المباني والشواهد العثمانية في بئر السبع قيد التهويد وخطة جديدة لتحويلها إلى مساكن للطلبة!!!
المباني والشواهد العثمانية في بئر السبع قيد التهويد وخطة جديدة لتحويلها إلى مساكن للطلبة!!! - المباني والشواهد العثمانية في بئر السبع قيد التهويد وخطة جديدة لتحويلها إلى مساكن للطلبة!!! - المباني والشواهد العثمانية في بئر السبع قيد التهويد وخطة جديدة لتحويلها إلى مساكن للطلبة!!! - المباني والشواهد العثمانية في بئر السبع قيد التهويد وخطة جديدة لتحويلها إلى مساكن للطلبة!!! - المباني والشواهد العثمانية في بئر السبع قيد التهويد وخطة جديدة لتحويلها إلى مساكن للطلبة!!!
"بئر السبع"؛ اسم لمدينة عريقة لها تاريخها وجذورها وحضارتها على مر العصور والأزمان. تعود جذورها إلى عهد نبي الله إبراهيم عليه السلام. شكلت بئر السبع -وما زالت- البوابة الجنوبية لفلسطين والبوابة الشرقية لمصر. في بداية القرن العشرين بنى العثمانيون فيها مدينة حديثة؛ فيها دار للبلدية ومضخة لتوزيع الماء، ومطحنة للحبوب، ومسجد كبير ذو طابع هندسي متميز، ومدرسة للبنين ذات طابقين. وشكلت مدينة بئر السبع رافدا هاما في حياة عشائر النقب، وكانت محط أنظار الجميع وعاصمة عامرة بالأسواق وملتقى العشائر والتجار، وما زالت شواهد الوجود العربي والبناء العثماني الإسلامي قائما فيها إلى الآن، ولا يمكن أن يمسح من الذاكرة..
وهذا مسجد بئر السبع الكبير شاهد عيان على حضارة العرب والمسلمين في مدينة بئر السبع، والمسجد رائع البنيان هو تحفة فنية نادرة يتوسط المدينة القديمة، ومئذنته ما زالت شامخة تدل على الأصل والأهل، رغم حرمانها من رفع الأذان منذ 63 سنة!!!وترفض بلدية بئر السبع السماح للمسلمين بالصلاة في المسجد أو رفع الأذان فيه، بل حولت ساحاته إلى متحف نصبت فيه التماثيل والأصنام!! أما ما تبقى من ساحة المسجد فتحول إلى استخدام الشواذ من القوم ممن يرتكبون الفاحشة من خمر وسكر وعهر وفجور.
وتُعَدّ مقبرة بئر السبع الإسلامية معلما آخر من معالم هذه المدينة التي تشهد على حق وتاريخ ووجود وحضارة الفلسطينيين في بئر السبع؛ التي كانت تشكل منارة حقيقية ومدينة عامرة بأهلها إبان سقوطها عام 1948. وعاشت بئر السبع رغد الحياة في العهد العثماني، حيث عمد العثمانيون إلى تطويرها وازدهارها فأقاموا فيها المشاريع الجبارة؛ منها سكة الحديد، التي ما زالت آثارها قائمة حتى الآن، بالإضافة إلى الجسور ذات الطابع الهندسي المميز.
المباني والمنشآت العثمانية وتاريخ بنائها وفيما يلي نضع بين يدي القراء الأفاضل لمحة تاريخية عن أهم المباني والمنشآت العثمانية في مدينة بئر السبع.
مسجد بئر السبع الكبير
بني في عهد آصف بيك الدمشقي، الذي أحضر حجارة المسجد من الخلصة، وذلك عام 1906 على يد مقاول عربي محلي كان من أغنياء ووجهاء المدينة، لكن بعد أن بدأت جدران البناء تتصدع رأى القائمقام أن عملية البناء لا تتطابق مع توقعاته، فأمر بهدم ما بني وأوكل التخطيط والإشراف على بناء المسجد من جديد إلى مهندس من القدس.
نقلت الحجارة التي استعملت في بناء المسجد من قرية الخلصة بواسطة الجمال. وقد زادت تكاليف البناء عن الألف ليرة ذهبية، منها 400 ليرة تصدق بها سكان المدينة والعشائر المحيطة، ومثلها مساهمة من الحكومة العثمانية. وتصل مساحة المسجد الوقفية نحو 12 دونما.
والمسجد يُعدّ منارة عظيمة تتوسط البلدة القديمة من مدينة بئر السبع، غير أن مئذنة المسجد الشاهقة حُرمت من الأذان منذ سقوط المدينة عام 1948، لا بل قامت بلدية بئر السبع اليهودية بتحويل المسجد وساحاته إلى متحف للثماثيل والأصنام غير آبهة بقدسية المكان.
ولم تنجح حتى الآن محاولات المسلمين لاسترجاع المسجد وافتتاحه للصلاة، وما زالت القضية تنظر في أروقة محاكم المؤسسة الإسرائيلية. وترفض البلدية بشدة افتتاح المسجد للصلاة، وفي أحسن الأحوال اقترح أن يتحول المسجد إلى مركز ثقافي. وحتى هذا الاقتراح ترفضه البلدية التي أجرت تغييرات كثيرة في ساحات المسجد وجدرانه، علما أن المسجد اليوم يعاني من تصدعات وهو في حاجة ماسة إلى الصيانة.
وهكذا تعاطت بلدية بئر السبع وما يعرف بسلطة الآثار مع المسجد وفق سياسة التهويد، بينما يُحرم آلاف المسلمين الحاضرين بشكل يومي من أداء الصلاة فيه، ولا يتسنى لهم سوى التحسر على رؤية المسجد ومئذنته الشاهقة دون التمكن من حقهم الطبيعي في أداء الصلاة فيه.
المسجد الصغير
يقع المسجد في البلدة القديمة من بئر السبع مقابل بئر إبراهيم، وقد بناه عيسى بسيسو سنة 1931م، وتولى المجلس الإسلامي الأعلى شؤونه. واستخدم المسجد منذ تأسيسه للصلاة والعبادة، وبقي يصدع بالأذان حتى احتلال مدينة بئر السبع عام النكبة.
وأجّرته بلدية بئر السبع (وكأنه ملكها..!) مطعما وبارا بعد أن غيرت تشكيلته نهائيا، كما يقول الدكتور سامي أبو فريح المختص في القضاء الإسلامي والعشائري، ويضيف: "ثم أصبح المسجد دكانا للألعاب تباع فيه حاجيات الأطفال، فلم يبق منه أي معلم يدل على أنه مسجد.
مدرسة أبناء الشيوخ
تقع المدرسة في الجهة الغربية من مدينة بئر السبع القديمة. وقد أقيمت سنة 1914م على مساحة سبعة عشر دونمًا. تتكون البناية من طابقين، جدرانها مبنية من الحجر ويميز بناءها الأقواس في الشبابيك والأبواب.
أقيمت البناية خلال العهد العثماني من أجل استعمالها كمدرسة زراعية لأبناء العشائر العربية في قضاء بئر السبع، ولكن عند انضمام تركيا إلى الحرب العالمية الأولى في تشرين الثاني 1914م تحولت البناية إلى مستشفى للهلال الأحمر.
وخلال الاستعمار البريطاني عادت البناية تستعمل كمدرسة، ولكن هذه المرة كمدرسة عادية للأولاد والبنات، حيث تعلم الأولاد في الطابق الأول، والبنات في الطابق الثاني الذي كان ذا مدخل خلفي منفرد وخاص. ومع ازدياد عدد الطلاب نُقلت البنات إلى بناية مجاورة.
في سنة 1932م أعاد عارف العارف، القائمقام في تلك الفترة، استعمال البناية كمدرسة زراعية لأبناء المشايخ والبدو من المنطقة المجاورة، وذلك من أجل تطوير الزراعة وجعل البدو مزارعين بدل الاقتصار على تربية المواشي فقط.
وخلال احتلال مدينة بئر السبع حولت هذه المدرسة العامرة إلى مقر للجيش الإسرائيلي تحت اسم "بيت الجندي".
الحديقة العامة
تقع الحديقة في البلدة القديمة، قبالة المسجد الكبير، وتصل مساحتها ثلاثة دونمات ونصف دونم، وتعرف اليوم بـ"حديقة اللنبي"، وهي أولى الحدائق العامة في بئر السبع، وأقيمت منذ سنة 1902م، وقد زرعت الأشجار فيها لربط البدو بزراعة الأرض. والحديقة تقع بجانب السرايا وعلى الطريق المؤدية إلى غزة، وقد استخدمت للاجتماعات العامة وللاحتفالات الرسمية.
عندما احتل الإنجليز بئر السبع سنة 1917م أقيم على عامود من الرخام نصب تذكاري للجنرال اللنبي مع تمثال لشخصه!!
وتستخدم بلدية بئر السبع اليوم المكان كحديقة سياحية عامة.
بئر سيدنا إبراهيم
حفر سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بئرا قرب الجهة الغربية لوادي بئر السبع، وفي سنة 1934م أعلن عارف العارف بشكل قاطع أنها هي بئر إبراهيم، بشهادة المؤرخين وعلماء الآثار الأوروبيين والسكان المحلييّن، وجدت فيها كتابة عربية من سنة 1112م. يصل عمق البئر 13.5 متر منها خمسة أمتار منحوتة في الصخر، ومصدر المياه من المياه الجوفية، قطر البئر 3.75 مترا. تشققت فوهة البئر من الحبال التي كان يستعملها سكان المنطقة البدو لإخراج المياه من البئر، والتي أبقت علامات واضحة. لقد كانت ملتقى هاما، بخاصة للقبائل البدوية التي خيّمت قربها، وكذلك لتجار غزة والخليل الذين أتوا للتجارة مع السكان البدو.
أقامت بلدية بئر السبع حول البئر جدارًا ورصفت المنطقة. والبئر مفتوحة للسياحة في هذه الأيام، لكن هناك صعوبة في الدخول إليها، ويحتاج الأمر إلى إذن مسبق من البلدية.
محطة القطار التركية
تُعدّ محطة القطار التركية في بئر السبع دليلا واضحا على التقدم والازدهار الذي شهدته بئر السبع خلال الفترة العثمانية الإسلامية. وقد وصلت سكة القطار المدينة من الغرب، وتواصلت جنوبا حتى الحدود المصرية كجزء من السكة الحجازية. مدت السكة الحديدية سنة 1915م من نابلس، ومن ثم إلى طولكرم واللد وحتى بئر السبع. واعتبرت محطة بئر السبع المحطة الرئيسة وواحدة من خمس محطات. وبناء المحطة مكون من طابقين، وكان فيه بيت مدير المحطة وبجانبه بيت صغير استعمل كمخزن. وكانت هناك مبان أخرى استعملت للعاملين والموظفين، ولكنها هدمت مؤخرا. بنيت فيها كذلك ورش عمل لترميم العربات ومعدات أخرى للجيش التركي.
بعد افتتاحها في تاريخ 30/10/1915م كانت المحطة في بئر السبع مفترقًا رئيسًا، حيث كانت القطارات تخرج إلى عوجا حفير جنوبا، وإلى القدس شمالا وإلى رفح غربا ومن ثم إلى مصر. وبعد احتلال بئر السبع على يد بريطانيا استعملت المحطة كمسكن لموظفين إنجليز. ومنذ سنوات الأربعين أصبح البناء بيتا لحاكم المنطقة. وفي سنة 1948م استعمل مبنى المحطة مقرا للجيش ما يقارب ثلاثين سنة. وفي سنة 1979م أقيمت فيه ورشة لصناعة الورق على اسم بوب لاسلي.
بيت عارف العارف
وسط مدينة بئر السبع القديمة يقع بيت عارف العارف، المؤرخ الفلسطيني وقائمقام محافظة بئر السبع والعالم المشهور ورفيق المفتي أمين الحسيني، وبني البيت بين العامين 1937م-1938م بحجارة أحضرت من محيط القدس. وقد أقيم البيت على طراز فريد وجميل على نمط البناء العثماني في المدينة، وكان البيت عبارة عن مركز هام في مدينة بئر السبع، وبناؤه رائع وخلاب.
هذه الشواهد واللمسات الفلسطينية التي يمتاز بها هذا البيت لم تمنع السلطات الإسرائيلية عبر بلدية بئر السبع من تنفيذ سياسة التهويد التي لم تستثن أيا من هذه الأماكن والبيوت والمنشآت العثمانية والفلسطينية والعربية، حيث سكنت عائلة يهودية بيت عارف العارف، ثم حول إلى مكان لبيع المواد الغذائية لعناصر الجيش.
خطة جديـدة لتحويل المباني العثمانية إلى مساكـن للطلاب
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قد كشفت مطلع الأسبوع خطة لبلدية بئر السبع تقضي بتحويل المباني العثمانية في المدينة إلى مساكن للطلاب في البلدة القديمة. وجاء في الصحيفة أنه جرى مؤخرا التوصل إلى اتفاق بين دائرة الأراضي والبلدية لتحويل عشرات المباني إلى ملكية بلدية بئر السبع، ووفق ما نشر سيجري التوقيع على هذا الاتفاق خلال الأيام القليلة القادمة. ووفق الخطة ستنفذ أعمال صيانة لهذه المباني وتحويل غالبيتها لإسكان الطلاب وتهيئتها لاستخدام الجمهور. يأتي ذلك في سعي من البلدية لتشجيع الطلاب على السكن في البلدة القديمة. ووفق الخطة ستنظم معارض ومتاحف ونشاطات ثقافية وتربوية وفنون بهدف إحياء البلدة القديمة، وهكذا تحيا المباني والمنشآت العثمانية في بئر السبع مرحلة تاريخية ستساهم إلى حد كبير في محاولات طمس معالمها عبر تهويدها بكافة السبل، وفي الوقت الذي تمنع فيه بلدية بئر السبع سد احتياجات السكان المسلمين من أداء الصلاة وإقامة المساجد، أو على الأقل فتح المسجد الكبير للصلاة، نجدها تبتدع حلولا للطلاب اليهود لتشجيعهم على السكن في مدينة بئر السبع القديمة، على حساب تراث وحضارة الآخرين.