كان العرف السائد أثناء المدرسة إذا تأخر المعلم عشر دقائق عن الحصة ولم يحضر زميله ليشغلها،وجب أن ينزل احد الطلاب إلى الإدارة ويبلّغهم بضرورة "تعويضها" او "إشغالها" أو "دمجها" مع الشعبة الثانية كي لا تشيع الفوضى في الصف ويتفاقم الشغب...
وبالفعل تأخر معلم الحصة الأولى ذات يوم عن الحضور كما لم يأت أي من المعلمين ليملأ مكانه، ولأن صفنا يقع في الطابق الثاني فقد اختارني الطلاّب كوني "وجه" الصف ان انزل للإدارة واخبرهم بغياب المعلم...نزلت إلى الطابق الأول فصادفني المعلّم المناوب على حافة الدرج: وين نازل ؟ قلت له: إلى الإدارة المعلم غايب..فــ"سمطني كفّ" على وجهي الأيمن دون سابق انذار وهو يصرخ: "اطلع ع صفّك هم بعرفوا شغلهم"...اتّخذتْ أصابعه مكانها من "شحمة الأذن اليمنى إلى أسفل الذقن"...مع احمرار مضاعف لطبعة لخاتم في منتصف الخد" وأثناء صعودي للدرج من جديد ونجوم الظهر تزفني درجة درجة محاولاً تبريد مكان الخماسي : قابلني المناوب الثاني على رأس الدرج الأعلى : وين طالع؟..قلت له: على صفي معلّمنا غائب..فــ"سمطني" كفّ آخر على الخدّ الأيسر لا يقل جودة وكفاءة عن كفّ زميله الله يسهّل عليه..وقال لي بأسنان مصطكة : استاذك غايب وطالع ع صفك ؟ ليش ما تروح ع المدير تقله!..عندها تسمّرت على الدرج إلى أن يأذن الله بنصره...فإذا طلعت "ماكلها"..وإذا نزلت "ماكلها"...
***
عندما "طلع" سعر البترول الى 120 دولار كان تبرير وزراء المالية والحكومات بشكل عام ان جزء كبير من موازنة الدولة تذهب للفاتورة النفطية فلذلك لا بد من تعويض الخسارة برفع الأسعار وزيادة الضرائب وكان يأكل المواطن "الكف ويسكت" ..وعندما"نزل" البترول الى 60 دولاراً قال محافظ البنك المركزي الدكتور زياد فريز بالحرف الواحد الأسبوع الماضي : "إن انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية بمعدل 5 دولارات للبرميل يقلص إيرادات الدولة من الضريبة المفروضة عليها، ويلحق خسائر بالخزينة تصل إلى 20 مليون دينار شهريا" ..مما يعني ضمنياً ضرورة تعويض ذلك برفع الأسعار..وزيادة الضرائب.
بمعنى آخر إذا "طلع البترول" أو نزل...حكومتنا المناوبة "سامطة هالكف سامطيته"!.