المدرب البلجيكي توم أقيل من منصبه كمدير فني لشباب الأردن مؤخرا - (الغد)
تيسير محمود العميري
عمان- تعيش الكرة الأردنية منذ فترة ليست بالقصيرة ظاهرة “تغيير المدربين”، وباتت معظم الأندية تلجأ إلى مثل هذا القرار بعد كل إخفاق، وتحصر مشكلتها بالمدرب وكأنه سبب النجاح والفشل في ذات الوقت، مع أن الحقائق تؤكد بأن المدرب هو أولى ضحايا الاخفاق ويقف في آخر الصف عند أي إنجاز.
كثيرة هي الأندية التي استبدلت مدربيها خلال الموسم الكروي الحالي المشارف على الانتهاء، وقليلة هي الأندية التي حافظت على “جلدها التدريبي” ولم تستبدله بعد أي خلل في النتائج، وغاب عن الأندية أن الاستقرار في الجهاز التدريبي هو أحد أسباب النجاح، وبأن المدرب يجب أن يتمتع بكامل الصلاحيات ويحظى بالفرصة الكاملة للحكم على نجاحه أو فشله، ولا يجوز أن يبقى المدرب رهينة لقرار إداري متسرع، عادة ما يستأثر به رئيس النادي ويلزم إدارة النادي بالموافقة عليه، ولا يجوز أن تبقى الفرق حقلا للتجارب فيأتي النادي بمدرب لمباراة أو بضع مباريات ثم يستبدله بمدرب آخر ما يلبث أن يعلم بقرار إقالته.
مدربون تطول القائمة لذكرهم سواء كانوا محليين أم عربا أم أجانب، شهدتهم ملاعب الكرة الأردنية وشهدت على حكاياتهم الغريبة والعجيبة، ومدربون باتوا يعرفون أن مصيرهم معلق بـ”أقدام اللاعبين” و”مزاجية الاداريين”، طالما أن المدرب لا يجد من يحمي ظهره أو يدافع عن حقوقه، بل ان كثيرا من المدربين الأردنيين الناجحين يتمنون لو أن الاتحاد والأندية تعاملهم “ماديا” كما تتم معاملة المدربين غير الأردنيين.
شباب الأردن والفيصلي شكلا هذا الموسم حالة غريبة وعجيبة فيما يتعلق بتغيير المدربين، فالدوري الحالي الذي انطلق في 20 آب (اغسطس) الماضي شهد تناوب خمسة مدربين على تدريب فريق شباب الأردن، بدءا من عيسى الترك ومرورا برائد عساف والروماني أريستيكا والبلجيكي توم سيانتافي وانتهاء بعساف، الذي يدرك بأنه “مدرب مؤقت” سيكمل المباريات الثلاث المتبقية لشباب الأردن في بطولة الدوري والموسم على وجه العموم، لأن النادي بصدد البحث عن مدرب جديد للفريق للموسم المقبل.
المدرب البلجيكي توم زعم بأن قرار إقالته من تدريب شباب الأردن جاء نتيجة غضب رئيس النادي سليم خير من التبديلات التي اجراها خلال مباراة المنشية، ولأنه قدم “السيرة الذاتية” لتدريب المنتخب السوري وهو في ذات الوقت يشرف على تدريب شباب الأردن.
ويرد رئيس نادي شباب الأردن بالقول إنه لم يسبق له التدخل في شؤون أي من المدربين الذين أشرفوا على الفريق، وبأن المدرب عيسى الترك استقال ولم يقال من منصبه بعد الخسارة أمام العربي 1-4 في مستهل منافسات الدوري.
وأضاف خير: “بالنسبة للمدرب الروماني أريستيكا فقد اكتشفنا أنه قدم أوراقا تدريبية مزورة للنادي، ومنحنا المدرب رائد عساف فرصة للتدريب قبل حضور البلجيكي توم، الذي ذهب إلى سورية من دون علم النادي وقدم عرضا لتدريب المنتخب السوري من دون أن يحترم عقده مع شباب الأردن، كما أنه لك يكن يدرب اللاعبين لأكثر من 75 دقيقة ولاحظنا انخفاض اللياقة البدنية عند اللاعبين، كما أنه أجرى 3 تبديلات خلال 5 دقائق سمحت للمنشية بتحقيق التعادل بعد أن كان شباب الأردن متقدما بفارق هدفين”.
أما الفيصلي فقد منح المدرب محمد اليماني فرصة اعداد الفريق في الموسم الحالي، قبل أن يأتي المدرب العراقي أكرم سلمان للإشراف على الفريق واعدا بتحقيق “الرباعية الزرقاء”، لكن ذلك الحلم تحول إلى وهم، فخرج الفيصلي من حسابات اللقب في بطولات الدرع وكأس الكؤوس وكأس المناصير، وتولى المدرب محمد اليماني المهمة مجددا باعتباره المدرب الجاهز لتنفيذ المهام التدريبية المؤقتة، وبعد أن بات الاحتفاظ بلقب دوري المحترفين سرابا وخسر الفريق مباراته أمام دهوك العراقي آسيويا، أقيل اليماني من منصبه وحل مكانه بشكل مؤقت أيضا المدرب راتب العوضات، في إنتظار أن يأتي مدرب جديد للفريق أو أن يعود اليماني مدربا جديدا للفريق للمرة ربما المائة في تاريخه.
ما يجري مع المدربين في ظل غياب المظلة الشرعية التي تدافع عن مصالحهم باستثناء العقد الموقع مع النادي، والذي غالبا ما يكون في غير صالح المدربين، دفع كثيرا من المدربين إلى التساؤل فيما إذا كان ما يجري حالة تنفرد بها الكرة الأردنية عن سواها، أو أنها “حالة عربية” طالما أن قرار إقالة المدرب في جيب الادارة وربما رئيسها فقط.
مدير التدريب والتطوير في اتحاد الكرة نهاد صوقار، الذي سبق له العمل كمدير فني لفرق نادوية كان آخرها مع الأهلي، يؤكد بأن ما يجري مع المدرب الأردني هو نتاج فشل ادارات الأندية في تأمين متطلبات النجاح التي يتم تحميلها للمدربين، لأن معظم الأندية غير قادرة على تأمين متطلبات الاحتراف، وهذا أصبح ينعكس سلبا على مستوى الفرق وبطولة الدوري التي لم تعد كسابق عهدها.
ويضيف صوقار.. “كثير من الأندية هي أشبه بمزرعة ألغام لأي مدرب، والتدخل الاداري مستمر في شؤون المدربين والادارات تصدق اللاعبين على حساب الأندية، وأصبح المدرب مجبرا على تحمل فشل الاداريين واللاعبين في آن واحد، ولست أدري كيف للأندية أن تمضي بشكل صحيح في مشوارها وهي مدينة للاعبين والمدربين وغير قادرة على مواصلة مشوار الاحتراف”.
وخلاصة القول فإن الأندية تزعم بأن تغيير المدربين ناتج عن فشل المدربين في تنفيذ طموحات إدارات الأندية وجماهيرها، فيما يرى المدربون بأن فشل ادارة الأندية ما هو الا ضريبة يدفعها المدرب وحده، لأنه من السهل على الادارة أن تقيل مدربا ومن الصعب عليها أن تقيل فريقا بأكمله أو أن تتحمل بشجاعة مسؤولية الأخطاء الإدارية المتراكمة.
وخلاصة القول فإن الأندية تزعم بأن تغيير المدربين ناتج عن فشل المدربين في تنفيذ طموحات إدارات الأندية وجماهيرها، فيما يرى المدربون بأن فشل ادارة الأندية ما هو الا ضريبة يدفعها المدرب وحده، لأنه من السهل على الادارة أن تقيل مدربا ومن الصعب عليها أن تقيل فريقا بأكمله أو أن تتحمل بشجاعة مسؤولية الأخطاء الإدارية المتراكمة.