أيها الإخوة: مهما تعاظم الأعداء ، وتكاثرت عددهم ، واختلفت أساليبهم ، فإن نصر الله قريب آتٍ لا محاله , لا رادَّ لأمره و لا معقب لحكمه سبحانه وتعالى .
لكـنه يبتلي عباده المؤمنين،ولا ينصرهم ويمكنهم حتى تحصل لهم جولات من الإبتلاء والتمحيص بها يزكو إيمانهم ، وتعلو همتهم ، وتستوي نفوسهم ، وتصبح مهيأة للريادة ، والقيادة .
إن النصر و الغلبة ( ثمرة عظيمة ) يطلبها جميع الناس ، ولكنها لا تُجتنى إلا بعد نصبٍ وكد ومقاساة ، ونصر الله لا يؤتى لضعاف الإيمان ، مهين الأنفس والعزائم ، بل لابد من اكتمال الأهلية والترقي في مدارج الإيمان والعلم والصبر والابتلاء ، فحينئذ تستوجب الفئة المؤمنة نصر الله كما أوجبه على نفسه سبحانه و تعالى :
فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين
وقال تعالى : إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم
فتحقيق الإيمان واستقامة المؤمنين وصبرهم على الشدائد طريق إلى انتصارهم وغلبتهم ، والمهم أن لا يدب اليأس والخمول إلى نفوس المؤمنين إذا استبطأ النصر ، وعظمت الأرزاء ، إن تلك سنة الله فى عبادة يبلوهم ويختبرهم ليبين جيدهم من رديئهم ، وصالحهم من فاسقهم ، وصابرهم من جازعهم ، والله المستعان .
وفى الصحيح لما شكا خباب رضى الله تعالى عنه ما لقوا من المشركين من شدة، قال له عليه الصلاة والسلام :
((والله ليتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حَضرمَوت ، لا يخافُ إلا اللهَ والذئبَ على غنمه ، ولكنكم تستعجلون )) .
فأهل الإيمان منصورون مهما اسودت الحياة وتضخم الباطل ، وتحزب الكفار ، هذا ميثاقٌ مؤكد ، ووعدٌ مبرم ، لا ينحل ولا يتخلف ، فلماذا الخوف ، والإنهزام ، والتقهقر واليأس ؟!!
(( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ))
اللهم انصرنا ولا تنصر علينا ، وامكر لنا ولا تمكر علينا ، واهدنا و يسر الهدى لنا ،
وانصرنا على من بغى علينا ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
مَنْ هؤلاء الذين اذا ذُكر اللهُ وجلت قلوبهم؟! أي خافت وارتعدت ، إنهم عباد الله المؤمنون، الذين آمنوا بالله فوحدوه ، وعبدوه واتقوه ، تقشعر نفوسهم ، وتفزع قلوبهم لذكر الله ومواعظه وبيناته فهم معظمون لآيات ربهم وذكره ، وقافون عند حدوده وفرائضه ، تَعِظهم الأوامر والآيات وتزجرهم النواهي والتهديدات فهم كما قال تعالى فى موضع آخر: تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله وهم من عباد الرحمن الخيار والذين اذا ذُكِّروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً لقد حيت قلوب هؤلاء المؤمنين واتسعت لآيات القرآن لما حوته من السلامه والطهارة وصدق التوجه فكانوا مؤمنين قولاً وعملاً ، ومتقين باطناً وظاهراً .وهذا الوصف السامي للمؤمنين حقاً ، أول وصف من أوصاف خمسة أولاها: خوف قلوبهم وارتعادها عند ذكر الله .ورجوعها عند الغفلة والخطيئة كما قال تعالىوالذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ، ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون وكقوله تعالى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى قال بعـض المفسرين : هو الرجل يريد أن يظلم أو يهم بمعصية فيقال له اتق الله فيوجل قلبه. ثانيها: و إذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً ثالثها: وعلى ربهم يتوكلون أى معتمدون على الله ومفوضون أمرهم إليه ، فلا يرجون سواه ولا يقصدون إلا إياه ولا يلوذون إلا بجنابه ، ولا يطلبون الحوائج إلا منه ، ولا يرغبون إلا إليه ، ويعلمون أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وأنه المتصرف في الملك وحده لا شريك له ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب . ولهذا قال سعيد بن جبير رحمه الله : التوكل على الله جِماع الإيمان. رابعها : الذين يقيمون الصلاة ومن صفاتهم إقامة الصلاة على وجهها الشرعي الحسن دون نقص أو إخلال. خامسها : ومما رزقناهم ينفقون ً يبذلون من مال الله الذي آتاهم فهي ودائع وعوارٍ عندهم يوشك ان يفارقوها وتكون لمن بعدهم . وفي هذه الآية إشارة إلى أن الله لم يكلفهم بذل المال كله في وجوه الخير بل أمرهم بشئ منه سواء كان في الصدقة الواجبة ،أو في التطوعات المختلفة ، وهذا من رحمة الله وتيسيره على عباده . اللهم أحي قلوبنا بالايمان وذكرها بالقرآن ، يا أرحم الراحمين ويا أكرم الاكرمين وصلى الله وسلم على سيد الأولين والآخرين وعلى صحبة أجمعين .
الطاعة المطلقة لله عز وجل بأمره ونهيه وشرائعه ولرسوله يما جاء به، وولي الأمر منكم لم يسبقها عز وجل بكلمة "وأطيعوا" والطاعة بالمعروف، وليست لكل ولي أمر، وكلمة "منكم" حددت من هو ولي الأمر الذي تجب طاعته ممن لا تجب طاعته، فهل هنالك طاعة لولي الأمر الذي يأتي به اليهود والكفار وولي الأمر الخائن الذي فرض علينا وعينه لنا وإستعمله علينا أعداء الدين وولي الأمر الذي جاء على ظهور الدبابات لبلاد المسلمين وولي الأمر الذي ينحدر من أصول يهودية وولي الأمر الجاهل أوالطاغية أو الذي يبيع الأوطان أو الذي يقتل مئات الآلاف من المسلمين الموحدين أو الذي يتأله علينا والذي يريد أن يودي بنا إلى التهلكة إلخ..؟!.
هنا تأتي الدقة في اللفظ القرآني والفهم السليم لكلام الله عز وجل.
والخلاف والنزاع الذي يحدث فيرجع به المؤمنون إلى كتاب الله وسنة رسوله فذلك خير وأحسن تأويلا.
تفسير بائع الأمراء الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله
59 - < < النساء : ( 59 ) يا أيها الذين . . . . . > } 2 < أطيعوا الله > 2 ! في أمره ونهيه . ! 2 < وأطيعوا الرسول > 2 ! في حياته ، أو |
| باتباع سنته . ! 2 < وأولي الأمر > 2 ! نزلت في الأمراء بسبب عبدالله بن حذافة بعثه | الرسول صلى الله عليه وسلم في سرية أو في عمار بن ياسر بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم في سرية ، أو | نزلت في العلماء والفقهاء ، أو في الصحابة ، أو في أبي بكر وعمر - رضي الله | تعالى عنهما - وإنما طاعة الولاة في المعروف . ! 2 < إلى الله > 2 ! كتاب الله - تعالى - | وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ! 2 < تأويلا > 2 ! أحمد عاقبة ، أو أبين صوابا ، وأظهر حقا ، أو أحسن | من تأويلكم الذي لا يرجع إلى أصل ، ولا يفضي إلى حق . | ^