على جذع زيتونة
لأني كل يوم عرضة لأوامر
التوقيف
وبيتي عرضة لزيارة البوليس
للتفتيش والتنظيف
لأني عاجز أن أشتري ورقا
سأحفر كل مل ألقي,
وأحفر كل أسراري,
على زيتونة في ساحة الدار
سأحفر رقم كل قسيمة
من أرضنا سلبت
وموقع قريتي,وحدودها
وبيوت أهلها التي نسفت
واشجاري التي أقتلعت
وكل زهيرة برية سحقت
وأسماء الذين تفننوا
في لوك أعصابي واتعاسي
ونوع كل كلبشة
شدت على كفّي
ودوسيهات حرّاسي
وكل شتيمة صبّت على لرأسي
وأسماء كل السجون وأحفر
كفر قاسم لست أنساها وأحفر
دير ياسين تشرّش فيّ ذكراها
وأحفر!
قد وصلنا قمّة المأساة
لاكتنا ولكناها
ولكنّا...وصلناها
لكي أذكر سأبقى قائما أحفر
جميع فصول مأساتي
كل مراحل النكبة من الحبة
الى القبّة
على زيتونة في ساحة الدار
هذا الادب الفلسطيني والابداع الممزوج بالدم و السلاح والسجن و الجراح هو من اروع ادب العالم لانه يحكي قصة شعب و اي شعب انه شعب الجبارين.
تابعي توليب فمؤلم ما نقرأ ونسمع ولكن يجب علينا ان نتألم كل يوم حتى لا ننسى او نتناسى ذلك الجرح الدامي في خسرة كل واحد منا.
أنا لا أحب القطط!
أمسك الرجل الأشقر بالقطّة الصغيرةوألقى بها من النافذة لتسقط في حاوية قمامة، ثم راح يتفرج مع زوجته "أستر" على غرف البيت الكبير الجديد..
القطّة الصغيرة، التي طردت من البيت الذي ولدت فيه، وعاشت في خيره، بحثت بحواسها الضعيفة عن أصحاب البيت فلم تجدهم، أخذتهم المنافي إلى الشتات، كما ستأخذها بعد أن عانت من الجوع والبرد..
أصبحت بعد أيام من التشرّد شبحاً مريضاً ضعيفاً، تبحث عن لقيمات في مكبات الفضلات، وتكاد تلفظ أنفاسها خوفاً وغربة ووحشة.
عجوز أشفقت عليها، حملتها إلى بيتها وشاركتها اللقمة والدفء والأمان، اعتنت بها وفتحت لها كل أركان بيتها المتواضع ضيفة عزيزة، فأحست بالأمان..
في صباح يوم حزين، ماتت المرأة العجوز فحزنت القطّة عليها حزناً جارفاً وأقامت على قبرها ثلاثة أيام لا تفارق ولا تبتعد..
في مساء اليوم الثالث، لم تعد تطيق قسوة الجوع، نبشت التراب عن جثة سيدتها العجوز.. وراحت تأكل من عينيها بتلذذ..!
«أزهر الحزن يا عائشة، أزهر الحزن.. البيت طار، نسفوه.. نسفوه يا عائشة.. والولد راح، قتلوه، قتلوه يا عائشة.. والآن قولي لي ماذا أفعل يا بنت الحلال.. هل أقف هكذا طويلا أمام ركام البيت أندب حظي وأبكي ولدي.. أولاد الكلب لم يتركوا لنا شيئاً.. لو كان باستطاعتهم أن يسحبوا الهواء حتى لا نتنفس.. لسحبوه.. ماذا أفعل يا عائشة.. ما عاد عندي صبر.. أشعر بالذهول يا عائشة.. زمن مثل القطران.. الشيب صار ملء العمر يا عائشة.. ماذا أفعل يا بنت الحلال.. ماذا أفعل يا عائشة.. ماذا أفعل؟؟»
هذا الصباح لم تقم عائشة لترتب الخيمة كما كانت تفعل كل يوم, كانت تنظر إلى البيت القريب المكوم على بعد أمتار وتتنهد, تحاول قدر المستطاع أن تشرح لعبد المجيد أن ذهوله هذا لا يفيد, لكن دون جدوى..
كان يروح ويجيء وكأنه مربوط بخيطان تحركه من بعيد, كلامه ما عاد مفهوماً, تصرفاته صارت أغرب من أن تفسر, ينظر في وجهها طويلا ويتنهد, يدور حول ركام البيت وينوحينادي الولد الذي استشهد بصوت مجروح, يطلب منه أن يقوم ليرى ماذا فعل أولاد الكلب بهم, وعائشة اليوم لم تقم, وحده كان يطلق كلماته في الفضاء المخنوق..
الولد مثل كل أولاد المدينة حمل الحجارة ورماها على المحتلين, والولد مثل كل أولاد المدينة هرب من رصاصهم والنار, كان يراهن أن الصباح سيلد عصفورا بجناحين من ذهب, وكان يراهن أن البحر سيعود جميلا كما كان, وأن عروس البحر ستطل ذات يوم وتغني أغنيتها الساحرة, يقول الأصحاب يا مصطفى أنت ولد كثير الأحلام, مشكلتك أنك وحيد والديكعرفت الدلال حتى مللته..
كان يغضب ويصرّ على أنه مثل أي واحد منهم, وما كان يهمه غضب الوالد والوالدة حين يفر لاهثاً من أزيز الرصاص..
كان يعانق أباه وأمه ويضحك من خوفهما, رصاصة واحدة كانت كافية لتدلق شلال الدم على الأرض, رصاصة واحدة كانت كافية لتجعل عائشة وعبد المجيد في حالة ذهول, وطار البيت, صار خيمة لا أكثر ولا أقل..
عبد المجيد يحوم حول عائشة ويحكي, عائشة تركت كل شيء ورحلت بعد أن ملتْ هذا العالم المليء بالظلم, ومصطفى وحيد والديه صار عصفورا يحط على أسلاك الكهرباء ويحاول أن يقول للوالد الذاهل أن عائشة ما عادت معه وأنها لن تعود, وحدها الخيمة كانت تئن من برد ورعد وزمهرير..
وحدها الخيمة كانت تشكو من كثرة الثقوب والشقوق والجراح, خيمة من قماش لا يحتمل مثل هذه العواصف, لذلك قررت أن تفعل شيئا, وقبل أن تنفذ كانت طعاما للريح, الخيمة طارت, لم تأخذ عائشة الممددة معها, ولم تأخذ عبد المجيد الذاهل معها..
أراد العصفور الواقف هناك على أسلاك الكهرباء أن يعود ولداً، فما استطاع, أرادت الخيمة التي صارت قشة في مهب الريح أن ترجع، فما استطاعت, أراد عبد المجيد أن يأخذ عائشة إلى مكان آخر أكثر دفئاً وأماناً، فما استطاع, وحده الرصاص كان يلعلع في الجوّ, وحدهم جنود الاحتلال كان يطيب لهم المنظر، وكانوا يضحكون, يقتربون من عبد المجيد الذاهل ويضربونه على رأسه لمجرّد التسلية ليس إلا, خمسة كانوا, اللعبة أعجبتهم فصاروا يمرون كل يوم ويضربون عبد المجيد على رأسه كل يوم, ويأمرونه أن يدفن عائشة كل يوم..
العصفور الواقف على الأسلاك كان غاضباً, والركام الذي كان بيتاً في يوم مضى كان غاضباً, والخيمة التي لاكتها الريح ومزقتها كانت غاضبة, حتى الجثة التي كان اسمها عائشة كانت غاضبة, والأرض التي تلقت قطرات الدم من رأس عبد المجيد مرات ومرات كانت غاضبة., وحده كان صامتاً, يجيء الجنود الخمسة ويذهبون ويبقى صامتاً، يضربونه بتلذذ على رأسه ويبقى صامتاً, عيناه صارتا جمرتين, يداه صارتا خيمتين، والقلب صار طيراً من نار..
لا شيء تغير في المكان, الركام ما زال ركاما فقط تحركت بعض الأشياء وتبدلت, العصفور الذي يقف على أسلاك الكهرباء ما زال هناك, لكنه لأمر ما كان ينفش ريشه ويضحك..
والخيمة التي لاكتها الريح ورمتها بعيداً قطعاً ما زالت كما كانت, لكنها لأمر ما تفخر أنها ضمت عبد المجيد وعائشة فيما مضى..
عائشة واراها التراب وأصبح لها قبر مزين بأغصان طرية من شجر قريب, صار قبرها قوياً صلباً يستطيع أن يقاوم الرياح والزوابع والبرد..
وحده عبد المجيد غاب, ما عاد يعرف أحد أين هو, قلبوا الأرض بحثاً عنه فما وجدوه, صار حكاية وأسطورة, وهناك قرب ركام البيت في حفرة للقمامة والأشياء المتعفنة كانت خمس جثث لجنود كانت أحذيتهم مثقوبة, وكانت الضحكات قد غادرت وجوههم إلى الأبد..
مواسم متتالية من القحط والجفاف مرّت على الغابة التي كانت عامرة بالخير والجمال والحب، والأمان.
لا مراعي، ولا ماء، ولا طعام، حتى صارت الحيوانات تتقاتل فيما بينها، يأكل قويّها الضعيف، لكنها في لحظة يأس، تنادت للبحث عن مخارج من هذه المأساة التي أوشكت أن تفتك بهم..
سيد الغابة القويّ يحتكر الطعام، مخازنه زاخرة بصنوف شتى، أغرت مجموعة من الحيوانات على التفكير بطريقة يقلبون نظام حكمه، ويستولون على الخيرات المخزونة في دائرة سيطرته، وقد وصلت بهم الحال إلى رسم مكيدة يستولون من خلالها على حكم سيد الغابة، وينعمون بأرزاق الغابة، وجرى الاتفاق بين الضبع، والثعلب، والجرذ على تنفيذ مكيدتهم بأن كلّفوا أرنباً كبيراً أن يأتيهم برأس سيد الغابة، وجلسوا ثلاثتهم يتقاسمون سلفاً الأرزاق التي ستأتي، ولم يغب عن مكرهم أن يفترسوا الأرنب بعد أن ينهي مهمته.
كان الصراع بينهم على الاقتسام كبيراً وهائلاً، فمنهم من أراد أن يمتلك حكم الغابة، ومنهم من أراد أن يستقلّ بخيرات الغابة، ومنهم من أراد جرّ قبيلته لاحتلال الغابة.
لكنهم جميعاً اتفقوا وتوافقوا على انتظار الأرنب والبشرى الكبيرة.
كانوا غارقين بأحلامهم حتى الثمالة، لكنهم استكانوا بانتظار جلاء الصورة التي بانت سريعاً، بل أسرع من كلّ توقّعاتهم، فقد جاء سيد الغابة بخيلاء، يحمل بين أنيابه جيفة الأرنب، وسرعان ما بطش بهم جميعاً..
لا أُحبُّكَ، لا أكرهُكْ
قال مُعْتَقَلٌ للمحقّق:- قلبي مليء
بما ليس يَعْنيك. قلبي يفيض برائحة المَرْيَميّةِ.
قلبي بريء مضيء مليء،
ولا وقت في القلب للامتحان. بلى،...
لا أُحبُّكَ. مَنْ أَنت حتَّى أُحبَّك؟
هل أَنت بعضُ أَنايَ، وموعدُ شاي،
وبُحَّة ناي، وأُغنيّةٌ كي أُحبَّك؟
لكنني أكرهُ الاعتقالَ ولا أَكرهُكْ
هكذا قال مُعْتَقَلٌ للمحقّقِ:- عاطفتي لا تَخُصُّكَ.
عاطفتي هي ليلي الخُصُوصيُّ...
ليلي الذي يتحرَّكُ بين الوسائد حُرّاً من الوزن والقافيةْ!