الأحاديث المبشرة بالرخاء الذي يصيب المسلمين في آخر الزمان (2-3)
الأحاديث المبشرة بالرخاء الذي يصيب المسلمين في آخر الزمان (2-3) - الأحاديث المبشرة بالرخاء الذي يصيب المسلمين في آخر الزمان (2-3) - الأحاديث المبشرة بالرخاء الذي يصيب المسلمين في آخر الزمان (2-3) - الأحاديث المبشرة بالرخاء الذي يصيب المسلمين في آخر الزمان (2-3) - الأحاديث المبشرة بالرخاء الذي يصيب المسلمين في آخر الزمان (2-3)
الأحاديث المبشرات بنصر الاسلام والمسلمين
-16-
الأحاديث المبشرة بالرخاء الذي يصيب المسلمين في آخر الزمان (2-3)
د. محمد أبو صعيليك
- حديث عوف بن مالك رضي الله عنه:
عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهو في خباء أدم، فجلست في فناء الخباء، فسلمت فرد فقال أدخل يا عوف، فقلت: كلي فقال كلك، فدخلتُ فوافقته يتوضأ وضوءاً مكيثاً، ثم قال: يا عوف احفظ خلالاً ستاً بين يدي الساعة، إحداهن موتي، قال عوف: فوجمتُ عندها وجمةً شديدةً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل: إحدى، فقلت: إحدى، ثم قال: فتح بيت المقدس، ثم يظهر فيكم داء، ثم استفاضة المال فيكم حتى يعطى الرجل منكم مائة دينار، فيظل ساخطاً... الحديث.
تخريج الحديث: روى هذا الحديث: البخاري، وأبو داود، وابن ماجة، وأحمد، والمقدسي في فضائل بيت المقدس، والربعي في فضائل الشام، الطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي في السنن الكبرى، وفي دلائل النبوة، وابن منده في الإيمان، ابن حبان في صحيحه.
غريب الحديث:
وجمت: سكت.
- حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ست من أشراط الساعة: ومنها: وأن يعطى الرجل ألف دينار فيتسخطها...).
تخريج الحديث: روى هذا الحديث، أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وقال الهيثمي في المجمع: وفي النهاس بن فهم وهو ضعيف.
درجة الحديث: سنده ضعيف لضعف النهاس بن فهم، وشداد بن عمار لم يدرك معاذاً، لكن يشهد له حديث عوف بن مالك آنف الذكر، وما في الباب فيكون الحديث حسناً لغيره، والله أعلم.
- حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه:
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: دخلتُ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ وضوءاً مكيثاً فرفع رأسه، فنظر إلي، فقال: ست فيكم أيتها الأمة:... ويفيض المال فيكم حتى إن الرجل ليعطى عشرة آلاف فيظل يتسخطها).
تخريج الحديث: روي هذا الحديث: الإمام أحمد في مسنده.
درجة الحديث: سنده ضعيف لتدليس أبي جناب الكلي، لكن يشهد له حديث عوف السابق وما في الباب، وبه فيكون الحديث حسناً لغيره والله تعالى أعلم.
- حديث حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه:
عن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تصدقوا فسيأتي عليكم يوم يمر أحدكم بصدقته فلا يجد من يقبلها، يقول: فهلا قبل اليوم، فأما اليوم فلا حاجة لي فيها).
تخريج الحديث: روى هذا الحديث البخاري في صحيحه، مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والنسائي في سننه، والطبراني في المعجم الكبير، والداني في السنن.
- حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه:
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وليفيض المال حتى يهم الرجل من يقبل منه ماله صدقة).
تخريج الحديث: روى هذا الحديث: البخاري في صحيحه، وأحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه.
حديث عمرو بن عوف رضي الله عنه:
عن عمرو بن عوف رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين، وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فتعرضوا له، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ثم قال: أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين فقالوا، أجل يا رسول الله، قال فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم.
تخريج الحديث: روى هذا الحديث الإمام البخاري في صحيحه، الإمام مسلم في صحيحه، أحمد في مسنده، الترمذي في سننه، وابن ماجة في سننه.
- حديث أبي الدرداء رضي الله عنه:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر الفقر ونتخوفه فقال: الفقر تخافون؟ والذي نفسي بيدي لتصبن الدنيا عليكم صباً حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاغة إلا هي، وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها ونهارها سواء.
تخريج الحديث: روى هذا الحديث: ابن ماجه في سننه، وابن أبي عاصم في كتاب الزهد.
غريب الحديث:
- إزاغة: أي إمالة عن الحق.
- لقد تركتكم: أي ما فارقتكم بالموت، فصيغة الماضي بمعنى الاستقبال، أو قد اجتهدتُ في إصلاح حالكم حتى صرتم على هذا الحال التي تركتكم عليها، واشتغلتُ عنها بأمور أخرى كالعبادة، فصيغة الماضي على معناها.
الأحاديث المبشرة بالرخاء الذي يصيب المسلمين في آخر الزمان (3-3)
د. محمد أبو صعيليك
- حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه:
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج يوماً على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: إني فرط لكم على الحوض، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، إني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، وإني والله ما أخاف بعدي أن تشركوا، لكن أخاف أن تنافسوا فيها.
تخريج الحديث: روى هذا الحديث البخاري في صحيحه، ومسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده.
غريب الحديث:
- صلاته على الميت: أي مثل صلاته على الميت.
- فرطُ لكم: أي سابق لكم.
- ما أخاف عليكم أن تشركوا: أي على مجموعكم، لأن ذلك قد وقع من البعض أعاذنا الله تعالى.
- قال النووي: المراد بالصلاة هنا الدعاء وأما كونه مثل الذي على الميت، فمعناه أنه دعاء لهم بمثل الدعاء الذي كان من عادته أن يدعو به للموتى.
- يقول الإمام النووي: "وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن معناه الإخبار بأن أمته تملك خزائن الأرض، وقد وقع ذلك، وأنها لا ترتد جملة، وقد عصمها الله تعالى من ذلك، وأنها تتنافس في الدنيا، وقد وقع كل ذلك".
- حديث أبي ذر رضي الله عنه:
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قام رجل فقال: يا رسول الله أكلنا الضبع، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أخوف عليكم من ذلك عندي أن يصب عليكم الدنيا صباً.
تخريج الحديث: روى هذا الحديث: أحمد في مسنده، وابن أبي عاصم في الزهد، والبزار في مسنده، والطبراني في المعجم الأوسط.
درجة الحديث: رجاله ثقات وسنده صحيح، والله أعلم.
غريب الحديث:
السنة: الجوع.
- حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه:
عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال: سمعت الأنصار أن أبا عبيدة قدم بمال من البحرين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى البحرين، فوافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما انصرف تعرضوا له، فلما رآهم تبسم، وقال: لعلكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم وقدم بمال؟ قالوا: أجل يا رسول الله، قال: أبشروا وأملوا خيراً فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن إذا صبت عليكم الدنيا صباً، فتنافسوها كما تنافسها من كان قبلكم.
تخريج الحديث: روي هذا الحديث: الإمام أحمد في مسنده.
درجة الحديث: رجاله ثقات وسنده صحيح
- حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، ثم لا يجد أحداً يأخذها منه، ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن به من قلة الرجال وكثرة النساء.
تخريج الحديث: روى هذا الحديث: الإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم في صحيحه.
غريب الحديث:
- من الذهب: خصه بالذكر مبالغة في عدم من يقبل الصدقة.
- يلذن: يأوين ويحتمين.
تعقيب على الأحاديث السابقة:
في هذه الأحاديث والأحاديث التي ذكرناها في الحلقة الماضية؛ بشارة للأمة المسلمة في مختلف أجيالها، وتباعد أقطارها، بالرخاء الاقتصادي الذي ستنعم به في أيامها القادمة، وقد رأى الصحابة بعض هذا الرخاء، وستراه الأمة في قادمات الأيام، لكنه لن يكون بمعزل عن النصر العسكري والوحدة السياسية التي ينعم بها المسلمون في الأيام القادمة، وهذا يملأ قلوب المؤمنين بشراً وأملاً بتحقق وعد الله تعالى لها بالتمكين في الأرض.
ومن مقتضيات التمكين؛ استقلال الأمة في مواردها الذاتية، وحالة الرخاء التي تكون فيها، فإن الأمة التي لا تملك مواردها لا تملك قرارها، ونقول هذا لأمتنا الآن، وهي لا تملك قرارها الاقتصادي فضلاً عن القرار العسكري والسياسي؛ لأن من يملك أفواه الجائعين يملك قيادهم، ويملك بطونهم، ويملك قراراتهم كلها.
وهذه الأحاديث تبشر الأمة المسلمة الآن بأنها سوف تملك مواردها واقتصادها في يوم من الأيام حيث تحكم بالإسلام وعندها ينصرها الله تعالى على أعدائها ويقوي شوكتها عليهم، وما ذلك ببعيد بل هو قريب بعون الله تعالى. والله المستعان.
بهذا ننتهي من سرد الأحاديث النبوية الشريفة التي تبشر الأمة المسلمة بفتح المال عليها في أخريات أيامها، وذلك وفق الشرط الذي شرطنا. وبعد هذا ننتقل إلى مبحث آخر من مباحث المبشرات بعون الله تعالى.
هناك أحاديث شريفة تبشر بالنصر في أحوال خاصة سوى الأحوال التي ذكرنا سابقاً، وهذا مبحث قد عقدناه لهذه الغاية، لنذكر فيه تلك الأحاديث النبوية الشريفة التي لا تدخل تحت الأبواب السابقة، وهذه الأحاديث المراد ذكرها والتي يراعى فيها ما شرطناه في مقدمة هذا الكتاب من ذكر الأحاديث الصحيحة والحسنة، وسنذكرها بعون الله تعالى كما يلي:
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وقعت الملاحم بعث الله بعثاً من الموالي هم أكرم العرب فرساً وأجوده سلاحاً، يؤيد الله بهم الدين.
تخريج الحديث: روى هذا الحديث: ابن ماجة في سننه، ونعيم بن حماد في كتاب الفتن، والحاكم في المستدرك.
تعقيب على الحديث:
يحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن بشارة عظيمة لهذه الأمة بتأييد الله تعالى لهذا عند الشدائد والملاحم ببعث من الموالي وصفهم بأنهم أكرم العرب فرساً وأجدهم سلاحاً، وقد ورد في بعض روايات الحديث أنهم من دمشق، وهذا يفيد أن نصر المسلمين في آخر الزمان إنما يكون بقدر الله تعالى على يد أهل الشام والتي هي محشر الناس، ومكان رباطهم، ومهوى أفئدتهم، الشام بعمومها التي تشمل فلسطين والأردن وسوريا ولبنان، ستكون منطلقاً لفئات يؤيد الله تعالى بها هذا الدين يقال هذا للمسلمين الآن مع أن في قلوبهم لوعة، وفي حلوقهم غصة، لغلبة يهود على فلسطين والقدس، ولتخاذل الناس الآن عن تحصيل حق الأمة الذي أضيع لكن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا يلقي برد اليقين في القلوب بأن ما كان الآن سيغير وما بناه الأعداء سيدير، وسيكون أهل الشام وفلسطين في كل وقت وحين أهل نجدة لأهل هذا الدين عند كل ضائقة وفي كل شدة وملمة، هكذا وعد نبينا صلى الله عليه وسلم ووعده حق وصدق، ولن يتخلف الوعد بعون الله تعالى.
- حديث أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما:
عن أبي ثعلبة الخشني عن أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله بدأ هذه الأمة نبوة ورحمة، وكائناً خلافة ورحمة، وكائناً ملكاً عضوضاً، وكائناً عتواً وجبرية، وفساداً في الأمة، يستحلون الفروج والخمور الحرير، وينصرون على ذلك، ويرزقون أبداً حتى يلقوا الله عز وجل.
تخريج الحديث: روى الحديث: أبو يعلى في مسنده والبزار في مسنده والطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي في دلائل النبوة، والطيالسي في مسنده، وعزاه في المطالب إلى إسحاق في مسنده.
تعقيب على الحديث:
في هذا الحديث الشريف بشارة عظيمة للأمة بدوام النصر والرزق لها، على الرغم مما تقترفه من عظائم الأمور وهذا ليس إلا لهذه الأمة، هو يذكر الأمة بأن النصر والرزق نعم من نعم الله تعالى، ولا بد لهذه النعم من شكر حتى تدوم، وإن أعلى الشكر العودة عن المعاصي وترك الذنوب، وكيف لا وربنا يقول (لئن شكرتم لأزيدنكم).
وهذا يدلل أيضاً على أنه إن انحرف الحكام، فإن في الأمة الخير الكثير الذي لأجله ينصر الناس ويرزقوا، فوجود هؤلاء يؤخر العذاب عن أصحاب عظائم الذنوب ويأتي بالنصر لمجموع الأمة كما يأتي بالرزق، وهذا مزيد تفضل من الله تعالى على هذه الأمة، فعلى الرغم من معاصي ولاة أمرها وإفسادهم، إلا أن الله تعالى يكتب لها النصر والرزق، هذا فضل ما بعده فضل، فهل تشكر الأمة، وتعمل على إصلاح حالها والعودة إلى سالف عهدها؟
وفي هذا أيضاً إلماحة إلى شرط الله تعالى في دفع العذاب العام عن هذه الأمة حيث قال: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون).
وهذا نموذج من نماذج تخلف العذاب العام عن الأمة بسبب وجود فئة صالحة فيها، رغم وجود انحراف الفئة التي تدير سدة الحكم فيها، وهذا يدل على أن أهل الإيمان هم ضمانة المجتمع من الهلاك، فيجب أن يسمع لرأيهم ويقتدي بهم ولا تحاك ضدهم المكائد، ولا ترصد لهم الدسائس، إن أراد المجتمع أن يحميه الله تعالى وإلا فسوف يهلك إن قل الخيرون فيه، والله المستعان.
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا الأمر بدأ نبوة ورحمة، ثم يكون خلافة ورحمة، ثم يكون ملكاً عضوضاً، يشربون الخمر، ويستحلون الفروج، وينصرون ويرزقون حتى يأتيهم أمر الله.
تخريج الحديث: روى هذا الحديث ابن أبي شيبة كما في المطالب، والخطابي في غريب الحديث، ونعيم بن حماد في كتاب الفتن.
غريب الحديث:
أمر الله: الموت.
- حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد مليء جناناً.
تخريج الحديث: روى هذا الحديث الإمام مسلم في صحيحة، ومالك في الموطأ وأحمد في مسنده، ابن إسحاق في السيرة، والبيهقي في الدلائل، وأبو نعيم في الدلائل، والطبري في التاريخ.
غريب الحديث: جناناً: أي بساتين وعمراناً.
تعقيب على الحديث:
في هذا الحديث بشارة عظيمة لهذه الأمة بأن تكون الأرض القاحلة التي لا تنبت شيئاً جنات وبساتين في يوم من الأيام، وهذا منه صلى الله عليه وسلم لفتة إلى جانب من جوانب النصر التي تحققت للأمة، وهو جانب الاكتفاء الاقتصادي والمعيشي، والذي على أساسه يمكن للأمة أن تمسك بزمام قرارها السياسي فإن من ملك قوته ملك قراره، ومن لم يملكه كان أسير من يطعمه، هذه البشارة النبوية تتبدى بعض دلائلها في أيامنا هذه فها هي تبوك التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي قاحلة، ها هي الآن منطقة زراعية تكثر فيها المزروعات، وتحدث البحوث العلمية أن هذه المنطقة تبوك والديسة تقع فوق بحر من الماء العذب، والله أعلم.
- حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لتملأن الأرض ظلماً وجوراً حتى لا يقول أحد: الله الله، ثم لتملأن قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
تخريج الحديث: روى هذا الحديث: الداني في السنن الواردة في الفتن، عبد الرزاق في المصنف.
تعقيب على الحديث:
في الحديث بشارة عظيمة للأمة بتخلصها من الظلم والجور الذي ذاقته، وعانت منه بأن الأرض ستملأ بعون الله تعالى بالعدل والقسط ولا يكون هذا إلا عند عودة الخلافة الراشدة في آخر الزمان وهذا يسري عن قلوب أولئك الذين ظلموا ولم يجدوا من يرفع ظلمهم ولا من يحامي عنهم، ولا من يدفع الظلم عنهم، فالأيام القادمة مليئة ببشائر الخير لهذه الأمة، ومنها هذه البشارة العظيمة بعموم العدل في أرجاء الأرض كلها والله أعلم.
بهذا ننتهي مما جمعناه من الأحاديث النبوية الشريفة المبشرة بالنصر للأمة في ظرف خاص، وهو نهاية ما أردنا جمعه من الأحاديث في هذا الباب وقد تحرينا وبذلنا الوسع، وقد قصدنا به النصح للأمة وما نريد لها أن تكون هذه الأحاديث الأحلام المحلقة التي سرعان ما تذهب عندما يستيقظ صاحبها، ولكن هذه الأخبار جزء من اعتقاد المسلم؛ لا يتم دينه إلا به، ذلك لأن هذه أخبار نبوية صحيحة تبشر الأمة بالنصر على أعدائها والتمكين لها في الأرض، والمسلم بين حالتين، إما أن ينظر إلى واقعة المرير، فيرى ضعف المسلمين واستعلاء الكافرين فيصيب نفسه الياس والقنوط، وإما أن ينظر في المبشرات هذه ويتذكر قدرة الله تعالى وقانونه في النصر، وعندها يغلب أمر الله تعالى في نفسه ويعتقد أن هذا حق وصدق، وأنه لا محالة آت لكن في موعده الذي يريده الله، وذلك بالعمل بالسنن الكونية التي قررها الله في حياة الناس.
أما ضعاف العقول؛ فيحارون؛ أيصدقون خبر الرسول صلى الله عليه وسلم أم أساطيل الغرب ومعداته ووسائل الإعلام وسمومها.
إن المسلم بمقتضى إيمانه مأمور بتصديق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهذه أحاديثه ونحن بين خيارين والمسلم الصادق يصدق خبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويدع بهرجة غيره، ونواح غيره وافترار المفترين على الحقيقة، ويعلم أن وعد الله تعالى لهذه الأمة المسلمة بالنصر على أعدائها والتمكين لجانبها في الأرض آت بعون الله تعالى، ولا يمكن أن يتخلف لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق فيما يخبر به عن ربه سبحانه.
ومن مقتضيات عقيدة المسلم أيضاً أن الله تعالى لا يخلف الميعاد وأن من وعده وميعاده نصر الأمة المسلمة على أعدائها والتمكين لها في الأرض، وهذا ما نقوله لأمتنا، وما ندعوها للإيمان به، وإلى السعي إليه، وبتحقيق مقدماته في حياتها، لأن الله تعالى قد شرط للنصر شرطاً فقال (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) ونصر العباد لربهم مقدمة، ونصر الله للعباد نتيجة، ولا يمكن تحقق النتائج بغير مقدماتها، فلا توالد بلا زواج، ولا زرع بغير بذر، ولا نصر للعباد بغير نصر العباد لله، ونصرهم لربهم يكون بعودتهم الى دينهم عودة حقيقية، وانتصارهم له على حظوظ أنفسهم وأهوائهم، وابتعادهم عن كل ما يغضبه سبحانه في كافة مناحي حياتهم، والله المستعان.
دفع شبهة وإزالة تعارض وإشكال - دفع شبهة وإزالة تعارض وإشكال - دفع شبهة وإزالة تعارض وإشكال - دفع شبهة وإزالة تعارض وإشكال - دفع شبهة وإزالة تعارض وإشكال
الأحاديث المبشرات بنصر الاسلام والمسلمين
-20-
دفع شبهة وإزالة تعارض وإشكال
د. محمد أبو صعيليك
قد يعكر على صفو الأحاديث الشريفة المبشرة بنصر الإسلام والمسلمين، ورود بعض الأحاديث النبوية الشريفة تنص على أن الأيام الماضية خير من الأيام القادمة، وهذه تشعر بنقيض هذه المبشرات، وتخوف من الهلكة القادمة، وتلقى في قلوب الناس اليأس والقنوط من تحقيق النصر للأمة، والخيرية لها في دنياها وأخراها وهذا إشكال علمي يحتاج إلى دفع، وهناك توهم لتعارض النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة، ولا بد من علاج هذا الإشكال، ودفع هذه الشبهة، وإزالة هذا التعارض الموهوم بين الأحاديث الشريفة، وهذا ما نقوم به من خلال ما يلي:
1- الأحاديث التي تظن أنها تعارض ما سبق:
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث يفهم منها المعارضة للأحاديث المبشرات، وهذه الأحاديث المعارضة لتلك نذكرها هنا كما يلي:
أ- عن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك، فشكونا إليه ما يلقونه من الحجاج، فقال: اصبروا فإنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم.
ب- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قال ليس عام إلا والذي بعده شر منه.
هذا ما ورد من الأحاديث المعارضة لتلك الأحاديث المبشرة بنصر الإسلام.
2- الجمع بين الأحاديث المتعارضة:
لا بد من جمع بين هذه الأحاديث التي يظن أنها متعارضة لأول نظرة، وعند البحث والدرس وجدت أن أهل العلم قد جمعوا بين هذه الأحاديث النبوية الشريفة، وقد كان جمعهم بينها كما يلي:
1- الحمل على الأكثر الأغلب: وهذا رأي الحسن البصري رحمه الله، يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: وقد حمله الحسن البصري على الأكثر الأغلب، فسئل عن وجود عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج فقال: لا بد للناس من تنفيس.
2- أن المقصود بالحديث قلة العلم: وبه فسره عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث قال: لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي قبله حتى تقوم الساعة، ليست أعني رخاءً من العيش صيبه، ولا مالاً يفيد، ولكن لا يأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علماً من اليوم الذي مضى قبله، فإذا ذهب العلماء واستوى الناس فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، فعند ذلك يهلكون، وقال أيضاً: إنما أعني ذهاب العلماء، وقال: ولكن علماؤكم وفقهاؤكم يذهبون، ثم لا يجدون منهم خلفاً، ويجيء قوم يفتون برأيهم، وقد اختار هذا الحافظ ابن حجر في الفتح فقال: وهو أولى بالاتباع، وقد عقب الشيخ الدكتور القرضاوي على هذا الرأي بقوله: ولكنه في الواقع لا ينفي الإشكال من أساس، فالنصوص تدل على أن في الغيب أدواراً للإسلام ترتفع فيها رايته، وتعلو فيها كلمته، ولو لم يكن إلا زمن المهدي والمسيح في آخر الزمان لكفى، ويقول أيضاً: والتاريخ يثبت أنه قد جاءت فترات ركود وجمود في العالم أعقبتها أزمنة حركة وتجديد، ويكفي أن نذكر مثلاً من ظهر في القرن الثامن من العلماء والمجددين بعد سقوط الخلافة الإسلامية، وتدهور الأوضاع في القرن السابع مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وسائر تلاميذه في الشام، والشاطي في الأندلس، وابن خلدون في المغرب، وغيرهم ممن ترجم لهم ابن حجر في كتابه (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة) وفي العصور التي تلت ذلك نجد مثل ابن حجر، والسيوطي في مصر، وابن الوزير في اليمين، والدهلوي في الهندي، والشوكاني، والصنعاني في اليمن، وابن عبد الوهاب في نجد وغيرهم من العلماء الأجلاء المجتهدين، والأئمة المجددين.
3- المراد جنس الزمان الذي فيه الأمراء، ومعلوم من الدين بالضرورة أن زمان النبي المعصوم لا شرفيه.
4- وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: ويحتمل أن يكون المراد بالأزمنة ما قبل وجود العلامات العظام كالدجال وما بعده
ويكون المراد بالأزمنة المتفاضلة في الشر من زمن الحجاج فما بعده إلى زمن الدجال، وأما زمن عيسى عليه السلام، فله حكم مستأنف، والله أعلم.
5- ويحتمل أن يكون المراد بالأزمنة المذكورة أزمنة الصحابة بناءً على أنهم هم المخاطبون بذلك، فيختص بهم، فأما من بعدهم فلم يقصد في الخبر المذكور، ولكن الصحابي فهم التعميم فلذلك أجاب من شكا إليه الحجاج بذلك وأمرهم بالصبر، وهم أوجلهم من التابعين، وقد رجح هذا الرأي الدكتور القرضاوي فقال: ولهذا أرى أن أرجح التفسيرات لهذا الحديث ما ذكره الحافظ في الفتح بقوله: وساق كلامه السابق –وقال أيضاً: وعلى هذا التفسير يحمل كلام ابن مسعود أيضاً، فهو خاص بأزمنة من كان يخاطبهم من الصحابة والتابعين وقد توفي في زمن عثمان رضي الله عنهما.
6- أن هذان من العام المخصوص، وهذا رأي الإمام ابن حبان رحمه الله تعالى، وفي هذا يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: واستدل ابن حبان في صحيحه بأن حديث أنس ليس على عمومه بالأحاديث الواردة في المهدي، وأنه يملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً، حيث قال، ذكر البيان بأن خروج المهدي إنما يكون بعد ظهور الظلم والجور في الدنيا وغلبهما على الحق والجد، ثم ذلك في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تملئ الأرض ظلماً وعدواناً، ثم يخرج رجل من أهل بيتي أو عترتي فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً.
وقد تبعه على هذا الشيخ الألباني رحمه الله فقال: فهذا الحديث ينبغي أن يفهم على ضوء الأحاديث المتقدمة وغيرها مثل أحاديث المهدي، ونزول عيسى عليه السلام، فإنها تدل على أن هذا الحديث ليس على عمومه بل هو من العام المخصوص، فلا يجوز إفهام الناس أنه على عمومه، فيقعوا في اليأس الذي لا يصح أن يتصف به المؤمن.
وبعد، فهذا ما وقفنا عليه من توجيهات أهل العلم للتعارض المتوهم بين الأحاديث المبشرة وحديث أنس، والتوجيه الذي أرجحه منها هو الذي يقول بأن المقصود بالأزمنة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وقد رجحه الدكتور يوسف القرضاوي كما سبق نقله عنه، وبه ننتهي من هذا المبحث الذي عقد لرفع الإشكال المتوهم بين الأحاديث الشريفة وقد نقلنا هنا ما جمع به أهل العلم عليهم رحمة الله تعالى بين هذه الأحاديث، والله أعلم.
وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1-5)
الأحاديث المبشرات بنصر الاسلام والمسلمين
-21-
وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (1-5)
د. محمد أبو صعيليك
المستقبل والمرحلة القادمة جزء من الغيب المجهول، ولا يمكن للبشر معرفة المستقبل بالظن والتخمين، بل لا بد من خبر يقين يدل عليه، ويخبر عنه، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسبة للمسلم حق وصدق، وهي خبر يقين بالنسبة له.
ولما كان المستقبل من المرحلة القادمة في حياة الأمة المسلمة بهذا الكيف؛ كان لا بد من استجلاء معالم المرحلة القادمة من خلال أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المخبرة عن مستقبل أيام الأمة، وخاصة تلك الاحاديث المبشرة بنشر الإسلام والمسلمين، والتي عقد هذا المبحث لجمعها، وأقيم لبيانها ونشرها بين الناس، وذلك من أجل وصف تلك المرحلة القادمة في حياة الأمة المسلمة.
وعند النظر في الأحاديث النبوية الشريفة المبشرة بنصر الإسلام والمسلمين، والتي جمعناها وبوبناها فيما سبق من مقالات؛ نستطيع أن نحدد معالم المرحلة القادمة في حياة الأمة، وأن نصف من خلال النصوص النبوية مستقبل الأمة المسلمة في أيامها القادمة.
وقبل أن نحدد تلك المعالم التي تكون بها المرحلة القادمة؛ لا بد أن نشير هنا إلى الارتباط الوثيق بين مشكلات الأمة المسلمة الراهنة، وبين معالم المرحلة القادمة، ففيها حلول لها، وتخلص من تبعاتها وإلقاءاتها، وخروج بالأمة المسلمة منها.
ولا بد كذلك من التنويه هنا إلى أن وصف المرحلة القادمة بعون الله تعالى ليس بحديث الأحلام المحلقة، ولا تحليق الخيال المجنح، بل هو استلهام للنصوص التي وردت عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وقد جمعنا في هذا البحث منها جملة صالحة يمكن أن يوصف المستقبل القادم من خلالها.
كما لا يفوتنا التنبيه هنا إلى أن استشراف المستقبل من خلال النصوص الصحيحة لا يعطينا الحق في الجريان وراء معادلات رقمية يفهم منها هلاك الجهة الفلانية وغيرها، ولا يعطينا الحق في تعجل الأمور في تنزيل النصوص على وقائع معينة، ثم لا تلبث هذه الوقائع أن تتغير وعندها تكذب النصوص الشرعية، فنحن نصف أخذاً من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكننا لا نحدد سنة ما، ولا نشير إلى شخص ما، ولا إلى جهة ما، بل نبقي الأحاديث الشريفة على عمومها، وذلك توقفاً منا حتى لا تنزل الأحاديث على غير موضعها.
وبعد هذا أقول بأن الأحاديث النبوية الشريفة المبشرة بنصر الإسلام والمسلمين تحدد لنا معالم المرحلة القادمة تحديداً حقيقياً يتراءى للمسلمين، ويمكننا وصف معالم تلك المرحلة القادمة بعون الله تعالى، وذلك كما يلي:
1- عودة الخلافة الإسلامية إلى الأرض: حيث إن هذه الخلافة الراشدة سوف تعود إلى الأرض كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيكون مقر هذه الخلافة بعون الله القدس الشريف، وهذا يقتضي تخليص بيت المقدس من يد اليهود، حيث إنها ستحرر بعون الله تعالى منهم قبل ذلك، وتكون عاصمة للخلافة الإسلامية في آخر الزمان.
وفي التعبير عن هذا المعنى؛ يقول الشيخ الشهيد عبدالله عزام رحمه الله: فهذا يعني أن المنطقة قبل المعركة الفاصلة لا بد أن تكون محكومة بالإسلام، ويهيمن الإسلام على الجندي والقائد والحاكم والمحكوم، بدليل أن الشجر والحجر ينادي يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله.
2- زوال أنظمة المنطقة بكاملها لصالح دولة الخلافة الراشدة: حيث إن النصوص تخبر بعودة الخلافة الراشدة التي تكون على منهاج النبوة، وهذا يقتضي بالضرورة زوال أنظمة المنطقة واضمحلال دولها، يستوي في هذا الشرقي منها والغربي، اليساري واليميني، التقدمي والرجعي، إلى غير ذلك مما جرب في حياة الأمة المسلمة، وأذاقها الويلات، وكان عوناً لأعدائها عليها، وليس هذا الذي نقوله إلا ما تخبر به النصوص النبوية الشريفة التي تتحدث عن عودة الخلافة الإسلامية الراشدة إلى الأرض، وإذا عادت بعون الله تعالى أخذت مكان كل من حكم بلاد المسلمين قبل ذلك، وهنا يعني بالضرورة زوال تلك الأنظمة والدول التي ما كانت تحمل من هذا الدين إلا الاسم، ولا تكاد تطبق منه إلا الاسم، ولعله لا يكون حتى الاسم فيها مطبقاً.
3- زوال دولة اليهود والقضاء عليهم: تتحدث النصوص النبوية عن قتال يكون بين المسلمين واليهود، وهذا القتال يكون على مرحلتين:
- المرحلة الأولى: مرحلة إزالة وهزيمة وهذه تكون قبل المهدي عليه السلام، ومع بداية عودة الخلافة الراشدة، وفي هذه يهزم اليهود، وتذهب دولتهم، لكن لا يبادون إبادة تامة، بل يبقى منهم رعايا في ظل دولة الخلافة الراشدة.
وفي هذا المعنى يقول العلامة الشيخ سعيد حوى رحمه الله: إن دولة اليهود الحالية على كل الاتجاهات في الفهم للنصوص ستنتهي، وليس نهايتها معلقة بنزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وهذه المرحلة قادمة بعون الله تعالى كما تشهد النصوص، ولكن متى يكون ذلك، هذا أمر لا يعلمه إلا الله سبحانه.
- المرحلة الثانية: مرحلة الإفناء والإبادة لليهود من العالم كله، وهذه ستكون على يد عيسى بن مريم عليه السلام وجنوده المؤمنين، وبعدها لن يبقى يهودي على وجه الأرض كلها، وهذه المرحلة تحل في المعضلة الشائكة التي هي سبب في كثير من الاحتقانات السياسية والعسكرية في المنطقة، وتعود فلسطين والقدس إلى يد المسلمين، ويأتي الله تعالى بقوم حقيقين بفلسطين عليها ولا يدعوها نهباً للغزاة من كل أمة.
4- كثرة الفتوح: تكثر الفتوح على المسلمين في المرحلة القادمة المستقبلة، وهذه الفتوح تبدأ من قيام دولة الخلافة التي يكون عاصمتها القدس، وتستمر لتشمل أيام المهدي عليه السلام، وايام عيسى بن مريم عليه السلام، وقد سبق لنا ذكر الأحاديث التي تحدث عن فتح القسطنطينية ثانية، وفتح روما، وفتح الهند ثانية، ولا شك أن ما لم يصل المسلمون إلى فتحه في الأيام السابقة، فسوف يفتح بعون الله تعالى، وتنفيذاً لوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة بكثرة الفتوح التي تشمل بلاداً كثيرة لم يصل إليها المسلمون، وهذه الفتوح تكون في وقت عزة للمسلمين ومنعة لبلادهم.
تحدث النصوص عن وقعة عظيمة تقع بين المسلمين والروم (النصارى) ويكون النصر فيها للمسلمين، وهذه الوقعة تكون قبل ظهور الدجال، ويترتب عليها تغيير في ميزان القوى، فالغرب الكافر الذي ما كف عن استكباره واستعلائه على المسلمين، وما سكت عن إيقاع الويلات بهم، وهتك أعراضهم وسفك دمائهم وانتهاب مقدراتهم، ولا بد لهم من يوم ينتصفون منه فيه، وستكون تلك الوقعة العظيمة يوم الانتصاف من أولئك.
والغريب أن الكل يستعد لها سواء اليهود أو النصارى، ويتمنى أن يكون هو الذي يقوم بتنفيذ الحشود ضد المسلمين، وأبناء المسلمين كأنهم لا يعلمون عن هذه الوقعة شيئاً ولا يعلمون أن هزيمة الروم ستكون في تلك الوقعة، ولا يستعدون لها، ولكأن الأمر لا يعنيهم، ولكأن الإعداد يكون لسواهم، ولذا تراهم يصدقون كل مقولة تقال، ويتنادون مع من يتنادى بالسلام، والنصوص الشرعية تنص على أنه لا سلام، بل الحرب قادمة بعون الله تعالى.
6- اختلال موازين القوى في العالم:
تختل موازين القوى في العالم، ويكون هذا الاختلال في صالح المسلمين، ويظهر المسلمون كقوة يحسب لها حساب في العالم، ويكتمل انهيار ما لم ينهار من الحضارات المادية، وفي أول من ينهار أمريكا زعيمة العالم.. نعم ستنهار، وانهيارها سيكون في صالح المسلمين، وتظهر قوى كانت تحسب في يوم من الأيام من سقط المتاع، وتكون في المقدمة، وذلك وفق دولاب الحضارات، ودورة الزمان.
وهذا الأمر بداياته تتراءى للناظر في هذه الأيام، فمن كان يحلم بنشوء دولة يقال عنها أنها دولة إسلامية في وسط أوروبا، وتكون نذير خطير بالنسبة للغرب من المسلمين، ويجري الله تعالى فيها قدره بظهور العداوة بالإسلام سماعاً فقط، لكن الحقد يتوارث، فهؤلاء وإن كانوا في وسط أوروبا ولا يمتُ كثير منهم للإسلام بصلة، إلا أنهم أحفاد قوم مسلمين، وبقية من قوم قد حكموا المنطقة باسم الإسلام، وبراية القرآن، وكذا يقال في الجمهوريات التي خرجت من تحت عباءة الاتحاد السوفييتي بعد انهياره.. من كان يصدق أن أقواماً عزل سلحهم قليل يربكون روسيا وارثة سلاح وإمكانات الاتحاد السوفييتي السابق، ولا تستطيع التخلص منهم، فإذا أثخنوا فيها الجراح هاجمت نسائهم وأطفالهم وشيوخهم.
والكلام نفسه يقال عن المد القادم من أبناء المسلمين العائدين إليه في دول أوروبا وأمريكا، حتى أصبحت نسبة المسلمين في تلك البلاد مما يلفت النظر، وأصبحت الديانة الإسلامية هي الديانة الثانية في بعض دول أوروبا، وهي الديانة الثالثة في بعضها الآخر، وسيصبح هذا المستقبل واقعاً لا مناص منه، ويكون مقدمة للفتح الإسلامي القادم وقد فتحت بلاد في السابق بالسيف وفتحت أخرى بالخلق، ومن الذي يدري فلعل جزءاً من الفتوحات القادمة للبلاد المختلفة يكون سلاحها الحجة والإقناع والقدوة والخلق.
7- شيوع العدل:
تحدثت الأحاديث النبوية الشريفة عن شيوع العدل في الأرض بعد أن تكون قد ملئت ظلماً وجوراً، خاصة وأن الخلافة الراشدة سوف تحكم الناس بالقرآن، وحكم القرآن مظنة للعدل، والأرض متعطشة هي وأهلها إلى حكم القرآن وعدل القرآن، وقد بلغ الظلم في الأرض الزبى، وحتى أنه لا مزيد، والكل ينتظر زوال الظلم بكافة صوره، وينتظر العدل الذي وعد به الرسول صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث من أحاديثه الشريفة، وهذا العدل قادم بعون الله تعالى في الأيام القادمة، وهو جزء من مستقبل هذه الأمة، ومعلم من معالم المرحلة القادمة في تاريخ هذه الأمة بشكل خاص والعالم بشكل عام، وهذا الحال أمر طبيعي، بسبب حكم الناس بالقرآن وعودتهم إلى الإسلام، وهي دلالة عظيمة على ما يقدمه هذا الدين للناس في الأرض عندما يقومون بتطبيقه في الحياة.
8- شيوع الرخاء الاقتصادي في الأرض:
تتحدث الأحاديث النبوية الشريفة عن حالة الرخاء الاقتصادي في الأرض في الأيام القادمة، وخاصة أيام المهدي عليه السلام، وأيام عيسى بن مريم عليه السلام، وهذا الرخاء الاقتصادي يعم الأرض كلها ولا ينحصر في منطقة من المناطق دون غيرها، وكما هو الحال في هذه الأيام، حيث تكون بلاد في حالة رخاء بينما تكون بلاد أخرى تحت درجة الفقر والضنك الاقتصادي.
هذا الرخاء يتراءى أكثر في بلاد المسلمين وتظهر آثاره عليهم وهو عنوان امتلاك المسلمين لحريتهم الاقتصادية والمالية في بلادهم، وعدم خضوعهم لأعدائهم في مسألة الموارد الاقتصادية، وهو نوع من أنواع النصر التي وعدت بها الأمة المسلمة على لسان رسولها صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الأمة التي تمتلك قوتها تملك قرارها السياسي ويمكنها تدبير أمرها، والعناية بنفسها، ويمكنها أن تقول لكل من تخالفه: لا وألف لا، أما إذا كانت غير مستقلة في اقتصادها فلا يمكنها ذلك، وفي هذا الرخاء الرغد الاقتصادي، يتجلى عدل الإسلام، حيث إن دولة الخلافة الإسلامية سوف تساوي بين أفرادها وتوصلهم حقوقهم بالسوية، بالإضافة إلى بركة العدل في الأرض، وإخراج الأرض خيراتها لهذه الأمة، وفيه تتجلى بركة امتثال هذا الدين في حياة الناس، وفضل الالتزام به، وذلك كما حدثنا ربنا سبحانه حيث قال: "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون"..
تلك حالة رآها سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، ولم نرها نحن، والنصوص الشرعية تحدثنا عن إمكانية تكرار تلك الحالة في واقع الناس إذا تحقق فيهم شرط، تلك الحالة الذي تحقق في أولئك، وهذا أمر قد وعدنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولن يتخلف وعده الصادق بعون الله تعالى.
وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (3-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (3-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (3-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (3-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (3-5)
الأحاديث المبشرات بنصر الاسلام والمسلمين
-23-
وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (3-5)
د. محمد أبو صعيليك
9- العودة الحميدة الى هذا الدين:
من معالم المرحلة القادمة؛ العودة الحميدة إلى هذا الدين من قبل أبناء الأمة الذين اختطفتهم شياطين الإنس والجن، وبهرج المبادئ والأفكار المستوردة التي ألقت غشاوتها على كثير منهم، ثم بان زيفها في بلادها، فنكص عنها أهلها، وبعدوا عنها، وتركوها، وأخذوا يبحثون عن بديل لتلك المبادئ، فمنهم من هداء الله إلى الإسلام فأسلم، ومنهم من بقي في حيرته حتى يأذن الله تعالى له بالهداية.
هذا حال أبناء غير المسلمين من أهل الشرق والغرب، أما حال أبناء المسلمين المخدوعين بالمبادئ الأرضية الزائفة كالشيوعية والقومية وغيرها، فإنهم لما رأوا إفلاس المبادئ الأرضية، وفساد أمرها، أخذوا يعودون إلى رشدهم، ويرجعون إلى حظيرة دينهم، ويتمسكون بهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم، ويعملون على امتثال أوامر الله في حياتهم كلها، حتى أزعج فعلهم هذا سدنه تلك المذاهب المنحرفة في الشرق والغرب، وعلموا أنه قد انقلب السحر على الساحر، وأن الشمس لا تحجب بغربال، وأن دين الله آت لا محالة، وأن هذه الصحوة المباركة ما هي إلا من بشائر عودة هذا الدين إلى الأرض، ليكون منهاجاً للناس في حياتهم كلها، وليكون دستوراً لهم، وموجها لحياتهم.
وفي التعبير عن هذا المعنى يحدثنا العلامة الأستاذ محمد قطب رحمه الله فيقول: وقد انهار الباطل في نصف الأرض وانهياره في بقية الأرض قاب قوسين، والبديل الذي يحمل القيم هو الإسلام، والقيمة العظمى فيه هي الإيمان بالله على بصيرة، وضبط الحياة بالضوابط الربانية، وتحقيق المنهج الرباني الخير، المبارك في واقع الحياة، ولكن لا بد من جهد يبذله البشر لتحقيق ذلك كله، فبغير جهد وجهاد لا يتحقق شيء في واقع الأرض، وفي الغد المأمول يقوم بهذا الجهد فريقان من البشر، أحدهما: تمثله الصحوة القائمة اليوم في العالم الإسلامي، التي تزداد قوة ونضحاً بما يقع عليها من المذابح والاضطهاد، حسب سنة الله، والفريق الآخر الذي لا يحسب حسابه كثيراً اليوم وهو قدر من أقدار الله يجيء في وقته المقدر عند الله وهم المسلمون من عالم الغرب ذاته، الذين يتزايد عددهم باستمرار وهم من مثقفي الغرب النشيطين في حقل الدعوة والنساء منهم خاصة اللواتي يتحدين بواقعهن كل مفتريات الغرب عن ظلم الإسلام للمرأة، ويعلن بواقعهن أن أعظم تكريم للمرأة هو الذي يقدمه الإسلام. نعم إن الغد ليحمل في ثناياه سيلاً هادراً من أبناء الصحوة الإسلامية العائدين إلى الله تعالى، المطالبين بأن يحكموا بالقرآن وأن يربوا على الإسلام، ولا يمكن لقوة من القوى الأرضية أن تقف في وجه الطوفان الجارف الذي سيقتلع الجاهلية من جذورها بعون الله تعالى.
10- وحدة ديار المسلمين:
ما إن تقوم دولة الخلافة الإسلامية الراشدة في بيت المقدس والشام؛ حتى تقوم بتوحيد بلاد المسلمين تحت راية واحدة هي راية القرآن الكريم. والوحدة هذه فيها جانبان: جانب قسري، حيث تسقط أنظمة ودول لا تقبل الانضواء تحت لواء الخلافة عندها تقوم دولة الخلافة بمحاربة كل الأنظمة البائدة. وجانب اختياري، حيث ستنضم بلاد إلى دولة الخلافة طواعية، وتسلم قيادها لها.
والوحدة هنا مطلب قرآني ومأمور شرعي وضرورة بشرية ملحة يحتاج إليها المسلمون في قادمات الأيام لتحقيق أمور:
- تكوين القوة المكافئة لقوة الغرب التي تعد للملحمة الفاصلة بين المسلمين والروم (الغرب).
- تحقيق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي لدولة الخلافة الإسلامية، حيث إن بلداً واحداً بعينه لا يمكن أن يتحقق فيه هذا الأمر، فلا بد من الوحدة التي تضمن اكتفاءً ذاتياً الأقاليم دولة الخلافة الإسلامية، كما كان الأمر عليه أيام الراشدين، فقد كانت الجزيرة تجدب وتجوب فتسارع الشام ومصر لإعانتها وإغاثتها وإرسال المؤن والطعام لها، وهذا لا يتحقق إلا في ظل وحدة إسلامية تحت لواء دولة الخلافة بعون الله تعالى.
11- ظهور دور بلاد الشام:
تتحدث النصوص النبوية الشريفة عن دور مهم للشام (الأردن، فلسطين، سوريا، لبنان) في الأحداث في المرحلة القادمة، حيث إن الشام ستكون مقراً للخلافة الراشدة، وستكون فيها الطائفة القائمة على الحق، والتي تكون هي نواة الخلافة الراشدة، وستكون هي منطلق فتوحات إسلامية قادمة بعون الله تعالى، وستكون هي مقراً لدولة المهدي عليه السلام، وتكون مسرحاً لقتال مع الدجال وزمرته، وفيها يكون هلاك الدجال على يد عيسى بن مريم عليه السلام، وفيها يكون مقر خلافة المسيح عليه السلام ومنطلق فتوحاته في الأرض، وستكون هي مأوى المؤمنين القادمين من كل نواحي الأرض، كما أنها ستكون أرض خصب ورخاء فوق ما هي عليه الآن، وذلك في المرحلة القادمة بعون الله تعالى..
هذه الأمور كلها لا بد وأن تتحقق في الشام في الأيام القادمة كما تحدثت الأحاديث النبوية الشريفة، ولئن كانت نظرة الناس الآن العجلى إلى الأمور لا توقعهم على هذا الدور، وذلك بسبب ما يحاك للشام وأهله من المكائد، إلا أن إرهاصات هذا الأمر موجودة تتراءى لأهل اليقين من المؤمنين، وما الأحداث المفاجئة في المنطقة إلا بداية لكل الإرهاصات، فمن كان يصدق أن شعلة من الجهاد الصادق ستنطلق في فلسطين بعد أن استحكم في قلوب الناس اليأس بسبب الممارسات الخاطئة في الصراع العربي الإسرائيلي، وذلك بقصقصة أجنحة القضية الفلسطينية وتحويلها من قضية إسلامية إلى قضية عربية فقط، ومن قضية عربية فقط إلى قضية فلسطينية فقط، وثم آل أمر وراثة هذه القضية إلى من صنعوا على أعين الأعداء، بالإضافة إلى دخول المعركة بغير استعداد مادي ولا معنوي، مما أوقع اليأس والقنوط في قلوب الناس عامة.
لذا؛ لا بد أن تتحقق وعود رسول الله صلى اله عليه وسلم بظهور الدور المهم والبارز للشام في الأحداث في الأيام القادمة بعون الله تعالى.
12- ظهور الطائفة القائمة على الحق ظهوراً جلياً وقيامها بدورها:
تحدثت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طائفة قائمة على الحق؛ لا يضرها من خالفها حتى يأتي أمر الله تعالى، هذه الطائفة هي نواة دولة الخلافة الراشدة، ولا بد لها من ظهور واضح ودور بارز يراه الناس جلياً فيعرف أن هذا العمل قد قامت به تلك الطائفة، وأن هذا الشخص من هذه الطائفة المنصورة.
ولا بد من ظهور هذه الطائفة المنصورة بجلاء في الأيام القادمة، وظهور دورها المهم المشرف في حياة الناس، ذلك لأن في تجلية دورها إقامة الحجة على الناس ورسم الخطوط الصحيحة للعمل وحمل الأمور على محمل الجد، وهذه المسائل تتكفل بها تلك الطائفة المنصورة التي تكون بعون الله تعالى في بيت المقدس وأكنافه، وهي ضرورة ومهمة لحمل المسؤولية ووضوح هذا الأمر في حياة الناس.
وهذا لا يعني أنها ليست موجودة الآن فنواتها موجودة بعون الله، ولكن لا بد من ظهور الدور، وجلاء الصفة ووضوح الطائفة حتى يعرف المحسن من المسيء والخير من غيره، حتى لا يلبس أقوام أشرار لبوس أقوام صالحين ليفسدوا عليهم أعمالهم ويحبطوا في الأمة آمالها ويوقعوا اليأس في قلبها كما حصل في التاريخ المعاصر في حياة الناس.
وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (4-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (4-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (4-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (4-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (4-5)
الأحاديث المبشرات بنصر الاسلام والمسلمين
-24-
وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (4-5)
د. محمد أبو صعيليك
13- تمايز الناس:
بسبب كثرة الفتن والمصائب والتحديات؛ تختلط أوراق الناس، فتجد الرجل لسانه مع الإسلام لكن يده مع غيره، وقلبه مع الإسلام وجوارحه مع غيره، وقد تتبع المبادئ الأرضية جرياً وراء المصلحة الذاتية والنجاة الشخصية من الأذى..
هذا الأمر من العلامات الغريبة القاتمة في هذه الأيام، لكنه لن يبقى في الأيام القادمة التي تكون فيها إرهاصات الخير للأمة المسلمة، بل يكون الأمر بعكس ذلك، فيتميز الناس إلى فسطاطين اثنين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، عندئذ يتضح كل امرئ من الناس، ويظهر أهل فسطاط الإيمان، وتتضح طائفة الحق، وتبدأ بالعمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة، وتكون في مأمن من خداع أهل الخداع وتلون المتلونين من البشر.
هذا التمايز ضروري جداً، لأنه يميز أهل الحق عن أهل الباطل، ويميز من يريد العمل لرفعة الأمة من غيره، ويميز الصديق من العدو، وبه تكشف الأوراق، ويظهر الدخن، وبه ينتفي محذور اختلاط الأوراق، ويكون هذا التمايز سبيلاً لما بعده من الأعمال، وعلى رأسها الجهاد في سبيل الله، وإقامة دولة الخلافة الراشدة على الأرض كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه تؤمن المفاجآت، ويحذر من أصحاب الوجوه المتغيرة في واقع الأمة، وعلى أساسه يكون البناء الصحيح، وعن طريقه تكشف الأقنعة المزيفة التي ما زالت تظهر للمسلمين وداً وقلوبها مع غيرهم، حتى أنه ظهر في حياة هذه الأمة من يكتب في فكرها مجاراة للتيار، وتحقيقاً لرغبة الجماهير، دون قناعة بما يكتب، أو التزاماً به، والأدهى أن الأمة ما زالت تصدق هؤلاء، وأين هم من مقولة التابعي الجليل محمد بن سيرين رحمه الله تعالى: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم"؟ وعندها ما كاد كثير من الناس أن يميز الصادق من الكاذب، ولا النائحة من الثكلى.
14- استرداد ما أخذ من المسلمين من أراض:
دولة الخلافة الراشدة تعمل على نشر العدل، ورفع الظلم عن الناس كلهم، وفي مقدمة هؤلاء أهل الإسلام، وقد ظلم هؤلاء فأخذت أراض لهم في شتى بلاد العالم، فأخذت الأندلس، ومعظم أراضي الاتحاد السوفييتي سابقاً، وقطعة كبيرة من أوروبا في ألبانيا والبرتغال ويوغسلافيا، وقطعة من فرنسا، ومقدونيا واليونان وفلسطين، وسواها من بلاد المسلمين، ولا بد من أن يسترد المسلمون هذه البلاد المغصوبة من يد غاصبها، وأن تعاد الحقوق إلى أهلها..
هذا ليس حدساً، إنما هو ما تحدث عن النصوص الشرعية الصحيحة التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخبر عن فتح جديد للقسطنطينية، وفتح المشارق والمغارب، وهزيمة اليهود في فلسطين، وفتح روما، وفتح الهند، وأن أول ما يفكر بفتحه تلك البلاد التي كانت للمسلمين في يوم من الأيام، فهي أول أولويات الخلافة الراشدة، وأول ما يجب أن تفكر به دولة الخلافة الراشدة، وذلك أن إرجاع الإسلام إلى البلاد التي حكمت به سابقاً التي دان أهلها به في فترة من فترات التاريخ؛ أولى بالتفكير بإعادة فتحها وتحريرها من تلك البلاد التي لم يصلها الإسلام، ولم تفتح للمسلمين في يوم من الأيام.
وهذه الأولوية لا بد أن يفكر بها كل مسلم حر أبي، يعلم أن جماعة من أمته المسلمة في بقعة من البقاع قد غصبت أرضها، وهتكت أعراضها، وسفكت دماؤها، وطردت من أرض آبائها، فلا بد له من التفكير في إنصاف هؤلاء، ورفع الظلم عنهم في أي بقعة من الأرض يكونون، وإلى أي جنس من الناس ينتسبون.
وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (5-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (5-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (5-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (5-5) - وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (5-5)
الأحاديث المبشرات بنصر الاسلام والمسلمين
-25-
وصف ملامح المرحلة القادمة بعون الله تعالى (5-5)
د. محمد أبو صعيليك
15- كثرة الداخلين في الدين من أبناء الأمم الأخرى:
من ملامح المرحلة القادمة؛ كثرة المسلمين الجدد الذين اعتنقوا هذا الدين بجد وقناعة من أبناء الأمم الأخرى في الشرق والغرب، وهذا أمر نشاهد إرهاصاته في أيامنا هذه في الغرب، حيث يكثر عدد الداخلين في هذا الدين من الغربيين من مختلف الأجناس، ومختلف المستويات العلمية والثقافية، ومن مختلف البلاد، وهذه تمثل بشارة خير للأمة المسلمة بجدارة دينها للتمكين في الأرض، وعلى مقدار عمقه في نفوس الناس، ومدى تأثيره فيهم، فكم حورب الإسلام من قبل هؤلاء، لكنه ما تركهم حتى جاء بهم منقادين مسلمين طائعين.
وهذا الأمر يقود إلى ظهور تجمعات مسلمة في أوساط تلك التجمعات الكافرة، مما يعمل على نقل صورة الإسلام إلى أولئك نقلاً صحيحاً، حيث إن أولئك إذا أسلموا تركوا على بوابة الإسلام كل رجس الجاهلية، وكان إقبالهم على الإسلام عظيماً.
وهذا من سبيله أن يعمل على التأثير على القرار السياسي والاقتصادي في تلك المجتمعات، ويعمل على تغيير نظرتها إلى هذا الدين وأهله، وفي هذا من الكسب المعنوي للمسلمين الشيء الكثير، إذ يصبح هؤلاء دعاة إسلام في أوساطهم تلك، ويكونون أقدر من غيرهم على إيصال الإسلام إليها، ويكون لهم دور في حياة المسلمين في المرحلة القادمة، كيف لا وقد حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يفتح القسطنطينية مسلمون من بني إسحاق من الروم، فهذه من دلائل كثرة الداخلين في هذا الدين من الأمم الأخرى.
وفيه رافد بشرى للمسلمين في المرحلة القادمة، وفتح لأبواب أخرى في الدعوة ما كانت لتفتح قبل، ولم يكن للمسلمين معرفة بها، ولا كان أحد من الناس يتوقع أن يكون هذا الجانب من معالم المرحلة القادمة المباركة بعون الله تعالى بهذا الكيف، وهو جزء من الغيب المخبوء لهذه الأمة في مستقبلها الزاهر حيث ستأتي أيام الخير والبركة والعزة والمنعة بعون الله تعالى، وذلك وفق وعد رسول الل صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة المبشرة، وقد مرت بنا في الأبواب السابقة بعون الله تعالى.
16- إنها مرحلة وسطية بين فترات الفتن:
من معالم تلك المرحلة المباركة التي تحدثت عنها النصوص النبوية الشريفة؛ أنها مرحلة تتوسط فترات الفتن الشديدة التي تقع في حياة الأمة، فهي بين تلك الفتن المتراكمة كالمصباح بين ظلمات الليل الدامس وعند النظر في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم نجد أنها تأتي بعد شدة تقع على الأمة، وفتن تصيبها.
وما حال الأمة الآن في شدة البلاء، وكثرة الفتن إلا بعض دلائل قدوم تلك المرحلة، فإن ظلام الليل قبل الفجر أشد من ظلامه أول الليل، وإن الشدائد التي توجد الآن وستقع قبل تلك المرحلة هي من الشدة بمكان.
ثم إن أحاديث الرسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثت أنه بعد فترة الرخاء والنصر التي تنعم بها الأمة كما في الأحاديث التي تقدمت؛ تأتي ريح طيبة من جهة اليمن تقبض أرواح المؤمنين، وتعود الفتن إلى الأرض ويكثر فيها الخبث حتى لا يبقى فيها من يقول لا إله إلا الله، وهم أولئك الذين تقوم عليهم الساعة كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وهذا الفهم لتلك المرحلة يحدد للمسلم معالمها ويذكره بفضل الله تعالى عليه فيها.
وبعد؛ فهذه معالم المرحلة القادمة بعون الله تعالى، وقد استلهمت ذلك من النصوص الشريفة التي تتحدث عن مستقبل الأمة المسلمة، وذلك مبني على سبيل الفهم والاجتهاد، وقد تبدت لي تلك الملامح من خلال هذه النصوص، وليعلم هنا أن كلامنا ليس من باب الحدس والتوقع، أو الأحلام المجنحة، أو الأماني البراقة التي لا يمكن تحقيقها في واقع الناس، بل هو فهمنا للنصوص الشرعية في هذا الباب، مع أننا لا نقصد بقعة بعينها، ولا نحدد تاريخاً ولا سنة بعينها، ولا نشير إلى شخص بعينه، فكل هذا غيب لا يعلمه إلا الله تعالى.
ونحذر هنا من مغبة لي أعناق النصوص الشرعية الواردة في هذا المقام وفي الفتن، وتحميلها من الإفهام ما لم تحتمل، ومن خطر الوقوع في الكذب على الله ورسوله، ومن خطر التدليس على الأمة بالإشارة إلى شخص ما، والإشادة به حتى يعلق دهماؤها آمالهم عليه، أو تحديد سنة معينة لحدوث حدث ما حتى إذا تخلف ذلك الحدث زاد بأس الناس، وانقبضت قلوبهم، وحصل التشكيك في مصداقية أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، كما وقع من بعض المحسوبين على العلم أيام الفتنة العمياء (حرب الخليج) التي لم تنكشف أوراقها بعد، فاغتر سذج المسلمين، ثم أحبطوا، ولو حاكموا الأمور إلى سنن الله في النصر والهزيمة، ونظروا إلى المسألة بعقولهم دون عواطفهم، لكان هناك شيء آخر..
لكل هذا أحذر وأقول: هذا فهمي للنصوص، اجتهاداً مني، فإن أصبت فالحمد لله على توفيقه، وإن أخطأت فهو من جهلي وضعفي وقلة حيلتي، والله ورسوله براء من خطئي، والحقيقة في حل من اجتهادي، ولا أحل لنفسي أو لغيري أن يدلس في الحقيقة على الناس، ولا أن يتلاعب بعواطفهم، والله المستعان.
آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (1-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (1-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (1-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (1-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (1-4)
الأحاديث المبشرات بنصر الاسلام والمسلمين
-26-
آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (1-4)
د. محمد أبو صعيليك
ما كان لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكون بغير أثر في حياة الناس الخاصة والعامة، فهي دين يلتزم الناس به، فيعمل على تغيير حياتهم وطبعها بطابعه الخاص.
وإن الأحاديث المبشرة بنصر الإسلام والمسلمين التي وردت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم هي جزء من السنة المشرفة التي تعد مبينة للقرآن، ومفسرة له، ومفصلة لمجمله. ولهذه الأحاديث لها الأثر الإيجابي الهام في حياة المسلمين الخاصة والعامة، فكم دفعت إلى عمل خير، وكم قد منعت من شر، وكم قد عملت على إنقاذ هالك بعون الله تعالى.
ولما كنا بصدد جمع الأحاديث المبشرة التي بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها أمته بالنصر والتمكين في الأرض؛ كان لا بد من وصف الآثار التي تتركها هذه الأحاديث المبشرة في حياة المسلمين الخاصة والعامة، في الماضي والحاضر والمستقبل، وذلك بقصد إثارة الهمم إلى الخير، والحث على المعاني، ونصح الأمة، والإعداد للأيام القادمة، لتكون هذه الأحاديث نبراساً يحتذى في حياة الناس، ومنهاجاً يعمل به.
ولذا؛ نصف في هذه المقالة والتي تليها الآثار التي لهذه المبشرات النبوية في حياة المسلمين الخاصة والعامة، وفي الحاضر والماضي والمستقبل، وهذا ما نذكر بعون الله تعالى كما يلي:
1- أنها كانت دافعاً من دوافع الفتوحات الإسلامية:
من المبشرات النبوية لهذه الأمة أحاديث تبشر بكثرة الفتوح التي يكتبها الله سبحانه وتعالى للمسلمين، ولقد تمثل المسلمون الأوائل هذه الأحاديث الشريفة، فكانت دافعاً لهم للخروج إلى الفتوحات، فكانوا حين خروجهم إلى البلاد المراد فتحها يعملون على هدي تلك الأحاديث الشريفة، وهذا قد أدى إلى شحذ هممهم، وتقوية عزائمهم، كيف لا وهم قد وعدوا بهذه الفتوحات العظيمة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا المعنى يحدثنا الإمام الشافعي رحمه الله تعالى فيقول: فأغزى أبو بكر رضي الله عنه الشام على ثقة من فتحها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففتح بعضها، وتم فتحها في زمن عمر رضي الله عنه، وفتح عمر رضي الله عنه العراق وفارس.
لذا؛ فقد خرج المسلمون إلى تلك البلاد فاتحين لا يخشون لومة لائم، ولا يحرصون على عرض زائل، ويحرصون على الموت فتوهب لهم الحياة، فأتاهم الله تعالى ما يريدون، وحقق لهم الفتوحات في المشارق والمغارب، وأعز جانبهم، وألقى الرعب والخوف في قلوب أعدائهم فلا يزالون يهابونهم.
2- أنها مصدر من مصادر اليقين بوعد الله تعالى للمؤمنين:
وعد الله تعالى المؤمنين بالنصر والتمكين في الأرض، وكان هذا الوعد في ثنايا كتابه الكريم، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كان لهذه المبشرات في الكتاب والسنة الأثر الأكبر في زيادة يقين الناس بهذا الوعد، ذلك لأن هذا الوعد أمر غيبي لم يره الناس، لكنهم أمنوا بوقوعه، وتحققوا حصوله عبر خبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، لذا كان يقينهم بهذا الوعد بالنصر نابعاً من هذه الأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عن النصر والتمكين.
ولذا؛ كلما زاد يقين الناس بهذه الأحاديث زاد توقعهم لحصول النصر على أعداء الأمة رغم كل الشدائد، ورغم كل الظروف التي تحيط بالأمة المسلمة في أي وقت وحين، وكلما نقص هذا اليقين من قلوب الناس كلما تشكك الناس في صدق وعد النبي صلى الله عليه وسلم لهم، ورأوا في ذلك خيالاً مجنحاً، وسراباً لا أثر للماء فيه، وحديثاً غير واقعي عن مستقبل غير مضمون.
ومن هنا نفهم مقولة ضعاف الإيمان من المنافقين زمان النبي صلى الله عليه وسلم أيام غزوة الأحزاب، والمدينة المنورة محاصرة من جيوش الأحزاب، والرسول صلى الله عليه وسلم يحدث الناس عن الفتوحات الكبيرة التي ستكون للأمة في أيامها القادمة، فما قال ضعاف الإيمان، قالوا: يعدنا محمد قصور فارس والروم، وأحدنا لا يأمن على نفسه أن يخرج للخراءة، إنه منطق القلوب الفارغة من اليقين بالله تعالى، والتصديق بوعده على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو منطق النفس المهزومة التي لا تكاد تبصر إلا أثار هزيمتها النفسية، إنه منطق خواء القلوب من الإيمان بقدرة الله تعالى على تغيير واقع الناس رغم ما يدور في واقع الناس.
لذا؛ لتحذر الأمة أن تكرر نفس الموقف الذي وقفه هؤلاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال غزوة الأحزاب، ولتعمل على تعميق يقينها بالله سبحانه وتعالى، فهو رب خالق قادر ولا حد لقدرته، ولا راد لحكمه، يحكم كما يشاء ويختار.
آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (2-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (2-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (2-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (2-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (2-4)
الأحاديث المبشرات بنصر الاسلام والمسلمين
-27-
آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (2-4)
د. محمد أبو صعيليك
3- بعث الأمل في نفوس الناس:
ينتاب حياة الناس شعوران: أحدهما محرك للعمل، والآخر مثبط عن العمل، أما المحرك للعمل فهو الأمل، وهو أمر مهم في حياة الناس الخاصة والعامة، قلما خلا جانب من جوانب الحياة البشرية من الحاجة إليه، لكنه يحتاج إلى مولد يوجده في نفسه الإنسان، وأن ما يبعث على الأمل في النفس المبشرات النصية في الكتاب والسنة بنصر الإسلام والمسلمين، ذلك لأن المستقبل غيب، ولا ينفع مع الغيب كثرة التوقع.
وقد جاءت هذه النصوص الشريفة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لترسم الصورة الحقيقية الصادقة لمستقبل الأمة في الأيام القادمة، وهذه الصورة ملؤها البشارة بتغير حال المسلمين من واقعهم المرير إلى حال أحسن منه، انتصاراً بعد هزيمة، وقوة بعد ضعف، ووحدة بعد فرقة، وعزة واستعلاء بعد ذل واستخذاء، ورخاء عيش واستقلال موارد بعد فقر مدقع وتبعية اقتصادية، هذه الأمور كلها تبعث الأمل في نفس المسلم في هذه الأيام العصيبة، فيتراءى له المستقبل القادم بعون الله تعالى، بمنظار أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يجعل من نفسه نفسا مليئة بالأمل بوعد الله تعالى، الذي هو وصف من أوصاف المؤمنين، وصفة من صفات المتقين، وذلك أخذ من منطوق قوله تعالى: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)، فلا ييأس إلا الكافر، ولا يؤمل إلا المؤمن المصدق بوعد الله تعالى لأوليائه المؤمنين.
ومن هنا؛ فإن لهذه الأحاديث الشريفة الأثر الأكبر في بعث الأمل في نفوس الناس، وإخراج اليأس من قلوبهم، وطرده منها حتى تشحذ الهمم، وتقوى العزائم، ويكون الناس بحق حملة لواء، وسادة أمم، وقادة خير، وسباق فضل، وإلا بقوا في ما هم فيه من واقع يائس بئيس آس لا يتحرك ولا يغير ساكناً، وهذا الذي يطلبه أعداؤهم منهم ولا يطلبون منهم سواه، ليبقى لهم ما يريدون، ويتم لهم ما يخططون، لكن وعد الله آت لا محالة، ولن يخلف الله عهده، (يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) والله المستعان.
4- الدفع للعمل:
الأحاديث المبشرة محركة للأمل في نفس كل مؤمن بقرب تحقق وعد الله تعالى لأوليائه المؤمنين بالنصر والتمكين للإسلام وأهله في الأرض، وهذا يدفع هؤلاء إلى العمل الجاد البناء، الذي ترجى ثماره، وهذا العمل الذي تدفع إليه النصوص النبوية من الأهمية بمكان للأمة جميعاً أفراداً وجماعات، وعلى كافة المستويات، وفي جميع الجوانب التي يرجى فيها الخير للأمة، هذا العمل المطلوب هو طريق الأمة إلى المجد، وسبيلها إلى العلياء.
ولئن كانت هذه الأخبار والأحاديث الشريفة تحدث الأمة عن النصر والفتح والرخاء، إلا أنها تطالبها بمقدمات بشرية تقع بأيدي البشر ستاراً يجريه الله تعالى لقدره، لتلك النتائج التي وعدت بها، وعندها فلن تكون هذه الأحاديث الشريفة مجرد أحلام محلقة، أو خيالات موصوفة، بل تكون نتائج لمقدمات قدمها المسلمون حتى كان لهم ما يريدون من النصر والعزة والمنعة بعون الله تعالى.
لذا؛ فإن الذي يتوقع أن تكون هذه الأحاديث في حياة الناس بالمعجزات والخوارق قد أخطأ خطئاً فاحشاً، لأن سنن الله في حياة البشر لا يمكن أن تتغير، وإن من سننه أنه لا نتيجة بلا مقدمة، فلا نبات بغير زرع، ولا إنجاب بغير زواج، وكذلك لا نصر بلا إعداد، وبذل للجهد البشري، وخلوص من حظوظ النفس، من هنا فإن هذه الأحاديث الشريفة تدفع المسلمين في هذه الأيام للعمل، وتطالبهم به وتفهمهم أنه لا تغيير لما هم فيه إلا إذا قاموا هم بتغيير أنفسهم، وذلك وفق شرط الله سبحانه وتعالى في التغيير، حيث قال ربنا سبحانه وتعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وبغير هذا لا يكون لهم ما يريدون، ولا يتحقق لهم ما يطلبون، ذلك لأن من أمل في حصول شيء له، أو غلب على ظنه تحققه سعى في طلبه وتحصيله، وبذل لذلك جهده، وسعى سعيه، ونفسه مغمورة بالبشر، والأمل يحدوه في فعله ذاك, وهذا أمر يلحظه كل واحد منا في شتى مجالات الحياة، أما إذا أظلمت نفسه، فترت همته، وساده اليأس والقنوط، وما رجى تحقق ما يريد، وعندها فاته مطلوبه، وتأخر في مراده، وسبقه خلانه، والأمة كذلك.
فالمبشرات تملأ نفسها بالأمل، وهو يدفعها للعمل، وتخلف المبشرات يملأ قلوبها باليأس، فتثبط الهمم وتقتل العزائم، وعندها تختفي النظرة المستقبلية المشرقة من حياتها، وتسود الدنيا في أعينها، ولا ينفع عندها الندم، والله المستعان.
آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (3-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (3-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (3-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (3-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (3-4)
الأحاديث المبشرات بنصر الاسلام والمسلمين
-28-
آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (3-4)
د. محمد أبو صعيليك
5- تقوية الإيمان:
لا بد للإيمان من تقوية وشحذ، وخاصة في زمان الفتن التي تحيل الحليم حيراناً، والتي يمسي معها الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، ويصبح كافراً ويمسي مؤمناً، وعند النظر نجد أن هناك مقويات كثيرة للإيمان عند الإنسان، وإن من هذه الأمور التي تقوي الإيمان الأحاديث النبوية الشريفة التي تبشر المسلمين بنصر الإسلام والمسلمين، ذلك لأن قارئ تلك الأحاديث وسامعها يزيد إيمانه بهذا الدين، ويعمل على حمله، وبذل الغالي والرخيص في سبيله، طالما أن الله تعالى قد تكفل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بحفظه ونصره على ما سواه، ونصر حملته.
وإذا كان المتكفل بالنصر هو الله، فأي قوة في الأرض يمكن أن تقف أمام قدرته؟ إن هذا ليزيد من إيمان المؤمن، ويخرج الخور والضعف واليأس من نفسه، وهل يئس إلا نتيجة لضعف إيمانه بقدر الله سبحانه؟ وهل خاف العباد إلا نتيجة لتزلزل خيفته لربه؟
ومن هنا؛ فعندما يعلم بأن ربه قد تكفل بنصر الإسلام والمسلمين فيزيد إيمانه، وتعلو حجته، وتخرج من نفسه كل عوامل الخوف من الأعداء، وعندها يتجه إلى تقوية إيمانه بربه سبحانه، والعمل على ما يرضيه بشكر نعمته، والبعد عن كل ما يغضبه، وعندها تتحقق في نفسه مقدمة النصر البشرية لتنزل عليها نتيجة النصر الإلهية، فقد قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم)، وعندها يكون لجوئه إلى الله، واستعانته بالله، واستنصاره بالله، وعندها فلن يضام من لجأ إلى ربه، واستعان به، واستنصره، وعندها أنى لمن وليه الشيطان أن يقف أمام من وليه الرحمن، وأنى لقدرة البشر مع قدرة الله سبحانه وتعالى.
6- طرد اليأس من النفوس:
هذه الأحاديث النبوية الشريفة المبشرة بالنصر للإسلام والمسلمين هي طاردة لليأس من كل نفس، ومخرجة للقنوط من كل قلب، فهي تحمل وعد الله تعالى لهذه الأمة بالنصر على أعدائها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولها الأثر البالغ في تنقية نفوس الناس من كل أثر لليأس من مخافة للأعداء، وتصديق لإرجافهم في صفوف المؤمنين، وقبول لشائعاتهم.
وما أحوج المسلمين في هذه الأيام إلى الوقوف عند هذه الأحاديث النبوية الشريفة المبشرة بالنصر، لكي تنقشع من نفوسهم سحابة الخوف من أعداء الأمة، وتصديق شائعاتهم التي تفت في الأعضاد، وتضعف القلوب، وتفسد الخطط، حتى أصبح كيد الأعداء في نظر ضعاف الإيمان أقوى من قدر الله سبحانه، فما أحوج هؤلاء إلى الوقوف عند وعود رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة المسلمة بالنصر على الأعداء، وعندما تمتلئ القلوب ثقة وطمأنينة بمستقبل الأمة في الأيام القادمة، وتزداد علماً بما هو مدخر لها في قادمات الأيام من نصر وعز وأمن ورخاء كما وعد رسول الله صلى الله عليه.
إن اليأس لا يمكن أن يبقى في قلب مسلم يقرأ وعد الله تعالى لهذه الأمة بالنصر على أعدائها في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن إظهار هذه الأحاديث المبشرة بالنصر للامة لهو خير علاج لمرض النفوس المنبثق من اليأس والقنوط، وهو خير دواء لداء استشعار النقص والضعف أمام الأعداء، هذا مع أن الله تعالى يقول (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنم مؤمنين)، وعليه فأنى للأعلى بمبدئه وعقيدته وإكرام الله له أن يهن ويحزن والله سبحانه يناديه بأنه الأعلى بإيمانه، وهذا يقتضي أن سواه هو الأذل بكفره وإهانة الله تعالى له مهما كثر عتاده، وقويت شوكته، وزاد نفوذه، وكثرت أعداده، لكنه أذل هين على الله تعالى رغم كل المعطيات المادية التي تخدع البصر، فيظن الرائي أنها مصادر قوة ومنعة تورث صاحبها العلو في الدنيا، لكن هيهات، فأنى لهم العلو على المؤمنين، وقد وصف الله تعالى المؤمنين بالعلو بإيمانهم، وسلب على الكافرين هذه الصفة بتكبرهم وعنادهم.
آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (4-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (4-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (4-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (4-4) - آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (4-4)
الأحاديث المبشرات بنصر الاسلام والمسلمين
آثار المبشرات النبوية في حياة المسلمين (4-4)
- 29 -
د. محمد أبو صعيليك
7- إعادة الثقة بالإسلام وأهله إلى أصحاب النفوس الضعيفة:
صاحب النفس القوية المؤمنة لا تتزعزع ثقته بدينه ولا بأمته مهما اشتدت حوله الأمور، وضاقت به السبل، وكثر حوله الأعداء.
وأما صاحب النفس الضعيفة، التي لم يكتمل إيمانها بعد؛ فإن ثقته بإسلامه وأمته داخلها شيء من الزعزعة؛ لكونه لم يتصور ما حوله من شدائد تلم بالأمة، ومؤامرات تحاك ضدها، وقتل يقع فيها في مشارق الأرض ومغاربها، وأمثال هؤلاء الضعاف لا بد لهم من اطلاع على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المبشرة بنصر الإسلام والمسلمين، وذلك كإجراء علاجي يقصد به إعادة ثقة هؤلاء بإسلامهم، وتخفيف الضغط النفسي الواقع عليهم نتيجة ما يرون، وذلك لقلة اليقين عندهم، ولعدم معرفتهم بسنة الله تعالى في حياة الأمم، قال تعالى: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"، وقال سبحانه: "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا".
لذا؛ فإن علاج ما في نفوس هؤلاء من عدم الثقة بالنصر لهذه الأمة إنما يكون بإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم المخبرة بنصر الله تعالى لهذا الدين وعلوه على سائر الأديان، ونصر الله تعالى لهذه الأمة، وتأييده لها.
إن هذه النصوص يجب أن تعيد الثقة إلى نفوس هؤلاء، وتخلصهم من كل مظاهر الضعف الناتجة عن انعدام الثقة، ذلكم الداء الخطير الذي ينخر في كيان الأمة، ويتلف أوصالها، ويقضي على بذرة الخير فيها، وهل يريد منها أعداؤها أكثر من فقدانها للثقة بدينها أولاً، ثم بنفسها ثانياً؟ وعندئذ يسهل لهم قيادتها إلى حتفها، والإجهاز عليها دون مقاومة تذكر، أو جهد يظهر.
لذا؛ فما أحرى هؤلاء أن يقرأوا هذه الأحاديث الشريفة المبشرة بالنصر لكي يعالجوا نفوسهم مما ألم بها من مرض الوهم بعدم جدارة الأمة للنصر، وعدم الثقة بقابليتها للنصر على أعدائها في يوم من الأيام، وما هذا بالأمر الصعب، بل هو أمر سهل ميسور يمكن لكل واحد أن يطلع عليه ويصل إليه بسهولة ويسر، ليبني بعده موقفاً جديداً ملؤه الثقة بالإسلام، وبالأمة التي تحمله وتنتسب إليه، وما ذلك على الله بعزيز، والله المستعان.
8- أنها تورث المؤمن العزة:
المسلم عزيز في الدنيا والآخرة، وعزته هذه مرتبطة بدينه، وهناك علاقة وطيدة وارتباط وثيق بين الإيمان والعزة، فإذا وجد الإيمان وجدت عزة المسلمين، وإذا فقد وتخلخل انعدمت العزة عنده، نفهم هذا من قوله تعالى: "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين".
هذا عن أصل وجود العزة في نفس المؤمن، لكن هناك أمور تزيد من عزة المسلم، واستعلائه على أعدائه، ومن هذه الأمور الأحاديث النبوية الصحيحة التي تبشر المسلمين بالنصر والتمكين، ذلك لأن من استشرف مستقبله، حتى بدت له معالمه، وذلك بخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فلا بد له من أن تمتلئ نفسه عزة، كيف لا وهو يعلم أن ربه ينصره في هذه الحياة الدنيا على أعدائه، وعندها فلن يتنازل عن عزته واستعلائه، لأنه موعود بالنصر على لسان الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وهو مؤيد بالتمكين من ربه سبحانه وتعالى، وهذا ضمان للمستقبل الزاهر في حياة الأمة المسلمة، ولذا فإن حال المرء حينئذ كحال من اطلع على نتيجة فعل من الأفعال كان قد قدم فيه جهده، فهو ضامن لمستقبله، وهذا يورثه عزة وشجاعة وثقة وطمأنينة، فهو منصور لا محالة، لوعد الصادق الذي لا يخلف وعده، وهو عزيز لأن الله قد ضمن له النصر في الدنيا والثواب في الآخرة.
ومن هنا؛ نفهم تلك العزة التي كان عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن تبعهم من السلف الصالح، فقد كانوا لا يرضون بالضيم ولا يجبنون عند كريهة، حتى كان الناس يخشونهم، وما هذا منهم إلا لأنهم قد تمسكوا بدينهم، وبما هم عليه من الحق، وقد آمنوا بصدق وعد الله تعالى لهم بالنصر على الأعداء على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأصبح هذا جزء من اعتقادهم، وبلغوا فيه درجة عالية من اليقين، وعندها ما هابوا جهة ما في الأرض، ولا خافوا من متربص بهم في يوم من الأيام، فهم يأوون إلى ركن شديد لا يضام، ولا يظلم عنده أحد.
وبعد؛ فهذه الآثار التي تترتب على الأحاديث النبوية الشريفة التي تبشر الأمة بالنصر على أعدائها في قادمات الأيام، هذه الآثار التي وصفناها فيما يظهر لنا، وكلها فيما يبدو أدوية لأدواء الأمة المسلمة في هذه الأيام، فإن الناظر في واقع الأمة الآن يهال من كثرة أدوائها، وشدة أمراضها، تلك التي قد أزمنت في الأمة، واستعصت على العلاج، لذا فقد كانت هذه الأحاديث المبشرة بالنصر للأمة المسلمة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم علاجاً لتلك الأدواء، فاليقين الذي تضعه هذه الأحاديث في القلوب مقابل قلة اليقين التي انتشرت في الأمة، وزيادة الإيمان التي تكون بها علاج لقلته في الناس، والدفع إلى الفتح والمعالي دواء للأحجام والتراجع الموروث في أجيال الأمة، والأمل الذي تنشئه هذه الأحاديث دواء لليأس الذي خيم على النفوس، وأضعف القلوب، وباعد بين الأمة وما يجمل أن تقوم به، والدفع للعمل والحركة دواء لحالة الضعف التي تمنع من العمل والحركة، وتشل حركة الأمة، حتى لكأن العمل الجاد اصبح محرماً على الأمة في هذه الأيام، حتى أنها قد رضيت بما يراد لها من أعدائها، وهل يريد العدو لعدوه خيراً، او يروم له نفعاً، أو يبحث له عن نجاة؟!
هذا ما أردنا توضيحه من آثار تلك الأحاديث الشريفة في حياة الناس فيما ظهر لنا، ومن الله تعالى نرجو العون والسداد.
تمت هذه الحلقات المباركة باذن الله تعالى
كتبها الدكتور محمد عبد الله أبو صعيليك في صحيفة السبيل الأردنية الغراء في الفترة من 14/7/2017 الى 10/3/2018
وقمت أنا بتنزيلها في هذا المنتدى المبارك حسب تسلسل نزولها في صحيفة السبيل ولم أزد الا أن أضع رقما لكل حلقة حتى بلغت 29 حلقة
نسأل الله تعالى أن يجزي عالمنا الدكتور ابو صعيليك خير الجزاء
ونسأله سبحانه وتعالى أن ينصر الاسلام ويعز المسلمين
ونسأله سبحانه وتعالى أن يردنا الى دينه ردا جميلا وأن يهيىء لهذه الأمة من يوحد صفوفها ويفك قيودها ويحكمها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويقودها للجهاد في سبيله والنصر على أعدائه انه ولي ذلك والقادر عليه
سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا أنت نستغفرك ونتوب اليك
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين