وقبيل أداء صلاة الجنازة على أرواح الشهداء، تعاقب قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مخاطبة المصلين، فأكّد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي القيادي البارز في حركة حماس، على استمرار المقاومة بكافة أشكالها حتى دحر الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية، مشدداً على أن الردّ سيكون موجعاً ومؤلماً للعدوّ الصهيوني.
وتحدّث الرنتيسي عن مرافقته للشيخ ياسين في السجون الصهيونية، مشيراً إلى أنه نال شرف خدمة الشيخ ياسين في السجن، وأنه تعلّم منه الصبر والجلد. وأضاف متحدثاً عن الشيخ ياسين ((كانت حياته عبارة عن رحلة جهادية مشرفة، فقد كان داعياً ومربياً، وها هو يختم حياته بالشهادة بعد أداء صلاة الفجر في المسجد الذي انطلق منه لتأسيس حركة حماس)).
من جانبه أشاد الدكتور نزار ريان، أحد قادة حركة حماس، بدور الشيخ أحمد ياسين الجهادي في فلسطين، مشيراً إلى أن الشيخ ياسين لم يكلّ ولم يملّ دعوة وجهاداً في سبيل الله، وقال ((كان الشيخ ياسين يقول: سنقاتل اليهود عندما نمتلك مسدساً واحداً)).
وأوضح ريان أن الشيخ ياسين بذل جهوداً دعوية كبيرة، كان من ثمارها إعمار مساجد فلسطين بالشباب والأشبال فضلاً عن الشيوخ، مؤكداً استمرار قادة حركة حماس على طريق ذات الشوكة الذي سلكه الشيخ ياسين.
وعدّد الشيخ إسماعيل هنية القيادي في حركة حماس مناقب الشيخ ياسين، موضحاً أن الشيخ ياسين كان ((رجلاً بأمة وأمة برجل))، ومضى يقول ((واهم من يظنّ أنه بقتل الشيخ أحمد ياسين ستنتهي حماس، فشارون يخدع نفسه وشعبه بهذه الخرافات)).
وتابع يقول ((كان ردّ الشيخ ياسين واضحاً وحازماً، حينما حمل الوفد المصري رسالة من الإدارة الأمريكية لحركة حماس، تقول بأنه اذا وافقتم على التهدئة فإن الإدارة الأمريكية ستضغط على العدو الصهيوني لتوقف استهدافه لقيادات وعناصر حركة، فردّ الشيخ قائلاً كلنا طلاب شهادة، فأنا وإخواني نسعى للشهادة، وحياتنا أرخص من حياة أي طفل فلسطيني)).
ثمّ سارت المسيرة الجماهيرية الحاشدة في شارعي عمر المختار والجلاء وسط غزة وصولاً إلى مقبرة الشيخ رضوان، حيث ووريت جثامين الشهداء الثرى.
وعقب مواراة الشيخ ياسين الثرى ألقى متحدث باسم حركة حماس كلمة أكد فيها أن الفلسطينيين ودّعوا اليوم ((علماً من أعلام هذه الأمّة وعلماً من أعلام الإخوان المسلمين)).
وقال ((لم يكن الشيخ ياسين موجهاً لحماس فحسب، بل كان موجهاً لمسيرة المقاومة والجهاد في العالم الإسلامي والعربي)).
وأردف يقول ((إنه كان نموذجاً شامخاً للأمّة العربية.. إنه إمام الأمتين العربية والإسلامية اليوم)).
وختم المتحدث روح الشيخ أحمد ياسين: يا شيخنا ونحن نودّعك نم قرير العين فنحن على ذات الشوكة ولن نحيد أبداً، وها هو الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه وفصائله بايع الله عز وجل على المضي في طريق الجهاد والمقاومة، فلن نقيل ولن نستقيل فهذه الآلاف المؤلفة جاءت لتقول إنه لا خيار سوى خيار المقاومة.
جولة في منزل الشيخ ياسين:
كوب البابونج ينتظر صاحبه!
طوفان يجتاح غزة.. بركان يغلي في الصدور فينبعث لهيباً مطالباً بالانتقام.. سوادٌ يلفّ كل شيء والوجوم يعلو الوجوه.. غضب يتفجر في القلوب.. شوارع حزينة وإطارات سيارات مشتعلة تعلن الغضب الدفين.. هتاف يشق عنان السماء ورايات خضراء.. مكبرات الصوت تتلو آيات الشهادة وتنعي الصمت العربي.. وجموع هادرة تطالب بالانتقام.. هكذا بدا وجه غزة في الثاني والعشرين من شهر آذار/مارس، يوم اغتالت يد الحقد شيخ فلسطين المجاهد أحمد ياسين.
الشوارع تكتظ بالمشيعين.. الكل هدفه واحد وطريقه واحد.. بيت عزاء الشهيد
سرْتُ مع الجموع نتدافع في شارع الصبرة الطويل طول ليالي الغربة في قلوب اللاجئين.. حتى وصلنا إلى مسجد الشيخ ((المجمع الإسلامي)) حيث قضى ليلته الأخيرة قائماً يصلي.. كانت بقايا الدم موجودة وآثار القصف واضحة على الرصيف، مشينا بضعة أمتار لنقف أمام البوابة الخضراء ((بيت الشيخ أحمد ياسين))، شعارات على الجدران والرايات الخضراء تملأ الشارع.. أطفال يرتدون شارات حماس ويلعبون في الأزقة لعبة عرب ويهود، يهتفون: الانتقام الانتقام.. يا كتائب القسام.
وقفتُ أمام الباب أنظر إليه.. من هنا انطلقت أعظم حركة إسلامية فلسطينية، من هذا الباب المتواضع الذي لم يجدد دهانه لسنوات، خرج الشيخ ياسين لآخر مرة ولم يعد، غلبتني العَبرة وطرقت الباب ودخلت.. عدة غرف من (الإسبست) القديم مصفوفة على جانبين وبينهما ممر طويل، هذا هو بيت زعيم حركة قضّت مضاجع الطغاة وغيرت مجرى القضية، وعاندت موازين القوى في العالم.. جدران قديمة ومطبخ صغير متواضع!!
هنا كان يجلس... هنا كان يقعد في كرسيه المتحرك.. هنا في هذا المطبخ كان يطلب إعداد كوب من أزهار البابونج كلما عاد من صلاة الفجر.. قالت لي إحدى بناته باكية: لمن سأعدّ البابونج كل يوم بعد الفجر يا أبي؟؟ مسحت دموعها وابتسمت بمرارة قائلة: لقد كان يحب ((الشعرية)).
هنا لاعبَ أحفاده وابتسم لحركاتهم.. هنا كان يعيش مع كل أهل بيته: أولاده الثلاثة وأحفاده وبناته الأرامل وأولادهن. وقفت امرأة في زاوية من زوايا البيت تنتحب.. مَنْ للأرامل بعدك يا شيخنا.. من لليتامى؟؟ من لأولاد الشهداء الذين كنت لهم الأب الحنون.. لقد تيتموا الآن مرتين يا شيخنا. من لأولاد المساجين ينتظرونك في كل عيد؟ كنت الأب الحنون للجميع.. ماذا سنقول للأطفال الذين أحبوك هناك في مدرسة الأرقم؟؟.. كانوا يتسابقون للثم يدك الندية.. يلتقطون معك الصور.. فتبتسم لهم، يقبلونك فتدير رأسك لتقبلهم أنت أولاً.
وقفت أمام باب المطبخ المتواضع أنظر إليه، قلت في نفسي ما أتفه رغباتنا. وما أكثر احتياجاتنا.. وهذا قائد الأمّة لم يغره زخرف الدنيا ولا زينتها.
اندفعت إحدى النساء لتحضن ((الغطاء))؛ بطانية الصوف التي كان يتدثر بها من برد الشتاء حين يذهب إلى المسجد في الصباح.. كانت ممزقة ومحترقة وعليها بقايا من دمائه الطاهرة.. احتضنته وبكت، صممت أن تأخذ منه قطعة لتبقى ذكرى عندها من أثر الشيخ الجليل، تسابقت النسوة كل واحدة منهن تريد جزءاً من هذه القطعة.
خرجنا إلى ملعب المجمع الإسلامي القريب من البيت حيث كان العزاء.. جموع هادرة تهتف مَنْ ربكم؟ فيطلقها الجميع صرخة مدوية.. الله. من زعيمكم؟ الرسول. ما هي حركتكم؟ حماس. من جيشكم؟ القسام. من قائدكم؟ تختنق الحروف ويخفت الصوت وبقلوب مجروحة وينبعث الرد أحمد ياسين.. النساء لم يستطعن نطقها.. نعم قائدنا أحمد ياسين وسيبقى رمزاً لهذه الأمة.
الرايات الخضراء ترفرف عالياً شامخة قوية.. صور الشيخ الشهيد تملأ الجدران وأكاليل الزهور عليها بطاقات التعزية. تتوافد من جموع المهنئات بالشهادة من كافة
الجمعيات النسائية واللجان والكتل الطلابية والنقابية، كلٌ يلقي كلمة يعبّر فيها عن تضامنه مع حركة حماس، والجميع يهتف معا.. كلنا اليوم حماس.. كلنا أحمد ياسين.. توحد اليوم االشعب الفلسطيني بكافة أطيافه في عرس الشهيد، عرس فلسطين.. استطاع الشيخ الشهيد أن يحمي دماء الشعب الفلسطيني حياً.. واليوم وحّدها وصهرها معاً شهيداً رحمه الله،
عبّد بدمه الغالي طريق الوحدة وتلاقى الجميع اليوم على هدف واحد.. هدف المقاومة حتى التحرير.. هذه كرامة الشيخ الجليل.
بدأت الأناشيد الحماسية ودعوات الثار والانتقام تعلو الكل يهتف: الانتقام الانتقام.. يا كتائب القسام. تقدم فتية صغار في موكب عسكري رائع يحملون البنادق البلاستيكية ويلتفون بالرايات الخضراء، وعلى الجبين شارة حماس يتقدمون في تناسق متقن ويصطفّون ليرددوا معاً أنشودة ((يا شيخ الأحرار يا أحمد ياسين)).
طب نفساً يا شيخنا فها هو نتاج غرسك قد أينع اليوم.. وها هي حركتك تمتد ليشرق نور فجرها فيملأ الآفاق.. ها هي كتائب القسام قد أصبحت جيشاً ينتشر في شوارع غزة ويقضّ مضاجع الطغاة.
خرجتُ من بيت العزاء.. أنظر إلى الشوارع التي خلت من المارة وغصت بها بيوت العزاء.. متى كان في غزة شوارع خالية؟ إنها اليوم موحشة توحي بالكآبة والألم، تشارك الجميع إحساسهم باللوعة.
انطلق أذان المغرب ينادي للصلاة في مسجد الشيخ القريب.. مسحت دمعة سالت رغماً عني.. أحسست بالجدران تبكي شيخها فهنا كان يلقى أحبابه، وهنا كانت الذكريات.. مضيت أردد:
أنّى التفتُّ أراك يا شيخي الحبيب
أنى التفت أراك يا قمراً أنار لنا الدروب
في وجه غزة.. شاحب
في دار أرقم
في المجمع
في الشوارع في المخيم في القلوب
يا شيخنا.. يا فجرنا
قل لي بربك يا شيخنا! متى يكون الموت جميلاً؟! قل لي بربك يا فجرنا! كيف يكون النور فينا؟! وكيف تبكي السماء رجلاً موته يبكينا؟!!
نار تسير في العروق! والدمع دم يغلي في أعين تشهق بالغضب! أسير كرسيّه، والروح حرّة لا يخيفها اللهب، قولوا لعدوّه، حرّرته من كرسيّه، وأطلقته طائراً فوق عواصم العرب..
لم ينله البرد وإن هدأ الجسد! فدفؤه فينا نار تكوينا.. ألبسونا القهر يا الله! وما حاكه عدو، فحيّاكه منا وفينا.. جرّعونا السم يا الله ونصنعه بأيدينا!
من لذلنا؟ من لقهرنا وخزينا؟ من لصمتنا وعارنا؟ وإلى متى نتقبّل بالخضوع الصفعات؟! وأي جبن يسكننا حين نسكن الصمت ونقفل بابنا بالخوف؟!
أي شيء ننتظر؟! وبأي عذر ننكسر؟ ونحن نجامل ونهادن باسم التطبيع! باسم الواقع الذي لا يمكن تجاوزه، ونتجاوز بكل الذل جراحنا! وعدونا يسفك دمنا ويقتّلنا، يرهب صغارنا، ييتّم الزهر على شرفات قلوبنا، يرمّل نساءنا، ويثكل الأمهات!
ما مات شيخنا، وكل من رضي بصمته مات.
شارون يلهو بدمنا! يسكره دمعنا! أشلاء في الطرقات يرسمنا، شارون بقدمه يركلنا! فلينتفض منا.. كل من يدّعي الحياة!! وليثأر للحية البيضاء! للأمة البكماء، ولأشلاء من تناثروا كشهب السماء..
غادر كرسيّه..
بالدمع لا تكفّنوه.. لا يكفّن الشهداء!
غادر أعيننا..
بأفئدتكم أسكنوه، وليكن الصدر سماء!
توضأ وصلى، وارتحل فظلّ تكبيراً حارقاً يثير الأرض وينجب الشهداء! كتائب العز بدمها تمضي.. صقوراً من لهب الله في وجه الغاصب.. يحييها الغضب! وبغير نصر الله.. لن ينطفئ لها لهب!
من مواليد 1961م ولد ونشأ في غزة حي الرمال بالقرب من مستشفى الشفاء والده اسماعيل كحيل كان يعمل في مخبز يملكه في حي الصبرة له من الاخوة 6 ومن الاخوات اثنتين وقد كان المولود رقم 4 في الاسرة كنت عائلته تعاني وضعا اقتصاديا صعبا مما اضطره الى ترك الدراسة والعمل سمكري لتصليح السيارات في الارض المحتلة 48 نشأ وترعرع منذ البداية كشبل في مسجد العباس حتى مرحلة الشباب حيث كان يشارك في النشاطات الاسلامية المختلفة للحركة في قطاع غزة حتى قيام الانتفاضة المباركة .
كمال كحيل اسم دخل كل بيت في فلسطين لان محبته في قلب كل رجل وشيخ وطفل كمال القسام يحبه كل من عرفه وسمع عنه فهو كما يوصف اخطر جندي قسامي يخافه اعداءه ذلك القسامي الذي اقسم على نفسه ان لا يمسه عدو ما دام حيا لذلك كان على وسطه دائما حزاما ناسفا ليفجر نفسه باعداءه اذا اقتضى الامر فلقد كان كحيل اخطر مطارد في نظر اعداءه وهو قائد لكتيبة الاعدام القسامية
بدا كمال العمل الجهادي مع بداية الانتفاضه الاولي عام 1987 وذلك بعد ان بدأت حركة المقاومه الاسلاميه حماس بتفعيل نشاطاتها في منطقة الرمال إنطلاقا من مسجد العباس وذلك في شهري 1-2 سنة 88 ومع بدايات العمل بدأ كمال عمله ضمن صفوف الحركه وذلك من خلال المشاركه في فعليات الانتفاضه من إلقاء الحجاره واشعال الاطارات ووضع المتاريس لجنود الاحتلال وغيرها من الفعاليات
وما كان يوم تعلن فيه حركه حماس المواجهات الا وكان في مقدمة الصفوف وبعد ذلك تطور العمل من خلال جهاز الاحداث حيث اصبح عمله من خلال مجموعات صغيره تعمل كل منها على تفعيل ما يأتي في بيانات حماس من اضراب او مواجهات وغيرها من الفعاليات
وكان كمال كما الاخرين في احدي هذه المجموعات ولكن كمال لم يكن يرضي بهذه الاعمال فأخذ يبادر الي اقتراح أعمال تؤذي اليهود فاصبح خلال الاضرابات يصنع المسامير المعكوفه ويرميها بطريق الجيبات العسكريه وكان يسكب الزيت المحروق في ايام الاضرابات ايضا في الشوارع التي يسلكها العدو وكان يختص بمفترق العباس ومفترق المجلس التشريعي وغيرههم
وكثيرا كانت تعطل الاطارات ويقلب الجيبات من الزيت وكما كان مبادرا في كل الاعمال وكان همه هو مقارعة اليهود
وكان كمال يدفع من ماله الخاص لشراء المسامير ولحمها وعكفها وغيرها الكثير والذي سيأتي به بعد ذلك
وبدأت الأعمال تتطور حيث زادت وتيرة فاعليات الانتفاضة وزادت المسؤوليات وبدا كمال يكون مسئول عن بعض المجموعات في جهاز الأحداث وبدأ بتوجيه تلك المجموعات للعمل وهو عمل جهاز الأحداث المعتاد من فعاليات الانتقاضه.
وقد حدثت ضربه لجهاز الأحداث في المنطقة اعتقل خلالها بعض أفراد المجموعات ومن ثم تم الاعتراف على كمال انه المسئول عن هذه المجموعات ولكنه لم يعتقل وقد أقام خلال هذه الفترة في مستشفي الأمراض العصبية في مستشفي النصر حني يعتقد الاحتلال انه قد أصابه الجنون وتم لفترة في المستشفي.
كما ذكرت سابقا كانت بداية كمال في جهاز الأحداث واستمر في العمل به حتى انتقل للجهاز العسكري في بداية 1992.
بدايات أعماله لم تكن ضمن الجهاز العسكري الرسمي للحركة حيث قام هو بتشكيل المجموعات الخاصة بالعمل وبدأ العمل دون علم الجهاز العسكري للحركة بل بعلم بعض الاخوه أو بالاحري كان يعلم بعض الاخوه بتلك الاعمال وكان في ذلك لفتره الشهيد كمال على درجه من المسئوليه في الحركه وبدا اعماله من خلال التحقيق مع العملاء وقتلهم بعد ثبوت الادله وتصويرهم عن طريق الفيديو حتي لا يكون هناك تشكيك بعمل وجهاد حركة حماس ضد العملاء
وبعد فتره قصيره من العمل انضم بشكل رسمي الى العمل العسكري واصبح يتلقي الاوامر من قيادة الجهاز العسكري واصبح يقوم بالعمليات والتحقيقات كعمل رسمي مخول به من الجهاز الرسمي بحرك حماس وكان مسئول المنطق الشماليه او الثلث الشمالي لقطاع غزه
كان ياتي بالسلاح بامواله الخاصه فقام ببيع ذهب ذوجته وكان يحصل حلى حصته من الورشه التي يملكونها هو واخوته ويدفعها لشراء السلاح وكان كل شيء من امواله الخاصه وكان مدعوم من اصحاب مقربين له
اما جهات الاتصال التي كانت تتصل بكمال كانت عبر نقط ميته في المساجد وفي الجامعات مع العلم ان شراء السلاح كان باهظ الثمن بالنسبه للوقت الحاضر فكان الام 16 سعرها كانت 8 الاف دينار والكلاشن كوف 4 الاف دينار كان يعلن عن العمليات التي كان ينفذها عبر مكبرات الصوت في المساجد
حادثة الاستشهاد :
الشهيد كمال كحيل استشهد في قطاع غزة في حي الشيخ رضوان إثر انفجار هائل في
المبني الذي كان يقييم فيه وقد سميت في حينه "مجزرة الشيخ رضوان" حيث راح
ضحيتها الشهيد كمال كحيل والشهيد حاتم حسان وبلال الدعس ابن صاحب المنزل الذي
كان يأوي الشهيد ورفاقة واصيب المجاهد نضال دبابش حيث نقل على اثر الحادث الى
مستشفى الشفاء وبعد ساعة من وصولة المستشفى اختفى من المستشفى وقد اعترفت
السلطة على لسان الطيب عبد الرحيم في تصريح له أنه معتقل عند الاحتلال
على المجاهد نضال دبابش وتم إعلان إستشهادة بشكل رسمى من كتائب القسلم