براء عياش
"ذنب الكلب بيضل أعوج، والحمار بضل حمار لو بين الخيل ربي"، عشرات الأمثال الشعبية تتحدّث عن فقدان الأمل في إنصلاح حال أو ذنب بعض الأشخاص، غسّل إيديك منهم ولا تُتعب نفسك معهم، في الفترة الماضية شاهدنا جميعنا الأبواق الناعقة تتحدّث بالسوء عن المقاومة في غزة، وإذا كان هذا البوق عديم الفهم والنظر، يعني حمار وأعمى، سيتمادى بحقارته إلى أن يقول: من أستشهد خلال مهمات جهادية جرت تصفيتهم داخلياً، الآن وفي أثناء الحرب وكما هو معروف، تذهب الفئران إلى جحورها ولا نسمع لهم صوتاً ولا همساً، إلّا من تمادى منهم فقط ليظهر بمظهر المثقّف الإبن حرام، المقاومة تردّ عليهم وتقصّ ألسنتهم بالأفعال، ها هو غرس شهداء المهمّات الجهادية يثمرُ عمليّات بطولية لم يتخيلها الإحتلال ولا في أحلامه، وحتّى لم يتخيّلها أبطال المفاوضات النوعيّة، نوعيّة هي إذ أنها تجري للوراء في عشرين سنة.
بعد إنتهاء الحرب سنجد الفئران تخرج مجدّداً لتعود سيرتها الأولى، ولتطلق ذنبها ليحلّق في فضاء الإحتلال مرةً أخرى، حالتهم هذه تتلخّص بعقلية قيادة السلطة التي تقول أن المقاومة ما هي إلا إنهاك للشعب ولن تجلب أي مصلحة، فعلينا بالإنبطاح علّنا نحصل على بعض الفُتاتِ من الإحتلال، لكنّ أبناء حركة فتح على الأرض تجدهم يرجعون إلى الماضي ويضعون صور "كتائب شهداء الأقصى"، هذا يدفع للتساؤل، كم إبتعدت القيادة عن الشعب، وكم أضلتهم!، رمت هذه القيادة البندقيّة منذ زمن، وأصبحت تعمل شرطياً للإحتلال، يضرب الشعب فيهم، ويحمي نفسه بهم، فأصبحنا نرى إنجازات للأجهزة الأمنية على شكل إحباط عمليات للمقاومة وإكتشاف أنفاق كانت مُعدّة لأسر جنود ومبادلتهم بالأسرى، وفقط لوضع النقاط على الحروف، من يطلق الصواريخ في غزة تحت مسمّى فتح هم كتائب عبدالقادر الحسيني كفروا بنهج أوسلو وفتح الضفة، لذلك لا تحاولوا خطفهم لتضعوهم تحت جناح حمامة السلام، فإنهم لا يفتخرون بكم.
مواطن غزّاوي وضع معادلة سهلة وبسيطة، إللي مش مع المقاومة إبن حرام مصفّى، المعادلة لا تحتاج إلى شرح، فقط هنا نقول كيف تعرف إنك إبن حرام أم لا؟ الأمر أيضاً سهل، فقط قارن خطابك بخطاب الإحتلال، وإذا وجدت أي تشابه، فأنت تعرف ماذا أنت، وبخصوص تصريحات بعض قيادة السلطة بأن المعونة المصريّة كانت بحالة جيّدة ويكذّبون شعب غزّة الذي نشر صور الحشرات في الطعام، أعدكم بأننا سنحتفظ بجزءٍ منها لكم، وسوف نطعكم إياه رغماً عن أنوفكم، الأمر مجرّد وقت لا أكثرْ.
ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بمؤسسها الصحفي اليهودي النمساوي ثيودور هرتزل الذي نشر في العام 1896 كتابه «دولة اليهود» والذي دعا فيه لإقامة وطن قومي لليهود في أرض فلسطين، وفي العام التالي 1897 أقام أول مؤتمر صهيوني في مدينة بازل السويسرية حضره أكثر من 200 مندوب ليعلن ولادة الحركة الصهيونية التي تعود فكرتها إلى ما يسمى بالعقيدة الاسترجاعية التي تعني ضرورة عودة اليهود إلى فلسطين أرض الميعاد لتحقيق الخلاص وعودة المسيح،
وقد حظيت الفكرة بالدعم الغربي نظرا للكراهية التي كان يتمتع بها اليهود في أوروبا والتي استخدمها قادة الحركة الصهيونية مدخلا لإغراء اليهود بالتوجه لفلسطين لاتخاذها وطنا لهم وطرد أهلها منها وعقدوا عدة مؤتمرات يهودية بعد ذلك حظيت بالدعم الأوروبي، فأسسوا البنوك والمؤسسات التي تدعم فكرتهم الصهيونية، حتى حصلوا على وعد بلفور بإقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين من وزير الخارجية البريطاني بلفور في العام 1917، وقد بدأت الحركة الصهيونية تتغلغل في كافة المجتمعات والديانات الغربية ومؤسسات الحكم، ونجحت الحركة الصهيونية في التغلغل في العقيدة المسيحية لاسيما البروتوستانت الذين هاجروا من أوروبا للولايات المتحدة فنشأ بين مسيحيي الولايات المتحدة تيار مسيحي صهيوني يؤمن بضرورة عودة الشعب اليهودي إلى ارضه الموعودة في فلسطين وإقامة كيان يمهد لنزول المسيح وتأسيسه لمملكة الألف عام، ويقدر عدد المسيحيين الصهاينة في الولايات المتحدة بأكثر من ثمانين مليونا يمثلون الداعم الرئيسي لأسرائيل في كافة المجالات من إعلام وسينما وبنوك ومراكز صناعة القرار والتأثير، وتعتبر المسيحية الصهيونية هي الذراع الضاربة لإسرائيل في الولايات المتحدة والدول الغربية حيث تمكنت الحركة الصهيونية من اختراق كافة مراكز صناعة القرار في الدول الغربية، من برلمانات ووسائل إعلام وقصور الرئاسة والحكم وغيرها، لذلك كل من يتطاول على إسرائيل والحركة الصهيونية في الغرب يتعرض لعقوبات تصل إلى السجن في أحيان كثيرة ولا زالت قصة المؤرخ البريطاني ديفيد إيرفنج الذي لم يستطيعوا محاكمته في بريطانيا فقبض عليه بعد وصوله للنمسا لإعطاء محاضرة هناك وحوكم وسجن لمدة عام كامل بتهمة إنكار المحرقة، رغم أن كل ما قاله هو أن الأعداد التي يتحدث عنها اليهود غير الأعداد الحقيقية، كما أن كل من يتعرض لهم يتم محاربته وفصله من عمله أو محاربته في تجارته أو عمله حتى أنهم نجحوا في كثير من الدول في استصدار قوانين من البرلمانات تجرم من يتطاول على اليهود أو الصهاينة .
ظلت الحركة الصهيونية محصورة بين اليهود والمسيحيين والسياسيين الغربيين طوال العقود الماضية لكن بعد حرب غزة التي لازالت قائمة فوجئ كثيرون بنوع جديد من الصهيونية هو الصهيونية العربية وبرز الصهاينة العرب في وسائل الإعلام العربية وفي أركان السياسة حيث ظهر إعلاميون عرب في دول مختلفة على رأسها مصر يدافعون عن إسرائيل ويهاجمون المقاومة والشعب الفلسطيني بل نشرت الصحف الإسرائيلية أن دولة عربية تعهدت بدفع تكاليف الحرب لإسرائيل أن هي نجحت في القضاء على حركة حماس، ووصفت الحلف بين السيسي ونتانياهو بالتحالف الشجاع، وهذا يعني أن العلاقات مع الكيان الصهيوني من قبل بعض الأنظمة العربية تخطت الاتفاقيات والزيارات واللقاءات إلى التخطيط الأستراتيجي ضد هوية الأمة وشعوبها.
JUL 21, 2014
من حقنا ان نحتفل باسر جندي اسرائيلي.. وحماس “الارهابية” تقتل جنودا ونتنياهو “الحضاري” يقتل اطفالا.. واخشى على دماء الشهداء من “الوسطاء” وهذه هي اسبابي
عبد الباري عطوان
من تابع بركان الفرح الذي انفجر في اكثر من مدينة عربية، وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، الذي عاد لتوه من تشييع شهدائه الى جنات الخلد باذن الله، بعد اعلان السيد “ابو عبيدة” الناطق الرسمي باسم كتائب “القسام” عن اسر جندي اسرائيلي ونشر صورته مذيلة باسمه ورقمه العسكري، يدرك كم هي متعطشة امتنا للنصر بعد ان ازدحمت صفحات تاريخها الحديث بالهزائم من مختلف الانواع والاشكال وفي الميادين شتى.
اسر جندي اسرائيلي ربما لا يشكل نصرا كبيرا في نظر “العقلاء” الذين يستخدمون معادلات الارقام والمقارنات “الواقعية”، على حد تعبيرهم، في تحليلهم لسير العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، ولكن الشعوب المقهورة تنظر للامور من منظار مختلف اكثر وطنية، واكثر عاطفية، ومن منطلقات مختلفة، فعندما تأتي عملية الاسر هذه في اطار اعتراف بنيامين نتنياهو بمقتل عشرين اسرائيليا (ارتفع العدد الآن الى ثلاثين)، وعلامات الهزيمة والانكسار مرسومة على وجهه، وهو المتغطرس، فان مهرجانات الفرح العفوية هذه تأتي منطقية ومفهومة بالنسبة الى كل الذين يقفون في خندق المقاومة ونحن منهم.
***
المقاومة الفلسطينية تقتل وتاسر جنودا، بينما الطائرات الاسرائيلية تقتل اطفالا، وتدمر بيوتا فوق رؤوس اهلها المدنيين بعد ان عجزت عن الوصول الى المقاتلين دفاعا عن امه تتعرض كلها لهذا العدوان، وهنا تأتي المقارنة الحقيقية لتبرز الفرق بين مقاومة مؤمنة اخلاقية وبين عدو عنصري وحشي لا مكان للقيم الانسانية في قاموسه، اذا كان يملك قاموسا آخر غير القتل والدمار.
اسرائيل في مأزق، ونتنياهو في ازمة، ولهذا يهرع جون كيري وزير الخارجية الامريكي وبأوامر من رئيسه باراك اوباما الى المنطقة من اجل انقاذ الاثنين، وليس من اجل انقاذ اطفال قطاع غزةن ولكن امريكا نفسها تغرق في وحول الشرق الاوسط وتبحث عن منقذ.
امريكا وكل الانظمة العربية المتواطئة معها، اعطت نتنياهو اسبوعا لانجاز مهمة تركيع قطاع غزة والقضاء على الصواريخ، ونزع سلاح المقاومة وتدمير بناها التحتية والفوقية، وعندما فشل مددوا له لاسبوع آخر، وعندما بدأت الخسائر تتعاظم في صفوف قواته، ارسلوا له من يحمل طوق النجاة عبر البحث عن موقف لاطلاق النار بأسرع وقت ممكن مستغيثا بحلفائه الخلص وما اكثرهم في قمم السلط.
غزة كانت وستظل مقبرة الاسرائيليين فهي التي قضت على اسحق رابين الذي يوصف بأكبر العقول العسكرية اليهودية (كان رئيس اركان الجيش الاسرائيلي في حرب عام 1967) وهي التي اذلت ارييل شارون وارغمته على الانسحاب مهزوما ومستوطنيه دون شروط، ولا ننسى الثنائي ايهود اولمرت وتسيبي ليفني “بطلي” عدوان “الرصاص المصبوب” عام 2008، والآن جاء دور نتنياهو الذي سيكون ابرز ضحايا هذا العدوان، وايا كانت الصورة التي ينتهي عليها.
عندما يرقص اهل قطاع غزة واشقاؤهم في الضفة الغربية ومخيمات لبنان طربا لاسر جندي اسرائيلي، فانهم يحتفلون بانتصار الكف على المخرز، وقرب تحرير الف معتقل يقبعون خلف القضبان في المعتقلات الاسرائيلية ان لم يكن اكثر، وهذا ما لا يفهمه الذين يكرهون المقاومة ويشككون فب انجازاتها من خلال ولعهم بالارقام والآلات الحاسبة عديمة الاحساس وفاقدة الوطنية.
فرانسوا هولاند رئيس فرنسا الذي دعم العدوان الاسرائيلي بقوة، وادان ظهره لقيم الحريات الفرنسية عندما منع مظاهرة احتجاج على هذا العدوان وضحاياه الابرياء في باريس يعلن بأنه لا بد من بذل كل جهد ممكن لانهاء معاناة سكان غزة على الفور”، متى كانت دماء اطفال غزة ومعاناة اهلهم تهمه، ولماذا لم يرسل طائرات الناتو لحمايتهم مثلما فعل سلفه نيكولا ساركوزي المتهم بالفساد ثم اين “رسول المحبة والسلام” برنارد ليفي ولماذا هو صامت؟ الا يرى اشلاء الاطفال على شاشات التلفزة؟
ما الذي حدث حتى تنقلب المواقف رأسا على عقب؟ ويتحول الصقور الى دعاة سلام؟ وتصبح ارواح اطفال غزة ودمائهم عالية، تتصاعد الدعوات لوقف ازهاقها بالطائرات الامريكية الصنع؟
انه الخوف على اسرائيل من ظاهرة المقاومة وانتقال “فيروسها” الطاهر ليس فقط الى المحيط العربي والشرق اوسطي وانما الى اوروبا وامريكا ايضا، فهذه المقاومة الشريفة التي توحد العالم الاسلامي، قبل العربي خلفها لا يستطيع اوباما او هولاند وصمها بالارهاب مهما حاولوا، واعلان الحرب عليها بالتالي، لانها مقاومة مشروعة، بل اكثر شرعية من المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي، والامريكية للاحتلال الانكليزي.
لاول مرة في تاريخ العرب الحديث، ولا ابالغ مطلقا، نعيش العودة القوية لهذه الظاهرة، ونرى رجالا يرفضون الرد على مكالمات الوسطاء والسماسرة ويستمرون في القتال بشجاعة ورجولة، لانهم يتطلعون الى الشهادة، ويتمنونها في اسرع وقت ممكن، ووقف اطلاق النار الذي لا يربي مطالبهم وشروطهم المشروعة يحرمهم منها، وهذه الروحية لا يفهمها نتنياهو ولا حلفاؤه في واشنطن وباريس ولندن، ولهذا يخطئون الحساب دائما.
***
نعم خسر ابناء القطاع وخسرنا معهم خمسمائة وخمسين شهيدا، الى جانب اربعة آلاف جريح وتدمير آلاف البيوت، تشرد مئات الآلاف في العراء، ولكن الرعب الذي يعيشه الاسرائيليون حاليا، وهم يرون جنود جيشهم يتساقطون قتلى وجرحى في معارك الشرف والكرامة على مشارف غزة، يجعل هذه الخسائر متواضعة ومبررة، ومن استمع الى تلك المرأة التي قدمت سبعة من ابنائها وزوجها شهداء، وهي تقول بأعلى صوتها انها مع المقاومة ولا ترجى شيئا من الزعماء العرب، وتترفع عن الاستنجاد بهم وجيوشهم، وانا انقل كلامها حرفيا الذي قالته على شاشة احدى الفضائيات، يدرك ان قيما جديدة، تنبت وسط ركام بيوت حي الشجاعية البطل شرق مدينة غزة.
نخشى على هذا الصمود الرائع المشرف.. مثلما نخشى على تضحيات الرجال الرجال في قطاع غزة من الوسطاء العرب اكثر من خشيتنا من الوسطاء الاجانب، فدماء الشهداء لا تعني بالنسبة الى الكثير من هؤلاء غير زيادة رصيدهم عند الكفيل الامريكي، ولا اقول اكثر من ذلك.
JUL 21, 2014
أوقفوا هذه المفرقعات التي جلبت على غزة الويلات
اسماعيل القاسمي الحسني
غيابي هذه الأيام كان سببه انتقالي الى الجزائرالعاصمة، للقاء شخصيات رفيعة وسؤالها حول موقفها مما يحدث في الشرق الأوسط، وكان من بين أهم القضايا الجريمة الهمجية التي يرتكبها العدوالاسرائيلي بحق أهلنا الفلسطينيين في قطاع غزة، ذلك أن الأمر لم يعد يحتمل الدفاع عنه من موقعي الذي يبعد حوالي ثلاثمائة كيلومتر جنوب العاصمة، ولا يمكن تناول الجريمة البشعة عبر هواتفنا النقالة، ونحن نرمي بجثثنا المتخمة بالأكل على الأرائك، نتصنع الحزن والارق؛ وكما تعود القارئ لن أكون إلا واضحا وصريحا، وأتجنب قدر المستطاع عبارات الاهانة لأصحاب القرار العرب، حتى وإن كانوا في مجملهم لا تفيهم كل دواوين الهجاء، شعرا ونثرا.
لقد سمعت وقرأت مثلكم منطق عنوان المقال، هناك من بني جلدتنا ومن القادة الفلسطينيين أنفسهم، من يتبنى هذا الطرح الغبي لكي لا أقول أنه نواة العمالة والخذلان، نعم هناك على ما يبدومن يرى أن كيان العدوالاسرائيلي كيان شرعي، يتصف بالتحضر والتمدن ومراعيا لجميع حقوق الانسان، وواحة غناء بكل القيم العليا، وأهمها احترامه للمواثيق والمعاهدات الدولية، ويذهب بعيدا حين يستجدي رضاه بالعرض العربي الرسمي لمعاهدة سلام، عسى في تصوره أن ينتفع بجواره النبيل والمشرف، وفي المقابل الشعب الفلسطيني ظالم لنفسه، ويسعى لاختلاق المشاكل وزعزعة الاستقرار وضرب الأمن في المنطقة، ويقول بصريح العبارة: لوأوقف الفلسطينيون مفرقعاتهم التي يسمونها صواريخ، لما تعرض سكان غزة للفواجع التي نشاهدها على مدار الساعة. وأصدقكم القول أني كنت اوعز هذا المنطق لتلف خلايا دماغ صاحبه، وترهل حد التفتت لقيمه إن وجدت أصلا، ودركا من الغباء قد يفرز طرحا سرياليا كهذا بديع نسجه، وأرده لكون صاحبه لم يخبر الحروب، ولم يعرف الجهاد الأصيل، ولديه استعداد كما أشار ابن خلدون لتبعية عمياء لمن يتوهم أنه غالبه لا محالة، وهي حالة مرضية تنتهي عادة بصاحبها للانتحار من تلقاء نفسه، بعد أن يعدم وجود شخصيته وانتمائه.
لكن الصدمة التي تلقيتها، حين سمعت ذات المنطق من مسؤول جزائري رفيع، وهنا لا أذكر هذا الموقف لأثبط من عزيمة أهلنا في فلسطين السليبة، فقد يكون الرجل استثناء، والحقيقة أنه لم يحدثني بصفته التمثيلية وإنما بصفته الشخصية، والمراد من المقال أن أقطع دابر هذا الطرح اللقيط في الجزائر، والرد على أصحابه الذين يتبجحون به في مشرقنا العربي متفاخرين، في كبر وصلف كأنما صعدوا الى المريخ.
قد لا يختلف اثنان أن الحركة الدبلوماسية النشطة من قطر الى القاهرة وأنقرة، وعموم اتصالات قادة العرب والمبادرة التي طرحت، كل هذا الحراك ليس من أجل ادانة العدو، ولا لوضع حد لغطرسته واجرامه، وقطعا ليس لسحب مقعده من هيئة الأمم المتحدة، ولا لحشد القوات الصديقة من أجل الهجوم عليه، وليس لسحب شرعية تمثيل نظام حكمه فضلا عن السعي للإطاحة به وقلبه، بل وليس حتى من اجل سحب مبادرة الخزي والذل، التي بشرنا ذات عام 2009 بقرب دفنها من الكويت، وردم جثتها بأطنان من الاسمنت، أيامها بمناسبة جريمته المتكررة، لا شيء من هذا، ولا من دعوة الدول العربية لجواز دعم الشعب الفلسطيني بكل الوسائل بما فيها العسكرية كما فعلوا مع الشعب السوري وقبله الليبي، هنا يحرم دعم الشعب الفلسطيني من أجل الدفاع عن نفسه، وممنوع التفكير في الزج بآلاف الشباب للجهاد في سبيل الله؛ بل كل جهد القوم يصب في هدف واحد ووحيد وهووقف “المفرقعات” التي تزعج كيان العدوأولا، ليوقف الأخير مجازره الاجرامية البشعة.
بداية أقول للسيد الجزائري، ومن ورائه لكل من يتبنى طرحه، لقد كدتُ أتصور أننا حين ثرنا على المحتل الفرنسي في الجزائر، بأن المجاهدين عام 1954 كانوا يملكون حاملات طائرات، تعدل قوة وخطرا حاملات الطائرات الأمريكية، ولهم أرتال من الدبابات الحديثة يفوق عددا ما يملكه المحتل الفرنسي، وليقس ما لم يقل، كدت أنسف من عقلي كل روايات المجاهدين سواء الموثقة في مذكراتهم، اوتلك التي سمعناها منهم مباشرة، وملخصها أن أغلبهم حين انطلقت الثورة لم يكن يملك حتى بندقية صيد، بل أغلبهم لا يملك حتى حذاء ينتعله، وفرنسا رابضة حينها ومنذ قرن وثلاثين عاما على أرضنا بكل قوتها وجيشها وعدتها وعتادها، أليست هذه هي الحقيقة؟ ماذا لوعمل الشعب الجزائري ايها المسؤول الرفيع بمنطقك هذا؟ قطعا لن تكون النتيجة سوى أنك عامل تافه في احد اسطبلات محتل فرنسي الآن. ما كان يملكه الشعب الجزائري ليس حتى المفرقعات التي تسخرون منها، بل هوعينه ما يملكه الشعب الفلسطيني، إنها العقيدة الراسخة، التي ترفض احتلال الأرض والانسان.
أما لأصحاب هذا المنطق من السياسيين وصناع الرأي نقول: اتقوا الله في انفسكم وفي هذا الشعب وهذه الأمة؛ الجريمة البشعة في حق أهل غزة لم تبدأ بالصواريخ منذ عشرة أيام، بل منذ عقود والمحتل الاسرائيلي ينكل بالشعب الفلسطيني، فبأي عقل تفكرون؟ وبأي منطق تستدلون؟ وأما عن غزة وهي موضوع الجريمة وموضعها، فلا أقل منذ سبع سنوات يعاني أهلها حصارا ظالما اجراميا بكل المواصفات، عدد ضحاياه يزيد عن عدد ضحايا قصف العدوالاسرائيلي، ما علمت البشرية نظيرا له وقد أطبق على مليوني ساكن من الجهات الأربع، برا وبحرا وجوا وحتى تحت الأرض، هل نسيتم الجدار الحديدي عام 2010؟ وهل يعقل ارتكاب جريمة كهذه والسكوت عنها نكاية في “حماس″ أو”الإخوانجية” !!!هذا ضرب من العمالة بلغحدّ المجون والعهر.
ودون مزايدة، فنحن كذلك نختلف مع حماس في كثير من النقاط، ونختلف كذلك مع منظمة التحرير وسلطتها خاصة منذ معاهدة اوسلو، لكن هذا الاختلاف لا يبيح لنا على الاطلاق أن نسلم للعدوالاسرائيلي مليوني عربي مسلم سنّي (وفق تعريفاتكم المستحدثة الهجينة والمستقبحة)، هذا الموقف لا يمكن اعتبراه الا تهربا من المسؤولية حيالهم، وخيانة عظمى للقضية الفلسطينية وللأمة، والأنكى أننا نحن من يحاصرهم، فغزة تقع بين قطبين يتزعمان العالم العربي بحسب اعلامهما مصر والسعودية. نقول بصراحة وصدق مع الذات، إن جريمتنا بحق الشعب الفلسطيني لا تقل خطرا عن جريمة العدوالاسرائيلي، بل أكثر من ذلك وهي الحقيقة، لولا جريمة أصحاب هذا المنطق، لما تجرأ العدوعلى جريمته أبدا.
أخيرا اسجل طلبي وأوثقه هنا، والذي رفعته للقيادة الجزائرية العليا، لقد اعتبرت طلب المشير السيسي من الجزائر مساعدة مصر بمدد من الغاز أمرا مرحبا به ونحن نشجع عليه، لأنه في النهاية سيصل للمواطن المصري، وهذا من ابسط حقوقه علينا، ولكن هوذات الحق للفلسطيني كذلك، ولهذا أدعوالسلطة في الجزائر لأن تربط المساعدة لمصر بضرورة المساعدة لسكان غزة؛ ولا نفهم ولن نتفهم أن يطلب المشير السيسي الغاز الجزائري لشعب مصر، وفي نفس الوقت يمنعه على الشعب الفلسطيني وهوأكثر حاجة اليه وأحق به؛وإلا فليذق كمسؤول ما يتجرعه المواطن الفلسطيني حين يمنع عنه أخوه المساعدة والغوث؛ هذا طلبنا الذي عرضناه شفويا، ونوثقه اليوم كتابيا ليتحمل كل منا مسؤولياته امام الله وأمام التاريخ والأمة.
أما عن الذين يحملون اسفارا، وهم اكثر الحكومات العربية المستوردة للسلاح في العالم، نُخيّرهم بين أمرين، أولهما أن يرسلوا للمقاومة الفلسطينية كما يرسلون لثوارهم في سورية وليبيا، وستوقف حتما الفصائل عندها المفرقعات، وإن كانوا أعجز من الأخذ بهذا الخيار، فعليهم قهرا العمل بالخيار الثاني،وهوأن يبلعوا ألسنتهم ويغضّوا من أصواتهم، فنحن في رمضان…..واللّهم إني صائم.
فلاح جزائري
JUL 22, 2014
مهاتفة السيد نصر الله لمشعل وشلح مقدمة لـ “تجديد” معسكر الممانعة وفتح ابواب ايران وسورية مجددا امام “حماس″ وتغيير الكثير من المعادلات
ان يتصل السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله بالسيدين خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس″ ورمضان عبد الله شلح امين عام حركة “الجهاد الاسلامي” ويؤكد فيه على ثقته بقدرة الفصائل الفلسطينية على الانتصار في مواجهة الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة، فهذا امر متوقع من حيث توقيته ومن حيث مضمونه، ولكن المعاني السياسية والمستقبلية منها خاصة، لهذا الاتصال هي التي تجعله على درجة كبيرة من الاهمية ويمكن ايجازها في النقاط التالية:
*اولا: اكد السيد نصر الله للقائدين الفلسطينيين استعداد الحزب للتعاون معهما، والوقوف الى جانب انتفاضة الشعب الفلسطيني ومقاومته قلبا وقالبا.
*ثانيا: الاتصال بالسيد خالد مشعل بالذات يعني ان العلاقة بين حزب الله وحركة “حماس″ التي تأثرت سلبا بالتباعد بين موقفيهما في الازمة السورية، بدأت تعود تدريجيا وتنتقل من مرحلة المجاملات وكظم الغيظ، ومن حزب الله خاصة، الى مرحلة التحالف بصورته السابقة.
*ثالثا: ان حزب الله اللبناني يعتبر البوابة الموثوقة لعودة حركة “حماس″ الى معسكر الممانعة، واعادة علاقاتها المقطوعة مع ايران، والمقطوعة كليا مع السلطات السورية، ولا شك ان هذا الاتصال بين السيد نصر الله ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس″ ما كان له ان يتم لولا وجود اجواء ايجابية تجاهه من القيادة السورية التي ظلت دائما لا تمانع من عودة العلاقة مع حركة “حماس″ التي دعمت المعارضة السورية في خطتها لاطاحة النظام في دمشق، ولكنها وضعت “فيتو” على السيد مشعل بالاسم بسبب غضبها من مغادرته دمشق بالصورة التي تمت عليها، وانتقاله الى العاصمة القطرية، وادلائه بتصريحات ضد النظام السوري تركت جروحا عميقة.
صمود المقاومة وفصائلها في قطاع غزة بصورة اسطورية في وجه العدوان الاسرائيلي لاكثر من اسبوعين غير الكثير من المواقف في الجانبين، الجانب السوري الايراني وفي الجانب الفلسطيني ايضا، فقد ادركت حركة “حماس″ ان صمودها وصواريخها التي دكت فيها تل ابيب هي نتاج تكنولوجيا ايرانية سورية، وان الصاروخ الذي وصل الى حيفا، اي ما بعد تل ابيب كان صناعة سورية.
الدكتور شلح في لقاء مع قناة “الميادين” مساء الاثنين اكد انه لم يتلق اتصالا فقد من السيد نصر الله، وانما عقد لقاء معه حيث جرى بحث العدوان على القطاع، وجرى الاتفاق على خطط مشتركة ورفض ان يكشف عن تفاصيل كثيرة لما جرى في هذا اللقاء الاستراتيجي على حد توصيفه.
ويسجل قادة حركة “حماس″ لحزب الله وزعيمه السيد نصر الله انه لم ينطق بكلمة واحدة مسيئة لهم وحركتهم طوال فترة الخلاف، وظل يعتبر الحركة جزءا من معسكر الممانعة، وواصل تقديم الدعم المعنوي والعسكري لها، واحتضان ممثليها واجهزة اعلامها في بيروت وتوفير الحماية لهم، فالقنوات الفلسطينية في العاصمة اللبنانية تنطلق من المربع الامني للحزب، وممثل حركة “حماس″ في بيروت يقيم في الضاحية الجنوبية وكذلك مكتبها.
السؤال الذي يطرح نفسه هو عما سيحدث في المرحلة المقبلة، او بالاحرى ما سيتم اتخاذه من خطوات من الجانبين في مرحلة ما بعد الاتصال الهاتفي خاصة بين السيد نصر الله ومشعل؟
الصمود الاعجازي في قطاع غزة من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية جميعا دون استثناء سيغير الكثير من المعادلات السياسية في المنطقة العربية وجوارها، وسيذيب الكثير من الخلافات السياسية والعقائدية، وسيؤشر لمرحلة جديدة عنوانها اعادة ترميم “بيت الممانعة” وبصورة ربما تكون اقوى واصلب عودا.
انتظروا ظهور السيد مشعل مجددا في بيروت جالسا مع السيد نصر الله، وعلى وجهه ابتسامة عريضة، تكرر بثها شاشة القنوات اللبنانية الداعمة للمقاومة مثل “الميادين” و”المنار” اكثر من مرة.
“راي اليوم”
فخامة الرئيس السيسي لا “نزايد” عليكم ولكن خطابك خيب آمالنا لخلوه من الحد الادنى من التعاطف
فخامة الرئيس السيسي لا “نزايد” عليكم ولكن خطابك خيب آمالنا لخلوه من الحد الادنى من التعاطف - فخامة الرئيس السيسي لا “نزايد” عليكم ولكن خطابك خيب آمالنا لخلوه من الحد الادنى من التعاطف - فخامة الرئيس السيسي لا “نزايد” عليكم ولكن خطابك خيب آمالنا لخلوه من الحد الادنى من التعاطف - فخامة الرئيس السيسي لا “نزايد” عليكم ولكن خطابك خيب آمالنا لخلوه من الحد الادنى من التعاطف - فخامة الرئيس السيسي لا “نزايد” عليكم ولكن خطابك خيب آمالنا لخلوه من الحد الادنى من التعاطف
JUL 23, 2014
فخامة الرئيس السيسي لا “نزايد” عليكم ولكن خطابك خيب آمالنا لخلوه من الحد الادنى من التعاطف مع اشلاء الشهداء الاطفال في غزة.. لا نطالبك بحشد الجيوش.. وانما بفتح معبر وانهاء الحصار فقط فهل هذا بكثير؟!
عبد الباري عطوان
تابعت الخطاب الذي القاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء الثلاثاء في اجتماع القيادة الفلسطينية لعلي اجد فيه موقفا شجاعا يرفع من معنويات الذين يواجهون المجازر الاسرائيلية ويدافعون عن كرامة الامة في قطاع غزة، ولكني اصبت بخيبة امل اخرى اكبر من كل خيبات الامل السابقة، فقد جاء الخطاب “التاريخي” عرضا مملا لجولة الرئيس ومقابلاته مع بعض الزعماء والمسؤولين من اجل وقف اطلاق النار، وكأن العدوان يستهدف هنودا حمرا في غابات الامازون.
اعتقدت ان خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي القاه ظهر الاربعاء سيكون مختلفا، لانه يأتي بمناسبة ثورة 23 تموز (يوليو) عام 1952 التي ارخت لفجر مصري وعربي جديد غّير كل المعادلات السياسية والفكرية في المنطقة العربية باسرها، وارخ لدور مصري ريادي وقيادي حظي باحترام العالم باسره، لتبنيه الوقوف في خندق القضايا الانسانية والسياسية العادلة، والانتصار للمظلومين سواء داخل مصر او خارجها، ولكن خيبة املي الثانية كانت اكبر من الاولى، خاصة ان العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة “مسقط رأسي” لم يستغرق في الخطاب الا ست دقائق.
***
الرئيس السيسي قال ان مصر قدمت اكثر من مئة الف شهيد دفاعا عن القضية الفلسطينية، واضعاف هذا الرقم من الجرحى، وطالب بان لا “يزايد” عليه احد في هذا المضمار، ونحن نتفق معه كليا في الجزئية الاولى ونختلف معه في الثانية المتعلقة بتعبير “المزايدة” التي ما كنا نتمنى على كاتب خطاب الرئيس ان يستخدمها في هذا السياق.
جميع الحروب التي خاضها الجيش المصري جاءت بالدرجة الاولى دفاعا عن مصر وامنها القومي وسيادتها الوطنية في مواجهة مشروع اسرائيلي توسعي يهدد هذا الامن، ويريد الانتقاص من هذه السيادة، ومن المؤسف ان الدور المصري القيادي والريادي تراجع الى حدوده الدنيا منذ ان رفعت قيادات مصرية سابقة التي ورثت الحكم بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر الرايات البيضاء، وتقوقعت داخل حدودها، وما الاخطار التي تهدد مصر حاليا التي تحدث عنها الرئيس السيسي حاليا الا نتيجة لهذا التقوقع، والتخلي عن الدور القيادي الريادي الذي افقد مصر هيبتها ومكانتها، واوصلها لما هي فيخ من ازمات.
مطالبنا من مصر العظيمة تواضعت الى درجة فتح معبر امام الجرحى والمرضى، وان تكون وسيطا محايدا نزيها، ولم نعد نطالب، او حتى نجرؤ على المطالبة، بارسال وحدات من الجيش المصري وطائراته ودباباته الحديثة للتصدي للعدوان الاسرائيلي، والانتصار للاطفال والرضع الذين تذبحهم صواريخ الطائرات والدبابات الاسرائيلية، وتدمر بيوتهم فوق رؤوس قاطنيها، وتقصفهم من البر والبحر والجو، وقادة الجيوش العربية يتفرجون، بل ويديرون وجوههم الى الناحية الاخرى حتى لا يرون اشلاء جثامين الشهداء الاطفال، بل ربما انعدمت النخوة والشهامة عند معظمهم ان لم يكن كلهم.
الرئيس السيسي قال انه سيقف مع الاشقاء الخليجيين في مواجهة اي عدوان ايراني يمكن ان يستهدفهم، وسيرسل الجيش المصري بكل وحداته وفرقه لاداء واجباته تجاه اهله واشقائه، فالمسألة فقط “مسافة السكة”، وهذا موقف وطني واخلاقي يحمد عليه، ولكن لماذا لا نرى الموقف نفسه تجاه اهل قطاع غزة الذين يتعرضون لعدوان حقيقي وليس لعدوان ايراني “افتراضي” وبصورة وحشية.
بحثت عن كلمة واحدة في خطاب الرئيس السيسي الرجل المؤمن الذي يؤدي الفروض جميعا في اوقاتها تدين العدوان الاسرائيلي ووحشيته وقتله للاطفال وتحذره من التمادي، وتنتصر للعزل المحاصرين، ولكني لم اجد هذه الكلمة او العبارة، فحتى الكلام، ونحن لا نتحدث هنا عن الافعال، باتت عملة نادرة لان العدو اسرائيلي.
ندرك جيدا ان هناك عداءا مستفحلا بين الرئيس السيسي وحركة “حماس″ بسبب تأييد الاخيرة لحركة الاخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي، ولكن ليس جميع اهل القطاع ينتمون الى هذه الحركة، وان انتموا فهذا حقهم، مثلهم تماما مثل اكثر من نصف الشعب المصري، مثلما رأينا في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ومن انتخب الرئيس مرسي ليس حركة حماس ولا ابناء قطاع غزة وانما المصريون انفسهم.
سبع سنوات ومليونا فلسطيني تحت الحصار يعيشون في ظروف صعبة وغير انسانية، وازدادت صعوبة منذ وصول الرئيس السيسي الى الحكم في العام الماضي، سواء بشكل مباشر او من خلف ستار، فما العيب ان يطالب قادة الفصائل الفلسطينية التي تتصدى للعدوان وحركة حماس من بينها، برفع الحصار وفتح المعابر، وحرية الصيد والزراعة واعادة تشغيل المطار والميناء؟ فهل هذه المطالب الانسانية تشكل خطرا امنيا على الجار المصري، والمطالبة بها انتقاص من مصر وسيادتها وهيبتها؟
تمسك فصائل المقاومة بهذه المطالب قبل وقف اطلاق النار لا يعود الى عدم الثقة في مصر، وانما لعدم الثقة بالاسرائيليين، فها هو الرئيس عباس يتفاوض منذ عشرين عاما ولم يحصل على تنازل واحد ولو صغير من الاسرائيليين ولم ينجح في منع بناء شقة واحدة من المستوطنات، وها هي امريكا تضمن اتفاقات عديدة دون ان تلزم اسرائيل بها، عندما تخترقها وترمي بها عرض الحائط “فالمقروض يخاف من جرة الحبل” مثلما يقول المثل العربي المعروف، لماذا لا تكون مصر العظيمة داعمة لهذه المطالب وسندا لها؟
الرئيس السيسي طالب حركة “حماس″ دون ان يسميها، باجراء مراجعة لمواقفها، ولكنه هو نفسه اولى بهذه المراجعة لسياساته تجاه ابناء القطاع الذين يكنون كل الحب والتقدير والعرفان بالجميل لمصر وشعبها، فهذا الموقف العدائي من هؤلاء غير مبرر وغير مقبول على الاطلاق، فهل من المنطقي ان يتشاور الرئيس السيسي حول بنود مبادرته مع الطرف الاسرائيلي المعتدي ولا يتشاور مع فصائل المقاومة، او حتى يعرضها عليها مباشرة وليس عبر وسائل الاعلام، وجمعيها تكن لمصر اسمى آيات التقدير والاحترام.
***
الرئيس السيسي يفتخر بانتمائه الى ارث الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ويؤكد بكل الطرق والوسائل انه يسير على نهجه وسياساته، وهذا امر جميل، ولكن نسأله وبكل احترام انه لو كان عبد الناصر هو رئيس مصر حاليا هل يصمت على هذا العدوان، بل هل كانت اسرائيل ستجرؤ على ارتكاب مجازرها هذه؟
نعم مصر مهددة وتواجه اخطارا كبيرة من كيانات صغيرة وكبيرة، ولكن حتى تتحصن في مواجهة هذه الاخطار لا بد من اتباع سياسات اكثر تواضعا مع الضعفاء، واكثر صلابة وقوة في وجه المعتدين، سياسات توحد مصر اولا والعرب جميعا، فقراء واغنياء، خلف مصر وشعبها وقيادتها في مواجهة هذه الاخطار.
مصر تكبر بالقضايا الكبرى، وتصغر وتنكمش بالصغائر منها، ولم تصل الى مكانتها الا بتبنيها لقضية فلسطين وانتصارها لها ولاهلها، فالعدالة كل لا يتجزأ، والانتصار للعدالة الداخلية لا يكتمل الا بالانتصار لقيم العدالة لشعوب جارة مثل الشعب الفلسطيني.
ختاما نتمنى على الرئيس السيسي ان يتصرف تصرف بعض رؤساء دول امريكا اللاتينية الذين طردوا السفراء الاسرائيليين احتجاجا، وان يوقف حملات التحريض الاعلامي البشعة ضد اهلنا في غزة وهم في مواجهة العدوان ويذهب بعضها الى حد حث نتنياهو على المزيد من المجازر في حقهم، وكأن هؤلاء احتلوا مصر وحاصروا شعبها وجوعوه وذبحوا اطفاله، ومنعوا عنه الدواء والغذاء، والذي اوقف برنامج باسم يوسف يستطيع ان يوقف هؤلاء بجرة قلم، لانه يعرف جيدا من يقف خلف حملات التحريض البشعة هذه التي تسيء لمصر وتراثها المشرف قبل ان تسيء للفلسطينيين.
نريد لمصر وشعبها الطيب كل الازدهار والاستقرار دائما، ولكننا نود التذكير بان مصر عاشت افضل نماذج هذا الاستقرار والازدهار والعدالة الاجتماعية عندما انحازت للمظلومين داخلها وفي الوطن العربي والعالم بأسره.
مليارديرات “حماس″: هنية يملك اربعة مليارات.. ومشعل خمسة.. وابو مرزوق ثلاثة.. والله عيب يا اعلام مصر ان تهبط الى هذا المس
مليارديرات “حماس″: هنية يملك اربعة مليارات.. ومشعل خمسة.. وابو مرزوق ثلاثة.. والله عيب يا اعلام مصر ان تهبط الى هذا المس - مليارديرات “حماس″: هنية يملك اربعة مليارات.. ومشعل خمسة.. وابو مرزوق ثلاثة.. والله عيب يا اعلام مصر ان تهبط الى هذا المس - مليارديرات “حماس″: هنية يملك اربعة مليارات.. ومشعل خمسة.. وابو مرزوق ثلاثة.. والله عيب يا اعلام مصر ان تهبط الى هذا المس - مليارديرات “حماس″: هنية يملك اربعة مليارات.. ومشعل خمسة.. وابو مرزوق ثلاثة.. والله عيب يا اعلام مصر ان تهبط الى هذا المس - مليارديرات “حماس″: هنية يملك اربعة مليارات.. ومشعل خمسة.. وابو مرزوق ثلاثة.. والله عيب يا اعلام مصر ان تهبط الى هذا المس
JUL 25, 2014
مليارديرات “حماس″: هنية يملك اربعة مليارات.. ومشعل خمسة.. وابو مرزوق ثلاثة.. والله عيب يا اعلام مصر ان تهبط الى هذا المستوى في حملاتكم التحريضية على قادة يتصدون لابشع عدوان
عبد الباري عطوان
ان تستمر الحملة الاعلامية التي تشنها صحف ومحطات تلفزة مصرية على حركة المقاومة الاسلامية “حماس″ وفصائل اخرى في الوقت الذي يستمر العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ويزداد شراسة، وتتصاعد ارقام الشهداء والجرحى، من الاطفال خصوصا، فهذا امر معيب تتحمل مسؤوليته السلطات المصرية التي تمادت في الاساءة للشعب الفلسطيني، ولم تحترم الحد الادنى من “اخلاقيات” خصومه اخترعتها هي، مستغلة ضعف الطرف الآخر، ومن منطلقات استعلائية غير مفهومة وغير مقبولة معا.
فمن العار ان تظهر مذيعات ومذيعون مصريون على الشاشات المصرية وينتصرون لبنيامين نتنياهو ويطالبونه باكمال حرب الابادة حتى القضاء على آخر فلسطيني في قطاع غزة، ومن العار ايضا ان تمتلأ صحف مصرية بمقالات تخطّيء المقاومة وتحملها مسؤولية العدوان على القطاع، وتتشفى بدماء الاطفال والشهداء، و”تزغرد” ابتهاجا بكل غارة اسرائيلية تطلق صواريخها وحممها لتمزيق اللحم الفلسطيني وتشرد مئات الآلاف في العراء وفي شهر رمضان الكريم.
من يتابع حملات الحقد والكراهية هذه يتبادر الى ذهنه ان الشعب الفلسطيني احتل مصر، وانتهك عرض نسائها، ونهب ثرواتها واذل رجالها وحول مياه نيلها، وفرض عليها حصارا تجويعيا خانقا، تماما مثلما فعل “الهكسوس″ او التتار وكل الغزاة الآخرين.
قطاع غزة الذي لا تزيد مساحته عن 150 ميلا مربعا، ويعتبر اكثر مناطق العالم ازدحاما بالسكان، اصبح في نظر الكثير من الاعلاميين المصريين دولة عظمى تملك قنابل نووية، وتشكل الخطر الاكبر على امن مصر واستقرارها حتى في ظل المجازر التي يتعرض لها على ايدي الاسرائيليين على مدى عشرين يوما من القصف المتواصل برا وبحرا وجوا.
***
مظاهرات احتجاج على هذا العدوان انطلقت في معظم العواصم العالمية: في لندن، في باريس، في واشنطن، في الهند، في باكستان، في بنغلاديش، ولا مظاهرة واحدة في القاهرة ترتقي الى مكانة مصر ودورها وتعكس روابط الجوار والتاريخ المشترك.
صبرنا كثيرا على هذه الحملة، وقررنا عدم الرد لان معركتنا ليست مع مصر، ولن تكون، ولان العدو الذي يسفك الدماء هو اسرائيل المدعومة امريكيا وغربيا، ولاننا اعتقدنا ان هذا العدوان الوحشي قد يعيد احياء بعض الضمائر الميتة، او يحرك مشاعر الاخوة والمحبة، ولكن اعتقادنا لم يكن في محله للأسف.
فتحنا اعيننا هذا الصباح على تقرير طويل نشرته صحيفة مصرية، تعتبر واحدة من الاوسع انتشارا، نقلا عن صحيفة اسرائيلية تدعى “غلوبس″ يكشف النقاب عن الحسابات البنكية الخاصة بقيادات حركة “حماس″، وزعم التقرير ان السيد اسماعيل هنية يملك اربعة مليارات دولار، بينما تصل ثروة السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة من 2 ـ 5 مليارات، اما السيد موسى ابو مرزوق فتبلغ ثروته ثلاثة مليارات دولار، علاوة على اساطيل السيارات الفارهة والشقق الفخمة في عواصم عالمية.
الحديث عن ثروات القادة الفلسطينيين بهذه الصورة المضخمة ليس جديدا في مصر، فقد قرأنا تحقيقات ومقالات في هذا الخصوص لاقلام معروفة في حينها مثل موسى صبري وانيس منصور وصلاح قبضايا، صبت كلها في تصعيد الكراهية للشعب الفلسطيني وتحريض الشعب المصري ضده، وبما يبرر زيارة الرئيس محمد انور السادات للقدس المحتلة ومخاطبة الكنيست، وتوقيع اتفاقات كامب ديفيد بعد ذلك في نسف للارث القومي المصري الذي بناه وعزز اسسه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وجعل قضية فلسطين ومواجهة المشروع الاسرائيلي العدواني عنوانه الرئيسي.
نفهم، ولا نتفهم مطلقا لجوء الرئيس السادات الى هذا التحريض الاعلامي كضربة استباقية لتوفير الغطاء لشق الصف العربي والتفريط بحقوق العرب المشروعة في فلسطين، ولكن لا نفهم لماذا يلجأ الرئيس عبد الفتاح السيسي للاسلوب نفسه، بل ما هو اشرس منه، وفي مثل هذا التوقيت التي تتعرض فيها الامتين العربية والاسلامية الى مثل هذا العدوان الدموي الوحشي؟
انا اعرف شخصيا جميع قادة “حماس″ الذين وردت اسماؤهم في هذا التقرير المفبرك، فالسيد هنية ما زال يعيش في مخيم الشاطيء للاجئين الفلسطينيين وفي بيت بسيط ومتواضع جدا، ويعيش حياة متقشفة مثل باقي اهل المخيم، ويمكن ان يتعرض للاغتيال في اي لحظة، اما الدكتور موسى ابو مرزوق فلا يبعد بيته في مخيم “يبنا” عن بيتنا في مخيم اسدود في رفح الا خمسين مترا، وتوفيت والدته في البيت نفسه ولم تنقل للعلاج في مصر او غيرها من المرض الذي اقعدها، وقول الصحيفة نفسها انه ذهب الى امريكا في التسعينيات، نقلا عن شهادة ضابط اسرائيلي، من اجل الحصول على اموال لتمويل ودعم حركة “حماس″ من شخصيات امريكية ثرية، فلا يستحق التعليق عليه، لان الدكتور ابو مرزوق كان في حينها معتقلا في احد السجون الاسرائيلية، وكنت ارسل له اشتراكا يوميا في الصحيفة التي كنت اترأس تحريرها في لندن، وعلى تواصل دائم معه.
وبقي السيد خالد مشعل الذي قالت الصحيفة انه يملك خمسة مليارات دولار، وانا شخصيا زرته في مكتبه وبيته في دمشق، واعرف جيدا انه زوّج ابنته من احد كوادر حركة “حماس″ وهو شاب بسيط ينتمي الى اسرة معدمة من مخيم اليرموك في سورية، وكان حفل الزفاف متواضعا جدا.
لو قالت الصحيفة المصرية ان ثروة هؤلاء بالملايين، وهي ليست كذلك حتما، ربما وجدت من يصدقها، ولكن بالمليارات فهذا ابشع انواع الفبركة ولدينا مثل يقول “كيف عرفتها كذبة فيرد لانك كبرتها”.
من يقف خلف نشر هذا المقال ليس غبيا ويعرف جيدا ماذا يفعل، فعندما يقرأ اشقاؤنا البسطاء المعدمين الذين يعيشون على الكفاف في مصر مثل هذه الارقام يميل معظمهم الى تصديقها للأسف، وانا تعلمت في الجامعات المصرية، واعرف تأثير الاعلام وحملاته على البسطاء، وتابعت كيف نجح هذا الاعلام في تحويل توجه الشعب المصري من المحبة المطلقة للعرب والعروبة الى الكراهية الحاقدة لهم عندما اراد الرئيس السادات نقل البندقية من الكتف الروسي الى الكتف الامريكي، وحرف السياسة المصرية تجاه التطبيع مع اسرائيل ورفع علمها في قلب القاهرة.
***
سنظل، ورغم جرحنا الغائر من جراء هذه الحملات الاعلامية الظالمة، نثق بالشعب المصري الشقيق ونعتبره عمقا وسندا لنا وللعرب جميعا، فهذا الشعب الذي قدم اكثر من مئة الف شهيد نصرة للقضية الفلسطينية لا يمكن الا ان يكون في خندقها، وان حملات التحريض هذه، على شراستها، ستظل محدودة الاثر، ومجرد سحابة عابرة مثل كل سابقاتها، اما الزبد فيذهب هباء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض”.
مصر العراقة والتاريخ ونصرة المظلوم والانتصار لقضايا الحق والعدل التي عرفناها واحببناها لن تتغير في اذهاننا، وسنورث حبها، وعرفاننا بجميلها، لكل ابنائنا واحفادنا، اما هؤلاء الذين يتطاولون على اشقائهم المحاصرين المجوعين الذين يعيشون تحت القصف وينتظرون الشهادة في اي لحظة، ويقفون في خندق العدوان الاسرائيلي، فلا يسيئون للشعب الفلسطيني بقدر ما يسيئون لمصر والى دينهم وعقيدتهم، وارث شعبهم وتاريخه المشرف في الانتصار لقضايا الحق والعدل.
نحن متيقنون ان شرفاء مصر هم الاغلبية الساحقة، وهؤلاء لا يمكن ان يقبلوا بهذه الاساءات لمصر قبل الشعب الفلسطيني وبهذه الطريقة الهابطة والمستهجنة، اساءات لاناس يقفون في خندق المواجهة لعدو شرس دموي يتآمر على مصر ودورها ومكانتها ونيلها.
غضب الضفة إذ يعيد خلط الأوراق - غضب الضفة إذ يعيد خلط الأوراق - غضب الضفة إذ يعيد خلط الأوراق - غضب الضفة إذ يعيد خلط الأوراق - غضب الضفة إذ يعيد خلط الأوراق
ياسر الزعاترة يكتب: غضب الضفة إذ يعيد خلط الأوراق
Sat, 26 Jul 2014 01:2
ها هو غضب الضفة الغربية يتصاعد، وبوشك على الانفجار، بل ينفجر عمليا في وجه الغزاة، وفي وجه تلاميذ الجنرال دايتون في آن معا.
بدأت قوافل الشهداء، والهبات الجماهيرية تأخذ مكانها في الشوارع، بخاصة بعد أن تصاعد الموقف في قطاع غزة وغاب أفق الحل إثر إصرار السيسي على موقفه، ومن ورائه نتنياهو، وبالطبع بدعم من المنظومة العربية البائسة إياها، والأسوأ مع قدر واضح من الدعم من زعيم السلطة والمنظمة وفتح في آن!!
ما ينبغي التذكير به هنا هو أن ما يجري في قطاع غزة كان نتاجا للهبة الجماهيرية في الضفة. وإذا قيل إن ما جرى كان بسبب أسر المستوطنين الثلاثة (سمّاهم السيسي مواطنين) ومن ثم قتلهم، فإن المشهد العام لا يؤكد ذلك بالمطلق، إذ أن مسيرة الاستيطان والتهويد هي التي تستفز الجماهير، وفي المقدمة الاعتداءات التي أخذت تتصاعد ضد المسجد الأقصى. صحيح أن قتل الفتى محمد أبو خضير حرقا قد استفز الجماهير، لكن الصحيح أيضا أن الجماهير كانت ترد على عسف الاحتلال وتهويده واستيطانه، ما أدى إلى سقوط كثير من الشهداء، وقبل أن تتدخل غزة في الميدان كان الاحتلال يقتل بصواريخ الطائرات عشرة من الشبان، فكانت المواجهة الحالية.
في المناطق التي لا يتواجد فيها أمن السلطة كانت المواجهات أعنف من تلك التي يسيطر عليها أمنها (جيش الاحتلال يدخل ويخرج وقت يشاء في واقع الحال)، لكن الوضع بدأ يتحرك تباعا.
في قطاع غزة الكثير مما يحفز الجماهير على التحرك، فالمشهد هناك مزيد من الجرائم العدوانية البشعة من طرف الاحتلال، مع قدر هائل من البطولة، إلى جانب قدر غير مسبوق من التآمر العربي.
كل ذلك كان من الطبيعي أن يستفز الجماهير، فالمشهد الإنساني صادم إلى حد كبير من خلال المئات من الشهداء (يقتربون من الألف)، والآلاف من الجرحى، فيما كان مشهد البطولة هو الأروع، إذ قدمت المقاومة هناك عطاءً مذهلا أثار حمية الجماهير واشواقها، ووضعها أمام مسؤوليتها من جديد، وأعاد لها ذكريات البطولة في انتفاضة الأقصى، فكيف وقد أضيف إلى ذلك مشهد التآمر من قبل وضع عربي بائس على المقاومة في قطاع غزة، حيث يراد تركيعها لشروط نتنياهو؟!
من هنا كان طبيعيا أن ينفجر الأحرار رجالا ونساء في الضفة الغربية، وها إن سيل الشهداء يبدأ في الهدير، وها هي الجماهير تتحرك تباعا لتملأ الشوارع، ولتشتبك مع حواجز الاحتلال، وتتمرد علىشروط تلاميذ دايتون.
يعلم الجميع أنه ما من شيء يمكن أن يوقف عدوان نتنياهو مثل انتفاضة شاملة في الضفة الغربية، وهي التي قاتل الاحتلال ومن يتبعونه في السلطة سنوات في سياق إعادة تشكيل الوعي من أجل الحيلولة دون انفجارها.
وإذا ما استمر التحرك، فإن المؤكد أن الصهاينة سيديرون الظهر للسيسي وسيبحثون عن مخرج آخر، وسيفرضون عليه تغيير المبادرة، لكن ما نأمله في واقع الحال يتجاوز وقف العدوان على قطاع غزة. إن الأمل كل الأمل أن يؤدي ذلك إلى تفجير انتفاضة شاملة في كل الأرض الفلسطينية، بحيث يجري إهالة التراب على هذه المرحلة البائسة برمتها، وليتوحد الجميع على مسار الانتفاضة والمقاومة، بعيدا عن حكاية الانتخابات التي تزيد الانقسام وتصب في خدمة الاحتلال والسلطة وديمقراطيتها المصممة لخدمته.
ثمة فرصة لقلب الطاولة في وجه هذا المسار البائس، ولتكون الوحدة حقيقية في الميدان بدون انتخابات، بينما تدار السلطة في غزة والضفة بالتوافق أيضا إذا لم ينسف وجودها الاحتلال (في الضفة لأنه لا يريد العودة لغزة)، مع أنه سيحرص على ألا يفعل.
جماهير الضفة الغربية التي كانت صاحبة اليد الطولى في انتفاضة الأقصى ستستعيد بهاءها من جديد، وها إنها تبدأ المسيرة، ونأمل ألا تتوقف، فهنا وعلى هذه الأرض كمٌ من البطولة لا يقل عن غزة، مع فارق عدم وجود جيش الاحتلال في الأخيرة، الأمر الذي مكَّن المقاومة من إنشاء قاعدة عسكرية رائعة.
ما أروع الضفة، وهي تنتفض في وجه القتلة، وانتصارا لدماء الأهل في قطاع غزة، وتحية لبطولة أبنائها وعطائهم.
ما أروعها وهي تسجل تاريخا جديدا يهيل التراب على زمن دايتون و"الفلسطيني الجديد"، فسلاما على الشرفاء والأحرار من كل القوى والفصائل والناس العاديين. سلام عليهم أجميعن.
الهروب من الموت في غزة
بقلم / أحمد منصور
خلال تغطيتي للحروب في أفغانستان والبوسنة والهرسك والعراق عايشت كثيرا من القصص والأحداث التي كان الناس يفرون فيها من الموت إلى الموت، وفي الحروب لا ترى إلا الموت قادم يدوس فوق موت، وفي غزة هذا هو الحال يفر الناس من الموت إلى الموت، وقد وقفت على قصص وأسماء كثيرة لعائلات كاملة استشهدت تحت القصف الإسرائيلي المتعمد للمدنيين.
لكن من أغرب القصص التي قرأتها قصة إبراهيم الكيلاني وزوجته وأبنائهما الخمسة، فإبراهيم الكيلاني هاجر إلى ألمانيا من غزة وأقام بها عشرين عاما واكتسب الجنسية الألمانية مع زوجته وأولاده ثم قرر العودة إلى غزة وبني بيتا في منطقة بيت لاهيا في غزة، حيث كان يقيم إبراهيم مع زوجته وأولاده الخمسة وبعد تهديدات الإسرائيليين باقتحام بيت لاهيا قام إبراهيم بإخلاء منزله والانتقال مع زوجته وأولاده الخمسة إلى بيت عائلة زوجته في حي الشجاعية في الأطراف الشرقية لمدينة غزة، لكن الإسرائيليين هاجموا حي الشجاعية يوم الأحد الماضي في قصف متواصل بالمدفعية والدبابات وهدموا عشرات البيوت على رؤوس أصحابها حتى تناثرت الجثث في الشوارع في مذبحة مرعبة شاهدها العالم كله على شاشات التلفزة، لكن إبراهيم وبمساعدة الصليب الأحمر تمكن من النجاة مع زوجته وأولاده الخمسة وخرجوا سالمين من بين النار والدمار في حي الشجاعية بينما قتل ما يزيد على سبعين شخصا من أهالي الحي والمقيمين فيه، وقرر إبراهيم أن ينتقل للإقامة في وسط غزة بعيدا عن الأطراف التي تهاجمها إسرائيل فاستأجر شقة في برج سكني وسط مدينة غزة واعتقد أنه أصبح بأمان بعيدا عن الأحياء والضواحي الخارجية التي يستهدفها القصف الإسرائيلي ولشعور إبراهيم بالأمان أقام معه في الشقة التي استأجرها بعض أقاربه وأقارب زوجته، لكن طائرة إسرائيلية من طراز إف 16 قصفت البرج بصاروخين فأطاحت بستة من طوابقه منها الشقة التي كان يقيم فيها إبراهيم مع عائلته وأقاربه، واستشهد إبراهيم الكيلاني الذي يبلغ من العمر 53 عاما وزوجته تغريد 45 عاما وأبناؤهما ريم 12 عاما وسوسن 11 عاما وياسر 8 أعوام وياسمين 6 أعوام وإلياس 4 أعوام، علاوة على أقاربهم الأربعة الذين هربوا من الموت من حي الشجاعية وأقاموا معهم.
هذه القصة تؤكد على معان كثيرة منها أن الإنسان يفر من قدره إلى قدره ومن الموت إلى الموت حينما يكون محتما ومكتوبا، وأن الكيان الصهيوني يتعمد الجرائم و القتل ضد المدنيين بعد فشله العسكري حتى يؤلب أهالي غزة على المقاومة، كما أن حجم المعاناة التي يعيشها أهل غزة تؤكد أن لا أحد آمنا في أي مكان هو فيه، كما أن نسبة الأطفال الذين يزيدون حتى الآن عن مائة وستين طفلا تعتبر نسبة كبيرة كذلك نسبة النساء والعجائز فالشهداء من الأطفال والنساء والعجائز تمثل النسبة الأكبر في عدد الشهداء.
وقد أكدت روايات كثيرة أن الإسرائيليين يتعمدون قتل الأطفال حتى أن صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية نشرت تقريرا في 24 يوليو عن القتل المتعمد للأطفال الفلسطينيين في غزة وقد نقل كاتب المقال عبارات كثيرة تعبر عن فرحة الإسرائيليين بقتل الأطفال في غزة مثل «ليمت أكبر عدد من الأولاد» لا صور أجمل من «أولاد عرب أموات» «أنا مع أن يحرق الجميع» «إنها لذة يجب قتل الأولاد جميعا» هذه هي الروح الصهيونية لدى الإسرائيليين في نظرتهم لقتل الأطفال الفلسطينيين فهم يتلذذون بذلك ويبدو أنهم ليسوا وحدهم وإنما هناك من الصهاينة العرب من يتلذذ مثلهم وهو يرى عائلات كاملة في غزة تبيدها الطائرات والدبابات الإسرائيلية، لكن عزاء أهالي غزة أن قتلاهم شهداء سبقوهم للجنة إن شاء الله.
“مزاد” امريكي لنزع سلاح المقاومة مقابل خمسين مليارا والسماسرة كثيرون.. وفجعنا الامير تركي الفيصل
“مزاد” امريكي لنزع سلاح المقاومة مقابل خمسين مليارا والسماسرة كثيرون.. وفجعنا الامير تركي الفيصل - “مزاد” امريكي لنزع سلاح المقاومة مقابل خمسين مليارا والسماسرة كثيرون.. وفجعنا الامير تركي الفيصل - “مزاد” امريكي لنزع سلاح المقاومة مقابل خمسين مليارا والسماسرة كثيرون.. وفجعنا الامير تركي الفيصل - “مزاد” امريكي لنزع سلاح المقاومة مقابل خمسين مليارا والسماسرة كثيرون.. وفجعنا الامير تركي الفيصل - “مزاد” امريكي لنزع سلاح المقاومة مقابل خمسين مليارا والسماسرة كثيرون.. وفجعنا الامير تركي الفيصل
“مزاد” امريكي لنزع سلاح المقاومة مقابل خمسين مليارا والسماسرة كثيرون.. وفجعنا الامير تركي الفيصل بتحميل حماس وليس نتنياهو مسؤولية العدوان وتبعاته
عبد الباري عطوان
بات واضحا ان معظم الاتصالات والوساطات التي تجري حاليا، سواء كان محورها باريس او واشنطن او القاهرة تتركز حول نقطة واحدة اساسية وهي “شراء” سلاح المقاومة تحت عنوان رئيسي وهو اعادة اعمار قطاع غزة، وتحسين الظروف الاقتصادية لابنائه، في تطبيق “حرفي” لما يجري حاليا في الضفة الغربية، وبما يخلق “وحدة حال” وليس “وحدة مقاومة”.
المعادلة السابقة التي تتحدث عن “تهدئة مقابل التهدئة” تجاوزتها الاحداث، وباتت من الماضي، والشيء نفسه يقال عن الصواريخ والانفاق، المعادلة الجديدة ترتكز على مفهوم قديم متجدد “السلام الاقتصادي مقابل الامن”، والامن هنا لاسرائيل ومستوطنيها، وهي المعادلة التي ترسخت بعد القضاء على الانتفاضة الثانية، وتشكيل قوات الامن الفلسطينية وفق تعليمات وتصورات الجنرال الامريكي دايتون لحماية اسرائيل ووأد المقاومة.
الصمود الاسطوري الذي اظهره رجال المقاومة والخسائر السياسية والاقتصادية ومن ثم العسكرية التي اوقعوها باسرائيل وقواتها فاجأ بنيامين نتنياهو مثلما فاجأ قيادته العسكرية، وحتى امريكا نفسها، فمقتل اكثر من سبعين عسكريا اسرائيليا بينهم ضباط كبار، وظهور اسلحة متطورة، وادارة الجناح العسكري لحركة “حماس″ والفصائل الاخرى، والجهاد خاصة، المعركة بطريقة عجزت عنها جيوش عسكرية متضخمة بالرتب والنياشين، وخريجي كليات عسكرية شهيرة مثل “ويست بوينت” الامريكية، و”سانت هيرست” البريطانية، كل هذا اصاب الاسرائيليين بحالة من الرعب من المستقبل وليس من الحاضر فقط، فعندما يتوقف مطار تل ابيب عن العمل وتلغي شركات عالمية كبرى رحلاتها فهذا من اعظم الانتصارات المعنوية التي تحققت في هذه الحرب والحروب الاخرى.
***
قبل عامين، واثناء حرب “عامود السحاب” حسب التسمية الاسرائيلية، لم تكن هناك حرب انفاق ولم تكن الصواريخ المصنعة محليا على هذه الدرجة من الدقة، ولا التكتيكات العسكرية في فنون المواجهة، ولم تطلق فصائل المقاومة طائرات دون طيارن وعلينا ان نتخيل كيف سيكون عليه الحال بعد عامين، او خمسة او عشرة؟ انها معجزة يقف خلفها رجال قل نظيرهم.
نتنياهو حتى كتابة هذه السطور لم يحقق انجازا واحدا، الا اذا اعتبرنا قتل الاطفال وتدمير البيوت انجازا، فلم يوقف عدوانه الصواريخ، ولم يدمر الانفاق، ولم يغتل مسؤولا واحدا من الصف الاول لحركة حماس او الجهاد الاسلامي او الفصائل الاخرى، ولم يكسر عزيمة اهل غزة والتفافهم حول مقاومتهم رغم تضخم اعداد الشهداء وحجم الدمار.
اسرائيل، وبعد عشرين يوما من عدوانها على قطاع غزة، او مجازرها التي ارتكبتها، باتت بلا اصدقاء، او تراجع عددهم بشكل كبير، واصبحت مكروهة في اوساط حلفائها في الرأي العام الغربي، ومن طالع تغطية الصحف البريطانية الداعمة عادة لاسرائيل ظالمة او مظلومة، وهي دائما ظالمة على اي حال، يرى الفرق الكبير في التغطية بين الحروب الماضية والحرب الحالية.
في حرب “الرصاص المصبوب” عام 2008، لم يدخل مراسلا اجنبيا واحدا قطاع غزة اثناء العدوان، وسمحت لهم السلطات الاسرائيلية بتغطية الحرب من تلة صغيرة مطلة على القطاع من مسافة ثلاثة كيلومترات، ويعتمدون في معلوماتهم على الرواية الرسمية الاسرائيلية المضللة.
في هذه الحرب دخل كبار الصحافيين الاجانب الى القطاع، وبثوا نشرات اخبارهم من وسط الدمار، ومن عنابر الجرحى في مستشفى الشفاء، وتحدثوا عن الاسلحة المحرمة دوليا التي استخدمت، وصوروا اشلاء الاطفال الذين مزقت جثامينهم الطاهرة القنابل الاسرائيلية.
جون سنو الصحافي الاشهر في بريطانيا اقام استوديو بث مباشر لنشرته الاخبارية في القناة الرابعة المستقلة من وسط احياء غزة المدمرة، وقال ان الجيش الاسرائيلي “الحضاري” يعطي الأسر ثلاث دقائق انذارا قبل تدمير بيوتهم، وهي كافية فقط للنجاة بأرواحهم وبملابسهم التي يرتدونها، اما صحيفة “الديلي تلغراف” اليمينية فقد نشرت صور واسماء الاطفال والنساء الشهداء في صفحتين وبطريقة غير مسبوقة في العالم الغربي.
لي قريب يقيم في مخيم الشاطيء في غرب مدينة غزة، قال لي في مكالمة هاتفية ان المشكلة الاكبر التي يواجهها هي كيفية اجلاء والدته ووالده المقعدين على كرسيين متحركين في حالة طلب منهم المغادرة قبل قصف المنزل فكل واحد منهم يحتاج الى اربعة رجال لحمله، ولذلك وكل امره وامرهما الى الله ولن يغادر المنزل.
نحن الآن نتابع مسلسلا مرعبا من القتل والدمار، ولكننا في الوقت نفسه نتايع “مزادا” موازيا لثمن التخلي عن سلاح المقاومة والصناعات العسكرية التي اذهلت العالم بتقدمها، وقد وصل هذا المزاد الذي يقوده جون كيري وزير الخارجية الامريكي الى خمسين مليارا، ومن الواضح ان دولا عربية خليجية هي التي ستغطي هذا المبلغ كاملان تماما مثلما غطت حروب تدمير العراق.
لا نجادل مطلقا في ان اهل قطاع غزة يحتاجون الى هدنة مع اسرائيل توقف سفك الدماء ومسلسل الدمار تحقق لهم مطالبهم العادلة وابرزها رفع الحصار، لكن الهدنة الاهم المطلوبة حاليا هي بين معسكرين عربيين يتقاتلان فيما بينهما عبر “اسلحة” المبادرات لوقف اطلاق النار، وبما يصب في نهاية المطاف الى اطالة امد الحرب والدمار وزيادة عدد الشهداء، وخدمة مشاريع نتنياهو.
الامير تركي الفيصل رئيس جهاز المخابرات السعودي الاسبق فجعنا عندما نشر مقالا في صحيفة “الشرق الاوسط اون لاين” يوم الجمعة حملّ فيه حركة “حماس″ مسؤولية ما يحدث في قطاع غزة من مجازر “لتكرارها اخطاء الماضي وغطرستها عبر ارسالها الصواريخ عديمة الاثر الى اسرائيل”.
***
اقول فجعنا لان الامير حمّل المسؤولية الى الضحية وكأنه يبريء الجلاد بصورة غير مباشرة، وهذا امر صادم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لانه جاء من فم رجل استشهد والده لانه اعلن “الجهاد” لتحرير القدس المحتلة، واستخدم سلاح النفط لنصرة اشقائه المصريين والسوريين اثناء حرب رمضان اكتوبر عام 1973.
حماس حركة مقاومة، مثلها مثل كل الفصائل الاخرى، تأسست من اجل التصدي لاحتلال يحتل الارض والمقدسات، بعد ان فشلت كل البدائل “السلمية” العربية الاخرى، وآخرها مبادرة السلام العربية التي احتقرتها اسرائيل وبالت عليها.
السؤال الذي نتمنى ان نتلقى عليه اجابة من الامير الفيصل وكل الذين يقفون في معسكره، هو عن اسباب صمتهم ولاكثر من ثماني اعوام على الحصار الاسرائيلي الخانق المذل لاكثر من مليوني فلسطيني عربي مسلم، واغلاق المعابر لاشهر متواصلة، وهل كانوا يتوقعون ان يبقى ابناء غزة في هذا الوضع المذل المزري الى ما لا نهاية حتى يثبتوا انهم عقلاء وغير متغطرسين او متهورين؟
هل قرأ الامير التقارير الاخبارية الاسرائيلية الموثقة التي تحدثت عن احصاء السلطات الاسرائيلية للسعرات الحرارية التي كانت تسمح بدخولها الى القطاع للرجل والمرأة، وبما يكفي لبقائهم على قيد الحياة فقط؟ فماذا فعل العرب، معتدلين كانوا او متطرفين لوقف هذا الاذلال واعمال التجويع لاشقائهم في القطاع؟
العدوان على قطاع غزة يجب ان يوحد العرب جميعا خلف واجب التصدي له، ووضع كل الخلافات والمماحكات جانبا، ولكن هذا لم يحدث للاسف، بل ازدادت هذه المماحكات والمناكفات القبلية العشائرية العربية سخونة على حساب اشلاء الشهداء الاطفال.
سلاح المقاومة لا يباع، تماما مثل حق العودة، والارض الفلسطينية المقدسة، مهما بلغ حجم المليارات التي يعرضها السمسار الامريكي وشريكه الاوروبي، ولو كان ابطال المقاومة يبحثون عن المال والعيش الرغد لما تحولوا الى مشاريع شهادة، وحملوا راية “الجهاد” في وقت يتآمر فيه اشقاؤهم العرب عليهم مع العدو الاسرائيلي.
رسالتنا للاشقاء العرب ان يصمتوا وان يوفروا نصائحهم اذا كانوا لا يريدون الوقوف في معسكر الشهداء والمدافعين بشرف وكرامة عن القطاع في مواجهة العدوان الاسرائيلي الشرس والهمجي، فأهل غزة لا ينتظرون منهم شيئا غير كف شرهم عنهم.
نحلم بقيادات فلسطينية أكثر حذرا - تركي الفيصل - نحلم بقيادات فلسطينية أكثر حذرا - تركي الفيصل - نحلم بقيادات فلسطينية أكثر حذرا - تركي الفيصل - نحلم بقيادات فلسطينية أكثر حذرا - تركي الفيصل - نحلم بقيادات فلسطينية أكثر حذرا - تركي الفيصل
نحلم بقيادات فلسطينية أكثر حذرا
الامير تركي الفيصل
أوضحت الأحداث المأساوية الأخيرة، بما لا يدع مجالا للبس، أن الحكومة الإسرائيلية ألزمت نفسها وشعبها والشعب الفلسطيني بحالة من الصراع، وسفك الدماء، والمعاناة المستمرة، بسبب تجاهلها لمبادرة السلام العربية. فعندما أحبط نتنياهو جهود جون كيري الرامية إلى إعادة المفاوضات بينه وعباس بالرفض المستمر، كان حتميا إعادة تشغيل الأسطوانة المشروخة من القتل والقتل المضاد مرة أخرى وأخرى. وبناءً على اتهامات نتنياهو الفورية، وغير المثبتة حتى الآن، بأن حماس اختطفت وقتلت المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة، الأمر الذي أدى بقوات الأمن الإسرائيلية إلى أن تعيث رعبا وفسادا في الضفة الغربية، وتعتقل المئات، بما في ذلك أعضاء من حركة حماس في الجمعية الوطنية الفلسطينية، كما جرى قتل عدد من الفلسطينيين خلال تلك العملية. وأدى قتل وحرق الفتى الفلسطيني - رحمه الله - من قبل المستوطنين الإسرائيليين إلى تفاقم الوضع وازدياد سفك الدماء.
وبطبيعة الحال، فإن الدم ما زال يسفك في جميع أنحاء المنطقة على الرغم من صدور قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي دعا إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967. ونص القرار كذلك على أن احتلال الأراضي بالقوة المسلحة أمر غير مقبول، نافيا عن إسرائيل أية مبررات أو ادعاءات بالشرعية حيال الاحتفاظ بأي من الأراضي المشار إليها في القرار. ولذا، كما يعيد التاريخ نفسه في دورات وحشية، كان إطلاق الصواريخ من غزة مجرد استجابة أخرى للعدوان الإسرائيلي تحت قيادة نتنياهو. كما أن الهجوم العسكري الإسرائيلي اللاحق على غزة الذي نشاهده الآن ردا على إطلاق هذه الصواريخ أدى إلى مقتل المئات من الفلسطينيين الأبرياء، ولا توجد كلمات أو عبارات للعزاء مهما كانت صادقة يمكنها أن تعيدهم للحياة.
وجاء الدعم التلقائي من الحكومة الأميركية وبعض الحكومات الأوروبية لنتنياهو، ليضيف المزيد من القسوة وخدمة المصالح الشخصية. كان يمكن أن يؤدي الضغط على نتنياهو لقبول مقترحات كيري إلى منع المذبحة الحالية للفلسطينيين، ولكن بدلا من ذلك تستمر هذه الحكومات في الوقوف بجانب نتنياهو فيما هو يواصل اعتداءه الهمجي على المدنيين الأبرياء. وهذا لا يمثل فقط دعمهم للقتل الذي تقوم به الدولة (وهو الأمر المرفوض بشكل كامل)، بل يقدم أيضا مشهدا من نفاق هؤلاء القادة الغربيين الذين أظهروا من الحزن على مقتل ثلاثة مستوطنين إسرائيليين أكثر مما فعلوا على مقتل مئات المدنيين الفلسطينيين.
وفي الوقت نفسه، فقد كررت حماس أخطاء الماضي. فإن الصواريخ التي ترسلها على إسرائيل - حتى إذا وصلت إلى تل أبيب - لا تشكل أي خطر على إسرائيل ولكنها تعرقل القضية الفلسطينية، فالتفاوت الكبير بين عدد الإسرائيليين المقتولين جراء صواريخ حماس وعدد الفلسطينيين الذين يُبادون من قبل قوة النيران الإسرائيلية المتفوقة والغاشمة كافٍ لإثبات ذلك. إن قبول حماس ثم رفضها، ثم زعمها السعي وراء بعض التعديلات على المقترحات المصرية، منح نتنياهو ما كان يصبو إليه منذ البداية، أن يبدو أكثر عقلانية ويستند إلى مبررات معقولة في تهديداته المتبجحة. إن معرفة أن أهل غزة سيتعرضون لسفك الدماء الوحشي والمعاناة، كان يجب أن يحد من غطرسة حماس لكنه لم يفعل. وكذلك استعداد حماس للتسبب بقدر كبير من المعاناة قبل العودة الحتمية إلى «الهدنة»، أو وقف إطلاق النار، يظهر بجلاء هوة اللامبالاة التي سقطت فيها حماس. كما أن تماهي حماس مع الموقفين التركي والقطري هو أيضا سوء تقدير آخر. فقيادات هذين البلدين تبدي اهتماما أكبر للكيفية التي يمكن أن تحرم بها مصر من دورها القيادي الشرعي، بدلا من منع نتنياهو من إنزال الموت والدمار على أهل غزة.
إن ما حدث مؤسف بشكل أكبر، لأن الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة كانوا ينظرون إلى المصالحة بين حماس وفتح كوسيلة للتخفيف من آلامهم. كما أن موافقة حماس على البقاء خارج الحكومة منحهم المزيد من الأمل بأن الأمور تسير نحو الأفضل. والآن حدث العكس. ولم يبق للمرء إلا أن يحلم بأنهم سينجحون في إيجاد قيادات أكثر حذرا.
عندما كتبت مقالتي التي نشرتها صحيفة «هآرتس» بعنوان «مبادرة السلام لا تزال توفر إطارا للسلام» في السابع من شهر يوليو (تموز) من هذا العام، أظهرت مقدار الأمل لدى عدد كبير من الناس في العالم، بأن مبادرة السلام العربية من شأنها وضع حد للأعمال العدائية بين إسرائيل والعالمين العربي والإسلامي، وسوف تسمح كذلك بإقامة علاقات طبيعية بين شعوب الشرق الأوسط. ولكن للأسف، جرى وأد ذلك الأمل تحت أتربة الصراع الجاري.
كتبت إبان العدوان الإسرائيلي الأول على شعب غزة في عام 2006 أننا أصبحنا جميعا غزاويين، وإنني أكرر تلك العبارة دون تردد. أسأل الله أن يحمي شعب غزة من معاناتهم القاسية على يد رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يستعرض آلته العسكرية الوحشية القاتلة بغرور، كما أسأله تعالى أن يمنح الفلسطينيين قادة يضعون جانبا توقهم المستمر للحرب وأن يبذلوا جهدهم لتوفير السلام لشعبهم، لعلنا جميعا نعيش يوما ما في عالمٍ خالٍ من الفظائع التي تحدث الآن في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
المفتي قباني : الجهاد لتحرير فلسطين فرض عين على كل مسلم مهما بلغت التضحيات
المفتي قباني : الجهاد لتحرير فلسطين فرض عين على كل مسلم مهما بلغت التضحيات - المفتي قباني : الجهاد لتحرير فلسطين فرض عين على كل مسلم مهما بلغت التضحيات - المفتي قباني : الجهاد لتحرير فلسطين فرض عين على كل مسلم مهما بلغت التضحيات - المفتي قباني : الجهاد لتحرير فلسطين فرض عين على كل مسلم مهما بلغت التضحيات - المفتي قباني : الجهاد لتحرير فلسطين فرض عين على كل مسلم مهما بلغت التضحيات
المفتي قباني : الجهاد لتحرير فلسطين فرض عين على كل مسلم مهما بلغت التضحيات
مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني
دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني المسلمين إلى الوحدة مشيراً إلى أن فلسطين ضاعت بسبب هذا التشرذم وأن غزة اليوم تدفع ثمن هذا الانقسام ، مؤكداً أن الجهاد لتحرير فلسطين فرض عين على كل مسلم مهما بلغت التضحيات ، واعتبر ما يجري في الموصل من تهجير للمسيحيين ليس من الاسلام بشيء انما سيعودُ بالخرابِ والويلاتِ على العربِ والمسلمين، وطالب اللبنانيين بالتوحد وانفاذ الاستحقاقات مشيراً إلى أن الفراغ والتمديد هما سبب مشاكلنا.
وفي خطبة عيد الفطر التي القاها في مسجد محمد الامين (ص) في وسط بيروت قال قباني : “إن وحدة الأُمةِ هي أهمُ أسباب القوةِ في حياةِ الأُمة، وإننا لنعلمُ جيداً من تجربتِنا نحنُ العرب والمسلمين واللبنانيِينن، عُمق ما فعلتهُ الفُرقةُ فينا من ضعفٍ وتخاذُلٍ جعلنا ندفعُ أثماناً باهظةً في الهزائِمِ المُتلاحِقةِ بِنا.
ففِلسطينُ التي ضاعت حتى الآن، ضاعت بسببِ تفرُقِنا وضعفِنا واختِلافِنا، وها هي تدفعُ اليوم في غزة آلاف الشُهداءِ والجرحى من أبنائها ثمناً لتفرُقنا وتخاذُلِنا، لأننا لم نعمل خلال ستين عاماً من احتلالِها، لتحقيقِ الوحدةِ في أُمتنا، وتمكينِ أنفُسِنا من امتِلاكِ القوةِ في وجهِ العدُو اليهوديِ الأجنبيِ الذي يحتلُ أرضنا، ويستبيحُ أرواحنا، ويدمِرُ عُمراننا في فلسطين واليوم غزة.
وأكد الشيخ قباني أن المحتلُ اليهوديُ الأجنبيُ لفلسطين الذي أزعجهُ مشهدُ المُصالحةِ الفلسطينيةِ المُباركةِ بالأمس، إذا بهِ اليوم، يشُنُ أجرم حروبِهِ على الفلسطينيين تأديباً لهم على تجرُوئهم على تحقيق وحدتِهِم في وجه احتلالِهِ لفلسطين، وها نحنُ اليوم على خوفِنا وضعفِنا وتخاذُلِنا نتفرجُ على مجازِرِ اليهوديِ الأجنبيِ المحتل بِحقِ أينائنا في غزة، وأقصى ما نفعلُهُ هو الإدانةُ والاستنكارُ بالكلام، فمن لفلسطين وشعبِ فلسطين؟ من لأبنائنا وبناتنا وأُمهاتِنا وأطفالنا في فلسطين؟ أسلامٌ مع عدُوِكُمُ الأجنبِيِ المُحتلِ لأرضِكُمُ المُقدسةِ في فلسطين يا عرب؟ أين أنتم من الرِباطِ الذي أمركُمُ اللهُ ورسولُهُ بهِ إلى يوم الدين في بيتِ المقدس وأكنافِ بيت المقدس؟ واللهُ يقولُ لكُم في القُرآنِ الكريم: “يا أيُها الذين آمنوا اصبِروا وصابِروا ورابِطوا واتقوا اللهُ لعلكُم تُفلِحون”؟
وتابع :”أين أنتُم من الجهادِ بأنفُسِكم وأموالِكم في سبيل الله ضد عدوِكُمُ الصهيونيِ الأجنبيِ الذي يحتلُ أرضكُمُ المقدسة في فلسطين؟ باللهِ عليكُم هل أطعتُمُ أمر اللهِ في قولِهِ لكُم: “وأعِدُوا لهُم ما استطعتُم من قوةٍ ومِن رباطِ الخيلِ تُرهِبون بهِ عدُو اللهِ وعدُوكُم”؟، أم أن إعداد القوةِ والقُببِ الحديديةِ هو لعدُوِكُم، وأنتُم لكُمُ سلامُ الشُجعانِ فقط؟ ماذا فعلتم لمُقاومةِ عدُوِكُمُ اليهوديِ الأجنبيِ المحتلِ لفلسطينِكُم؟ ماذا فعلتُم لكسبِ ميزانِ القِوى لصالِحِكُم؟ وأنتُم أصحابُ الحقِ والأرض؟ أين هُم ورثةُ عُمر وصلاحِ الدينِ الأيوبي اللذينِ حررا لكم فلسطين؟ والحمدُ للهِ الذي جعل فيكم من ينهضُ لمواجهةِ عدُوِكم وقال اللهُ تعالى فيهِم في القرآن الكريم: “مِن المُؤمنين رجالٌ صدقُوا ما عاهدُوا الله عليه فمِنهُم من قضى نحبهُ ومِنهُم من ينتظِر وما بدلُوا تبديلاً”.
واضاف:” أيُها الإخوةُ المؤمنون، إسمعوا وعُوا جيِداً، إن الجهاد لتحريرِ الأرضِ المقدسةِ فلسطين، مِن الاحتلالِ اليهوديِ الأجنبي، هو فرضُ عينٍ على كلِ مُسلمٍ مهما بلغتِ التضحيات، ومهما طال أو قصُر الزمن، فالشعوبُ لا تبيعُ أوطانها، ولا تتنازلُ عن شِبرٍ منها لقاء سلامٍ باطل، مع عدُوِ أجنبيٍ محتلٍ لأرضِها، هذا هو الحقُ، وهذا هو الشرعُ، وهذا هو الإسلام، وهذا هو الدين”.
ورأى الشيخ قباني أن ما يحدُثُ اليوم في الموصِلِ في العراق من تهجيرٍ للمسيحيين العراقيين من أرضِهِم وبيوتِهم وأحيائِهم وقُراهم، وتخييرِهِم بين اعتناق الإسلام أوِ الرحيلِ أوِ القتل، ليس من أحكامِ الإسلامِ في المواطنين في أوطانِهِم، والإسلامُ قد علمنا كيف نتعاملُ مع الآخر الذي يعيشُ معنا ونعيشُ معهُ في وطنٍ واحد، ونجدُ معهُ ويجِدُ معنا الأمن والأمان؛ وما يحدُثُ اليوم في الموْصِلِ سيعودُ بالخرابِ والويلاتِ على العربِ والمسلمين واللهُ أعلمُ لا محالة، ما هو إلا مُقدِماتُ الخرابِ والتقسيم وتفتيتُ الأُمة خدمةً للمُخططاتِ الغربيةِ وأهدافِ الصهيونيةِ العالمية”.
وقال :” ما يجري في الموْصِل اليوم ليس ببعيدٍ عما يجري اليوم في غزة، فالكيانُ العبريُ الأجنبيُ المُحتلُ اليوم لفلسطين، الذي يظهرُ كدخيلٍ على المنطقةِ العربية، سيُصبحُ غداً طبيعياً في محيطٍ تنتشرُ فيهِ دُولُ الطوائِفِ والمذاهبِ والأديانِ المختلفة، في ظل مؤامرة الشرق الأوسط الكبير، وإعادة تشكيل المنطقةِ العربيةِ من جديد، الذي بشرت به وزيرة الخارجية الأميركية “كونديليزا رايس منذُ سنين، وتخويفُ المسيحيين وتهجيرُهم من العراقِ اليوم سيدفعُ بِهم للعملِ على قيامِ دولةٍ أو أكثر للمسيحيين في مشرِقِنا العربي، وقيامِ دُولٍ أيضاً لِلسُنة، وأُخرى للشيعةِ أوِ لِلدُروزِ أو لِلعلويين، ألا فتنبهوا أيُها العربُ والمسلمون، فالمؤامراتُ كثيرةٌ وكبيرة، وأنتُمُ الضحية، وعدُوُكُم لا ينامُ، وأنتُم عنهُ غافِلون”.
وحول الوضع اللبناني قال الشيخ قباني :” دعُونا لا نغفُلُ عن واقِعِنا اللبنانيِ الداخِلي، حيثُ غمامةُ الفراغِ تغشى الجميع، وسياسِيُونا قد أغراهُمُ الِاستكبارُ والاستعلاءُ والتفرُدُ في كلِ شيء فتمادوا في الخصام، واللبنانيُون يرزحُون تحت كاهلِ الفقرِ والجوع، وهم يتخبطون في بحثهِم عن رئيسٍ للجمهورية، والواقِعُ الاقتصاديُ والحياتيُ يزيدُ الناس جوعاً وفقراً، والحل يا ساستنا هو في وحدتِنا ونبذِ الخلافاتِ والمصالحِ الضيِقة، الحل هو في الابتعادِ عن الدورانِ في فلكِ الأقطابِ الاقليميةِ والدُولية، وفي الإقلاعِ عن سياسةِ الانتظار”.
وتابع :” الحل هو بالالتفات إلى شؤون الدولةِ وإنجازُ الاستحقاقاتِ التي هي عمادُ نظامِنا الوطني، لاسيما انتخابُ رئيسٍ للجمهورية، وانتخابُ مجلسٍ نيابي جديد بعد قانونٍ للانتِخابِ يمثِلُ الجميع لا الأكثرية فقط، فالفراغُ والتمديدُ المُتمادي على كل صعيد، حتى على صعيدِ مجالسنا الشرعية هو سببُ مشاكلنا كلِها؛ وإنجازُ الاستحقاقاتِ اليوم هو الذي سيُمكِنُ الدولة من استعادةِ دورِها لخدمةِ اللبنانيين ووطنِهِم، فسابِقوا أيُها اللبنانيون للنجاةِ بوطنِكُم قبل أن يغرق المركب بنا جميعاً، ونندم حين لا تنفعُنا حسرةٌ ولا ندامة.
الموقف الصحيح من المقاومة والضحايا والدمار - الموقف الصحيح من المقاومة والضحايا والدمار - الموقف الصحيح من المقاومة والضحايا والدمار - الموقف الصحيح من المقاومة والضحايا والدمار - الموقف الصحيح من المقاومة والضحايا والدمار
الموقف الصحيح من المقاومة والضحايا والدمار
منير شفيق
مع هدنة الاثنتي عشرة ساعة في 26 تموز/ يوليو وصلت صور الدمار الواسع الذي سوّى عمارات وأبنية مع الأرض، ودفن تحتها ربما أكثر من 14 شهيداً كان من بينهم الأطفال والنساء والشيوخ وآباء وأمهات.
وقد صحب ذلك تصعيد في الحديث عن آلاف الضحايا من قتلى وجرحى وعن الدمار الواسع إلى جانب التركيز الشديد على إبراز السمة الإجرامية المفرطة لدى الكيان الصهيوني.
طبعاً لا أحد يستطيع أن يمنع الدموع من الهطول أو القلوب من التصدّع وهو يرى مشاهد أشلاء القتلى، أو تمزق أجساد الأطفال المضرجة بالدماء، ولا أحد يمكنه أن يقلل من فداحة الدمار في عدد من أحياء مخيمات قطاع غزة وبلداته ومدينته أو أخبار إبادة عائلات بأسرها.
ولكن، السؤال كيف نتعامل مع هذه الحالة التي لا بدّ من أن يطغى فيها القلب والأعصاب على التعامل المناسب والوعي الصحيح.
والسؤال الثاني، هل نجعل مشهد الضحايا يطغى على مشهد المقاومة وإنجازاتها القتالية البطولية أو على مشهدالصمود الشعبي ولا سيما النساء الثكالى والآباء المكلومون الذين يتعالون على فداحة المصاب فيعلنون وقوفهم وراء المقاومة ويطالبونها بالثبات والمزيد من الضربات ضدّ العدو.
بالنسبة إلى السؤال الأول: لا يجوز أن نسمح للعين وهي تدمع وللقلب وهو يتصدّع بأن ننسى أن سقوط الضحايا لا مفرّ منه في مواجهة عدو اغتصب الأرض وهجّر أهلها ومحى اسم الوطن وهويته وصادر حق شعبه في تقرير المصير وحق إنسانه في الوجود الحر الكريم، وكان خنجراً في الجسم العربي أو سرطاناً.
ولهذا إذا استسلمنا للخوف من التضحيات فما علينا إلاّ أن نُهاجر من فلسطين جميعاً ونتركها له، وإلاّ لاحق نقطة ضعفنا بالإضطهاد والتضييق والتهديد بالقتل والتنكيل حتى نرحل، وهذه كانت قصته مع من تبقى من فلسطينيين في مناطق الـ48 ومن نزلوا تحت الاحتلال في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، ولولا الصمود والمقاومة في وجه كل ذلك أي الاستعداد لتقديم التضحيات لما أبقى في فلسطين عربياً مسلماً أو مسيحياً منذ أمد بعيد.
ولهذا يتوّهم من يظن بإمكان التعايش مع العدو الصهيوني لأنه سيكون ساذجاً لا يعرف جوهر المشروع الصهيوني وما يمكن أن يصل إليه إذا خفنا من المقاومة ولم نحتمل طريقها وما يحمله بالضرورة من تضحيات. بل أن ما نراه اليوم من دمار وضحايا هو أقل بكثير مما فعله في السابق وما كان سيفعله لولا امتشاقنا لسلاح المقاومة واستعدادنا لتحمّل التضحيات ومختلف الصعاب (في عدوانه عام 1982 وصل عدد الشهداء من فلسطينيين ولبنانيين 16 ألفاً والجرحى 32 ألفاً).
هذا ما يجب أن ندركه ونذكره ونحن نواجه المشاهِد التي تدمي القلب فنرتفع إلى مستوى أعلى في الوعي والممارسة، وهو ما فعله آباؤنا وأجدادنا ومن سبقونا على درب المقاومة والصمود دفاعاً عن الوجود. فقضيتنا ليست قضية عدل فحسب وإنما هي قضية وجود ووطن وهوية وحياة.
فإذا كانت شعوب العالم، بمن فيها شعوب عربية دفعت من أجل استقلالها من استعمار أو من احتلال مئات الألوف وحتى الملايين من الشهداء والجرحى فلا يحق لمن يواجه عدونا الذي اغتصب فلسطين وهجّر غالب أهلها ولم يزل يمعن في مشروعه الاستيطاني التهويدي، وقد جعل من الساعين للتسوية والتعايش أضحوكة ومن مروّجي أفكار المنظمات "غير الحكومية" مسخرة، إذ كيف يحق لهم أن يجعلوا مشهد الدمار في الشجاعية أو الأطفال الضحايا صوتاً يعلو على صوت المعركة أو يطغى على مشهد الصواريخ التي أغلقت مطار بن غوريون أو على مشهد إنجازات المقاومة والأنفاق والقتال القريب، أو على مشهد الثكالى والمكلومين وهم يعلنون الصمود ويطالبون المقاومة بالاستمرار والتصعيد، وقد احتسبوا كل الضحايا شهداء أحياء عند الله ومن أُصيب في جسده أو بيته مأجوراً وإلاّ أين يذهب بالإيمان.
هنا يجب أن نُسْكِتَ أصوات المتواطئين مع العدوان من الذين يسعون إلى تجريد المقاومة من أسلحتها وأنفاقها حين يبالغون في الحديث عن الدمار والضحايا ويجعلون المشهد مندبة ولطماً فتخفى مآثر المقاومة.
وهؤلاء ينطبق عليهم قول المتنبي: "إذا اشْتَبَهَتْ دُموعٌ في خُدودٍ ** تَبَيّنَ مَنْ بَكَى مِمّنْ تَباكَى".
إن الموقف الصحيح يتطلب أن يطغى أولاً وضع العدو في قفص الاتهام وإبراز ذلك الوجه المشرق الذي لم يسبق له مثيل على الأرض الفلسطينية ونحن نرى أبطال المقاومة يخرجون من الأنفاق لينقضوا على دبابات الميركافا ويثخنوا بقوات العدو ويجعلوا قطاع غزة منتصراً في ميدان القتال البري، وطويل باع في ميدان حرب الصواريخ. مما جلب له إعجاب أمته وحبّها وقد اخترق الرأي العام العالمي بتعاطف معه سوف يعزز انتصاره، فالرأي العام العالمي يتعاطف مع المظلومين الأقوياء وليس مع المظلومين الأذلاء.
وعندما تجتمع بطولة المقاومة بالرغم من الخلل في كثافة النيران مع مظلومية ضحايانا ومع شجاعة شعبنا فسوف تكتمل أسباب الهزيمة النازلة بالعدو لا محالة. وقد شاء الله ذلك منذ جاء الرد بالصواريخ وعززت بالمواجهات في الهجوم البري.
صحيح أن الموقف المصري – العربي الرسمي عموماً شكل نقطة ضعف خطرة في مصلحة العدوان وقد وصل الأمر بالبعض إلى حد تسويغه والتواطؤ معه تحت حجة محاربة حماس وهي حجة تصل حدّ السخف والبهتان. ولكن لم يعد ذلك حاسماً في نتائج المعركة وإن أطال من أمدها.
فحرب العدوان الذي يشنه العدو الصهيوني على قطاع غزة جاء امتداداً للمواجهات في القدس والضفة الغربية ومناطق الـ48 إثر ردود الفعل على قتل الشهيد الفتى محمد أبو خضير بالحرق حيّاً وبعد تعذيبه والتنكيل في جسده.
ثم ماذا يقولون عندما انتفضت القدس والضفة الغربية الأسبوع الفائت كله وما تزالان تضامناً مع المقاومة والشعب في قطاع غزة. مما اضطر جيش الاحتلال لفتح جبهة ثانية والدليل اقتران المواجهات بإطلاق الرصاص الحي وسقوط الشهداء.
وبهذا أصبحت، بل يجب أن تصبح مقاومة العدوان واحدة في كل من القطاع والضفة والقدس. بل يجب أن توحّد مطالب المقاومة في القطاع مع المطالبة بدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات وتحرير الضفة والقدس وإطلاق كل الأسرى وبلا قيد أو شرط، لتبقى البوصلة نحو تحرير كل فلسطين.
من ذا الذي لا يستطيع أن يرى الآثار السلبية الخطرة للغاية على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ولا سيما على الضفة الغربية والقدس والأسرى إذا ما فشلت المقاومة لا سمح الله في قطاع غزة. وهو ما يريده العدو والذين يظنون أن الحرب العدوانية على قطاع غزة تشن ضد حماس أو الجهاد أو ضد السلاح والأنفاق فقط. وليس ضد الشعب الفلسطيني كله وضد القضية ومستقبل الصراع.
فحماس والجهاد والجبهة الشعبية وكل فصائل المقاومة ومن ضمنها ألوية الناصر صلاح الدين وكتائب شهداء الأقصى وكتائب عبد القادر الحسيني وكتائب المقاومة الوطنية متحدون قيادة وكوادر ومقاتلين في صف واحد. ويذهب مَدْغولاً، أو عبثاً، من يحاول التفريق أو الفرز بينهم.
الشعب الفلسطيني كله موحد خلف المقاومة في قطاع غزة وخلف الانتفاضة في الضفة الغربية والقدس.
وأخيراً ستكون خسارة فادحة إضاعة الفرصة الراهنة بالإحجام عن الذهاب بالانتقاضة إلى أقصى مدى إلى جانب المقاومة والشعب في قطاع غزة. فالنصر بانتظار فلسطين إذا اجتمعت الانتفاضة والمقاومة المنتصرة في غزة.