على الرغم من دوران السنين حول محوره، ومن الانتهاكات التي طالت بنيته الفسيولوجية العذرية، وعلى الرغم من منافسات التوست والبورجر والفرنسي والكعك بسمسم، ما يزال "رغيف الكماج" يتصدر موائد "الشبعانين والجوعانين"، لا بل لقد أصبح من أوائل الثائرين على الظلم والاستبداد، وصار رمزا من رموز التحرر، والبحث عن منارات الحرية، وما يزال يحتفظ بشخصيته القوية، واستدارته، وشموخه.
حين كنت أشاهد صدره ينتفخ سريعا ، ويهدر البخار الساخن من جنباته في وسط نيران فرن حارتنا القديم، كنت أشعر بالرهبة، وأحس أن انتفاضته، واحمرار وجهه تنبئ عن عظمته، وعزته وعنفوانه. فقد كان مهيبا، وذا شخصية متفردة، وكان مخلصا، ووفيا ، وطيبا ،ومعينا للفقراء.
لم أجده يوما لئيما أو بخيلا، كان يجود بنفسه ليملأ الأفواه الجائعة، وكان يشاطر المجتمعين حوله فرحتهم بالشبع وسد الرمق، ولم يكن يوما يخذل الآخرين من الأغنياء والأثرياء، في حين كان بعضهم يخذله عندما يحرمونه من ملامسة شفاه البائسين والجياع.
ما أشد احترامي لك اليوم يا صديقي، فأنت لم تتبدل أخلاقك، ولم تتغير ملامحك، ولا صفاتك، ولم تزل وفيا صادقا أمينا، في زمن قل فيه الصادقون والأمناء والأخيار. واعذرني اليوم لأنني لم أعد أثق بغيرك، لأنني افتقد من هم بسماحتك، وصفائك.
في السوبر ماركت،، والمول،،، والهايبر ماركت،،، لكنه لم يعرف درباً لهذه الأمكان،،، وكان دوماً علامة مسجلة وحصرية لدى جدتي وأمي،،، وغيرها من الأمهات اللواتي خبزنه وصنعنه في ظروف قاسية،، في النكبة،،، وبعد النكبة،، ليصنع هو الآخر معاني رمزية سامية من المائدة إلى الذاكرة،،،
مشكور أخي ياسر،، رغم إني اتناول في هذه اللحظات من الصباح الباكر بعضاً من "كعك العيد"،، إلا أنك قلبت المواجع علي لصعوبة الحصول على رغيف الكماج،،
تشابهت الافواه الجائعة لكن ليست افواهنا التي لم تعد تستطيع نطقا ...
بل افواه العدو الجائعة الى نهش المزيد من لحومنا وشرب المزيد من دمائنا بلا شبع او ارتواء
..وكان موضوعك هذا جاء ليتزامن مع معركة الامعاء الخاوية التي يخوضها اسرانا البواسل في المعتقلات
مروري متواضع بين كلماتك الجميلة
وعذري فيه وله دوما انه صادق
دمتم بعز
كان رغيفا مجبولا بقوت امرأة حرة تحصد وتدرس تعجن وتخبز .. واليوم أصبح مجبولا بسولار الماكينات والآلات
أسفي على أمة باتت تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع
كل الشكر لك أخي ياسر على ما سطرت أناملك .. في جعبتك الكثير فأين أنت عنا ؟؟!!