«ما هم منكم ولا منهم» - «ما هم منكم ولا منهم» - «ما هم منكم ولا منهم» - «ما هم منكم ولا منهم» - «ما هم منكم ولا منهم»
«ما هم منكم ولا منهم»
د. صلاح الخالدي
وقفتنا مع قول الله عز وجل: }ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون أعد الله لهم عذاباً شديداً إنهم ساء ما كانوا يعملون{ (المجادلة: 14-15).
تدعو الآية الى التعجب من موقف المنافقين في المدينة زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قاموا بموالاة اليهود، مع أنهم يزعمون أنهم مسلمون.
والمنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليهوسلم هم قوم كفار في الحقيقة ولكنهم اعتنقوا الإسلام في الظاهر، وكان تأسيس حركة المنافقين بعد غزوة بدر، حيث قال زعيم المنافقين قولته المشهورة: «هذا أمر قد توجه أي: أمر الإسلام في صعود، ولا يمكن مواجهته من الخارج! وهداه شياطينه إلى أن يدخل هو وعصابته الإسلام في الظاهر، ليحاربوا الإسلام وأهله من الداخل! وقد فضح الله المنافقين في آيات عديدة، وبين جرائمهم.
ومؤامراتهم ضد الإسلام والمسلمين، واعتبرهم هم العدو الأخطر ضد المسلمين!
وكان لليهود دور مباشر في تأسيس المنافقين في المدينة، لأنهم هم المستفيدون من نشاطهم ضد المسلمين، وكانت صلة المنافقين باليهود قوية، وارتباطهم بهم وثيقاً، كان اليهود أساتذة للمنافقين وشياطينهم. قال تعالى: }وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنمانحن مستهزؤون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون{ (البقرة: 14-15).
اليهود «شياطين» بنص هذه الآية، لأنهم كفار متمردون على الله، والشيطان هو كل كافر متمرد على الله، سواء كان من الإنس أو من الجن.. والمنافقون أتباع لهؤلاء الشياطين، يوالونهم ويعاونونهم ويحالفونهم، ويرتبطون بهم، وينسقون معهم أعمالهم في حرب الإسلام والمسلمين.
وقد ذم الله المنافقين لموالاتهم اليهود، ودعا إلى التعجب من موقفهم الغريب الذي يدعو إلى العجب: «ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم».
الاستفهام في الآية: «ألم تر..» للإنكار والتعجب، فهو ينكر على المنافقين موالاتهم لليهود، والخطاب في الآية موجه للرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه ليس خاصا به، بل هو عام يشمل كل مسلم من بعده، يرى منافقين يوالون الأعداء وتصف الآية اليهود بأنهم قوم مغضوب عليهم: «تولوا قوماً غضب الله عليهم». وقد غضب الله على اليهود المجرمين الكافرين بسبب جرائمهم العديد التي تمردوا بها على الله. والآيات القرآنية التي أخبرت عن غضب الله على اليهود عديدة. منها ما ورد في سورة الفاتحة: }اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين{ (الفاتحة: 6-7).
ومنها قول الله عز وجل: }قل هل أؤنبكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنة الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل{ (المائدة: 60).
وإذا كان اليهود يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنهم شعب الله المختار، فإنهم كاذبون في هذا الزعم، ووصفهم الصحيح أنهم «الشعب الملعون» في القرآن، والشعب المغضوب عليهم، الذي لعنه الله وغضب عليه. ومن المعلوم عندنا أنه لا يمكن أن يوفق شخص أوشعب ملعون، لعنه الله وغضب عليه.. وهذا معناه أنه لا مستقبل للكيان اليهودي على أرض فلسطين، لأنه نتاج لعنة الله وغضبه على أصحابه الذين أقاموه!
وإن من ضلال وخيبة وخسارة المنافقين أنهم أساءو الاختيار في الموالاة، فوالوا قوماً «غضب الله عليهم» ومن المعلوم أنه يبحث الشخص أو الشعب عن آخر هو أقوى منه، ويتخذه ولياً، ليجد عنده العون والدعم والمساعدة. أما المنافقون الخائبون فقد اختاروا من هم أضعف وأعجز منهم، واتخذوهم أولياء طمعاً في أن يجدوا عندهم العون والمساعدة، وإذا بهم يجدونهم أضعف منهم! ولذلك دعانا الله إلى التعجب من فعلهم!!
ووصف الآية المنافقين الموالين لليهود بقولها: «ما هم منكم ولا منهم». أي: هؤلاء المنافقون ليسوا من المسلمين في الحقيقة، وإن دخلوا في الإسلام في الظاهر. كما أن هؤلاء المنافقين ليسوا من اليهود في الحقيقة، لأنهم لم يدخلوا في الديانة اليهودية!
ويؤخذ من هذه الجملة: }ما هم منكم ولا منهم{ ضياع المنافقين بموالاتهم لليهود، فلاهم من المسلمين، ولا هم من اليهود. وتعمم هذه الحقيقة على كل من والى أعداء الله في كل زمان أو مكان، وإن الذين يوالون اليهود والصليبيين في هذا الزمان ضائعون خائبون خاسرون، فلا هم من المسلمين، ولا هم من الآخرين، فلا قيمة لهم عند الله والناس.