أما عن آخر المشاركات
فأقدر لك أمي الغالية اصرارك على القيام بواجبك
حاولت جاهدا أن أثنيك عن المشاركة حتى أحل مكانك اليوم و كان من دواعي سروري أن أفعلها بالنيابة عنك
لكن أمي مدى سعادتي تفوق الأولى الآن لتواجدك هنا بين مواضيعي وكم أتمنى أن أرى حروف اسمك تخط الحروف المخملية
أمي الغالية د. أم إيهاب عز حفظك الله من كل شر وسوء وأثابك الله الأجر على ما أصابك
أنتظر عودتك كما عهدتك شعلة من النشاط والمرح تضيء كل ما حولها
مصطفى وهبي صالح التل، (25 مايو 1899 - 24 مايو 1949) أشهر شعراء الأردن على الإطلاق، وواحد من فحول الشعر العربي المعاصر، لقب بشاعر الأردن، وعرار. في شعره جودة ورصانة، ومناهضة للظلم ومقارعة للاستعمار. حصل على وسام النهضة من الدرجة الثالثة. من أبنائه وصفي التل الذي شغل منصب رئيس الوزاء في المملكة الأردنية الهاشمية خلال السبعينيات من القرن العشرين وسعيد التل الذي شغل منصب نائباً لرئيس الوزاء في المملكة الأردنية الهاشمية خلال التسعينات.
حاصل على إجازة المحاماة عام 1930 م. أتقن التركية وتعلم الفرنسية والفارسية.
مولد الشاعر:
في الساعة الحادية عشرة من صباح الأربعاء الموافق 25 أيار عام 1897 وفي غرفة متواضعة من بيت مصطفى اليوسف التل في اربد أتى الى هذا الوجود (مصطفى وهبي التل ) وقد سمي (مصطفى) تيمنا باسم جده واضيفت اليه كلمة وهبي على الطريقه السائدة بين العائلات التركية وهي اضافة اسم الى اسم الوليد الأصلي. لقد ورث شاعرنا عن والده حسا مرهفا وخاطرا متوقدا وذكاء خارقا وجنوحا الى النظم،وورث عن والدته لسانا ذربا وطباعا شاذة وعنادا.
سافر إلى دمشق عام 1912، وواصل تعليمه في مدرسة عنبر. وخلال دراسته شارك زملاءه في الحركات التي كانوا يقومون بها ضد الأتراك، فنفي على إثر إحدى هذه الحركات إلى بيروت، ولكنه ما لبث أن عاد إلى دمشق مرة أخرى. في صيف عام 1916 عاد مصطفى إلى إربد لقضاء العطلة الصيفية، وفي أثناء تلك الفترة نشبت بينه وبين والده خلافات حادة، ما جعل والده يحجم عن إعادته إلى مدرسة عنبر في دمشق، ويبقيه في اربد ليعمل في مدرسة خاصة كان قد افتتحها والده آنذاك وسماها "المدرسة الصالحية العثمانية". بقي مصطفى في إربد. وعمل في مدرسة والده مضطراً، واستمرت خلافاتهما واشتدت، فقرر أن يترك إربد، فغادرها في 20/6/1917 بصحبة صديقه محمد صبحي أبو غنيمة قاصدين اسطنبول، ولكنهما لم يبلغاها، إذ استقر المقام بمصطفى في "عربكير" حيث كان عمه علي نيازي قائم مقام فيها. في "عربكير " عمل مصطفى وكيل معلم ثان لمحلة "اسكيشهر"، إذ عين في هذه الوظيفة بتاريخ 3/10/1918، واستقال منها في 9/3/1919.
قضى مصطفى صيف عام 1919 في إربد، واستطاع _بمساعدة بعض زملائه - إقناع والده بضرورة إرجاعه إلى مدرسة عنبر بدمشق. فسافر إليها في مطلع العام الدراسي 1919-1920.ولكن عودته صادفت قيام حركات طلابية شارك فيها، بل كان مع بعض أصدقائه على رأسها، ما جعل السلطات تقرر نفيه إلى حلب، وسمحت له بإكمال دراسته فيها، فسافر إليها في شباط 1920. ومكث فيها حتى الشهر السادس من عام 1920. حين غادرها بعد أن حصل على الشهادة الثانوية من المدرسة السلطانية.وفي أثناء دراسته تعلم اللغة - التركية ، وهي اللغة الرسمية وقتذاك، كما عرف الفارسية، وفي أواخر العشرينات درس القانون معتمداً على نفسه، وتقدم للفحص الذي كانت تجريه وزارة العدلية آنذاك فاجتازه، وحصل على إجازة المحاماة في 3 شباط 1930.
عمل مصطفى في الفترة 22/4/1922-1931 معلماً في مدرسة الكرك. وفي مناطق متفرقة من شرقي الأردن، وحاكماً إدارياً لثلاث نواحي شرقي الأردن، وهي وادي السير، والزرقاء، والشوبك. وعمل خلال الأعوام 1931-1942 معلماً في إربد ثم في سلك القضاء ابتداء من 1/1/1933،فتسلم مجموعة من الوظائف هي: مأمور إجراءات، عمان، ورئيس كتاب محكمة الاستئناف، ومدّعي عام السلط، ومساعد النائب العام. ثم عاد إلى وزارة المعارف فتسلم وظيفة المفتش الأول فيها.وحين تركها عُيّن رئيس تشريفات في الديوان العالي.فمتصرفا للواء البلقاء (السلط)، ومكث في منصبه هذا أقل من أربعة أشهر إذ عُزل، واقتيد إلى سجن المحطة في عمان حيث قضى نحو سبعين يوماً.
بعد خروجه من السجن في نهاية عام 1942 مارس مهنة المحاماة في عمان حيث افتتح مكتباً خاصاً به. كان له صلات واسعة مع كثير من الشعراء المعاصرين له أمثال: إبراهيم ناجي، أحمد الصافي النجفي، إبراهيم طوقان، عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى)، الشيخ فؤاد الخطيب، كما كانت صلته وثيقة ببلاط المغفور له الملك عبد الله الأول بن الحسين، حيث كانت تجتمع نخبة من الشعراء والأدباء، وتدور بينهم مساجلات ومعارضات شعرية.
بيئة الشاعر
عند الحديث عن عرار وأدبه لابد من التطرق لبيئته وطفولته ، وما تلاها من صراع مرير وكفاح متواصل لم تلن خلالهما قناته أو تهن عزماته أمام خشخشة القيد ورهبة المنفى ومرارة الإضطهاد والإبعاد وحري بنا ونحن ماضون في الحديث عن عرار ان نتناول صفات والديه ومزاياهما لنفهم شاعرنا ونستقصي أسباب شذوذ عظمته.
والد عرار: هو صالح المصطفى اليوسف التل ،من مواليد اربد (لواء عجلون ) ومن أشهر طوابعه (العزم - مرهف -ونفس كريمة -تفكير سليم -أعصاب قوية -وروح خفيفة -خاطر ومتوقد وذكاء نادر) كان والده مصطفى اليوسف الملحم التل أمياً لكنه سعى نتيجة اختلاطه بالموظفين ،إلى تأسيس مدرسة ابتدائية في اربد وفيها تعلم نجله صالح مدة ثلاث سنوات ونال شهادة الابتدائية،وحفظ القرآن على يد خطيب البلد الشيخ عيسى الملكاوي من(ملكا-اربد)والقراءة والكتابة وحسن الخط على معلم المدرسة الأول الشيخ عبد الحكيم البغدادي (من بغداد) والشيخ عوض الهامي (من هام -اربد). ومنذ شب صالح عن الطوق أخذ يقرض الشعر الزجلي والفكه اللاذع ،كما اشتهر بالخط الجميل ورطانة بعض العبارات التركية والفارسية،فعين (كاتب أغنام ) في اربد لمدة شهر انصرف بعدها الى كتابة العرائض والاستدعاءات واعلامات الأحكام. وبعد أن جمع بعض المال التحق بمدرسة (عنبر) في دمشق وأمضى فيها خمس سنوات ،اذ كان طموحا، ونال الشهادة الإعدادية وعين معلما في مدرسة معان وبعد عام نقل معلما مسؤولا في مدرسة اربد وخلال عمله مدرسا أحدثت ناحية (الكورة) لواء عجلون فعين مديرا وانتقل إلى (دير أبي سعيد) وبعد فترة نقل مديرا لناحية الجولان (سوريا) فقدم استقالته وعين معلما لمدرسة اعدادية في اربد ومالبث أن طلق مهنة التعليم وزاول المحاماة وبعد مدة عُين مستنطقا لمحكمة اربد البدائية . فمفوضاً للشرطة في اربد برتبة رئيس ومن هذه نقل الى الكرك وبعد أن شب لظى نار الثورة العربية الكبرى في هذه المدينة نقل مفوضا للشرطة في درعا (حوران). وفي العهد الفيصلي (1918-1920) عين وكيلا لقائمقام اربد فوكيلا لقائمقام المسمية(حوران) وعندما تألفت الحكومة الوطنية في لواء عجلون (15 أيلول 1920) عين مدعيا عاما وقاضيا لمحكمة صلح جرش فمدعيا عاما للسلط فقاضيا لمحكمة صلح مأدبا.
والدة عرار: هي مريم الجابر المحيلان من مواليد فرية سوم (لواء عجلون)ومن أشهر طوابعها (رهافة في الحس ،ومضاء في اللسان، وشذوذ في الطبع ،وضيق في الصدر )أضف لهذا كله عناداً كان مضرب المثل كما روي لي بعلها وكانت حياتهما الزوجية حافلة بالنزاع والصراع والمشاكسة. وذات يوم تأزمت الحالة بينهما فلم يقوَ قرينها على تحمل شرورها والخنوع للسانها الذرب فبارح منزله على عجل ليرمي بنفسه في بئر رومانية خلاصا من حياة تفيض نكدا وكدرا وما أن بلغ البئر حتى لحق به قريب له وأبلغه ان جدارا سقط على زوجته فاغتبط لهذه البشرى وعاد أدراجه فوجدها مهشمة لكنها لم تمت .
جرأه حق دهاء
عُرف مصطفى وهبي التل بدهائه وجرأته وصراحته في المصلحة الوطنية، وقيل أن من المواقف التي أشادت بدهائه كانت بدايات تأسيس إمارة شرقي الأردن على يد الأمير عبد الله بن الحسين في ذلك الوقت وبالتحديد في وزارة علي رضا الركابي الثانيه عام 1926 حين وضع حداً لسلوكيات الركابي الذي أحسً بشعبيته تطغى على شعبية الأمير عبد الله بن الحسين في ذلك الوقت.
تدرج عرار بالسلك الوظيفي حيث عين مدرسا في الكرك، ثم حاكما إداريا في مناطق (وادي السير والزرقاء والشوبك). أصبح بعدها مدعيا عاما في السلط ثم عين رئيس تشريفات في الديوان العالي. ليصبح بعدها متصرفا للبلقاء لمدة أربعة أشهر. إلا أنه عزل واقتيد إلى سجن المحطة في عمان. وبعد خروجه من السجن عمل بالمحاماة.
كتاباته
ترك الشاعر العديد من الأثار النثرية إلى جانب ديوانه الشعري. كان يتقن التركية والفارسية، وله فيهما آثار، أهمها ترجمة رباعيات الخيام. وله اشتغال في اللغة والأدب، و(أعمال) و(مقالات) تدل على اطلاع واسع على آداب الأمم.
الشعر: عشيّات وادي اليابس، تحقيق: زياد صالح الزعبي، مطابع المؤسّسة الصحفيّة الأردنية/ الرأي، عمّان، 1982. وصدر عن المؤسسة الجامعية للدراسات، بيروت، 1998.
الدراسات: بالرفاه والبنين/ بالاشتراك مع خليل نصر، مطبعة الأردن، عمّان، 1934. الأئمة من قريش، د.ن، عمان، 1938.
المقالات: أوراق عرار السياسية - وثائق مصطفى وهبي التل، (جمعها: محمد كعوش)، د.ن، عمان، 1980.
الترجمة: رباعيّات عمر الخيّام (ترجمة)، عمان، 1973. تحقيق د. يوسف بكار، مكتبة الرائد العلمية، عمان، 1990.
من مراجع ترجمته: يعقوب العودات (البدوي الملثم): عرار شاعر الأردن، المطبعة الوطنية، عمان، ط1، 1958.
محمود السمرة: عشيات وادي اليابس (محقق)، المؤسسة الصحفية الأردنية، عمان، ط2، 1973.
أحمد أبو مطر: عرار الشاعر اللامنتمي، أقلام الصحوة، الإسكندرية، ط1، 1977. دار صبرا للطباعة والنشر، دمشق - نيقوسيا، ط2، 1987.
يعقوب العودات (البدوري الملثم): عرار شاعر الأردن، دار القلم، بيروت، ط1، 1980.
زياد صالح الزعبي، (المقدمة)، جمع وتحقيق وتقديم، عشيات وادي اليابس، دائرة الثقافة والفنون، عمان، 1982.
محمد أبو صوفة: أعلام الأدب والفكر في الأردن، مكتبة الأقصى، عمان، ط1، 1983.
سليمان الموسى: أعلام من الأردن، مطابع دار الشعب، عمان، ط1، 1986.
يوسف بكار: رباعيات عمر الخيام من ترجمة مصطفى وهبي التل، دار الجيل ومكتبة الرائد العلمية، بيروت - عمان، ط1، 1990.
ناصر الدين الأسد: أديبان من الأردن، منشورات جامعة عمان الأهلية، ط1، 1993.
محمود المطلق: عشيات وادي اليابس (محقق)، شركة الطباعة الحديثة، عمان، ط1، 1994.
محمود عبيدات: سيرة الشاعر المناضل مصطفى وهبي التل (عرار) 1897-1949، بدعم من وزارة الثقافة، عمان، 1996.
عبد الله رضوان: عرار شاعر الأردن وعاشقه (مختارات)، منشورات أمانة عمان الكبرى، عمان، ط1، 1999.
كمال فحماوي: مصطفى وهبي التل، حياته وشعره، د.ن، عمان، د.ت. [1].
دفنه
في صباح يوم الثلاثاء 24/5/1949 توفي مصطفى في المستشفى الحكومي بعمّان، ونقل جثمانه إلى اربد مسقط رأسه، حيث دفن في تل إربد كما جاء في وصيته. في 18 يوليو 1988 تبرع أبناؤه (يوسف، سلطي،سليم، سالم) وبناته (شهيرة، سعاد، منيفة، يسرى، عفاف) ببيت العائلة شرق تل إربد ليصبح وقفا لضريحه ونقل رفاته من مقبرة في شمال إربد إلى البيت في 31 مارس 1989.
يعد الحديث عن مصطفى وهبي التل"عرار"هو حديث عن جيل الرعيل الأول من الأدباء والشعراء الذين عرفوا بقدرتهم على إيقاظ مشاعر من يقرأ لهم ، فهو واحد من الشعراء الذين لم ينالوا كامل حقهم من الدراسة والتقويم والاهتمام. فهو يعتبر ثورة حقيقية استهدفت رقي الإنسان وتحقيق العدالة للجميع دون تفريق والالتزام بقضايا الوطن والمواطن.
ولد مصطفى وهبي التل"عرار"في مدينة إربد يوم السادس من محرم عام 1315 هـ الموافق ليوم 25 أيار 1897 وتوفي فيها عام 1949 ، أي أنه عاصر النصف الأول من القرن العشرين ، وأسمه مصطفى صالح المصطفى اليوسف التل وأضيفت له كلمة"وهبي"فيما بعد لأنها طريقة كانت سائدة عند العائلات التركية أيام حكم السلاطين ، وكلمة وهبي إشارة إلى الموهبة الفكرية والثقافية والشعرية ، أما"عرار"فهو الاسم المستعار الذي اختاره الشاعر لنفسه حيث كان يوقع به أشعاره ومقالاته في الصحف والمجلات وذلك تيمناً"بعرار بن عمرو شأس الأسدي"وقد كان والده صالح المصطفى التل من مشايخ ووجهاء عائلة التل في إربد وكان أحد المثقفين الذين كانوا يقرضون الشعر الشعبي"الزجل"وكان لعائلة التل مكانة اجتماعية بين عائلات شرقي الأردن.
ومما يجدر ذكره أن الشاعر سمي مصطفى تيمناً باسم جده ، كان عرار من حيث ملامح صورته الخارجية صاحب قامة طويلة ووجه طويل أسمر وفم مذموم دائماً ويدين وساقين تكاد تتجرد إلاّ من العظام مطبقة رقيقة من الجلد ، وقد أثر والده"صالح التل"في شخصية شاعرنا ، فوالده تعلم في مدرسة إربد الابتدائية ثلاث سنوات ونال الشهادة الابتدائية وحفظ القرآن ثم سافر إلى دمشق والتحق بمدرسة عنبر حيث قضى فيها خمس سنوات ونال الشهادة الإعدادية وعين معلماً في مدرسة معان ، وبعد عام نقل معلماً مسؤولاً إلى مدرسة إربد وفي خلال عمله استحدثت ناحية الكورة "لواء عجلون" فعين مديراً لهذه الناحية وانتقل إلى دير أبي سعيد ، وبعد فترة نقل مديراً لناحية الجولان "سورية" وغيرها من الوظائف ثم زاول المحاماة وعين مستنطقاً لمحكمة إربد ، وعندما وصل الملك عبد الله الأول إلى الأردن عام 1922 عين قاضياً لمحكمة صلح جرش فمدعياً عاماً للسلط فقاضياً لمحكمة صلح مادبا.
ولقد كان والده كثير التنقل من وظيفة إلى أخرى.
أما والدته فهي مريم جابر عرف عنها رهافة الحس وضيق الصدر ، لقد كان لبيئة عرار تأثير واضح فيه في عدة جوانب امتدت إلى حياته وأغلب الصفات التي عرف بها ولا يمكن إهمال عنصر (الوراثة) وأثره في الأديب وأعماله الأدبية والفنية.
تلقى عرار تعليمه الابتدائي في إربد ثم سافر إلى دمشق عام 1912 وواصل تعليمه في مكتب عنبر ثم نفي إلى بيروت وذلك نتيجة للمزاج المسرف في عصبيته وطبيعته الثائرة القلقة التي لا تعرف الاعتدال والوسطية. ولكنه ما لبث أن عاد إلى دمشق مرة أخرى. وفي صيف عام 1916 عاد مصطفى إلى إربد لقضاء العطلة الصيفية فيها وفي أثناء هذه الفترة نشبت خلافات بين مصطفى ووالده مما جعل والده يجحم عن إعادته إلى المدرسة في دمشق ويبقيه في إربد ليعمل في مدرسة كان قد افتتحها والده آنذاك.
وقد تحدث المؤرخ محمود عبيدات قائلاً: بقي مصطفى في إربد في مدرسة والده مضطراً واستمرت خلافاتهما واشتدت فقرر مصطفى أن يترك إربد فغادرها يوم 20 حزيران 1917 بصحبة صديقه محمد صبحي أبو غنيمة قاصدين العاصمة العثمانية استانبول ليدرس مصطفى الحقوق ويحقق أبو غنيمة حلمه بدارسة الهندسة ولكنهما لم يبلغاها إذ استقر به المقام "عربكير" حيث كان عمه علي النيازي التل قائم مقام فيها ولكن إقامته في عربكير جعلته يشعر بمرارة الغربة وبتعاسة الحياة فعاوده الحنين إلى بلدته إربد فنراه يكتب في مذكراته عن يوم عيد: (يا ليت عيّدت في إربد) وفي 3 تشرين الأول 1918 عين مصطفى وكيل معلم في عربكي) ولم يستمر في هذه الوظيفة طويلاً بسبب"اضطرابه وآلامه"كما يقول في مذكراته فاستقال في 9 آذار ,1919
وبعد عودته إلى إربد قضى صيف 1919 وتدخل أصدقاء والده وأقنعوه بضرورة متابعة مصطفى لدراسته ، حيث لم يبق إلاّ سنة واحدة للتخرج. وعاد مصطفى في مطلع العام الدراسي 1919( - )1920 إلى دمشق لإكمال الدراسة ، ولكنه عاد من جديد واشترك في المظاهرات التي كانت قائمة ضد الاستعمار ، فبعثت به الإدارة والوزارة إلى حلب وفيها أتم دراسته الثانوية من المدرسة السلطانية وذلك يوم 15 حزيران 1920 وبعدها غادر إلى إربد.
وفي أواخر عام 1922 عين معلماً للغة العربية بمدرسة إربد الحكومية وفي عام 1923 عين حاكماً إدارياً لبلدة وادي السير بعدها نفي إلى جدة بأمر صادر من رئيس النظار آنذاك حسن خالد باشا ولم يفصل عرار حياته العملية عن حياته الشخصية فخلال الفترة القصيرة التي قضاها حاكماً إدارياً لبلدة وادي السير اختلط بالغجر وكان لهم تأثير على حياته وعلى شعره وفي عام 1925 عين حاكماً لبلدتي الشوبك ووادي موسى ومكث في هذه الوظيفة ما يقرب من العام ونصف العام. عين الشاعر معلماً في مدرسة معان في العشرين من تشرين الثاني نوفمبر 1926 براتب قدره عشر ليرات ، ثم عين في 5 تموز - يوليو 1927 مديراً لمدرسة الحصن الابتدائية وفي عام 1930 قدم امتحاناً في القوانين والأنظمة المعمول بها في الأردن فاجتاز الفحص بتفوق ونال شهادة المحاماة وكان قد درس القانون دراسة خاصة معتمداً على نفسه فزاول المحاماة في عمان وإربد دون التفرغ لها. ودرس كذلك فقه القانون ثم ترك القانون بعد فترة قصيرة بسبب اعتقاله ونفيه إلى العقبة حيث قضى في العقبة عدة أشهر ليعود في العام التالي ، 1931 مدرساً في مدرسة إربد الثانوية ، وقد شاع شعره بين الناس لأنه كان يتحسس آلام الشعب وظروفه.
بعد ذلك ترك عرار التدريس ليلتحق بسلك القضاء كرئيساً للكتاب في محكمة إربد عام 1933 وفي خريف العام نفسه عين"مأمور إجراء"في عمان وفي أواخر عام 1937 عين في وظيفة مدع عام أي وكيل نيابة في مدينة السلط ، ثم نقل إلى وظيفة مساعد النائب العام في عمان وقد أتاحت له فترات إقامته في عمان فرصة الاحتكاك بالقصر الأميري فقامت بينه وبين الأمير عبد الله علاقات وطيدة يسودها المرح والدعابة فانتهت هذه العلاقة إلى تعيينه أميناً ثانياً للأمير عام ,1938
انتقل عرار بعد ذلك إلى منطقة البلقاء حيث عين متصرفاً - حاكماً إدارياً - في مدينة السلط فقضى فيها أربعة أشهر كانت نهايته عزله وسجنه وبعد خروجه ترك الوظائف الحكومية وعاد إلى المحاماة التي ظل يعمل فيها إلى أن مات.
لقد كانت حياة عرار سلسلة من التقلبات فقد تنقل بين الوظائف الحكومية والسجن والنفي والمحاماة فحياته كانت حركة دائمة لا تعرف الهدوء أو الاستقرار ، وكان عرار متقناً لعدة لغات كالتركية والفارسية والفرنسية بالإضافة إلى براعته في اللغة العربية.
لقد أمضى عرار حياته بين جماعة الغجر وهام بفتياتهم وكان يفضل معيشتهم وكان يدافع عنهم مطالباً برد اعتبارهم في أوساط المجتمع الأردني وكان يجد عند النور المصدر الرئيسي لإحساساته وينبوعاً لشعره.
وقد ترك عرار عدة أعمال وآثار نثرية وشعرية أهمها: ترجمته النثرية لبعض رباعيات الخيام ورسالته (أصدقائي النور) ومذكراته الشخصية ورسالة (الأئمة من قريش). وديوانه (عشيات وادي اليابس) الذي مات قبل القيام بجمع قصائده على الرغم من إلحاح زملائه وظل ديوانه (أشلاء مبعثرة) هنا في جريدة وهناك في مجلة حتى عام 1954 حيث قام نجله"مريود"بجمع قصائده من الصحف والمجلات.
لقد كان عرار شاعراً ملتزماً بقضايا الوطن والمواطن حدد لنفسه موقفاً إزاء كل ما يحدث حوله وثبت عليه ودافع عنه ويمكن القول أن عرار كان مدرسة أدبية قائمة بحد ذاتها. غنى للمجد وللألم وللحق وللعشق فهو قمة شامخة بين الأدباء والشعراء.
لانت قناتك للمنون وقلما كانت تلين
فعفا الحمى ممن أعز وغادر الأسد العرين
وبقلب عنوان العروبة والحجا سكن الوتين
صرخ النعي وما كنى والناس غير مصدقين
أمحرر الشعب الهضيم وناشر الحق الدفين
ومقيل عثرة أُمة أعيى النهوض بها القرون
ابن الملوك أبو الملوك وسيط خير المرسلين
يسطيع أن يودي به داء وتأسره منون
وتنال منه منية هذا لعمر أبي ظنون
الموت غاية كل حي رغم أنف الجاحدين
فأعيذ نفسي كفرها بقضاء رب العالمين
لكنه الخطب العظيم يشل وعي المطلقين
ويطيش أحلام اله داة ويذهل المتأكدين
من أين يترك وقعه وعيا بمنفى سجين
الموت حق لا جدال وشكه عين اليقين
والفرض يوم جلاء مقط عه سكون الجازعين
لو ترتضى سنن الأسى بخلا التفجع أن ندين
لا يشمتوا ما في ختام ك مغمز للشامتين
يا رب خذل مثل خذ لك كان حظ المخلصين
هو آية النصر العزيز وغاية النصر المبين
كم سيد قاد الشعوب وساسها في الغابرين
قد خاله أَبناء عصره في عداد العاثرين
ظنوه لم يبلغ بهم شأواً بتعظيم قمين
حتى إذا كر السنين جلا غشاوات العيون
عرفوه في أوج اله داية من صفوف المصلحين
ورأَوه والظفر التليد جناه بين الفاتحين
فتسابقوا عن جهلهم وعقوقهم يستغفرون
هذا يؤلههه وذاك يعده في المرسلين
علمتنا كيف الفن اء بحب أمتنا يكون
وأعز ما ملكت يدان وما يعز المالكين
في نصرة المثل العلية كيف يجدر أن يهون
غامرت بالتاج الثمين تصون بالعرش المكين
المسجد الأقصى وحق بني أبيك بفلسطين
لا غرو أولى القبلتين ان اصطفيت لها خدين
ما زلت بين حماتها في السابقين الأولين
أأصبت أم أخطات في مسعاك نهج المحسنين
شأنان لن يعنى بمثلهما مؤرخك الرصين
يكفيه أنك كنت عف النفس وضاح الجبين
لم تشر إذ بلفور سامك موطناً دنيا بدين
يا ناهجاً في الملك نهجاً ما عداه متوجون
أرأيت كيف العرش حف بربه المترزقون
فأتته معرفة الأمين فضل معرفة الخؤون
حتى إذا صح الصحيح ومحص الذهب القيون
وأماط عصف الحادثات هزال من ظن السمين
هب الذين عليه أمس تكأكأوا يفرنقعون
فأتاك أَن وفاءهم لخلا نضارك لن يكون
ما كان نابليون يوم عن المواطن قد أبين
أوفى بذمة قومه من منقذ العرب الأَمين
حتى أستحق رعاية من رهطه والمخلصين
فتواثب الأتباع غصة أسرة يتناهبون
وتألبوا بالألب ح ول شماله وعن اليمين
ما فيهم إلا عب اقرة الملاحم والزبون
ما آثروا نقض الع هود وإن يظلوا منعمين
بل فضلوا أسر الوفاء على القيادة ناكثين
في حين أنت به بقبرص لا خلبل ولا خدين
إلا شجى الذكرى وغص ات التلفت والحنين
لمرابع عنها تسائل زائريك بكل حين
كيف القويرة والشراة وكيف سهل بني عمون
وجبال أيلة هل بها كلأ يسر الزائرين
ما بعد جنات النخيل مسرة للناظرين
أين الذين بمخلوانك بالعشي يرابطون
وهتافهم ما رن أصفرك الأغر له رنين
لو قلت إنك ربهم لرأيتهم بك مؤمنين
والتاج أضيع ما يكون مؤيداً بمنافقين
كالعضب تثلمه الغضاض ة بالحمائل والجفون
هل ثغر ليماسول أقرب عندهم منه الحجون
فأتوك أيام الحجاز بكل يوم وافدين
عن حبهم وولائهم ووفائهم لك معربين
حتى إذا انقلب لزمان عليك آضوا خارجين
فإذا الذين عليهم أَقبلت عنك المدبرون
وإذا بأحفظهم يخون وإذا بأصدقهم يمين
وإذا بمن أنكرتهم بشجى مصيرك يشرقون
عبراً بلوت أبا الملوك فعظ بواقعها البنين
صلى الإله عليك يا ابن الطيبين الطاهرين
وعلى الذين قضوا بعهدك للعروبة عاملين
في ساحة الشهداء من فيحاء دينهم تدين
في الرمل من بيروت في عكاء في مضض السجون
في الغوطتين وفي العراق وفي مشارق ميسلون
شم المعاطس مجدهم في المجد منقطع القرين
عذراً إذا رحل الحسي ن إليهم في المسرعين
ليعيش بين الخاملين ويقيم بين الميتين
والموت قد ألقى إليه بصولجان الخالدين
إن الحسين لفكرة صدر البقاء بها ضنين
لا بالغ كر الردى منها ولا فر السنين
فليتق اللّه الألى هرعوا إليه يؤبنون
إن الرثاء به أَحق من الفقيد الفاقدون
يا راية نشر الحسين على الكماة الدارعين
فأتوا لنصرة رمزها من كل حدب ينسلون
وتواثبوا في ظلها حوض الردى يتواردون
ما الموت جد الموت يوم مثار نهضتهم مجون
عقد الزمان لهم لواء الفتح حيث يحاربون
فانظر إلى الأَتراك في عرض البلاد مقهقرين
وانظر إلى الصحراء تزخر بالذين هم الذين
وبكل بيت شرحبيل وبكل حي أرطبون
أسد المفاوز ما ثنتهم عن معاقلها الحصون
حتى اشتروا بدمائهم حرية الوطن الغبين
وبنيه واستقلالهم لولا حبائل مكمهون
يا رايه قد كان هذا شأنها في السابقين
من بعد مولاك الحسين حمى جلالة من يصون
للّه مما قد قض اه اللّه إنا راجعون
لماذا سمي مصطفى وهبي التل ب (عرار) ؟ ومن اطلق عليه هذا اللقب ؟
مصطفى هو من سمى نفسه بهذا الاسم ولم يطلقه عليه احد
فقد كان يوقع بعض اشعاره وكتاباته ومقالاته ب عرار حتى عرف بهذا الاسم
اما عرار فهو اسم ابن الشاعر عمرو بن شأس الأسدي
وقد كان ابن الشاعر يلاقي معاملة سيئة من زوجة ابيه وانتصارا له قال ابوه
أرادت عراراً بالهوان ومـن يرد عراراً لعمري بالهوان لقد ظلـم
ويبدو ان مصطفى اعجب بقصة هذا الشاعر وابنه ولعلها لامست عنده جوانب شخصية كما اعجب ببيت الشعر هذا
لذا فقد استعار اسم عرار وسمى نفسه به
لماذا سمي مصطفى وهبي التل ب (عرار) ؟ ومن اطلق عليه هذا اللقب ؟
بحث طيب حول عرار وجهود نسأل الله أن يبارك لك فيها أم يزن...
هناك ثلاثة محاور أراها رئيسة في ياته وشعره:
أول هذه المحاور أنه كان يمشي في خط يتعارض مع الحكومة آنذاك.
ثانيها أنه كان لا يطيق المرابين ( الذين يتعاملون بالربا).
وثالثها أنه كان عاشقا لـ ( النّوَر).