ذكرى عرس الشهيد القائد عياش - ذكرى عرس الشهيد القائد عياش - ذكرى عرس الشهيد القائد عياش - ذكرى عرس الشهيد القائد عياش - ذكرى عرس الشهيد القائد عياش
لا نبكي على فارقك .....يا قائد الفرسان
لا نبكي على من سبقنا الى ركب الشهداء
نبكي على انفسنا التي تراخت بعد عرس عياش
اليوم ذكرى عياش وغدا ذكرى ياسين وبعده الرنتيسي
فمتى سنحفر ذكرى استقلال فلسطين
اليوم ذكرى استشهاد القائد يحيى عياش قائد العمليات الجهادية اليوم ذكرى عرس المهندس
يحيى عياش كما عرفته زوجته - يحيى عياش كما عرفته زوجته - يحيى عياش كما عرفته زوجته - يحيى عياش كما عرفته زوجته - يحيى عياش كما عرفته زوجته
يحيى عياش.. كما عرفته زوجته
لم يستطع "شمعون رومح" -أحد كبار العسكريين الصهاينة- أن يخفي إعجابه بيحيى عياش حين قال: "إنه لمن دواعي الأسف أن أجد نفسي مضطرا للاعتراف بإعجابي وتقديري بهذا الرجل الذي يبرهن على قدرات وخبرات فائقة في تنفيذ المهام الموكلة إليه، وعلى روح مبادرة عالية وقدرة على البقاء وتجديد النشاط دون انقطاع".. ولم يكن شمعون وحده هو المعجب بالرجل، لكن وسائل الإعلام الصهيونية كلها شاركته الإعجاب حتى لقبته: "الثعلب" و"الرجل ذو الألف وجه" و"العبقري"…
ولهم الحق في احترامه والخوف منه، فحين نزف الدم الفلسطيني بغزارة على أرض الحرم الإبراهيمي في خليل الرحمن، في الخامس عشر من رمضان، غلت الدماء في قلوب الفلسطيني في كل مكان.
لكن قلبًا واحدًا قرَّر أن يغلي بطريقة أخرى ومميزة، تلقن الحقد الصهيوني درسًا لا يمكن نسيانه، كان ذلك قلب المهندس "يحيى عيَّاش" الذي أسَّس مدرسة ما زال طلابها يتخرجون فيها بتفوق على الرغم من غياب ناظرها!
قبل الكتائب.. حياة عادية وذكاء ملحوظ
وُلِد يحيى عيَّاش في نهايات مارس 1966، نشأ في قرية "رافات" بين نابلس وقلقيلية لعائلة متدينة تصفه بأنه حاد الذكاء، دقيق الحفظ، كثير الصمت، خجول هادئ.
حصل في التوجيهي على معدل 92.8% -القسم العلمي، ليلتحق بجامعة بيرزيت- قسم الإلكترونيات، وظلَّ على حبه الأول للكيمياء التي أصبحت هوايته، أصبح أحد نشطاء الكتلة الإسلامية، وبعد تخرجه حاول الحصول على تصريح خروج للسفر إلى الأردن لإتمام دراسته العليا، ورفضت سلطات الاحتلال طلبه، وعلق على ذلك "يعكوف بيرس" رئيس المخابرات قائلاً: "لو كنا نعلم أن المهندس سيفعل ما فعل لأعطيناه تصريحًا بالإضافة إلى مليون دولار".
تزوَّج عيَّاش بعد تخرجه من ابنة عمته، ورزق بولده البكر "البراء"،ثم "يحيى" قبل استشهاده بأسبوع تقريبًا
القتل بالقتل.. هكذا العدل
بدأت عبقريته العسكرية تتجلى مع انطلاق شرارة الانتفاضة الأولى 1987م، كتب أبو البراء رسالة إلى كتائب الشهيد عزّ الدِّين القسَّام يوضح لهم فيها خطةً لمجاهدة اليهود عبر العمليات الاستشهادية، وأُعطي الضوء الأخضر، وأصبحت مهمة يحيى عيَّاش إعداد السيارات المفخخة والعبوات شديدة الانفجار.
ولكن الولادة الحقيقية للمهندس وعملياته العبقرية كانت إثر رصاصات باروخ جولدشتاين وهي تتفجر في رؤوس الساجدين في الحرم الإبراهيمي في رمضان عام 1994م.
ففي ذكرى الأربعين للمجزرة كان الرد الأول؛ حيث فجَّر الاستشهادي "رائد زكارنة" (عكاشة الاستشهاديين) حقيبة المهندس في مدينة العفولة؛ ليمزق معه ثمانية من الصهاينة ويصيب العشرات.
وبعد أسبوع تقريبًا فجَّر "عمار العمارنة" نفسه؛ لتسقط خمس جثث أخرى من القتلة.
وبعد أقل من شهر عجَّل جيش الاحتلال الانسحاب من غزة، ولكن في 19-10-94 انطلق الشهيد "صالح نزال" إلى شارع ديزنغوف في وسط تل أبيب ليحمل حقيبة المهندس ويفجرها ويقتل معه اثنين وعشرين صهيونيًّا.
وتتوالى صفوف الاستشهاديين لتبلغ خسائر العدو في عمليات المهندس عياش في تلك الفترة 76 صهيونيًّا، و400 جريح.
عذابات من أجل اللقاء
تعتبر فترات الملاحقة في حياة الشهيد من الفترات المجهولة في حياة فارسنا؛ فمنذ 25 أبريل 1993م عرفت مخابرات العدو اسم عيَّاش كمهندس العبوات المتفجرة، والسيارات المفخخة التي أقضت مضاجع العدو، وتروي زوجته "أسرار" ملاحقة جيش الاحتلال لأسرة المهندس.
قالت زوجته: "مكثت في بيت عمي في بداية فترة مطاردة يحيى متخفية عن أنظار الجيران حتى إذا ذهبت لزيارته لا يشك بذلك أحد، وقبل ذهابي إلى غزة أرسل إليَّ يحيى رسالة مكتوبة بخط يده الذي أميزه بين آلاف الخطوط يستشيرني في إمكانية مغادرتي الضفة الغربية، وتشاورت في الأمر مع والد زوجي، وقررت الذهاب إلى زوجي، ثم اصطحبني أحد الإخوة عن طريق كلمة سر قالها لي لا يعرفها أحد سواي أنا ويحيى، فاصطحبني الشاب ووالدة يحيي وابني البراء، وكان الشاب يحمل معه العديد من البطاقات الشخصية المزيفة ليسهّل علينا دخول الحواجز".
لقد كانوا يجتازون كل حاجز إسرائيلي باسم مستعار مختلف وبسيارة أخرى غير السيارة الأولى، حتى يتخفوا على جنود الاحتلال، كما أن الشاب كان يمتلك قدرة فائقة على التنكر حسب شكل الصورة التي كانت تحملها البطاقة الشخصية المزيفة.
أما بالنسبة لأم البراء ووالدة المهندس فقد كان الأمر سهلا؛ لأن قوات الاحتلال لم تكن آنذاك تدقق كثيرًا في صور النساء.
وتذكر أم البراء: "لم يكن يمكث عندنا في الأسبوع سوى ساعات معدودة، ثم يخرج دون أن أعلم إلى أين مقصده، فحياة المطاردة وإن كانت مليئة بالأخطار فهي تمتاز بحلاوة الجهاد التي لا يمكن لأحد أن يتذوقها غير المجاهد".
رسائل عيَّاش.. وثائق تنشر لأول مرة
وحول أهم المغامرات التي عاشتها في تلك الأيام قالت: "قضيت معظم أيام مكثي في غزة مطاردة أتنقل من بيت لآخر، ولا أمكث في أحدها أكثر من أسبوع لا أشاهد أحدًا حتى لا يشك في وجودي، وأنام والقنابل اليدوية فوق رأسي، وسلاحي بجواري، وخاصة أنني كنت أتقن استخدامه وأتقن كيفية تحديد الهدف؛ فحياتنا معرضة للخطر في كل لحظة، والمنزل معرَّض للمداهمات من قبل جيش الاحتلال حتى يستخدمني الصهاينة وسيلة للضغط على زوجي".
وضمانًا للسرية كان الاعتماد الأساسي على الرسائل الخطية بينها وبين زوجها؛ لقدرة كل منهما على تمييز خط الآخر، وما زالت تحتفظ برسائله حتى يومنا هذا، ومنها رسالة خطية نعرضها لكم ملحقة ".
وتتذكر أم البراء بصوت متألم: "ذات مرة لاحظ أهل البيت الذي كنا نختبئ به وجود مراقبة حول البيت؛ فاضطررت أن أختفي أنا وولدي براء، وأحكم إغلاق الغرفة علينا لمدة أسبوع تقريبًا، لا أرى أحدًا من البشر غير زوجة المجاهد التي كانت تحضر لي الطعام، كانت لا تمكث معي أكثر من ربع ساعة".
وتبتسم أم البراء حين تتذكر لحظات عصيبة أخرى: "ذات مرة دُوهم البيت.. كانت ساعة عسيرة.. فاضطررت أن أختبئ وولدي داخل الخزانة، وأن أحكم إغلاقها علينا، والغريب أن براء -الذي لم يتجاوز الأربع سنوات- كان واعيًا لحجم الخطر الذي يهدد حياتنا وحياة والده، وبدلاً من أن أهدئ من روعه حتى لا يخرج صوتًا، وضع هو يده على فمي حتى لا أتفوه بكلمة واحدة.. وكم شعرت بالفخر بوليدي، وأنه حقًّا يستحق أن يكون ابنًا لمجاهد، وبطلاً مثل المهندس يحيى عيَّاش.. شعرت أني لم أشاركه وحدي الكفاح؛ فقد كان صغيري البراء على مستوى المسئولية في أكثر من موقف، فعندما كان يخرج ليلعب مع أولاد صاحب المنزل الذي يستضيفنا كان يُعرّف نفسه باسم "أحمد"، ولا يعلن عن هويته أبدًا.
نضال زوجة مناضل
لا شك أن كل امرأة تتلقى خبر جهاد زوجها بشيء من الخوف والفزع في البداية، وتبدأ الهواجس تصوِّر لها زوجها وقد تحول إلى أشلاء متناثرة.. تتذكر أم البراء كيف عرفت بجهاد زوجها، قائلة: "منذ الأيام الأولى لحياتي الزوجية كان يأتي يحيى إلى المنزل وملابسه متسخة بالوحل والتراب، وعندما أسأله عن سبب ذلك كان لا يرد عليّ، بل كان يرجوني برفق ألا أسأله عن شيء. وفعلاً استجبت لرأيه؛ لأني على ثقة بأخلاقه والتزامه بمبادئ دينه، حتى جاء اليوم الذي حاصر جيش الاحتلال المنزل ليعتقل يحيى، لكنه لم يكن بالمنزل، وعندما شعر أني خائفة كثيرًا صرَّح لي بطبيعة عمله وخيَّرني بين مواصلة طريق الثورة معه أو الانفصال عنه.
كابوس يهدد دولة
يحيى في شبابه المبكر مع أخيه
تحوَّل المهندس بعملياته الاستشهادية إلى كابوس يهدد أمن الدولة العبرية وأفراد جيشها الذي يدِّعي أنه لا يُقهر بل وقادته أيضًا؛ حيث بلغ الهوس الإسرائيلي ذروته حين قال رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك إسحق رابين: "أخشى أن يكون عياش جالسًا بيننا في الكنيست". وقوله أيضًا: "لا أشك أن المهندس يمتلك قدرات خارقة لا يملكها غيره، وإن استمرار وجوده طليقًا يمثل خطرًا واضحًا على أمن إسرائيل واستقرارها".
ولا يعتبر كثير من الباحثين الإسرائيليين أن يحيى نبتٌ منفردٌ، لكنه وليد محضن تربوي ونسق فكري، وهو ما حدا بأحدهم أن يصرِّح: "إن المشكلة في البيئة العقائدية الأصولية التي يتنفس المهندس من رئتها؛ فهي التي تفرز ظاهرة المهندس وظاهرة الرجال المستعدين للموت في سبيل عقيدتهم".
أما "موشيه شاحاك" وزير الأمن الداخلي الصهيوني السابق فقد قال: "لا أستطيع أن أصف المهندس يحيى عيَّاش إلا بالمعجزة؛ فدولة إسرائيل بكافة أجهزتها لا تستطيع أن تضع حدًّا لعملياته التخريبية".
كما كتبت الصحف العبرية عن مواصفاته، ونشرت عدة صور مختلفة له لتحذر الشعب الصهيوني منه تحت عنوان رئيسي "اعرف عدوك رقم 1 .. يحيى عيَّاش".
وأخيرًا.. ارتاح المقاتل الصلب
بعد أربع سنوات مليئة بأشلاء الصهاينة تمكَّن جهاز الشاباك من الوصول إلى معلومات عن موقع المهندس، وتسلله إلى قطاع غزة عبر دائرة الأشخاص الأقرب إلى أبي البراء.
وكما يروي "أسامة حماد" صديق المهندس والشاهد الوحيد على عملية الاغتيال فإن يحيى التجأ إليه قبل خمسة أشهر من استشهاده؛ حيث آواه في منزله دون أن يعلم أحد، وكان كمال حماد –وهو خال أسامة ويعمل مقاول بناء- على صلة وثيقة بالمخابرات الإسرائيلية يلمِّح لأسامة بإمكانية إعطائه جهاز "بيلفون" لاستخدامه، وكان كمال يأخذ جهاز البيلفون ليوم أو يومين ثم يعيده، وقد اعتاد والد المهندس الاتصال بيحيى عبر البيلفون، وقد طلب منه يحيى مرارًا الاتصال على الهاتف المنزلي، وقد اتفق يحيى مع والده على الاتصال به صباح الجمعة على الهاتف المنزلي.
وفي صباح يوم الجمعة الخامس من يناير 1996م اتصل كمال حماد بأسامة وطلب منه فتح الهاتف المتنقل؛ لأنه يريد الاتصال من إسرائيل، واتضح أن خط هاتف البيت مقطوع.. وفي الساعة التاسعة صباحًا اتصل والد يحيى على الهاتف المتنقل وقد أبلغ أسامة أنه لم يستطع الاتصال على الهاتف المنزلي.
وما كاد المهندس يُمسك بالهاتف ويقول لوالده: "يا أبي لا تتصل على البيلفون…"، عندها دوى انفجار وسقط المهندس لينفجر الرأس الذي طالما خطَّط ودبَّر في كيفية الانتقام من الصهاينة.. وتتناثر أجزاء من هذا الدماغ الطاهر لتعلن عن نهاية أسطورة خلَّفت وراءها العشرات من المهندسين ممن أرقوا مضاجع الاحتلال، وما زالوا أبناء لمدرسة عياش.
وتبين فيما بعد أن عبوة ناسفة تزن 50 جراما قد انفجرت في الهاتف النقَّال ليهوي الجسد المتعب ويستريح من عناء السفر.. يستريح المقاتل الصلب بعد سنوات الجهاد، ويصعد إلى العلا والمجد.
( المهندس يحيى عياش.... رمز الجهاد وقائد المقاومة في فلسطين ) لمؤلفه ..غسان دوعر
بقلم: سمير عطية
ماذا ستكتب الأقلام عنك يا يحيى؟!
أعتقد أن في الجعبة الكثير لكي نقول ونكتب ونسطر على صفحات المجد..
الأستاذ غسان دوعر يواصل حكاياته مع الشهداء فبعد ((حرب الأيام الستة))، و ((عماد أسطورة الجهاد والمقاومة)) يأتي هنا ليسطر حياة ((المهندس يحيى عياش ).
في التوثيق والتأريخ لحياة الشهيد يحيى عياش يتألق المؤلف غسان دوعر في عرض هذه السيرة والوقوف في محطاتها المختلفة، في قريته ..في عائلته..في جامعته.. والإبداع الثوري والتميز في العطاء إلى ((المطاردة المتبادلة)) هي هنا مهمة في المصطلح والتوثيق وبيان فصولها ثم هو يؤرخ لخلوده بهذا الجهاد والشهادة كيف لا وهو أمير الجند ولوعة العاشقين لفلسطين وعلقم الأكواب لدى الصهاينة.
في هذا السفر التوثيقي يواصل المؤلف رحلته مع الشهادة والشهداء ، يواصل تجواله في ربوع البطولة وبساتين العزة.
في أول سطور مقدمة الكتاب تجد الرؤية التي يرسمها المؤلف من خلال الكلمات والصفحات، إنه يكتب جزءاً من تاريخ فلسطين ’’بأيد منصفة وأمينة‘‘ لـتدرك الأجيال المتعاقبة مكانية يحيى عياش في قلوب الشعب الفلسطيني وفلسطين بأسرها.
إنه يكتب عن فدائي اعد العدة لاستنهاض شعب بأكمله بكافة قطاعاته ومختلف تياراته ، إنه المهندس الأسطورة لكنها ’’ الأسطورة الفلسطينية الحقيقية التي جددت الأمل وقتلت اليأس وأعادت الحياة إلى روح الجهاد والمقاومة ‘‘
الصفحات التي وقف عندها المؤلف في المقدمة لا تزيد عن أربع صفحات لكنها كافية للوصول إلى أعماق المؤلف التي استطاع منذ أمد أن يصل إلى أعماق نفوس الشهداء ويعيش سيرهم الرائعة وينقلها لنا بقلمه.
كم نحن بحاجة إلى مؤرخين لشهداء الأمة كي يكتبوا لنا عن أقمار هذه الأمة، فنعيش حياتهم ونرتقي بأنفسنا إلى طموحهم الذي رسموه بألوان التضحية الحمراء.
انظروا إلى روعة ما سطره المؤلف ليتضح لكم صواب ما ذهبنا إليه واتركوا (غسان دوعر) يتكلم عن الشهيد في جُمَلٍ ولا أروع، وعبارات أعطتها البطولات جلالاً وبهاء لا أبالغ إن قلت أنها تكتب بماء الذهب: ’’لم يكن المهندس يبحث عن دور تاريخي بقدر ما كان الدور التاريخي يبحث عنه قائده، ولم يكن يحيى نجومياً يبحث عن الشهرة والشعبية بقدر ما كانت الجماهير تائقة إلى بطل تلتف حوله يعيد للأيام بهجتها وللحياة طعمها وللإسلام انتصاراته وشموخه‘‘.
نقفز سطوراً لنأتي إلى ختام ’’مقدمة غسان دوعر‘‘!! فالحكاية العياشية لم تبدأ بعد و ’الأسطورة لم تنته وإنما ترسّخت‘، يتضح الهدف جلياً بكل وضوح بكلمات بسيطة فيها من العمق في المعنى والأمل الشيء الكثير، فالكتاب الذي بين أيدينا ’’مجرد محاولة للإبقاء على يحيى الرمز بعد أن غاب يحيى الإنسان وللحفاظ على جزء من الذاكرة الفلسطينية التي تتعرض لمحاولات طمس وتشويه استعداداً للدخول إلى عهد جديد تنقرض فيه ا لبطولة ونماذج الفداء كما يريد أحبار هذا العصر وصنّاعه.
ولتسمح لي أيها القارئ الكريم أن آخذك من آخر سطور المؤلف إلى النقاش فيه والتفكر به بصوت مسموع كما يقال، فـ ’’توثيق حياة الشهداء‘‘ صار أمراً ملحاً في وقت يغيّب فيه ذاكرة الأمة الحقيقية، ولذا كان المؤلف يضع كلماته بشكل دقيق ’مجرد محاولة للإبقاء‘‘ فإنني اتفق معه تماماً، لأن الإبقاء على رموز الأمة يحتاج إلى عمل عظيم وجهود كبيرة تعيش الأمة من خلالها حياة أبطالها.
ونحن هنا إذ نعرض شيئاً من كتاب تأريخي وتوثيقي لرمز جهادي بارز، ندعو كل الغيورين والمخلصين على القضية أن تكون هناك حالة منظمة مدروسة وواعية تقدم الشهداء إلى الأمة من خلال التوثيق المنهجي الدقيق المدروس، ووفق الوسائل المتنوعة والمتاحة ، ونقول ( المتاحة ) ونحن على يقين أن الأمة لن تبخل على رموزها بجهد يخلدهم في قلوب الأجيال.
فالحالة الثقافية تتسع لأعمال ضخمة وأساليب جذابة إلى قطاعات واسعة من الناس، والدراسة التوثيقة التأريخية تعتبر الأرضية الصلبة التي يبنى عليها أي عمل فني ويحلق فوق رباها كل نتاج أدبي.
لذلك أجد لزاماً أن نتأمل تلك الكلمات جيداً، وأن يسأل كل منا أفراداً ومؤسسات: ماذا قدمنا كي نحاول الإبقاء على يحيى الرمز، وعماد عقل الرمز، وطارق دخان الرمز وغيرهم وغيرهم بل إننا ونحن نكتب هذه الكلمات ونناقش دعوة الكاتب غسان دوعر ، لا تغيب عنا انتفاضة الأقصى وظلالها الطيبة فنجد لزاماً أن يكون هناك محاولات للإبقاء على الشهداء الآخرين الذين قدموا دمائهم لفلسطين فهذه مسؤولية الأمة وجزء من واجبها تجاه القناديل التي تضيء عتمة ليلها بدماء البطولات والتضحيات.
المؤلف غسان دوعر في سطور :
- كاتب وباحث فلسطيني
- له العديد من المقالات والدراسات في الشؤون الفلسطينية في عدد من الصحف والمجلات العربية .
أصدر عددا من المؤلفات والكتب :
حرب الأيام السبعة.
عماد عقل : أسطورة الجهاد والمقاومة .
موعد مع الشاباك .
الكتاب : المهندس لشهيد يحيى عياش رمز الجهاد وقائد المقاومة في فلسطين
المؤلف : غسان دوعر
المحتويات
تقديم الدكتور يوسف القرضاوي 5
مقدمة 9
الفصل الأول: البيئة والرمز 13
أولا: القرية والعائلة 16
ثانياً: مسيرة التاريخ ومرحلة الحياة 19
ثالثا: معالم وعبر 32
الفصل الثاني :مهندس في ورشة المقاومة 39
أولا: الانطلاقة المباركة 41
ثانياً: انتشار الإبداع 53
ثالثا: قيادة القافلة 70
رابعا : تسديد حساب الحرم الإبراهيمي 84
خامسا: جولات غزية 119
سادسا: المعلم والتلاميذ 163
الفصل الثالث: المطاردة المتبادلة 181
أولا: الآثار 187
ثانيا: إجراءات الحرب المضادة 196
الفصل الرابع: خالد بجهاده 215
أولا: جمعة الشهادة 217
ثانيا: البيعة لأمير الجند 225
ثالثا: أصداء إسرائيلية 247
ملحق الوثائق والصور 256
أولا: الوثائق 257
ثانيا: الصور 263
الهوامش 269
مقدمة :
حين يُكتب تاريخ فلسطين – الشعب والقضية – بأيد منصفة وأمينة، ستدرك الأجيال المتعاقبة أن يحيى عياش أو (المهندس) كما عرف في حياته يحتل مكاناً بارزاً بعد أن سطر ملحمة تاريخية خالدة من أجل فلسطين ومات في سبيل الله وفلسطين فوق أرضية صلبة من الفهم العميق بطبيعة القضية الفلسطينية ، فقد أدرك يحيى معادلة التعامل مع العدو منذ أن لمست يداه أول سيارة مفخخة أعدها لاستنهاض الشعب الفلسطيني بكافة قطاعاته ومختلف تياراته نحو مقاومة شاملة للاحتلال الذي لا يفهم إلا لغة المقاومة ومفردات القوة، ولذلك أعلن زعماؤه وقادته يأسهم واعترفوا قائلين: ماذا نفعل لشاب يريد أن يموت.
’’المهندس‘‘ هو عنوان الأسطورة الفلسطينية الحقيقية التي جددت الأمل وقتلت اليأس وأعادت الحياة إلى روح الثورة والمقاومة في فلسطين بما كتبته من صفحات مشرقة في حكاية الصمود والثورات البطولية في ظل أسوأ الظروف، وقصة المهندس معروفة، ومحفوظة بمداد الحب في قلوب معاصريه، واسمه يتردد بشكل دائم في كل منتدى وبيت وعلى كل شفة ولسان من المغرب وحتى اليمن، وذكره مئات الملايين من العرب والاجانب عندما أظلمت الدنيا واشتدت الأزمات وفاضت على وجوههم مظاهر الألم والقهر والإحباط.
لقد عرف يحيى عياش موطن ضعف عدوه، ومكمن قوة شعبه، فاستغل معرفته لإعادة جزء من التوازن المفقود للقوى بين شعبه الأعزل وعدوه المدجج بالأسلحة، عن طريق نقل الصراع من ساحة المادة الضيقة إلى ميدان المعنويات الأرحب. فأصبح الصراع بين عدو مكبل بالخوف من الموت وشعب يعشق التضحية في سبيل حريته ، ولأن للبطولة طعم آخر في اللحظات الحاسمة فإن يحيى عياش يكاد يتفرد بين أبطال الشعب الفلسطيني، فقد جاء في ذروة الإنهيار ليعلن أن الشعب الذي تحفر القبور لدفن قضيته ما زال مفعماً بالحياة، وأن مقولات اليأس الرسمية ليست أكثر من رماد يواري الجمر المتقد في صفوف الشعب.
في عمره القصير صنع يحيى عياش الكثير، فقد أدرك منذ البداية أنه يسابق الزمن حين قرر العمل على نسف جدار الأمن الشاهق الذي أقامه الصهاينة مستغلين ترسانتهم العسكرية وخبراتهم المتراكمة في مواجهة شعب أعزل محاصر، فكان مبادراً حيث لا فائض من الوقت لدى شعب يحيا واحدة من أكثر مراحل تاريخه المعاصر حرجاً. وعاش لشعبه ومن أجله رحل، في وقت يتصارع المهزومون على فتات يظنون أنه مغانم حرب وضعت أوزارها.
إن هذه الشخصية المتميزة في عطائها وقدرتها على المبادرة والتجديد تستحق أن نقف عندها وقفة متأملة، فاحصة نستطلع حياتها ومكامن العظمة في شخصيتها، ونقوم تجربتها الرائدة ونستخلص العبر من مسيرة عطائها الحافلة بالتضحيات في سبيل الوطن الرسالة التي آمنت بها ونذرت نفسها وحياتها لتحقيقها. ولئن جسد يحيى عياش، حالة الشاب القروي البسيط، الذي كان من الممكن أن يكون كغيره من الآلاف الذين يحملون الشهادة الجامعية مهندساً عادياً يعمل في إحدى الشركات أو الورش ويتقاضى راتباً مرتفعاً في إحدى الدول ويعيش في أفخم الشقق وأرقى الأحياء والمدن، إلا أن بطلنا تغاضى عن هذا كله وقفز فوق كل الحواجز وتمسك بقضيته. فكانت المقاومة والثورة حبه الكبير الذي أعطاه عصارة أفكاره وعاطفته مجسداً في الوقت نفسه القدرة على الفعل الحقيقي من دون خطابة أو إعلام. ولم يكن يقلقه أبداً أن يعلن الآخرون عن أعمال قام بها، ولا حتى أن يختلفوا فيما بينهم حول هذه الأعمال ونسبتها، فقد تربى على يد والديه البسيطين، فنشأ بسيطاً ومتواضعاً تواضع من غير إدعاء، الذين يعطون بغير تفاخر.
واطمأنت نفس مهندسنا إلى ضرورة التمويه والاختفاء، إذ أن العدو المحتل يقف بالمرصاد، يجمع فتات المعلومات، محاولاً الوصول إلى من تحول بالنسبة إليه العدو رقم (1) باعتبار أنه ’’مخرب خطير وشبح مفزع‘‘. وهكذا عرف الناس من البيانات "الإسرائيلية" وتعليقات الصحف العبرية من هو يحيى عياش دون أن يتحدث هو أو يتكلم وإنما كان يجتهد في وضع الخطط الجديدة وإعداد التعليمات التي تناسب المرحلة في ورش صناعة الشهداء. فترسخت صوره في العقول والقلوب والأذهان كشخصية أسطورية وبطلا قوميا نشر الموت في دروب الاحتلال وهزم الأسطورة المزيفة من جيش وأجهزة أمن في الدولة العبرية.
لم يكن المهندس يبحث عن دور تاريخي بقدر ما كان الدور التاريخي يبحث عن قائد، ولم يكن يحيى نجوميا يبحث عن الشهرة والشعبية بقدر ما كانت الجماهير تائقة إلى بطل تلتف حوله يعيد للأيام بهجتها وللحياة طعمها. ولأن نماذج القادة والأبطال الذين تنتجهم فلسطين لا يركبون موج الصدفة ولا يتسلقون حبال العشوائية أو يركبون أحضان المستجدات، بل هم دائما على موعد دقيق مع أقدارهم وعلى أهبة الاستعداد لأداء دورهم في حيز الوجود والفعل ثم الرحيل بشموخ مع إشراقة الشمس، كان ألم محبيه من مشرق الوطن العربي ومغربه فاجعاً حين أفاقت عيون الملايين ذات صباح على صورته وهي تتصدر مئات المطبوعات والدوريات على اختلاف لغاتها ولهجاتها ولكناتها معلنة أن المهندس الذي أثار غيظ الصهاينة وسكن ساحة الرعب الهستيري لدى الجمهور الإسرائيلي قد استشهد وترك شعبه فجأة. ولكنها ليست مفاجأة على الإطلاق أن ينضم المهندس إلى طابور أبطال المقاومة والقادة والشهداء، ويتبع بلا خوف ولا تردد فالذي يعيش زهرة شبابه وحياته كلها فدائياً تكون الشهادة نصب عينيه دائما بل إنه اشتكى مراراً بأن هذه الأمنية التي كانت تراوده دائما قد تأخرت. وحين جاءت جاءت كجزء من العمل، بل كرمز لهذا الجهاد المشرف، تماماً مثل الرمز الذي حمله منذ أن أعد عمليته الأولى. وكل ما فعله المهندس الأسطورة أنه أكمل الرمز حتى النهاية، وأكمل حلقة الحياة التي بدأها منذ أن صرخ في أذن الدنيا ومسمع الحياة في السادس من آذار (مارس) عام 1966.
أما إسرائيلياً، فإن الكيان الصهيوني لم يبد اهتماماً بمقاتل أو شخص يفوق الاهتمام الذي أبداه تجاه المهندس يحيى عياش ، فقد جند الآلاف من العسكريين لملاحقته وجعله رئيس مصلحة المخابرات العامة (الشاباك) هدفه الأول منذ تعيينه في منصبه وسخر كل طاقاته وتفكيره وجهود جهازه وعملائه. وأرسلت الوحدات الخاصة في أثره ونصبت كمائن له في كل مكان، في الجبال والكهوف والبيوت المهجورة ومخيمات اللاجئين، ولم تعد تقريباً قرية إلا وداهمتها وحدة مختارة من الجيش الإسرائيلي وفيما اقتفى العشرات من ضباط المخابرات وقوات المستعربين وجنود المظلات الذين يحملون صورة الشاب صاحب الكوفية الحمراء آثاره لأكثر من ثلاث سنوات، أضحى يحيى عياش الهاجس الأساس لإسحاق رابين الذي أصبح يسأل عنه في كل اجتماع لمجلس الوزراء، وفي كل مرة يلتقي هيئة الأركان وقادة الشاباك. ولهذا، كان يحيى عياش محور العديد من الدراسات "الإسرائيلية" التي حاولت حل لغز الشاب الذي ينتقل دون كلل أو ملل يجند وينظم الشبان ويصنع الأبطال والشهداء منهكاً دولة وحكومة وأجهزة استخبارات تعد من أشد الأجهزة العالمية.
ولعلنا لا نكون مبالغين إذا قلنا بأن مشكلة سلطات الاحتلال مع المهندس ، شكلت أعقد المشاكل الأمنية التي واجهتها المؤسسة العسكرية والأمنية "الإسرائيلية" منذ قيام الدولة العبرية على أرض فلسطين ، فالرجل الأسطورة قد سن سنة غريبة عن بني صهيون تتمثل في العمليات الاستشهادية ، و التي يستحيل مقاومتها حسبما قال رابين نفسه، فقد برع المهندس بتصنيع المتفجرات من أدوات ومواد متاحة، مما أوجد مشكلة كبيرة لدى أجهزة الاحتلال في تتبع مصادر الأسلحة ، كما أن عياش ابتكر نموذج حقائب المتفجرات والقنابل البشرية (تفخيخ الاستشهاديين)، وهي مشكلة أعقد من السيارات المخففة، وكأن المهندس أراد أن ينقل رسالة اعتباريه قبل أن يفوز بلذة النظر إلى وجه ربه الكريم وهي أن رجلاً واحداً – مخلصا لوطنه- وبعدة متاحة لكل من يشاء يستطيع أن يمرغ غطرسة الكيان الصهيوني في التراب ويرعب قياداته وجنوده ويجعلهم يحفظون صورته ويعلقونها في مكاتبهم ويحملونها في دورياتهم وينسجون حولها الأساطير الغريبة.
وإذا ترجل المهندس واستراح من عناء الملاحقة، فإن الأسطورة لم تنته ، وإنما ترسّخت، فالمهندس الذي استشهد في انفجار دبرته أجهزة الإرهاب ورحل بعد سنوات من الحرب بكل المقاييس بينه وبين جيوش وأجهزة الاحتلال في كل مكان ، خط لجميع المجاهدين في فلسطين دربا لن يزول ، فقد أمضى يحيى عياش العام الأخير من حياته في تدريب وإعداد عشرات الخلفاء له، إذ يؤكد المقربون له بأن المهندس الذي كان يتوقع الموت مع كل طرفة عين كان دائما يردد: ’’بإمكان اليهود اقتلاع جسدي من فلسطين غير أني أريد أن أزرع في الشعب شيئا لا يستطيعون اقتلاعه‘‘.
هذا الكتاب مجرد محاولة للإبقاء على يحيى ا لرمز بعد أن غاب يحيى الإنسان، وللحفاظ على جزء من الذاكرة الفلسطينية التي تتعرض لمحاولات طمس وتشويه استعداداً للدخول إلى عهد جديد تنقرض فيه البطولة ونماذج الفداء كما يريد أحبار هذا العصر وصناعه.
رسالة إلى الأجيال (غلاف الكتاب الأخير)
’’على الكريم أن يختار الميتة التي يجب أن يلقى من سبقوه بها‘‘.
’’مستحيل أن أغادر فلسطين ، فقد نذرت نفسي لها ثم لهذا الشعب إما نصر وإما شهادة، إن الحرب ضد الكيان الصهيوني يجب أن تستمر إلى أن يخرج اليهود من كل أرض فلسطين‘‘.
’’بإمكان اليهود اقتلاع جسدي من فلسطين غير أني أريد أن أزرع في الشعب شيئا لا يستطيعون اقتلاعه‘‘.
’’لا تنزعجوا فلست وحدي مهندس التفجيرات ، فهناك عدد كبير قد أصبح كذلك، وسيقضون مضاجع اليهود وأعوانهم‘‘.
’’بالنسبة للمبلغ الذي أرسلتموه، فهل هو أجر لما أقوم به؟ إن أجري إلا على الله وأسأله أن يتقبل منا. وأهلي ليسوا بحاجة وأسأل الله وحده أن يكفيهم وأن لا يجعلهم يحتاجون أحدا من خلقه، ولتعلموا بأن هدفي ليس مادياً ولو كان كذلك. لما اخترت هذا الطريق، فلا تهتموا بي كثيراً واهتموا بأسر الشهداء والمعتقلين، فهم أولى مني ومن أهلي‘‘.
’’لسّه الحبل على الجرار، والله ما أخليهم يناموا الليل ولا يعرفوا الأرض من السماء‘‘
يحيى عياش
فلسطين – كانون أول ( ديسمبر) 1995م
2- وقفة مع كتاب :
’’فضائل الشهيد يحيى عياش‘‘لمؤلفه مخلص يحيى برزق
الحديث عن الشهداء يفوح في روعته بالعبير والمجد، والوقفات أحياناً تكون ومضات كنجوم تتلألأ في سماء الباحثين عن نجوم الشهادة وشموس المقاومة والاستشهاد.
هو شهيد لا ككل الشهداء ورجل ليس كباقي الرجال، لذا كان الكتاب صورة شيقة وجديرة بالاهتمام وكان حرياً بكل عاشق لفلسطين وأبطالها أن يرووا ظمأهم عندما ينهلون من حين هذه السطور التي يخرج من معين الشهادة الأصيل.
أن يكون الحديث عن شهيد للأمة في هذا الزمان الصعب كفيل بأن يلقي اهتماماً منا فكيف إذا كان هذا الشهيد قد بذل روحه رخيصة من أجل فلسطين والقدس.
بل كيف إذا كان هذا الشهيد هو المهندس يحيى عياش الذي اتعب الصهاينة وأرق مضاجعهم بشهادتهم هم – والفضل ما شهدت به الأعداء – كما قال أحد الشعراء.
الكتاب في عنوانه ’’فضائل الشهيد يحيى عياش‘‘ يجمل أول كلمة فيه (نكرة) غير معرفة مما يوحي بانطلاق المعنى نحو آفاق رحيبة تمكن المؤلف على حد سواء أن يصحب القارئ في رحلة ممتعة في فضاء المقاومة الرائع.
من هنا تنوعت الأبواب التي تناولها المؤلف في كتابه القيم، ولعل ذلك ما مكنه إضافة إلى أمور أخرى من أن يكون أسبق من الشعراء والأدباء إلى وضع مصطلح جدير ’’الأدب العياشي‘‘ كما أسماه جمع فيه شيئاً مما كتب في شهيدنا البطل.
وهنا ونحن نعرض عدداً من الأعمال التي تناولت سيرة الشهيد نتوقف في لقاءنا مع المؤلف عند ذلك المصطلح نسأله ونناقشه ليترك لنا عبر كلماته القليلة فضاءات من المعاني تنتظر من يواتيها ويقتنص فرصها التي لا تنتظر القاعدين، الكتاب وهو من تقديم عم الشهيد الشيخ عطا عياش يقدم رؤية جديدة للتميز تميز الشهيد عياش وهو يحوز على فضائل عامة وفضائل أخرى خاصة لها من الأشجان ما لها، وبها من السير في دروب الكرامة المطرزة بالدم الشيء الكثير.
في ثنايا سطور (الإهداء) تقرأ حكايات لم تكتب وقصصاً لم ترو حتى الآن ، يكتب أسماء لكل منها في الضلوع مكانه وفي القلوب منزله. فضائل الشهيد يحيى عياش لمؤلفه مخلص يحيى برزق إثراء آخر في مكتبة الشهداء ، باب فلسطين خزانة العياش يحيى.
لقاء مع المؤلف :
الكاتب مخلص برزق : عندما يتعلق الموضوع بعظماء هذه الأمة، فالمجال واسع لتسليط الضوء على جوانب عديدة من حياتهم وإبراز فضائلهم ومزاياهم،وتمنيت أن يتم جمع كل ما كتب ونشر من شعر ونثر عن الشهيد لأنه يؤرخ لحقبة ناصعة من تاريخ أمتنا.
1- كتاب فضائل الشهيد يحيى عياش هو الكتاب الثاني من ضمن سلسلة واحدة صدرت عن مجلة فلسطين المسلمة ، كيف تقدم لنا الكتاب ؟
- أ. مخلص :هذا الكتاب هو محاولة للإجابة على تساؤلات عديدة حاكت كثيراً في صدري وكانت تدور حول الأسباب التي جعلت الشهيد يحيى عياش –بالذات- يتبوأ تلك المكانة الرفيعة العالية التي قل أن يحظى بها أحد من أقرانه وجعلتنا نحبه حباً مميزاً ونبكيه بكاء مرا، ولعلي أكون قد أجبت على شيء من تلك التساؤلات التي شاركني فيها الملايين! (أضيف لذلك مقدمة الكتاب والتعريف به في غلافه الخلفي).
2- في مثل هذه المواضيع هل تعتقد أن المجال مفتوح للكتابة عن الشهيد بشكل جديد يثري القاريء والمتابع أم أن الموضوع سيصل إلى حد نجد بعدها أننا في طور التكرار ؟
- أ. مخلص :أشتم من هذا السؤال والذي قبله التخوف من أن يكون كتاب الفضائل هو مجرد تكرار لما أورده أخي الكاتب غسان دوعر في كتابه "المهندس" وهو ليس كذلك طبعاً ونظرة سريعة للفهرس يمكن أن تزيل هذا الاشتباه. وأود أن أبين هنا إلى أنه عندما يتعلق الموضوع بعظماء هذه الأمة، فالمجال واسع لتسليط الضوء على جوانب عديدة من حياتهم وإبراز فضائلهم ومزاياهم، وإلا فهل يعقل أن تصدر عشرات الكتب عن الطغاة والتافهين والتافهات من المغنين والمغنيات والممثلين والممثلات وغيرهم من حثالات هذا الزمان، ثم لا نجد من يكتب عن صفوة هذه الأمة!! فعلى زملاء الشهيد أن يكتبوا تجربتهم معه، وعلى أهله والمقربين منه أن يكتبوا عنه، وعلى الأدباء والشعراء كذلك، على كل محبيه أن يفعلوا ذلك فالمحب يرى ما لايراه غيره فيمن يحب.. ولا أخفي سراً بأنني وضعت في كتابي نواة لعدة كتب فالملحق الذي خصصته للأدب العياشي يمكن أن تتضمنه سلسلة من عدة مجلدات وقد لاتتسع له!
3- كيف بدأت لديك فكرة الكتاب ؟
-أ.مخلص : لقد أجبت على هذا السؤال في مقدمة الكتاب بقولي :"كجزء بسيط من رد الجميل الذي يطوق به الشهيد أعناقنا، فقد أحسست –ومنذ اللحظة الأولى لسماعي نبأ استشهاده- بضرورة عمل شيء يمجد بطولاته ويخلد ذكره للأجيال القادمة، ولم أتمالك نفسي حينما كنت متجهاً صوب عملي يوم السبت السادس من كانون الثاني (يناير) 1996م، الذي أعقب يوم استشهاده من التوقف عدة مرات في الطريق لأخرج دفتراً صغيراً سطرت فيه بعض الخواطر والخلجات القلبية التي اعتملت في نفسي وكانت هذه الخواطر هي نواة هذا الكتاب".
4- قدمت من خلال الكتاب سبقا في وضع مصطلح أدبي في هذا السباق ألا وهو " الأدب العياشي ": ما هو تعريفك لهذا المصطلح ؟
- أ.مخلص : إن بركات الجهاد لاحدود لها، وحياة الشهداء لا انقضاء لها، وإذا كان خبيب بن عدي رضي الله عنه قد سنّ ركعتي الشهادة والبراء بن مالك رضي الله عنه قد أصّل للعمليات الاستشهادية، فإن العديد من الشهداء قد قاموا بالعمل ذاته وما كان علينا إلا أن نتلمس ما نثروه حولنا من بركات جهادهم واستشهادهم، وقد بدا لي ذلك واضحاً جلياً خلال جهاد يحيى عياش -رحمه الله- وعقب استشهاده، فقد كنت ألمح درراً ولآلئ تشع هنا وهناك يبثها أولئك المتفاعلين مع جهاده شعراً ونثراً وإنشاداً حتى تمنيت أن يتم جمع كل ما يكتب وينشر لأنه يؤرخ لحقبة ناصعة من تاريخ أمتنا، ولما سطرت كتاب الفضائل وجدتها فرصة لعرض شيء من ذلك الأدب الفريد.
5- هل هو في النهاية وجه من وجوه أدب المقاومة ؟
- أ. مخلص :أظن أنه كذلك وإلا فإذا لم يكن التغني بالبطولات التي سطرها المجاهدين على أرض فلسطين الحبيبة، ورثاء الشهداء من أدب المقاومة فماذا عساه يكون إذن؟
6- هل سيكون لكل شهيد أدب خاص به أم أنها تختص بالشهيد عياش الذي هو موضوع كتابك ؟
- أ.مخلص:أتمنى أن نرى في القريب العاجل مثل ذلك الأدب لأبرز شهدائنا –على الأقل- فلماذا لا يتم جمع ما كتب عن الشهيد عماد عقل ومن قبله الشهيد عز الدين القسام و عبد الله عزام وأخيراً عن الشهيد محمود أبو هنود وغيرهم ممن سطعوا في سماء أمتنا؟ بل لماذا لا يجمع ما كتب عن المجاهدين؟ وأنا هنا أسجل رغبتي في جمع القصائد التي نظمت عن الشيخ المجاهد أحمد ياسين حفظه الله لتكون في متناول المهتمين ولتؤرخ لحقبة منيرة من تاريخ شعبنا كما أسلفت سابقاً، فالموضوع بدأ بالشهيد يحيى عياش ولكنه يمكن أن يسري على غيره.
7- ثقافة الشهداء والتعريف بهم؟ كيف ترى الوسائل الثقافية " الأدبية والفنية " التي يمكن من خلالها تقديم الشهداء من خلالها إلى الأجيال بصورتهم المشرقة وجعلهم قدوة أبناء الأمة وحلمهم ؟
- أ.مخلص : إضافة للكتاب هناك القصيدة والأنشودة والمسرحية والرواية والقصة القصيرة والأفلام الوثائقية وأقراص الكمبيوتر وغيرها.
8- أنشودة ترددها عن الشهيد عياش دائما ؟ ما هي ؟
-أ. مخلص :قد لا أستطيع ترديدها للفارق الكبير بين صوتي وصوت المنشد! ولكنها تؤثر بي كثيراً وهي "صقر الكتائب" وكذلك "شمس تقبل روحه".
تعريف بالمؤلف :
الاسم : مخلص يحيى محمد برزق
تاريخ ومكان الميلاد: 26/11/1961م الكويت
البلاد : غزة – فلسطين .
الحالة الاجتماعية : متزوج ومعه ستة أطفال.
الدراسة الجامعية: في جامعة قطر/ البكالوريوس في العلوم / تخصص كيمياء بدرجة جيد جداً.
حاصل على إجازة في القراءات من الشيخ سعد العبد الله (شيخ مقارئ حماة) بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قراءتي عاصم وابن كثير مع الإلمام بقراءة أبو عمرو البصري). تاريخها : 28 رمضان 1402هـ / 1982م.
يعمل كباحث في مركز دراسات العالم الإسلامي في صنعاء 1998م .
يكتب في عدد من الصحف والمجلات اليمنية والعربية : صحيفة الثورة ، صحيفة الصحوة ، صحيفة الناس ، صحيفة الجماهير، صحيفة الإيمان، مجلة نوافذ، مجلة النور).
دوريات أخرى: مجلة فلسطين المسلمة اللندنية، مجلة المجتمع الكويتية، مجلة الأسرة السعودية، تقرير القدس/القاهرة، صحيفة السبيل الأردنية ) .
محرر صفحة "من أوراق الانتفاضة" الأسبوعية على موقع "المركز الفلسطيني للإعلام" .
مؤلف الكتب التالية:
"الوعد من خيبر إلى القدس" – دار الوعد، صنعاء 2000م.
"فضائل الشهيد يحيى عياش" – منشورات فلسطين المسلمة 2001م.
"فلسطين واليمن.. علاقة ممتدة عبر الزمن" – دار الوعد، 2001م
"من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" – لم يطبع.
أعمال قادمة إن شاء الله: "اليهود في الأمثال والحكم اليمانية" .
الكتاب: فضائل الشهيد يحيى عياش
المؤلف : مخلص يحي برزق
إهداء
إلى مهندس الشهادة...الشهيد المهندس..الأمة الذي فقدناه..يحيى عياش
إلى والده العملاق الذي سأله المحقق: لماذا تضحك في جنازة يحيى ويبكي غيرك؟ فقال: لأني واثق إلى أين ذهب.. ذهب إلى الجنة عند مليك مقتدر..
إلى أمه المجاهدة القائلة: يحيى شهيد والشهداء لا يبكى عليهم.
إلى زوجته الصابرة القائلة: والله إني لأعتز وأفتخر أن أكون زوجة للشهيد البطل يحيى عياش وأنا فخورة باستشهاده.
إلى ولديه: البراء ويحيى..أملاً أن يجددا سيرة والدهما..
إلى الشيخ المجاهد أحمد ياسين مؤسس المدرسة الجهادية التي تخرج فيها البطل يحيى عياش...
إلى إخوانه وزملائه على درب الجهاد والشهادة الذين شاركوه في التخطيط والتنفيذ لعملياته، وصحبوه وقت مطاردته وخلال فترة جهاده..سواء منهم الذي قضى نحبه أو المعتقل أو المطارد أو المبعد أو الذي ما زال ينتظر النصر أو الشهادة..
إلى عمه الشيخ عطا عياش الذي أتحفنا بقصص الرجولة وملاحم البطولة التي صاغها ابن أخيه المهندس..
إلى أخي غسان دوعر صاحب كتاب ’’المهندس‘‘..مؤرخ الأبطال والشهداء..ولا أعز وأندر..
إلى عشاق الشهادة والشهداء ...أقدم هذا الكتاب...
مخلص
تقديم للشيخ عطا عياش ( عم الشهيد)
لقد قرأت بكل انتباه ما سطرته أيديكم بأحرف من نور حول فضائل وكرامات الشهيد يحيى ابن أخي فلمست فيها الصدق والإخلاص والروح التواقة لعزة الإسلام والمسلمين ووضوح الطريق لتحرير فلسطين، والإعجاب بمنجزات الشهيد وما ورثه للأجيال من دروس التضحية والفداء وتسخير العلم في خدمة قضايا الحق، والتشبث بالأرض، والكر والفر، والإثخان في العدو حتى لقي الله راضيا مرضيا. وآية ذلك : الجموع الغفيرة والألوف المؤلفة التي خرجت في قطاع غزة تودع الشهيد، وترد له نيابة عن الشعب الفلسطيني وشعوب الأمة الإسلامية بعض حقه في التكريم والتبجيل والتقدير وهو الذي أعرض عن الدنيا وزخرفها وآثر ما عند الله وما أعد للشهداء الأبرار‘‘.
أشكر لكم جهدكم أيها الأخ العزيز سائلا المولى عز وجل أن يبارك لكم في عمركم وأن يجعل جهدكم هذا في ميزان حسناتكم يوم القيامة
الشيخ عطا ساطي عياش
عم الشهيد
مقدمة المؤلف:
مذ فجعت أمتنا بضياع الأرض المباركة من بين أيديها، وإقامة اليهود – قتلة الأنبياء – كيانهم الخبيث عليها، لم يظهر شخص أروى الغليل وشفى الصدور منهم كالشهيد يحيى عياش ، وفي تاريخنا القريب لم يضطرب اليهود المحتلون وكيانهم الغاصب اللعين مثلما حدث لهم عندما كان الشهيد يكيل لهم الضربة تلو الضربة حتى مادت بهم الأرض وتنكرت لهم السماء، وتيقنوا أن محمدا (لم يمت ولم يخلف بنات كما حاولوا أن يوهموا أنفسهم ويمنوها بذلك عندما وطئت أقدامهم النجسة باحة المسجد الأقصى في عام 1967م).
كانت الأمة بأسرها تعيش في نشوة عارمة مع أصداء انفجاراته التي أطاحت برؤوس الشياطين وتترقب معها أن يعقبها أحداث جسام تعجل بالمعركة الفاصلة التي تخلص الأرض المقدسة من شر البرية.
منذ ذلك الحين لم يحظ أحد بمنزلة رفيعة ومكانة عالية كيحيى عياش فقد تربع في قلوب الملايين ممن تنسموا من خلاله عبير الشهادة ، وذاقوا طعم العزة والكرامة. ولم يتوقف ذلك على حياته دون مماته ، فلئن شكل يحيى عياش لغزا غامضا في حياته ، حير أعداءه وبهر أحباءه، لقد ترسخ بعد موته كرمز من رموز الجهاد وصرح شامخ من صروح البذل والتضحية والاستشهاد وقمة سامقة من قمم المجد جعلت الكثيرين يصفونه بالأسطورة وهو ما لا نوافقهم عليه، ليس لأن العمل الذي قام به لا يرقى لهذا الوصف بل على العكس تماماً.... فعياش لم يكن خرافة وخيالاً بل آية من عند ا لله سلّطه على اليهود بالوصف ذاته الذي ذكره نبينا بقوله: (تُقاتلكم يهود فتُسَلّطون عليهم) ، فهو أسمى وأرفع وأعز من ذلك الوصف ومكانته في القلوب أرسخ وأجلّ وأعمق.. وكفاه فخراً انضمامه لسجل الشهداء الأبرار الذين سيبقون على مدى الزمان مشاعل مضيئة للأجيال المتطلعة ليوم النصر والتمكين وسيبقى ذكرهم مصدر عز وفخر لهذه الأمة ولهذا الشعب.
وكجزء بسيط من رد الجميل الذي يطوق به الشهيد أعناقنا، فقد أحسست ومنذ اللحظة الأولى لسماعي نبأ استشهاده بضرورة عمل شيء يمجد بطولاته ويخلد ذكره للأجيال القادمة، ولم أتمالك نفسي حينما كنت متوجها صوب عملي يوم السبت السادس من كانون الثاني ( يناير) عام 1996م ، الذي أعقب يوم استشهاده من التوقف عدة مرات في الطريق لأخرج من جيبي دفتراً صغيراً سطّرت فيه بعض الخواطر والخلجات القلبية التي اعتملت في نفسي. وكانت هذه الخواطر هي نواة هذا الكتاب.
ولا يخفى على القارئ الكريم أن الكثير من الفضائل التي أوردتها في هذا الكتاب لا يختص بها الشهيد يحيى عياش وحده وإنما يشاركه فيها رفقاء دربه على طريق الشهادة سواء منهم الذين نالوها أو الذين ينتظرون.
ولئن كانت الظروف قد حالت دون صدور هذا الكتاب مع الذكرى الأولى لاستشهاد المهندس كما كان مخططاً له، لعلنا لا نتأخر كثيرا عن الذكرى الخامسة لاستشهاده والتي تأتي وانتفاضة الأقصى تشعل الأرض لهيباً تحت أقدام الغزاة الغاصبين، ومعها يزداد الأمل من جديد بتحقق وعد الله في بني صهيون.
عادت الانتفاضة وعاد اسم البطل يحيى عياش يتردد صداه في فضائيات الأرض المباركة لتهتف الجموع الغاضبة متوعدة ا لمجرم باراك : ’’يا باراك حضر إنعاش...طلع لك مليون عياش‘‘ و ’’يا باراك حضر إنعاش... كلنا يحيى عياش‘‘ ’’ هيك هيك علمنا عياش..T.N.T مع رشاش ‘‘ ’’ هيك علمنا عياش نحمل مصحف مع رشاش‘‘.
عادت الانتفاضة وعاد معها الشوق للعمليات الاستشهادية وعاد ذكر المهندس رحمه الله بوصفه رائداً لتلك العمليات والسابق لها والمؤسس الأول لمدرستها المباركة، ولعل الله أن يرزقنا بمثله أو بمن هو اشد نكاية منه في اليهود، وما ذلك على الله بعزيز.
مخلص برزق
صنعاء
14 شعبان 1421هـ
10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2000م
الخاتمة
(عن مقال لغسان دوعر في مجلة فلسطين المسلمة،بتصرّف)
آه ما أقسى الرحيل يا يحيى...ولكن!!
ماذا يضيرك أن تصعد شهيداً..وتموت بعد أن أحييت أمة بجهادك؟
ماذا يضيرك يا يحيى أن تلحق بشهيد المحراب عمر وشهيد المصحف عثمان وشهيد الفجر علي...؟
ماذا يضيرك أن تلحق بهم وهم يستبشرون بمقدمك ويهللون لرؤيتك؟
فهنيئاً لك ولهم الشهادة....
كم شفيت لنا قلوباً..كم واسيت لنا نفوسا..كم داويت لنا جروحاً...
إنا لفراقك لمحزونون..ومقهورون..وغاضبون..؟
واهاً للمصطفين على طابور الشهادة والاستشهاد..من سيلبسهم أكفانهم الناسفة؟
واهاً لنا ولأمتك من بعدك كم من الوقت سيمر حتى يجود الزمان بمثلك؟
واها للقدس وللأقصى ولفلسطين كم سيفتقدونك..
يا من قضيت سني عمرك مطاردا ملاحقا مختبئاً..آن لروحك الطاهرة أن تنطلق وتحلق بلا قيود في حواصل طير خضر معلقة بعرش الرحمن..
آن لجسدك المتعب أن يسرح ويمرح في رياض الجنان..
آن لك أن تطوي أشرعتك وترسي سفينتك على ضفة ’’بارق‘‘ نهر الشهداء عند باب الجنة..
حرموك من شهر رمضان..شهر جهادك..فأنت تشهده مع الملائكة المقربين وأبى الله إلا أن يرفعك مع أعمالك متوجاً بتاج الشهادة في شعبان وفي صبيحة يوم الجمعة المبارك..فيا لحسن الختام ويا لروعته..
أنبكيك يا يحيى..وحق لنا أن نبكي على أمة الإسلام وهي تفقد أعز أبنائها..والله إننا لنستحي أن نبكيك الدموع ولا نبكيك الدماء..
ووالله لهو أهون علينا أن ننعى آباءنا وأبناءنا وأمهاتنا من أن ننعى قلبنا النابض في فلسطين..عرفناك دون أن نلقاك ودون أن تعرفنا فأحببناك وتعلقنا بك وكنت في كل يوم تكبر أكثر فأكثر في قلوبنا..حتى إذا صعدت روحك لبارئها..بكتك أرواحنا وانتحبت قلوبنا وتفتتت أكبادنا ولا حول ولا قوة إلا بالله..
ولكننا لن نقول صبرا إن كان الصبر صمتا وسكوتاً وتخاذلاً ولكننا نقول غضباً وثأراً وانتقاما..
وليعلم أحفاد القردة والخنازير أنهم لن يفرحوا طويلاً وأنهم عما قليل ليصبحن نادمين وستحل في دارهم القارعة وتصيبهم الداهية وسيبكون كثيرا ويجزعون طويلاً..
وإلى ذلك الحين فلن ننساك يا يحيى... ستحيا في قلوبنا..سنحكي قصتك لأولادنا..سنفاخر العالم كله بأن أرضنا أنجبت بطلا مثلك...سنحفظ أسماء عملياتك وأعداد اليهود الذين طهرت فلسطين منهم ...وسنصوغ أجمل الأناشيد لك..ولسوف نسمي مواليدنا باسمك..
ولكنا يا أبا البراء سنفتقدك ونحنّ لرؤيتك..ولن نواري وجوهنا..عندما تسيل دموعنا شوقاً إليك..
هنيئاً لك الشهادة يا يحيى..ولتحيا في مقعد صدق عند مليك مقتدر..ونسأل الله أن يأجر هذه الأمة جمعاء في مصابها بك وأن يخلفها خيراً.. وأن يجعل دمك لعنة على بني صهيون وأذنابهم وأتباعهم وأعوانهم وأن يعجل بإنزال غضبه وعقابه وانتقامه على من دبّر وخطط ونفّذ عملية القتل..
اللهم تقبل عبدك ووليك ’’يحيى عياش‘‘ في الشهداء الصادقين وأكرم نزله وأحسن مثواه وألهم أهله وإخوانه الصبر على فراقه، واجعل هذا العمل في ميزان حسناته..وإنا لله وإنا إليه راجعون.
بسم الله الرحمن الرحيم
مشكور أخي على تذكيرنا بماضي الزمن الجميل وأذكر قبل أسابيع من اغتيال المهندس أنني في كنت في زيارة إلى غزة ولما كنت لا أستطيع النوم في الليل ذهبت لزيارة الأخ هاني الحسن في منزله فوجدته وحيدا مع شخص لم أكن أعرفه من حاشية هاني الحسن المقربين تحدثنا قليلا فقد كان ضيف هاني الحسن قليل الكلام حتى أنه لم يٍسالني عن اسمي حتى قال هاني الحسن للضيف بعرفك على حسن زكارنه من قباطيه فلمعت عينا الضيف وقام بتقبيلي وقال الله محيي أصلك واستأذن بالانصراف .بقيت في غزه لثلاث أيام وقبل سفري للقاهره بساعات قمت بزيارة هاني الحسن لوداعه فقال لي ضاحكا هل تعرف من كان يسهر معنا تلك الليله ؟ قلت لا لم أعرف هذا الشيخ الجليل ( كان متنكرا بهيئة شيخ طاعن بالسن أشيب ) قال كان هذا الشيخ المهندس يحي عياش .
لم يحصل لي شرف البقاء معه لأكثر من دقائق معدوده . رحم الله شهيدنا البطل
بسم الله الرحمن الرحيم
مشكور أخي على تذكيرنا بماضي الزمن الجميل وأذكر قبل أسابيع من اغتيال المهندس أنني في كنت في زيارة إلى غزة ولما كنت لا أستطيع النوم في الليل ذهبت لزيارة الأخ هاني الحسن في منزله فوجدته وحيدا مع شخص لم أكن أعرفه من حاشية هاني الحسن المقربين تحدثنا قليلا فقد كان ضيف هاني الحسن قليل الكلام حتى أنه لم يٍسالني عن اسمي حتى قال هاني الحسن للضيف بعرفك على حسن زكارنه من قباطيه فلمعت عينا الضيف وقام بتقبيلي وقال الله محيي أصلك واستأذن بالانصراف .بقيت في غزه لثلاث أيام وقبل سفري للقاهره بساعات قمت بزيارة هاني الحسن لوداعه فقال لي ضاحكا هل تعرف من كان يسهر معنا تلك الليله ؟ قلت لا لم أعرف هذا الشيخ الجليل ( كان متنكرا بهيئة شيخ طاعن بالسن أشيب ) قال كان هذا الشيخ المهندس يحي عياش .
لم يحصل لي شرف البقاء معه لأكثر من دقائق معدوده . رحم الله شهيدنا البطل
هذا اقل ما يمكن لتخليد ذكرى القائد الذي يعتقد العدو بانه اغتاله من قلوبنا لكن واهن ذلك العدو البائس
وانت يا اخي حسن اغبطك والله على لقاءك بالمهندس وان كان لثواني