الحسن البصري يهمس في أذنك - الحسن البصري يهمس في أذنك - الحسن البصري يهمس في أذنك - الحسن البصري يهمس في أذنك - الحسن البصري يهمس في أذنك
عبد الله فرج الله
من فقه الاولين
الحسن البصري يهمس في أذنك
هذه مجموعة من الهمسات التقطناها من الإمام العارف بالله تعالى حسن البصري رحمه الله، لعلّها تجد أذناً صاغية، وقلباً سليماً، ونفساً صافية.. فإنها صادفت شيئاً من ذلك رجونا منها نفعاً وفائدة.. ففيها دواء من كل داء، وعلاج من اعتلال.. بإذن الله تعالى.
هيهات.. هيهات.. ذهبت الدنيا بحال بالها، وبقيت الأعمال قلائد في أعناقكم.
يا ابن آدم بِعْ دنياك بآخرتك.. تربحهما جميعاً.. ولا تبيعن آخرتك بدنياك.. فتخسرهما جميعاً.
لقد أدركت أقواماً ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل ولا يتأسفون على شيء منها أدبر.
لهي كانت أهون في أعينهم من التراب، فأين نحن منها الآن؟!
يا ابن آدم نزِّه نفسك، فإنك لا تزال كريماً على الناس، ولا يزال الناس يكرمونك ما لم تتعاط ما في أيديهم، فإذا فعلت ذلك؛ استخفّوا بك، وكرهوا حديثك، وأبغضوك.
أيها الناس: لو لم يكون لنا ذنوب إلا حب الدنيا لخشينا على أنفسنا منها، إن الله عز وجل يقول: }تريدون عَرَضَ الدنيا والله يريد الآخرة{ (الأنفال: 67).. فرحم الله امرءاً أراد ما أراد الله عزّ وجلّ.
أيها الناس: أحبّوا هوناً، وأبغضوا هوناً، فقد أفرط أقوام في الحب حتى هلكوا، وأفرط أقوام في البغض حتى هلكوا.
يا ابن آدم! إياك والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وليأتين أناس يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، فما يزال يؤخذ منهم حتى يبقى الواحد منهم مفلساً، ثم يُسحب إلى النار؟
لقد رأيت أقواماً كانت الدنيا أهون عليهم من التراب، ورأيت أقواماً يمسي أحدهم وما يجد إلا قوتاً، فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني! لأجعلن بعضه لله عز وجل! فيتصدق ببعضه وهو أحوج ممن يتصدق به عليه!
يا قوم: إن الدنيا دار عمل، من صحبها بالنقص لها، والزهادة فيها؛ سعدَ بها، ونفعته صحبتها.
ومن صحبها على الرغبة فيها، والمحبة لها؛ شقي بها.. ولكن أين القلوب التي تفقه؟ والعيون التي تبصر؟ والآذان التي تسمع؟!.
أفِقْ يا مغرور: تنشط للقبيح، وتنام عن الحسن، وتتكاسل إذا جدّ الجد !!!
أفيقوا يا أهل الغفلة: فالقافلة قد تحركت، وعند الصباح يحمد القوم السّرى }أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاّ وهم نائمون. أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحىً وهم يلعبون. أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون{ (الأعراف: 97 - 99)
ما زال همس البصري - رحمه الله - مستمراً، فهل أنت أذن صاغية، فلأمثال البصري تصغي الآذان، وتهوي الأفئدة، وتشتاق القلوب.. وتتحسن الأحوال، ويستقيم الاعوجاج.. ويشتد الأزر، ويعظم - بإذن الله - الأجر..
••••
إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه، يقول: ما أردت بكلمتي؟ يقول: ما أردت بأكلتي؟ يقول: ما أردت بحديث نفسي؟ فلا تراه إلا يعاتبها.
أما الفاجر - نعوذ بالله من حال الفاجر -: فإنه يمضي قدماً، ولا يعاتب نفسه حتى يقع في حفرته، وعندها يقول: يا ويلتى، يا ليتني.. يا ليتني.. ولات حين مندم!!!
••••
لا يزداد المؤمن صلاحاً إلا ازداد خوفاً، حتى يقول: لا أنجو!
أما الفاسق فيقول: الناس مثلي كثير، وسيغفر لي، و لا بأس علي، فرحمة الله واسعة، والله غفور رحيم!
أكمل يا مغرور: ولا تقل: فويل للمصلين! }قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون. الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة و الإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون{
(الأعراف: 156-157).
واقرأ يا مغرور: }إن رحمة الله قريب من المحسنين{ (الأعراف: 56)
واقرأ يا مغرور: }وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى{ (طه: 82)
واقرأ يا مغرور: }فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقِهِمْ عذاب الجحيم{ (غافر: 7)
ولكن الفاسق المغرور يخدع نفسه، فيؤجل العمل، ويتمنى على الله تعالى.
••••
و الله ما صدّق عبد بالنار؛ إلا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وإن المنافق المخدوع لو كانت النار خلف هذا الحائط، لم يصدق بها حتى يتهجم عليها فيراها!
••••
أفِقْ يا مغرور من غفلتك.. وابكِ على خطيئتك،
إذا خاف(الخليل)، وخاف(موسى)
كذا خاف (المسيح)، وخــــاف (نوح)
وخـــــــاف (محمــــد) خيـــــر البرايـــــــا
فمالي لا أخـــــــــــــــاف و لا أنـــــــــــــــوح؟!
••••
نعمت الدار كانت (الدنيا) للمؤمن، وذلك أنه عمل قليلاً، وأخذ زاده منها إلى (الجنة).
وبئست الدار كانت للكافر و المنافق، ذلك أنه تمتع (ليالي)، وكان زاده منها إلى (النار).
}فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور{ (آل عمران: 185).
••••
إن المؤمن قوّام على نفسه، يحاسب نفسه لله - عزّ و جلّ -، وإنما خفّ الحساب يوم الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا.. وإنما شق الحساب على قوم أخذوها من غير محاسبة.
••••
السنةَ.. السنةَ.. وطّنوا النفوس على حبها، وتعظيمها، والحنين إليها، فقد جاء في الأثر: لما اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر حنّت الجذع، كما يحنّ الفصيل إلى أمه، وبكت بكاء الصبي!!
يا عباد الله: الخشبة تحنّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شوقاً إليه! فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه
لقد أطربت الآذان يا سيدي، بكلماتك، وحركت أشواق القلوب، وبعثت أحزانها وحنينها، وجددت معالم المسير إلى الله تعالى، بعد أن درست أو كادت.. وما زالت الرغبة ملحّة في سماعك، والحاجة تدعونا لأن نجثو على ركبنا في مجلسك.. فهل لنا أن نطمع بالمزيد منك؟..
•••••
يا ابن آدم، إنك ناظر إلى عملك غداً، يوزن خيره وشره، فلا تحقرن من الخير شيئاً، و إن صغر، فإنك إذا رأيته سرَّك مكانه.. ولا تحقرن من الشر شيئاً، فإنك إذا رأيته ساءك مكانه.. فإياك و محقرات الذنوب.
•••••
يا ابن آدم، عملك عملك، فإنما هو لحمك و دمك.. فانظر على أي حال تلقى عملك.
•••••
الذنوب: وهل تتساوى الذنوب؟ إن الرجل ليذنب الذنب فما ينساه، وما يزال متخوفا منه أبداً حتى يدخل الجنة.
•••••
يا قوم: تصبروا وتشددوا، فإنما هي ليالٍ تعد، وإنما أنتم ركب وقوف، يوشك أن يدعى أحدكم فيجيب، فيذهب به ولا يلتفت، فانقلبوا بصالح الأعمال.
•••••
إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث، ووفاء بالعهد، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلة المباهاة للناس، وحسن الخلق، وسعة الخلق فيما يقرب إلى الله – تعالى-.
•••••
إن المؤمن إذا طلب حاجة فتيسرت..قبلها بميسور الله- عزّ و جلّ-، و حمد الله- تعالى- عليها، وإن لم تتيسر.. تركها، و لم يتبعها نفسه.. (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
•••••
المؤمن.. ما المؤمن؟ والله ما المؤمن بالذي يعمل شهراً، أو شهرين، أو عاماً، أو عامين.. لا والله، ما جعل الله لمؤمن أجلاً دون الموت.
•••••
يا ابن آدم، إنما أنت أيام.. كلما ذهب يوم ذهب بعضك فكيف البقاء ؟!
•••••
تباً لطلاب الدنيا وهي دنيا !!! والله لقد عبدت بنو إسرائيل الأصنام بعد عبادتهم للرحمن، وذلك بحبهم للدنيا.
•••••
أين منكم من سمع ؟
أنا لم أسمع الله - عزّ و جلّ - فيما عهد إلى عباده، وأنزل عليهم في كتابه: أن رغب في الدنيا أحداً من خلقه، ولا رضي له بالطمأنينة فيها، ولا الركون إليها، بل صرّف الآيات، وضرب الأمثال بالعيب لها، والترغيب في غيرها.
•••••
احذر الدنيا فإنه قلّ من نجا منها، وليس العجب لمن هلك كيف هلك ؟ ولكن العجب لمن نجا كيف نجا ؟! فإن تنج منها، تنج من ذي عظيمة، وإلا فإني لا أخالك ناجياً. ورغم هذا فالدنيا كلها: أولها وآخرها ما هي إلا كرجل نام نومة، فرأى في منامه بعض ما يحب، ثم انتبه...
•••••
الدنيا.. وهموم الدنيا والتحسر على ما فات يجعل الحسرة حسرات.
•••••
القلوب.. القلوب.. إن القلوب تموت وتحيا فإذا ماتت: فاحملوها على الفرائض، فإذا هي أحييت: فأدبوها بالتطوع.
•••••
رحم الله رجلاً كسب طيباً، وأنفق قصداً، وقدم فضلاً ليوم فقره وفاقته.
•••••
إن هذا الحق قد أجهد الناس، وحال بينهم وبين شهواتهم، وإنما صبر على الحق: من عرف فضله و رجا عاقبته.
يا ابن آدم نزِّه نفسك، فإنك لا تزال كريماً على الناس، ولا يزال الناس يكرمونك ما لم تتعاط ما في أيديهم، فإذا فعلت ذلك؛ استخفّوا بك، وكرهوا حديثك، وأبغضوك.
أيها الناس: أحبّوا هوناً، وأبغضوا هوناً، فقد أفرط أقوام في الحب حتى هلكوا، وأفرط أقوام في البغض حتى هلكوا.
يا ابن آدم! إياك والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وليأتين أناس يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، فما يزال يؤخذ منهم حتى يبقى الواحد منهم مفلساً، ثم يُسحب إلى النار؟
يا ابن آدم، إنما أنت أيام.. كلما ذهب يوم ذهب بعضك فكيف البقاء ؟!
•••••
تباً لطلاب الدنيا وهي دنيا !!! والله لقد عبدت بنو إسرائيل الأصنام بعد عبادتهم للرحمن، وذلك بحبهم للدنيا.
والله انها لكلمات تخط بماء الذهب ،، رحم الله العلامة الحسن البصري على هذه الكلمات التي تعظم في معانيها كلما نقرأها ,,,
بارك الله فيك أخي يحيى على هذا الموضوع الرائع جدا .