من روائع المقادمة.. - من روائع المقادمة.. - من روائع المقادمة.. - من روائع المقادمة.. - من روائع المقادمة..
بقلم| القائد الفلسطيني المجاهد الدكتور والمفكر إبراهيم المقادمة
رحمه الله وتقبله في صفوف الشهداء وأسكنه فسيح الجنان
"على الشبك"
على الشبك، أواجه صوتها الرنان
يهتف صائحاً أبتي
فيعزف أعذب الألحان
وتقفز كالعصفورة انحطت على شركِ
على الشبكِ
وتنفض كل ما حملت
من الأشواق فاطمة وما فتئت
تداعب قلبي المربوط بالشبك
بأخبار الصغار، تصيح تفتخر
بأخوتها وقد كبروا
وأعمام أحاطوها عنايتهم وما ضجروا
أفاطمُ، يا ربيع القلب يزدهر
ويا من تحسب الأيام تنتظر
زيارة والدٍ في السجن مرتهن
عهداً يظل جهادنا أبداً
حتى تعود لوجهك البسمات تنتشر
على الشبك
مدت أصابعها والقلب يرتجف
لكي تمس أصابعي والدمع ينذرف
يا للصغيرة بات الشوق يعصفها
فتصيح يا أبتي
صبراً، يهون الأذى إن يشرف الهدف
أنا في انتظارك حين تخرج
نبدأ درب ثورتنا ونعتصف
قواعد الظلم والطغيان والسَفكِ
على الشبكِ
كانت تلامس روحها روحي
فتلتحما على وشكِ
ويصيح جلفٌ من وارء الظهر مسترقاً
خُتمت زيارتكم هيا لتفترقا
هيهات
إن عيونها بعثت رسائلها بلا وجل
فتوصلها، برغم مكهرب الأسلاك والحسكِ
أبنيتي إني على ثقةٍ
بعناية من واحد أحد
تلف روحك، ترعاها، تحيط بها
حين اتقيت، سلكتُ الدرب بالرشدِ
جاهدت فيك إلهي طائعاً رغباً
ولن أهادن فاحفظ فلدة الكبد
أبنيتي كوني على ثقةِ
بالحق، بالنصر، مهما استبدت ظلمة الحَلَكِ
في غدٍ عام جديد
يفرح الأطفال بالعام الجديد
قد كبرنا يا أبي
وافتقدناك طويلاً
مر عيدٌ، بعد عيد، بعد عيد
كم حلمنا، أن ترانا دون قضبان الحديد
برغم القيد، والفقد كبرنا
وحلمنا مثل كل الناس أن ترعى خطانا
وحلمنا مثل كل الناس أن تلثم فانا
وحلمنا أن تصب النور حباً في رؤانا
وتشيع الدفء فينا
نظرة الحب الودود
في غدٍ يفرح الأطفال يا أبتاه بالفصل الجديد
في غدٍ ينشد الأطفال للإسلام لليوم السعيد
في سبيل الله للإسلام سرنا
ننصر الإسلام لا نخشى العبيد
قد كبرنا وتعلمنا الصلاة
وحفظنا بعض آيات الكتاب
وبدأنا مذ تعلمنا الحساب
نحسب الأيام ، نصغي كلما دقدق باب
علَّ هذا اليوم يأتي
يسبق الأيام، تخطو فيه في البيت خطاك
تحمل الحلوى إلينا والهدايا
كسوة العام الجديد
حبة القلب ويا نور العيون
إن درب العز مفروش بأنَّات الجراح
بالأذى العذب، بأشواك الطريق
بالضحايا، باليتامى والثكالى، بزنازين العذاب
بالمعاناة التي تستولد العزم وتحيي
نفحة الإيمان في ميت القلوب
تبعث الإصرار للثأر العنيد
يا شغاف القلب عهداً لن نحيد
فاكبروا للحق جنداً
يبذل الروح يضحي بالحياة
لا يبالي في سبيل الحق لو سالت دماه
يحمل الروح على الكف ويمضى في مناه
أنا للجنة أحيا، يا إلهي
في سبيل الحق فاقبضني شهيداً
واجعل الأشلاء منى معبراً
للعز للجيل الجديد
ويأتي الليل يطرق بابنا المقفل
وقضبان الحديد تدق إسفينا
وأبواب من الفولاذ تربض في فم المدخل
وقلبي نابض، هاتوا سلاسلكم
هاتوا بنادقكم، هاتوا قنابلكم
لن نستكين لبطشكم، هيهات، لن نرحل
ويأتي الليل يطرق بابنا المقفل
ويمضي الليل، هيا دونكم جسدي
وهات القيد، مزق معصمي الأجدل
وهات الكيس واكتم زفرتي الحرَّى
وصب الثلج، في كانون في صدري
فإن القلب كالمرجل
وهات الغاز واحرق مقلتي الحرّة
وسد منافذ الأنفاس في رئتي فلن أوجل
وهدد كيفما تهوى
وعذب كيفما تهوى
فدونك قلبي المقفل
ويمضي الليل هيا، دونك، اصلبني
على الجدران، واحرم مقلتيَّ النوم
هات الضرب، هات الركل ، لا تبخل
وكل وسائل التعذيب جربها، فلا تخجل
وشرد أسرتي ما شئت
واهدم فوقها المنزل
وعذب صبيتي، هيهات، أن أهن
وقلبي عامر بالذكر، يبتهل
وعزيمتي نار بها الإيمان يشتعل
وروعي بارد كالطل
وكل وسائل التعذيب لن تجدي
فتيلاً في فمي المقفل
سأصبر رغم تعذيبي وآلامي
وأصبر رغم أوجاعي وأسقامي
ولما تصّعد الآهات من قلبي فلا تعجل
فتلك الآه للرحمن أرسلها لتثبيتي
فإن الموت أهون من قبول العار يا أرذل
وإن الآه للرحمن أطلقها
تخفف وطأة الآلام، تطفئ لذعة الحنظل
بلال، يا بلال الخير علمني
دروساً في تحدي البطش
أحفظها ولا أغفل
وأرفع هامتي للشمس أستعلي
ومن ظُلمِ الزنازين
سأخرج في يدي المشعل
لأرشد أمتي العزلاء
أصنع للغد الآتي
بطولات ومستقبل
لا تسرقوا الشمس
خذوا كل شئ ولا تسرقوا الشمس منا
خذوا القمح لكن …
خذوا النفط لكن …
خذوا الروح لا بأس
لا تسرقوا الشمس منا
نخاف عليها ظلام المحيط وبرد الجليد وأرواحكم
فلا تسرقوها
خذوا كل شىء .. ولكن دعوا شمسنا
نخاف عليها دماء الغروب
نخاف علينا
سنمسك بالشمس قبل المغيب
نقطّع كلَّ السلاسل
فلا تسحبوا الشمس منّا
فكل خيوط الضياء
إلى القلب مشدودة والعروق
خذوا كل شىء وأبقوا الشروق
نخاف عليها الغروب ، نخاف علينا
ونخشى بأن تلمسوها
فنفقد نحن الضياء
وأنتم تنالون منها الحريق
سنفرح بالشمس في ذات يوم
ستشرق توقظ كلّ النّيام
وترشد كل الحيارى
ويصحو عليها السكارى
فننهض بالنور نحيى الحياة
ونفتح بالحب داراَ فدارا
ونشرق بالضوء عند الشروق
ولا نمنع الفضل جارا
فلا تسرقوا الشمس منا
أاحمد ابن الشاعرالبكر الذي غرق في بحر غزة أثناء وجوده في السجن
أحمــد
حبيبي .. أهذا أنت ؟ تختلطُ الصور
أهذا أنت ؟ تحترق الصور
أهذا أنت ؟ تجذب قلبيَ المكلومَ
تصعقهُ ، تمزِّق ما تبقَّى فيه ، يحترقُ القمر
حبيبي أحبسُ الدمعات تحرقني
ويحترق البصر .
نموت كنبتة الصحراء
هل أنساك ؟ لا أنسى فؤادي
هل أبكيك ؟ يشفيني البكاء
نموت كنبتة الصحراء
يمضي العمر لا أحظَى بضمّك
نموت وحلم حاضريَ المعنَّى
بأن تسعى خطاك أمام عيني
تسير بمهجتي وحنانِ أمّك
حبيبي : أهذا أنت يخذلني العزاء
نموت كنبتة الصحراء حتى
غرقتَ ، ولم أمدد إليك يداً
ومتَّ ، ولم أدفع فداك فدا
وغُسَّلت لم أحضر
ولم تلثم شفتاي ثغرك
ودفنت لم أبصر
ولم أوسِدْك قبرك
نموت كنبتةَ الصحراء
مت كنبتة الصحراء
هل أبكيك .. يحرقني البكاء
هل أنساك .. ينساني الهواء
أفرُّ إلى إله الكون يمنحني العزاء
لك الحمدُ ربِّي عظيمَ الثناء
لك الحمدُ ربِّي مجيب الدعاء
عليك اعتمادي .. وأنت الرجاء
فثبِّت فؤادي
أَعنِّي على مجريات القضاء
ومن لي سواك بدنيا العناء
------
أطارقُ هذا أنت وحدَك
جئتَ وحدك ؟ أين أحمد ؟ أين أحمد ؟
طارقُ .. هيَّجتَ قلبي
أتلعبُ بعد اليوم من دون أحمد ؟
طارقُ .. هيَّجت قلبي
أتلعبُ بعد اليوم من دون أحمد ؟
أتأكلُ من دون أحمد ؟
أتشربُ من دون أحمد ؟
أفاطمُ جئتِ لا تشتكين
من اليوم لا تشتكين
فلن تعتبي لن تقولي له
بأنّك أنت أخونا الحنون
فلا تقسُ يوماً على ضعفنا
فأنت مكان أبينا السجين .
وأنت لنا في البلاء المعين .
ويا عبدُ هذا قضاء الإله
فلسنا ندين لربِّ سواه
ولسنا نضج بشىء قضاه ولن نستعيض من الصبر سلوى
ولن نستعين بغير الصلاة
أعائشُ ويحَكِ ما تفعلين
فما زالَ قلبك هذا الصغير
من الحزن أصغر
وما زالَ قلبك هذا الصغير
من الموتِ أصغر .
فهل تفهمين وقبل الأوان
وهل تهتدين لمعنى الزمان
ومعنى الحياة ومعنى الممات
ومعنى الهمود الأخير
ومعنى الوداع الأخير
وهل تعرفين إذا ما أساء صبيٌّ إليك
بمن تحتمين ؟
وإن أغضبوك فهل تصرخين ؟
سأحضر أحمد
أما زال أحمد أقوى ولد
أما زال أحمد زين البلد
أحمد يا ابن جدتك الأثير
وطفلها الفرد المدلّل
كنت العزاء لها وللسلوان جدول
كانت تحسُّ أباك في عينيك في الشعر المرجَّل
كانت تهيم سعادةً
بعنادك الموروث والشغب المفضَّل
إذ تشتكي بلسانها ممَّا فعلت وكدت تفعل
إذ تفضح العينان
ما في القلب من فرح موصل
لهفي عليها الآن من ثكلى
وإن كنت المصاب وكنت أثكل
يا أمَّ أحمدَ .. إنه عرسٌ لأحمد
يكبر الحلم ويكبر كلما يكبر أحمد
كلّما يقذف بالأحجار في وجهِ الجنود
كلّما يُجرح أحمد
كلما يصرخ في وجه الجنود :
"سيعود جيشُ محمد سيعود"
هل تذكرين مساحة الحزن
لا يعدل الأحباب إلا أجرهم عند الإله
فتجلدّي وتصبري الصبر الجميل
وإلى الصلاة .. إلى الصلاة .. إلى الصلاة
رفقاً بقلب الأم يا ربَّ السماء
أرسلْ سكينتك الحبيبة أرضها
بقضائك المحتوم وامنحها هداك
يا راحماً واربط بفضلك قلبها
واجبر قلوباً أنت جابرها ، رضاك
عشقتك يا بحر طفلاً وكهلاً
عشقتك يا بحر ماءً ورملاً
ما خفت منك ومارهبتك
إذ أبادلك الغرام
هل يغدرُ العشَّاقُ ؟
هل يجتاحهم غولُ انتقام ؟
أنا لا أصدِّق ما فعلتَ .. وأنت أنت
هل دنّسوك ؟ وسمّموك ؟ وجندوك ؟ !
هل غيروا وجه المحب هل غيرّوا اسمك صار "يام"
هل علّموك الغدرَ ؟ نقض العهد
تحريفَ الكلام
وهل انتهت طلقاتهم ؟ فقدمت أنت
يا بحر أنت مسخَّر وأنا مسخر
فلماذا تسخر اليوم وتفخر ؟
وأنا رهينُ القيد تغدر
ما كنت أترك مهجتي بيديك
ضارعةً وأنظر
فالموت أهون مطلباً وأنا وأنت .
حبيبي أراك كما أنت
أنَّي التفتُّ ، وأَنَّي انتبهتُ
فأَنَّي تغيب
حديثي إليك .. فأنَّي تغيب
هل يملك الآباء أن يتصوروا وكبداً يغيب ؟
قلباً يغيب .
أبني كم فرح فرحت وكم فرح
منذ التثمتك قُبلتي الأولى
ومنذ رفعت في أذنيك كلمات الأذان
وحين سكبت في الآذان سرك
كنتَ المؤمَّل أن تكون مجاهداً
يأبىَ الهوان .
أبنيَّ كم فرحٍ فرحتَ وأنت تشدو
للمرّة الأولى بفاتحة الكتاب
وكم فرحٍ وأنت تجيىءُ بالبشرى
تشقق بين قضبان العذاب
إنني الأولُ يا بابا
فتفتحُ ألف باب
من الآمال تسرح
كم فرح مجنح
إذ تمسك الحجر المقدس
للمرة الأولى ، لترميه مواجهاً الحراب
كم حزن وكم فرح مجنح
إذ أنت تخبرني
بأنك قد جرحت وسوف تجرح
إنَّي نذرتك للإله مجاهداً
فليَ النصيب
أنت الذكي .. بخاطري أنَّي تغيب
أنت الجرىء .. بخاطري أنَّي تغيب
أنت التقي .. بخاطري أنَّي تغيب
هل يقدرُ الأحباب أن يتفرقوا ؟!
هل يقدر الأحباب أن يتمزقوا ؟!
يا ربّ قلبي دامع
يا جابراً قلبي الملوَّع
يا ربّ حزني واسع
لكنما رحماك أوسع
يا رب فاجمعني به
بجوار سيِّدنا المشفع
***
17 يوليو 1990