فلسطين قديمآ - فلسطين قديمآ - فلسطين قديمآ - فلسطين قديمآ - فلسطين قديمآ
واقع المكتبات في فلسطين قديماً•• وحديثاً
"المكتبة الخالدية ـــ نموذجاً"
هناء غانم
مستخلص
للكتاب مكانة أثيرة في الحضارة العربية الإسلامية•• وإذا كان المصحف الشريف هو أول كتاب ظهر في لغة العرب، فقد بدأت حركة التأليف منذ منتصف القرن الأول الهجري وشهد القرن الثاني ظهور الكتب وحركة تدوين القرآن والتاريخ متأثرة في ذلك بطريقة كتابة الحديث ونظراً لحب المسلمين الأوائل للكتب والقراءة والعلم، وكنتيجة لاتصالهم بالثقافات الأجنبية التي وجدت في البلاد التي فتحوها، انتشرت المكتبات التي كان لها دور عظيم في الحضارة الإسلامية في بغداد وأصفهان والقاهرة وقرطبة وفاس ومختلف الأقطار والأمصار، وكانت من مفاخر هذه الحضارة•• حضارة فلسطين كانت جزءاً من هذه الحضارة العظيمة، وهنا سنتحدث في هذه الدراسة عن مساهمة الشعب الفلسطيني ومعاناته للحفاظ على الكتب والمكتبات خلال حقبة طويلة من الزمن•
من الفتح الإسلامي حتى بداية الحروب الفرنجية
تعد مكتبات المساجد من المكتبات الأولى التي عرفتها فلسطين، وقد كانت الكتب تختلف من حيث الشكل إذ ظهر فيها شكل سمّي المسند كانت تجمع فيه أحاديث الصحابة كل على حدة، وشكل آخر هو الجامع أو المجموع تكون فيه الأحاديث مرتبة وفق الأبواب•••
وإن أهم ماكانت تضمه خزائن المسجد الأقصى النسخ الكثيرة من القرآن الكريم التي كانت توضع في المسجد أو توقف عليه أو تهدى إليه•• وقد ذكر ابن الفقيه في كتاب البلدان الذي ألفه عام 290هـ ـ 902م أنه كان في المسجد الأقصى في زمنه ستة عشر صندوقاً للمصاحف المسّبلة، وفيها (مصاحف لايستقلّها الرجل) وقال ابن عبد ربه: كان في المسجد الأقصى سبعون مصحفاً• ربما كان من هذه المصاحف القديمة التي ماتزال موجودة اليوم في المتحف الإسلامي بالقدس الذي يضم بين مقتنياته أكثر من 650 مصحفاً تاريخياً كتب معظمها بين القرن الثالث والقرن الثاني عشر للهجرة، من بينها نصف مصحف قديم مكتوب على رق بخط كوفي كتب عليه >كتبه محمد بن الحسن بن الحسين بن بنت رسول الله صلى الله عله وسلم<•
وبسبب الحروب الكثيرة والفتن الأهلية والحرائق والزلازل وغوائل الطبيعة الأخرى التي فتكت بالكتب القديمة في هذه البلاد، كما فتكت بأكثر المساجد القديمة ودمرت الدور التي كانت تحفظ فيها الكتب ولم يبق منها شيء، وإن أغلب ما وصلنا منها قد نسخ عن المخطوطات الأصلية•• ويذكر أن الفاطميين أنشؤوا دار علم في القدس تضم مكتبة ضخمة•• وكان مقرها >كنيسة القديسة حنة< التي حولها صلاح الدين فيما بعد إلى مدرسة للشافعية••
المكتبات في عصر الأيوبيين والمماليك والعثمانيين حتى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي
لايخفي التاريخ أن عصر الأيوبيين والمماليك وبداية العصر العثماني كان عصر نهضة علمية تمثلت في إنشاء المدارس والمساجد والبيوت الصوفية، كما ازدهرت معاهد العلم التي استقطبت عدداً كبيراً من العلماء من فلسطين وخارجها•• وراجت الكتب وازداد عددها مما أدى إلى إنشاء المكتبات المختلفة منها:
أولاً: مكتبات المساجد
تعد خزائن المسجد الأقصى من أهم دور الكتب الإسلامية في القدس فقد كان المسجد الأقصى مركزاً للحياة الفكرية لما يحتويه من مخطوطات وكتب في طليعتها القرآن الكريم وكتب الحديث والتفسير والفقه إضافة إلى العلوم العربية والتاريخ والحساب والمنطق ومدرسة لتدريس مختلف العلوم، لاسيما الإسلامية••
وكانت المصاحف الشريفة أهم الكتب التي كان يقفها السلاطين والأمراء على المسجد الأقصى منها المصحف الذي كتبه السلطان أبو سعيد عثمان بن أبي يوسف المريني ملك المغرب بخط يده عام 745هـ• وعندما فتح صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس أعاد حال الصخرة كما كان قبل حروب الفرنجة وعين إماماً حسن القراءة ووقف عليها الأوقاف وحمل إليها وإلى محراب المسجد الأقصى مصاحف وختمات وربعيات شريفة ومن هذه المكتبات:
مكتبة المسجد الأقصى
تأسست عام 1922م في القبة النحوية التي كانت مدرسة للنحو والأدب، عين عادل جبر مديراً لها، ونقلت فيما بعد إلى المدرسة الأسعرية شمالي الحرم، بعد أن رممها المجلس الإسلامي الأعلى في عهد الحاج أمين الحسيني ثم نقلت بعد ذلك إلى المتحف الإسلامي حيث أشرف عليها وعلى المتحف الشيخ يعقوب البخاري عام 1976 ثم نقلت المكتبة إلى المدرسة الأشرفية السلطانية في الحرم الشريف وفتحت أبوابها للجميع•
تضم المكتبة حوالي 14.000 مجلد إضافة إلى الكتب التي كانت موجودة في المتحف الإسلامي في القدس (ماعدا المصاحف)، ومكتبة الشيخ خليل الخالدي وعدد كتبها وفق الحجة الوقفية 3.480 كتاباً و 500 مخطوط لم يبق منها سوى 759 كتاباً ومئة مخطوط، وكتب الشيخ محمد الخليلي التي كان يبلغ عددها 7.000 كتاب وفقد أكثرها، ومكتبة الشيخ صبري عابدين ويبلغ عددها 340 كتاباً، ثم ما أضيف إلى المكتبة من كتب ومخطوطات في الآونة الأخيرة•
وفضلاً عن الكتب والمخطوطات العربية تضم مكتبة المسجد الأقصى عدداً كبيراً من الكتب التركية وعدداً من الجرائد والمجلات القديمة•
مكتبة المتحف الإسلامي
تأسست عام 1923 في الرباط المنصوري الذي أنشأه المنصور، وهو جامع المغاربة القديم يحتوي على مخطوطات نادرة من بينها مجموعة لا تثمن من المصاحف يقدر عددها بحوالي 650 مصحفاً مخطوطاً كتب معظمها بين القرنين الثالث والقرن الثاني عشر للهجرة••• ومن نوادر مقتنيات المتحف -كما ذكرنا سابقاً- مصحف قديم كتبه محمد بن الحسن بن الحسين بن بنت رسول الله (ص) كذلك يوجد في المتحف صندوق كبير مزخرف بالمنياء على الطريقة الأندلسية يضم مصحفاً مخطوطاً كتبه السلطان أبو سعيد عثمان بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني أحد ملوك المغرب بخط يده يعود تاريخه إلى 745هـ ـ 1344 م• إضافة إلى غيره من المصاحف المكتوبة بالخط الكوفي يرجع تاريخها إلى القرن الثاني الهجري•
وفي عام 1980 أعيد تنظيم المتحف الإسلامي حتى يتسنى لهم إنقاذ مايمكن إنقاذه من تراث بيت المقدس والوثائق الإسلامية الهامة الموجودة، وهي سجلات المحكمة الشرعية ويبلغ عددها نحو 660 سجلاً تقع في ما يقدر بـ 100 ألف صفحة•
المكتبة الأحمدية في عكا
أنشأها أحمد باشا الجزّار والي عكا بعد أن بنى مسجداً فخماً عام 1196هـ 1781م ويعد من أجمل المساجد ومن أبدع مظاهر الفن الإسلامي في العصر العثماني في فلسطين، وقد ألحق الجزّار بالجامع مدرسة دينية ومكتبة كانت تدعى >نور أحمدية< على الطريقة التركية، تحتوي على الكثير من الكتب النفيسة والمخطوطات التي انتزعها الجزّار في أثناء ولايته من خزانة خير الدين الرملي، وفي عام 1905 جدّدت محتويات هذه المكتبة وصنفت كتبها فبلغ عددها 1199 كتاباً منها 488 كتاباً في التفسير والحديث والقصص النبوية و69 كتاباً في اللغة والتصوف والآداب والكتب الباقية في التاريخ والجغرافيا وغيرهما من العلوم•
وقد ذكر أن مجموعة المكتبة في الأربعينيات كانت تضم حوالي 500 مخطوطة فقد معظمها وتعد /حلية الأبرار للنوري/ من أقدم مخطوطاتها•
مكتبة جامع يافا
تضم ما يزيد على ألف مجلد بين مخطوط ومطبوع عند تأسيسها، ولكن مخطوطات المكتبة كغيرها من مخطوطات المكتبات القديمة تبدّد أكثرها، وقد حفظت موجوداتها الباقية مؤخراً في مسجد النزهة في يافا، وعدد المخطوطات الباقية الآن 339 مخطوطة، أكثرها في الفقه بلغات مختلفة••
مكتبة جامع الحاج نمر النابلسي
تأسست عام 1937 ـ 1938م في الصحن الغربي للجامع خصص، الحاج نمر بن حسن النابلسي غرفة للمكتبة بلغ عدد مجلداتها عام 1944 نحو 1.600 مجلد بين مطبوع ومخطوط في علوم الدين والتاريخ والآداب، وعدد مخطوطاتها نحو (98) مخطوطة ثلثها في اللغة العربية وخمسها في القرآن وعلومه•
مكتبة الحرم الإبراهيمي في الخليل
تضم عدداً من المخطوطات لا تتجاوز 84 مخطوطة من بينها 10 مخطوطات أخذت اسم مجموع وفي كل مجموع منها عدد من الرسائل المفردة فيكون مجموع المخطوطات المفردة حوالي 140، من بينها 35 مخطوطة في موضوعات علمية (فلك حساب) و 687 في العلوم الدينية، ويعود تاريخ أقدم مخطوطة فيها إلى عام 748هـ•