عندما يكون الوجع غزيآ - عندما يكون الوجع غزيآ - عندما يكون الوجع غزيآ - عندما يكون الوجع غزيآ - عندما يكون الوجع غزيآ
أن تكون غزياً:
أن تختار ملابسك الداخلية بعناية لأنك قد تكون بعد قليل نصف عارٍ في وحدة العناية المركزة، أن تمتنع عن ارتداء ملابس البيت كي تخرج من تحت الركام بصورة لائقة، أن تعلق أمك ملابس الصلاة سهلة الارتداء عند مدخل البيت كي لا تبحث عنها حين لا يكون الوقت عنصراً محايداً في اغتيالنا، أن تحرق ذكريات حبك الأول، أن تحرق مذكرات مراهقتك، ونصوص أخرى تعشقها لكنك تخشى أن يطلع عليها أحد حين يعبث الأحياء بأغراض الميتين، أن تفكر بأغراضك الي ستحملها معك، هل فعلا سأجد الوقت لحملها أم علي التخلص منها؟ أو أغراضك التي لا تأمنها مع أحد بعدك، أن تفكر باحتمالات الموت: هل سيأخذني وحدي ويترك عائلتي؟ هل سيأخذهم جميعا ويتركني؟ هل سيأخذ صغارنا ويترك كبارنا؟ هل يأخذ كبارنا ويترك صغارنا بلا عائل؟ هل يأخذ نساءنا أم رجالنا؟ هل يأخذ أطرافنا؟ هل يشوهنا ويحرقنا ويتركنا؟ هل سأمضي أياما تحت الركام؟ هل سأحشر بين عمودين؟
في الحرب، هذه على الأقل، تم قصف مستشفيات، سيارات مدنية، سيارات اسعاف، جمعيات لذوي الاحتياجات الخاصة، مقابر، مساجد، 22 عائلة أبديت بالكامل دون تحذير، مئات البيوت أعطيت دقائق معدودة للاخلاء، أطفال على البحر، شقق في ابراج، أراضي زراعية، قصف عشوائي بشكل واضح، اتصالات تحمل رسالة بالاخلاء لأماكن ويتم قصف هذه الأماكن، هذا النوع من الحروب يتم اعدادها بشكل دقيق لترويع الناس، لايصال رسالة أنك غير آمن بأي طريقة، وتهذه هي الطريقة الأنجح لتوليد الضغط الشعبي لقبول أي اتفاقيات، لكن الحمقى الذين أعدوا هذه الخطة الحمقاء لتركيع غزة، لم يفكروا أن أهل غزة لا يعرفون الكثير عن الحياة كي يتشبثوا بها: هل رافقت صديقتك لتشجيعها في مسابقة رقص الباليه؟ هل شربت القهوة في الشانزلزيه؟ هل حضرت حفلا في دار الأوبرا في سيدني؟ هل تعرف أين تقع مدينة تورنتو، هل شاهدتها ليلا؟ هل زرت اللوفر؟ اه منك يا روما!
لو أردتُ تركيع غزة لقاتلتهم بالحياة فهم لا يجيدون التعامل معها كما يحترفون التعامل مع الحرب، كيف تقاتلهم وهم لا يرتبكون أمام الموت قدر ارتباكهم عند دخول مطعم لأول مرة؟ كيف تقاتلهم بالموت وهم يشاكسون الموت في شوارع المخيم، ويخرجون ألسنتهم للعالم الظالم: لا زلنا على قيد ما نعرفه عن الحياة.