رحلتنا اليوم (من سجن عكا ) - رحلتنا اليوم (من سجن عكا ) - رحلتنا اليوم (من سجن عكا ) - رحلتنا اليوم (من سجن عكا ) - رحلتنا اليوم (من سجن عكا )
فوج الثورة الأول هم
ثلاث رجال وثلاث زنازين
والتهمة حب فلسطين
والحكم الصادر اعدام
يا عطا الزير
يا فؤاد حجازي
يا جمجوم
يا ثلاث نجوم
فوق أرض بلادي بتحوم
وطلعت من عكا جنازة لثلاث
طيور تتدلى من قلب العتمة وتفرش
وطني بحزمة نور
كانو ثلاث رجال
اتسابقواعالموت
اقدامهم عليت فوق رقبة الجلاد
وصارو مثل يا خال
بطول وعرض البلاد
يا عين يا عين
يا عين
نهوى ظلام السجن يا أرض كرمالك
يا ارض يوم تندهي بتبين رجالك
يوم الثلاثة وثلاثة
يا أرض ناطرين
مين الي يسبق يقدم روحو من شانك
يا عين يا عين
من سجن عكا طلعت جنازي
محمد جمجوم وفؤاد حجازي
جازي عليهم يا شعبي جازي
المندوب السامي وربعه وعموما
محمد جمجوم و مع عطا الزيري
وفؤاد حجازي عز الذخيره
انظر المقدر والتقاديري
باحكام الظالم تا يعدمونا
ويقول محمد انا أولكم خوفي يا عطا أشرب حسرتكم
ويقول حجازي أنا اولكم ما انهاب الردى ولا المنونه
امي الحنونه بالصوت تنادي ضاقت عليها كل البلادي
نادي فؤاد مهجة فؤادي قبل نتفرق تيودعونا
ننده على عطا من ورا البابي وقفت تستنظر منو الجوابي
عطا يا عطا زين الشبابي يهجم عالعسكر ولا يهابونا
خيي يا يوسف اوصاتك امي
اوعي يا اختي بعدي تنهمي
لاجل هالوطن ضحيت بدمي
كلو لعيونك يا فلسطينا
ثلاثي ماتوا موتة الاسودِ
جودي يا امي بالعطا جودي
علشان هالوطن بالروح انجودي
ولاجل حريتو بيعذبونا
نادى المنادي
يا ناس اضرابي
ويوم الثلاثة شنق الشبابي
أهل الشجاعة عطا وفؤادي
ما يهابوا الردى ولا المنونا
اوف آوف
من سجن عكا وطلعت جنازة-محمد جمجوم وفؤاد حجازي
جازي عليهم يا ربي جازي-المندوب السامي وربعه عموما
.
قصة هؤلاء الأبطال الثلاثة بدأت بثورة ولم تنته حتى اليوم, بدأت عندما اعتقلت القوات البريطانية مجموعة من الشبان الفلسطينيين إثر ثورة البراق ، هذه الثورة التي بدأت عندما نظم قطعان المستوطنين مظاهرة ضخمة بتاريخ 14 أغسطس 1929 بمناسبة " ذكرى تدمير هيكل سليمان " أتبعوها في اليوم التالي 15 أغسطس بمظاهرة كبيرة في شوارع القدس لم يسبق لها مثيل حتى وصلوا إلى حائط البراق " ما يسمى بحائط المبكى اليوم " وهناك رفعوا العلم الاسرائيلي وراحوا ينشدون " النشيد القومي الصهيوني" وشتموا الفلسطينيين والمسلمين ... وكان اليوم التالي هو يوم الجمعة 16 أغسطس والذي صادف ذكرى المولد النبوي الشريف, فتوافد المسلمين للدفاع عن حائط البراق الذي كان في نيّة اليهود الاستيلاء عليه .. فكان لابدّ من الصدام بين العرب والصهاينة في مختلف المناطق الفلسطينية.
كان الاعتقال يحمل معناً واضحاً بالدعم التام والمطلق للصهاينة, وهذا ما لم يرضى به أهالي كل من صفد والخليل وباقي المدن والقرى الفلسطينية ، ولهذا قامت قوات الشرطة باعتقال 26 فلسطينياً ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق وحكمت عليهم بالإعدام وقد تم تخفيف هذه العقوبة إلى السجن المؤبد عن 23 منهم مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة " محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير " ونبذة من حياة الشهداء تبين مدى دعم القوات البريطانية للصهاينة ورفضها لأي شكل من أشكال المقاومة ضدهم.
محمد خليل جمجوم من مدينة الخليل, تلقى دراسته الابتدائية فيها, وعندما خرج إلى الحياة العامة, عاش الانتداب وبدايات الاحتلال الصهيوني, عرف بمقاومته للصهاينة ورفضه للاحتلال كما العديدين من أبناء الخليل, فكان يتقدم المظاهرات احتجاجاً على اغتصاب أراضي العرب, وكانت مشاركته في ثورة العام 1926 دفاعاً عن المسجد الأقصى ما جعل القوات البريطانية تقدم على اعتقاله ..
فؤاد حجازي أصغر الشهداء الثلاثة سناً المولود في مدينة صفد, تلقى دراسته الابتدائية والثانوية في الكلية الاسكتلندية وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت, عرف منذ صغره بشجاعته وحبه لوطنه واندفاعه من أجل درء الخطر الصهيوني عنه وشارك مشاركة فعالة في مدينته في الثورة التي عمت أنحاء فلسطين عقب أحداث الثورة .
عطا الزير من مواليد مدينة الخليل, ألم بالقراءة والكتابة إلماماً بسيطاً, عمل عطا الزير في عدة مهن يدوية واشتغل في الزراعة وعرف عنه منذ صغره جرأته وقوته الجسدية واشترك في المظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل احتجاجاً على هجرة الصهاينة إلى فلسطين لا سيما إلى مدينة الخليل, وفي ثورة البراق هب عطا الزير مع غيره من سكان الخليل مدافعاً عن أهله ووطنه بكل ما لديه من قوة. وشهدت مدن فلسطين صداماً دامياً بين العرب والصهاينة وفي الخليل نفسها قتل ستون صهيونياً وجرح خمسين آخرين ..
حدد يوم 17/6/1930 موعداً لتنفيذ حكم الإعدام بحق الأبطال الثلاثة الذين سطروا في هذا اليوم أروع قصيدة وأعظم ملحمة, في هذا اليوم تحدى ثلاثتهم الخوف من الموت إذ لم يكن يعني لهم شيئاً بل على العكس تزاحم ثلاثتهم للقاء ربهم. كان محمد جمجوم يزاحم عطا الزير ليأخذ دوره غير آبه, وكان له ما أراد، أما عطا وهو الثالث, طلب أن ينفذ حكم الإعدام به دون قيود إلا أن طلبه رفض فحطم قيده وتقدم نحو المشنقة رافع الرأس منشرح الوجه.
وفي الساعة التاسعة من نفس اليوم نفذ حكم الإعدام بمحمد جمجوم الذي كان ثاني قافلة الشهداء وقبل ساعة من موعد تنفيذ الحكم, استقبل محمد جمجوم وفؤاد حجازي زائرين أخذوهم بتعزيتهم وتشجيعهم فقال محمد جمجوم حينها " الحمد لله أننا الذين لا أهمية لنا نذهب فداء الوطن لا أولئك الرجال الذين يستفيد الوطن من جهودهم وخدماتهم " وطلب مع رفيقه فؤاد حجازي " الحنَّاء " ليخضبا أيديهما كعادة أهل الخليل في أعراسهم .
أما فؤاد حجازي وهو أول القافلة يقول لزائريه " إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئاً من كابوس الانجليز على الأمة العربية الكريمة فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماماً " .. وقد كتب فؤاد وصيته وبعث بها إلى صحيفة اليرموك فنشرتها في اليوم التالي وقد قال في ختامها " إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج, وكذلك يجب إقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة. إن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية
" ..
وهكذا أعدم الثلاثة, وتركوا الدنيا لأهل الدنيا, ومضوا يحملون جهادهم في سبيل مقدساتهم عملاً صالحاً يقابلون به وجه ربهم, تركوا دماءهم تقبل وجه هذه الأرض فتزهر ورداً أحمر, شجراً واقفاً أخضر وشهيداً تلو شهيد وشلال الدم الأغزر .
يا ثلاثة في السجن نشدوا موتهم
هجروا زنزانة الصمت
ونثروا على قضبان البارود
إيمان شهيد " يركع "
يا ثلاثة وإن ماتوا في موتهم
في غيابهم ..
أحياءٌ في وجه شمس تسطع ..
هل ماتوا !
على الحائط يرسم فتى
في الأرض فلاح يزرع
يسقي القبور فتنمو
ينشد الورد .. ويدمع