شبهات حول فكر سيد قطب (5) - شبهات حول فكر سيد قطب (5) - شبهات حول فكر سيد قطب (5) - شبهات حول فكر سيد قطب (5) - شبهات حول فكر سيد قطب (5)
شبهات حول فكر سيد قطب (5)
د. محمد ابو صعيليك
7- القول بتكفير الحكام:
اتهم الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى بالقول بتكفير الحكام. وفي التعبير عن هذه الشبهة يقول الشيخ عبدالله الحبشي: "ثم يكفر من حكم بغير الشرع على الإطلاق، ولو في مسألة صغيرة، من غير تفصيل، مفسراً قوله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) على ظاهره، جاهلاً ومكابراً أن السلف ومن بعدهم أولوا هذه الآية كما يثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترجمان القرآن، والبراء بن عازب رضي الله عنه".
هذا ويمكن الجواب على هذه الشبهة بما يلي:
1- أن سيد قطب رحمه الله تعالى لم ينفرد بهذا الرأي، بل سبقه إليه علماء كبار في القديم والحديث، ففي القديم نجد أن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول لمن سأله عن الرشوة في الحكم فقال: "ذاك الكفر"، ثم تلا هذه الآية (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون). ومن جيل التابعين نجد الإمام التابعي السدي رحمه الله يقول: "(ومن لم يحكم بما أنزل الله)، فتركه عمداً أو جار؛ فهو من الكافرين".
وممن بعدهم الحافظ المفسر عماد الدين بن كثير الدمشقي الذي يقول: "فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع الى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير".
وكذا شارح الطحاوية الإمام ابن أبي العز الحنفي، حيث يقول: "إن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً ينقل عن الملة، وقد يكون معصية كبيرة أو صغيرة".
2- وقد وافقه على القول بهذا علماء معاصرون، منهم العلامة المحدث الشيخ أحمد شاكر رحمه الله حيث يقول: "إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، وهي كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عذر لأحد ممن ينتسب الى الاسلام كائناً من كان في العمل بها، أو الخضوع لها، أو إقرارها".
والعلامة المرحوم محمود شاكر الذي يقول: "فهذا الفعل إعراض عن حكم الله، ورغبة عن دينه، وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به، والداعي إليه".
كما وافقه على هذا؛ الأستاذ حسن الهضيبي في كتابه "دعاة لا قضاة"، والدكتور الشهيد عبدالله عزام رحمه الله تعالى في كتابه "العقيدة"، والدكتور عمر الأشقر في كتابه "العقيدة في الله".
3- أن سيداً رحمه الله تعالى في رأيه هذا؛ أخذ بظاهر كتاب الله تعالى، ولا ضير عليه في الأخذ بهذا الظاهر، ما دام أنه لا قرينة صارفة له عن هذا الظاهر، وهل ينكر على العلماء، إذا أخذوا بظواهر النصوص الشرعية كما هو الحال هنا؟
4- هذه مسألة يكاد يتفق عليها علماء المدارس العلمية عند المسلمين، ولا يماري فيها أحد منهم ممن يشار إليه بالعلم في هذه الأمة، وقد نبتت نابتة في هذه الأيام تماري في هذه المسألة، وتحسن الظن بالحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله تعالى، وتشدد النكير علي الأستاذ سيد قطب رحمه الله وغيره من أهل العلم القائلين بهذا الرأي، وتحرف نصوص العلماء في هذه المسألة، وليتها تحسن الظن بالعلماء والدعاة الصادقين، بدل أن تحسن الظن بأولئك الذين اتخذوا القرآن ظهرياً، وتركوا هديه، وبعدوا عن تحكيمه. وللعلم؛ فإن دوافع أولئك معلومة، ومقاصدهم معروفة، نكلهم بها إلى الله تعالى، ونرجو منه أن يحاسبهم بها على ما أرادوا للفكر الإسلامي والدعوة إلى الله تعالى من الأذى. والله المستعان.