بعض المسلمين لا يعرفون «التبسم»، ولا طلاقة الوجه، وجوههم دائماً عابسة، وجباههم مقطبة.. لا يفرّق أحدهم بين يوم عيد ويوم حزن، ولا بين مناسبة سعيدة ومناسبة مؤلمة، ولا بين جلسة فرح ومجلس عزاء.. وكأن أسنانه عورة لا يجوز إظهارها أمام الآخرين، حتى لو كانوا أقرب الناس إليه، كزوجته أو ابنه أو أخته.. وكأن انفراج أسارير وجهه وطلاقتها عيب وانتقاص لشخصه.. تجده عابساً مقطب الجبين في كل أحواله، يأكل ويشرب وهو عابس، ويكلّمك وهو عابس، ويعانقك وهو عابس، ويصلي وهو عابس، وينام وهو عابس! ولا يضحك «للرغيف السخن» كما يقولون!! وياويلك إذا اقتربت منه وكلمته و«مازحته»!!
هو عابس مقطب الجبين، والكون من حوله فرح مسرور، وكل آيات الله حوله تدعوه إلى الانبساط والانشراح والفرح والسرور، لا معنى عنده لإشراقة الشمس أو لحظات غروبها، ولا تؤثر فيه نسمات الرياح، ومناظر الأشجار والأزهار والجبال.. ولا يلتفت لزقزقة العصافير، وهي تتراقص على أغصان الأشجار فوقه، ولا يفرّق بين جميل وقبيح في هذه الدنيا!!
نقول لهذا النموذج الإنساني - وما أكثر انطباقه على الأفراد من حولنا -: تبسّم، تبسّم، تبسّم.. وعوِّد نفسك على الاستمرار في التبسم.
لقد كان رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم دائم التبسم، لا تفارق البسمة المباركة شفتيه، وكان متفتح الوجه، منبسط الأسارير، مهما مر به من مشقات وتحديات وصعوبات.. وكان صلى الله عليه وسلم حريصاً على أن يتبسم في وجوه أصحابه إذا قابلهم أو كلّمهم أو صافحهم، ولذلك كانوا بهذه الابتسامة الساحرة منه يزدادون محبة له.
وقد روى الصحابي الجليل والمجاهد الكبير جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما لقيني تبسم في وجهي!!.
وكان صلى الله عليه وسلم يداعب الأطفال ويتبسم في وجوههم، كما فعل مع الطفل «أبي عمير» الذي كان له عصفور صغير اسمه «نُغير»، وكان كلما لقيه يقول له: «يا أبا عمير: ما فعل النغير؟» فيقول له: هو بخير. وفي يومٍ وجَدَه حزيناً. فسأله نفس السؤال، فبكى وقال: لقد مات النغير يا رسول الله! فواساه..
وحثنا صلى الله عليه وسلم على دوام التبسم عندما نلتقي، فقال: «تبسمك في وجه أخيك لك صدقة..»، واعتبر طلاقة الوجه وانبساطه وفرحه وسعادته والحرص على إسعاد الآخر وإدخال السرور عليه من المعروف الكبير، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»!! وقال لك أحدهم:
بُني إن البر شيء هيّنْ وجه طليق وكلام بيّنْ
تقرب أخي إلى الله بالابتسامة المشرقة الساحرة، وتخلَّ عن «كشرتك» المنفرة؛ يحبّك الله والناس!!