استيقظت و أنا في كهف الخراب و لم أر غير التّراب خراب على مدى البصر بقدر مسافة العمر أمّا التّراب فكان أسود كان قاسيا أقسى من الحديد في آخر الكهف صخرة عملاقة ساقها سيل عرم فسدّت المدخل الكهف ....لا تسأل عن الكهف قبر في جوف جبل حاقد في دهاليزه كنت خارج الزّمان و المكان أنا موجود بلا حسّ و لا أمل من حواليّ جدران الصمت تخنقني ما عدت أعرف كيف أصرخ الصّراخ يعود إليّ كرعد و صاعقة في مكان ما في جدار الكهف كنت أسمع سقوط قطرات ماء مُرّة كنت أرتوي بها حتّى الثّمالة أمّا اليوم حتّى تلك القطرات انقطعت فاستبكيت نفسي لأغترف و لو غرفة من دموعي و بعد جهد جهيد انثالت على خدودي دموع مالحة أشدّ ملوحة من البحر الميّت.... و حتى تلك العبرات كانت تجفّ على خدودي و لم أذق منها إلاّ الملوحة الحامضة.... تذكّرت أنّي حملت معي في رحلتي الضّائعة بعض الأغراض للإستكشاف مطرقة , منقار , مصباح و مدوّنة... فخطرت ببالي أن أحفر نفقا إلى الجهة الأخرى من الوكب أو إلى السماء.... التمست أغراضي فوجدتهم بقايا صديد بسبب الرطوبة الحامضة..... حتّى جسدي بدأ يتآكل و يتلاشى... حبو ت إلى المدخل و انا واقف أمام الصخرة اللعينة أنبش بأظافري و أصرخ كصبي جائع ..... و كانت الأظافر تقتلع الواحد تلو الآخر و حلقي يجفّ و يجفّ فكان الكهف آخر محطة اكتشافي و كتبت في مدوّني بدمي المتخثّر لا شيئ لا شيئ لا شيئ
تتلاشى حروفي قاطبة في حضرة هذه الكلمات .. وتعييني الذاكرة وأجهدتني تلك المحاولات في استرداد كم هائل من مكنونات وعيي الذاتي .. جميل ما قرأته ها هنا .. فكل الشكر لما اختارت الأيدي أم حذيفة
يأس ما بعده يأس ...
لقد كان لدي بصيص من الامل ...ذهب وفنى بعد هذه الكلمات ...
لا أدري ...كيف استطاع أن يو ظف الكلمات بهذه الطريقة ليصف اليأس بهذه الصورة ...
أم حذيفة للابداع ..أشكال كثير ومنها أنك تبدعين ..فيما تقرأين ..مميزة للغاية في اختياراتك ... وأنتظر نزف قلمك "لا تبخلي علينا " ...فأنت من فلسطين الأبية ترفضي اليأس...