أشواق و غروب ... و بحر لا نثق به - أشواق و غروب ... و بحر لا نثق به - أشواق و غروب ... و بحر لا نثق به - أشواق و غروب ... و بحر لا نثق به - أشواق و غروب ... و بحر لا نثق به
الدكتور راجح السباتين
من جماليات الحياة في أرض العرب
أشواقٌ وغروبٌ ... وبحرٌ لا نثق به
عند الغروب أرى وطني، وعند الغروب ألحظُ ريحه تدخل أنفي فتثيرُ عشرات الذكريات وتُلقيني في أحضان الحنين. وعندما أرى وطني فإنّني أراكِ وأرى فيكِ ذاتي تتأرجح برقّةٍ ودلالٍ في نسيم الخليج العربي الدافئ. عند الغروب فقط تنبعث الحياة فتنطلق بواخرها ويدبُّ النشاط في مطاراتها ومحطّات قطاراتها من جديد.
النّهار عندنا يا سَيّدتي العربية الجميلة يبدأ عند الغروب، وقيمة الصّيف كلّها تتلخّص في وقت الغروب.
والحياة عندنا يا سيدتي العربية الجميلة، تبدأ عند الغروب.
والحبُّ يخفق في قلبي شوقاً إليكِ وللأولاد عند الغروب.
وتتراءى لي في الأفق البعيد صورةُ أولادنا يلعبون الكرة خلف حقول السنابل المتراقصة عند أقدام صحن الشّمس البرتقالي الباهت البعيد ... وتتألق دُنيانا، دنيا العرب في لحظاتٍ فريدةٍ تهرب فيها عن عيون "السادة الأمريكان" الذين حرّموا عليك الضّحك وحتى الابتسام.
وترتسم على لوحات الجدران البعيدة آمالٌ تأخذ طريقها نحو النّور، كتلك الخرائط والرسوم والخواطر المحفورة بدمع كلِّ مظلومٍ خطّها على جدران السجون ... ويعلو صوت العصافير الحرّةٍ فوق أزاهير الأقحوان في كلِّ وادٍ من وديان أرض العرب، ونطير بآمالنا وأحلامنا لنزور كلَّ ركنٍ في بلاد التين والزيتون وطور سينين. ويأخذنا الشوق إلى حقولها الخضراء التي يُحيط بها الجَمالُ من كلّ جانبٍ وتجري من تحتها الأنهار عذبةً لكلِّ شاربٍ، وتحتشد الخيولُ العربيةُ الأصيلةُ السمراءُ على جنباتها لتعلن للعالم كلّه عن جماليات الحياة في أرض العرب ... ونطير بآمالنا وأحلامنا لننظرَ بُعيدَ ذلك إلى طفلٍ عربيٍ أسمر المعالم تمتد عيناه السوداوان وتتسعان لتأخذا في أحضانهما كلَّ هذا الأفق الواسع البعيد، ولنرعى أمّاً عربيةً مكافحةً حنوناً، تستيقظ قبل الشمس وتنام قبل القمر فتكون قد ملأت في المسافة الممتدّة بينهما كلِّ الكرة الأرضية محبةً وحناناً ونشاطاً وعطفاً، حالُها حالُ كلِّ أمّهاتنا العربيات الممتدَّات من بقايا الجيل الأصيل القديم. ونطير بأحلامنا إلى الساحل وتأخذنا الأشواق إلى الساحل وترمينا الذكريات عند صخوره العتيقة المُخضَرّة دوماً المبَلّلة بماء مجد العرب الغابر وعناد بحره الثائر الذي ارتضى كلَّ ما ارتضى إلا أنْ يصمتَ أو يخاف. وكيف يصمت البحر وموته في الصمت؟؟ وهل يملك البحر أن يخاف أو يتراجع بعد كلِّ هذي الثورة وهذا الغضب المتفجّر إلى يوم يبعثون؟؟؟
حكايتنا مع البحر يا سيّدتي العربية الجميلة، هي حكاية الإنسان مع الحياة بكلِّ ما تحملها من الخبايا والحكايات والقباحة والجمال. غير أننا لا نثق بالبحر، ذلك أنّه لا يتردّد في إظهار غدره وخيانته لنا ولكلّ الذين أخلصوا له من البحّارة وقادة السفن وأهل الساحل والجزائر. حتى جرائد النّخل التي كانت صديقته لسنواتٍ طويلاتٍ انقلبَ عليها وضربها بهوجائه وأغرقها بمائة مرّات ومرّات، لكنّها عادت كما عُدنا، وتوازنت كما توازنّا بعد كلِّ ذاك الانحناء القسريّ وتمالكت نفسها وانتصبت شامخةً من جديدٍ لكي تعلِّمَنا وتعلِّم العرب كافّةً ألاّ نيأس أو نموت ولكي تعلّمنا أنّ بعد كُلِّ ضربةٍ قاضيةٍ بدايةً جديدةً وأملاً جديداً يغمر بأنواره كلّ المطعونين الذين لم يتعلّموا الدرس مِن أولّ مرة ....
جميل جدا ما كتبه وابدعته اخي الكريم ... فعلا لخصت لوحة الغروب بطريقه رائعه فانا عاشق للغروب حيث ان الغروب يحمل في طياته ذكريات واحلام ارتسمت وتجددت مع كل غروب.. شكرا لك اخي الكريم على كلماتك الرقيقه العذبه ...
لا أدري ..هل غرقت بين تلك الكلمات أم ماذا ...
أخذني الغروب الى غياهب الواقع المرير لألتطم بأمواج البحر الغدّارة ...
نعشق الغروب لانه ليله نهار!!... ونعشق سطوع الشمس لتخبرنا أن على هذه الارض ما يستحق المغامرة ...
ما أبدعك يا دكتور ... وأنت فخر لهذا القسم نرجو استمرار تواصلك ...
وترتسم على لوحات الجدران البعيدة آمالٌ تأخذ طريقها نحو النّور، كتلك الخرائط والرسوم والخواطر المحفورة بدمع كلِّ مظلومٍ خطّها على جدران السجون ... ويعلو صوت العصافير الحرّةٍ فوق أزاهير الأقحوان في كلِّ وادٍ من وديان أرض العرب، حتى جرائد النّخل التي كانت صديقته لسنواتٍ طويلاتٍ انقلبَ عليها وضربها بهوجائه وأغرقها بمائة مرّات ومرّات، لكنّها عادت كما عُدنا، وتوازنت كما توازنّا بعد كلِّ ذاك الانحناء القسريّ وتمالكت نفسها وانتصبت شامخةً من جديدٍ لكي تعلِّمَنا وتعلِّم العرب كافّةً ألاّ نيأس أو نموت ولكي تعلّمنا أنّ بعد كُلِّ ضربةٍ قاضيةٍ بدايةً جديدةً وأملاً جديداً يغمر بأنواره كلّ المطعونين الذين لم يتعلّموا الدرس مِن أولّ مرة ....
جميل جدا ما خطته يداك دكتور ...من جماليات الحياة هو الغروب ...
لكن دعني اخبرك ان البحر على غدره اجمل من الغروب ...لا لشيء الا لان الاول صادق في غدره والثاني كاذب في عهده
يعدنا الغروب بشمس اجمل غدا ..لكن ما رحل عادة لا يعود ومن وعدك ان يكون معك ..تراه اول الراحلين ..
اما البحر وما ادراك ما البحر وما اجمل الاستسلام الكلي له هو لا يغرقنا بل يحضننا حين يرفض الآخرون احتضان جزء من الحياة كان بالامس لهم ...