لهذا نحبه صلى الله عليه وسلم !!
محبوبنا الأول من البشر هو الحبيب الأول لرب العالمين ، إنه أفضل وأكرم المخلوقين .
محمد صلى الله عليه وسلم . وإن محبته ليست نافلة ولا تطوعاً ، وإنما هي واجب على كل مسلم ، ويجب أن يحبه المسلم أكثر من أهله وماله وولده والناس أجمعين ، بل يجب أن يحبه أكثر من نفسه .. ولقد جاءه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وصارحه بصدق قائلاً : يا رسول الله : والله إنك أحب إلي أكثر من كل شيء ، إلا من نفسي . فقال صلى الله عليه وسلم : لن تؤمن حتى أكون أحب إليك من نفسك !! ففكر عمر رضي الله عنه لظة ، وأعلنها صريحة صادقة قائلاً : والله يا رسول الله إنك أحب إلي أكثر من كل شيء حتى من نفسي !! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر .. أي : الآن اكتمل إيمانك !!
**نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أهل للحب ، حيث جمع كل جوانب الحسن ، وكل مظاهر العظمة ، فكان مجمع الفضائل ، حيث اجتمعت في شخصيته العظيمة كل مظاهر العظمة ، لتكامل وتوازن وتناسق ، بحيث لم يطغَ جانب منها على جانب ، ولم يبالغ في جانب على حساب جانب آخر !!
**نحب حبيبنا العظيم محمداً صلى الله عليه وسلم لأنه كان رحمة لأمته ، وكان دائمَ التفكير فيهم ، وكان حريصاً على تقديم الخير لهم ، وإبعاد الشر والأذى عنهم ، وقد شهد له رب العالمين بهذه العظمة ، وخلّد هذه الشهادة بذكرها في كتابه الكريم . قال تعالى :{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم..} –التوبة : 128- .
**نحبه صلى الله عليه وسلم لأنه كان يمضي ليله مصلياً لله ، قائماً بين يديه ، يبكي على أمته .
ويتضرع إلى الله أن يعفو عنهم ويغفر لهم ولا يعذبهم . فقد قام ليلة يصلي ، ولما أنهى الفاتحة قرأ الايات الاخيرة من سورة المائدة ، ووقف في قراءته عند قوله تعالى : { إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم.} –المائدة:118- . وما زال يردد الآية ويبكي ، ولم يقطع القراءة ولم يكمل الركعة ، حتى طلع الفجر.
**نحبه صلى الله عليه وسلم لأن الله خصه بالمقام المحمود العظيم يوم القيامة ، مقام الشفاعة ، حيث يشفع لأمته .. وعندما يأتي الناس إلى كل نبي ، طالبين منه الشفاعة عند الله ، ليبدأ حساب الناس ، يقول لهم : نفسي نفسي ... وعندما يأتون محمداً صلى الله عليه وسلم ، يقول : أنا لها .. ويسجد سجوداً طويلاً ، يحمد الله ويذكره ويثني عليه ، فيقول الله له : ارفع رأسك ، وسل تُعط ، واشفتع تشفع .. فيرفع رأسه صلى الله عليه وآله وسلم ، ويقول : أمتي ، أمتي ..
**نحبه صلى الله عليه وسلم لأن كل المؤمنين يقفون على باب الجنة ، الذي يكون مغلقاً ، بانتظار قدوم الحبيب ، فعندما يأتي صلى الله عليه وسلم ويطرق الباب ، يفتح له فيدخل الجنة ، ويدخل بعده المؤمنون والأنبياء والمرسلون !
لهذا كله وغيره نحب أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم ، ونفاخر في حبه ، ونتقرب بذلك إلى الله ..
اللهم ارزقنا الهدى والتقى والعفاف في الدنيا والفوز بالاخرة
اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب نبيك محمد صل الله عليه وسلم واتباع سنته
بارك الله فيك
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يحيى العلي
بوركت بوركت أخي عمار جزاك الله خيرا
لهذا نحبه صلى الله عليه وسلم !!
محبوبنا الأول من البشر هو الحبيب الأول لرب العالمين ، إنه أفضل وأكرم المخلوقين .
محمد صلى الله عليه وسلم . وإن محبته ليست نافلة ولا تطوعاً ، وإنما هي واجب على كل مسلم ، ويجب أن يحبه المسلم أكثر من أهله وماله وولده والناس أجمعين ، بل يجب أن يحبه أكثر من نفسه .. ولقد جاءه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وصارحه بصدق قائلاً : يا رسول الله : والله إنك أحب إلي أكثر من كل شيء ، إلا من نفسي . فقال صلى الله عليه وسلم : لن تؤمن حتى أكون أحب إليك من نفسك !! ففكر عمر رضي الله عنه لظة ، وأعلنها صريحة صادقة قائلاً : والله يا رسول الله إنك أحب إلي أكثر من كل شيء حتى من نفسي !! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر .. أي : الآن اكتمل إيمانك !!
**نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أهل للحب ، حيث جمع كل جوانب الحسن ، وكل مظاهر العظمة ، فكان مجمع الفضائل ، حيث اجتمعت في شخصيته العظيمة كل مظاهر العظمة ، لتكامل وتوازن وتناسق ، بحيث لم يطغَ جانب منها على جانب ، ولم يبالغ في جانب على حساب جانب آخر !!
**نحب حبيبنا العظيم محمداً صلى الله عليه وسلم لأنه كان رحمة لأمته ، وكان دائمَ التفكير فيهم ، وكان حريصاً على تقديم الخير لهم ، وإبعاد الشر والأذى عنهم ، وقد شهد له رب العالمين بهذه العظمة ، وخلّد هذه الشهادة بذكرها في كتابه الكريم . قال تعالى :{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم..} –التوبة : 128- .
**نحبه صلى الله عليه وسلم لأنه كان يمضي ليله مصلياً لله ، قائماً بين يديه ، يبكي على أمته .
ويتضرع إلى الله أن يعفو عنهم ويغفر لهم ولا يعذبهم . فقد قام ليلة يصلي ، ولما أنهى الفاتحة قرأ الايات الاخيرة من سورة المائدة ، ووقف في قراءته عند قوله تعالى : { إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم.} –المائدة:118- . وما زال يردد الآية ويبكي ، ولم يقطع القراءة ولم يكمل الركعة ، حتى طلع الفجر.
**نحبه صلى الله عليه وسلم لأن الله خصه بالمقام المحمود العظيم يوم القيامة ، مقام الشفاعة ، حيث يشفع لأمته .. وعندما يأتي الناس إلى كل نبي ، طالبين منه الشفاعة عند الله ، ليبدأ حساب الناس ، يقول لهم : نفسي نفسي ... وعندما يأتون محمداً صلى الله عليه وسلم ، يقول : أنا لها .. ويسجد سجوداً طويلاً ، يحمد الله ويذكره ويثني عليه ، فيقول الله له : ارفع رأسك ، وسل تُعط ، واشفتع تشفع .. فيرفع رأسه صلى الله عليه وآله وسلم ، ويقول : أمتي ، أمتي ..
**نحبه صلى الله عليه وسلم لأن كل المؤمنين يقفون على باب الجنة ، الذي يكون مغلقاً ، بانتظار قدوم الحبيب ، فعندما يأتي صلى الله عليه وسلم ويطرق الباب ، يفتح له فيدخل الجنة ، ويدخل بعده المؤمنون والأنبياء والمرسلون !
لهذا كله وغيره نحب أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم ، ونفاخر في حبه ، ونتقرب بذلك إلى الله ..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة palestine angel
رائع جداً أخي
استمر متابعون معك في سيرة أشرف الخلق وسيد المرسلين ,,,
بارك الله فيكم ورزقنا واياكم الجنة مع الحبيب المصطفى
وظل محمد في رعاية أمه و كفالة جده حتى بلغ السادسة , فذهب به أمه لزيارة قبر زوجها في يثرب وقدر لها أن تموت في طريق عودتها وتدفن في الأبواء (على الطريق بين يثرب ومكة ) ويصبح محمد بعدها يتيما , ويكفله جده عبد المطلب فيحبه حبا شديدا عوضه عن حنان أمه وعطف أبيه فكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة لا يجلس عليه أحد من أبنائه ألا محمدا فكان يجلسه معه ويمسح ظهره بيده , ولكن القدر لم يمهل جده طويلا فمات بعد سنتين, فكفله عمه أبو طالب فأحبه حبا شديدا وأخذا يتعهده بعناية و رعايته , ولم تقتصر حمايته له قبل البعثة بل امتدت إلى ما بعدها فكان عونا للدعوة الإسلامية وظهرا لصاحبها على الرغم من انه لم يسلم
ولما شب محمد وأصبح فتى أراد أن يعمل و يأكل من عمل يده , فاشتغل برعي الغنم لأعمامه ولغيرهم مقابل أجر يأخذه منهم , ويذهب البعض إلى أن حرفة الرعي وقيادة الأغنام علمت الرسول صلى الله عليه و سلم رعاية المسلمين و قيادة الأمة بعد بعثته وهذا ولا شك مبالغة كبيرة فان كثيرا غيره من الرعاة لم يصبحوا قوادا ولا ساسة كما أن الكثير من القواد والساسة لم يعرفوا عن حرفة الرعي شيئا , وهناك فرق كبير بين سياسة الحيوان والإنسان , لكن يمكن القول أن حرفة الرعي لما كانت تتم في الصحراء حيث الفضاء المتناهي والسماء الصافية والنجوم المتلألئة في الليل , والشمس المشرقة في الصباح وهذا النظام البديع في حركة الكون استرعى كل ذلك انتباه محمد فأخذ يتأمل ويتفكر ويتدبر في الكون العجيب
اشتغاله صلى الله عليه و سلم بالتجارة
وزاول محمد مهنة التجارة وهو في الثانية عشرة من عمرة (وقيل في التاسعة) وانتهز فرصة خروج عمه أبى طالب بتجارة إلى الشام فخرج معه وفى الطريق قابلهما راهب مسيحي رأى في محمد علامات النبوة فنصح عمه أن يعود به إلى مكة مخافة أن يعرفه الروم ويقتلوه
وعلى الرغم من ذكر المؤرخين لقصة الراهب بحيرا إلا أنة لا يمكن تصديقها بسهولة, لأن محمد صلى الله عليه و سلم نفسه لم يكن يعرف أنه نبي إلا بعد أخبره جبريل بذلك في الغار , وكل ما يعرفه رجال الدين اليهودي والمسيحي عن الرسالة المحمدية زمانها لا شخص صاحبها, وقد أفادت هذه الرحلة محمدا كثيرا, فعودته الصبر وتحمل المشاقة وفتحت عينية على أقوام ومجتمعات تختلف كثيرا عن قومه ومجتمعة , ومر في الطريق الذهاب والعودة على أطلال مدن عرف أنها ديار ثمود ومدين ووادي القرى وسمع عن أخبارهم الكثير
ولم تنقطع صلة محمد بالتجارة بعد عودته من الشام بل كان يتاجر بالسواق مكة او بالأسواق القريبة منها كسوق عكاظ ومجنه وذي المجاز لكنه لم يجعل التجارة كل همه واكتفى منها بما يوفر له حياة متزنة سعيدة وكان كلما تقدم به العمر ازداد تفكيرا وتأملا وقضى الكثير من وقته يتدبر هذا الكون العجيب .
عمار وهدان ما اروع هذا الانسان
ربنا يعطيك ليرضيك ويجزيك كل خير على جهودك الجبارة باعطاءنا صورة عن سيرة خير المرسلين عليه الصلاة والسلام
في ميزان حسناتك ان شاء الله
إنها أفضل سيرة
سيرة سيدنا ونبينا ورسولنا ومعلمنا وقائدنا وحبيبنا محمد
الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله
صلّى الله عليك وعلى آلك وأصحابك أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
بوركت جهودك أخي الكريم
جزاك الله خيراً
عمار وهدان ما اروع هذا الانسان
ربنا يعطيك ليرضيك ويجزيك كل خير على جهودك الجبارة باعطاءنا صورة عن سيرة خير المرسلين عليه الصلاة والسلام
في ميزان حسناتك ان شاء الله
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الصيدلاني راتب الحنيطي
الله يعطيك العافية سيد عمار وهداني على افضل جهد يمكن للانسان ان يكتب فيه ، وعلوم الدين شرف عظيم تنال به الدرجات العلى ان شاء
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليفربولي
إنها أفضل سيرة
سيرة سيدنا ونبينا ورسولنا ومعلمنا وقائدنا وحبيبنا محمد
الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله
صلّى الله عليك وعلى آلك وأصحابك أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
بوركت جهودك أخي الكريم
جزاك الله خيراً
حياكم الله جميعا ونفعنا واياكم بهذه السيرة العطرة لأشرف خلق الله
وشارك محمد مكة الدفاع عن مدينتهم في حرب الفجار بين قريش وهوازن والتي استمر أربع سنوات كان عمر محمد في بدايتها خمسة عاما وسببها أن النعمان بن المنذر أراد يعين قائدا لقافلة تجارية من الحيرة إلى سوق عكاظ فعرض كل من البراض الكتاني وعروة الهوازنى نفسه فاختار النعمان عروة فقتله البراض, وسمعت قريش وهى من كنانة الخبر وأدركت أن (هوازن) قبيلة عروة لابد أنها ستثأر لرجلها
ووقع القتال بين الفريقين وكان في الأشهر الحرم وتراجعت قريش حتى دخلت الحرم فوعدتهم هوازن الحرب في العالم القادم وظلت هذه الحرب تجدد طوال أربع سنوات في انعقاد سوق عكاظ , ثم انتهت بالصلح بين الفريقين على أن تدفع قريش دية من يزيد عن قتلاها لهوازن فكانوا عشرين رجلا وسميت هذه الحرب بحرب الفجار لأنها وقعت في الأشهر الحرم وهو الفجار الرابع في تاريخ مكة
ويروى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنة قال في حرب الفجار:كنت أنبل على أعمامي (أي أجمع نبل عدوهم اذا رموهم بها)وقال في حديث آخر:قد حضرتها (حرب الفجار)مع عمومتي ورميت فيها بأسهم وما أحب أنى لم أكن فعلت
ولذلك اختلف المؤرخين في كيفية مشاركة الرسول صلى الله عليه و سلم , وهل بجمع النبل؟أم بالرمي؟و يبدوا أن الرسول صلى الله عليه و سلم مارس العملين, فإن الحرب استمرت أربعة أعوام , كان عمر الرسول في بدايتها خمسة عشر عاما وهى لا تمكنه من الرمي فساهم بجمع النبل , وفي نهايتها كان على أبواب العشرين ربيعا فتمكن أن يساهم يرمى النبل
وكما شارك محمد صلى الله عليه و سلم قومه في الحرب شاركهم أيضا في السلم فشهد معهم حلف الفضول ولقد تحدث رسول الله صلى الله عليه و سلم عنه بعد بعثته فقال (لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم ولو دعيت به في الإسلام لأجبت
وسبب هذا الحلف أن قريشا رأت ما أصبح عليه حالها من ضعف وتفكك أدى إلى تطاول القبائل العربية عليها ومهاجمتها في ديارها في الأشهر الحرم , بعد أن كانت مرهوبة الجانب قوية السلطان ورأت أيضا ما جرته عليها حرب الفجار من قتل لرجالها وإفناء لثروتها, فقام الزبير بن عبد المطلب يدعو إلى حلف يجمع به شأن قريش ويوحد صفوفها فأجابته جميع بطون قريش وتحالفوا على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها أو من غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه حتى ترد عليه مظلمته
وسبب تسميته بحلف الفضول أنة كان إحياء لحلف آخر سابق فى الجاهلية دعا إليه ثلاثة اسمهم مشتق من الفضل فسموا الحلف بالفضول
ويبدو على الرغم من تجارة محمد المحدودة إلا انه اكتسب فيها شهرة كبيرة لأمانته وشرفة المشهود له بهما في مجتمعة ومن ثم كان الكثير من تجار مكة يعرضون عليه العمل لهم في تجارتهم مقابل أجر أكبر من أقرانه
وكانت خديجة بنت خويلد أحد أشرف مكة ومن اكبر تجارها تستأجر الرجال ليتاجروا بما لها في أسواق الشام والحبشة مقابل أجر لهم , ولما سمعت عن شهرة محمد تمنت أن يكون أحد رجالها –وكان يومها في الخامسة والعشرين من عمره–فعرضت علية أن يخرج لها في تجارة إلى الشام على أن تدفع له أجر رجلين فقبل محمد وخرج في تجارتها ومعه غلامها ميسرة وابتاع واشترى وعادت تجارته رابحة بأكثر مما كانت تتوقع خديجة, وأثنى خادمها على محمد ثناء مستطابا
وبنظرة متأنية في أمر هذه الرحلة يتضح أنه عليه السلام لم تكن هذه أول رحلة إلى الشام بعد رحلته مع عمه أبى طالب , فخبرته بالطريق والمسالك المؤدية إلى الشام , وكذلك خبرته بطريقة البيع والشراء التي عليها أهل الشام , وشراؤه السلع من الشام يروج بيعها في مكة كل ذلك يعطينا الحق في أن نقول أن محمدا قد قام بأكثر من رحلة إلى الشام قبل رحلة خديجة اكتسب فيها كل هذه الخبرة والمهارة وللأسف لم تسعفنا المصادر التاريخية بشيء من ذلك
وكانت خديجة في ذلك الوقت أرملا بلا زوج وقد عرض الكثير من أشراف مكة الزواج منها فلم تقبل لأنهم يطمعون في ثرواتها , ولكنها سمعت عن محمد صلى الله عليه و سلم من حلو الشمائل وجميل الصفات وما أغبطها وتأكدت من ذلك بعد ان عمل لها في تجارتها ورأت عن قرب من صفاته أكثر مما سمعت ولم يك إلا رد الطرف حتى انقلبت غبطتها حبا جعلها تفكر في أن تتخذه زوجا , وسرعان ما ظهرت الفكرة إلى حيز التنفيذ فعرضت عليه الزواج بواسطة إحدى صديقاتها فوافق وتزوج بها وفقا للعادات المتبعة في زواج الشرفاء من أهل مكة حيث تبدأ بخطبة من أهل العريس يوضحون فيها رغبة إبنهم في الزواج من العروس ويسمون المهر فيرد أهل العروس بخطبة أخرى يوافقون فيها ويباركون الزواج
وتزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم خديجة فولدت له أولاده كلهم ما عدا إبراهيم فإنه من ماريا القبطية ولدت له من الذكور القاسم وبه كان يكنى وعبد الله وهو الملقب بالطيب والطاهر وقيل أن الطيب والطاهر أسمان لولدين آخرين ولكن الأول هو الأشهر كما ولدت له من الإناث زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة
والمشهور عند المؤرخين أن محمدا صلى الله عليه و سلم تزوج خديجة وعمرة خمسة وعشرين عاما وعمرها أربعين عاما, ولكن ابن عباس يروى أنها تزوجت الرسول وعمرها ثمانية وعشرين فكانت أكبر من الرسول بقليل, وهذا الرواية لها ما يؤيدها من تاريخ أم المؤمنين رضى الله عنها فالمعروف أنها أنجبت عبد الله بعد البعثة النبوية ولذا لقب بالطاهر الطيب , ولما كانت البعثة النبوية بعد زواجها بخمسة عشر عاما فعلى رواية الأربعين يستلزم أن يكون عمرها عند إنجابه أكثر من خمس وخمسين سنة , وكيف تنجب سيدة في ذلك السن, لذلك كانت راوية ابن عباس أقرب إلى الصحة خلافا لما عليه كثير من المؤرخين وإذا صح ما جاء في اليعقوبى من أن الرسول تزوج وعنده ثلاثون سنة وحاولنا عقد مقارنة بينه وبين رواية ابن عباس لا تضح لنا أن الرسول الله صلى الله عليه و سلم كان وقت زواجه أكبر من خديجة بعامين وعلى أية حال فقد كان زواجها مباركا وموفقا للغاية فقد وجد محمد في خديجة سكنا وسندا ورفيقا ووجدت خديجة في محمد زوجا بارا كريما فوقفت بجانبه تؤازره وتناصره مما جعله يثني عليها دائما بالخير ولم يتزوج عليها طوال حياتها
ويقفز المؤرخين قفزة زمنية واسعة امتدت عشر سنوات من عمر الرسول من الخامسة والعشرين إلى الخامسة والثلاثين, لم يذكروا عنه فيها شيئا وإن كان من المسلم به أنه لم ينقطع عن مخالطة أهل مكة والأخذ معهم بنصيب الحياة العامة وساعدته ثروة زوجته في تأمين حياته ومن ثم وجد وقتا أوسع للتفكير و التأمل والتدبير , وكأني بخديجة وقد عرفت فيه هذا الرغبة فهيأت له ما يساعد عليها
ويروى المؤرخون أن محمدا صلى الله عليه و سلم وهو في الخامسة والثلاثين شارك قومه بناء الكعبة فلقد أرادت قريش أن تهدم الكعبة وتعيد بناءها من جديد وقسمت العمل بين جميع قبائلها فكان شق الباب لبنى مناف وزهرة وظهر الكعبة لبنى جمح وبنى سهم , وشق الحجر لبنى عبد الدار وبنى أسد وبنى عدى , وما بين الركن الأسود واليماني لبنى مخزوم وقبائل من قريش انضموا إليهم
وترددت قريش في هدم الكعبة لأنها خشيت أن يصيبهم أذى من الله , فأقدم الوليد ابن المغيرة وهدم بعضا منها , وانتظر القوم حتى الصباح لينظروا ما الله فاعل بالوليد فلما أصبح على خير, قدموا يهدمون الكعبة ثم قامت القبائل بنقل الحجارة من جبال مكة وشارك عليه السلام في حمل هذه الحجارة ثم بدأت كل جماعة في بناء ما أسند إليها فلما ارتفع البناء مقدار قامة رجل وجاء وقت وضع الحجر الأسود في مكانة تنازعت القبائل جمعيها شرف وضعه وأشتد الخلاف بينهم وتحالفت بنى الدار وبنى عدى أن يحولوا بين أي قبيلة وهذا الشرف العظيم وجاءوا بحفنة مملوءة دما و وضعوا أيديهم فيها توكيدا لإيمانهم ومن ثم سموا بلعقه الدم وباتت قريش على أهلية وتوقف البناء خمسة أيام
ويرى المؤرخون أن أبا أمية بن المغيرة وكان من قريش لما رأى ما وصلت إلية حال القبائل خشى أن ينفرط عقدها فأشار عليهم بأن يحكموا بينهم أول من يدخل عليهم فكان محمد عليه السلام فقالوا رضينا بالأمين حكما واخبروه الخبر ففرد ثوبا وأخذ الحجر ووضعه وطلب من رؤساء القبائل أن يأخذ كل منهم بطرف من أطراف الثواب فرفعوه جميعا حتى إذا بلع موضعه وضعة بيده ثم بنى عليه وكأني لا أميل إلى تصديق الرواية فالأمر قد استحر بين القبائل وأصبح شبح الحرب الأهلية قائمة فهل يعقل أن يجعل عقلاء مكة مصيرها في يد أول داخل عليهم وقد يكون هذا الداخل سفيها أو معتوها فيقع مالا تحمد عقباه فضلا عن أن الرواية تظهر محمدا وكأنه لا يعرف شيء عن هذا النزاع وأخبروه الخبر وهو الذي حمل معهم حجارتها وشاركهم بنائها
ولكنى أصدق أن قريشا لما اشتدت الأزمة ووصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من خلاف كان لابد من البحث عن شخص يعبر بها الأزمة ويجتاز بها الخلاف أحلى ما يميزه العقل والحكمة لا السن والمال فهما لا ينفعان في مثل هذا النوع من الأزمات فلم يجدوا بين أظهرهم أعقل ولا أحكم من محمد صلى الله عليه و سلم فاحتكموا إليه وكان الحكم السابق وعلى أية حال فإن هذا الحل كان مثاليا وعلى الرغم من سهولته ويسره فقد كان فذا عبقريا أرضى جميع الأطراف المتصارعة وجعل القبائل على قدم المساواة في نيل شرف وضع الحجر وأنتهى الصراع إلى السلام والتفاهم وانحلت مشكلة خطيرة كادت أن تؤدى بأهل مكة
ومما تجدر ملاحظته أن احتكام أهل مكة إلى محمد صلى الله عليه و سلم يدل على أنه لم يكن شخصا عاديا في مجتمع مكة وإنما كان إنسان عظيما يستعان برأيه وقت الشدة و إهتدائه إلى هذا الحل يدل على ذكاء نادر وسرعة بديهة كما أنه لفت إليه أنظار العرب قاطبة فهو وان كان الصراع داخليا بين قبائل مكة إلا أن الحدث ارتبط بالكعبة التي إليها جميع العرب
وهكذا نجد أن محمد صلى الله عليه و سلم قد شارك قومه حياتهم العادية وعاش في مكة عيشة الشرفاء المهذبين واجتمعت له كل الصفات الإنسانية النبيلة وبلغ بها مرتبة الكمال وعرفه قومه بالصادق الأمين وكانت عناية الله تكلؤه وترعاه وتحوطه من أفزار الجاهلية وتنأى به بعيدا عن مساوي البشر وإليك بعض الأمثلة
ذهب وهو طفل صغير يرعى الغنم لسماع الغناء في حفل عرس فضرب الله على أذنه فغلب عليه النوم فنام حتى الصباح ولما أراد أن يعاود الكرة عاوده النوم أيضا فلم يعد إلى مثلها أبدا
ويقول الرسول صلى الله عليه و سلم: لقد رأيتني في غلمان قريش ننقل حجارة لبعض ما يلعب به الغلمان كلنا قد تعرى وأخذ إزاره فجعله على رقبته يحمل عليه الحجارة فأنا لأقبل معهم وأدبر إذ لكمني لاكم ما أراه لكمة وجيعة ثم قال شد عليك إزارك فأخذته وشددته ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري على من بين أصحابي كذلك شملته عناية الله ورعايته ونأت به بعيدا عن كل ما يعيب شخصه
أشترك وهو كبير مع قومه في حمل الأحجار لبناء الكعبة وكان القوم يجعلون أزرهم على عواتقهم لتقيهم الحجارة وكان عليه السلام يحملها وهو لابس إزاره فأشار عليه العباس أن يجعل ازاره على عاتقة ليحميه فلما هم أن يفعل وقع مغشيا عليه فما رؤي بعد ذلك عريانا
وكان عليه السلام يذهب إلى الكعبة ويطوف بها ولكنه لم يسجد أبدا لصنم وكان يعيب على قريش عبادتها لحجارة لا تنفع ولا تضر ويقيمون لها الاحتفالات ويذبحون لها لقرابين
وكان لقريش صنما يسمى "بوانه" له احتفالات كل عام وكان أعمام الرسول وعماته يشتركون في الاحتفال وطلب أبو طالب من محمد أن يشاركهم حفلهم فرفض فغضب منه وغضبت منه عماته وأخذن يزين له ضرورة المشاركة ومازالوا به حتى ذهب معهم وغاب محمد عنهم برهة ثم عاد مفزوعا كأن به مس من الشيطان فسألته عماته عما به فقال أنى كلما دنوت من صنم منها تخيل لي رجل ابيض الثياب يصيح بي ابتعد يا محمد لا تمسنه ولم يعد بعدها لعيد لهم
ولهذا كان محمد عازفا عما فيه قومه من ضلال وأحب منذ صغره حياة التأمل والتفكير والتدبير فكان يخلو لنفسه في داره حينا ويخرج إلى الخلاء أحيانا وكلما زادت به السن ازداد بعدا عن الناس وإمعانا في التفكير لذلك التمس له غار في جبل حراء وأصبح من عادته أن يخرج إليه كل عام معه طعامه وشرابه ليقضي فيه بعض أيام شهر رمضان سابحا في تأمله غارقا في تفكيره وطالت تأملات محمد في الغار وطال تفكيره في خالق الأرض السماء وأضاءت نفسه من طول النظرة وأعمال الفكرة وكانت تزدحم الأفكار في رأسة فيسير في الصحراء ساعات ثم يعود إلى خلوته وقد صفت نفسه وانجلى ذهنه