أعرفكم بنفسي.. أنا مدينة بيسان أخت مدينة الناصرة، قديمة قدم التاريخ، تعود نشأتي إلى ستة آلاف سنة قبل الميلاد، وأقع على طريق قديم يسمى "الطريق السلطاني" وهو الطريق الذي يصلني بفلسطين ودمشق وحوران، وأنا مدينة منخفضة من مدن الغور، يبلغ انخفاضي عن سطح البحر ثلاثين متراً.. وأبعد حوالي ستة كيلو مترات شرقي نهر الأردن، لذلك فأنا أقع جنوب بحيرة طبريا، ويقع في الجنوبي الشرقي منّي سهل مرج ابن عامر. أما اسمي بَيْسان -بفتح الباء وسكون الياء- يعني لسان الأرض، حيث نشأتُ في سهل بيسان الذي يصل وادي الأردن شرقاً بسهل مرج ابن عامر غرباً، كما أنني أتصل مع الأردن وسوريا بطرق عند جسر الشيخ حسين وجسر دامية، وهذا الموقع الهام جعلني محطّ القوافل التي تسير
بين الشام ومصر، فيأتي إليّ التجار في أوقات معينة ليشتروا مني السامان وهو نوع من أنواع الخيزران الجيّد، ليصنعوا منه الحصر وتسمى الحصر السامانية، وهذا النوع من الحصر لا يوجد إلا عندي في بيسان.
وبدأت أنشط بالتجارة منذ سنة 1905، عندما تمّ إنشاء خط سكة الحديد المارّ بقربي، والذي يربطني بحيفا مع درعا في جنوب سورية.
وأنا أمتاز بكثرة تلالي الأثرية المهمة مثل: تل المصطبة، وتل الجسر، وتل الزهرة، وأشتمل على أبنية سكنية قديمة ومقابر وأماكن عبادة مثل الجامع الذي يُنسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد بُني سنة 634م.
وعُثر في باطني على بعض الأسلحة القديمة مثل: السيف القصير ذي الحدين، وذي الغمد. وعُثر في أرضي على بقايا قلعة مصرية، لأنهم استولوا عليّ في سنة 1479ق.م بقيادة تحتمس الثالث، ووجدوا عليها لوحات تعود إلى عهد سبتي الأول ورعمسيس الثاني. وتم العثور على تمثال رعمسيس الثالث أيضاً. وتشير الدلائل إلى أن اللغة المصرية كانت منتشرة في منطقتي (بيسان).
كنت أضم عدداً من رجالات العلم كأمثال القاضي الفاضل "أبو علي عبد الرحمن بن علي البياني" وزير الملك الناصر يوسف بن أيوب المعروف باسم صلاح الدين الأيوبي رحمه الله رحمة واسعة، وكان القاضي الفاضل ذا مكانة كبيرة عند صلاح الدين، والمتحكم في دولته، وصاحب البلاغة والإنشاء الذي فاقت فصاحته المتقدمين والمتأخرين.
ماذا أقول لكم أيها الأحبّة.. إن تاريخي عظيم ومشرّف، عشتُ أيام عزّ ومجد إلى أن جاء الروم إلى أرضي وتحصّنوا فيها، وأفاضوا المياه عليّ لإعاقة سير العرب المسلمين بعد معركة اليرموك، ولكن العرب حاصروا الروم وهاجموهم، وتم النصر لهم بقيادة البطل شرحبيل بن حسنة –رضي الله عنه- في معركة النمل. ثم جاء الصليبيون بعدهم وتحصّنوا في أرضي أمام فتوحات صلاح الدين الأيوبي، ولكن تحصيناتهم لم تُجدِ نفعاً، فقد تحررتُ منهم بفضل أبنائي الأشاوس الأغيار الذين انضموا إلى جيش البطل صلاح الدين.
وفي 12 من آذار سنة 1948، جاء الصهاينة الأوغاد، فشرّدوا أهلي وأولادي، فمنهم من رحل إلى الناصرة، ومنهم من ذهب إلى سوريا والأردن.. وهدموا البيوت على رؤوس أصحابها، وسرقوا الكثير من آثاري، والآن يحاولون تغيير معالمي، وأنا الآن أنتظر رجوع أبنائي من الغربة ليخلصوني من هذه العصابة المجرمة التي فاقت في شراستها وحبها للدماء، المغولَ والتتار. وبإذن الله تعالى سوف يرفعون راية النصر والتحرير على أرضي الغالية بيسان.. بل وأرض فلسطين المحتلة كلّها
أريحا مدينة القمر أو مدينة النخيل أو هدية أنطونيوس لكيلوبترا. أريحا من أقدم مدن العالم (10.000) سنة قبل الميلاد، فيها تحول الإنسان من الإنسان البدائي إلى الإنسان المقيم وتحول من الإنسان الصياد إلى الإنسان المزارع وهذا ما أثبتته جميع الحفريات التي تمت في مدينة أريحا القديمة "تل السلطان" في أوائل القرن العشرين، حيث اندثرت المدينة نتيجة الغزوات والزلازل والحرائق مرة بعد مرة. وتقع أريحا القديمة "تل السلطان" على بعد 2 كم عن مركز أريحا الجديدة.
أما الآثار التي تم اكتشافها في مدينة أريحا القديمة فهي عبارة عن تلة خلابة جميلة تطل على أريحا الجديدة، إضافة إلى سلم (درج) الأقدم في العالم، وأيضاً منزل بيضاوي ضخم، وبرج للدفاع والمراقبة.
أما العصور التاريخية التي مرت بها المدينة فهي:
- ما قبل العصر الفخاري أو الينوليثي الأول عام 6800 قبل الميلاد.
- ما قبل العصر الفخاري أو الينوليثي الثاني عام 5500 قبل الميلاد.
- العصر الينوليثي المتأخر ما بين 5000 - 4000 قبل الميلاد.
- العصر البرونزي.
أما الأقوام التي سكنت أريحا:
- العموريون الذين أقاموا على سطح التل في أوائل العصر البرونزي الأوسط.
- ثم تلاهم الهكسوس أو ملوك الرعاة عام 1750 قبل الميلاد.
- وقد أديرت أريحا كمركز إداري للفرس في القرن السادس قبل الميلاد وأصبحت ملاذ ملكي وقت الكسندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد.
- وقد ظهرت أول حكومة منظمة زمن الكنعانين وهم أقوام هاجرت من بلاد العرب إلى سوريا الطبيعية. وكانت أريحا من أهم مدنهم، وقد بنوا في فلسطين (111) قرية ومدينة، ولهم حضارة عربية كبيرة حيث بنوا القلاع والأسوار العظيمة واستخدموا الآنية والمواعين من النحاس والحديد والفضة والذهب.
- وفي أوائل القرن الثالث عشر غزا العبرانيون فلسطين حيث خرجوا من مصر وقضوا عدة سنوات في سيناء وفي منطقة شبه جزيرة العرب وابتدأوا بمهاجمة شرق الأردن حيث عبروا وادي الأردن على الأقدام من تلال مؤاب في الضفة الشرقية فأقاموا مخيم (آبل شتيم) ومن هناك غزوا فلسطين بقيادة يشوع بن نون بعد خروجهم من مصر بأربعين سنة واقترفوا في أريحا مجزرة كبيرة، فقد أهلك ساكنوها عن بكرة أبيهم (مائتي ألف نسمة) في عهد يشوع بن نون ودمرت المدينة، وفقاً لما جاء في الكتاب المقدس يشوع 6، 12، 13، من الأصحاح 1- 24 - 33-34.
- وازدهرت أريحا في عهد الرومان فشقوا القنوات وصدروا التمر، واكتسبت أريحا أهمية كبيرة في عهد السميح عليه السلام، إذ زارها المسيح نفسه وأبرأ فيها عيون أعميين وهما بريتماوس ورفقيه وزار فيها زكا العشار في بيته، وانتشرت المسيحية في المدينة في عهد قسطنطين الكبير 306 -337 بواسطة الرهبان والنساك الذين كانوا يقيمون في الأديرة والكنائس.
- ودخلت أريحا في حكم العرب المسلمين في القرن السابع الميلادي، وكانت في صدر الإسلام مدينة الغور وأهلها قوم من قيس وبها جماعة من قريش. وأخرج الرسول الرسول (ص) اليهود من المدينة لطغيانهم إلى الشام وأذرعات وأريحا. وفي نهاية الفتوحات الإسلامية أصبحت إحدى المدن لجند فلسطين.
- ولما أغار الصلبيون على فلسطين قضوا على التقسيم الإداري المذكور (جند فلسطين) وكانت أريحا تابعة لبطريركية القدس وكان الرهبان يفلحون أرضها، مما جعل أرنولد الصليبي يدفعها مهراً لأبنة أخيه "ايما" من يوستاي حتى تصبح خاضعة له وأصبحت مركزاً للجيش الملكي الصليبي بقيادة ريموند لصد هجمات الأيوبيين المسلمين، وبمقدم صلاح الدين أنسحب الصليبيون من أريحا حيث حررها مع بقية المدن الفلسطينة باستثناء عكا.
- وصارت المدينة زمن المماليك قرية صغيرة وهي إقطاع لمن يكون نائباً في القدس الشريف.
- وأثناء الحكم العثماني رفعت درجة أريحا من قرية إلى ناحية يقيم فيها حاكم يدعى المدير يتولى إدارتها وإدارة البدو والقرى المجاورة من متصرف القدس، وكانت الناحية الخامسة التي يتألف منها قضاء القدس.
- وفي عام 1920 أصبحت فلسطين تحت الانتداب البريطاني ، ومن ضمن مدنها أريحا بالطبع.
- في عام 1947، أصدرت الأمم المتحدة قرار لتقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين عربية ويهودية، وقد خضعت أريحا تحت السيطرة العربية. وبعد فترة قصيرة من إعلان اسرائيل استقلالها عام 1948، نشبت حرب بين الدول العربية واسرائيل، وتعرف هذه الحرب بالحرب العربية الاسرائيلية الأولى، والتي استمرت حتى عام 1949. ونتج عن هذه الحرب اقتلاع الفلسطينين من أراضيهم وبيوتهم ومصادرة ممتلكاتهم وتشريدهم إلى المخيمات وقد تدفق إلى أريحا الآف اللاجئين المشردين من بيوتهم وأراضيهم. ونتيجة لهذا التدفق الكبير من السكان الفلسطينيين ارتفع عدد السكان في أريحا ليصل إلى 120.000 ألف نسمة وازدهر اقتصادها في ذلك الوقت.
- ومنذ عام 1949 وحتى عام 1967، كانت أريحا تحت الحكم الأردني.
- بعد حرب الأيام الستة عام 1967، أريحا وباقي المدن الفلسطينية في الضفة الغربية احتلت من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي.
- في عام 1993 وقعت منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل اتفاقية إعلان مبادئ، واختيرت أريحا كنقطة بداية للحكم الذاتي الفلطسيني في الضفة الغربية.
- في شهر أيار مايو عام 1994، وقعت اتفاقية تطبيق في القاهرة حددت تفاصيل نقل السلطة من إدارة الجيش الاسرائيلي إلى السلطة الفلسطينية، وفقاً لهذه الاتفاقية فإن السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولة عن إدارة الشؤون الفلسطينية في مدينة أريحا والتي تتضمن مدينة أريحا وضواحيها والمخيمات المحيطة بها. بالإضافة إلى ممر صغير يمتد إلى شمال قرية العوجا. بينما تتولى الحكومة الاسرائيلية إدارة الشؤون المتعلقة بالأمن والحدود والشؤون الخارجية.
- الوضع النهائي لمدينة أريحا تقرر أن يكون في إطار السياق العام للمفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة والتي من المفروض أن تنتهي عام 1999.
- في شهر أيلول 2000، اندلعت انتفاضة الأقصى المباركة بسبب زيارة شارون للمسجد الأقصى المبارك، وتحديه السافر لمشاعر المسلمين في فلسطين وخارجها، وبسبب تنكر الحكومات الإسرائيلية المتعابقة للأتفاقات الموقعة ما بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الوطنية الفلسطينية. وقد قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بحصارالمدن وإغلاقها وعزل المدن الفلسطينية عن بعضها البعض وعزل قرى المدينة الواحدة عن بعضها البعض. والحصار والإغلاق ما زال مستمراً على أريحا والمدن الفلسطينية الأخرى منذ ذلك الحين ولغاية الآن.