باقة ورد ٍ للعيد - باقة ورد ٍ للعيد - باقة ورد ٍ للعيد - باقة ورد ٍ للعيد - باقة ورد ٍ للعيد
قصة قصيرة
باقة ُ ورد ٍ للعيد ....
لم يكد مجلس عزاء ابنتهم الكبرى وأبنائها الأربعة ينفض حتى أطل ّ العيد بوجهه الكئيب .
ليس ثمة عيد , لم تجف ّ َ دموعهم بعد , تقطعت أوصال ندى وعائلتها أشلاء ً عندما سقط برميل ٌ متفجر ٌ على الحي ّ فسوّى المنزل بالأرض ودفن تحته ذكريات ٍ وآمال ٍ وضحكات .
وحدها ميس ذات الخمسة أعوام ٍ نجت من المجزرة . كانت تلعب مع أقرانها في منزل جدها فغلبها النعاس وأمضت ليلتها في حضن جدتها .
اعتاد يوسف أن يبدأ نهاره بعد صلاة العيد بزيارة شقيقته مزيِّنا ً تلك الزيارة بباقة ورد ٍ أنيقة .
كانت ندى تحب الورود حبا ً جما ً وتتفاءل بها , تزرعها في كل ركن ٍ من أركان المنزل وتحتفي بها أيّما احتفاء . توطدت بينهما علاقة راسخة فآثرا أن يرحلا معا ً .
سيمر هذا العيد كأي يوم آخر دون ورود أو قبلات ٍ أو وجوه ٍ مستبشرة .
قهرته دموعه وهو يجلس وميس التي رجته أن تأتي معه لتزور قبور َ أحباب ٍ فارقوا الدنيا .
" لماذا تبكي يا خالي ؟ لقد ذهب أبي وأمي وإخوتي إلى الجنة وهم الآن فرحين , اشتقت لهم وأريد أن ألحقهم إلى الجنة " .
أوجعته تلك الكلمات , تدارك دموعه , مسحها وبلطف ٍ ربت َ على رأس الطفلة .
" لا يا ميس , ستكبرين وتصبحين طبيبة كما كانت أمك تقول دائما ً "
في طريق العودة من المقبرة كان بعض صبية يلعبون بأرجوحة خشبية متواضعة بعد أن هدم القصف حديقة الحي , يختلسون بعضا ً من فرح ٍ بعد ليلة ٍ لم تخل ُ من أصوات الهاون والرصاص .
" أريد أن أركب َ الأرجوحة يا خالي "
تهمس ميس ببراءة .
" حاضر , لكن لبعض الوقت لأننا سنذهب إلى البيت "
استغل الرجل تلك الدقائق بمعايدة بعض معارفه المرافقين لأبنائهم لتنكأ تلك اللحظات جراحهم فكثير منهم فقد عزيزا ً أو له أخ معتقل أو مريض ٌ أقعدته الجراح .
لحظات ٌ قليلة , صوت إطلاق نار ٍ من بعيد تبعه انفجار هائل ٌ هز المكان . يبدو أن برميلا ً قد سقط في منطقة ٍ مجاورة .
هرع المتواجدون لمغادرة المكان هلعا ً ونجاة بأنفسهم وأطفالهم فيما بقيت بعض حلوى العيد وعرائس ُ وأرجوحة ٌ ٌ تشكو للريح وحدتها .