من أخطر موضوعات الدعوة إلى الله عزّ وجل: موضوع الإخلاص, لأن النبي عليه الصلاة والسلام في حديثٍ صحيح متواترٍ, يُعّدُ أصلاً من أصول الدين :
عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
((سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ, وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى, فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا, أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يتزوجها, فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ))
[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح]
قيمة العملِ تنبع من نيتك .
كما قال بعض أخوتنا الأكارم: الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن
من لم يكن له ورعٌ يصده عن معصية الله إذا خلا, لم يعبأ الله بشيءٍ من عمله.
العمل يستوي في الظاهر وفي الباطن, والرياء أن يكون الظاهر خيراً من الباطن، والصدق في الإخلاص أن يكون الباطن خيراً من الظاهر, إذا استوى الظاهر مع الباطن، إذا استوت عبادتك في خلوتك كعبادتك في جلوتك, إذا استوى عملك في السر كعملك في العلانية، إذا استوى ظاهرك مع باطنك فأنت مخلص, الحد الأدنى الأساسي أن يستوي الظاهر مع الباطن، السريرة مع العلانية.
قال بعضهم: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الحق, مشغولٌ بالله عمّا سِواه ، ومن تزيّنَ للناسِ بما ليسَ فيه سقطَ من عين الله, ولئن يسقط الإنسان من السماء إلى الأرض فتنحطم أضلاعه, أهون من أن يسقط من عين الله .
﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾
[سورة البينة الآية: 5]
أمِروا أن يعبدوا الله مخلصين، الحالة الداخلية هي الإخلاص, والحالة الخارجية هي العبادة ، وآية أخرى: يقول الله سبحانه وتعالى :
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ﴾
[سورة الزمر الآية: 2]
وفي آية ثالثة:
﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي﴾
[سورة الزمر الآية: 14]
وفي آية رابعة:
﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾
[سورة المُلك الآية: 2]
الفضيلُ- رحمه الله تعالى- فسّرَ:
﴿أيّكم أحسن عملاً﴾
أن يكون العمل صواباً وخالصاً؛ صواباً وفق السُنّة، وخالصاً ما ابتغي به وجه الله .
وفي آية أخرى:
﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾
[سورة الكهف الآية: 110]
الإشراك هنا إشراكٌ في النيّة, فمن كان يرجو لقاء ربه, فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً, لا يشرك في قصده ولا نيّته أحداً مع الله عزّ وجل .
وفي آية أخرى يقول الله عزّ وجل :
﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾
[سورة النساء الآية: 125]
فإسلام الوجهِ لله عزّ وجل إسلامٌ القصد والعمل للهِ عزّ وجل، والإحسان متابعة النبي عليه الصلاة والسلام .
آيات كثيرة كلها حولَ محورٍ واحد: أُمرتَ أن تعبد الله وأن تكون هذه العبادة في إخلاصٍ لله عزّ وجل.